سؤال وجواب

  • الجمعة 2025-05-09
  • 2025-05-09
  • سوريا - دمشق
  • مسجد عبد الغني النابلسي

سؤال وجواب

السلام عليكم ورحمة الله وبركاته.
بسم الله الرحمن الرحيم، الحمد لله ربِّ العالمين، والصلاة والسلام على نبينا الأمين وعلى آله وأصحابه أجمعين.

السؤال الأول:
ما هو حكم التأمين الصحي في ظل غلاء المعيشة الذي تمرّ به البلاد؟
إخواننا التأمين التجاري هو عقدٌ فاسد، وهذا ما بيَّنه مجمع الفقه الإسلامي في قراراته الصادرة، عقدٌ فاسد لأنه مبني على منفعةٍ في مقابل ضرر، وعلى أكل أموال الناس بالباطل، للتقريب: يعني عندما يكون هناك عشر أشخاص، وكل شخص يدفع مئة، فالعشرة يجمعون ألف، هذه الألف على توقُّع حصول الضرر، يعني إذا تضررت السيارة شركة التأمين تدفع منها، وإذا مَرِض شركة التأمين تعالجه منها، فعالجت واحد أو اثنين، والثمانية لم يحدث معهم شيء نهائياً، فبقيت هذه الأموال لشركات إعادة التأمين وللبنوك، فتغتني شركات التأمين على حساب الناس الذين يتوقعون الضرر، فهي مُحرَّمة.
هل هناك بديل شرعي؟ نعم وهو التأمين التكافلي، يعني نحن عشرة، وكل واحد يدفع مئة، فأصبح المجموع ألف، فمَن يتعرَّض لمرضٍ نعالجه وباقي المبلغ لنا جميعاً، هذا تكافلي ودليله، قوله صلى الله عليه وسلم:

{ إنَّ الأشْعَرِيِّينَ إذا أرْمَلُوا في الغَزْوِ، أوْ قَلَّ طَعامُ عِيالِهِمْ بالمَدِينَةِ جَمَعُوا ما كانَ عِنْدَهُمْ في ثَوْبٍ واحِدٍ، ثُمَّ اقْتَسَمُوهُ بيْنَهُمْ في إناءٍ واحِدٍ بالسَّوِيَّةِ، فَهُمْ مِنِّي وأنا منهمْ. }

(صحيح البخاري)

هذا التأمين التكافلي مطلوب بل مرغوب، لكن أحياناً في بلادٍ كثيرة غير موجود، فإذا وصل الأمر إلى حالة الحاجة التي تتنزل منزلة الضرورة، يعني شخص عنده مشكلة صحية، شخص كبير بالعمر وغير قادر على علاج نفسه، فلجأ إليه، بعض الفتاوى قالت إنَّ هذا الأمر أصبح من باب الضرورة، الأصل أن لا يفعله المسلم، وإذا اشتدت الحاجة بحيث لا مجال منه إلا أن يؤمِّن، خاصةً في بلادٍ بعيدة يتعاملوا بالتأمين دائماً، الذي لا يؤمِّن تُصبح تكاليف العلاج عليه عشرة أضعاف، لأنَّ المشافي ترفع العلاج جداً بسبب وجود التأمين، فكل حالة لها حُكمها، من يضطر اضطراراً مُلجِئً لذلك له حكمه، يجوز له، أمّا في الأصل حُرمة التأمين التجاري، وإن وجِد تأمين تكافلي نلجأ للتكافلي ولا نلجأ للتجاري.

السؤال الثاني:
أعرف شخصاً أذى الناس أيام النظام وهو لا يزال على رأس عمله، أخاف إن بلّغت عنه أن أكون سبباً في قطع رزقه فماذا أفعل؟
كلمة أذى الناس كلمة عامة، أولاً هل أنت متأكد مئةً بالمئة وليس تسعة وتسعين بالمئة، بل مئةً بالمئة، لأنَّ اليوم هذا المجال صار مجال واسع جداً، يعني كل واحدٍ يتخيَّل أنَّ فلاناً كان في ذاك الزمان رافعاً للعلم، أو وضع صورة المجرم على سيارته، فهو يُقرر أنه كان يؤذي الناس، إن لم يكن هناك يقين مئةً بالمئة وليس تسعاً وتسعين، مئة بالمئة أولاً، ثم تكون أذيّة مُتحقِّقة، يعني دخل الناس السجن بسببه، مات أُناس بسببه، فهذا إن استطعت ضمن القنوات النظامية أن تُبلِّغ عنه فافعل، غير ذلك لا، فنأخذ الناس بجانب العفو والمُسامحة، ولا نلجأ لجانب القِصاص، إلا في الحالات المتأكدين منها مئةً بالمئة.

السؤال الثالث:
هل يصح التحدث عن أعمالي الصالحة وعلمي الشرعي، عندما أريد الزواج من إحداهن بُغية تطمين أهل الزوجة؟
نعم يصح لا مانع، هذا ليس من الرياء، لا مانع أن يقول الإنسان أنا درست كذا عند فلان وعند فلان، والحمد لله أقوم على جمعيةٍ خيرية وأُنفِق، حتى يعلم أهل الفتاة من هو، ثم يسألون عنه ولعله يكون القبول، هذا ليس رياءً والله أعلم.
أرجو الدعاء لي ولابنتي بالشفاء من مرض السرطان اسم الطفلة هنا:
اللهم اشفِ هنا شفاءً لا يُغادر سقماً، اللهم اشفها شفاءً لا يُغادر سقماً، اللهم اشفها شفاءً لا يُغادر سقماً، واكتب لأهلها الأجر والثواب يا أرحم الراحمين.

السؤال الرابع:
سألني أحد الأشخاص من النصارى، أنَّ المسجد الأقصى لم يكن موجوداً عندما عَرَج النبي إلى السماء، فكيف ذُكر في القرآن؟
يعني هو يفترض افتراضاً ثم يسأل عنه، من قال له أنَّ المسجد الأقصى لم يكن؟! ربما لم يكن موجوداً على صيغته الحالية، يعني مثلاً الكعبة المُشرَّفة:

إِنَّ أَوَّلَ بَيْتٍ وُضِعَ لِلنَّاسِ لَلَّذِي بِبَكَّةَ مُبَارَكًا وَهُدًى لِّلْعَالَمِينَ(96)
(سورة آل عمران)

فمكانه منذ بدء الخليقة، النبي صلى الله عليه وسلم قال: أول بيت وضع هو المسجد الحرام ثم المسجد الأقصى:

{ عَنْ أبِي ذَرٍّ، قالَ: قُلتُ يا رَسولَ اللهِ: أيُّ مَسْجِدٍ وُضِعَ في الأرْضِ أوَّلُ؟ قالَ: المَسْجِدُ الحَرَامُ قُلتُ: ثُمَّ أيٌّ؟ قالَ: المَسْجِدُ الأقْصَى قُلتُ: كَمْ بيْنَهُمَا؟ قالَ: أرْبَعُونَ سَنَةً، وأَيْنَما أدْرَكَتْكَ الصَّلَاةُ فَصَلِّ فَهو مَسْجِدٌ. }

(أخرجه البخاري ومسلم)

فالمسجد الأقصى موجود بعد أربعين سنة من المسجد الحرام، قد يكون هُدِّم مكانه، أو تغيرت معالمه، لكن لا يعني أنه غير موجود، فعدم الوجدان لا يدل على عدم الوجود، فهو افترض وسأل بناءً على افتراضه و افتراضه خاطئ، المسجد الأقصى موجود، والله أسرى بنبيه إليه ثم عَرَج به منه إلى السماء.

السؤال الخامس:
هل يحصل الشخص على ثواب صلاة الجماعة إذا صلَّى مع أهله في بيته أو مع أصحابه في العمل؟
نعم هي جماعةٌ لكنها دون جماعة المسجد، يعني يؤجَر إن شاء الله على الاجتماع على الصلاة، ولكن ليست الصلاة التي تزيد على سبعٍ وعشرين درجة.

{ صلاةُ الرَّجلِ في جماعةٍ تزيدُ علَى صلاتِه في بيتِه وصلاتِه في سوقِه خمسًا وعشرينَ درجةً وذلِك بأنَّ أحدَكم إذا تَوضَّأ فأحسنَ الوضوءَ وأتى المسجدَ لا يُريدُ إلَّا الصَّلاةَ ولا ينهزُه إلَّا الصَّلاةُ لم يخطُ خطوةً إلَّا رُفعَ لَه بِها درجةٌ وحطَّ عنهُ بِها خطيئةٌ حتَّى يدخلَ المسجدَ فإذا دخلَ المسجدَ كانَ في صلاةٍ ما كانتِ الصَّلاةُ هيَ تحبسُه والملائِكةُ يصلُّونَ علَى أحدِكم ما دامَ في مجلسِه الَّذي صلَّى فيهِ ويقولونَ اللَّهمَّ اغفر لَه اللَّهمَّ ارحمهُ اللَّهمَّ تب عليهِ ما لم يؤذِ فيهِ أو يُحدث فيهِ }

(أخرجه البخاري ومسلم)

لكن بين الفرد أن يُصلّي وحده، وجماعة المسجد أن يُصلّي مع أهل بيته، وهذه لها أدلةٌ في السُنَّة، أن يُصلّي في أهل بيته وله أجرٌ أعظم من أجر الفرد، ولكن دون أجر جماعة المسجد.

السؤال السادس:
ما حكم البحث والحفر عن الذهب كما يفعل الناس؟
والله يا أحبابنا هذا الذهب يُسمّونه الركاز بالفقه، وهذا له أحكامٌ خاصة، يعني هذا الذهب ليس لمن يجده، إذا كان من دفائن الجاهلية شيء، وإن كان حديث شيء، إذا حديث يجب أن يُعرَّف عنه لعل له صاحباً، وإن كان تبيَّن أنه من الآثار القديمة، يعني تبيَّن أنه من العصر العثماني أو قبل ذلك، فهذا يُزكَّى عنه مباشرةً بدفع الخُمُس، يعني عشرين بالمئة والباقي يأخذه، فحسب الدفائن الموجودة في المكان، قد يكون له أشخاص، هذا البيت كان يسكنه أُناس من ثلاثين أو أربعين سنة، يجب أن نبحث عن أصحابه لا يجوز، نُعرِّف عنه سنة الحد الأدنى نقول وجدنا، أمّا الذهب الذي هو من دفائن الجاهلية القديمة، التي لم يعُد لها صاحب، فهذا له زكاة عشرين بالمئة والباقي لمن وجده.

السؤال السابع:
هل يوجد قول لأي من الأئمة الأربعة، بأنَّ صيام المرأة لستة من شوال يُكرمها بثوابها، وأيضاً تعويضاً عن ما فاتها من رمضان، أم كلٌّ على حِدا؟ وهل في حال عدم وجود قول على ذلك هل الأَولى صوم الذي في رمضان قبل الست من شوال؟
أحبابنا الكرام: نعم يوجد قول، هناك من العلماء من قال إنَّ المرأة إذا صامت الست من شوال ونَوَت القضاء فيحصل لها ثواب الست من شوال وكرم الله واسع، لكن ما الذي يترجح، الراجح أنَّ كُلّاً منهما عبادة مستقلة، هذا فرضٌ عليها وذاك سُنَّةٌ، والسيدة عائشة رضي الله عنها كانت تصوم الست من شوال، ثم في شعبان تصوم ما عليها من قضاء، فتُقدِّم السُنّة على الفرض فلا مانع، لكن الأَولى إن استطاعت في شوال أن تصوم قضاءها ستة أو سبعة أيام، ثم تصوم الست من شوال.
هل يوجد قول؟ نعم يوجد قول والله غفورٌ رحيم، يعني إذا امرأة صامت بنيِّة القضاء في شوال، واحتسبت أن يُكرمها الله وخزائن الله واسعة، يوجد قول وأقوال نعم.

السؤال الثامن:
هل يصح الصلاة على رسول الله لتحقيق أمرٍ مُعيَّن مع النيَّة لنَيل الثواب؟
نعم لأنَّ النبي صلى الله عليه وسلم لمّا قال:

{ كم أجعلُ لك من صلاتي؟ قال: ما شئتَ، قال: الثُّلُثَ، قال: ما شئتَ وإن زدتَ فهو أفضلُ، قال: النِّصفَ، قال: ما شئتَ وإن زدتَ فهو أفضلُ، قال أجعلُ لك صلاتي كلَّها، قال: إذًا يكفيك اللهُ همَّك، ويغفرُ لك ذنبَك. }

(أخرجه البيهقي)

فيمكن أن يُصلّي الإنسان على رسول الله صلى الله عليه وسلم، ينوي بذلك تحقيق أمرٍ مُعيَّن أن يقضي الله دينه، أن يُفرِّج عن سجينٍ، أن يُحقِّق له غاية، أن ينجح في الامتحان ويُحصِّل ثواب الصلاة على رسول الله.

السؤال التاسع:
توفيت حماتي في عام 2017، أوصَت بمبلغٍ أن يُدفع من تركتها، وكلفوني الورثة بدفعه، قلبته يومها فكان أربعة آلاف وخمسمئة يورو، كانت الوصية أن تضعه للمساجد ونصفه للفقراء، وأنا إلى الآن محتفظٌ به لا أدري أين أدفعه. يُتبع... حماتي وضعت عندي مبلغ كبير واحتفظت به لمدة سبع سنوات في بيتي مع مالي، ذهبت إلى المشفى في العناية المُشدَّدة عشرة أيام وعندما عدت إلى البيت لم أجد المال، فطالبوني بالمال فماذا علي أن أفعل علماً بأنني منفصلٌ عن زوجتي؟
أنت لا تضمن المال يا أخي، إذا لم تُقصِّر في حفظه لا تضمنه، شخصٌ قال لك هذا المال ضعه أمانةً عندك، أخذته ووضعته مع مالك في البيت، وأغلقت الباب ولم تتركه مفتوحاً وخرجت، سافرت ورجعت لم تجد المال، لا تضمنه، الأمين لا يضمن، يعني لا تُطالَب بالتعويض إلا إذا قصَّرت في حفظه، مثلاً أعطته حماته المال فوضعه في الطريق، هذا يُطالَب لأنه قصَّر في الحِفظ، أمّا إذا في الأصل وضعته حيث تضع مالك، فسُرق لا تضمن ليس عليك شيء إن شاء الله، إذا كان هو نفسه المال الذي تريد أن تدفعه للمساجد وللفقراء، يُكتَب أجرها إن شاء الله، وأنت لست مطالباً بتعويضه إلا إحساناً، والله إذا كنت تملِك أنا أدعوك لتعويضه، ولك ولها الأجر، أمّا إذا كنت لا تملِك فلا تُلزَم بتعويضه.

السؤال العاشر:
ما هو الفرق بين صلاة قيام الليل والتهجُّد وصلاة الحاجة؟
قيام الليل، أي صلاة تُصلّى من بعد العشاء إلى الفجر فهي قيام ليل، التهجُّد صلاة تُصلّى في الليل ولكن يستيقظ الإنسان لأجلها، يعني ينام بعد العشاء وقبل الفجر يستيقظ لقيام الليل، فيُسمّى هذا القيام تهجُّداً، فبين القيام والتهجُّد خصوصٌ وعموم، القيام عام، قيام الليل، أي صلاةٍ نافلة من بعد صلاة العشاء إلى طلوع الفجر فهي قيام ليل، فإذا صُلّيَت بعد نومٍ فهي تهجُّد.
صلاة الحاجة مختلفة، أن يركع الإنسان ركعتين من غير الفريضة، ثم يسأل الله حاجته، وقد تكون هذه في الليل أو في النهار لا مانع.

السؤال الحادي عشر:
ما نصيحتك لمن يريد أن يتزوج وهو لا يملِك منزلاً وحديث التخرُّج؟
والله يا أحبابنا الكرام حقٌّ على الله تعالى أن يُعين الناكح إذا أراد العفاف، نصيحتي له أن يسعى في العمل، وأن يسعى في الخِطبة، إذا كان مستقيماً على أمر الله، فإنَّ الله سيُعينه على العفاف، أن يسعى في الأسباب، وأن يبحث عن زوجةٍ صالحةٍ

{ قيل لرسولِ اللهِ صلَّى اللهُ عليهِ وسلَّمَ أيُّ النساءِ خيرٌ؟ قال: التي تسرُّه إذا نظر، وتطيعُه إذا أمر، ولا تخالفُه في نفسِها ومالها بما يكره }

(أخرجه النسائي وأحمد)

هذا والله تعالى أجلّ وأعلم، والحمد لله ربِّ العالمين.