التفاعل مع القرآن الكريم

  • الحلقة الرابعة
  • 2020-04-27

التفاعل مع القرآن الكريم

السلام عليكم: الآية اليوم هي الآية الواحدة والأربعون من سورة النساء وهي قوله تعالى:

فَكَيْفَ إِذَا جِئْنَا مِن كُلِّ أُمَّةٍ بِشَهِيدٍ وَجِئْنَا بِكَ عَلَىٰ هَٰؤُلَاءِ شَهِيدًا
(سورة النساء: الآية 41)

أما الحديث: فقد أخرج الإمام البخاري في صحيحه:

{ عَنْ عبد الله بن مَسْعُودٍ رضيَ اللهُ عنهُ قالَ: قالَ لي النبيُّ صَلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ: اقْرَأْ عَلَيَّ، قُلتُ: يا رَسولَ اللَّهِ، آقْرَأُ عَلَيْكَ، وعَلَيْكَ أُنْزِلَ، قالَ: نَعَمْ، فَقَرَأْتُ سُورَةَ النِّساءِ حتَّى أتَيْتُ إلى هذِه الآيَةِ: {فَكيفَ إذا جِئْنا مِن كُلِّ أُمَّةٍ بشَهِيدٍ، وجِئْنا بكَ علَى هَؤُلاءِ شَهِيدًا}-[النساء: 41]، قالَ: حَسْبُكَ الآنَ فالْتَفَتُّ إلَيْهِ، فإذا عَيْناهُ تَذْرِفانِ. }

(أخرجه البخاري)

(عن عبد الله بن مسعودٍ رضي الله عنه قال: قالَ لي النبيُّ صَلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ: "اقْرَأْ عَلَيَّ") أي اقرأ عليَّ القرآن، (قُلتُ: يا رَسولَ اللَّهِ، آقْرَأُ عَلَيْكَ، وعَلَيْكَ أُنْزِلَ، قالَ: نَعَمْ، فَقَرَأْتُ سُورَةَ النِّساءِ حتَّى أتَيْتُ إلى هذِه الآيَةِ: {فَكيفَ إذا جِئْنا مِن كُلِّ أُمَّةٍ بشَهِيدٍ، وجِئْنا بكَ علَى هَؤُلاءِ شَهِيدًا} [النساء: 41] يقول عبد الله بن مسعودٍ رضي الله عنه، فقال لي النبي صلى الله عليه وسلم: ("حَسْبُكَ الآنَ") أي يكفيك، (فالْتَفَتُّ إِلَيْهِ، فَإِذَا عَيْنَاهُ تَذْرِفَان).

1. التفاعل مع كتاب الله تعالى
أيها الإخوة الكرام؛ هناك تعقيبان: التعقيب الأول: هو قضية التفاعل مع كتاب الله تعالى، والتفاعل مع الآيات الكريمة التي يتلوها الإنسان أو يستمع إليها.
يقول تعالى:

إِنَّ فِي ذَٰلِكَ لَذِكْرَىٰ لِمَن كَانَ لَهُ قَلْبٌ أَوْ أَلْقَى السَّمْعَ وَهُوَ شَهِيدٌ
(سورة ق: الآية 37)

قراءة القرآن بقلبٍ سليم
فمن يقرأ القرآن ينبغي أن يقرأه بقلبٍ حاضرٍ، بقلبٍ حيٍّ، بقلبٍ سليمٍ، حتى يتفاعل مع الآيات، فإذا مرَّ بآيةٍ فيها سؤالٌ سأل، وإذا مرَّ بأيةٍ فيها استعاذةٌ استعاذ، وإذا مرَّ بآيةٍ فيها قصةٌ اعتبَر، وإذا مرَّ بأيةٍ تتحدث عن مشهدٍ من مشاهد يوم القيامة خشع قلبه، وإذا مرَّ بآيةٍ تتحدث عن آيةٍ من آيات الله في الأنفس أو في الآفاق فإنه يتفكر فيها، يتفاعل مع آيات الله.
نبي الرحمة صلى الله عليه وسلم، يطلب من ابن مسعود أن يقرأ عليه القرآن، لأنه يحب أن يسمعه من غيره صلى الله عليه وسلم، يقرأ عبد الله، ورسول الله صلى الله عليه وسلم يتفاعل مع القرآن، يتفاعل مع الوحي، فإذا خاطبه الله تعالى فقال: (فَكَيْفَ إِذَا جِئْنَا مِن كُلِّ أُمَّةٍ بِشَهِيدٍ وَجِئْنَا بِكَ عَلَىٰ هَٰؤُلَاءِ شَهِيدًا) إذا برسول الله صلى الله عليه وسلم يبكي وإذا بعينيه الشريفتين تذرفان خشوعاً من قلبه لما تأثَّر به من آيات الله عزَّ وجل.

2. شهادة النبي الكريم على أمته
أمَّا التعقيب الثاني: فهو أنَّ النبي صلى الله عليه وسلم هو الشاهد، هو الذي سيشهد علينا.

إِنَّا أَرْسَلْنَاكَ شَاهِدًا وَمُبَشِّرًا وَنَذِيرًا
(سورة الأحزاب: الآية 45)

استشعار شهادة النبي الكريم علينا
الشاهد صلى الله عليه وسلم استشعر هذا المعنى وهو أنه سيقف يوم القيامة ليشهد على أمته، استشعر معنى شهادته صلى الله عليه وسلم علينا، فهل المشهود عليه قد استشعر هذا المعنى؟ أنت عندما تقرأ القرآن وتتلو سورة النساء وتتلو هذه الآية: (فَكيفَ إذَا جِئْنَا مِن كُلِّ أُمَّةٍ بشَهِيدٍ وجِئْنَا بكَ علَى هَؤُلَاءِ شَهِيدًا) فأنت من المشهود عليهم، والنبي صلى الله عليه وسلم سيشهد عليك، استشعر هذا المعنى ليشهد عليك النبي صلى الله عليه وسلم يوم القيامة بأنك كنت: طائعاً لله تعالى، ملتزماً بمنهج رسول الله صلى الله عليه وسلم لم تغيِّر ولم تبدِّل.
إلى الملتقى أستودعكم الله الذي لا تضيع ودائعه السلام عليكم ورحمة الله وبركاته.