• الحلقة الثالثة
  • 2022-04-04

الخوف

السلام عليكم.

الخوفُ شعورٌ طبيعيٌّ في الإنسان:
هل شعرتَ بالخوف يوماً؟ الخوفُ شعورٌ طبيعيٌّ في الإنسان، ذلك أن الدنيا فيها مصائب كثيرة، والإنسان ليس الكائن الأقوى في الوجود، فقد تُخيفُه حشرةٌ من الحشرات، لدغَتُها قد تكون قاتلةً، قد يُخيفُه مخلوقٌ من المخلوقات ربما يكون أصغر منه حجماً.
الخوف مُرَكَّب في أصل الإنسان
الخوف مُرَكَّب في أصل الإنسان فكلُّنا يخاف، بل لا أبالغ إذا قلت: إن الخوف يكون في كثير من الأحيان علامة من علامات الإدراك، فالذي يُدرِك يخاف، والذي لا يُدرِك الخطر المُحدِق به قد لا يخاف، والدليل أن طفلاً لم ير في حياته ثعباناً، ربما يراه فيُقبِل عليه ويمسح عليه، بينما يراه شابٌّ ذو عضلاتٍ مفتولة فينتفض ويهرب منه، فما الفرق بين الأمرين؟ هو الإدراك.
كثيراً ما يكون الخوف علامةً على أن الإنسان مُدرِكٌ للخطر الذي يحيط به، فالخوف شعورٌ طبيعي، لكن السؤال الأهم: ما الذي يُخيفك حقاً؟ مم تخاف؟ هناك من يخاف من المخلوقين ولا يخاف من الخالق جلَّ جلاله، يقول التَّابعيُّ الحسن البصري رحمه الله تعالى: (من خاف الله أخاف الله منه كل شيء، ومن خاف الناس أخافه الله من كل شيء).
فالمشرك الذي يُراقِب الناس في أعماله تجده خائفاً من كل المخلوقات ولكنه لا ينتبه إلى الخوف من الخالق، والذي يجعل صِلَته بالله تعالى قويةً ويخاف الله تعالى فإن الله يجعل هيبته في قلوب الخلق جميعاً، وهذا قانون مُشاهَد وواقِع، ويعرفه من ذاق طعمه وذاق نتائجه، القاعدة القرآنية تقول:

إِنَّمَا ذَٰلِكُمُ الشَّيْطَانُ يُخَوِّفُ أَوْلِيَاءَهُ فَلَا تَخَافُوهُمْ وَخَافُونِ إِنْ كُنْتُمْ مُؤْمِنِينَ (175)
[ سورة آل عمران ]


الخوف الأعظم أن تخاف من الله تعالى:
المؤمن لا يخاف إلا الله
المؤمن لا يخاف إلا الله، أمَّا ما يجده من شرورٍ في الدنيا فإنه يخاف منها بقَدَر، لكنه يتجه بخوفه الكُلِّي إلى الله تعالى، خَف الله أولاً من أن تعصِيَه، خَف ذنباً يَحجُبُك عن الله تعالى، خَفْ يوماً تقف فيه بين يدي الله تعالى ولا تخف بعدها من شيء.
كل خوفٍ دون هذا الخوف يسيرٌ هَيِّن، لكن الخوف الأعظم أن تخاف من الله تعالى، فالذي يخشى الله تعالى عالِم، قال تعالى:

وَمِنَ النَّاسِ وَالدَّوَابِّ وَالْأَنْعَامِ مُخْتَلِفٌ أَلْوَانُهُ كَذَٰلِكَ ۗ إِنَّمَا يَخْشَى اللَّهَ مِنْ عِبَادِهِ الْعُلَمَاءُ ۗ إِنَّ اللَّهَ عَزِيزٌ غَفُورٌ (28)
[ سورة فاطر ]

والذي يخاف ذَنْبه فقد عرف مما يخاف، وفي الأثر: (لا يخافَنَّ العَبدُ إلا ذنبه، ولا يَرجُوَنَّ إلا ربَّه ).
ويخاف المرء من يوم سيُسأل فيه بين يدي الله تعالى عن أعماله كلها، وسيُحاسَب فيه عن كل فعلٍ وكل قولٍ قاله أو فعله في الدنيا، هذا ما ينبغي أن نخاف منه، خَف الله، خَفْ ذَنْبَاً يَحجُبُك عن الله، خَفْ يوماً تقف فيه بين يدي الله، ولا تخف بعدها من شيء.
إلى الملتقى أستودعكم الله، والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته.