أَلْهَاكُمُ التَّكَاثُرُ

  • الحلقة التاسعة والعشرون
  • 2020-05-22

أَلْهَاكُمُ التَّكَاثُرُ

السلام عليكم: الآية اليوم هي الآية الأولى من سورة التكاثر، وهي قوله تعالى:

أَلْهَاكُمُ التَّكَاثُرُ
(سورة التكاثر: الآية 1)

وأما الحديث قد أخرج الترمذي في سننه بسندٍ صحيح :

{ عَنْ مُطَرِّفِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ عَنْ أَبِيهِ أنَّه انْتَهَى إِلَى النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَهُوَ يَقْرَأُ: {أَلْهَاكُمُ التَّكَاثُرُ} فقالَ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: يَقُولُ ابْنُ آدَمَ: مَالِي مَالِي، وَهَلْ لَكَ مِنْ مَالِكَ إِلَّا مَا تَصَدَّقْتَ فَأَمْضَيْتَ، أَوْ أَكَلْتَ فَأَفْنَيْتَ، أَوْ لَبِسْتَ فَأَبْلَيْتَ }

(أخرجه الترمذي)


ليس للإنسان من ماله إلا ثلاث
ليس للإنسان من ماله إلا ثلاث
أيها الكرام: الإنسان يلتهي بالخسيس عن النفيس أحياناً، فينشغل بشيءٍ تافه عن شيءٍ عظيم، وهذا هو اللهو، {أَلْهَاكُمُ التَّكَاثُرُ} ينشغل بالتكاثر بالأموال، وبالأولاد، وبالأنفس، وبالثمرات، وبالمزارع، وبالسيارات، وينشغل بذلك كله عن الهدف من وجوده وهو أن يجعل حياته كلها لله تعالى عبادةً وطاعةً وخيراً وحباً وقرباً، فإذا فعل ذلك فقد التهى بالتكاثر وهو يَقُولُ: (مَالِي مَالِي) يتكاثر بماله، ورصيدي في البنك الفلاني كذا، وعندي من السيارات كذا، وعندي من الأولاد كذا، وعندي من المزارع، وعندي من البيوت، وعندي من الشقق إلخ..، فيتباهى بماله، والإنسان ليس له من ماله كما يقول صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: إلا ثلاثة:

1. مَا تَصَدَّقْتَ فَأَمْضَيْتَ
أعظم المال الصدقة
الأمر الأول: (إِلَّا مَا تَصَدَّقْتَ فَأَمْضَيْتَ) هو ما تصدق بهِ الإنسان، فهذا لك، لك لأن أجره العظيم سيعود عليك في الدنيا وفي الآخرة، (إِلَّا مَا تَصَدَّقْتَ فَأَمْضَيْتَ) هذه صدقةٌ قدمتها لوجه الله تعالى وأمضيتها في حياتك فهي لك، لا تترك صدقةً إلى ما بعد موتك، لا تقل ادفعوا، ادفع الآن فما تصدقت بهِ فقد أمضيته وأصبح لك ذخراً عند الله، وهذا أعظم مالٍ لك وهو الذي تصدقت بهِ لأنه يبقى.
عمر رضي الله عنه أمسك يوماً تفاحةً فقال: "أكلتها ذَهَبت، أطْعَمْتُها بَقِيَتْ"، فأطعمها.

{ عن عائشة رضي اللَّه عنها أَنَّهُمْ ذَبحُوا شَاةً، فقالَ النَّبِيُّ صَلّى اللهُ عَلَيْهِ وسَلَّم: "مَا بَقِيَ مِنها؟ "قالت: مَا بَقِيَ مِنها إِلاَّ كَتِفُهَا، قَالَ:"بَقِي كُلُّهَا غَيرَ كَتِفِهَا" }

(رواه الترمذي)

فإن الذي يبقى هو الذي تنفقه في سبيل الله لأنك تلقى أجره عظيماً عند العرض على الله، فليس لك مِنْ مَالِكَ (إِلَّا مَا تَصَدَّقْتَ فَأَمْضَيْتَ).

2. مَا أَكَلْتَ فَأَفْنَيْتَ
(أَوْ أَكَلْتَ فَأَفْنَيْتَ) الطعام لك استفدت منه، فإن ابتغيت بهذا الطعام كفاية نفسك وأهلك وأولادك للتَّقوي على طاعة الله أخذت أجره أيضاً، لكنه طعامٌ يفنى في المحصلة.

3. مَا لَبِسْتَ فَأَبْلَيْتَ
ما سيحاسب عليه الإنسان يوم القيامة
(أَوْ لَبِسْتَ فَأَبْلَيْتَ) هذه الثياب لبستها فاهترأت وانتهت لكنك استفدت منها، فالإنسان كل ما له من مَالِه صدقةٌ يبقى أجرها أو طعامٌ أو لباسٌ، وأما الباقي فستحاسب عنه يوم القيامة أمام الله من أين اكتسبته وفيما أنفقته رغم أنك لم تنتفع منه بشيء، فمن يأتي يوم القيامة ورصيده مئة ألف سيحاسب على المئة ألف التي تركها رغم أنه لم ينتفع منها بشيء، فليحرص الإنسان أن يتصدق وأن يكفي أهله وأن يكفي أولاده في طاعة الله وابتغاء وجه الله.
إلى الملتقى أستودعكم الله الذي لا تضيع ودائعه، السلام عليكم ورحمة الله وبركاته.