الدعاء هو العبادة

  • الحلقة العشرون
  • 2020-05-13

الدعاء هو العبادة

السلام عليكم: الآية اليوم هي الآية الستون من سورة غافر وهي قوله تعالى:

وَقَالَ رَبُّكُمُ ادْعُونِي أَسْتَجِبْ لَكُمْ ۚ إِنَّ الَّذِينَ يَسْتَكْبِرُونَ عَنْ عِبَادَتِي سَيَدْخُلُونَ جَهَنَّمَ دَاخِرِينَ
(سورة غافر: الآية 60)

وأما الحديث فقد أخرجه الإمام الترمذي في سننه بسندٍ صحيح:

{ عَنِ النُّعْمَانِ بْنِ بَشِيرٍ، عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ: الدُّعَاءُ هُوَ الْعِبَادَةُ، ثم قرأ: {وَقَالَ رَبُّكُمُ ادْعُونِي أَسْتَجِبْ لَكُمْ ۚ إِنَّ الَّذِينَ يَسْتَكْبِرُونَ عَنْ عِبَادَتِي سَيَدْخُلُونَ جَهَنَّمَ دَاخِرِينَ} }

(صحيح الترمذي)

فالله تعالى بدأ الآية بقوله: {ادْعُونِي أَسْتَجِبْ لَكُمْ} ثم ختمها: {إِنَّ الَّذِينَ يَسْتَكْبِرُونَ عَنْ عِبَادَتِي} ولم يقل عن دعائي، فجعل الدعاء هو العبادة، ومن هنا قال صلى الله عليه وسلم مستنبطاً هذا الحكم من الآية : (الدُّعَاءُ هُوَ العِبَادَةُ).

الدعاء خضوعٌ لله عز وجل
الدعاء توجهٌ إلى الله وحده
لماذا الدعاء هو العبادة؟ لأن من يدعو الله عز وجل إنما هو مؤمنٌ إيماناً يقينياً بأن الله تعالى يسمعه وبأن الله يحبه وبأن الله ينتظره وبأن الله قادرٌ على إجابته، فهذا الدعاء هو العبادة في أدق معانيها لأنه منتهى الخضوع لمنهج الله ومنتهى الخضوع لله تعالى، فهو يعلم أنه لا مجيب له إلا الله، فهو يتوجه إلى الله وحده فيحقق مفهوم العبادة في أجلى معانيه، (الدُّعَاءُ هُوَ العِبَادَةُ).
لو بدأنا بالآية {وَقَالَ رَبُّكُمُ} هل نعي مامعنى {وَقَالَ رَبُّكُمُ}؟
تكلم الله فليصغ الوجود له الله مـــن عرشه الأعلى ينادينا
{ أحمد الغنام }

الله عز وجل وحده الذي يغضب إن تركت سؤاله
ربنا الذي خلقنا والذي يرزقنا والذي يمدنا بما نحتاجه والذي يربي نفوسنا ويربي أجسامنا ويمدُّنا بكل حاجة نريدها أنعم علينا بنعمة الإيجاد وبنعمة الإمداد وبنعمة الهدى والرشاد.
ربنا يقول:

ادْعُونِي أَسْتَجِبْ لَكُمْ
(سورة غافر: الآية 60)

من هنا كان سفيان الثوري يقول:
يا من أحب عباده إليه من سأله فأكثر سؤاله ويا من أبغض عباده إليه من لم يسأله وليس كذلك غيرك يا رب
{ سفيان الثوري }
ليس إلا الله يغضب إن تركت سؤاله ويحبك أن تسأله، مَن مِن الخلق يحب أن تسأله وتلح عليه في السؤال؟! مَن مِن الخلق يغضب إن لم تتصل به وتسأله دائماً حاجتك؟! إنه الله عز وجل وحده الذي يغضب إن تركت سؤاله.

طرق إستجابة الدعاء
أيها الإخوة الكرام:

{ ما مِن رجلٍ يَدعو اللَّهَ بدعاءٍ إلَّا استُجيبَ لَهُ، فإمَّا أن يعجَّلَ له في الدُّنيا، وإمَّا أن يُدَّخرَ لَهُ في الآخرةِ، وإمَّا أن يُكَفَّرَ عنهُ من ذنوبِهِ بقدرِ ما دعا، ما لم يَدعُ بإثمٍ أو قَطيعةِ رحمٍ أو يستعجِلْ، قالوا: يا رسولَ اللَّهِ وَكَيفَ يستَعجلُ؟ قالَ: يقولُ: دعوتُ ربِّي فما استجابَ لي }

(صحيح الترمذي)

يقول صلى الله عليه وسلم: (ما من عبدٍ يدعو الله بدعاءٍ) أي عبدٍ، بأي دعاءٍ، (إلَّا استُجيبَ لَهُ) لكن الاستجابة تكون في علم الله وفي حكمة الله بطرقٍ ثلاثة:
الإنسان مجابٌ إلى دعائه
قال: (فإمَّا أن يعجَّلَ له في الدُّنيا) يطلب شيئاً فيعطيه الله إياه قبل موته، (وإمَّا أن يُدَّخرَ لَهُ في الآخرةِ) يعلم الله أن هذا العطاء لا ينفعه الآن فيدخره الله له أضعافاً مضاعفة ليوم القيامة لكن الدعاء لا يضيع، (وإمَّا أن يُكَفَّرَ عنهُ من ذنوبِهِ بقدرِ ما دعا) كأن يكون عاصياً مذنباً ليس أهلاً للإجابة فيغفر ذنبه بدعائه، فالإنسان مجابٌ إلى دعائه بإحدى هذه الطرق الثلاثة:
1. التعجيل في الدنيا.
2. الإدخار ليوم القيامة.
3. مغفرة الذنوب بقدر الدعاء.
قال: (ما لم يَدعُ بإثمٍ أو قَطيعةِ رحمٍ) فالله لا يجيب دعوةً لإثم ولا لقطع رحم، (ما لم يَدعُ بإثمٍ أو قَطيعةِ رحمٍ أو يستعجِلْ، قالوا: يا رسولَ اللَّهِ وَكَيفَ يستَعجلُ؟ قالَ: يقولُ: دعوتُ ربِّي فما استجابَ لي) يستعجل:

وَكَانَ الْإِنسَانُ عَجُولًا
(سورة الإسراء: الآية 11)

لكن الله عز وجل يأمره أن يتريث وأن ينتظر فرج الله الذي يتحقق في اللحظة التي يريدها الله بحكمةٍ يعلمها الله.
إلى الملتقى أستودعكم الله الذي لا تضيع ودعائه السلام عليكم ورحمة الله وبركاته.