عرفة مدرسة الدعاء
عرفة مدرسة الدعاء
مقدم اللقاء:
عرفة مدرسة الدعاء، يعني يخرج الإنسام في جرعة روحية، ويخرج في جرعة ثمينة من خلال الاتصال بالله تبارك وتعالى والدعاء في يوم عرفة. |
كثير من السلف الصالح، والتابعين، والعلماء، كانوا يدّخرون حاجاتهم إلى يوم عرفة، فإذا جاء يوم عرفة تضرعوا إلى الله تبارك وتعالى بحاجاتهم، وتوسلوا إليه لقضائها، كيف ترى عرفة؟ كيف ترى فرصة هذه الساعات المباركات؟ أنتم الآن غابت الشمس عندكم، انقضى النهار، لكن نحن مازلنا في منتصف النهار، فلو تزودنا بشيء يعيننا إن شاء الله على اغتنام هذه الساعات المباركة في التضرع من خلال التقرب من الله تبارك تعالى. |
الدكتور: بلال نور الدين:
بسم الله الرحمن الرحيم، الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله، كل عام وأنتم بخير، والمستمعون الكرام، والمتابعون الكرام بألف ألف خير، أعاده الله على الأمة الإسلامية بالخير واليمن والبركات. |
أيها الإخوة الأكارم، أيتها الأخوات الكريمات، أشكر هذه الدعوة الكريمة لمؤسسة رحمة حول العالم، لطلبهم هذا اللقاء، فهو شرف لي أن ألتقي بجمهورهم الكريم، وأكون في خدمتهم وهم يقومون على ثغر عظيم. |
الدعاء هو العبادة:
أيها الكرام عرفة مدرسة كما تفضل الشيخ شادي، عرفة مدرسة في الدعاء، لذلك يقول صلى الله عليه وسلم: |
{ خير الدعاء دعاء يوم عرفة، وخير ما قلت أنا والنبيّون من قبلي: لا إله إلا الله وحده لا شريك له، له الملك، وله الحمد، وهو على كل شيء قدير. }
(رواه الترمذي)
{ الدعاءُ هو العِبادةُ }
(مسند الإمام أحمد)
كما قال صلى الله عليه وسلم. |
وَقَالَ رَبُّكُمُ ادْعُونِي أَسْتَجِبْ لَكُمْ ۚ إِنَّ الَّذِينَ يَسْتَكْبِرُونَ عَنْ عِبَادَتِي سَيَدْخُلُونَ جَهَنَّمَ دَاخِرِينَ(60)(سورة غافر)
الدعاء هو العبادة
|
لو أن ملكاً من ملوك الأرض واعد أهل بلدة من البلاد أن يكونوا جميعاً في مكان واحد، في صعيد واحد، في وقت واحد، حدد لهم يوماً، حدد لهم مكاناً، حدد لهم ساحة من ساحات البلد، وقال من يحضر إلى هذا المكان في الساعة الفلانية ويطلب فأنا أجيبه، بربكم كم إنساناً سيحضر هذا اللقاء؟ أنا أقول لو أن البلد فيها أربعة ملايين فكلهم سيكونون في هذا المكان، ربما ينام بعضهم قبل أيام في هذه الساحة، كلهم يجهزون حاجاتهم، الآن لو سألنا مجيء هذا العبد ملك من ملوك البلاد، ملوك الأرض مجيئه ممكن أم واجب؟ الجواب ممكن، فربما يمرض ولا يأتي، ربما يخبره المسؤولون أن الناحية الأمنية لا تسمح بنزوله فلا ينزل، ربما يموت، فمجيئه جائز وليس واجباً، ثم لو حضر هل يستطيع أن يسمع كل هؤلاء؟ بالتأكيد لا، لو افترضنا أنه سمعهم هل يستطيع أن يجيبهم كلهم؟ لو طلب أحدهم فقال: اشفِ لي ولدي هل يستطيع؟ لو سأله أحدهم أن يدخله الجنة، هل يستطيع أن يقول له نعم لك الجنة؟ فهو ربما يأتي أو لا يأتي، ويسمع أو لا يسمع، ولو سمع فإنه لا يستطيع أن يجيب كل من يسأله، ومع ذلك يتكاثر الناس من أجل سؤاله حاجتهم، ومظلمتهم، وشكواهم، وبثه همومهم. |
لكن ربنا جل جلاله يوم يقول أنا أسمع وأنا أرى وإذا كان الثلث الأخير نزل ربكم إلى السماء الدنيا: |
{ إذا كان ثُلثُ اللَّيلِ الباقي يَهبِطُ اللهُ عزَّ وجلَّ إلى السَّماءِ الدُّنيا، ثُمَّ تُفتَحُ أبْوابُ السَّماءِ، ثُمَّ يبسُطُ يدَه، فيقولُ: هل مِن سائلٍ يُعطى سؤْلَه؟ فلا يزالُ كذلك حتى يطلُعَ الفَجرُ. }
(أخرجه أحمد)
وإذا وقف المسلمون على صعيد عرفات يباهي بهم ملائكته ويقول انظروا عبادي جاؤوني شعثاً غبراً أشهدكم أني قد غفرت لهم، |
{ إذا كان يوم عرفة فإن الله تبارك وتعالى يباهي بهم الملائكة فيقول: انظروا إلى عبادي أتوني شعثا غبرا ضاحين من كل فج عميق أشهدكم أني قد غفرت لهم. }
(أخرجه البيهقي)
فربنا جل جلاله وجوده واجب وليس جائزاً، وسماعه واجب وليس جائزاً، وإجابته واجبة وليست جائزة. |
مقدم اللقاء:
أستاذ كأنك اختزلت كل صفات الإيمان في الدعاء، كأن كل خصائص الإيمان وضعتها في الدعاء. |
الدكتور: بلال نور الدين:
الدعاء يختزل كل خصائص الإيمان:
الإنسان الذي يدعو الله هذه مرتبة
|
مقدم اللقاء:
لماذا قال النبي: خير الدعاء يوم عرفة، لماذا خصص هذا اليوم بهذه الخيرية؟ |
الدكتور: بلال نور الدين:
لله تعالى خواص في الأزمنة والأمكنة والأشخاص:
الله تعالى له خواص بالأزمنة والأمكنة
|
{ لا تُشَدُّ الرِّحَالُ إلَّا إلى ثَلَاثَةِ مَسَاجِدَ: المَسْجِدِ الحَرَامِ، ومَسْجِدِ الرَّسُولِ صَلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ، ومَسْجِدِ الأقْصَى. }
(صحيح البخاري)
ثم اختص منها هذا الموقف وهذا الصعيد موقف عرفات، وعرفة من المعرفة، فعرفة تدل على المعرفة، فمن عرف الله تعالى كان وقوفه في عرفات تجلياً لمعرفته بالله تعالى، وأصل الدين كما يقول ابن القيم رحمه الله أن تعرفه، فإذا عرفته عرفت كل شيء، وإن فاتتك معرفته فقد فاتك كل شيء، فعندما يقف الإنسان على صعيد عرفة، بهذا الموقف، في هذا الزمان الذي اختصه الله، وفي هذا المكان الذي اختصه الله، ثم يكون هو في تجرد كامل من الدنيا، حتى لباسه التي على جسمه يخلعها إرضاء لله، ويترك لباس المخيط والمحيط، ثم يترك العطر، ثم يُسوّي نفسه بأصغر إنسان في العرف الاجتماعي، فيتساوى الجميع في موقف واحد، هنا في هذه اللحظة يتجلى الله تعالى على عباده. |
الرحمة تعم الحاج وغير الحاج:
نحن نصوم عرفة
|
المسلمون ملياران، فأنت تتكلم عن 2% الذين في الحج، و98% ؟ لا، لهم عشر ذو الحجة، ولهم أفضل الدنيا غداً إن شاء الله يوم النحر، ولهم يوم عرفة، ولهم يوم القر، ولهم الذبائح، ولهم الأضاحي. |
• فأنتم أيها الحجاج تذبحون الهَدْي ونحن نذبح الأضحية. • أنتم تقفون في عرفات ونحن نصوم يوم عرفة. • أنتم تقولون: "لبيك اللهم لبيك"، ونحن نقول: "الله أكبر الله أكبر ولله الحمد". |
فيتجاوب الكون كله بالتسبيح، عندها نتعرض لنفحات الله، صحيح في الأصل أن الله اختص هذا المكان، لكن لمّا نحن جعلنا فيه من الخير ماجعلنا حققنا مراد الله تعالى الشرعي فيه، فزاد فضله، وزاد عطاؤه، وزاد خيره. |
مقدم اللقاء:
هناك حديث شيخ بلال: |
{ إن لربكم في أيام دهركم نفحات، فتعرضوا لها، لعله أن يصيبكم نفحة منها فلا تشقون بعدها أبدًا. }
(أخرجه الطبراني بسند ضعيف)
الدكتور: بلال نور الدين:
الحرص على التعرض للنفحات:
الأرض كلها في قبضة الله جل جلاله
|
هَا أَنتُمْ هَٰؤُلَاءِ تُدْعَوْنَ لِتُنفِقُوا فِي سَبِيلِ اللَّهِ فَمِنكُم مَّن يَبْخَلُ ۖ وَمَن يَبْخَلْ فَإِنَّمَا يَبْخَلُ عَن نَّفْسِهِ ۚ وَاللَّهُ الْغَنِيُّ وَأَنتُمُ الْفُقَرَاءُ ۚ وَإِن تَتَوَلَّوْا يَسْتَبْدِلْ قَوْمًا غَيْرَكُمْ ثُمَّ لَا يَكُونُوا أَمْثَالَكُم(38)(سورة محمد)
مقدم اللقاء:
آخر شيء شيخ بلال، استشهاد بحديث النبي عليه الصلاة والسلام: (خير الدعاء دعاء يوم عرفة، وخير ما قلت أنا والنبيّون من قبلي: لا إله إلا الله وحده لا شريك له، له الملك، وله الحمد، وهو على كل شيء قدير) هذا ليس دعاء، هذا ذكر، توحيد، ذكر، ما هو الرابط بأن خير الدعاء دعاء يوم عرفة، وحديث: أفضل ما قلت أنا والنبيون من قبلي؟ |
الدكتور: بلال نور الدين:
أول ما في الدعاء إخلاص الوجهة لله تعالى:
جزاك الله خيراً على هذه اللمحة اللطيفة، يونس في بطن الحوت: |
وَذَا النُّونِ إِذ ذَّهَبَ مُغَاضِبًا فَظَنَّ أَن لَّن نَّقْدِرَ عَلَيْهِ فَنَادَىٰ فِي الظُّلُمَاتِ أَن لَّا إِلَٰهَ إِلَّا أَنتَ سُبْحَانَكَ إِنِّي كُنتُ مِنَ الظَّالِمِينَ (87) فَاسْتَجَبْنَا لَهُ وَنَجَّيْنَاهُ مِنَ الْغَمِّ ۚ وَكَذَٰلِكَ نُنجِي الْمُؤْمِنِينَ (88)(سورة الأنبياء)
إخلاص الوُجهة إلى الله تعالى في الدعاء
|
مقدم اللقاء:
ما شاء الله شيخنا، فتح الله عليك، وجزاك عنا كل خير، وشكر الله لك هذا الوقت الذي أمضيته في تلبية دعوتنا، أسأل الله تبارك وتعالى أن يجمعنا بك على عرفة إن شاء الله، وكل المشاهدين والمستمعين بإذن الله، ولا تنسانا من صالح دعائكم، وتقبل الله دعواتكم وكل عام وأنتم بألف خير إن شاء الله. |
الدكتور: بلال نور الدين:
وأنتم الخير إن شاء الله، حياكم الله، السلام عليكم. |