كيف نستثمر هذه الأيام المباركات في تربية أبنائنا؟

  • الحلقة 24
  • 2021-05-09
  • مركز رحمة

كيف نستثمر هذه الأيام المباركات في تربية أبنائنا؟


مقدمة:
المذيع:
بسم الله الرحمن الرحيم، الحمد لله رب العالمين، وأفضل الصلاة وأتم التسليم على سيدنا محمد وعلى آله وصحبه وسلم.
الأخوة والأخوات، المستمعون والمشاهدون والمتابعون ؛ حياكم الله في حلقةٍ جديدة من برنامج: "رمضان أجرٌ وإحسان"، الذي تقوم على رعايته مؤسسة رحمة حول العالم، يسرنا ويسعدنا ويشرفنا أن نستضيف في هذه الحلقة فضيلة الشيخ الدكتور بلال نور الدين من علماء دمشق، حياكم الله فضيلة الدكتور الشيخ بلال.

الدكتور بلال:
حياكم الله دكتور شادي، بارك الله بكم، وأعلى قدركم، ونفع بكم.

المذيع:
أحسن الله إليكم سيدي ؛ أولادنا هم مستقبلنا، كيف يستطيع البيت المسلم أن يستثمر استثماراً أبدياً في أولاده، ونحن نعلم أن مهمة الآباء أن يقوموا على حاجات أبنائهم ورعاية أولادهم، لكن كيف يستطيع البيت المسلم أن يستثمر هذه الأوقات المباركات في شهر رمضان في تربية الأولاد؟

كيفية ربط الأولاد بشهر رمضان المبارك:
الدكتور بلال:
أولادنا هم المستقبل
جزاكم الله خيراً ؛ كما تفضلتم أولادنا هم المستقبل، وهم الورقة الرابحة التي ربما بقيت وحيدة في أيدينا في هذه الأزمات الصعبة التي نمر بها، فإن أحسنا الاستثمار في الأولاد من أجل أن يكونوا صالحين مصلحين في مستقبل الأيام، فنحن في حقيقة الأمر نعتني بأمتنا، ونعتني بمستقبلنا، ونعتني بأنفسنا، لأن أولادنا استمرار لنا إلى يوم القيامة.
فشهر رمضان أخي الحبيب يأتي حاملاً معه الفرح، وهذا لا يخفى على بيت مسلم، لأن فيه شيئاً من روحانيات عظيمة يجعلها الله تعالى فيه، فالله تعالى له خواص في الأزمنة والأمكنة والأشخاص، فمن خواص الله تعالى في الزمن أنه يوم خلق الشهور والأيام اصطفى منها شهراً، وأنزل فيه القرآن، وجعل فيه فريضةً عظيمةً هي فريضة الصيام، وجعل أيضاً من الليالي ليلةً هي:

لَيْلَةُ الْقَدْرِ خَيْرٌ مِنْ أَلْفِ شَهْرٍ (3)
[ سورة القدر ]

فالله اصطفى من الأزمنة أزمنةً محددة لها نفحات، لا تخفى على إنسان، هذه النفحات تأتي فتشمل الكبير والصغير، ولعل الصغير أحياناً يكون أكثر فرحةً برمضان عندما يجد فيه من تغير في الروتين، والاستيقاظ للسحور بما فيه من متعة عند الأطفال، وكذلك الفطور مساء، وما يليه من جلسة سمر مع العائلة، فالطفل يشعر بهذا الشعور، ينبغي أن نستثمر ذلك عند أولادنا، بأن نربط هذا الشهر بالله تعالى.
كيف نفعل ذلك؟ هناك آليات عديدة بحسب أعمارهم، يمكن من خلالها أن نربط هذا الشهر الكريم بالله تعالى مباشرةً، من الأمور المهمة جداً في رمضان، إذا كانت بعض البيوت اليوم ليس فيها صلاة تراويح في المسجد ككل عام أو فيها لكن يحب الأب أن يجمع أولاده مثلاً، أو في حالة أخرى يأخذهم معه إلى المسجد، هنا يربيهم على المساجد، يربيهم على الطاعات الجماعية في البيت، يقف إماماً بهم، وخلفه زوجته وأولاده، صلاة الفجر أيضاً تكون جماعةً في البيت، أو تكون جماعةً في المسجد مع الأولاد الذكور، والأم تؤم بناتها في البيت مثلاً، عدة خيارات بحسب الوضع الموجود، هذا مهم جداً في أن يربط الطفل بأن رمضان هو شهر عبادة، وليس شهر عادات، يقرأ معهم كل يوم جزءاً من كتاب الله تعالى، يقرأ معهم آيات ويتدبرها معهم، يجعل بيته قبلة.

وَأَوْحَيْنَا إِلَى مُوسَى وَأَخِيهِ أَنْ تَبَوَّآ لِقَوْمِكُمَا بِمِصْرَ بُيُوتاً وَاجْعَلُوا بُيُوتَكُمْ قِبْلَةً وَأَقِيمُوا الصَّلَاةَ وَبَشِّرِ الْمُؤْمِنِينَ (87)
[ سورة يونس ]

يمكن أن يجعل مكاناً خاصاً للصلاة في البيت يعده لرمضان، هذا المكان من أجل الصلاة، ونجلس فيه جلسة القرآن الكريم، كل واحد يقرأ صفحة ويعلق الأب على بعض الآيات.

المذيع:
هذه الصورة الجميلة شيخ بلال؛ هذه الصورة الجميلة جداً التي ترسمها للبيت المسلم، عندما يصلي الأب والأم مع أولادهم، ويتوجهون إلى الله تبارك وتعالى، ويستقبلون القبلة، حقيقةً هي صورة جميلة، لكن واقعنا اليوم، نحن نريد أن نخاطب الأسر في واقعها، وفي همومها، وتشهد الكثير من البيوت صورة مختلفة تماماً عن هذه التي نرسمها في مخيلتنا، أو نتمناها أن تكون حاضرةً في واقعنا، عندما نرى الأب على هاتفه، والأم على هاتفها، والأولاد على ألعابهم، ويأتي هذا الشهر ويذهب، ولم يستثمر هؤلاء الناس، أو عندما نرى الأم تخاف على ابنها الصغير وهو ابن ثماني أو تسع سنوات تقول: إنه لا يزال صغيراً، لا أريد أن يجوع، أخاف على صحته، ونحن نوجه هذا البرنامج للأسر التي تعيش في بلاد الغرب، ونشاهد الكثير من هذه النماذج، وهذه الأشياء، كيف نستطيع أن نوجه رسالة في الصميم لأن يستثمروا حقيقةً أوقات رمضان في تربية أبنائهم؟

استثمار أوقات رمضان في تربية الأبناء:
الدكتور بلال:
نعم أخي دكتور شادي كما تفضلت الواقع شيء، والمأمول شيء آخر، وبطولة الأب والأم لا أن ينزلوا إلى الأولاد، وإنما أن يرفعوا الأولاد إلى مستوى الإسلام، نحن مشكلتنا أن الأبناء يتنازلون شيئاً فشيئاً، ولا يجدون من الآباء والأمهات ملاحظةً ولا توجيهاً.
شهر رمضان أصبح شهر عادة
فبعد حين كل فترة نتنازل عن شيء إلى أن أصبح شهر رمضان شهر عادة، تكون فيه الولائم، وفيه الزيارات العائلية، وفيه الشاشة المفتوحة، وربما فيه فقط إقلاعٌ عن الطعام والشراب، وكما تفضلت يمكن أن يخاف الأب والأم على أبنائهم، رغم أنه ورد في الحديث الصحيح، نحن لا نريد طبعاً أن نشُق على الابن في الصيام، كل عمر له شيء، لكن ورد في الأحاديث الصحيحة أن الأطفال كانوا يلعبون بالعهن أي بالصوف – أي بالألعاب - حتى يصبروهم ليحين وقت الغروب، الطفل يتعود على الصيام إذا كان صحيحاً بعمر جيد، يستطيع الصيام ويقوى عليه، ينبغي أن ندربه على ذلك، وأن نبين له أن هذا له أجرٌ عظيمٌ عند الله، مفهوم الغيب عند الطفل، وما أعده الله تعالى له، لابد من بذل الجهود، أما كما تفضلت إذا كان رب البيت بهاتفه، والأم في زياراتها ومع جيرانها طوال النهار، وتُرك الابن فلا نطمح بعد ذلك، ولا نطمع أن نجد ابناً متفوقاً في الدنيا، ولا في الدين، فيجب أن نخصص من أوقاتنا جزءًا كل يوم في رمضان، هذا فرصة مناسبة جداً اجلس مع عائلتك بعد الإفطار، قبل الإفطار بنصف ساعة، قبل الفجر، على السحور، بعد الفجر اختر وقتاً يناسبك واجلس معهم، قل: يا أبنائي الآن كل واحد يضع الجوال خارج الغرفة، في هذه الغرفة لا يوجد جوالات، ولا أيباد، ولا شاشة، نريد أن نجلس مع بعض، نستذكر قصة، نقص عليهم قصة من كتاب، من قصص الصحابة الكرام، من مقطع من سيرة رسول الله صلى الله عليه وسلم، إذا كنت لا تجد في نفسك الكفاءة لذلك لا عيب في ذلك، هنالك اليوم وسائل ضع هاتفاً واحداً يوجد عليه مقطع لربع ساعة لعالم من العلماء وتناقش مع أبنائك به، لابد أن نستثمر أبناءنا، هؤلاء ورقتنا الرابحة، إذا وقفنا بين يدي الله تعالى يوم القيامة أعمالنا قليلة في هذا الزمن، نسأل الله السلامة، لكن لو جاء كل واحد منا ومعه ابنٌ قد رباه على طاعة الله، وقدمه لخدمة دين الله، قدمه في الطب، في الهندسة، في المحاماة، لا أقول فقط في علوم الشريعة، لكن قدمه في شيء فإنه يكون شفيعاً له بين يدي ربه جل جلاله، لننظر إلى هذا المعنى، ولنحاول دائماً أن نستثمر في هذا الأولاد، وما أروع هذا الشهر ! وما أروع الاستثمار فيه ! لأن الله يبث فيه النفحات وهذا يعيننا على هذا الاستثمار، وتلك التربية.

خاتمة وتوديع:
المذيع:
رحم الله من قال:
ليس اليتيم من انتهى أبواه من همّ الحياة وخلفاه ذليلا إن اليتيم هو الذي تلقى أمـــــــــاً تخلت أو أبــــــــاً مشغولاً
فانشغالنا عن أولادنا في هذا الشهر الكريم، نحن نضيع فرصةً كبيرةً عظيمة نستطيع أن نستغلها، وأن نستثمر في أبنائنا، وكما نهتم لمستقبلهم، ولدراستهم، لابد أن نهتم لدينهم، ولتنمية عقيدتهم.
باسمكم جميعاً أهلنا وأخواننا وأخواتنا نشكر فضيلة الدكتور الشيخ بلال نور الدين من علماء دمشق على هذه الكلمات الطيبات، ونلقاكم في حلقةٍ جديدة من برنامج: "رمضان أجرٌ وإحسان"، دمتم بخيرٍ وعافية.
والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته