المجادِلة
المجادِلة
الخطبة الأولى
يا ربنا لك الحمد مِلء السماوات والأرض ومِلء ما بينهما ومِلء ما شئت من شيءٍ بعد، أهل الثناء والمجد أحقُّ ما قال العبد وكُلُّنا لك عبد، لا مانع لما أعطيت، ولا معطي لما منعت، ولا ينفع ذا الجَدِّ منك الجَد، وأشهدُ أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له، غِنَى كل فقير، وعزُّ كل ذليل، وقوة كل ضعيف، ومفزع كل ملهوف، فكيف نفتقر في غناك، وكيف نضل في هداك، وكيف نَذِلُّ في عزك، وكيف نُضامُ في سلطانك، وكيف نخشى غيرك والأمرُ كله إليك، وأشهدُ أن سيدنا محمد عبده ورسوله، أرسلتهُ رحمةً للعالمين بشيراً ونذيراً، ليخرجنا من ظلمات الجهل والوهم إلى أنوار المعرفة والعلم، ومن وحول الشهوات إلى جنّات القرُبات، فجزاه الله عنا خير ما جزى نبياً عن أمته، اللهم صلِّ وسلم وبارك على سيدنا محمد، وعلى آل سيدنا محمد، وعلى أصحاب سيدنا محمد، وعلى أزواج سيدنا محمد، وعلى ذرية سيدنا محمدٍ وسلم تسليماً كيثراً .
قصة المجادِلة
الظِهار عادةٌ من عادات أهل الجاهلية
|
وَمَا كَانَ لِمُؤْمِنٍ وَلَا مُؤْمِنَةٍ إِذَا قَضَى اللَّهُ وَرَسُولُهُ أَمْرًا أَن يَكُونَ لَهُمُ الْخِيَرَةُ مِنْ أَمْرِهِمْ(سورة الأحزاب: الآية 36)
لا نقاش ولا جدال في أمر الله
أيها الأحباب: إذاً قالت له: لا والذي نفس خويلة بيده حتى يحكم الله بيننا، فالآن القضية شرعية لا مجال للعواطف فيها ولا للحب ولا للزوجية أصلاً. |
مسؤولية الزوج والزوجة في تربية الأولاد
ذهبتُ إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم، تقول خولة: فجئتُ أشكو له، تقولُ: يا رسولَ اللَّهِ، أَكَلَ شَبابي - تزوجني وأنا شابة ذات أهلٍ وعيال - أَكَلَ شَبابي، ونثرتُ لَهُ بَطني - أنجبت له الأولاد، - حتَّى إذا كبُرَتْ سِنِّي، وانقطعَ ولَدي، ظاهرَ منِّي - قال لي - أنتِ عليَّ كظهرِ أمِّي -، - ظاهرَ منِّي، ولي منه أولاد - انظروا الآن إلى حوار هذه المرأة الراقي: قالت - ولي منه أولاد إن ضممتهم إليَّ جاعوا وإن تركتهم إليه ضاعوا - لقد لخصت هذه المرأة بكليمات دور الرجل والمرأة وأعطت أساس الأسرة المسلمة، هؤلاء الأولاد - إن ضممتهم إليَّ جاعوا - فهو مسؤول الإنفاق |
الرِّجَالُ قَوَّامُونَ عَلَى النِّسَاءِ بِمَا فَضَّلَ اللَّهُ بَعْضَهُمْ عَلَىٰ بَعْضٍ وَبِمَا أَنفَقُوا مِنْ أَمْوَالِهِمْ(سورة النساء: الآية 34)
الأم هي أصل التربية
|
من أداب الزواج عدم إفشاء أسرار الزوجية
{ عن عائشة رضي الله عنها أنها قالت: الْحَمْد لِلَّهِ الَّذِي وَسِعَ سَمْعه الأصْوَات، لَقَدْ جَاءَتْ الْمُجَادِلَة تَشْكُو إِلَى رَسُول اللَّه صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَأَنَا فِي نَاحِيَة الْبَيْت، مَا أَسْمَع مَا تَقُول، فَأَنْزَلَ اللَّه عَزَّ وَجَلَّ: (قَدْ سَمِعَ اللَّه قَوْل الَّتِي تُجَادِلك فِي زَوْجهَا) }
(صحيح البخاري)
قريبة جداً وبيت رسول الله صلى الله عليه وسلم صغير، هي في ناحية البيت قريبةٌ جداً منها، قالت: - وما أسمعُ ما تَقولُ - أنا بجانبها لا أسمع ما تقول، والله تعالى سمع قولها من فوق سبع سماوات فأنزل قوله تعالى: |
قَدْ سَمِعَ اللَّهُ قَوْلَ الَّتِي تُجَادِلُكَ فِي زَوْجِهَا وَتَشْتَكِي إِلَى اللَّهِ وَاللَّهُ يَسْمَعُ تَحَاوُرَكُمَا ۚ إِنَّ اللَّهَ سَمِيعٌ بَصِيرٌ(سورة المجادلة: الآية 1)
عدم إفشاء أسرار الزوجية
|
وَهُوَ السَّمِيعُ الْبَصِيرُ(سورة الشورى: الآية 11)
نزول حكم الظهار
قيمة الأسرة في الإسلام
|
تدرج الإعتاق وصولاً لإلغاء العبودية
|
فَمَن لَّمْ يَجِدْ فَصِيَامُ شَهْرَيْنِ مُتَتَابِعَيْنِ(سورة المجادلة: الآية 4)
قالت: فقُلْتُ - واللهِ يا رسولَ اللهِ إنَّه شيخٌ كبيرٌ ما به مِن صيامٍ - لا يستطيع الصيام، قال - فلْيُطعِمْ ستِّينَ مسكينًا وَسْقًا مِن تمرٍ – فقُلْتُ - واللهِ يا رسولَ اللهِ ما ذلك عندَه - فقير، قالت: فقال رسولُ اللهِ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم - فإنَّا سنُعينُه بعَرَقٍ مِن تمرٍ- خذي هذا فليطعمه، قالت: فقُلْتُ - وأنا يا رسولَ اللهِ سأُعينُه بعَرَقٍ آخَرَ - فقال صلَّى اللهُ عليه وسلَّم - أصَبْتِ وأحسَنْتِ فاذهَبي فتصدَّقي به عنه ثمَّ استوصي بابنِ عمِّكِ خيرًا - هذه قصة المجادلة، التي نقرأ قرآناً إلى يوم القيامة في سورةٍ اسمها المجادلة. |
بين الجدال والحوار
هناك جدال وهناك حوار، الجدال أيها الأحباب طبيعةٌ إنسانية |
وَكَانَ الْإِنسَانُ أَكْثَرَ شَيْءٍ جَدَلًا(سورة الكهف: الآية 54)
ذم القرآن الكريم للجدال
|
وَيُجَادِلُ الَّذِينَ كَفَرُوا بِالْبَاطِلِ لِيُدْحِضُوا بِهِ الْحَقَّ(سورة الكهف: الآية 56)
مَا يُجَادِلُ فِي آيَاتِ اللَّهِ إِلَّا الَّذِينَ كَفَرُوا(سورة غافر: الآية 4)
أن يجادل الإنسان في آيات الله، تقول له: قال: الله، والآية واضحة قطعية الدلالة، يقول لك: هذا الحكم ليس لهذا الزمن، تغيرت الأزمان، يجادل في آيةٍ من آيات الله، هذه مصيبة |
وَمِنَ النَّاسِ مَن يُجَادِلُ فِي اللَّهِ بِغَيْرِ عِلْمٍ وَلَا هُدًى وَلَا كِتَابٍ مُّنِيرٍ(سورة الحج: الآية 8)
هذا جدالٌ مذمومٌ، وهناك جدالٌ محمودٌ حينما يكون (بِالَّتِي هِيَ أَحْسَنُ) قال تعالى: |
وَلَا تُجَادِلُوا أَهْلَ الْكِتَابِ إِلَّا بِالَّتِي هِيَ أَحْسَنُ(سورة العنكبوت: الآية 46)
أمر نبيه فقال: |
وَجَادِلْهُم بِالَّتِي هِيَ أَحْسَنُ(سورة النحل: الآية 125)
ضوابط الجدال
|
وَإِذْ قَالَ رَبُّكَ لِلْمَلَائِكَةِ إِنِّي جَاعِلٌ فِي الْأَرْضِ خَلِيفَةً ۖ قَالُوا أَتَجْعَلُ فِيهَا مَن يُفْسِدُ فِيهَا وَيَسْفِكُ الدِّمَاءَ(سورة البقرة: الآية 30)
حتى إن الله تعالى جادل إبليس اللعين عندما قال له: |
مَا مَنَعَكَ أَن تَسْجُدَ لِمَا خَلَقْتُ بِيَدَيَّ(سورة ص: الآية 75)
أهمية الجدال والحوار
إذاً الجدال والحوار مطلوب، الحوار جاء في القرآن في ثلاث مرات جاء ممدوحاً: |
قَالَ لَهُ صَاحِبُهُ وَهُوَ يُحَاوِرُهُ أَكَفَرْتَ بِالَّذِي خَلَقَكَ مِن تُرَابٍ ثُمَّ مِن نُّطْفَةٍ ثُمَّ سَوَّاكَ رَجُلًا(سورة الكهف: الآية 37)
الحوار مطلوب، أن تحاور، حتى أن تحاور زوجك في البيت وأولادك، ضمن ضوابط الأدب، ضمن ضوابط الأب والابن، الأب أبٌ، والابن ابن، لكن لا مانع من الحوار |
قَدْ سَمِعَ اللَّهُ قَوْلَ الَّتِي تُجَادِلُكَ فِي زَوْجِهَا وَتَشْتَكِي إِلَى اللَّهِ وَاللَّهُ يَسْمَعُ تَحَاوُرَكُمَا ۚ إِنَّ اللَّهَ سَمِيعٌ بَصِيرٌ(سورة المجادلة: الآية 1)
الحاجة إلى الحوار
|
وَلَوْ شَاءَ رَبُّكَ لَجَعَلَ النَّاسَ أُمَّةً وَاحِدَةً(سورة هود: الآية 118)
لكن هذا الاختلاف ينبغي أن يكون اختلاف تنوع ورقي، نرقى به، لا أن يكون اختلاف تضاد وتزاحم، نتقاتل عليه وتسفك الدماء من أجله ونتقسَّم حزباً ونتقسَّم شيعاً |
كُلُّ حِزْبٍ بِمَا لَدَيْهِمْ فَرِحُونَ(سورة الروم: الآية 32)
بل نتحاور، بل نتعاون فيما اتفقنا، وينصح بعضنا بعضاً فيما اختلفنا، نتناصح في الله، نتحاور حتى نرقى إلى الله جميعاً. |
حاسبوا أنفسكم قبل أن تحاسبوا، وزِنُوا أعمالكم قبل أن توزنَ عليكم، واعلموا أن ملكَ الموت قد تخطانا إلى غيرنا وسیَتخطى غيرنا إلينا، فلنتخذ حذرنا، الكیّس من دانَ نفسه وعمل لما بعد الموت، والعاجز من أتبع نفسه هواها وتمنى على الله الأماني، واستغفروا الله. |
الخطبة الثانية
الحمد لله رب العالمین وأشهدُ أن لا إله إلا الله وليُّ الصالحین، اللَّهُمَّ صَلِّ عَلَى مُحَمَّدٍ وَعَلَى آلِ مُحَمَّدٍ كَمَا صَلَّیْتَ عَلَى إِبْرَاهِیمَ وَعَلَى آلِ إِبْرَاهِیمَ، وَبَارِكْ عَلَى مُحَمَّدٍ وَعَلَى آلِ مُحَمَّدٍ، كَمَا بَارَكْتَ عَلَى إِبْرَاهِیمَ وَعَلَى آلِ إِبْرَاهِیمَ فِي الْعَالَمِینَ إِنَّكَ حَمِیدٌ مَجِیدٌ. |
الدعاء
اللهم اغفر للمسلمين والمسلمات، الأحياء منهم والأموات، إنك يا مولانا سمیعٌ قریبٌ مجیبٌ للدعوات، اللهم برحمتك أعمنا، واكفنا اللهم شر ما أهمنا وأغمنا، وعلى الإيمان الكامل والكتاب والسنة توفنا، نلقاك وأنت راضٍ عنا، ربنا ظلمنا أنفسنا وإن لم تغفر لنا وترحمنا لنكونن من الخاسرين، اللهم اغفر لنا ما قدمنا وما أخرنا وما أسررنا وما أعلنا وما أنت أعلم به منا، أنت المقدم وأنت المؤخر وأنت على كل شيءٍ قدیرٍ، اللهم برحمتك عُمَّنا وعلى الإيمان الكامل والكتاب والسنة توفنا، نلقاك وأنت راضٍ عنا، وارزقنا اللهم حسن الخاتمة واجعل أسعد أيامنا يوم نلقاك وأنت راضٍ عنا، أنت حسبنا عليك اتكالنا، اللهم لك الحمد ولك الشكر على ما أنعمت به علينا من نعمة الغيث من السماء، اللهم أتم نعمتك وفضلك علينا واجعلها سقيا رحمة يا أرحم الراحمين، اللهم بفضلك ورحمتك أعلي كلمة الحق والدين، وانصر الإسلام وأعز المسلمين، اللهم هيئ لهذه الأمة أمر رشد يُعَزُّ فيه أهل طاعتك ويُهدى فيه أهل عصيانك، ويُأمر فيه بالمعروف ويُنهى فيه عن المنكر، اللهم بفضلك ورحمتك انصر إخواننا المرابطين في القدس الشريف وفي المسجد الأقصى على أعدائك وأعدائهم يا رب العالمين، اللهم فرج عن إخواننا المستضعفين في مشارق الأرض ومغاربها فرجاً عاجلاً غير آجل، اللهم أطعم جائعهم، واكسُ عریانهم، وارحم مصابهم، وآوِ غریبهم، واجعل لنا في ذلك عملاً متقبلاً يا أرحم الراحمين، اجعل اللهم هذا البلد آمناً سخياً رخياً مطمئناً وسائر بلاد المسلمين، وفق اللهم ملك البلاد لما فيه خير البلاد والعباد. |