• الحلقة الثامنة والعشرون
  • 2022-04-29
  • برنامج في ثنايا القرآن
  • قناة يمن شباب

اسال عن الله

السلام عليكم ورحمة الله وبركاته؛ الحمدُ لله رب العالمين، والصلاة والسلام على نبينا الأمين، وعلى آله وأصحابه الطيبين الطاهرين، أُمناء دعوته، وقادة ألويته، وارض عنا وعنهم يا رب العالمين.


علاقة الآية التالية بآيات الصيام علاقة وثيقة:
أيُها الإخوة الكرام؛ أيتها الأخوات الكريمات؛ في ثنايا آيات الصيام هناك آيةٌ يتوهم القارئ للوهلة الأولى أنَّ الآية لا علاقة لها بالصيام فكيف أُدرجت بين آيات الصيام؟! يقول تعالى:

وَإِذَا سَأَلَكَ عِبَادِي عَنِّي فَإِنِّي قَرِيبٌ أُجِيبُ دَعْوَةَ الدَّاعِ إِذَا دَعَانِ فَلْيَسْتَجِيبُوا لِي وَلْيُؤْمِنُوا بِي لَعَلَّهُمْ يَرْشُدُونَ (186)
[ سورة البقرة]

ما قبل الآية:

شَهْرُ رَمَضَانَ الَّذِي أُنزِلَ فِيهِ الْقُرْآنُ هُدًى لِّلنَّاسِ وَبَيِّنَاتٍ مِّنَ الْهُدَىٰ وَالْفُرْقَانِ فَمَن شَهِدَ مِنكُمُ الشَّهْرَ فَلْيَصُمْهُ وَمَن كَانَ مَرِيضًا أَوْ عَلَىٰ سَفَرٍ فَعِدَّةٌ مِّنْ أَيَّامٍ أُخَرَ يُرِيدُ اللَّهُ بِكُمُ الْيُسْرَ وَلَا يُرِيدُ بِكُمُ الْعُسْرَ وَلِتُكْمِلُوا الْعِدَّةَ وَلِتُكَبِّرُوا اللَّهَ عَلَىٰ مَا هَدَاكُمْ وَلَعَلَّكُمْ تَشْكُرُونَ (185)
[ سورة البقرة]

نُكمل عدة رمضان تسعة وعشرين يوماً أو ثلاثين يوماً، وفي صبيحة يوم الفطر نُكبِّر الله تعالى على ما هدانا إليه في رمضان من القُرب والأُنس به جلَّ جلاله، ومن الإحسان لعباده:

شَهْرُ رَمَضَانَ الَّذِي أُنزِلَ فِيهِ الْقُرْآنُ هُدًى لِّلنَّاسِ وَبَيِّنَاتٍ مِّنَ الْهُدَىٰ وَالْفُرْقَانِ فَمَن شَهِدَ مِنكُمُ الشَّهْرَ فَلْيَصُمْهُ وَمَن كَانَ مَرِيضًا أَوْ عَلَىٰ سَفَرٍ فَعِدَّةٌ مِّنْ أَيَّامٍ أُخَرَ يُرِيدُ اللَّهُ بِكُمُ الْيُسْرَ وَلَا يُرِيدُ بِكُمُ الْعُسْرَ وَلِتُكْمِلُوا الْعِدَّةَ وَلِتُكَبِّرُوا اللَّهَ عَلَىٰ مَا هَدَاكُمْ وَلَعَلَّكُمْ تَشْكُرُونَ (185)
[ سورة البقرة]

لعلنا نصل إلى مقام الشكر لله تعالى.

السؤال مفتاح العلم:
ثم يأتي قوله تعالى وإذا سألك عبادي عني، الآية التي تليها:

أُحِلَّ لَكُمْ لَيْلَةَ الصِّيَامِ الرَّفَثُ إِلَىٰ نِسَائِكُمْ هُنَّ لِبَاسٌ لَّكُمْ وَأَنتُمْ لِبَاسٌ لَّهُنَّ عَلِمَ اللَّهُ أَنَّكُمْ كُنتُمْ تَخْتَانُونَ أَنفُسَكُمْ فَتَابَ عَلَيْكُمْ وَعَفَا عَنكُمْ فَالْآنَ بَاشِرُوهُنَّ وَابْتَغُوا مَا كَتَبَ اللَّهُ لَكُمْ وَكُلُوا وَاشْرَبُوا حَتَّىٰ يَتَبَيَّنَ لَكُمُ الْخَيْطُ الْأَبْيَضُ مِنَ الْخَيْطِ الْأَسْوَدِ مِنَ الْفَجْرِ ثُمَّ أَتِمُّوا الصِّيَامَ إِلَى اللَّيْلِ وَلَا تُبَاشِرُوهُنَّ وَأَنتُمْ عَاكِفُونَ فِي الْمَسَاجِدِ تِلْكَ حُدُودُ اللَّهِ فَلَا تَقْرَبُوهَا كَذَٰلِكَ يُبَيِّنُ اللَّهُ آيَاتِهِ لِلنَّاسِ لَعَلَّهُمْ يَتَّقُونَ(187)
[ سورة البقرة]

تتابع الحديث عن أحكامٍ خاصةٍ بالصيام فما علاقة هذه الآية بالصيام؟
كل الناس يسألون ولو أنَّ الإنسان لم يسأل فإنه لن يتعلّم، والله تعالى أثبت الحاجة إلى السؤال في كتابه في آياتٍ عدة؛ يقول تعالى:

يَسْأَلُونَكَ عَنِ الشَّهْرِ الْحَرَامِ قِتَالٍ فِيهِ قُلْ قِتَالٌ فِيهِ كَبِيرٌ وَصَدٌّ عَن سَبِيلِ اللَّهِ وَكُفْرٌ بِهِ وَالْمَسْجِدِ الْحَرَامِ وَإِخْرَاجُ أَهْلِهِ مِنْهُ أَكْبَرُ عِندَ اللَّهِ وَالْفِتْنَةُ أَكْبَرُ مِنَ الْقَتْلِ وَلَا يَزَالُونَ يُقَاتِلُونَكُمْ حَتَّىٰ يَرُدُّوكُمْ عَن دِينِكُمْ إِنِ اسْتَطَاعُوا وَمَن يَرْتَدِدْ مِنكُمْ عَن دِينِهِ فَيَمُتْ وَهُوَ كَافِرٌ فَأُولَٰئِكَ حَبِطَتْ أَعْمَالُهُمْ فِي الدُّنْيَا وَالْآخِرَةِ وَأُولَٰئِكَ أَصْحَابُ النَّارِ هُمْ فِيهَا خَالِدُونَ (217)
[ سورة البقرة]

يَسْأَلُونَكَ عَنِ الْأَهِلَّةِ قُلْ هِيَ مَوَاقِيتُ لِلنَّاسِ وَالْحَجِّ وَلَيْسَ الْبِرُّ بِأَن تَأْتُوا الْبُيُوتَ مِن ظُهُورِهَا وَلَٰكِنَّ الْبِرَّ مَنِ اتَّقَىٰ وَأْتُوا الْبُيُوتَ مِنْ أَبْوَابِهَا وَاتَّقُوا اللَّهَ لَعَلَّكُمْ تُفْلِحُونَ (189)
[ سورة البقرة]

وَيَسْأَلُونَكَ عَنِ الْمَحِيضِ قُلْ هُوَ أَذًى فَاعْتَزِلُوا النِّسَاءَ فِي الْمَحِيضِ وَلَا تَقْرَبُوهُنَّ حَتَّىٰ يَطْهُرْنَ فَإِذَا تَطَهَّرْنَ فَأْتُوهُنَّ مِنْ حَيْثُ أَمَرَكُمُ اللَّهُ إِنَّ اللَّهَ يُحِبُّ التَّوَّابِينَ وَيُحِبُّ الْمُتَطَهِّرِينَ (222)
[ سورة البقرة]

الاستفتاء والسؤال حاجةٌ في الإنسان
الاستفتاء والسؤال حاجةٌ في الإنسان من أجل أن يتعلم، وأن يسبر أغوار الكون، وأن يصل إلى العِلم الصحيح من خلال السؤال، فكل الناس يسألون لكنهم يتفاوتون فيما يسألون عنه، هناك أسئلةٌ تافهة لا قيمة لها، ولا معنى، كأن يسأل الإنسان عن المعاصي والآثام، أو أن يسأل عن أخبار الفاسقين والمنحرفين، هذه أسئلة لا قيمة لها أبداً، هناك أناسٌ يسألون عن الدنيا، أخبار التجارات، أخبار العُملات، ارتفاع وهبوط العُملات، إلى آخره، وهذا سؤالٌ لا شيء فيه، والإنسان يتعلّم في الدنيا ويسأل، وهناك أناسٌ ينتقلون إلى مستوى أعلى في السؤال فيسألون عن الدين، لا يكتفون بالسؤال عن الدنيا ولكن يسأل عن دينه بمعنى أنه يقول: هذا حلال أم حرام؟ هذا المال هل يجوز أن آخذه أم هو حرامٌ عليَّ لا ينبغي أن آخذه؟ هذه الصفقة تُرضي الله أم تُغضبه؟ يسأل عن دينه، وهذا الإنسان إنسانٌ راقٍ لأنه يخشى على دينه، ويخشى على تقواه لربه، لكن أعظم من هذا السؤال أن تسأل عن الله، أن تسأل عن الآمر جلَّ جلاله، لا أن تكتفي بالسؤال عن الأمر، تسأل عن الله كيف أُرضيه؟ كيف أُحبه؟ كيف أسعد بقربه؟ كيف أداوم على الصلة به؟ ما الذي ينبغي أن أفعله حتى يَرضى الله تعالى عني؟ تسأل عن أسمائه الحسنى، عن صفاته الفُضلى، تتعلم عن الرحيم، عن الودود، عن القريب، عن المُجيب، هذا سؤالٌ عن الله، بعد أن يصوم الإنسان رمضان يجب أن يسأل عن الله:

وَإِذَا سَأَلَكَ عِبَادِي عَنِّي فَإِنِّي قَرِيبٌ أُجِيبُ دَعْوَةَ الدَّاعِ إِذَا دَعَانِ فَلْيَسْتَجِيبُوا لِي وَلْيُؤْمِنُوا بِي لَعَلَّهُمْ يَرْشُدُونَ (186)
[ سورة البقرة]

فالسؤال عن الله في صميم الصيام، لأنَّ الإنسان عندما يذوق حلاوة القرب في نهار رمضان، وعندما يذوق الأنس بالله تعالى في ليل رمضان أثناء قيامه لخالقه الواحد الديَّان، لا بُدَّ أنه سيسأل بعد رمضان عن الله، يريد أن يداوم على الصِلة به، يريد أن يداوم على المكانة التي حظي بها في رمضان من خلال طاعته لله تعالى، فلذلك جاء السؤال عن الله في داخل آيات الصيام:

وَإِذَا سَأَلَكَ عِبَادِي عَنِّي فَإِنِّي قَرِيبٌ أُجِيبُ دَعْوَةَ الدَّاعِ إِذَا دَعَانِ فَلْيَسْتَجِيبُوا لِي وَلْيُؤْمِنُوا بِي لَعَلَّهُمْ يَرْشُدُونَ (186)
[ سورة البقرة]

إذا تُفيد تحقق الوقوع؛ أي لا بُدَّ أن يسألك عبادي عني، كيف لا يسألون عني وقد أذقتهم من أُنس قربي ما أذقتهم في رمضان؟! كيف لا يسألون عني وقد كانوا يناجونني في ليل رمضان فأُنزل على قلبهم السكينة والطمأنينة والحب والخير؟ كيف لا يسألون عن الله؟

الله تعالى قريب منا نسأله فيجيبنا:

وَإِذَا سَأَلَكَ عِبَادِي عَنِّي فَإِنِّي قَرِيبٌ أُجِيبُ دَعْوَةَ الدَّاعِ إِذَا دَعَانِ فَلْيَسْتَجِيبُوا لِي وَلْيُؤْمِنُوا بِي لَعَلَّهُمْ يَرْشُدُونَ (186)
[ سورة البقرة]

الجواب: فإني قريب، كل الآيات التي فيها سؤال يأتي الجواب فقل:

يَسْأَلُونَكَ عَنِ الْأَهِلَّةِ قُلْ هِيَ مَوَاقِيتُ لِلنَّاسِ وَالْحَجِّ وَلَيْسَ الْبِرُّ بِأَن تَأْتُوا الْبُيُوتَ مِن ظُهُورِهَا وَلَٰكِنَّ الْبِرَّ مَنِ اتَّقَىٰ وَأْتُوا الْبُيُوتَ مِنْ أَبْوَابِهَا وَاتَّقُوا اللَّهَ لَعَلَّكُمْ تُفْلِحُونَ (189)
[ سورة البقرة]

يَسْأَلُونَكَ عَنِ الشَّهْرِ الْحَرَامِ قِتَالٍ فِيهِ قُلْ قِتَالٌ فِيهِ كَبِيرٌ وَصَدٌّ عَن سَبِيلِ اللَّهِ وَكُفْرٌ بِهِ وَالْمَسْجِدِ الْحَرَامِ وَإِخْرَاجُ أَهْلِهِ مِنْهُ أَكْبَرُ عِندَ اللَّهِ وَالْفِتْنَةُ أَكْبَرُ مِنَ الْقَتْلِ وَلَا يَزَالُونَ يُقَاتِلُونَكُمْ حَتَّىٰ يَرُدُّوكُمْ عَن دِينِكُمْ إِنِ اسْتَطَاعُوا وَمَن يَرْتَدِدْ مِنكُمْ عَن دِينِهِ فَيَمُتْ وَهُوَ كَافِرٌ فَأُولَٰئِكَ حَبِطَتْ أَعْمَالُهُمْ فِي الدُّنْيَا وَالْآخِرَةِ وَأُولَٰئِكَ أَصْحَابُ النَّارِ هُمْ فِيهَا خَالِدُونَ (217)
[ سورة البقرة]

وَيَسْأَلُونَكَ عَنِ الْمَحِيضِ قُلْ هُوَ أَذًى فَاعْتَزِلُوا النِّسَاءَ فِي الْمَحِيضِ وَلَا تَقْرَبُوهُنَّ حَتَّىٰ يَطْهُرْنَ فَإِذَا تَطَهَّرْنَ فَأْتُوهُنَّ مِنْ حَيْثُ أَمَرَكُمُ اللَّهُ إِنَّ اللَّهَ يُحِبُّ التَّوَّابِينَ وَيُحِبُّ الْمُتَطَهِّرِينَ (222)
[ سورة البقرة]

كل الآيات التي فيها سؤال جوابها قُل، إلا هذه الآية قال: وَإِذَا سَأَلَكَ عِبَادِي عَنِّي لم يقل له: فقل، وإنما قال: فَإِنِّي قَرِيبٌ، ليتناسب القُرب العظيم من الله مع الآية، بحيث لا يكون فيها داعٍ أصلاً لما يٌبعد بين السؤال والجواب، فَإِنِّي قَرِيبٌ، ولكي يعلم العبد أيضاً أنه لا واسطة بينه وبين ربه، فالله تعالى أقرب إلينا من حبل الوريد، فهو قريب جلَّ جلاله تسأله فيُجيبك، تريد منه شيئاً فيُعطيك، وإذا كان ثُلث الليل الآخر نزل ربكم إلى السماء الدنيا فيقول: هل من طالب حاجةٍ فأقضيها له؟ هل من سائلٍ فأعطيه؟ هل من مستغفر فأغفر له؟ حتى يطلع الفجر، فالله تعالى قريبٌ منا.

طرق استجابة الدعاء:

وَإِذَا سَأَلَكَ عِبَادِي عَنِّي فَإِنِّي قَرِيبٌ أُجِيبُ دَعْوَةَ الدَّاعِ إِذَا دَعَانِ فَلْيَسْتَجِيبُوا لِي وَلْيُؤْمِنُوا بِي لَعَلَّهُمْ يَرْشُدُونَ (186)
[ سورة البقرة]

كل الدعاء مُجاب، وقد يسأل سائلٌ هنا: كيف يكون كل الدعاء مُجاباً وهناك من يدعون الله فلا يستجيب لهم؟ انتظر قليلاً، الإجابة لا تكون بحسب ما تريد أنت، لكن بحسب ما يريد هو، لأنه الحكيم والعليم، ولأنَّ الله يعلم ونحن لا نعلم، كيف تكون الإجابة؟ تكون بإحدى طرقٍ ثلاثة، يقول صلى الله عليه وسلم:

{ ما مِن رجلٍ يَدعو اللَّهَ بدعاءٍ إلَّا استُجيبَ لَهُ ، فإمَّا أن يعجَّلَ له في الدُّنيا ، وإمَّا أن يُدَّخرَ لَهُ في الآخرةِ ، وإمَّا أن يُكَفَّرَ عنهُ من ذنوبِهِ بقدرِ ما دعا ، ما لم يَدعُ بإثمٍ أو قَطيعةِ رحمٍ أو يستعجِلْ . قالوا : يا رسولَ اللَّهِ وَكَيفَ يستَعجلُ ؟ قالَ : يقولُ : دعوتُ ربِّي فما استجابَ لي }

[صحيح الترمذي]

كل الدعاء مُجاب
كل الدعاء مُجاب لكن بإحدى طرقٍ ثلاثة؛ قال: فإما أن يُعجَّل له في الدنيا يطلب الزواج فيتزوج، يطلب المال فيُعطيه، يطلب المنصب فيصل إليه، يطلب التوفيق في تجارته فيُوفق، فإما أن يُعجَّل له في الدنيا وهذه الحالة يحبها الناس كثيراً، لأن الإنسان خُلِق عجولاً، يريد الأمر بسرعة، فيحب العجلة ولو كان الآجل أحياناً خيراً له من العاجل، لكنه يريد الشيء المحسوس الآني السريع، لكن الله تعالى أمرنا ألا نستعجل قال:

خُلِقَ الْإِنسَانُ مِنْ عَجَلٍ سَأُرِيكُمْ آيَاتِي فَلَا تَسْتَعْجِلُونِ (37)
[ سورة الأنبياء]

انتظر، فإما أن يُعجّل له في الدنيا هذه الطريقة الأولى، وإما أن يُدخر له في الآخرة، لا يُعطيك الله ما تريده في الدنيا ولكن يعطيك أضعافاً مُضاعفة يوم القيامة، فأيهما أحب إلى نفسك أن تأخذ ليرةً اليوم أم أن تأخذ ألفاً في الآجل؟ وإما أن يُدخر له في الآخرة، وإما أن يُغفر له بقدر ما دعا، كأن يدعو بدعاءٍ وهو غير طائعٍ لله، وعنده إشكالٌ في ماله، فالله تعالى لا يُجيبه ولكنه جلَّ جلاله يغفر له من ذنوبه بقدر دعائه، إذاً التعجيل في الدنيا، التأخير إلى يوم القيامة، مغفرة الذنوب بقدر الدعاء، قال: ما لم يدع بإثمٍ أو قطيعة رحمٍ أو يستعجل، قالوا: وما يستعجل يا رسول الله؟ قال: يقول: دعوتك فلم تستجب لي، فالاستعجال يمنع إجابة الدعاء فلننتبه، إذاً:

وَإِذَا سَأَلَكَ عِبَادِي عَنِّي فَإِنِّي قَرِيبٌ أُجِيبُ دَعْوَةَ الدَّاعِ إِذَا دَعَانِ فَلْيَسْتَجِيبُوا لِي وَلْيُؤْمِنُوا بِي لَعَلَّهُمْ يَرْشُدُونَ (186)
[ سورة البقرة]

دعاؤنا مُجاب، ولكن الإنسان أحياناً يدعو بالشر وهو خير، ويدعو بالخير وهو شر، قال تعالى:

وَيَدْعُ الْإِنسَانُ بِالشَّرِّ دُعَاءَهُ بِالْخَيْرِ وَكَانَ الْإِنسَانُ عَجُولًا (11)
[ سورة الإسراء]

يدعو بشيءٍ يظنه خيراً له وهو في حقيقته شرٌ، أو العكس، فالله تعالى لا يُعطيه في الدنيا، وإنما يُؤخر له لأنَّ ذاك الذي يريده لا يُصلحه، كأن يُريد طفلٌ أن يأكل شيئاً ما فيه ضرر على جسمه فيٌمنع منه من قبل والديه، لأن الوالدين يعلمان أن هذا يضره وهو لا يعلم، وكذلك حالنا مع الله، قال:

وَإِذَا سَأَلَكَ عِبَادِي عَنِّي فَإِنِّي قَرِيبٌ أُجِيبُ دَعْوَةَ الدَّاعِ إِذَا دَعَانِ فَلْيَسْتَجِيبُوا لِي وَلْيُؤْمِنُوا بِي لَعَلَّهُمْ يَرْشُدُونَ (186)
[ سورة البقرة]

استجب لله حتى يستجيب لك، استجب له بطاعته حتى يستجيب لك بعطائه، لعلهم يرشدون أي لعلهم يصلون إلى الرُشد.
إلى المُلتقى أستودعكم الله.
والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته