كن ربانياً لا رمضانياً

  • لقاء مع رابطة حملات الحج السورية
  • 2022-04-24

كن ربانياً لا رمضانياً


مقدمة:
الدكتور حسن:
السلام عليكم ورحمة الله تعالى وبركاته، أيها الإخوة والأخوات الصائمون، والصائمات، يا من خشعت أصواتكم، وهدأت نفوسكم بطاعة مولاكم في شهر رمضان المبارك، وفي الأيام العشر الأخيرة من رمضان، السلام عليكم جميعاً ورحمة الله وبركاته، أيها الإخوة المتابعين على صفحة رابطة حملات الحج السورية في هذه الليلة الطيبة المباركة، وبعد:
أيها الإخوة، ونحن نستقبل ضيفنا الكريم، ضيفنا المبارك، العالم الجليل فضيلة الدكتور: بلال نور الدين، المتخصص في علم الفقه المقارن، وأصول الفقه، نستقبله بالترحاب فنقول له باسمكم جميعاً: أهلا وسهلاً، ومرحباً بكم فضيلة الدكتور.

الدكتور بلال:
وبكم سيدي الدكتور حسن، بارك الله بكم، ونفع بكم، وأعلى قدركم.

الدكتور حسن:
جزاكم الله عنا كل خير، سيدي لو أذنتم لنا بين يدي محاضرتكم، بثلاث دقائق إن أذنتم لنا لنرحب ولنبدأ ولنهيّئ، ولنحظى بقلوب الإخوة المتابعين والمشاهدين، من أجل أن نبدأ بتلك النفحات التي إن شاء الله سنسمعها من فضيلتكم.
بعد أن نحمد الله رب العالمين، الحمد لله رب العالمين، وليّ الصالحين الربانيين، وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له، وأشهد أن سيدنا محمد عبده ورسوله، سيد الرسل والأنبياء أجمعين:

هُوَ ٱلَّذِىٓ أَرْسَلَ رَسُولَهُۥ بِٱلْهُدَىٰ وَدِينِ ٱلْحَقِّ لِيُظْهِرَهُۥ عَلَى ٱلدِّينِ كُلِّهِۦ وَلَوْ كَرِهَ ٱلْمُشْرِكُونَ(9)
(سورة الصف)

الله عز وجل وجهنا بقوله:

يَٰٓأَيُّهَا ٱلَّذِينَ ءَامَنُواْ ٱتَّقُواْ ٱللَّهَ حَقَّ تُقَاتِهِۦ وَلَا تَمُوتُنَّ إِلَّا وَأَنتُم مُّسْلِمُونَ(102)
(آل عمران)

{ مَا طَلَعَتْ شَمْسٌ قَطُّ، إِلَّا بُعِثَ بِجَنْبَتَيْهَا مَلَكَانِ إِنَّهُمَا لَيُسْمِعَانِ أَهْلَ الْأَرْضِ إِلَّا الثَّقَلَيْنِ: يَا أَيُّهَا النَّاسُ، هَلُمُّوا إِلَى رَبِّكُمْ فَإِنَّ مَا قَلَّ وَكَفَى خَيْرٌ مِمَّا كَثُرَ وَأَلْهَى وَمَا غَرَبَتْ شَمْسٌ قَطُّ إِلَّا وَبِجَنْبَتَيْهَا مَلَكَانِ يُنَادِيَانِ اللَّهُمَّ عَجِّلْ لِمُنْفِقٍ خَلَفًا وَعَجِّلْ لِمُمْسِكٍ تَلَفًا }

(مسند أحمد عن أبي الدرداء)

إِنَّ مَا تُوعَدُونَ لَآتٍ ۖ وَمَآ أَنتُم بِمُعْجِزِينَ(134)
(سورة الأنعام)

أيها الصائمون الكرام، نحن معكم في هذه الليلة من ليالي العشر الأخير من رمضان تحت عنوان: كن ربّانيّاً ولا تكن رمضانيّاً، عنوان شيّق يَلفِت العقول النبيهة، للانتباه لتلك الرسالة القوية، العاجلة، لكل مسلم ومسلمة، لكل من رضي بالله تعالى رباً، وبالإسلام ديناً، وبالقرآن إماماً، وبمحمد صلى الله عليه وسلم نبياً، ورسولاً، رسالة نبعث بها إلى كل من وقف في محراب مولاه، راكعاً، ساجداً، خاشعاً، ذاكراً، داعياً، تائباً، مسبِّحاً، عائداً، متصالحاً مع مولاه، إلى كل من يرجو الفوز بالجنة، والنجاة من النار، نبعث بهذه الرسالة لكل صغير، وكبير، وشاب، وكهْل، وامرأة، قد أنعم الله عليهم بإتمام نعمة شهر الصيام، حيث صام حق الصيام، وقام حق القيام، إيماناً، واحتساباً لله تعالى، وأخرج زكاة ماله، وزكاة فطره، وتصدّق على إخوانه من الفقراء، والمساكين، وبرّ والديه، وأحسن لأرحامه، وجيرانه، حتى أنعم الله عليه بفرحة عيد الفطر المبارك، حيث كان قبل العيد في مضمار السباق في شهر رمضان، حيث قال الإمام الحسن البصري رضي الله عنه: إن الله جعل رمضان مضماراً لخلقه، يستبقون فيه بطاعته إلى مرضاته، فسبق قوم ففازوا وتخلف آخرون فخابوا، فالعجب كل العجب من اللاعب الضاحك، في اليوم الذي يفوز فيه المحسنون، ويخسر فيه المبطلون.
وعجباً مما سمعنا عن كلام السلف الصالح عمر بن عبد العزيز رضي الله تعالى عنه وأرضاه، يخرج إلى خطبة عيد الفطر فيخاطب الناس قائلاً: أيها الناس، إنكم صمتم لله ثلاثين يوماً، وقمتم لله ثلاثين ليلة، وخرجتم اليوم لله جلّ وعلا، لتدعوه أن يتقبل منكم.
قيل لبشر الحافي رضي الله عنه: إن قوماً يجتهدون ويتعبدون لله عز وجل في رمضان وحده فقال: بئس القوم، لا يعرفون الله حقاً إلا في رمضان.
أيها الإخوة المؤمنون، أيها الإخوة الصائمون، عندما أرسل لي فضيلة الشيخ الدكتور بلال هذا العنوان، أخذ بلُبِّي وعقلي، وبدأت أتفكّر بهذا العنوان الذي كان فريداً بكلماته، ولطيفاً، وبنفس الوقت قوياً في معناه: كن ربانياً ولا تكن رمضانياً، الكلمة تلفت أنظار المفكرين، وأهل العقول، والأبصار، والبصيرة، والألوان تلفت أنظار المحبين للمظاهر والألوان.
فضيلة دكتورنا الحبيب، مع هذا العنوان نعيش معكم هذه اللحظات الإيمانية، وهذه النفحات الربانية، لتحدثونا أولاً عن معاني هذا العنوان كلمة كلمة: كن ربانياً ولا تكن رمضانياً، ماذا قصدتم بهذا العنوان؟ خذونا معكم إلى رحاب الله سبحانه، تفضل:

الدكتور بلال:
أكرمكم الله يا سيدي شكراً جزيلاً لهذا التقديم الرائع لموضوع هذا اللقاء.

معنى الربّانيّ:
يا سيدي كما تفضلتم هذا العنوان يلفت النظر: كن ربانياً ولا تكن رمضانياً.
هذه ياء النسبة في اللغة العربية، تقول فلان من دمشق، إذاً هو دمشقي، وفلان من حلب إذاً هو حلبي، فهذه ياء النسبة: أن يُنسب الإنسان إلى مكان ولادته، أو يُنسب إلى عرقه، أو لونه، أو أي شيء آخر، هذه ياء النسبة، ربنا جل جلاله في القرآن الكريم نسبنا إلى ذاته، قال:

مَا كَانَ لِبَشَرٍ أَن يُؤْتِيَهُ ٱللَّهُ ٱلْكِتَٰبَ وَٱلْحُكْمَ وَٱلنُّبُوَّةَ ثُمَّ يَقُولَ لِلنَّاسِ كُونُواْ عِبَادًا لِّى مِن دُونِ ٱللَّهِ وَلَٰكِن كُونُواْ رَبَّانِيِّينَ بِمَا كُنتُمْ تُعَلِّمُونَ ٱلْكِتَٰبَ وَبِمَا كُنتُمْ تَدْرُسُونَ(79)
(آل عمران)

إننا منسوبون إلى الرّب جل جلاله
أي إننا منسوبون إلى الرّب جل جلاله، فنحن ربانيون، تصرفاتنا تنطلق كلها من إرضاء ربنا جل جلاله، فنحن به وإليه، لا تقوم حياتنا إلا به، نحن في كل لحظة مفتقرون إلى الرب جل جلاله، الربوبية تعني أنه جل جلاله يربينا، يربي أجسامنا ويربي أنفسنا، ونحن ربّانيون بمعنى أننا مفتقرون إلى الرب جل جلاله في كل لحظة من لحظات حياتنا، من منا يستطيع أن يستغني عن إمداد الله في أي لحظة؟ العين لا ترى إلا بإمداد الله، والكلية لا تصفي الدم إلا بإمداد الله، والكبد يقوم بآلاف الوظائف بإمداد الله، فإذا توقفت الوظائف أصبح كتلة من دم لا قيمة لها أبداً. غداً في عيد الأضحى وفي الحج إن شاء الله تذبحون الخراف، في الخروف يوجد سودة غنم هذا الكبد، أرجو الله أن ييسر لكم الحج بإذن الله، تجد السودة هي الكبد، أصبحت سوداء لا إمداد فيها فصارت قطعة لحم، فالإمداد للكبد، للكلية، للجسم، للشعر، في رأس كل منا وسطياً ثلاثمائة ألف شعرة، كل شعرة منها لها غدة دهنية، وغدة صبغية، ولها شريان، ووريد، وعضلة، وعصب، كل شعرة: غدة دهنية كي يكون الشعر زيتياً، فيه زيت، وغدة صبغية كي يأخذ لوناً، وشريان، ووريد: يعني خطوط إمداد، تغذية، وعضلة تجعل الشعر يقف في الخوف وفي البرد، تقول: وقف شعري، وعصب ولكن عصب حركي، يحرك الشعرة، لكنه ليس عصباً حسياً، لو كان عصباً حسياً كنت سألت أحد الناس إلى أين أنت ذاهب؟ يقول إلى المشفى، وما شأنك والمشفى؟ أريد أن أجري عملية حلاقة لشعري، تخدير كامل حتى يقص الشعر ولا يتألم، لكن العصب عصب حركيٌ، وليس عصباً حسياً كالأظافر.
فإذاً: نحن في كل لحظة مفتقرون إلى الله عز وجل، نحن ربانيون بهذا المعنى، فنحن منه جل جلاله، هو ربنا يمدنا يعطينا، هذا تربية الجسم، العين: قرنية، وشبكية، وقزحية، وتميز بين آلاف الألوان من اللون الواحد، لو قسمت اللون الواحد لآلاف الدرجات العين السليمة تميز بين الدرجات.

أَلَمْ نَجْعَل لَّهُۥ عَيْنَيْنِ(8)
(سورة البلد)

نحن مفتقرون في كل لحظة إلى إمداد الله
فنحن مفتقرون في كل لحظة إلى إمداد الله، نحن ربانيون لأننا منه جل جلاله، لا تقوم حياتنا إلا بإمداده جل جلاله، ثم نحن ربانيون، لأننا إليه، فالمرجع إليه جل جلاله، فلا تقوم حياتنا إلا به، ومآلنا ومرجعنا إليه جل جلاله، لذلك قلنا في العنوان كن ربانياً اجعل علاقتك ربانية مع الله كما أمرك في قرآنه (وَلَٰكِن كُونُواْ رَبَّانِيِّينَ) لا تكن رمضانياً لأن بعض الناس يعني سامحني بهذا الكلام حتى نكون واقعيين وصريحين في الحديث، بعض الناس دينهم جغرافي، كيف يعني جغرافي؟ يعني يطيع الله في بلده، فإذا خرج من بلده لا يطيع الله، هذا لا يرضي الله، وهناك أناس دينهم زماني، يعني ثلاثون يوماً في رمضان نحن نقول له من أعماقنا هنيئاً لك، الحمد لله لا ننكر عليه ذلك بالعكس تماماً، الحمد لله الذي وفقك إلى الطاعة في رمضان، ولكن لا يعقل أن يكون الدين زمانياً، يعني ثلاثون يوماً رمضان صيام، وصلاة في المسجد، وعبادة وأعمال صالحة وفي واحد شوال نعود إلى ما كنا عليه قبل رمضان، لا الصلاة في موعدها، ولا الصدقات، ولا الأعمال الصالحة ولا قراءة القرآن، ولا الذكر، فلذلك قلنا: ولا تكن رمضانياً: يعني لا تجعل دينك مكانياً، ولا زمانياً، استنباطاً من أن السيدة عائشة رضي الله عنها سئلت عن عمل رسول الله صلى الله عليه وسلم فقالت: كان عمله ديمة

{ قُلتُ لِعَائِشَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهَا: هلْ كانَ رَسولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ، يَخْتَصُّ مِنَ الأيَّامِ شيئًا؟ قالَتْ: لَا، كانَ عَمَلُهُ دِيمَةً، وأَيُّكُمْ يُطِيقُ ما كانَ رَسولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ يُطِيقُ }

(صحيح البخاري)

الديمة: هي السحابة التي تمطر بهدوء، يعني أحياناً يقولون: ثلاثة أيام لم تقف المطر، مطر خفيف

وَمَثَلُ ٱلَّذِينَ يُنفِقُونَ أَمْوَٰلَهُمُ ٱبْتِغَآءَ مَرْضَاتِ ٱللَّهِ وَتَثْبِيتًا مِّنْ أَنفُسِهِمْ كَمَثَلِ جَنَّةٍ بِرَبْوَةٍ أَصَابَهَا وَابِلٌ فَـَٔاتَتْ أُكُلَهَا ضِعْفَيْنِ فَإِن لَّمْ يُصِبْهَا وَابِلٌ فَطَلٌّ ۗ وَٱللَّهُ بِمَا تَعْمَلُونَ بَصِيرٌ(265)
(سورة البقرة)

طلّ: الأمطار الخفيفة، البسيطة، الجميلة جداً، منعشة لكن مستمرة (كانَ عَمَلُهُ دِيمَةً) لا ينقطع، وكان صلى الله عليه وسلم يقول:

{ سَدِّدُوا وقارِبُوا، واعْلَمُوا أنْ لَنْ يُدْخِلَ أحَدَكُمْ عَمَلُهُ الجَنَّةَ، وأنَّ أحَبَّ الأعْمالِ إلى اللَّهِ أدْوَمُها وإنْ قَلَّ. }

(صحيح البخاري عن عائشة أم المؤمنين)


خصوصية الأعمال في رمضان:
نحن الآن في رمضان نفحات خاصة بلا شك، الإنسان عنده إقبال أكثر، النبي صلى الله عليه وسلم كان يجتهد في العشر الأخير ما لا يجتهد في غيره، كان جواداً وكان أجود ما يكون في رمضان، كان كالريح المرسلة:

{ كانَ رَسولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ أجْوَدَ النَّاسِ، وكانَ أجْوَدُ ما يَكونُ في رَمَضانَ حِينَ يَلْقاهُ جِبْرِيلُ، وكانَ يَلْقاهُ في كُلِّ لَيْلَةٍ مِن رَمَضانَ فيُدارِسُهُ القُرْآنَ، فَلَرَسولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ أجْوَدُ بالخَيْرِ مِنَ الرِّيحِ المُرْسَلَةِ.. }

(صحيح البخاري عن عبد الله بن عباس)

إذاً: هناك زيادة في العمل في رمضان، هذا لا بد منه، نفحات ألا فتعرضوا لها:

{ إنَّ لربِّكم في أيامِ دهرِكم نَفَحاتٍ ، فتَعَرَّضوا لها ، لعله أن يصيبَكم نَفْحَةٌ منها فلا تَشْقَوْنَ بعدها أبدًا. }

(الطبراني عن محمد بن سلمة)

لا نريد أن نختص رمضان وحده بقراءة القرآن
لا نريد أن نختص رمضان وحده بقراءة القرآن، ثم الأحد عشر شهراً المتبقية بلا قراءة قرآن، ولا نريد أن نختص رمضان وحده بالصلوات في أوقاتها وفي الجماعة، ثم أحد عشر شهراً إن لم نقل بلا صلاة، ولكن إذا كان هناك صلاة ربما تكون غير متقنة، ليست في أوانها، ليست في خشوعها، إلخ، لا نريد أن نختص رمضان وحده في القيام، قمت في رمضان ثماني ركعات في الليل، أو عشرين ركعة في الليل، بعد رمضان؟ ركعتان، كل يوم ركعتان من بعد العشاء إلى الفجر، إما قبل أن تنام، أو قبل الفجر بربع ساعة، ركعتان، الصيام: صمنا في رمضان ثلاثين يوماً فرضاً، حسناً بعد رمضان نصوم ستة من شوال فهذا خير وبركة، الاثنين والخميس ما شاء الله، صيام ثلاثة أيام من كل شهر، جيد، أيام عاشوراء، يوم عرفة لغير الحاج، إلخ، يعني أن نجعل نموذجاً من رمضان بعد رمضان، من الصيام نأخذ شيئاً، من الصلاة شيئاً، من ذكر الله شيئاً، القرآن الكريم: كنت تقرأ في رمضان كل يوم جزءاً، بعد رمضان خمس صفحات في اليوم، صفحتين، لكن لا تهجر القرآن، صفحة مع التدبر بها ونعمة، يعني وإن كان بعد رمضان سيقل العمل، نسأل الله ألا يقل، لكن لو أنه سيقل لكن لا يُلغى ! لا نعود إلى الصفر، لا، كنا بدرجة تسعين من مئة، نعود للستين، للخمسين، ولكن ليس إلى الصفر.
هذا ما أردته من هذا العنوان: كن ربانياً، لأن رب رمضان هو رب كل الشهور، والأعوام، ولا تكن رمضانياً، بمعنى أن تقتصر عبادتك، وطاعتك، وأعمالك الصالحة، وصلاتك، وصيامك، وقيامك، على شهر رمضان، لا تقصر ذلك على شهر رمضان، فرب رمضان هو رب كل الشهور والأعوام.

الدكتور حسن:
بارك الله بكم على هذا البيان، وهذا الإسهاب في تفسير السؤال الذي طرحناه على فضيلتكم، فضيلة الدكتور حفظكم الله سبحانه وتعالى، إن ما بينتموه من بداية كلامكم هو ديمومة العمل أولاً للوفاء مع الله سبحانه وتعالى بطاعته، واجتناب نواهيه، والوقوف على بابه بشكل دائم، مستمر، لذلك عندما نسمع قول الله تعالى:

وَإِذْ تَأَذَّنَ رَبُّكُمْ لَئِن شَكَرْتُمْ لَأَزِيدَنَّكُمْ ۖ وَلَئِن كَفَرْتُمْ إِنَّ عَذَابِى لَشَدِيدٌ(7)
(سورة إبراهيم)

وهذا الشكر لا يختص بشهر من الشهور، أو يوم من الأيام، أو أسبوع أو ساعة، فهو شكر دائم لله عز وجل، لأنه الله يُسيدنا بنعمائه في كل لحظة من لحظات حياتنا، وفي كل نفس من أنفاسنا، وهو الذي قال:

وَقَالَ رَبُّكُمُ ٱدْعُونِىٓ أَسْتَجِبْ لَكُمْ ۚ إِنَّ ٱلَّذِينَ يَسْتَكْبِرُونَ عَنْ عِبَادَتِى سَيَدْخُلُونَ جَهَنَّمَ دَاخِرِينَ(60)
(سورة غافر)

لم يخصص الدعاء بشهر رمضان دون غيره، ولا بأسبوع دون غيره، ولا بليل دون نهار، (ٱدْعُونِىٓ) من لحظة وعيك على هذه الدنيا، حتى مغادرة الدنيا استمر في الدعاء لله تبارك وتعالى، وعندما قال سبحانه وتعالى وأثنى على المؤمنين:

قَدْ أَفْلَحَ الْمُؤْمِنُونَۙ(1) اَلَّذ۪ينَ هُمْ ف۪ي صَلَاتِهِمْ خَاشِعُونَۙ(2)
(سورة المؤمنون)

أي استمرار الخشوع الدائم لله عز وجل في رمضان، وخارج رمضان، في الحج، وخارج الحج، وإلى أن قال:

وَٱلَّذِينَ هُمْ لِأَمَٰنَٰتِهِمْ وَعَهْدِهِمْ رَٰعُونَ(8)
(سورة المؤمنون)

إلى آخر ما هنالك من العبادات الدائمة:

وَالَّذِينَ هُمْ عَلَى صَلَوَاتِهِمْ يُحَافِظُونَ(9) أُولَئِكَ هُمُ الْوَارِثُونَ(10) الَّذِينَ يَرِثُونَ الْفِرْدَوْسَ هُمْ فِيهَا خَالِدُونَ(11)
(سورة المؤمنون)

ومن هنا أجد حديث النبي صلى الله عليه وسلم يؤكد على المعنى الذي ذكرتموه عندما قال:

{ الصَّلَوَاتُ الخَمْسُ، وَالْجُمْعَةُ إلى الجُمْعَةِ، وَرَمَضَانُ إلى رَمَضَانَ، مُكَفِّرَاتٌ ما بيْنَهُنَّ إِذَا اجْتَنَبَ الكَبَائِرَ. }

(صحيح مسلم عن أبي هريرة)

هذه المعاني التي تؤكد ما تفضلتم به فضيلتكم، الآن حصل للصائم، للقائم، خشوع، قرب، توبة، صُلح مع الله سبحانه وتعالى، جاءته نفحات ربانية في ليله أو نهاره، إذا مسح رأس يتيم جاءته نفحة ربانية، إذا أطعم المسكين أتته نفحة إلهية انشرح صدره وسُرّ خاطره، إذا صلى قيام الليل كذلك، هذه المكتسبات وهذه العطايا الإلهية التي أعطاها الله لهذا العبد في رمضان، كيف يمكن لنا أن نحافظ عليها إذا ما انتهى شهر رمضان؟

المحافظة على مكتسبات رمضان:
الدكتور بلال:
بارك الله بكم، جزاكم الله خيراً يا سيدي، نحن كما أسلفنا نريد لرمضان وما بعد رمضان أن يكون فرصة لمتابعة الترقي في سلّم معرفة الله والقرب منه، لا مدافعة التدني، ما معنى متابعة الترقي أو مدافعة التدني؟
متابعة الترقي: بمعنى أنه جاء رمضان، ارتقينا لا شك أننا كلنا ارتقى حالنا في رمضان، يكفي أننا صمنا هذه الأيام المفرو ضة، وقمنا الليل، يعني بالحد الأدنى، فارتقينا، كنا في مكان وأصبحنا في مكان ولله الحمد، بعد رمضان نريد أن نتابع الترقي، يعني أنا كنت في المرتبة السادسة فرضاً، جدلاً، في رمضان انتقلت إلى المرتبة الثامنة، أريد أن أستمر من الآن إلى رمضان القادم على المرتبة الثامنة، إذا جاء رمضان الذي بعده أصل للمرحلة التاسعة، وهكذا أنتقل من مرتبة إلى مرتبة، فيجب أن أحافظ على المكتسبات التي اكتسبتها في رمضان، في رمضان ذقنا الافتقار في النهار، طعم الافتقار في النهار، جوع وعطش وبعد عن الشهوات، شعرنا في كل خلية بجسمنا أننا مفتقرون إلى خالقه جل جلاله، في ليله ذقنا طعماً جديداً، طعم الأنس بالله طعم القرب إلى الله، في النهار طعم الافتقار، في الليل جائزة، هذا الافتقار حصدنا جوائزه في قيام الليل، في المناجاة، فهذه مكتسبات رمضان بسبب قربنا من الله.
الإيمان يزيد بالطاعة وينقص بالعصيان
الآن إذا أردنا أن نحفظ أن نستمسك بما حصلناه في رمضان وهذا السؤال يطرحه كثير من الناس، ولا سيما الشباب، أحياناً يقول: يا أخي أنا أكون في رمضان سُررت، في المساجد وأموري جيدة، عدت بعد رمضان مع الأصحاب، والنزهات، والذهاب إلى السهرات...إلخ رجعت وتراجع إيماني من جديد، لأن الإيمان كما تعلمون يزيد وينقص، يزيد بالطاعة، وينقص بالعصيان، وكان صحابة رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول الواحد منهم تعال بنا نؤمن لربنا ساعة:

{ قال معاذُ بنُ جبلٍ: اجلِسْ بنا نؤمِنْ ساعةً }

(ابن حجر العسقلاني عن الأسود بن هلال)

يعني نرفع إيماننا، نزيد إيماننا، فإذاً حتى نحافظ على مكتسبات رمضان أهم شيء أن نحيط أنفسنا بالصحبة الصالحة، لأن الصحبة السيئة، أو المجالس مجالس اللهو، تُفقدك ما اكتسبته في رمضان من غير أن تشعر، لذلك قال تعالى:

يَٰٓأَيُّهَا ٱلَّذِينَ ءَامَنُواْ ٱتَّقُواْ ٱللَّهَ وَكُونُواْ مَعَ ٱلصَّٰدِقِينَ(119)
(سورة التوبة)

وقال:

وَتُوبُوا إِلَى اللَّهِ جَمِيعًا أَيُّهَ الْمُؤْمِنُونَ لَعَلَّكُمْ تُفْلِحُونَ(31)
(سورة النور)


استمرار مجالس الذكر بعد رمضان:
وقال مخاطباً نبيه صلى الله عليه وسلم:

وَٱصْبِرْ نَفْسَكَ مَعَ ٱلَّذِينَ يَدْعُونَ رَبَّهُم بِٱلْغَدَوٰةِ وَٱلْعَشِىِّ يُرِيدُونَ وَجْهَهُۥ ۖ وَلَا تَعْدُ عَيْنَاكَ عَنْهُمْ تُرِيدُ زِينَةَ ٱلْحَيَوٰةِ ٱلدُّنْيَا ۖ وَلَا تُطِعْ مَنْ أَغْفَلْنَا قَلْبَهُۥ عَن ذِكْرِنَا وَٱتَّبَعَ هَوَىٰهُ وَكَانَ أَمْرُهُۥ فُرُطًا(28)
(سورة الكهف)

النفس تميل إلى المجالس التي ليس فيها تكاليف
(وَٱصْبِرْ نَفْسَكَ) ولهذه الآية ولنا من هذه الآية نصيب، فلنصبر أنفسنا (مَعَ ٱلَّذِينَ يَدْعُونَ رَبَّهُم بِٱلْغَدَوٰةِ وَٱلْعَشِىِّ يُرِيدُونَ وَجْهَهُۥ) النفس تريد سهرة لا يوجد فيها كلام جدّي، كلها مزح، على النفس أسهل هذه السهرة، على النفس أسهل بكثير، ممكن أن يكون فيها غيبة، نميمة، لا يوجد فيها ضوابط أبداً، مزح، بأحسن الأحوال لغو، يعني لا يوجد حرام، ولكن لا يوجد أي تذكير بالله، فصار المجلس مجلس لهو، النفس تميل إلى المجالس التي ليس فيها تكاليف، لا يوجد فيها متكلم ومستمعون، لا يوجد فيها صفحة من القرآن ومناقشة، وتدبر، تجد راحتها في المجالس التي لا يوجد فيها انضباط، ولا فيها قيود، يجلس مع رفاقه، يسهر لساعتين وثلاث ساعات حديث عن فلان، وعن فلان، وعن الدنيا، ونكت، ومزح، ولا ربع ساعة لله تعالى، فعندها الإيمان يضعف في النفس، سيتراجع بعد رمضان، فقد مكتسبات رمضان وعاد كما كان، ولا يدري هل يدركه رمضان آخر أو لا يدركه، لذلك أول ما ينبغي أن نفعله للحفاظ على مكتسبات رمضان، أن نحيط أنفسنا بصحبة صالحة، وأن نبتعد عن مجالس اللهو، لا يمنع أبداً أن نكون في مجلس فيه مزاح بريء، لطيف، متابعة شيء يرضي الله عز وجل، نزهة فيها مناظر جميلة ترضي الله تعالى، التفكر في آلاء الله، لا يمنع أبداً، جلوس مع الأهل، مسامرة للأهل، أبداً لا يوجد مشكلة، نحن لا نقول للمؤمن اترك الحياة، نقول له: اترك الحرام، الدين ليس انقطاعاَ عن الحياة، لكنه انقطاع عمّا يلهي عن الله تعالى، أما إذا كانت الحياة وفق منهج الله لا يوجد شيء يمنع من ذلك.
إذاَ: الذي أردت أن أقوله مجالس الذكر بعد رمضان ينبغي أن تستمر، ما الذي قوّاك في رمضان ؟ صلاة التراويح في المسجد، أو مع إخوانك في مكان ما، ما الذي قوّاك في رمضان؟ قراءة القرآن، ما الذي رفع إيمانك في رمضان؟ ذكر الله تعالى، إذا أردت أن تحافظ على مكتسبات رمضان، فبعد رمضان ثابر ولو مجلس علم واحد في الأسبوع، إذا عندك سهرات، سهرة يكون فيها ربع ساعة على الاقل، إن كانت ساعة ربعها لله، تدبر آية، حديث ديني، نستمع من شخص معين آتاه الله الحكمة وفصل الخطاب يحدثنا بآية يفسرها يشرحها..إلخ.

استمرار الأعمال التي أسعدتنا في رمضان:
أن نأخذ نموذجاً من كل شيء أسعدنا في رمضان
فنحافظ على مكتسبات رمضان أولاً بأن نحيط أنفسنا بالصحبة الصالحة، وثانياً كما أسلفنا قبل قليل بأن نأخذ نموذجاً من كل شيء أسعدنا في رمضان، قيام ليلك ركعتان بعد رمضان ولكن لا تؤجل ابدأ من واحد شوال، إذا لم تبدأ بواحد شوال لن تبدأ، دخل الشيطان ولن يجعلك ترجع، من واحد شوال مباشرة، في اليوم الأول نقوم مساء الله أكبر بعد صلاة العشاء عندي ركعتان قيام الليل، وأواظب عليهم إلى أن يأتي رمضان القادم إن شاء الله.
يوجد أعمال صالحة في رمضان كزكاة المال وزكاة الفطر، حسناً أنا راتبي الشهري ألفا ليرة فرضاً، سأقتطع من هذا الراتب عشرين ليرة، واحد بالألف، خمسة، عشرة بالألف، هذه لله تعالى دائماً، واظبت على شيء بسيط ولكن مستمر،(كانَ عَمَلُهُ دِيمَةً).
قراءة القرآن الكريم: يجب أن يكون هناك كل يوم قراءة للقرآن الكريم، مشغولون بالدنيا، لدينا أعمال، أكيد يوجد عشر دقائق، لا يوجد شخص ليس لديه عشر دقائق يقرأ فيها صفحة أو صفحتين من القرآن، يكفي، نحن لا نريد أن نرهق أنفسنا، ولكن نريد أن نحافظ على ما اكتسبناه خلال رمضان حتى يأتي رمضان القادم إن شاء الله ونحن متألقون مع الله عز وجل، فنقضي رمضان أجمل إن شاء الله في رمضان القادم.

الدكتور حسن:
بارك الله بكم دكتورنا الحبيب، وأنتم تبينون يعني ما لفت إليه نبينا صلى الله عليه وسلم (أحَبَّ الأعْمالِ إلى اللَّهِ أدْوَمُها وإنْ قَلَّ) كان لنا أستاذاً فاضلاً أمثالكم، من أهل الدعوة، والحكمة، والأخلاق، والتزكية، والتربية، وكنا صغاراً، كنا نجلس في حلقة العلم، وكان عمري أتذكر في ذلك الوقت ثماني سنوات، نذهب إلى مجالس العلم، لنجلس على الركب، ونتعلم من أشياخنا، هذا المربّي الصالح استشهد في معركة رمضان، وهو في ريعان شبابه، وهو يقارع العدو الصهيوني في شهر رمضان، واستشهد بين يدي الله عز وجل، إن مما قاله لنا، وكان يذكرنا به دائماً، قال: كنت أقرب ما أكون إلى المعصية عندما أبتعد عن مجلس العلم، وأقرب ما أكون إلى الطاعة عندما أخرج من مجلس العلم، أقرب ما أكون إلى الطاعة عندما أكون بين يدي شيخي، وبين يدي المربي الصالح، وأبعد ما أكون عن الطاعة عندما أكون بعيداً عن الصالحين، جزاكم الله خيراً على هذه اللفتة فضيلة الدكتور، لذلك لا بد لكل مؤمن صائم كبيراً صغيراً، رجلاً، امرأة، شاباً، هرماً، لا بد من أن يكون له حصن آمن، هذا الحصن يتمثل بالأعمال الصالحة، يتمثل بالرجال، الصالحين يتمثل ببر الوالدين، يتمثل بعمل الخيرات، لذلك أذكر وهذه الكلمات تؤثر بي كثيراً عندما أذكرسفّانة بنت حاتم الطائي، عندما جيء بها أسيرة في إحدى الغزوات، ووقفت بين يدي النبي صلى الله عليه وسلم باكية وتقول: امنن علي يارسول الله منّ الله عليك، فيسألها من أنت يا امرأة؟ فقالت: أنا سفّانة بنت حاتم الطائي، فقال: رحم الله والدك، كان يحب مكارم الأخلاق، فخلّوا سبيلها.
ذهبت أعماله الصالحة، وحبه لمكارم الأخلاق أجيالاً، حتى وصلت إلى النبي صلى الله عليه وسلم، فأثنى عليه بها فكانت أعماله الصالحة، والخيّرة قبل الإسلام سبباً لإطلاق سراح ابنته سفّانة، فكيف نحن يطلق الله عز وجل سراحنا من نار جهنم ومن العذاب!
فضيلة الدكتور حفظكم الله، بعد رمضان كما تفضلتم قد يأتي الفتور عن الطاعة، والعبادة، كيف نستطيع ونتمكن أن نقوي أنفسنا، ونبتعد عن الفتور، ونكون من السبّاقين، المتسابقين بقوله تعالى:

وَسَارِعُوٓاْ إِلَىٰ مَغْفِرَةٍۢ مِّن رَّبِّكُمْ وَجَنَّةٍ عَرْضُهَا ٱلسَّمَٰوَٰتُ وَٱلْأَرْضُ أُعِدَّتْ لِلْمُتَّقِينَ(133)
سورة آل عمران

كيف نبتعد عن الفتور ونسارع إلى طاعة الرحمن؟

الدكتور بلال:
جزاكم الله خيراً، سيدي أريد أن أميو بين نوعين من الفتور حتى يتضح للإخوة ونعاللج كل واحدة منها على حدى لأن كل نوع له علاج.

أنواع الفتور:
النوع الأول من الفتور: هو أن يكون الإنسان متألقاً في علاقته مع الله حيناً، ثم يجد ضعفاً في هذا التألق حيناً آخر، بمعنى أنه يقول أنا أصلي، كنت أجد خشوعاً عظيماً، بكاء في العين، دمع ينزل مني، الآن مثلاً أصلي ولا أشعر بهذا الشعور، ولكن أصلي وآتي الصلاة بفرائضها واطمئنانها وسننها.. إلخ لكن لا أجد ما وجدته قبلاً سواء في رمضان، أو في الحج، أو في العمرة، يعني كان هناك تألق لكن الآن أضعف، هذا نوع.
الميل إلى المعصية من أنواع الفتور
النوع الثاني من الفتور: يُطلق على حالة الفتور أي الميل إلى المعصية والعياذ بالله، يقول لك عندي فتور، خيراً؟ أطلق بصري، أغتاب الناس، لا، هنا صار الوضع خطيراً، فالعوام يقولون كلمة، طبعاً هي غير صحيحة شرعاً: ساعة لك وساعة لربك، هذا ليس موجوداً في ديننا نحن ساعاتنا كلها لله:

قُلْ إِنَّ صَلَاتِى وَنُسُكِى وَمَحْيَاىَ وَمَمَاتِى لِلَّهِ رَبِّ ٱلْعَٰلَمِينَ(162)
(سورة الأنعام)

حتى الساعة التي يتوهم العوام أنها لي هي لله، خرجت مع أهلي في نزهة هذه الساعة لله وليست لي، فأنا كل ساعاتي لله فلايوجد ساعة لك وساعة لربك.
الفتور من النوع الأول هو الذي نتحدث عنه، المعصية هذا ليس فتوراً، هذا ضعف في الإيمان أدى إلى الوقوع في المعصية، هذا ليس فتوراً، هذا يحتاج إلى كلام آخر سنأتي عليه.
ولكن أنا أتحدث الآن عن شخص قال لك: والله كنت في رمضان متألقاً جداً مع الله أصلي فأبكي، صائم وقبل الفطر أذكر الله فأشعر أنَّ قلبي وجِل لله تعالى، الآن بعد رمضان عاد العمل وكذا، فما عدت أشعر بنفس الشعور ولكن أقوم بنفس الواجبات، وأنتهي عن الحرام، وأموري جيدة، ولكن لا أشعر، هنا يأتي حديث النبي صلى الله عليه وسلم لمّا قال أحد الصحابة حنظلة

{ أنَّ حَنْظَلةَ الأُسَيْديَّ -وكان مِن كُتَّابِ رسولِ اللهِ صلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ- قال: لَقِيَنِي أَبُو بَكْرٍ، فَقالَ: كيفَ أَنْتَ يا حَنْظَلَةُ؟ قالَ: قُلتُ: نَافَقَ حَنْظَلَةُ، قالَ: سُبْحَانَ اللهِ! ما تَقُولُ؟ قالَ: قُلتُ: نَكُونُ عِنْدَ رَسُولِ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عليه وَسَلَّمَ يُذَكِّرُنَا بالنَّارِ وَالْجَنَّةِ حتَّى كَأنَّا رَأْيُ عَيْنٍ، فَإِذَا خَرَجْنَا مِن عِندِ رَسُولِ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عليه وَسَلَّمَ، عَافَسْنَا الأزْوَاجَ وَالأوْلَادَ وَالضَّيْعَاتِ، فَنَسِينَا كَثِيرًا، قالَ أَبُو بَكْرٍ: فَوَاللَّهِ إنَّا لَنَلْقَى مِثْلَ هذا، فَانْطَلَقْتُ أَنَا وَأَبُو بَكْرٍ حتَّى دَخَلْنَا علَى رَسُولِ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عليه وَسَلَّمَ، قُلتُ: نَافَقَ حَنْظَلَةُ، يا رَسُولَ اللهِ، فَقالَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عليه وَسَلَّمَ: وَما ذَاكَ؟ قُلتُ: يا رَسُولَ اللهِ، نَكُونُ عِنْدَكَ، تُذَكِّرُنَا بالنَّارِ وَالْجَنَّةِ حتَّى كَأنَّا رَأْيُ عَيْنٍ، فَإِذَا خَرَجْنَا مِن عِندِكَ، عَافَسْنَا الأزْوَاجَ وَالأوْلَادَ وَالضَّيْعَاتِ، نَسِينَا كَثِيرًا، فَقالَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عليه وَسَلَّمَ: وَالَّذِي نَفْسِي بيَدِهِ، إنْ لَوْ تَدُومُونَ علَى ما تَكُونُونَ عِندِي وفي الذِّكْرِ، لَصَافَحَتْكُمُ المَلَائِكَةُ علَى فُرُشِكُمْ وفي طُرُقِكُمْ، وَلَكِنْ يا حَنْظَلَةُ سَاعَةً وَسَاعَةً، ثَلَاثَ مَرَّاتٍ. }

(صحيح مسلم عن حنظلة بن حذيم الحنفي)

لعله قالها تواضعاً تعال بنا إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم فلما جاؤوا النبي صلى الله عليه وسلم قالوا: يارسول الله نكون معك ونحن والجنة كهاتين، يعني مثل إصبعين متلازمين، نشعر أننا في الجنة، طبعاً من يجلس مع رسو ل الله صلى الله عليه وسلم ولا يشعر أنه في الجنة؟ على مستوانا نحن اليوم، يعني أحياناً في الحج حول الكعبة، تجلس مع خمسة شباب رجال حول الكعبة نساء ...إلخ، يقول لك: والله شعرنا وكأننا بالجنة بالقرب والأنس بالله بروضة رسول الله صلى الله عليه وسلم بمسجد رسول الله، بمدينة رسول الله،أ ُنس بالله فقال نكون ونحن معك ونحن كالجنة كهاتين، قال فإذا عافسنا الأهل والولد ننسى، نرجع لحياتنا الطبيعية وهموم الدنيا ومشاغل الدنيا، لا نعود نشعر بهذا الأمر، ما قال نعصي الله ما معاذ الله، ولكن ننسى يخف الإقبال نشعر بالفتور، هذا هو الفتور فالنبي صلى الله عليه وسلم قال: يا أخي معاشر الأنبياء تنام عقولنا ولا تنام قلوبنا أما أنتم يا أخي فساعة وفساعة
فالفتور يعني أن هناك ساعة تألق وساعة أقل من التألق وضع طبيعي بشرط ألا تطول مدة الفتور، يعني بمعنى أن الإنسان أشهر لا يشعر بشيء، يقول من أشهر ما شعرت بالأنس بقلبي ولا شعرت بشيء، معناها هناك مشكلة في العلاقة مع الله، انظر لعل هناك دخلاً من حرام، لعل هناك نظرات لا ترضي الله عز وجل، لعل طاعة الوالدين ليست كما ينبغي، يوجد تقصير لعل أعمالك الصالحة قليلة والله رب العالمين يريد منك المزيد من الأعمال الصالحة:

قُلْ إِنَّمَآ أَنَا۠ بَشَرٌ مِّثْلُكُمْ يُوحَىٰٓ إِلَىَّ أَنَّمَآ إِلَٰهُكُمْ إِلَٰهٌ وَٰحِدٌ ۖ فَمَن كَانَ يَرْجُواْ لِقَآءَ رَبِّهِۦ فَلْيَعْمَلْ عَمَلًا صَٰلِحًا وَلَا يُشْرِكْ بِعِبَادَةِ رَبِّهِۦٓ أَحَدًۢا(110)
(سورة الكهف)

فإذا كان اللقاء مع الله غير جيد، نسأل الله السلامة، فربما هناك تقصير في الأعمال الصالحة، فالفتور والتألق إذا كان بحد معقول فهو طبيعي، وحصل مع صحابة رسول الله صلى الله عليه وسلم، لا يمكن أن نبقى على حال واحدة، قال (إنْ لَوْ تَدُومُونَ علَى ما تَكُونُونَ عِندِي وفي الذِّكْرِ، لَصَافَحَتْكُمُ المَلَائِكَةُ علَى فُرُشِكُمْ وفي طُرُقِكُمْ) يصبح الإنسان ملاكاً.

الدكتور حسن:
كنبضات القلب فضيلة الدكتور ترتفع وتهبط، وهكذا الحياة الإيمانية.

الدكتور بلال:
عندما تضعف الصلة الصلة بالله يكون الفتور
نعم، هذه هي، بارك الله بكم، تشبيه بليغ جداً، نبضات القلب، ولكن عندما يصبح خطاً مستقيماً واحداً لشهر معناها هناك مشكلة، توقف، معناها بحاجة لمراجعة في أعماله الصالحة، يوجد تقصير، يوجد نظرة لا ترضي الله، ليست معاصي كبيرة لا سمح الله، لا، لكن تكاثرت الصغائر، هذه كلمة فيها غيبة وهذا موقف لا ينبغي نظر إليه، الشاشة غير منضبطة، الشاشة أمامه دائماً ويظهر عليها مناظر غير لائقة، ولا يغض بصره، فيصبح الإنسان بشكل طبيعي يفتر لأن الصلة بالله ضعفت، فيشعر بالفتور.

الدكتور حسن:
دكتور حفظكم الله،فما بالكم كنت أسمع كثيراً ممن يصلون في المسجد جماعة، أو يحضرون أحياناً مجالس العلم في رمضان، ولا يحضرون خارج رمضان، كنت أسمع من أحدهم يقول: أنا إذا أصلي، وأصوم، وأقرأ القرآن، ولكني لا أبكي، بحياتي لم تنزل دمعة من عيني، ولا أستطيع أن أبتعد بنظري عن النساء، كلما شاهدت إنسانة متبرجة في الطريق يجب أن أنظر إليها، وهو أحياناً من أهل الصلاة، حسناً ما رأيكم بإنسان من أهل الصلاة، ولكنه يأكل ميراث أخته، ميراث الأيتام، فهل هذا ما تقصدون به هو الذي لا يحافظ على مكتسبات رمضان؟

الدكتور بلال:
100% يا سيدي، يعني أنت في البيت، لديك مكيف، وأضواء، وغسالة، وثلاجة، وفرن، ومايكرويف، كلها تعمل على الكهرباء، الآن إذا جاء إنسان وقطع السلك الداخل لبيتك ليعطي الكهرباء، تعطلت كل الأجهزة، تقول: الغسالة لا تعمل، عندما قطعنا السلك ما الذي حدث؟ لم يحدث شيء فقط قطعت التيار!
هذه المعصية سواء كانت حقوق العباد، أو حقوق الله، وحقوق العباد أشد طبعاً، أكل ميراث أخته ويريد أن يُقبِل على الله ويبكي، لا لن تبكي، لأن الله عز وجل لا يُقبِل على هذا القلب:

{ أَيُّها النَّاسُ، إنَّ اللَّهَ طَيِّبٌ لا يَقْبَلُ إلَّا طَيِّبًا، وإنَّ اللَّهَ أمَرَ المُؤْمِنِينَ بما أمَرَ به المُرْسَلِينَ، فقالَ: يَا أَيُّهَا الرُّسُلُ كُلُوا مِنَ الطَّيِّبَاتِ وَاعْمَلُوا صَالِحًا إِنِّي بِمَا تَعْمَلُونَ عَلِيمٌ(51) المؤمنون، وقالَ: يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا كُلُوا مِنْ طَيِّبَاتِ مَا رَزَقْنَاكُمْ(172) البقرة، ثُمَّ ذَكَرَ الرَّجُلَ يُطِيلُ السَّفَرَ أشْعَثَ أغْبَرَ، يَمُدُّ يَدَيْهِ إلى السَّماءِ، يا رَبِّ، يا رَبِّ، ومَطْعَمُهُ حَرامٌ، ومَشْرَبُهُ حَرامٌ، ومَلْبَسُهُ حَرامٌ، وغُذِيَ بالحَرامِ، فأنَّى يُسْتَجابُ لذلكَ؟! }

(صحيح مسلم عن أبي هريرة)

مُصِرّ، أنا لا أقول نظرة حرام وتاب، لا مصر على النظر، أنا لا أستطيع، كيف لا تستطيع؟

لَا يُكَلِّفُ ٱللَّهُ نَفْسًا إِلَّا وُسْعَهَا ۚ لَهَا مَا كَسَبَتْ وَعَلَيْهَا مَا ٱكْتَسَبَتْ ۗ رَبَّنَا لَا تُؤَاخِذْنَآ إِن نَّسِينَآ أَوْ أَخْطَأْنَا ۚ رَبَّنَا وَلَا تَحْمِلْ عَلَيْنَآ إِصْرًا كَمَا حَمَلْتَهُۥ عَلَى ٱلَّذِينَ مِن قَبْلِنَا ۚ رَبَّنَا وَلَا تُحَمِّلْنَا مَا لَا طَاقَةَ لَنَا بِهِۦ ۖ وَٱعْفُ عَنَّا وَٱغْفِرْ لَنَا وَٱرْحَمْنَآ ۚ أَنتَ مَوْلَىٰنَا فَٱنصُرْنَا عَلَى ٱلْقَوْمِ ٱلْكَٰفِرِينَ(286)
(سورة البقرة)

يملأ عينيه دائماً من محاسن النساء اللواتي لا يحللن له، ومجالس مختلطة، ثم يقف ويقول: الله أكبر، والله أنا لا أشعر بالخشوع، طبعاَ لن تشعر بالخشوع لأن التيار مقطوع، انتهى، يعني الحجاب هو قطع التيار، فكل الأجهزة سوف تتعطل، لا تقل لي صلاة، ولا تقل لي صيام، مأجور إن شاء الله على التزامك، نحن لا نقطع الأجر عن الناس، هذا ليس من شأننا أصلاً، أنت التزمت، ووقفت، وصليت، وثوابك على الله عز وجل، ولكن أن تقول إنك تريد أن تحصّل مكاسب الصلاة، وسكينة الصلاة، وخشوع الصلاة، لا، طبعاً لا، لأنك قطعت التيار الكهربائي.
فإذاً هذه الحالة الثانية.

الدكتور حسن:
جزاك الله خيراً.

الفتور المقصود:
الدكتور بلال:
الله تعالى لا يُقبِل على إنسان مقيم على معصية
هذه ليست حالة فتور، هذا فتور مبرمج مقصود، هذا فتور سببه واضح جداً، وهو أنك مقيم على معصية لله تعالى، والله تعالى لا يُقبِل على إنسان مقيم على معصية، لا أقول عاصياً كلنا عصاة وكلنا نعصي الله عز وجل نسأل الله السلامة وأن يسترنا جل جلاله، لكن نحن إن شاء الله والمتابعون الكرام، نحن ممن إذا عصى الله أهمَّه ذنبه فبادر إلى باب الله، ونحن ممن لا يقيم على المعصية، يعني لا يستمر عليها ويستمرئها، وربما يدافع عنها ويقول الزمن هكذا وكل الناس هكذا، ونحن إن شاء الله لا نعصيه بالكبائر، يعني هذا الذي نتفاوت فيه ولكن كلنا ذو خطأ، من منا لا يعصي الله تعالى، ولكن نريد أولاً ألا تكون المعصية هي الفعل الدائم للإنسان، وأن يسارع إلى باب الله، ويعود إلى الحق إذا وقع في المعصية، عندها يعود التيار الكهربائي، أما معصية مستمرة فالتيار مقطوع للأسف، والإقبال على الله ضعيف، والفتور هو حالة صارت لزاماً، علاقة سبب بنتيجة، فلذلك ندعو ونقول: اللهم لا تقطعنا عنك بقواطع الذنوب، الذنوب تقطع عن الله تبارك وتعالى.

{ إني لأحسب أن الرجل ينسى العلم قد علمه بالذنب يعمله }

(جامع بيان العلم عن ابن مسعود)

العلم ينساه بالذنب

الدكتور حسن:
الله أكبر، الله أكبر.

الدكتور بلال:
يقول الإمام الشافعي:
شَكَوتُ إِلى وَكيعٍ سوءَ حِفظي فَأَرشَدَني إِلى تَركِ المَعاصي وَأَخبَرَني بِأَنَّ العِلمَ نورٌ وَنورُ اللَهِ لا يُهدى لِعاصي
قال رسول الله صلى الله عليه وسلم:

{ إنَّ الرجلَ لَيُحرمُ الرِّزقَ بالذِّنبِ يُصيبُه . }

(مسند أحمد عن ثوبان مولى رسول الله صلى الله عليه وسلم)


الدكتور حسن:
والطاعة من الرزق، قد يُحرم الطاعة من الذنوب، بارك الله بك دكتورنا الحبيب على هذا الإطراء، وهذا الإسهاب في هذا العطاء، وفي هذه التوجيهات، هل فضيلة الدكتور الفتور يكون أحياناً في العبادات الأخرى، يعني خارج رمضان، انتهى رمضان، قد يكون هناك فتور في قراءة القرآن، هناك فتور في الصلاة، هناك فتور في إعطاء الناس حقوقها، هناك فتور أحياناً في بر الوالدين، هناك فتور في الإحسان إلى الجيران، هناك فتور في الإساءة لأهل العلم، أحياناً الإمام يتعب، ويجهد نفسه لتحضير الدرس، ولتحضير الخطبة، ولتحضير قراءة القرآن في صلاة التراويح، والمأموم من ورائه إذا أخطأ الإمام في قراءة كلمة، أو آية في الصلاة يفضحه، ويتكلم عليه، وكذا، وكذا، هل هناك فتور في هذه المعاني التي تُسيء إلى أخلاق المسلمين، وتُسيء للمسلمين؟

أوامر الدين ليست نسبية:
الدكتور بلال:
نعم سيدي صحيح بارك الله بكم، الدين افعل ولا تفعل، يجوز ولا يجوز، حلال وحرام، هذا ديننا، أمر ونهي، فعل وترك، جانب الترك عند المسلم هذا جانب حدي، ليس نسبياً، يعني لا يجوز لإنسان أن يقول أنا والله تارك لهذه المعصية 70% لا يوجد 70% أنا تارك المعصية إن شاء الله 100% إذا وقعت أعود إلى الله.
العمل الصالح نسبي
العمل الصالح نسبي، كيف حدي ونسبي؟ مثلاً: أنت لديك خزان ماء، سألت الحداد الخزان مُحكم؟ ممكن أم أعبئ الماء ويبقى كما هو لسنة كاملة دون أن ينقص منه؟ قال لك: لا، هو محكم 80% معناها هو ليس محكماً، لا يوجد إحكام 80%، 80% محكم، معناها بعد عشرة أيام يصبح فارغاً، إذا 70% يصبح فارغاً بعد تسعة أيام، إذا 30% يصبح فارغاً بعد يوم، ولكن بالنتيجة غير محكم، الإحكام حدّي، الآن العمل النسبة كيف؟ ممتلئ؟ يقول لك ممتلئ 70% تمام، ممتلئ 90% تمام، فالامتلاء نسبي، الإحكام حدي.
ما علاقة ذلك بما نتحدث عنه؟ الاستقامة على أمر الله حديّة، الأعمال الصالحة نسبيّة، يقول: أنا أصلي ركعتين قيام الليل، أحسنت، الثاني: أنا أربعة، أحسنت، الثالث: أنا ثمانية، الأول: يتبرع بعشرة دنانير، الثاني بعشرين، الثالث بثلاثين، حسناً، إذاً أنا عندي أعمال صالحة كثيرة، الثاني: لا أقل، وهكذا. هذا نسبي، أما المعاصي والآثام فالانتهاء عنها حدي، هذا معنى قوله صلى الله عليه وسلم:

{ ما نهيتكم عنه فاجتنبوه، وما أمرتكم به فأتوا منه ما استطعتم؛ فإنما أهلك الذين من قبلكم كثرة مسائلهم، واختلافهم على أنبيائهم }

(صحيح البخاري ومسلم)

لا تقل لي أنا لا أستطيع أن أترك المعاصي، فانتهوا، فانتهوا وإن صار هناك خطأ فعليك أن تعود مباشرة، هناك توبة (ما نهيتكم عنه فاجتنبوه، وما أمرتكم به فأتوا منه ما استطعتم) يوجد فرائض، ويوجد نوافل، ويوجد زيادة في النفل وزيادة في الصدقة، قدر ما استطعت زد في عطائك، ولكن بالانتهاء كن حدياً.

الدكتور حسن:

فَٱسْتَقِمْ كَمَآ أُمِرْتَ وَمَن تَابَ مَعَكَ وَلَا تَطْغَوْاْ ۚ إِنَّهُۥ بِمَا تَعْمَلُونَ بَصِيرٌ(112)
(سورة هود)


الدكتور بلال:
(فَٱسْتَقِمْ كَمَآ أُمِرْتَ وَمَن تَابَ مَعَكَ) الاستقامة حديّة.

الدكتور حسن:
بارك الله بكم دكتورنا الحبيب الغالي، والله يعني أنا أتمنى حقيقة من كل قلبي ألا ينتهي هذا اللقاء، ولكن هذه المجالسة وهذه الصحبة، وأنا حقيقة أجلس بين يديكم وبين أيديكم.

الدكتور بلال:
لا يا سيدي، سامحك الله، نحن بين يديك.

الدكتور حسن:
كالطالب بين يدي شيخه حقيقة، لأنني أجد فيكم التواضع، والعلم، والأخلاق، بارك الله بكم وبمن رباكم، وبمن علمكم، وأرجو الله عز وجل أن يزيدكم من فضله، وأن نلتقي أعواماً مديدة في شهر رمضان لنكون بصحبتكم، وحتى ينظر الله إلينا في هذه الساعة معاً، وإذا ما أتينا إليه يوم القيامة، فنقول يارب، إننا اصطحبنا ساعة في الدنيا، فنرجو ألا تخيبنا أن نصطحب معاً بدخول الجنة يا أرحم الراحمين، ولا تخيبنا يارب بصحبة علمائنا، ومشايخنا الذين جالسناهم، وجلسنا بين أيديهم في مجالس الذكر، والقرآن، والعلم، والإيمان، والدعاء، والتضرع إلى الله، وأنا دائماً أدعو الله عز وجل أقول: اللهم يارب اغفر وارحم من جالسنا وجالسناه، ومن صلى معنا وصلينا معه، ومن علمنا وعلمناه، ومن نظر إلينا ونظرنا إليه، اللهم لا تخيب دعاءنا، واغفر لوالدَينا، ووالد والدَينا، ولأرحامنا، وللمسلمين، والصائمين، والصائمات، ومن حج إلى بيتك الحرام، ومن اعتمر، وارضَ اللهم عن والدَينا، ووالد والدَينا، ومن علمنا، وأدبنا، وربانا، وأكرمنا، وأطعمنا، وسقانا، ومن تحنّن علينا يا أرحم الراحمين، وارضَ عن أولادنا، وأحفادنا، وذرياتنا إلى يوم الدين، اللهم لا تؤاخذنا بذنوبنا، لا تؤاخذنا بخطايانا، لا تؤاخذنا بغفلاتنا، فإننا عبيد إحسان، يارب الإحسان اغفر لنا، ولوالدينا، والمسلمين أجمعين
رمضان مبارك علينا وعليكم فضيلة الدكتور، أرجو من الله أن تدوم المحبة، والصحبة وأن يفرج عن بلادنا بلاد الشام، وبلاد المسلمين، وبيت المقدس، وفلسطين، وبلاد العروبة، وأن يجمع شملنا في بلادنا بالعزة، والنصر، والتمكين، اللهم ندعوك في هذه الليلة، وقد تكون ليلة القدر المباركة لا تخيّب رجاءنا يارب العالمين.
كل الشكر لفضيلتكم على مرافقتنا في شهر رمضان، في أيام، وأسابيع، حفظكم الله تعالى وبارك الله بكم، نشكركم وإن كان من الكلمة الأخيرة فضيلة الدكتور نستمع إليكم.

الدكتور بلال:
بارك الله بكم سيدي، أنا بكم أسعد، وجميع الإخوة التي كانت معنا في هذا اللقاء، وأنت من تواضعك نحن بين يديكم والله، وجميعنا بين يدي خالقنا جل جلاله، وأنا والله طالب علم، يعني أتعلم منكم ومن جميع الإخوة، وأتحدث بما يفتح الله به، أسأل الله تعالى في هذه الليلة المباركة فرجاً، ونصراً، وتمكيناً، وعزة، ومغفرة للذنوب، ورفعاً للدرجات، وأن يغفر الله لنا، ولوالدَينا، ولمن علمنا، ولمن له حق علينا، والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته.

الدكتور حسن:
وعليكم السلام ورحمة الله وبركاته، إخواني المتابعين، الصائمين، المؤمنين، الخاشعين، الذاكرين، القائمين، المصلين، الذين ترجون رحمة الله عز وجل، والذين ترجون أن يكرمنا بالحج والعمرة إلى بيت الله الحرام، أشكركم جميعاً، وأشكر رابطة حملات الحج السورية والأمانة العامة، وأشكر أستاذنا، وحبيبنا الأستاذ أحمد المحني المنسق العام في الرابطة، وأشكر ولدنا الكريم الأستاذ محمد الجمل أبو راغب على قيامه طيلة شهر رمضان بالبث المباشر، جزاكم الله كل خير، وبارك الله بكم، وإلى لقاء آخر نستودع الله دينكم، وأماناتكم، وخواتيم أعمالكم، وصلى الله على سيدنا محمد وآله وصحبه وسلم، والسلام عليكم ورحمة الله تعالى وبركاته.