• الحلقة الثالثة عشر
  • 2020-05-06

يوم الحسرة

السلام عليكم: الآية اليوم هي الآية التاسعة والثلاثون من سورة مريم وهي قوله تعالى:

وَأَنذِرْهُمْ يَوْمَ الْحَسْرَةِ إِذْ قُضِيَ الْأَمْرُ وَهُمْ فِي غَفْلَةٍ وَهُمْ لَا يُؤْمِنُونَ
(سورة مريم: الآية 39)

أمَّا الحديث: فقد أخرج الإمام البخاري في صحيحه:

{ عَنْ أَبِي سَعِيدٍ الْخُدْرِيِّ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: يُؤْتَى بِالْمَوْتِ كَهَيْئَةِ كَبْشٍ أَمْلَحَ فَيُنَادِي مُنَادٍ يَا أَهْلَ الْجَنَّةِ فَيَشْرَئِبُّونَ وَيَنْظُرُونَ فَيَقُولُ هَلْ تَعْرِفُونَ هَذَا؟ فَيَقُولُونَ: نَعَمْ، هَذَا الْمَوْتُ، وَكُلُّهُمْ قَدْ رَآهُ، ثُمَّ يُنَادِي يَا أَهْلَ النَّارِ فَيَشْرَئِبُّونَ وَيَنْظُرُونَ فَيَقُولُ هَلْ تَعْرِفُونَ هَذَا؟ فَيَقُولُونَ: نَعَمْ، هَذَا الْمَوْتُ، وَكُلُّهُمْ قَدْ رَآهُ، فَيُذْبَحُ، ثُمَّ يَقُولُ: يَا أَهْلَ الْجَنَّةِ خُلُودٌ فَلَا مَوْتَ، وَيَا أَهْلَ النَّارِ خُلُودٌ فَلَا مَوْتَ، ثُمَّ قَرَأَ: {وَأَنْذِرْهُمْ يَوْمَ الْحَسْرَةِ إِذْ قُضِيَ الْأَمْرُ وَهُمْ فِي غَفْلَةٍ} وَهَؤُلَاءِ فِي غَفْلَةٍ أَهْلُ الدُّنْيَا {وَهُمْ لَا يُؤْمِنُونَ} }

(رواه البخاري)


الخسارة الكبرى تكون يوم القيامة
الحسرات في الدنيا
أيها الإخوة الكرام: أعظم ندامة وأعظم حسرة عندما يكتشف الإنسان أنه قد أضاع عمره الذي أعطاه الله إياه من أجل أن يصل إلى جنة الخلود، أن يكتشف أنه أضاعه فيما لا طائل وراءه، أن يكتشف أنه قد استبدل الذي هو أدنى بالذي هو خير، أن يكتشف أنه ضيع الفرصة الوحيدة الثمينة التي مُنحت له، أن يكتشف أنه كان أصم وأعمى وأبكم لم يلقِ سمعاً ولم يلقِ بالاً لما أمره الله تعالى به، ولما جاءت به رسل الله، هذه أعظم ندامة، في الدنيا هناك ندامات وهناك حسرات حينما يكتشف الإنسان أنه قد خسر في تجارته خسارةً كبيرة أو ينظر في نتائج امتحانٍ دنيوي فيجد أنه قد رسب فيه، فيندم ويقول يا ليتني، ويا ليتني درست، ويا ليتني قدمت، ويا ليتني فعلت، أما حينما يأتي يوم القيامة ولا يجد سبيلاً للعودة

قَالَ رَبِّ ارْجِعُونِ * لَعَلِّي أَعْمَلُ صَالِحًا فِيمَا تَرَكْتُ ۚ كَلَّا
(سورة المؤمنون: الآية 99-100)


يوم الحساب هو يوم الحسرة
الخسارة الكبرى خسارة الآخرة
فلا يجد سبيلاً إلى الرجوع ولا إلى العودة، لقد خسر أعظم شيء، لقد خسر الأبد من أجل دنيا محدودة قضاها في لهوٍ، وقضاها في معاصٍ وفي آثام، قضاها فيما حَرُم، فيما حرَّمه الله تعالى عليه، ثم جاء يوم الحساب هذا يوم الحسرة (وَأَنذِرْهُمْ يَوْمَ الْحَسْرَةِ إِذْ قُضِيَ الْأَمْرُ) فصدر الحكم وليس هناك بعد ذلك رجوعٌ ولا عودة (وَهُمْ فِي غَفْلَةٍ) كانوا من أهل الدنيا كانوا غافلين عن الآخرة ينظرون بعينٍ واحدة

يَعْلَمُونَ ظَاهِرًا مِّنَ الْحَيَاةِ الدُّنْيَا وَهُمْ عَنِ الْآخِرَةِ هُمْ غَافِلُونَ
(سورة الروم: الآية 7)

فعندما يكتشف هذا البعيد عن الله يوم القيامة بأنه قد خسر الآخرة يندم أشدَّ الندم، ولاتَ ساعةَ مَنْدَمٍ.
نَدِمَ البُغاة ولاتَ ساعةَ مَنْدَم والبغيُ مَرْتَعُ مُبْتَغيهِ وخيمُ
{ المهلهل بن مالك الكناني }
من هنا فقد تكلم النبي صلى الله عليه وسلم عن مشهدٍ من مشاهد يوم القيامة حينما يُذبح الموت، فقد انتهى الموت، هو خلود، إما في جنةٍ يدوم نعيمها أو في نارٍ لا ينفد عذابها، أجارنا الله وإياكم منها.
إلى الملتقى أستودعكم الله الذي لا تضيع ودائعه، السلام عليكم ورحمة الله وبركاته.