الحنين للوطن

  • 2016-12-30
  • عمان
  • مسجد الناصر صلاح الدين

الحنين للوطن

الحمد لله نحمده، ونَستعين به ونستهديه ونسترشُده، ونعوذ بالله من شُرور أنفسنا ومن سيئات أعمالنا، من يَهديه الله فلا مُضلَّ له، ومن يُضّلِل فلن تَجد له وليّاً مُرشداً، وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له، غِنى كل فقير، وعِزُّ كل ذليل، وقوة كل ضعيف، ومَفزَع كُل ملهوف، فكيف نفتقرُ في غِناك؟! وكيف نَضِلُّ في هُداك؟! وكيف نذلُّ في عِزّك؟! وكيف نُضام في سُلطانك؟! وكيف نخشى غيرك والأمر كُله إليك؟! وأشهد أنَّ سيدنا محمداً عبده ورسوله، أرسلتَه رحمةً للعالمين بشيراً ونذيراً، ليُخرجنا من ظُلمات الجهل والوهم، إلى أنوار المعرفة والعِلم، ومِن وحوّل الشهوات إلى جَنات القُربات، فجزاه الله عنا خير ما جزا نبياً عن أُمته.
اللهم صلِّ وسلِّم وبارك على سيدنا محمد وعلى آل سيدنا محمد، وعلى أصحاب سيدنا محمد، وعلى أزواج سيدنا محمد، وعلى ذُرِّية سيدنا محمدٍ وسلِّم تسليماً كثيراً.

ما هو الوطن؟
وبعد فيا أيُّها الإخوة الكرام، حديثنا اليوم عن الوطن، الوطن أيُّها الإخوة كلمةٌ يَحنُّ إليها كُل إنسان، فكل إنسانٍ يَحنُّ إلى وطنه، وقد صدق الشاعر إذ قال:
كم منزلٍ في الأرضِ يألفُه الفتى وحنينُــه أبــداً لأوّلِ منــــزلِ
{ أبو تمام }
الوطن هو المكان الذي تستطيع أن تعبُد الله فيه
أيُّها الإخوة الكرام، الوطن له تأصيلٌ شرعي، أولاً الوطن هو المكان الذي تستطيع أن تعبُد الله فيه، لذلك شُرِّعت الهجرة قبل الفتح، لأنَّ المسلمون كانوا يُسامون سوء العذاب في مكة، فأذِن الله لهم بالهجرة لأنَّ الوطن هو مكانٌ تَعُبد الله فيه، تنتشر فيه المساجد، تستطيع أن تؤدي فيه الطاعات والعبادات، لا يوجد قمعٌ يَصرُفك عن طاعة الله، ولا توجد شهواتٌ مُستعرةٌ إلى حدٍ لا يُمكّنك من طاعة الله.

إِنَّ الَّذِينَ تَوَفَّاهُمُ الْمَلَائِكَةُ ظَالِمِي أَنفُسِهِمْ قَالُوا فِيمَ كُنتُمْ قَالُوا كُنَّا مُسْتَضْعَفِينَ فِي الْأَرْضِ قَالُوا أَلَمْ تَكُنْ أَرْضُ اللَّهِ وَاسِعَةً فَتُهَاجِرُوا فِيهَا فَأُولَٰئِكَ مَأْوَاهُمْ جَهَنَّمُ وَسَاءَتْ مَصِيرًا (97)
(سورة النساء)


متى يُستضعف الإنسان في الأرض؟
فالإنسان متى يُستضّعف في الأرض؟ يُستضّعف عندما يُمنع مِن أداء شعائر دينه، قَمعاً وبَطشاً، وظُلماً، تُغلق المساجد، تُمنع الطاعات، تُمنع العبادات، لا يجد مكاناً يُحفِّظ ابنه كتاب الله تعالى فيه، ولا يُعلِّمه سُنَّة نبيه صلى الله عليه وسلم، هنا مُشكلة، المُشكلة الثانية يُستضّعف الإنسان في الأرض حينما يكون في بلدٍ الزنى فيه على قارعة الطريق، والفساد فيه ثقافة، والمُنكر فيه معروفٌ، والمعروف فيه مُنكر، هنا يُستضّعف مرةً ثانية، فلا بُدَّ للإنسان أن يعيش في وطنٍ يُقيم فيه شرع الله عز وجل، وهذا البلد الطيب ولله الحمد يُقيم شرع الله عز وجل، ونسأل الله أن يُديم عليه هذه النعمة، وأن يزيد الخير، وأن يزيد المساجد والمُصلّين وكل َّخير.

التأصيل الشرعي لقضية الوطن في السُنَّة:
أيُّها الإخوة، النبي صلى الله عليه وسلم ترك وطنه، هنا التأصيل الشرعي لقضية الوطن في السُنَّة، فلمّا اشتاق النبي صلى الله عليه وسلم إلى مكّة، محل مولده ونشأته، أنزل الله تعالى قوله:

إِنَّ الَّذِي فَرَضَ عَلَيْكَ الْقُرْآنَ لَرَادُّكَ إِلَىٰ مَعَادٍ قُل رَّبِّي أَعْلَمُ مَن جَاءَ بِالْهُدَىٰ وَمَنْ هُوَ فِي ضَلَالٍ مُّبِينٍ (85)
(سورة القصص)

و(المَعاد) هنا هو مكّة المُكرَّمة، وأعاده الله إلى موطنه.
قَدِم أُصيلٌ الغفاري كما في كتب السيرة، على رسول الله صلى الله عليه وسلم من مكة قبل أن يُضرب الحجاب، فقالت عائشة رضي الله عنها لأُصيل: كيف تركت مكة؟ قال: << اخضرّت جَنباتُها، وابيضَّت بَطحاؤها، وأغدق إذخُرها، وانتشر سَلَمُها>>، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: " ويحك يا أُصيل لا تُحزِنّا" حسبُك يا أُصيل لا تُحزنّي، وفي روايةٍ قال: ويها يا أُصيل تدع القلوب تَقرّ.
النبي الكريم أحبَّ وطنه واشتاق إليه
أيُّها الإخوة الكرام، إذاً النبي صلى الله عليه وسلم أحبَّ وطنه، واشتاق إلى وطنه، وهذا تأصيلٌ شرعيٌّ للوطن.
وعن عبد الله بن عَدي الحمراء الزُهري قال: رأيت رسول الله صلى الله عليه وسلم وهو على راحلته بالحزورة، مكان قريب من مكة ، على مشارف مكة.

{ أنَّ النبيَّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ نَظَرَ إلى مَكَّةَ، فقال : إنَّكِ لَأحَبُّ أرضِ اللهِ إلى اللهِ ، ولولَا أنَّ قومِي أخْرَجونِي منكِ ما خرَجْتُ. }

(أخرجه الطبراني والترمذي وابن حبان)

لا يُحبّ الإنسان الخروج من وطنه، والله تعالى جعل الخروج من الوطن قريباً من قتل النفس، فقال تعالى:

وَلَوْ أَنَّا كَتَبْنَا عَلَيْهِمْ أَنِ اقْتُلُوا أَنفُسَكُمْ أَوِ اخْرُجُوا مِن دِيَارِكُم مَّا فَعَلُوهُ إِلَّا قَلِيلٌ مِّنْهُمْ وَلَوْ أَنَّهُمْ فَعَلُوا مَا يُوعَظُونَ بِهِ لَكَانَ خَيْرًا لَّهُمْ وَأَشَدَّ تَثْبِيتًا (66)
(سورة النساء)

يصعُب على الإنسان أن يُغادر وطنه، أو أن يخرج منه، وفي الحديث جعل النبي صلى الله عليه وسلم عقوبة الزاني أن يُغادر وطنه، فالغربة عقوبة.
فعن عُبادة قال: قال صلى الله عليه وسلم:

{ خذوا عنِّي قد جعلَ اللهُ لهنَّ سبيلًا البكرُ بالبكرِ جلدُ مائةٍ وتغريبُ سنةٍ والثَّيبُ بالثَّيبِ جَلدُ مائةٍ والرَّجمُ }

(صحيح ابن ماجه)

تغريب سنة هذه عقوبة.
أيُّها الإخوة الكرام، إذاً نحن هنا نُؤصّل لقضية حُبُّ الوطن في الإسلام، وقد ورد "حُبُّ الوطن من الإيمان" ولكنه ليس حديثاً ولكن معناه فيه صحة.
عن عائشة رضي الله عنها كما في البخاري:

{ لَمَّا قَدِمَ رَسولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ المَدِينَةَ، وُعِكَ أبو بَكْرٍ وبِلَالٌ، فَكانَ أبو بَكْرٍ إذَا أخَذَتْهُ الحُمَّى يقولُ: كُلُّ امْرِئٍ مُصَبَّحٌ في أهْلِهِ ... والمَوْتُ أدْنَى مِن شِرَاكِ نَعْلِهِ، وكانَ بلَالٌ إذَا أُقْلِعَ عنْه الحُمَّى يَرْفَعُ عَقِيرَتَهُ يقولُ: أَلَا لَيْتَ شِعْرِي هلْ أبِيتَنَّ لَيْلَةً ... بوَادٍ وحَوْلِي إذْخِرٌ وجَلِيلُ وَهلْ أرِدَنْ يَوْمًا مِيَاهَ مَجَنَّةٍ ... وهلْ يَبْدُوَنْ لي شَامَةٌ وطَفِيلُ قالَ: اللَّهُمَّ الْعَنْ شَيبةَ بنَ رَبِيعَةَ، وعُتْبَةَ بنَ رَبِيعَةَ، وأُمَيَّةَ بنَ خَلَفٍ كما أخْرَجُونَا مِن أرْضِنَا إلى أرْضِ الوَبَاءِ، ثُمَّ قالَ رَسولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ: اللَّهُمَّ حَبِّبْ إلَيْنَا المَدِينَةَ كَحُبِّنَا مَكَّةَ أوْ أشَدَّ، اللَّهُمَّ بَارِكْ لَنَا في صَاعِنَا وفي مُدِّنَا، وصَحِّحْهَا لَنَا، وانْقُلْ حُمَّاهَا إلى الجُحْفَةِ. قالَتْ: وقَدِمْنَا المَدِينَةَ وهي أوْبَأُ أرْضِ اللَّهِ، قالَتْ: فَكانَ بُطْحَانُ يَجْرِي نَجْلًا. تَعْنِي مَاءً آجِنًا. }

( صحيح البخاري)


لا بُدَّ للإنسان أن يحنَّ إلى وطنه:
الإنسان مُتعلِّقٌ بوطنه
إذاً أيُّها الإخوة الكرام، هذه الأحاديث، وهذه الأخبار التي وردت في السيَّر، تُشير إلى أنَّ الإنسان مُتعلِّقٌ بوطنه، يُحبُّ وطنه، يُفرحه ما يَسرّ وطنه، ويَسوءه ما يسوء وطنه، فحُبّ الوطن أيُّها الإخوة مُتجذرٌ في أعماق الإنسان ولا يعرف الغُربة إلا من يُكابدها.
وقد قال الأصمعي: "سمعت أعرابياً يقول : إذا أردت أن تعرف الرجل، فانظر كيف تَحنُّنه إلى أوطانه ، وتشوّقه إلى إخوانه ، وبكاؤه على ما قضى من زمانه".
وقال الأصمعي: هذا في بلاد الهند، << قالت الهند: ثلاث خصالٍ في ثلاثة أصنافٍ، من الحيوان الإبل تحن إلى أوطانها وإن كان عهدها بها بعيداً، والطير إلى وكُرِه وإن كان موضعه مُجدباً، والإنسان إلى وطنه وإن كان غيره أكثر نفعاً>>.
يحنُّ الطير إلى وكرِه وإن كان الموضع الذي إليه الحنين مُجدب، لا نبت فيه ولا ماء، والإنسان إلى وطنه وإن كان غيره أكثر نفعاً له، قد يكون النفع في غير وطنه أكبر لكنه يبقى يَحنُّ إلى وطنه.

مفهوم المواطنة عند النبي صلى الله عليه وسلم:
أقدم مفهومٍ للمواطنة في التاريخ
أيُّها الإخوة الكرام، المُواطنة مفهومٌ بدأه النبي صلى الله عليه وسلم، وهذا أقدم مفهومٍ للمواطنة في التاريخ، في التاريخ كله لا يوجد أقدم مفهومٍ وصلنا للمواطنة من مفهوم النبي صلى الله عليه وسلم، لمّا دخل المدينة وكان اسمها يثرب، لمّا دخل يثرب كان فيها طوائف، يثرب لم تكن مُسلمة، وكان فيها نزاعات بين الأوس والخزرج، وكان فيها من النصارى، وكان فيها من المُوحدين، وكان فيها من المشركين، وكان فيها من اليهود، كل الأصناف موجودة في المدينة، فلمّا دخل النبي صلى الله عليه وسلم المدينة وضع ميثاقاً، سمّي ميثاق المدينة، أول كلمةٍ فيه أو أول بندٍ فيه، قال: "أهل يثرب أُمّةٌ واحدة"، هذه هي المواطنة، أهل يثرب أُمّةٌ واحدة في الحقوق والواجبات.
فكلُّ إنسانٍ تترتب عليه واجباتٌ تجاه وطنه وأُمَّته، وله حقوقٌ من وطنه وأُمَّته، لكن أهل يثرب أُمّةٌ واحدة، لذلك أيُّها الإخوة أساس المواطنة مبدأ الحقوق والواجبات، دون أي اعتباراتٍ أُخرى، حقوق الإخوّة، حقوق الجوار، القرابة، كلها حقوقٌ تترتب على الإنسان في وطنه، ليُحقّق الاستخلاف في الأرض قال تعالى:

وَإِلَىٰ ثَمُودَ أَخَاهُمْ صَالِحًا ۚ قَالَ يَا قَوْمِ اعْبُدُوا اللَّهَ مَا لَكُم مِّنْ إِلَٰهٍ غَيْرُهُ هُوَ أَنشَأَكُم مِّنَ الْأَرْضِ وَاسْتَعْمَرَكُمْ فِيهَا فَاسْتَغْفِرُوهُ ثُمَّ تُوبُوا إِلَيْهِ إِنَّ رَبِّي قَرِيبٌ مُّجِيبٌ (61)
(سورة هود)


كيف يكون الانتماء للوطن؟
الانتماء للدين أقوى انتماء
أيُّها الإخوة الكرام، وحُبُّ الوطن يظهر من الإنسان في المُحافظة على أموال الوطن وثرواته، وفي تحقيق العدل ونشر الخير كلٌّ بحسب مسؤوليته، كل إنسانٍ في موضعه ينبغي عليه أن ينتمي لوطنه، الانتماء للوطن لا يعني التخلي عن الانتماء للدين أبداً، أهل يثرب أُمّةٌ واحدة، الانتماء للدين لا شكَّ أنه أقوى انتماء، لكن هذا لا يعني أن يتخلى الإنسان في وطنه عن مسؤولياته، ففي الوطن الجميع متساوون في الحقوق والواجبات، وهذا مفهومٌ إسلاميّ، ليس مفهوماً قومياً ولا مفهوماً عروبياً، هذا مفهومٌ إسلاميّ أنّنا نعيش في وطنٍ واحد، فجميعنا في قاربٍ واحد نسعى جميعاً لخدمة وطننا.
أيُّها الإخوة الكرام، ومن واجبات المواطن تجاه وطنه أن يُحافظ على أمنه واستقراره، وأن يُحقق فيه مبدأ الأخوّة قال النبي صلى الله عليه وسلم:

{ مَثَلُ المُؤْمِنِينَ في تَوادِّهِمْ، وتَراحُمِهِمْ، وتَعاطُفِهِمْ مَثَلُ الجَسَدِ إذا اشْتَكَى منه عُضْوٌ تَداعَى له سائِرُ الجَسَدِ بالسَّهَرِ والْحُمَّى. }

(صحيح مسلم)

أيُّها الإخوة الكرام، ونحن هنا في هذا الوطن الكريم، نعيش ولله الحمد والمِنَّة، بأطيافٍ مُتعددة، مُتحابين، مُتآلفين، تجمعنا الكلمة الطيبة، والأخوّة الصادقة في الله عز وجل، وينبغي أن نُعزز هذا الأمر، وأن نزيد من تماسكنا وأُلفتنا، وأن نقف صفاً واحداً في وجه كل من يحاول أن يمسَّ أمن الوطن أو المواطن، وهذه مسؤوليةٌ شرعيّةٌ وأخلاقيّة.
هذا البلد الطيب أيُّها الإخوة ولله الحمد، يستضيف من جميع البلاد العربية، لِما يتمتع من أمنٍ وأمان في وسطٍ مُلتهب، لذلك فالجميع مسؤولٌ عن الحفاظ على أمن هذا الوطن، يتوقف عن نشر أي شائعةٍ أو أي شيءٍ يُخلُّ بالأمن، ونقف جميعاً مع الجهات التي تُحافظ على أمن هذا الوطن، وهذه مسؤوليةٌ جماعية.
نسأل الله عز وجل أن يُديم على هذا الوطن الأمن والأمان إنه وليُّ ذلك والقادر عليه.
حاسبوا أنفسكم قبل أن تُحاسبوا، وزِنوا أعمالكم قبل أن توزن عليكم، واعلموا أنَّ مَلَك الموت قد تخطانا لغيرنا وسيتخطى غيرنا إلينا فلنأخذ حِذرنا، الكيّس من دان نفسه وعمل لِما بعد الموت، والعاجز من أتبع نفسه هواها و تمنى على الله الأمانيّ، واستغفروا الله.
الحمد لله ربِّ العالمين، وأشهد أن لا إله إلا الله وليُّ الصالحين، اللهم صلِّ على محمدٍ وآل محمد كما صلّيت على إبراهيم وعلى آل إبراهيم، وبارك على محمدٍ وعلى آل محمد، كما باركت على إبراهيم وعلى آل إبراهيم، في العالمين إنك حميدٌ مجيد.
إخواننا الكرام، كما قلنا في الخطبة الأولى، هذا الوطن مسؤولية الجميع، والوقوف في خدمته على مبدأ الحقوق والواجبات واجب الجميع، وكُل إنسانٍ أيُّها الإخوة الكرام مسؤولٌ في موضعه وفي مكانه، المُعلِّم في صفه، والموظف في شركته، والمدير في دائرته، والخطيب على مِنبره، والضابط في جيشه، كُل إنسانٍ مسؤولٌ عن تحقيق مفهوم المواطنة الذي يُحقّق الأمن والسِلم المجتمعي.
اللهم اهدنا فيمن هديت، وعافِنا فيمن عافيت، وتولّنا فيمن توليت، وبارك لنا فيما أعطيت، وقِنا واصرف عنا شرَّ ما قضيت، فإنك تقضي ولا يُقضى عليك، إنَّه لا يذلُّ مَن واليت ولا يَعزُّ مَن عاديت، تباركت ربنا وتعاليت، فَلَكَ الحمد على ما قضيت، لك الشُكر على ما أنعمت وأوليت، نستغفرك ونتوب إليك، نؤمن بك ونتوكل عليك، اللهم هبّ لنا عملاً صالحاً يُقرّبنا إليك، يا واصل المنقطعين صِلنا برحمتك إليك.
اللهم برحمتك عُمَّنا، واكفنا اللهم شرَّ ما أهمّنا وأغمَّنا، وعلى الإيمان الكامل والكتاب والسُنَّة توفَّنا، نلقاك وأنت راضٍ عنا، وارزقنا اللهم حُسن الخاتمة، واجعل أسعد أيامنا يوم نلقاك وأنت راضٍ عنا.
أنت حسبُنا عليك اتكالنا، اللهم آتِ نفوسنا تقواها، وزكّها أنت خيرُ من زكّاها، أنت وليُّها وأنت مولاها، اللهم اجعلنا نخشاك حتى كأنّا نراك، أسعدنا بلقياك، واجمعنا بحبيبك ومُصطفاك، واسقنا اللهم من حوضه الشريف شربةً هنيئةً مريئةً لا نظمأ بعدها يا أرحم الراحمين، وارزقنا زيارته في الدنيا، وشفاعته في الآخرة يا أرحم الراحمين.
اللهم بفضلك ورحمتك أعلِ كلمة الحقِّ والدين، وانصر الإسلام وأعزَّ المسلمين، اللهم انصر من نصر الدين واخذل من خذل الدين.
اللهم من أراد بالإسلام ودياره وأهله خيراً فوفِقه اللهم لكل خير، ومن أراد به غير ذلك فاكفِنا اللهم شرَّه بما شِئت وكيف شِئت يا أرحم الراحمين.
اللهم بفضلك ورحمتك اجعل هذا البلد آمناً سخيّاً رخيَاً مُطمئناً وسائر بلاد المسلمين، فرّج عن إخواننا المُستضعفين في مشارق الأرض ومغاربها، وانصرهم على أعدائهم وأعدائك يا أرحم الراحمين، أطعم اللهم جائعهم، واكسُ عُريانهم، وارحم مُصابهم، وآوِ غريبهم، واجعل لنا في ذلك عملاً مُتقبلاً يا أرحم الراحمين.
اسقنا الغيث ولا تجعلنا من القانطين، لا تُهلكنا بالسنين، ولا تُعاملنا بفعل المُسيئين، وفِّق اللهم ملك البلاد لِمَا فيه خير البلاد والعباد.
أقم الصلاة وقوموا إلى صلاتكم يرحمكم الله.