نعمة الأمن
نعمة الأمن
السلام عليكم: الآية اليوم هي الآية الثانية والثمانون من سورة الأنعام وهي قوله تعالى: |
فَأَيُّ الْفَرِيقَيْنِ أَحَقُّ بِالْأَمْنِ ۖ إِن كُنتُمْ تَعْلَمُونَ * الَّذِينَ آمَنُوا وَلَمْ يَلْبِسُوا إِيمَانَهُم بِظُلْمٍ أُولَٰئِكَ لَهُمُ الْأَمْنُ وَهُم مُّهْتَدُونَ(سورة الأنعام: الآية 81-82)
قال تعالى: (لَهُمُ الْأَمْنُ) ولم يقل: الأمن لهم، ولو قال: الأمن لهم لاحتمل أن يكون الأمن لغيرهم، فلما قال: (لَهُمُ الْأَمْنُ) فهذا التقديم والتأخير مفاده أن الأمن يختصُّ بهؤلاء المؤمنين (الَّذِينَ آمَنُوا وَلَمْ يَلْبِسُوا إِيمَانَهُم بِظُلْمٍ) أي لم يخالطوا إِيمَانَهُم بِظُلْمٍ، هذه هي الآية. |
أمَّا الحديث فهو في صحيح مسلم: |
{ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ قَالَ: لَمَّا نَزَلَتْ { الَّذِينَ آمَنُوا وَلَمْ يَلْبِسُوا إِيمَانَهُمْ بِظُلْمٍ } شَقَّ ذَلِكَ عَلَى أَصْحَابِ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، وَقَالُوا: أَيُّنَا لَا يَظْلِمُ نَفْسَهُ ؟ فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: لَيْسَ هُوَ كَمَا تَظُنُّونَ، إِنَّمَا هُوَ كَمَا قَالَ لُقْمَانُ لِابْنِهِ: { يَا بُنَيَّ لَا تُشْرِكْ بِاللَّهِ إِنَّ الشِّرْكَ لَظُلْمٌ عَظِيمٌ } }
(صحيح مسلم)
(عَنْ عَبْدِ اللَّهِ قَالَ: لَمَّا نَزَلَتْ {الَّذِينَ آمَنُوا وَلَمْ يَلْبِسُوا إِيمَانَهُم بِظُلْمٍ} شَقَّ ذَلِكَ عَلَى أَصْحَابِ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ،) صعب عليهم ذلك لأنهم كانوا يتعاملون مع القرآن تعاملاً بشعورٍ عظيمٍ جداً وهو أننا نسمع القرآن من أجل أن نتدبره وأن نأخذه واقعاً في حياتنا، فشقَّ عليهم ذلك. |
(فقَالُوا: أَيُّنَا لَا يَظْلِمُ نَفْسَهُ؟) فهموا من الآية أنَّ الظلم هنا هو أيُّ ظلمٍ للنفس، ولو كان بكلمةٍ لا ترضي الله أو بغفلةٍ عن صلاةٍ من الصلوات أو بنظرةٍ ليست كما ينبغي أو بتهاونٍ في شأنٍ من شؤون الدين. |
الظلم هو وضع الشيء في غير موضعه
الظلم وضع الشيء في غير موضعه
(فقَالُوا: أَيُّنَا لَا يَظْلِمُ نَفْسَهُ؟ فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: لَيْسَ هُوَ كَمَا تَظُنُّونَ،) ليس المعنى كما فهمتم، (إِنَّمَا هُوَ كَمَا قَالَ لُقْمَانُ لِابْنِهِ: |
يَا بُنَيَّ لَا تُشْرِكْ بِاللَّهِ ۖ إِنَّ الشِّرْكَ لَظُلْمٌ عَظِيم(سورة لقمان: الآية 13)
فمعنى (وَلَمْ يَلْبِسُوا إِيمَانَهُم بِظُلْمٍ) أي لم يلبسوا إيمانهم بشرك، فالظلم هنا هو ظلمٌ خاص وهو الشرك، كَمَا قَالَ لُقْمَانُ لِابْنِهِ: (إِنَّ الشِّرْكَ لَظُلْمٌ عَظِيمٌ). |
الشرك هو أعظم الظلم
الشرك ظلمٌ مضاعفٌ للنفس
والشرك نوعان: * شركٌ جلي: وقد عافانا الله تعالى منه وهو الشرك الأكبر، أن يتوجه الإنسان إلى صنمٍ فيعبده من دون الله والعياذ بالله. * وهناك شركٌ أصغر وهو الرياء: وهو أن يعمل الإنسان أعمالاً في ظاهرها طاعةٌ لله، لكنه في حقيقتها يتوجه بها لإرضاء مخلوقٍ من مخلوقات الله. ومن الرياء: أن يزيِّن الإنسان في صلاته لما يرى من نظر رجل، كما جاء في الحديث: |
{ خرجَ علَينا رسولُ اللَّهِ صلَّى اللَّهُ عليهِ وسلَّمَ ونحنُ نتذاكَرُ المسيحَ الدَّجَّالَ، فقالَ: ألا أخبرُكُم بما هوَ أخوَفُ عليكُم عندي منَ المسيحِ الدَّجَّالِ ؟ قالَ: قُلنا: بلَى، فقالَ: الشِّركُ الخفيُّ، أن يقومَ الرَّجلُ يصلِّي، فيزيِّنُ صلاتَهُ، لما يرَى مِن نظرِ رجلٍ }
(صحيح ابن ماجة)
أنواع الأمن
أيها الأخوة؛ الأمن نوعان: أمنٌ نفسي، وأمنٌ مجتمعي. |
1. الأمن النفسي:
هو الذي جاء في هذه الآية، وهو أن تأمن النفس وأن يعيش الإنسان حالةً من الراحة، وهذه لن تكون إلا بالإيمان الذي ليس فيه شركٌ أبداً وإنما توجُّهٌ كاملٌ إلى الله تعالى. |
2. الأمن المجتمعي:
وأما الأمن المجتمعي: فإنه لا يتحقق إلا بالعدل. |
"عدلت فأمنت فنمت"
الأمن المجتمعي يتحقق بالعدل
أما الأمن الداخلي، الأمن النفسي، فلا يتحقق إلا بإيمانٍ لا يخالطه أي نوعٍ من أنواع الشرك، سواءً كان الشرك الأكبر أو الشرك الأصغر. |