يوسف واستلامه خزائن الأرض

  • الحلقة العاشرة
  • 2021-05-30

يوسف واستلامه خزائن الأرض


مقدمة:
الدكتور مراد:
الحمد لله رب العالمين، ونحمدك يا رب حمد الشاكرين، وأصلِي وأسلم على نبينا محمد صلى الله عليه وسلم، وعلى آله وصحبه الغر الميامين.
أعزائي المشاهدين؛ أهلاً وسهلاً بكم في برنامجكم: "رحلة الصديق"، كنا قد توقفنا سابقاً في شهر رمضان المبارك، واليوم نستأنف حلقاتنا من برنامجنا، ونعود إليكم بإذن الله أسبوعياً في برنامج: "رحلة الصديق".
اسمحوا لي أن أرحب بضيفي الكريمين، الدكتور بلال نور الدين، أهلاً وسهلاً بك دكتور.

الدكتور بلال:
حياكم الله، وأكرمكم الله.

الدكتور مراد:
الضيف الدائم، وأخي العزيز الأستاذ الدكتور عبد الفتاح السمان مؤسس علم الاقتصاد النبوي، أهلاً وسهلاً بك دكتور.

الدكتور عبد الفتاح السمان:
يا أهلاً وسهلاً، مرحباً بك ومرحباً بشيخنا الدكتور بلال.

الدكتور مراد:
حياكم الله.
حلقتنا أخواني المشاهدين اليوم عن سيدنا يوسف وتسلمه خزائن الأرض.
أعزائي المشاهدين؛ نسمع الآيات ثم نعود إليكم:

وَقَالَ الْمَلِكُ ائْتُونِي بِهِ أَسْتَخْلِصْهُ لِنَفْسِي فَلَمَّا كَلَّمَهُ قَالَ إِنَّكَ الْيَوْمَ لَدَيْنَا مَكِينٌ أَمِينٌ (54) قَالَ اجْعَلْنِي عَلَى خَزَائِنِ الْأَرْضِ إِنِّي حَفِيظٌ عَلِيمٌ (55) وَكَذَلِكَ مَكَّنَّا لِيُوسُفَ فِي الْأَرْضِ يَتَبَوَّأُ مِنْهَا حَيْثُ يَشَاءُ نُصِيبُ بِرَحْمَتِنَا مَنْ نَشَاءُ وَلَا نُضِيعُ أَجْرَ الْمُحْسِنِينَ (56) وَلَأَجْرُ الْآخِرَةِ خَيْرٌ لِلَّذِينَ آمَنُوا وَكَانُوا يَتَّقُونَ (57)
[ سورة يوسف ]

صدق الله العظيم.
قد خلُص حديثنا في الحلقات السابقة قبل شهر رمضان المبارك عن الابتلاءات التي مرت بسيدنا يوسف عليه السلام، وعن الأحوال التي حصلت معه، والمراحل، خروجه من الجب ودخوله السجن، انتهاء هذه الابتلاءات حتى وصلنا إلى الخروج من السجن لتشرق شمس الحرية في سماء التمكين، ولتنزل العطايا الربانية.

وَوَهَبْنَا لَهُ إِسْحَاقَ وَيَعْقُوبَ كُلّاً هَدَيْنَا وَنُوحاً هَدَيْنَا مِنْ قَبْلُ وَمِنْ ذُرِّيَّتِهِ دَاوُودَ وَسُلَيْمَانَ وَأَيُّوبَ وَيُوسُفَ وَمُوسَى وَهَارُونَ وَكَذَلِكَ نَجْزِي الْمُحْسِنِينَ (84)
[ سورة الأنعام]

بداية نقف عند الآية الكريمة التي تصور طلب سيدنا يوسف حتى يكون على خزائن الأرض: (قَالَ اجْعَلْنِي عَلَى خَزَائِنِ الْأَرْضِ إِنِّي حَفِيظٌ عَلِيمٌ) فأصبح يوسف عليه السلام في تلك اللحظة هو المسؤول الأول، وزير المالية، المسؤول عن خزائن الأرض في مصر.
بداية دكتور بلال، سنبدأ معك.

الدكتور بلال:
حياكم الله.

الدكتور مراد:
حياكم الله من جديد.

الَّذِينَ يَجْتَنِبُونَ كَبَائِرَ الْإِثْمِ وَالْفَوَاحِشَ إِلَّا اللَّمَمَ إِنَّ رَبَّكَ وَاسِعُ الْمَغْفِرَةِ هُوَ أَعْلَمُ بِكُمْ إِذْ أَنْشَأَكُمْ مِنَ الْأَرْضِ وَإِذْ أَنْتُمْ أَجِنَّةٌ فِي بُطُونِ أُمَّهَاتِكُمْ فَلَا تُزَكُّوا أَنْفُسَكُمْ هُوَ أَعْلَمُ بِمَنِ اتَّقَى (32)
[ سورة النجم]

الله عز وجل يقول في كتابه.
وقال عليه الصلاة والسلام عندما جاءه من يطلب الولاية:

{ عن أبي موسى الأشعري رضي الله عنه قال: دَخَلْتُ على النبيِّ صلى الله عليه وسلم أنا ورجلان من بني عمي، فقال أحدهما: يا رسولَ الله، أمِّرْنا على بعض مَا وَلاكَ الله - عزَّ وجلَّ -، وقال الآخَرُ مثل ذلك، فقال:إِنَّا وَاللهِ لا نُولِّي هذا العملَ أحداً سَأَلَهُ، أو أحَدا حَرَصَ عليه }

[أخرجه البخاري ومسلم وأبو داود والنسائي]

كيف نوجه طلب سيدنا يوسف عليه السلام في هذه اللحظة أن يجعله على خزائن الأرض مع أن أحاديث النبي صلى الله عليه وسلم واضحة في هذا الشأن؟ ماذا تقول دكتور؟

الأمانة هي التي تنقص الأمم أكثر من العلوم والخبرات:
الدكتور بلال:
بارك الله بكم.
بسم الله الرحمن الرحيم، الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه ومن والاه.
دكتور مراد حياكم الله، اشتقنا لكم ولهذا البرنامج اللطيف، أكرمكم المولى.
يوسف عليه السلام عرض خبرته
سيدي؛ يوسف عليه السلام لم يزكِّ نفسه، يوسف عليه السلام عرض خبرته، قدم ما عنده، وسأضرب مثلاً: لو أنك كنت في طائرة، وحصل أن أحد الركاب أصابه احتشاء قلبي مفاجئ، والطائرة في الجو، والرحلة بقي لها لتصل وجهتها ساعة، ونادى مرافق الطيار، أو الكابتن: من فيكم طبيبٌ ليتقدم ليعالج المريض، وهذا معروف في الطائرة، وأحد الأطباء يجلس في كرسيه، وهو يعلم أنه يستطيع أنه يساعد هذا الإنسان لكنه قال: لا أريد أن أفتخر، وأظهر أمام الناس، هنا نقول له: هذا منقصة، وليست مكرمة تواضع، هذا ليس مجاله الآن.
يوسف عليه السلام يعلم أن هناك مشكلة لأن الرؤيا التي رآها وحي من الله تعالى، وأن هناك سبع سنوات عجاف ستأتي على الناس، فقدم ما عنده، أنا: (حَفِيظٌ عَلِيمٌ) أستطيع أن أقوم بهذا الأمر، قدم خبرته في هذا المجال، وهذا عين الحكمة، وعين الفهم، لو أنه انزوى جانباً وقال: لا أريد أن أتكلم، ضعني في المكان الذي تريد، ربما وضعه في مكان آخر لا يليق به، ولا يستطيع القيام به، فيوسف قدم ما عنده، قدم خبرته، وقال: (إِنِّي حَفِيظٌ عَلِيمٌ) وتعلمون أن الحفظ هو موضوع متعلق بالأمانة، وقدم الحفظ على العلم، لماذا؟ لأنه في سنوات الشدة، وفي سنوات الأزمات، لا تنقص الأمم العلوم والخبرات بقدر ما تنقصها الأمانة، لأن الموارد قليلة، فإذا لم يكن هنا شخص أمين يستطيع أن يحفظ أمانات الناس، وأن يؤديها بحقوقها، بل يداهن أقاربه، أو يداهن الأقوياء، أن تأتيه الرشاوى، أو تأتيه الوسائط فيمضي الأمور، فإن لم يكن هناك حفظ يحفظ أقوات الناس، ويؤدي لكل إنسان حقه فهناك مشكلة، فقدم الحفظ على العلم ثم إنه عليم، عنده خبرة في هذا الموضوع، هذا من جانب.
من جانب آخر؛ أحب هنا أن أستغل هذا السؤال، وتلك الفرصة، وأستثمر الموضوع، أحكام الشريعة أخي دكتور مراد لا تطبق في فراغ، أحكام الشريعة تطبق في مجتمع مسلم.
لما كان النبي صلى الله عليه وسلم يقول: (إِنَّا وَاللهِ لا نُولِّي هذا العملَ أحداً سَأَلَهُ) في الوقت نفسه كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: أبو عبيدة أمين هذه الأمة وأفرضهم زيد وأقرؤهم، و، و، إلى آخره كان يعلم كل إنسان فيضع كل إنسان في موضعه، فأنت عندما تريد أن تطبق قواعد الشريعة تطبقها على أمة مسلمة، أما عندما تختل الموازين، وتجد أن المرتشي أصبح في مكان مهم، وأصبح له عز وجاه ومكانة، وأن الخائن قد نُصب في مكان آخر وكل منهم يأخذ موضعه، وأنت تقول: أنا لا أزكي نفسي، فأنت عندها تبتعد عن المطلوب منك، أنت المطلوب منك أن تتعرف على الأعمال الصالحة، وأن تقوم بها.

الدكتور مراد:
أي الدولة الآن بحاجة له، مع مجاعة مقبلة علينا، الآن سيدنا يوسف قدم ما عنده من علم، ومن خبرة سابقة، ومن أمانة، هو عرض ما أثبته أيضاً قال للملك: (إِنِّي حَفِيظٌ عَلِيمٌ) استثمر الفرصة الآن، استثمر وقدم للملك ما يريده.
ننتقل إلى دكتورنا العزيز، الدكتور عبد الفتاح السمان (وَقَالَ الْمَلِكُ ائْتُونِي بِهِ أَسْتَخْلِصْهُ لِنَفْسِي فَلَمَّا كَلَّمَهُ قَالَ إِنَّكَ الْيَوْمَ لَدَيْنَا مَكِينٌ أَمِينٌ * قَالَ اجْعَلْنِي عَلَى خَزَائِنِ الْأَرْضِ إِنِّي حَفِيظٌ عَلِيمٌ) استخلص، والاستخلاص في هذه الحالة يمكن أن يأتي برجل لكن يستغني عنه، قال: (مَكِينٌ أَمِينٌ) أي أكد له أنك ستكون أنت، عندما يأتي رجل الآن ونحن في الإدارة نرى هذا الشيء، عندما يقرب شخص لوزير، أو لمسؤول يأتي الحسد من هنا، والوشاية عليه، فالملك هنا أنهى المسألة، (قَالَ إِنَّكَ الْيَوْمَ لَدَيْنَا مَكِينٌ أَمِينٌ) انتهت المسألة.
دكتورنا؛ نحن أمام مقابلة وظيفة عمل ليست عادية، وظيفة وزير مالية، قيادية، حساسة، مرموقة، معية توظيف، طرق اختيار في الولاية العامة، كيف نسقط دكتور هذا المشهد على واقعنا اليوم المؤلم؟

يوسف عليه السلام لم يطلب الإمارة بل طلب الوصاية:
الدكتور عبد الفتاح السمان:
نعم، أول شيء أشكر لكم هذه الاستضافة الرائعة، ونحن بصحبة خبير القرآن الكريم، وجنابكم لكم باع طويل في مجال الدعوة، وحسن التعامل مع الوظيفة، والوظائف القيادية، الآن نحن نتحدث عن أناس عاشوا هذا الأمر.
أول الصفات لمن يريد أن يبحث عن عمل
لكن أريد أن أضيف شيئاً على ما ذكره فضيلة الدكتور بلال، سيدنا يوسف لم يطلب الإمارة، المشكلة أن بعض الناس يقول لك: طلب الإمارة، هو لم يطلب الإمارة، هو طلب وصاية، الآن قدم خبرته، الدليل؛ سيدنا يوسف لم يطلب شيئاً على الإطلاق، سيدنا يوسف وهذا الذي سيفاجأ به السادة المشاهدون اليوم، اليوم عندي هدية وتحدّ من خلال برنامج: " رحلة الصديق " أن سيدنا يوسف أعطانا درساً في أنك تستطيع الحصول على عمل أكيد ودائم حتماً، الآن الوصفة التي سنقدمها من سيدنا يوسف أتحدى إنساناً أن يجربها ولا يحصل على عمل، سيدنا يوسف في السجن، كان مبادراً، وهذه أول الصفات لمن يريد أن يبحث عن عمل، طُلب منه أن يعبر الرؤيا فعبر الرؤيا، الآن وضع خطة كاملة تزرعون، وتعملون، وكذا، ما طلب مقابلاً، ما قال لهم: أنا لا أعبر الرؤيا حتى يخرجني الملك، أفتنا في رؤيانا، أفتاهم، قال لهم: تزرعون، تعملون في عام يغاث فيه الناس، أعطاهم أجوبه كاملة، إذاً هو قدم مبادرة، الآن انظر التعيين انتهى، قبل أن يخرج (وَقَالَ الْمَلِكُ ائْتُونِي بِهِ) أول شيء، هو موافق عليه، الآن الذي يقدم هذه الخبرات هاتوه لي، الآن سيدنا يوسف قال: لا أخرج حتى أبرئ نفسي، وبرأ نفسه، ثم دعاه الملك مرة ثانية الآن الدعوة مرة ثانية، يقول الملك: (أَسْتَخْلِصْهُ لِنَفْسِي) أجعله خالصاً، يوجد فرق بين أن يكون هذا الموظف عنده خبرات عالية، هاتوه وابعثوه إلى الموارد البشرية كي يعينوه في مكان ما، وبين رئيس الشركة يأتي به ويجعله مستشاره الخاص، فما بالك الملك علناً يقول للناس قبل ما يراه: (أَسْتَخْلِصْهُ لِنَفْسِي) جعلته خالصاً.
الآن العجيب، والآن الرسالة للسادة المشاهدين، وخاصة للشباب والبنات، لم يأتِ لعند الملك وهو يقدم مبادرة، وناجحة، وبخطة قوية، أي عمل دراسة جدوى وقدمها كاملاً، الآن كلم الملك، هذه الهاء عجيبة جداً (فَلَمَّا كَلَّمَهُ) ما الكلام الذي يريد أن يتكلم بها سجين سابق مع ملك البلاد؟ ويقول: (إِنَّكَ الْيَوْمَ لَدَيْنَا مَكِينٌ أَمِينٌ) ومكين أمين مثلما تفضلت الآن المكين الأمين؛ نحن نسميها بلغة السياسة معه حصانة دبلوماسية كاملة، ومعه صلاحيات كاملة، أي موظف، وأي مسؤول يريد أن يحقق شيئاً لا بد له من أمرين، تعطيني حصانة من أجل ألا يتكالب عليّ الأغيار وتعطيني الصلاحيات، أنا أريد أن أنفق.
الآن الملك يقول له: خذ كل شيء، الآن الملمح الخطير سيدنا يوسف خصص نفسه، هو ما طلب، عرض عليه أن يكون مسؤولاً عن جميع الأقسام، أنت وزير داخلية، ووزير دفاع، كل القصص، خصص نفسه، هذه رسالة عندما يعرض عليك عمل أنت يجب أن تقول: أنا طبيب فقط، لا أفهم في قضية ثانية، أنا بارع في هذه القضية، يجب أن تقول هذا.
سيدنا النبي عليه الصلاة والسلام في يوم القيامة عندما قال: أنا لها أنا لها، هل طلب الإمارة على الناس؟ لا، موضوع الشفاعة النهائية هذا عملي، هل تخلى من أجل ألا يقولوا: والله هو يتفاخر؟ لا، أنا لها، وهذه أنا لها كررت في التاريخ ست مرات، راجعوها بأماكنها، في الجيش، في الحرب، في الإمارة، أنت في مكان يجب أن تقول: أنا لها.
فكان سيدنا يوسف سجيناً سابقاً عرض عليه أن يكون مسؤولاً عن كل شيء حتى لا يخزي نفسه، ويقول: والله أنا بارع بكل شيء، أنا الآن أخصص نفسي.

شروط لأي إنسان يريد أن يتوظف بأنحاء العالم كله:
لكن الآن ما الذي حدث؟ هنا أنا الذي أريده، أنا أريد كل محور الحلقة على هذه الهاء (فَلَمَّا كَلَّمَهُ قَالَ إِنَّكَ الْيَوْمَ لَدَيْنَا مَكِينٌ أَمِينٌ) هذا جاء يطلب طلب توظيفه، وسؤالك جميل جداً، الآن يوجد عندنا خمسة شروط لأي إنسان يريد أن يتوظف بأنحاء العالم كله، ما هي هذه الشروط؟ أول شرط، أي إنسان يريد أن يتوظف يجب أن يكون عنده شهادة غير محكوم.
ثانياً: أن يكون عنده شهادات مناسبة، يكون عنده خبرات سابقة، يكون عنده نسب ابن من؟ ألا يكون لقيطاً أو غير معروف.
ثالثاً: يكون عنده معرف، بنهاية السيرة الذاتية، وأنا مستشار اقتصادي لعدة شركات، بنهاية السيرة الذاتية يجب أن تكتب من يعرفك، نريد أن نسأل عنك، نريد معرفاً أو واسطة.

الدكتور مراد:
لا، واسطة هذه مشكلة، الواسطة أهلكتنا.

الدكتور عبد الفتاح السمان:
الواسطة بالمعنى التعريفي أي نسبه معروف، لذلك نحن نكتب: معرف، بعض الناس واسطة، حتى بالكلام العادي.

الدكتور مراد:
دكتور نحن اليوم الواسطة أهلكتنا.

الدكتور عبد الفتاح السمان:
نحن على المعرف.

سيدنا يوسف لم يحقق شروط الوظيفة ومع ذلك تولى خزائن الأرض:
سيدنا يوسف كان محكوماً
الآن الإشكالية أين؟ لاحظوا تماماً سيدنا يوسف لا يملك شرطاً من هذه الشروط، سيدنا يوسف محكوم، الآن اعتبره غير موضوع النبوة، أنت أتيت تقدم أوراقك للعمل في بلاط الملك، وعندك ورقة محكوم، اليوم العرف العام، إذا كان الإنسان محكوماً هل يجد عملاً لو عنده براءة؟ عفواً أخي أنت محكوم، لكن أخي أنا قضيت المحكومية وخرجت، والله آسف، أنا أعفيت، أنا بريء، آسف، الآن هو محكوم بتهمة فظيعة جداً، وبغض النظر، وهذا يثبت أنه لم يذهب ليتوظف، هو وظف، والآن سيرى السر حتى وظف، أي أنت كيف تذهب وتوظف نفسك؟ أصلاً البراءة لم تظهر ولو اعترفنا بالبراءة أنت بسجلك كيف نمرر أنك أنت محكوم؟
ثانياً: سيدنا يوسف لا يوجد عنده خبرات سابقة، سجين، كان عبداً، وكان عند زليخة، ودخل إلى السجن، أين الخبرات؟ أي هو لم ينجح بدولة ثانية كان عندهم مجاعة وقال لهم: أنا عندي خبرة، لا يوجد عنده، لا يوجد عنده شهادات مناسبة، لا دكتوراه، ولا تعليم، ولا ابتدائي، ولا شيء، ممن كان يُعرف في ذلك الزمان، لا يوجد عنده خبرات سابقة، لا يوجد عنده نسب، نحن لم نتكلم الآن، نحن نتكلم بتجرد، من أجل شبابنا اليوم، الذي يقول: أخي أنا بدون هذه الشروط لن أعمل، أنا أقول لك: بدون هذه الشروط ستعمل، والنسب؟ الآن اللقيط لا سمح الله يعاني كثيراً، أو نسبه لا يشرف كثيراً، والله أحد أعمامه، أو أحد أخواله عليه تهمة.

الدكتور مراد:
ليتك دكتور توضح المسألة، هذه دكتور النسب المقصود فيه في منطقته لا يعرفون من هو يوسف، ويوسف عليه السلام معروف هو النبي.

الدكتور عبد الفتاح السمان:
هذا للناس، الآن لو يعرفونه نبياً، ويعترفون به أصلاً لا يضعونه بالسجن، لكن الآن نحن نتكلم بتجرد، على الواقع، والملك الآن لم يتعامل معه كنبي، الآن تعامل معه صاحب خبرة، شخص قدم دراسة جدوى رائعة، الآن نرى.
آخر شرط لا يوجد عنده، من يعرفه؟ لا أحد يعرفه، هذه الشروط، اليوم رسالة لشبابنا أول شيء يقول لك: والله لو أنا معي شهادات، لو أحد يعرّف عليّ، أنا لو أحد يعمل لي واسطة، أنا لو عندي خبرات، أنا لولا أنني محكوم، الآن أنا أقول لك: إن لم تكن هذه الشروط متوفرة عندك ستحصل على وظيفة وأكيد، ماذا تفعل؟ أنت فقط مطلوب منك بدل السيرة الذاتية تقول هذه الكلمة فقط، أي إنسان، أي شركة في العالم، وسآتيكم بمثال على بيل غيتس، أنت تقول: لدي خطة لمنفعتكم جربوني مجاناً فقط.

خطة سيدنا يوسف في إقناع الملك ليكون على خزائن الأرض:
ماذا فعل سيدنا يوسف؟ عندما أتيحت له الفرصة، عندما جاؤوا يسألونه، قال لهم: أنا عندي حلّ لخططكم، خذوها، وبدون أي شيء، أي عندما قدم الخطة كاملة، أنت اليوم تذهب إلى مكتب استشارات، ودراسات جدوى، عفواً والله تريد أن تدفع لنا دفعة على الحساب، ثم نأخذ خمسين بالمئة عندما تبدؤون بالمشروع، ونحن نشرف حتى ينتهي المشروع ثم نأخذ كامل المبلغ، شخص يعطيك الحل كاملاً، سر الصنعة كاملاً.

الدكتور مراد:
وضع خطة إستراتيجية بعيدة المدى.

الدكتور عبد الفتاح السمان:
وبدون مقابل، الآن الرائع في الموضوع بعض المفسرين بيّن المشهد الذي جرى، ماذا قال؟ قال: (أَسْتَخْلِصْهُ لِنَفْسِي) وقال: وما من شيء إلا وأحب أن تشركني فيه، هذا الدليل على أنني أريد أن تعمل لي كل شيء، ما شاء الله أنت تجيب على كل شيء، هذا دليل أن سيدنا يوسف ما كان جالساً بالسجن بشكل عادي، كان يسمع الأخبار، ويجمع المعلومات، قضيته موجودة معه، ويريد أن يرد المعروف لأنه متمكن.

ذَلِكَ لِيَعْلَمَ أَنِّي لَمْ أَخُنْهُ بِالْغَيْبِ وَأَنَّ اللَّهَ لَا يَهْدِي كَيْدَ الْخَائِنِينَ (52)
[ سورة يوسف]

هو يريد أن يثبت بالأخير أنا ما كنت خائناً، بالعكس أنا جئت لمنفعتكم، أنا أريد أن أرد الجميل، الآن ماذا قال؟ اسمع ماذا قال القرطبي بشكل رائع جداً، قال: قوله: (قَالَ إِنَّكَ الْيَوْمَ لَدَيْنَا مَكِينٌ أَمِينٌ) أي إنك متمكن، نافذ القول، أمين، لا تخاف غدراً، المعلومة التي ذكرتها أنت محمي ظهرك.
قدم منفعة للشركة التي تريد أن تقدم لها
إذاً سيدنا يوسف عندما جلس مع الملك، وهذه الرسالة لك أيها الشباب: تريد أن تعمل؟ قدم منفعة للشركة التي تريد أن تقدم لها، وقل لهم: جربوني شهراً وشهرين، وأنا أتحداك أن تفعل هذا ولا تحصل على أعلى المراتب، سيدنا يوسف عندما جلس مع الملك، يا جلالة الملك عندك قضية، لكن هذه القضية عليها مشاكل كثيرة، يوجد فساد، والدليل: (اجْعَلْنِي عَلَى خَزَائِنِ الْأَرْضِ) لأن هناك أناساً يسرقون، وينهبون، وهذا الموضوع يحتاج إلى عناية، قال له: تعال واستلم كل شيء، قال له: لا، أنا أفهم بهذه القضية، فقط احمِ لي ظهري، كان عندهم كهنة معبد، وقصص، وسير، قال له: (اجْعَلْنِي عَلَى) وليس: اجعل لي، اليوم الذي يطلب الولاية، اجعل لي هذه الأرض أملكها وأحكم بها، اجعل لي هذه السيارة، اجعل لي إمارة، هو قال: (اجْعَلْنِي عَلَى) أي أنا مسؤول عن هذا الأمر، مثل: اجعلوا لنا نصيباً، اجعلوا لنا جعلاً، أي أعطونا شيئاً وليس كل شيء.
الآن سيدنا يوسف بهذه العبارة عندما جلس مع الملك قدم له كل ما ينفع، وأنا أتحدى ألا ينفعه، تريد أن تعمل بشركة عملاقة، ابعث لهم إيميل بدون اسمك، بدون جنسيتك، بدون نسبك، بدون دينك، بدون من يعرفك، قل لهم هذه العبارة: أنتم عندكم فرع بالبلد الفلاني، أو بالمحافظة الفلانية أنا مستعد أن أرفع المبيعات عشرة بالمئة، وأخفض المصاريف خمسة بالمئة، إذا كان هذا يناسبكم اتصلوا بي، سيتصل بك الجميع.

الدكتور مراد:
سيدنا يوسف هو قائد ناجح
دكتور؛ هذا ينقلنا إلى مسألة مهمة جداً، هي صفات القائد الناجح، نحن اليوم نتكلم عن قائد ناجح، سيدنا يوسف هو قائد ناجح، وقيادته فطرية، وإلهام من رب العالين، والقائد الناجح يجب أن يمتلك ثلاث صفات، هذا الذي نريد أن نشير له، الصفة الأولى ألا وهي الأخلاق، اليوم موجودة عند سيدنا يوسف عليه السلام، حفيظ، حفظ نفسه، واتهم بمسألة خطيرة جداً لكن حفظ نفسه (حَفِيظٌ)، والمسألة الثانية العلم، هو: (عَلِيمٌ)، والأمر الثالث؛ اختيار البديل، الآن هو كون خطة إستراتيجية بديلة للواقع الذي سيحصل، وهو بدأ أيضاً من الواقع بالرؤيا التي رآها الملك، اليوم أنا أريد أن أضع لك خطة كاملة متكاملة بالرؤى التي رأيتها أنت حتى نخرج من المأزق الموجود، هذه الصفات إذا تكونت عند شخص يكون قائداً ناجحاً يستطيع أن يقدم خطة متكاملة حتى يخرج مما هو فيه.
دكتور بلال؛ لك تعليق على ما أشار له الدكتور، حتى نذهب إليه بالخطة الإستراتيجية ثم نعود إليه؟

المنصب كان لسيدنا يوسف تكليفاً وليس تشريفاً:
الدكتور بلال:
كلما ارتقى منصبي الوظيفي عظمت مسؤوليتي
جزاه الله خيراً، ما قصر الدكتور عبد الفتاح، مثلما تفضل، سيدنا يوسف عليه السلام عرض خبراته وما عنده، وكان المنصب بالنسبة له تكليفاً، وليس تشريفاً، هو عرض وكلف بشيء يقوم به لمنفعة الأمة، ولمصلحتها، وهكذا ينبغي أن يكون مبدئي عندما أذهب إلى عمل، أو عندما أطلب شيئاً، أو عندما أحاول أن أقدم أني الآن مكلف أو مسؤول، كلكم راع، وكلكم مسؤول عن رعيته، كلما ارتقى منصبي الوظيفي عظمت مسؤوليتي وليس الموضوع أنني أخذت شيئاً (اجْعَلْنِي عَلَى خَزَائِنِ الْأَرْضِ) إذاً مسؤوليتي ستكون عامة، وقال: (الْأَرْضِ) لأن هناك بعض التفاسير القحط عمّ الأرض، وجاءه الناس من بلاد أخرى فهو جعل نفسه في موضع لا يحسد عليه، لأنك تضع نفسك في سبع سنوات عجاف وتقود المركبة إلى بر الأمان فهذه لا يطيقها إلا أصحاب القوة، والخبرة، والأمانة.

الدكتور مراد:
وهو عرض نفسه لأنه يعرف نفسه من هو.
دكتور ننتقل إلى سؤال بعد هذا: سيدنا يوسف قدم خطة الخلاص، وقدم الحل الذهبي للأزمة الاقتصادية، أزمة اقتصادية نعيشها، وهو في السجن، طبعاً نحن اليوم نعيش بأزمة اقتصادية، بحاجة لسيدنا يوسف اليوم، بحاجة إلى خطط حقيقية، وإلى أناس مخلصين يتقون الله عز وجل في تقديم الحلول.
لم يكن سيدنا يوسف منظراً استراتيجياً كما أشرت، بل كان قائداً تنفيذياً بامتياز، هل لك دكتور أن تشرح لنا كيف تمت مراحل تنفيذ الخطة حتى وصل إلى بر الأمان؟

مراحل تنفيذ خطة يوسف عليه السلام حتى وصل إلى بر الأمان:
الدكتور عبد الفتاح السمان:
الآن الملمح المهم جداً أنا عندما أريد أن أقدم خطة، يجب أن أوضح ما هي المشكلة أولاً، والحلول، ثم وهو المهم أنا قادر على تجريب هذا الحل.
الاستعداد للمشاركة في الحل الذي اقترحته
الآن أنا أعطيكم مثالاً: أنا عملت فترة مع بعض البرامج الشبابية، طلبنا أننا نريد حلولاً لموضوع النقل في العالم العربي، الموضوع كان: المواصلات والنقل في العالم العربي، جاءنا أكثر من سبعمئة ألف اقتراح، أعدنا السؤال، هذا المشروع الذي قدمته - السؤال للجميع - هل يمكن أن تشارك في التنفيذ الإصلاحي لهذا المشروع الذي اقترحته؟ أنت اقترحت أن بدل الباصات نعمل مسرب سيارات، مسرب بسكليتات، هل أنت مستعد للمشاركة في الحل الذي اقترحته؟ نزلت النسبة من سبعمئة ألف لستين شخصاً، الآن: من منكم يتطوع ليقدم مشروعه نجربه؟ لا يتجاوزون أصابع اليد.
لذلك اليوم الذين يقترحون اقتراحات هائلة يجب أن يعملوا، إذاً هل من الممكن أن تضع يدك معنا؟ أنت هذه مبادرتك، هل من الممكن أن تضع يدك لنجرب ومجاناً.
لاحظوا الآن؛ سيدنا يوسف، العجيب، دقق سيدي، أولاً: ما بيّن بدء الحل وانتهاء الحل، عندنا خمس عشرة سنة، سبع سنين عجافاً، ثم سبع سنين في حصيدة، لكنه وضع المواد كلها في أمكنة لم يسبق لهم أن يتعرفوا عليها، هذه أماكن تخزين تحميها من الرطوبة والعفن، أمرهم أن يذروه في سنبله، إذاً هو عنده خطة وهو يعمل عليها، واحد، اثنان، ثلاثة، مع علمه أن هناك عاماً سيغاث فيه الناس، لكن الناس تريد أن ترى الواقع، كلمة جميلة لسيدنا الدكتور راتب النابلسي، يقول: الناس تتعلم بعيونها لا بآذانها، أنت إن عملت لي بياناً انتخابياً، وعملت لي رسالة، وقلت لي إن عندي مشروعاً، وسأعمل، وسأعمل، هذا الكلام جميل لكن أنا أريد أن أرى، جئت أنت بيوسف، هذا الشخص سجين سابق هو الذي سينقذنا؟ انظروا ماذا فعل؟ بدأ بجمع الحصيدة، بدأ بالتوزيع، بضبط الأمور، لأنك مهما فعلت من ملء الخزانات، هناك من يسرب: لا فائدة من التجميع.
سيدنا يوسف يريد أن يوصلهم لله عز وجل
الآن الجميل بالموضوع! أن سيدنا يوسف دخل بتحدّ، أنا قادر أن أصنع هذا الموضوع لأنني خبير فيه، هو له غاية أخرى، كيف يريد أن يوصلهم لله عز وجل، يريد أن يوصلهم أن هذا الإله المعطي يجب أن تشكروه، كلمة جميلة للدكتور راتب جزاه الله كل خير يقول: هذا الإله الذي عند قول سيدنا نوح:

فَقُلْتُ اسْتَغْفِرُوا رَبَّكُمْ إِنَّهُ كَانَ غَفَّاراً (10) يُرْسِلِ السَّمَاءَ عَلَيْكُمْ مِدْرَاراً (11) وَيُمْدِدْكُمْ بِأَمْوَالٍ وَبَنِينَ وَيَجْعَلْ لَكُمْ جَنَّاتٍ وَيَجْعَلْ لَكُمْ أَنْهَاراً (12)
[ سورة نوح]

قال: هذا الإله - معنى الآية - الذي يعطيكم هذا العطاء، ألا يخطب وده؟ الآن أنا كيف أقنع الناس؟ هم فقراء يجب أن تطعمهم ثم اعبدوا الله عز وجل، ثم تعرفوا على المنعم، أريهم النعمة، ثم علمهم من هو المنعم، فالآن سيدنا يوسف يريد أن يوصل للقضية، يريد أن ينقذهم من عبادة الشرك كما فعل ذو القرنين، ذو القرنين عمل السد، وعمل الردم، ثم قال: هذا رحمة ربي.
سيدنا النبي عليه الصلاة والسلام جاء إلى المدينة، الناس فقراء لا يملكون شيئاً، أنت جئت الآن تحملنا وزراً، فتح السوق، ونظف المدينة، نقل وباءها إلى الجحفة، أدخل التجارات، صار هناك سوق كامل، وموارد مالية، الآن نريد أن نبدأ بالغزوات، ونسترد أموالنا، صار دولة.
إذاً أنت كداعية يجب أن تقدم، وأنت كطالب عمل يجب أن تقدم، الملمح الرائع، في الآية الخمسين بدأت فكرة أن يعمل سيدنا يوسف في هذه المملكة (وَقَالَ الْمَلِكُ ائْتُونِي بِهِ) هذا أول طلب أنه تعال، لكن لاحظوا الآن متى استرد أجره؟ في الآية رقم مئة، أي بعد خمسين آية بعد ست عشرة سنة:

وَرَفَعَ أَبَوَيْهِ عَلَى الْعَرْشِ وَخَرُّوا لَهُ سُجَّداً وَقَالَ يَا أَبَتِ هَذَا تَأْوِيلُ رُؤْيَايَ مِنْ قَبْلُ قَدْ جَعَلَهَا رَبِّي حَقّاً وَقَدْ أَحْسَنَ بِي إِذْ أَخْرَجَنِي مِنَ السِّجْنِ وَجَاءَ بِكُمْ مِنَ الْبَدْوِ مِنْ بَعْدِ أَنْ نَزَغَ الشَّيْطَانُ بَيْنِي وَبَيْنَ إِخْوَتِي إِنَّ رَبِّي لَطِيفٌ لِمَا يَشَاءُ إِنَّهُ هُوَ الْعَلِيمُ الْحَكِيمُ (100)
[ سورة يوسف]

أنا أريد أن أحقق الرؤيا تلك، لكن متى طلب؟ قال للمك: آتني بأهلي كلهم، أنا اليوم ببساطة أعمل مقابلات، أول شيء أنتم ماذا تريدون أن تعطوني؟ قبل أن نعطيك، أنت ماذا تريد أن تعطينا؟ عندنا نحن قانون بالتجارة، كتلة الرواتب، كيف أحسب كتلة الرواتب؟ أنا صاحب شركة، كيف أقول كتلة الرواتب كم؟ هي عشرة بالمئة من الأرباح، وتكون عشرين بالمئة من الأرباح أكثر شيء، أما لا يمكن أن تكون خمسين بالمئة، الآن أنا أريد أن أعطيك عشرة، أنا أريد أن تعطيني مئة.

الدكتور مراد:
أريد نتائج هذا العمل، وثمرته.

الدكتور عبد الفتاح السمان:
الإصرار والعمل سبيل النجاح
إذا أعطيتني مئة أقر لك بعشرة، مئتين أقر لك بعشرين، أما أول شيء ماذا تريد أن تعطيني؟ ثم أين تذكرة الطيارة؟ أين عقد السكن؟ أولادي بأي مدرسة يجب أن أضعهم؟ أريد أن تحضر لي زوجتي، أما سيدنا يوسف لم يتكلم بأي كلمة، داخل إلى الآن بطعامه وشرابه، لكنه يعمل، يعمل، بعد خمس عشرة سنة، قال له: أنا عندي أهل، وعندي عائلة، وعندي كذا، بدأ يخطط، الآن أريد أن أحضر أهلي كلهم، أحضر له كل أهله، إذاً للآية مئة حتى استرجع ما قدم، اليوم شبابنا للأسف البعض نفسه قصير يريد أن يدخل الآن رفعوني لأصير، ماذا قدمت؟ لذلك عندنا قانون صغير جداً؛ أنت تريد أن تحصل على عمل أكيد ودائم عندك قانون يجب أن يكون لك عمل مستمر، بعض الناس نفسهم قصير، سيدنا يوسف ست عشرة سنة لم يكل ولم يمل، يوجد أناس من أول سنة، ثاني سنة: قد لا أنجح، أين إصرارك؟ أنت أعطوك مقدرات، وأعطوك صلاحيات، اشتغل، الآن عمل مستمر، ثانياً: أرباح أكثر، خسائر أقل، أي شركة في العالم تقول لها: أنا أعطيتك أرباحاً أكثر وخسائر أقل ستقول لك: نعم، ربما بعد قليل أحدثكم عن أحد الشباب كيف تعامل مع بيل غيتس شخصياً وهو صديقي.

الدكتور مراد:
جميل ! هذا ملخص الخطة التنفيذية الذي قام بها سيدنا يوسف عليه السلام لا كلّ ولا ملّ، وهذه أيضاً إشارة من ناحية كف الغيبية يجب أن تكون موجودة أيضاً عند الشباب في موضوع طلب الوظيفة أو غيره، أن يطلب من الله عز وجل، وأن يتوجه إليه، وأن يكوّن لنفسه خبرة حقيقية، اليوم نحن نطلب عندما نريد وظيفة السيرة الذاتية، تعال وقدم لي السيرة الذاتية لأرى خبراتك، حتى أناقشك في هذا.
دكتورنا رسائلك لمن تولى من أمور العامة منصباً ماذا تقول؟ في زمنٍ هنا اليوم نقول: يا دكتورنا، ويا مشايخنا، الفساد ليس فقط فساد سرقة المال، الفساد الإداري، إذا لم تكن متقناً لعملك فأنت تقع في الفساد، وتقوم بخلل في المنظومة، أو في الوزارة التي تعمل بها ما هي توجيهاتك في هذا الأمر دكتور؟

رسائل لمن تولى أمراً من أمور العامة:
الدكتور بلال:
بارك الله بكم؛ سيدي ! النبي صلى الله عليه وسلم كما تروي عائشة في صحيح مسلم، قال:

{ عن عبد الرحمن بن شماسة المهري رحمه الله قال: أَتَيْتُ عائِشةَ أسألُها عن شيءٍ؟ فقالت: مَن أَنْتَ؟ فقلتُ: رَجُلٌ من أهل مِصرَ، فقالت: كيف كانَ صَاحِبُكُم لكم في غَزَاتِكُمْ هذه؟ فقلتُ: مَا نَقَمْنا [ منه ] شَيئاً، إنْ كان لَيَمُوتُ لِلرَّجُلِ مِنَّا البَعيرُ فَيعْطِيهِ البعيرَ والعبدُ فَيُعْطيهِ العبدَ، ويَحتَاجُ إلى النَّفَقَةِ فَيُعْطيهِ النَّفَقةَ، فقالت: أمَا إِنَّهُ لا يَمنَعُني الَّذِي فَعَلَ في محمد [ بن أبي بكر ] أخي أنْ أُخْبِرَكَ مَا سمعتُ من رسولِ الله صلى الله عليه وسلم سمعتُهُ يقول في بيتي هذا: ' اللَّهُمَّ مَنْ وَلِيَ من أمْر أُمَّتي شَيْئا، فَشَقَّ عليهم، فَاشْقُقْ عليه، ومَنْ وَلِيَ منْ أَمْرِ أُمَّتي شَيْئا فَرَفَقَ بِهِم، فَارفُق بهِ }

[أخرجه مسلم ]

الولاية مفهومها واسع جداً
فأنت يا أخي، يا من ولاك الله شأناً، وهذا الولاية ليست الولاية العامة كما يتخيل بعض الناس، أنت إذا وليت شأناً كنت مدير مكتب، وتحت يديك موظف، فأنت وليت أمره، أبناؤك في البيت يا سيدي عليهم ولاية، فالولاية مفهومها واسع جداً، أي شخص أنت ولي أمره فأنت الآن لك ولاية، سواء كانت ولاية خاصة، أو ولاية عامة، وتكبر الولاية، وتكبر المسؤولية بقدر تلك الولاية، فأنت عندما تستشعر يا أخي أن النبي صلى الله عليه وسلم وتقول: نحن أمة الإسلام، ونعتز بنبينا صلى الله عليه وسلم، نبيك تسمعه عائشة رضي الله عنها يقول: (اللَّهُمَّ مَنْ وَلِيَ من أمْر أُمَّتي شَيْئا فَشَقَّ عليهم فَاشْقُقْ عليه) كيف يشق الموظف في مكتبه؟ أو كيف يشق الوزير في مكتبه؟ أو كيف يشق المحامي في مكتبه؟ أو أي إنسان له ولاية في شيء يشق على الناس، أي يأخذ من أوقاتهم دون أي فائدة، أخذ من أموالهم، يرهقهم بما لا يستطيعون، يحملهم ما لا يطيقون، قال: (فَشَقَّ عليهم، فَاشْقُقْ عليه) بينما إذا رفقت بأمر العامة، وكنت رفيقاً، والله تعالى هو الرفيق.

{ عن أَنَّ النبيَّ صلى الله عليه وسلم قال: إِنَّ الرِّفقَ لا يكونُ في شيء إِلا زَانَهُ ولا يُنْزَعُ مِن شيء إِلا شانَهُ، قال: ركبتْ عائشةُ بعيرا، وكانت فيه صُعوبة، فجعلت تُرَدِّدُهُ فقال لها رسولُ الله صلى الله عليه وسلم: عليكِ بالرِّفق - ثم ذكر مثله، وفي أخرى: أَنَّ رسولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم قال: ' إِنَّ اللهَ رَفيقٌ يُحِبُّ الرِّفْقَ، ويُعطي على الرِّفْقِ ما لا يُعْطي على العنفِ، وما لا يُعطي على مَا سِواهُ }

[أخرجه مسلم وأبو داود ]

فندعو كل إنسان ولاه الله تعالى أمراً سواء من الأب في بيته، إلى المعلم في صفه وعنده طلابه، إلى الموظف في مكتبه، إلى المحامي، إلى كل إنسان في مكانه الذي هو فيه أن يرفق بالناس، يرفق بأموالهم، يرفق بأوقاتهم، يرفق بحاجاتهم، بتعامله معهم، لأن هناك أحياناً إنساناً ولي أمراً في الناس ربما لا يسرق، ولا يأخذ من المال العام، لكنه يواجه الناس مقطب الجبين، تسلم عليه فلا يرد السلام، يتعالى عليهم ربما، هذا كله يشق على الناس، فالشق على الناس بابه واسع جداً.
المال العام مكانته عظيمة جداً
من الأمور المهمة جداً فيمن ولِّي أمر الناس أن ننتبه إلى أن المال العام مكانته عظيمة جداً، بعض الناس يخاف من الأكل من المال الخاص، يقول لك: أنا والله لم أسرق بحياتي قرشاً من إنسان، لكنه بالمال العام يستهتر بطريقة عجائبية، يقول لك: هذا مال الدولة، الله أكبر ! هذا المال حق الناس فيه أكبر، ذاك المال فيه حق عند إنسان الذي هو صاحب المال الخاص، أما عندما تأكل من المال العام دون حساب، ولا تنتبه إلى الأموال العامة، فأنت بذلك تأكل من أموال الناس جميعاً، خصمك ليس واحداً، وإنما الأمة كلها خصمك أمام الله يوم القيامة.
فسيدنا يوسف عليه السلام لما وضع في هذا الموضع، وجاء أخوته من بعيد إليه أعطاهم حمل بعير، أي كان هناك شيء مخصص، قال:

وَلَمَّا جَهَّزَهُمْ بِجَهَازِهِمْ قَالَ ائْتُونِي بِأَخٍ لَكُمْ مِنْ أَبِيكُمْ أَلَا تَرَوْنَ أَنِّي أُوفِي الْكَيْلَ وَأَنَا خَيْرُ الْمُنْزِلِينَ (59)
[ سورة يوسف]

ربما كان هناك دفاتر عائلة، لا يستبعد ذلك لكل عصر طريقته بالتوثيق، كان يوثّق، أنت إذا جئت بعد شهر تأخذ الحصة الثانية، وهكذا حفظ أموال الناس، رغم أن يوسف عليه السلام وضع في بيئة كانت صعبة جداً، كهنة المعبد يعادونه، ويحاولون إفساد أمره أمام الملك، والناس كثير منهم شاردون، فلا يوجد إنسان اليوم يقول: أنا بوضع صعب، اليوم بعض الناس تقول له: اتقِ الله في الأمة، اتقِ الله في نفسك، ارفق بالناس، يقول لك: يا أخي الوضع صعب على الجميع، الوضع صعب، لكن سيدنا يوسف كان الوضع صعباً عليه أكثر منك بملايين المرات، لأن الناس شاردون عن الله، وكان هناك شرك، وكهنة المعبد، ومئة إنسان كانوا يريدون إفشاله قبل أن يكون من يريد نجاحه، ومع ذلك حافظ على مال الأمة، ورفق بالناس، وأوصل المؤن إلى مستحقيها، وأعطى كل ذي حق حقه، حتى أوصل الأمة كلها إلى بر الأمان.

الدكتور مراد:
نستطيع أن نقول: الوظيفة العامة أنت خادم للناس، أنت مستأمن على هذا المال، تتقي الله عز وجل، حتى أن الصالحين كانوا يتداولون المال الحلال، أنا دائماً أقول لموظفي: انتبهوا، والله العظيم إذا قدمت الله عز وجل يحافظ على أملاكك، الصالحون كانوا يتداولون المال الحلال، تتداول المال الحلال أي أنك تؤدي عملك بأكمل وجه، بنجاح، تبرئ الذمة، كان كثير منهم يقولون: المسؤول الفلاني كان لا يأخذ مني الكلام، يا أخي أبرئ له الذمة، واكتب له، واكتب مخططك، كما أشار الدكتور عبد الفتاح قبل قليل، قدم سيدنا يوسف الخطة كاملة، ونظر الأجر من الله عز وجل، وكل إنسان يخلص ويقدم الله عز وجل، الله عز وجل يخرجه من المآزق.
دكتورنا العزيز؛ أردت أن تشير إلى تجربة، أعطنا هذه التجربة.

درسان مفيدان لكل البشر:
الدكتور عبد الفتاح السمان:
الآن يوجد عندنا درسان، الدرس الأول: من بيل غيتس، والدرس الثاني: من ملأ الملك هم أيضاً علمونا درساً، ولذلك أشار إليه القرآن.
أما بيل غيتس فلي صديق، أراد أن يعمل بشركة مايكرو سوفت، فذكر لي: حضر أوراقه، وسافر، وأخذ فيزا، المهم بعد عناء شديد أخذ موعداً للمقابلة، ذهب ومعه ثلة من الأوراق، والخبرات، والشهادات، عندما صار موعد المقابلة أدخل معه أشياءه، قالوا له: ادخل إلى هذه الغرفة الزجاجية، يوجد كرسي اجلس عليه، والآن يأتي بيل غيتس، قال لهم: آخذ معي أوراقي وسيرتي الذاتية؟ قالوا له: لا، الشاهد الآن، لا سيرة ذاتية، ولا أوراق، ولا شيء، فلما دخل جلس بغرفة فارغة، لا يوجد فيها أحد، على الموعد تماماً فتح الباب بيل غيتس ينظر إليه، ويقول له: ماذا يمكن أن تقدم لمايكرو سوفت؟ أغلق الباب وخرج، قال لي: لم يسألني عن اسمي، ولا عن أي شيء، ولا حرف، أنت ماذا جئت تقدم لمايكرو سوفت؟ كل ظنه هو أن جئت أنتم كم تعطوني؟ ما المميزات؟ أنا أعمل بشركة عملاقة، كم الراتب؟ أين مكتبي؟ الآن الكلام كان معاكساً كلياً، أنت ماذا جئت لتعطينا؟ خرج لعنده وقال له: ما معنى هذا الكلام؟ قال له: يوم يكون عندك إضافة لمايكرو سوفت تعال لعندنا، بعد ستة أشهر جاء وأضاف على برامجهم ما ينفعهم، قالوا له: تفضل وأعطوه راتباً خرافياً.
إذاً الآن ما المطلوب؟ أنت تريد أن تقدم شيئاً عالياً جداً لنفع الناس، إما أرباح أكثر أو خسائر أقل.
الدرس الثاني: من الملك نفسه، القرآن عندما يأتينا بأي لفظ، وأستاذنا يعرف لا يوجد لفظة بالقرآن عبث، الملك عندما يقول لهم:

وَقَالَ الْمَلِكُ إِنِّي أَرَى سَبْعَ بَقَرَاتٍ سِمَانٍ يَأْكُلُهُنَّ سَبْعٌ عِجَافٌ وَسَبْعَ سُنْبُلَاتٍ خُضْرٍ وَأُخَرَ يَابِسَاتٍ يَا أَيُّهَا الْمَلَأُ أَفْتُونِي فِي رُؤْيَايَ إِنْ كُنْتُمْ لِلرُّؤْيَا تَعْبُرُونَ (43)
[ سورة يوسف]

ماذا كان جوابهم هم؟ قالوا:

قَالُوا أَضْغَاثُ أَحْلَامٍ وَمَا نَحْنُ بِتَأْوِيلِ الْأَحْلَامِ بِعَالِمِينَ (44)
[ سورة يوسف]

الآن الدرس من هذه الكلمات أنت إذا عُرض عليك عمل، والراتب كان عالياً، تقول: أنا لا أصلح؟
المبادرة باستمرار بفعل الخير
مرة أنا عملت محاضرة بعنوان: "عجائبيات الاعترافات المالية"، يوجد ثلاث كلمات من عجائب الاعترافات المالية، لا أصلح هو أصلح، لا أعلم هو أعلم، لا أستحق هو أحق، هذه نستطيع أن نفعلها؟ الملك يقول لهم: أعطوني رأياً، لكن للأسف اليوم أحياناً بطانة السوء فوراً يجاوبون، قل: أنا لا أعرف، من يعرف؟ يوجد سجين، درس هائل جداً، سجين مظلوم يعرف، إذا أردت أسأله لك، كيف هذا؟! فرصة أمامك، وجالس أمام الملك اخترع أي كلام، قل أي كلام، خذ المكافأة، لا، القرآن علمنا، نحن لا نعلم بتأويل الأحلام، من يعلم؟ الذي جالس وهو يسمع قال له: أنا أعرف شخصاً عمل معي معروفاً، وأوّل لي رؤيا وكانت صحيحة، إذاً ما هو المطلوب؟ المطلوب أن تكون مبادراً باستمرار، افعل الخير، ثانياً؛ الدرس المهم جداً، أنت رشح من هو أصلح، أنت الفرصة لم تأتك، عملت مقابلة قالوا: لا والله نحن طلبنا إنساناً خبيراً بكذا، نحن عندنا مشكلة بكذا، الأصل بالمقابلات أن تسأل ما هي مشاكلهم، وتأتي لهم بالحلول، وليس ماذا تريدون أعمل لكم، أنت قل لهم: عندكم ضعف بالمبيعات هنا، ضعف بالمستشفى في هذا الموضوع، الإدارة فيها ضعف بهذا الموضوع، أنا جئت أعطيكم حلاً، جئت لأحقق لكم أرباحاً أكبر وخسائر أقل، لكن الأهم أنت سمعت، وقالوا لك: هذا العمل، أنا أعرف الدكتور بلال أحسن مني بهذا الموضوع، والله يا جماعة أنا لا أصلح الدكتور أصلح، أمر قيادي، والله أنا لا أصلح فلان أصلح.

لفتة صغيرة في موضوع الترقي:
لفتة صغيرة: إذا أردنا أن نعمل حساباً لموضوع الترقي، ذكرْتَ كلمة جميلة أنني أريد أن أعمل لله، الآن اختبار سريع، متى تعرف نفسك أنك أنت:

وَلَقَدْ هَمَّتْ بِهِ وَهَمَّ بِهَا لَوْلَا أَنْ رَأَى بُرْهَانَ رَبِّهِ كَذَلِكَ لِنَصْرِفَ عَنْهُ السُّوءَ وَالْفَحْشَاءَ إِنَّهُ مِنْ عِبَادِنَا الْمُخْلَصِينَ (24)
[ سورة يوسف]

الوصول لمرحلة أن تكون من المخلصين
كيف سيدنا يوسف والأنبياء كلهم كانوا مُخلصين؟ كيف تريد أن تصل لمرحلة ليس الإخلاص إنما أن تكون من المُخلصين؟ الآن إذا استطعت أن تقول: أنا لا أصلح هو أصلح، هذه مرتبة جيدة، لكن الأعلى منها، أن تقول: لا أصلح هو أصلح، والطرف الثاني منافس، أنا بدائرة، ويوجد شخص ينافسني بنفس المرتبة، وهناك سفرة، لكن أخي والله هو لغته أحسن، ولباقته أحسن، ويعمل إنتاجية أكثر، أقول: أنا لا أصلح هو يصلح، هذا منافس لك؟ لكن هو أصلح للصالح العام، مثلما قال لك: هذا مال عام.
شيء ثالث أعلى أن تقول: لا أصلح، هو أصلح، وهو عدوك، وهو أساء إليك، مثل أبي سفيان هذا حتى من أخلاق الجاهلية الراقية، أبو سفيان لما خطب النبي عليه الصلاة والسلام ابنته حبيبة، ماذا قال؟ - عدوه - قال: إذا هذا الشيء فيه شهادة أنا لا أبيع ضميري: هو الفحل لا يقدع أنفه، بالمثال ننافس للصالح العام سيدنا موسى الله يكلمه، ويقول له:

اذْهَبْ إِلَى فِرْعَوْنَ إِنَّهُ طَغَى (24)
[ سورة طه]

قال له:

وَاجْعَلْ لِي وَزِيراً مِنْ أَهْلِي (29) هَارُونَ أَخِي (30)
[ سورة طه]

هو أفصح مني لساناً، الله يقول لك: افعل هذا، لكن أنا لصالح الدعوة يوجد شخص يساعدني في هذا الموضوع أكثر.
لذلك درس من الجو الذي كان فيه سيدنا يوسف مع هذا الملك، أن هؤلاء أيضاً هيؤوا الفرصة لوصول سيدنا يوسف، عندما تكون البطانة صالحة ترشح الأكفأ، وهذا درس لكل من يكون مستشاراً، لكل من يكون بطانة صالحة، أنت لا تصلح لو فقدت عملك، لو فقدت جزءاً من راتبك، وذاك سيأخذ أكثر، إذا كان غرضك الصالح العام يجب أن ترشح من هو أفضل منك.

الدكتور مراد:
نسأل الله أن يولينا الصالح دائماً.

الدكتور عبد الفتاح السمان:
آمين، آمين.

خاتمة وتوديع:
الدكتور مراد:
والله دائماً نقول: إن القائد الناجح الذي يرى بعينيه لا يسمع بأذنيه، وسيدنا يوسف تمكّن، وأصبح له في كل مكان موقع، والقائد الناجح الذي لا يعرفه كرسيه، يتجول حتى يأخذ المعلومة ويضع الحلول.
دكتور بلال نور الدين، نشكرك جزاك الله عنا كل خير، دكتور عبد الفتاح السمان جزاك الله عنا كل خير.

الدكتور عبد الفتاح السمان:
كل الشكر لك سيدي.

الدكتور مراد:
وإياكم إن شاء الله، ولنا لقاءات قادمة بإذن الله عز وجل.

ماذا علمني يوسف عليه السلام؟
مع فقرتنا الأخيرة: علمني يوسف عليه السلام.
تعلمت؛ أن المدارس والجامعات والكتب ليست إلا أسباباً، وأن المعلم الحق هو الله:

وَقَالَ الَّذِي اشْتَرَاهُ مِنْ مِصْرَ لِامْرَأَتِهِ أَكْرِمِي مَثْوَاهُ عَسَى أَنْ يَنْفَعَنَا أَوْ نَتَّخِذَهُ وَلَداً وَكَذَلِكَ مَكَّنَّا لِيُوسُفَ فِي الْأَرْضِ وَلِنُعَلِّمَهُ مِنْ تَأْوِيلِ الْأَحَادِيثِ وَاللَّهُ غَالِبٌ عَلَى أَمْرِهِ وَلَكِنَّ أَكْثَرَ النَّاسِ لَا يَعْلَمُونَ (21)
[ سورة يوسف]

وَلَمَّا بَلَغَ أَشُدَّهُ آتَيْنَاهُ حُكْماً وَعِلْماً وَكَذَلِكَ نَجْزِي الْمُحْسِنِينَ (22)
[ سورة يوسف]

وأن الله يهدي العلم على قدر التقوى.

يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِذَا تَدَايَنْتُمْ بِدَيْنٍ إِلَى أَجَلٍ مُسَمًّى فَاكْتُبُوهُ وَلْيَكْتُبْ بَيْنَكُمْ كَاتِبٌ بِالْعَدْلِ وَلَا يَأْبَ كَاتِبٌ أَنْ يَكْتُبَ كَمَا عَلَّمَهُ اللَّهُ فَلْيَكْتُبْ وَلْيُمْلِلِ الَّذِي عَلَيْهِ الْحَقُّ وَلْيَتَّقِ اللَّهَ رَبَّهُ وَلَا يَبْخَسْ مِنْهُ شَيْئاً فَإِنْ كَانَ الَّذِي عَلَيْهِ الْحَقُّ سَفِيهاً أَوْ ضَعِيفاً أَوْ لَا يَسْتَطِيعُ أَنْ يُمِلَّ هُوَ فَلْيُمْلِلْ وَلِيُّهُ بِالْعَدْلِ وَاسْتَشْهِدُوا شَهِيدَيْنِ مِنْ رِجَالِكُمْ فَإِنْ لَمْ يَكُونَا رَجُلَيْنِ فَرَجُلٌ وَامْرَأَتَانِ مِمَّنْ تَرْضَوْنَ مِنَ الشُّهَدَاءِ أَنْ تَضِلَّ إِحْدَاهُمَا فَتُذَكِّرَ إِحْدَاهُمَا الْأُخْرَى وَلَا يَأْبَ الشُّهَدَاءُ إِذَا مَا دُعُوا وَلَا تَسْأَمُوا أَنْ تَكْتُبُوهُ صَغِيراً أَوْ كَبِيراً إِلَى أَجَلِهِ ذَلِكُمْ أَقْسَطُ عِنْدَ اللَّهِ وَأَقْوَمُ لِلشَّهَادَةِ وَأَدْنَى أَلَّا تَرْتَابُوا إِلَّا أَنْ تَكُونَ تِجَارَةً حَاضِرَةً تُدِيرُونَهَا بَيْنَكُمْ فَلَيْسَ عَلَيْكُمْ جُنَاحٌ أَلَّا تَكْتُبُوهَا وَأَشْهِدُوا إِذَا تَبَايَعْتُمْ وَلَا يُضَارَّ كَاتِبٌ وَلَا شَهِيدٌ وَإِنْ تَفْعَلُوا فَإِنَّهُ فُسُوقٌ بِكُمْ وَاتَّقُوا اللَّهَ وَيُعَلِّمُكُمُ اللَّهُ وَاللَّهُ بِكُلِّ شَيْءٍ عَلِيمٌ (282)
[ سورة البقرة]

وأن المسألة لم تكن يوماً مسألة عقول بل مسألة قلوب.
تعلمت أن الفساد يكون غالباً من سوء الإدارة، لا من قلة الموارد، وإنك حينما نجوت بأهل مصر من القحط لم تأت لهم بموارد جديدة، وإنما بعقلية إدارية جديدة للموارد القديمة.
تعلمت أن أخطط وأدبر وألا يصل الناس إلى حاجاتهم إلا بالتخطيط والتدبير، القحط كان له خطة وتدبير، وإبقاء أخيك عندك كان له خطة وتدبير.
تعلمت أن المناصب تكليف لا تشريف، وما طلبت خزائن الأرض لتملكها وإنما لتوزعها، ولو علمت أقدر منك على هذا ما طلبتها.
أسأل الله تعالى أن يولينا دائماً الصالح، نلقاكم بإذن الله الأسبوع القادم في برنامجكم رحلة الصديق.
والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته