• الحلقة 06
  • 2023-03-28

أبراج الكذب

وَعِندَهُ مَفَاتِحُ الْغَيْبِ لَا يَعْلَمُهَا إِلَّا هُوَ ۚ وَيَعْلَمُ مَا فِي الْبَرِّ وَالْبَحْرِ ۚ وَمَا تَسْقُطُ مِن وَرَقَةٍ إِلَّا يَعْلَمُهَا وَلَا حَبَّةٍ فِي ظُلُمَاتِ الْأَرْضِ وَلَا رَطْبٍ وَلَا يَابِسٍ إِلَّا فِي كِتَابٍ مُّبِينٍ(59)
(سورة الأنعام)

طبيعة الحياة الابتلاء
السلام عليكم: قال له: ما برجك؟ أجابه: برج الثور، قال له: ستتلقى اليوم خبراً سعيداً، وسأل الثاني: ما برجك؟ قال له: برج العقرب، قال: ستتلقى اليوم خبراً مزعجاً، والإنسان في حياته يتلقّى كل يوم خبراً يسرّه وآخر يسوءه، تلك هي طبيعة الحياة، الابتلاء.
نزل الأول إلى الحياة فتلقى خبراً يسرّه فقال: صدق من أخبرني بأن برجي يناسبه خبر سعيد اليوم، ونزل التاني إلى الحياة فوجد خبراً يزعجه، فقال: صدق المنجّمون، وفي الحقيقة: في الحالتين المُنجّم كاذب، يقول تعالى:

قُل لَّا يَعْلَمُ مَن فِي السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ الْغَيْبَ إِلَّا اللَّهُ ۚ وَمَا يَشْعُرُونَ أَيَّانَ يُبْعَثُونَ (65)
(سورة النمل)

تقول عائشة رضي الله عنها فيما رواه الإمام مسلم في صحيحه:

{ قالَتْ: ومَن زَعَمَ أنَّه يُخْبِرُ بما يَكونُ في غَدٍ، فقَدْ أعْظَمَ علَى اللهِ الفِرْيَةَ. }

(صحيح مسلم)

مَن أخبر أن محمداً صلى الله عليه وسلم يعلم الغيب فقد أعظم على الله الفرية، لقوله تعالى: ﴿قُل لَّا يَعْلَمُ مَن فِي السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ الْغَيْبَ إِلَّا اللَّهُ﴾.

حكم من يذهب إلى عراف أو كاهن:
صنفان يذهبان إلى العرافين والمنجمين
أما هؤلاء الذين يذهبون إلى العرافين والمنجمين، وأصحاب الأبراج فإنهم آثمون إثماً عظيماً، الصنف الأول: يذهبون للتسلية فيستمعون، يقرؤون في الصحف للتسلية ولا يصدقون، هؤلاء يقول فيهم صلى الله عليه وسلم:

{ مَن أتَى عَرَّافًا فَسَأَلَهُ عن شيءٍ، لَمْ تُقْبَلْ له صَلاةٌ أرْبَعِينَ لَيْلَةً. }

(صحيح مسلم)

وأما الصنف الثاني فيذهبون ويسألون ويصدقون ما قيل لهم، وهؤلاء يقول فيهم صلى الله عليه وسلم:

{ من أتى عرَّافًا أو ساحرًا أو كاهنًا فسألَهُ فصدَّقَهُ بما يقولُ فقد كفرَ بما أنزلَ على محمَّدٍ. }

(صحيح الترغيب)

لأن ما أُنزِل على محمد صلى الله عليه وسلم: ﴿قُل لَّا يَعْلَمُ مَن فِي السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ الْغَيْبَ إِلَّا اللَّهُ﴾ وهذا يصدّق أن هناك مَن يعلم الغيب، فقد كفر بما أُنزِل على محمد.
الأمر جِدُّ خطير، العرافون والكهنة، والمتنبئون والمنجمون لا يجوز الذهاب إليهم، ولا الاستماع إليهم، ولا دعمهم بكلمة، ولا بإعجاب ولا بتعليق ولا بمشاركة، لقائل أن يقول: أوليس الطبيب اليوم يعلم ما في الرحم ذكراً أم أنثى؟ هذا ليس غيباً، هذا شهادة، كان غيباً فأصبح شهادة لمّا استطاع البشر أن يخترعوا جهازاً يكشف ما وراء جدار الرحم، فهو شهادة وليس غيباً، ولقائل آخر أن يقول: أَوَليس ما يُسمّى المتنبئ الجوي يقوم فيُطلِعنا على أحوال الطقس، وكثيراً ما تصدق أقواله؟ وهذا ليس غيباً، ولكن المناظير الحديثة، والأجهزة الحديثة استطاعت أن ترى الأشياء قبل قدومها بساعات أو بأيام، فأخبرتك عن عالم الشهادة، وليس عن عالم الغيب، هذه حقائق، وليست غيباً، أما أن يدّعي إنسان أنه يعلم ما يكون في غدٍ من غير أن ينطلق من عالم الشهادة، فهذا ادّعاء للغيب، أو العلم بالغيب، وهذا لا يعلمه حتى رسول الله صلى الله عليه وسلم،

قُل لَّا أَمْلِكُ لِنَفْسِي نَفْعًا وَلَا ضَرًّا إِلَّا مَا شَاءَ اللَّهُ ۚ وَلَوْ كُنتُ أَعْلَمُ الْغَيْبَ لَاسْتَكْثَرْتُ مِنَ الْخَيْرِ وَمَا مَسَّنِيَ السُّوءُ ۚ إِنْ أَنَا إِلَّا نَذِيرٌ وَبَشِيرٌ لِّقَوْمٍ يُؤْمِنُونَ(188)
(سورة الأعراف)

إلى الملتقى، أستودعكم الله، السلام عليكم ورحمة الله وبركاته.