• الحلقة الرابعة عشرة
  • 2022-04-15

الكره

السلام عليكم.

الكره:
هل تشعر بالكُرْه؟ ربما يكره المرء يوماً أو لنقل لا يحب، يكره أو لا يحب، والله تعالى لا يحب الخائنين، ولا الظالمين، ولا المعتدين، ولا المُختالين الفخورين، ولا يحب المُسرفين والمُتَكَبِّرين والمُفسدين.
بل إنه جلَّ جلاله كَرِهَ انبعاث المنافقين إلى المعركة فثبَّطَهُم، قال تعالى:

وَلَوْ أَرَادُوا الْخُرُوجَ لَأَعَدُّوا لَهُ عُدَّةً وَلَٰكِنْ كَرِهَ اللَّهُ انْبِعَاثَهُمْ فَثَبَّطَهُمْ وَقِيلَ اقْعُدُوا مَعَ الْقَاعِدِينَ (46)
[ سورة التوبة ]

الخَصِم يُخاصِم فلا يعود إلى الحق
الله تعالى يُبغِضُ الأَلَدَّ الخَصِم الذي يبتعد عن الحق ويبالغ في الخُصومة، الخَصِم يُخاصِم فلا يعود إلى الحق، ولا يرضى بالصُّلح، يُبغِض الله الأَلَدَّ الخَصم، كما أنه جلَّ جلاله يُبغِض الفاحش البذيء الذي يتكلم الفُحْش، ويظهر على لسانه البذاءة، ويُبغِض جلَّ جلاله البخيل والمَنَّان، كما يُبغِض التاجر الحَلَّاف الذي يُكثر الحِلْف ليبيع بضاعته.
وأنت أخي الحبيب إذا شعرت بالبُغض يوماً فليكن ذلك لله، أبغِض لله كما أنك تُحبُّ لله، ففي الحديث:

{ مَن أحبَّ للَّهِ وأبغضَ للَّهِ، وأعطى للَّهِ ومنعَ للَّهِ فقدِ استَكْملَ الإيمانَ }

[ أبو داود ]

فالبُغْضُ في الله ربع استكمال الإيمان، حبٌّ في الله وبُغضٌ في الله، وإعطاءٌ لله ومنعٌ لله، هذا قد استكمل الإيمان.
لوط عليه السلام خاطب قومه بكل أدب فقال:

قَالَ إِنِّي لِعَمَلِكُمْ مِنَ الْقَالِينَ (168)
[ سورة الشعراء ]

أي من المُبغضين والكارهين، فجعل البُغْض عليه الصلاة والسلام وعلى نبينا أفضل الصلاة والسلام جعله مُنصَبَّاً على أعمالهم لا عليهم، لعلهم يعودون إلى ربهم يوماً فلا يبقى لهم منه إلا الحب في الله.
إن المؤمن يُبغِض المُنافق لنفاقه، ويُبغِض الكافر لكفره، ويُبغِض المعتدي لعداوته، لكنه لا يُبغِضُه لشخصه، فالمؤمن لا يُبغِضُ إنساناً لذاته وإنما لعملٍ من أعماله.

الولاء والبراء:
الولاء والبراء هي الفريضة السادسة
الحب في الله والبُغض في الله جزءٌ من إيماننا وهي عقيدة الولاء والبراء التي هي الفريضة السادسة من فرائض الدين كما يقول أهل العلم، بما أن المؤمن يوالي أولياء الله تعالى ويُبغِض أعداءه المعتدين الظالمين الذين يستبيحون الحُرُمات، والذين لا يعطون حقوق الله ولا حقوق العباد، لكن يُبغِضُهم في الله، فإن عادوا عن غَيِّهم وإفسادهم وظُلمِهم فهم إخوانه في الدين، فالمؤمن لا يحمل بُغْضَاً في قلبه لإنسانٍ لذاته، بل يحمل البُغض لاعتداءٍ، لطُغيانٍ، لإفسادٍ، لظلمٍ، فهو يحبُّ في الله ويُبغِض في الله.
أما المنحرف والبعيد عن الله فليس عنده عقيدة الولاء والبراء، فهو يوالي من تكون مصلحته معه، ويتبرأ ممن لا يجد مصلحةً معه، فكل الناس يُوالون ويتَبَرَّؤون، كل الناس في الأرض يُوالون أشخاصاً ويتَبَرَّؤون من آخرين، لكن المؤمن وحده استطاع أن يضع قانوناً رائعاً وشاملاً وجامعاً ومانعاً للولاء والبراء، فكل ما اتصل بالله تعالى يواليه، وكل من عادى الله تعالى وأولياءه يُعاديه، فهو يحبُّ في الله ويُبغِض في الله، وهذا عين الإيمان.
إلى الملتقى أستودعكم الله، والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته.