الفرح في الإسلام

  • الحلقة الثانية
  • 2020-04-25

الفرح في الإسلام

السلام عليكم: الآية اليوم هي الآية الرابعة عشرة من سورة آل عمران وهي قوله تعالى:

زُيِّنَ لِلنَّاسِ حُبُّ الشَّهَوَاتِ مِنَ النِّسَاءِ وَالْبَنِينَ وَالْقَنَاطِيرِ الْمُقَنطَرَةِ مِنَ الذَّهَبِ وَالْفِضَّةِ وَالْخَيْلِ الْمُسَوَّمَةِ وَالْأَنْعَامِ وَالْحَرْثِ ۗ ذَٰلِكَ مَتَاعُ الْحَيَاةِ الدُّنْيَا ۖ وَاللَّهُ عِندَهُ حُسْنُ الْمَآبِ
(سورة آل عمران: الآية 14)

هذه الآية سمعها عمر بن الخطاب رضي الله عنه، كما في صحيح البخاري:

{ فقَالَ عُمَرُ: " اللَّهُمَّ إنَّا لَا نَسْتَطِيعُ إلاّ أنْ نَفْرَحَ بِما زَيَّنْتَهُ لنا، اللَّهُمَّ إنِّي أسْألُكَ أنْ أُنْفِقَهُ فِي حَقَّهِ " }

(صحيح البخاري)


زينة الحياة الدنيا
الله تعالى زيَّن لنا الحياة الدنيا بما فيها من نساء وبنين وقناطير مقنطرة (الْقَنَاطِيرِ الْمُقَنطَرَةِ) أي أشياء مكدثة كثيرة جداً من الذهب ومن الفضة ومن الخيل المسومة، (الْمُسَوَّمَةِ) أي المُعَلَّمَة، (وَالْأَنْعَامِ) من الإبل والبقر والغنم، (وَالْحَرْثِ ۗ ذَٰلِكَ مَتَاعُ الْحَيَاةِ الدُّنْيَا).
الأمر المزيّن يبدو بصورةٍ بهيَّة
فالله زين لنا هذا الأمر، فعمر بن الخطاب رضي الله عنه لما سمع هذه الآية قال: " اللَّهُمَّ إنَّا لَا نَسْتَطِيعُ إلاّ أنْ نَفْرَحَ بِما زَيَّنْتَهُ لنا "، الأمر المزيّن يبدو بصورةٍ بهيَّة، ربما لا يكون على حقيقته فيظهر بزينته فيُفرح القلب، فعمر رضي الله عنه بَيَّنَ أن هذا الفرح بما زيّنه الله لنا من المباحات إنما هو فرحٌ معقولٌ ومنطقيٌّ، لكنه تَوَجَّهَ إلى الله تعالى يدعوه أن ينفق هذا الذي آتاه الله تعالى إياه في حقه، فينفق منه على عياله، على زوجته، على أولاده، على أقربائه، ثم على الفقراء وعلى المساكين، ويؤدي زكاته ويؤدي صدقته، فهو ينفقه في حقه.

الفرح نوعان
إذاً عمر رضي الله عنه من فقهه أنَّه ميَّز بين فرحين في الحياة الدنيا: فرحٍ محمود وفرحٍ مذموم.

1. الفرح المحمود
من الفرح المحمود
هو أن يفرح الإنسان بمالٍ حصَّله من حلال، أو يفرح بزوجةٍ أكرمه الله تعالى بها، أو يفرح بأولادٍ يملؤون عليه بيته، أو يفرح بسيارةٍ اقتناها، أو يفرح بمزروعاتٍ خرجت في أرضه، فهذا فرحٌ محمود لأنه في الحلال.
ثم إنه إن كان فَرِحَ حقاً فرحاً محموداً فينبغي أن يكون إنفاق هذا المال وإنفاق هذه الخيرات فيما يرضي الله تعالى وألا ينفقه في حرام، لأن الإنسان سيسأل عن ماله من أين اكتسبه وفيمَ أنفقه؟، هما سؤالان: من أين اكتسبه؟، الوارد ثم الصادر، وفيمَ أنفقه؟، المقبوضات والمدفوعات، سيسأل عن شيئين، من أين اكتسبه؟ وفيمَ أنفقه؟ فينبغي أن يُنفق ما آتاه الله إياه في الدنيا في حقه، أي فيما يرضي الله تعالى.

2. الفرح المذموم
أن يفرح الإنسان في الحياة الدنيا كما فرح قارون واستعلى واستكبر

فَخَرَجَ عَلَىٰ قَوْمِهِ فِي زِينَتِهِ
(سورة القصص: الآية 79)

فعندها

إِذْ قَالَ لَهُ قَوْمُهُ لَا تَفْرَحْ ۖ إِنَّ اللَّهَ لَا يُحِبُّ الْفَرِحِينَ
(سورة القصص: الآية 76)

وَفَرِحُوا بِالْحَيَاةِ الدُّنْيَا وَمَا الْحَيَاةُ الدُّنْيَا فِي الْآخِرَةِ إِلَّا مَتَاعٌ
(سورة الرعد: الآية 26)

تتحكم الدنيا بك إذا كانت في قلبك
فالفرح في الدنيا يكون مذموماً حينما تكون الدنيا في قلبك، ويكون محموداً حينما تكون الدنيا في يدك، لأن الدنيا عندما تكون في يدك فأنت تتحكم بها ولا تتحكم هي بك، أما عندما تكون الدنيا في قلب الإنسان فإنها تتحكم به وتملكه ولا يملكها.
إلى الملتقى أستودعكم الله والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته.