حكم دخول الحائض إلى المسجد

  • 2019-04-10

حكم دخول الحائض إلى المسجد


سؤال:
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
حكم دخول الحائض إلى المسجد ؟
وجزاكم الله عنا كل خير

الجواب:
بسم الله، والحمدلله، والصّلاة والسّلام على رسول الله ،أمّا بعدُ :
دخول الحائض إلى المسجد فيه قولان:

القول الأوّل:
قول الجمهور وهو المعتمد في المذاهب الأربعة ، وهو منعُ لَبثِ الحائض في المسجد، وأجاز بعضهم مرورها دون لبث مع أمن تلويث المسجد ، ودليلهم قوله تعالى: ( ولا جنباً إلا عابري سبيل حتى تغتسلوا )
وحكم الحائض كحكم الجنب في منع اللّبث في المسجد، وكذلك قوله صلّى الله عليه وسلّم ( لا أحل المسجد لحائض ولا جنب ) أخرجه أبو داود من حديث عائشة وفي إسناده جهالة كما ذكر ابن حجر رحمه الله
واستدلّوا على جواز عبورها للمسجد دون لبث في حال الضّرورة والعذر بقوله تعالى ( إلا عابري سبيل ..) ولحديث عَائِشَةَ قَالَتْ: قَالَ لِي رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «نَاوِلِينِي الْخُمْرَةَ مِنَ الْمَسْجِدِ»، قَالَتْ فَقُلْتُ: إِنِّي حَائِضٌ، فَقَالَ: «إِنَّ حَيْضَتَكِ لَيْسَتْ فِي يَدِكِ»

القول الثّاني :
قول بعض أهل العلم كالشّوكاني والنّووي وهو جواز دخولها المسجد وأمّا الدّليل على ذلك فهو البراءة الأصليّة
فقد قال النّبيُّ صلّى الله عليه وسلّم لعائشة لمّا حاضت : افعلي ما يفعل الحاج غير ألا تطوفي بالبيت حتى تطهري .رواه البخاري ومسلم .

ولم يقُل لها النّبيّ صلّى الله عليه وسلّم : لا تدخلي المسجد ، وإنما نهاها عن الطواف بالبيت حتى تطهر .
وأمّا قوله عليه الصّلاة والسّلام لعائشة رضي الله عنها : ناوليني الخمرة من المسجد . قالت : فقلت : إني حائض . فقال : إن حيضتك ليست في يدك . رواه مسلم .
فقد قال الشّوكاني رحمه الله : والحديث يدلُّ على جواز دخول الحائض المسجد للحاجة ، ولكنّه يتوقّف على تعلّق الجار والمجرور أعني قوله " من المسجد " بقوله " ناوليني " وقد قال بذلك طائفة من العلماء ، واستدلّوا به على جواز دخول الحائض المسجد للحاجة تعرض لها ، إذا لم يكن على جسدها نجاسة ، وأنّها لا تمنع من المسجد إلّا مخافة ما يكون منها . اهـ .
يعني مخافة ما يكون منها من تلويث المسجد .
قال في مواهب الجليل :
وقال : لا ينبغي للحائض أن تدخل المسجد ؛ لأنّها لا تأمن أن يخرج من الحيضة ما يُنـزّه عنه المسجد ، ويدخله الجنب لأنّه يأمن ذلك .
قال : وهما في أنفسهما طاهران سواء ، وعلى هذا يجوز كونهما فيه إذا استثفرت . اهـ .
والاستثفار هو التّحفّظ .
وأمّا حديث : لا أُحلّ المسجد لحائضٍ ولا لجُنُبٍ . فقد رواه أبو داود ومدار إسناده على جسرة بنت دجاجة
وقال البخاري في التّاريخ الكبير عنها : عندها عجائب .
ولذا قال الحافظ عبد الحقّ : هذا الحديث لا يثبت .
فبقيت الحائض على البراءة الأصليّة من عدم المنع من دخول المساجد
وعلى البراءة الأصليّة من عدم التّنجّس لقوله عليه الصّلاة والسّلام : إنّ المؤمن لا ينجس . رواه البخاري ومسلم
قال الإمام النّووي رحمه الله : الأصل عدم التّحريم ، وليس لمن حرّم دليل صحيح صريح .
فالأولى والله أعلم الأخذ بقول الجمهور في حالات اليسر وعدم الحاجة للدّخول إلى المسجد، ولا بأس بالأخذ بقول الجواز في حالات الحرج ، لا سيّما أنّ المساجد اليوم بالنّسبة للنّساء لم تعد مجرّد مكانٍ للصّلاة ، بل قد تحتاج المرأة دخول المسجد لطلب العلم أو تعليمه .
والله تعالى أعلم.