أَلَا تُحِبونَ أَن يَغفِرَ اللَّهُ لَكُم
أَلَا تُحِبونَ أَن يَغفِرَ اللَّهُ لَكُم
السلام عليكم: الآية اليوم هي الآية الثانية والعشرون من سورة النور وهي قوله تعالى: |
وَلَا يَأْتَلِ أُولُو الْفَضْلِ مِنكُمْ وَالسَّعَةِ أَن يُؤْتُوا أُولِي الْقُرْبَىٰ وَالْمَسَاكِينَ وَالْمُهَاجِرِينَ فِي سَبِيلِ اللَّهِ ۖ وَلْيَعْفُوا وَلْيَصْفَحُوا ۗ أَلَا تُحِبُّونَ أَن يَغْفِرَ اللَّهُ لَكُمْ ۗ وَاللَّهُ غَفُورٌ رَّحِيمٌ(سورة النور: الآية 22)
أمَّا الحديث: فقد جاءت هذه الآية ضمن حديث الإفك الذي شاع في المدينة عن عائشة أم المؤمنين رضي الله عنها وأرضاها، فلما نزلت براءة السيدة عائشة مما اتُّهمت به جاءت هذه الآية عقب الحديث عن حادثة الإفك، تقول عائشة كما أخرج الإمام البخاري في صحيحه: |
{ فَلَمَّا أنْزَلَ اللَّهُ هذا في بَرَاءَتِي، قَالَ أبو بَكْرٍ الصِّدِّيقُ رَضِيَ اللَّهُ عنْه وكانَ يُنْفِقُ علَى مِسْطَحِ بنِ أُثَاثَةَ لِقَرَابَتِهِ منه: واللَّهِ لا أُنْفِقُ علَى مِسْطَحٍ شيئًا أبَدًا بَعْدَ ما قَالَ لِعَائِشَةَ، فأنْزَلَ اللَّهُ تَعَالَى: {وَلَا يَأْتَلِ أُولُو الْفَضْلِ مِنكُمْ وَالسَّعَةِ أَن يُؤْتُوا أُولِي الْقُرْبَىٰ وَالْمَسَاكِينَ وَالْمُهَاجِرِينَ فِي سَبِيلِ اللَّهِ ۖ وَلْيَعْفُوا وَلْيَصْفَحُوا ۗ أَلَا تُحِبُّونَ أَن يَغْفِرَ اللَّهُ لَكُمْ ۗ وَاللَّهُ غَفُورٌ رَّحِيمٌ} فَقَالَ أبو بَكْرٍ: بَلَى واللَّهِ إنِّي لَأُحِبُّ أنْ يَغْفِرَ اللَّهُ لِي، فَرَجَعَ إلى مِسْطَحٍ الذي كانَ يُجْرِي عليه }
(صحيح البخاري)
غضب سيدنا أبو بكر من مسطح
(فَلَمَّا أنْزَلَ اللَّهُ هذا في بَرَاءَتِي، قَالَ أبو بَكْرٍ الصِّدِّيقُ رَضِيَ اللَّهُ عنْه وكانَ يُنْفِقُ علَى مِسْطَحِ بنِ أُثَاثَةَ لِقَرَابَتِهِ منه:) مسطح كان قريباً لأبي بكرٍ الصديق، فلما كان حديث الإفك في المدينة شارك مسطح في حديث الإفك، وأبو بكرٍ هو والد السيدة عائشة رضي الله عنها، فلمَّا نزلت براءة السيدة عائشة، قَالَ أَبُو بَكْرٍ الصِّدِّيقُ رضي الله عنه: (وَاللَّهِ) حلف يميناً، (واللَّهِ لا أُنْفِقُ علَى مِسْطَحٍ شيئًا أبَدًا بَعْدَ ما قَالَ لِعَائِشَةَ) غضب أبو بكر رضي الله عنه وهذا حقه، فهذا الرجل يتكلم في عِرض ابنته، فقال: (واللَّهِ لا أُنْفِقُ علَى مِسْطَحٍ شيئًا أبَدًا بَعْدَ ما قَالَ لِعَائِشَةَ(، فأنْزَلَ اللَّهُ تَعَالَى: |
وَلَا يَأْتَلِ أُولُو الْفَضْلِ مِنكُمْ وَالسَّعَةِ أَن يُؤْتُوا أُولِي الْقُرْبَىٰ وَالْمَسَاكِينَ وَالْمُهَاجِرِينَ فِي سَبِيلِ اللَّهِ ۖ وَلْيَعْفُوا وَلْيَصْفَحُوا ۗ أَلَا تُحِبُّونَ أَن يَغْفِرَ اللَّهُ لَكُمْ(سورة النور: الآية 22)
{وَلَا يَأْتَلِ أُولُو الْفَضْلِ}، (وَلَا يَأْتَلِ): أي ولا يحلف، ولا يقسم، {أُولُو الْفَضْلِ مِنكُمْ وَالسَّعَةِ} ممن وسَّع الله عليهم {أَن يُؤْتُوا أُولِي الْقُرْبَىٰ وَالْمَسَاكِينَ وَالْمُهَاجِرِينَ فِي سَبِيلِ اللَّهِ ۖ وَلْيَعْفُوا وَلْيَصْفَحُوا ۗ أَلَا تُحِبُّونَ أَن يَغْفِرَ اللَّهُ لَكُمْ} فلمَّا سمع أبو بكرٍ رضي الله عنه قوله تعالى: {أَلَا تُحِبُّونَ أَن يَغْفِرَ اللَّهُ لَكُمْ} (فَقَالَ أبو بَكْرٍ: بَلَى واللَّهِ إنِّي لَأُحِبُّ أنْ يَغْفِرَ اللَّهُ لِي، فَرَجَعَ إلى مِسْطَحٍ الذي كانَ يُجْرِي عليه) أعاد إليه النفقة التي كان ينفقها عليه بعدما سمع هذه الآية. |
حياة المؤمن مبنيةٌ على العطاء
المؤمن يبني حياته على الإحسان
|
التعامل مع القرآن الكريم بشعور التَّلقِّي للتنفيذ الفوري
أما النقطة الثانية: فهي أنَّ أبا بكرٍ رضي الله عنه لمَّا سمع قوله تعالى: { أَلَا تُحِبُّونَ أَن يَغْفِرَ اللَّهُ لَكُمْ } أجاب فوراً على الآية فقال: (بَلَى وَاللَّهِ إِنِّي لَأُحِبُّ أَنْ يَغْفِرَ اللَّهُ لِي)، فكان يتعامل مع القرآن الكريم بتعامل أو بشعور التَّلقِّي للتنفيذ الفوري، فالله تعالى يخاطبه، وأنت عندما تقرأ القرآن الكريم عندما يقول لك المولى جلَّ جلاله: |
قُل لِّلْمُؤْمِنِينَ يَغُضُّوا مِنْ أَبْصَارِهِمْ(سورة النور:الآية 30)
أنت من المؤمنين والقرآن يخاطبك، قل: لبيك ربي، وعندما يقول لك القرآن الكريم: |
يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اجْتَنِبُوا كَثِيرًا مِّنَ الظَّنِّ إِنَّ بَعْضَ الظَّنِّ إِثْمٌ(سورة الحجرات: الآية 12)
القرآن أُنزل ليُعمل به
|
إلى الملتقى أستودعكم الله الذي لا تضيع ودائعه، السلام عليكم ورحمة الله وبركاته. |