• الحلقة الخامسة
  • 2022-04-06

الهلع

السلام عليكم.

تعريف الهلع:
هل شَعرتَ بالهَلع يوماً؟ نعم الهَلع، الحقيقة أن الإنسان في أصل خلقَتِه خُلِقَ هَلوعاً، والدليل قوله تعالى:

إِنَّ الْإِنْسَانَ خُلِقَ هَلُوعًا (19)
[ سورة المعارج ]

وإن سألتني: ما هو الهَلَع؟ لقلتُ لك: لقد جاء الجواب في القرآن الكريم، في الآيات التالية:

إِنَّ الْإِنْسَانَ خُلِقَ هَلُوعًا (19) إِذَا مَسَّهُ الشَّرُّ جَزُوعًا (20) وَإِذَا مَسَّهُ الْخَيْرُ مَنُوعًا (21)
[ سورة المعارج ]

الإنسان في أصل خلقَتِه خُلِقَ هَلَوعاً
فالهَلوع هو إنسانٌ إذا جاءه شرٌّ أو مصيبةٌ من المصائب أو شرٌّ من الشرور فإنه يجزَع، لا يصبر، يقلق، يضطرب، أما إذا جاءه الخير، المال، المنصب، الجاه، فإنه يمنَع، بدل أن يُعطِي مما أعطاه الله يُمسِك ما أعطاه الله له، فهذا هو الهَلوع.
والإنسان في أصل خلقَتِه خُلِقَ هَلَوعاً، ولن ينجو من هذا الهَلَع إلا من خلال طريقٍ واحدة، نتابع الآيات:

إِنَّ الْإِنْسَانَ خُلِقَ هَلُوعًا (19) إِذَا مَسَّهُ الشَّرُّ جَزُوعًا (20) وَإِذَا مَسَّهُ الْخَيْرُ مَنُوعًا (21) إِلَّا الْمُصَلِّينَ (22)
[ سورة المعارج ]

النجاة من الهَلع من خلال الصِّلة بالله تعالى
فلن تستطيع أن تنجو من الهَلَع والاضطراب والقلق والجَزَع عند المصيبة، والمَنْع عند العطاء، إلا إذا كنت مُتَّصِلاً بالله تعالى، لأنك إذا اتصلتَ به تصبر عند الشرور، وتعطي عند الخير، ولا يمكن أن تضطرب أو تقلق لأنك مُتَّصلٌ بالله تعالى القوي العظيم، المتين الذي لا يُعجِزه شيءٌ في السماوات ولا في الأرض، فتنجو من الهَلع من خلال الصِّلة بالله تعالى، من هنا جاء في الحديث الصحيح:

{ عن حذيفةَ قالَ:كانَ النَّبيُّ صلَّى اللَّهُ عليْهِ وسلَّمَ إذا حزبَهُ أمرٌ صلَّى }

[ أبو داود ]

فعندما يأتيه أمرٌ يُزعجه يقوم إلى الصلاة فوراً، ليزيد من صِلَتِه بخالقه فيَهون هذا الأمر المزعج في نظره، ويُخَفِّف الله عنه من آثاره.
وفي الصحيحين:

{ عن ابن عباس رضي الله عنهما، أنَّ رَسولَ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ كانَ يقولُ عِنْدَ الكَرْبِ - إذا جاءه كَربٌ أو هَمّ ماذا كان يقول؟ - لا إلَهَ إلَّا اللَّهُ العَظِيمُ الحَلِيمُ، لا إلَهَ إلَّا اللَّهُ رَبُّ العَرْشِ العَظِيمِ، لا إلَهَ إلَّا اللَّهُ رَبُّ السَّمَوَاتِ ورَبُّ الأرْضِ، ورَبُّ العَرْشِ الكَرِيمِ }

[ البخاري ]

إذاً كان صلى الله عليه وسلم يزيد من خلال هذا الدعاء بِصِلَتِه بالخالق العظيم، الحليم، الكريم، الرحيم، من أجل أن يزول عنه الكرب الذي ألَمَّ به أو أَلَمَّ بأُمَّتِه.

الحكمة من خلق الإنسان هلوعاً:
لو سألتني: لماذا خُلِقَ الإنسان هَلَوعاً؟ ألم يكن من الممكن والله على كل شيءٍ قدير أن يَخلقَه غير هلوعٍ في الأصل؟ لو خَلَقَه غير هلوعٍ لمَا كان عنده سَببٌ ليتَّصِل بالله تعالى، فجعل فيه هذه النُّقطة، نُقطة الضعف، ولكنها تتحول إلى قوة عندما يلتجئ إلى مولاه، فلو خُلِقَ الإنسان قوياً لاستغنى بقوته عن خالقه فَشَقِيَ باستغنائه:

كَلَّا إِنَّ الْإِنْسَانَ لَيَطْغَىٰ (6) أَنْ رَآهُ اسْتَغْنَىٰ (7)
[ سورة العلق ]

ولكنه خَلَقَه ضعيفاً هلَوعاً ليفتقر في ضعفه وهَلَعِه فيلتجئ إلى خالقه القوي فيسعَد بافتقاره.
إلى الملتقى أستودعكم الله، والسلام عليكم ورحمة الله و بركاته.