النَّبي الأسوة صلَّى الله عليهِ وسلَّم

2019-11-08
عمان
مسجد أحد

النَّبي الأسوة صلَّى الله عليهِ وسلَّم

الخطبة الأولى :

يا ربنا لك الحمد مِلء السماوات والأرض، ومِلء ما بينهما، ومِلء ما شئت من شيء بعد، أهل الثناء والمجد أحق ما قال العبد، وكُلنا لك عبد، لا مانع لما أعطيت، ولا معطي لما منعت، ولا ينفع ذا الجَد منك الجد، وأشهدُ أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له، غِنَى كل فقير، وعز كل ذليل، وقوة كل ضعيف، ومفزع كل ملهوف، فكيف نفتقر في غناك؟ وكيف نضل في هداك؟ وكيف نذلُّ في عزك؟ وكيف نُضامُ في سلطانك؟ وكيف نخشى غيرك والأمرُ كله إليك؟ وأشهدُ أن سيدنا محمداً عبده ورسوله، أرسلتهُ رحمةً للعالمين بشيراً و نذيراً، ليخرجنا من ظلمات الجهل والوهم إلى أنوار المعرفة والعلم، ومن وحول الشهوات إلى جنّات القرُبات، فجزاه الله عنا خير ما جزى نبياً عن أمته، اللهم صلِّ وسلم وبارك على سيدنا محمد وعلى آل سيدنا محمد، وعلى أصحاب سيدنا محمد، وعلى أزواج سيدنا محمد، وعلى ذرية سيدنا محمد، وسلم تسليماً كثيراً، عباد الله أوصيكم ونفسي بتقوى الله، ( يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ حَقَّ تُقَاتِهِ وَلَا تَمُوتُنَّ إِلَّا وَأَنتُم مُّسْلِمُونَ).

الأسباب التي هيأها الله تعالى لنبيّه ليكون أسوةً لنا :
1 ـ النبي صلى الله عليه وسلم بشر تجري عليه كل خصائص البشر :

أيها الأخوة الأحباب؛ يقول تعالى في كتابه الكريم:

لَّقَدْ كَانَ لَكُمْ فِي رَسُولِ اللَّهِ أُسْوَةٌ حَسَنَةٌ لِّمَن كَانَ يَرْجُو اللَّهَ وَالْيَوْمَ الْآخِرَ وَذَكَرَ اللَّهَ كَثِيرًا

(سورة الأحزاب: الآية 21)

فالنبي صلى الله عليه وسلم أُسْوَةٌ لنا، أي هو قدوةٌ لنا، ينبغي أن نتأسَّى بأقواله وأفعاله وإقراره وصفاته، وأن نقتدي به في كل شؤون حياتنا، فكيف هيأ الله تعالى لهذا النبي الكريم أن تكون حياته أسوةً لأمته من بعده؟

النبي الكريم تجري عليه خصائص البشر

أولاً: النبي صلى الله عليه وسلم بشر، ولو كان من غير جنس البشر لكان الأمر بالتأسي به نوعاً من التكليف بما لا يستطاع، لو لم يكن النبي صلى الله عليه وسلم بشراً، ثم قيل للناس: تأسوا به، لقال معظم الناس: كيف نتأسَّى به وهو من الملائكة ونحن من البشر مثلاً؟ لكن لأنه بشر تجري عليه كل خصائص البشر، يجوع كما يجوع البشر، ويرضى كما يرضى البشر، ويغضب كما يغضب البشر، ثم إنه صلى الله عليه وسلم انتصر على بشريّته فكان سيد البشر، يقول تعالى:

قُلْ إِنَّمَا أَنَا بَشَرٌ مِّثْلُكُمْ يُوحَىٰ إِلَيَّ أَنَّمَا إِلَٰهُكُمْ إِلَٰهٌ وَاحِدٌ

(سورة الكهف: الآية 110)

ويقول صلى الله عليه وسلم كما في صحيح مسلم:

{ إنما أنا بشر أرضى كما يرضى البشر، وأغضب كما يغضب البشر }

فلأنه بشر صلى الله عليه وسلم يجري عليه ما يجري على البشر، فيوم انتصر على بشريّته كان بحقٍّ سيد البشر.

2 ـ غنى حياته صلى الله عليه وسلم بالمواقف :

أيها الأخوة الأحباب؛ النقطة الثانية في الأسباب التي هيأها الله تعالى لنبيّه صلى الله عليه وسلم ليكون أسوةً لنا وهي نقطةٌ عجيبة؛ أنّ الله تعالى بقدرته وبحكمته جعل حياته غنيةً بالمواقف، بحيث ما إن يصيب البشر من بعده من شيءٍ إلا وجدوا في حياته صلى الله عليه وسلم الأُسوة والقدوة، الواحد منا قد يعيش حياته فقيراً، وقد يعيشها غنياً، قد يعيش حياته قوياً ممكَّناً في الأرض، وقد يعيشها ضعيفاً ليس له التمكين في الأرض، لكن النبي صلى الله عليه وسلم عاش الفقر وعاش الغنى، عاش ضعيفاً وعاش قوياً، ذاق نعمة الولد وذاق مرارة فَقْدِ الولد، ذاق رخاء السلم وذاق شدة الحرب، ذاق نعمة الأمن وذاق شدة الخوف، ذاق حب صحابته وذاق عداوة أعدائه، ذاق الأسر في الشعِب يوم حُبس في شِعِب أبي طالب وذاق نعمة الحرية، ولو ذهبت لأعدد غنى سيرته صلى الله عليه وسلم بالمواقف لانتهت الخطبة ولمّا أنتهي، فالنبي صلى الله عليه وسلم أراد ربنا جلّ جلاله أن يذيقه كل ما يذوقه البشر من أصناف من أجل أن يكون لكل واحدٍ منا في حياته، وفي كل موقفٍ من مواقفه أُسوة له.

مواقف من حياة النبي صلى الله عليه وسلم :
1 ـ مواقفه في الفقر و الغنى :

إليكم بعض هذه المواقف.
قلنا: ذاق الفقر وذاق الغنى عن عائشة رضي الله عنها:

{ قال لي رسول الله صلَّى الله عليه وسلَّم ذات يوم: يا عائشة هل عندكم شيء؟ فقلت: يا رسول الله، ما عندنا شيء! قال: فإنِّي صائم }

(أخرجه مسلم)

الرسول قدوة لنا في الفقر و الغنى

هذا الفقر ذاقه النبي صلى الله عليه وسلم في حالةٍ نادرة قلّ أن يصل إليها إنسان، يدخل بيته، بيت النبوة، البيت الذي ينير الوحي جنباته، فيسأل أهل بيته: هل عندكم شيء؟ بمعنى أي شيء يُؤكل ولو كان خبزاً يابساً، فتقول عائشة: ما عندنا شيء، ولا شيء يؤكل في البيت كله، فيقول صلى الله عليه وسلم: إنّي صائم، ينوي صيام اليوم، هذا في الفقر، أمّا في الغنى فقد فتح الله عليه، وفتح على دولة الإسلام، فذاق النبي صلى الله عليه وسلم من الغنى ما ذاق، روى مسلمٌ في صحيحه:

{ ما سُئِلَ رَسولُ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عليه وسلَّمَ علَى الإسْلَامِ شيئًا إلَّا أَعْطَاهُ، قالَ: فَجَاءَهُ رَجُلٌ فأعْطَاهُ غَنَمًا بيْنَ جَبَلَيْنِ، فَرَجَعَ إلى قَوْمِهِ، فَقالَ: يا قَوْمِ أَسْلِمُوا، فإنَّ مُحَمَّدًا يُعْطِي عَطَاءً لا يَخْشَى الفَاقَةَ }

(لا يَخْشَى الفَاقَةَ) لا يخشى الفقر، هذا في الفقر وهذا في الغنى، فالمؤمن إذا افتقر كان له في رسول الله صلى الله عليه وسلم أسوة حسنة، فيتجمّل ويصبر، فإن ذاق الغنى كان له في رسول الله أسوة حسنة فيعطي عطاء من لا يخشى الفقر والفاقة، هذا هو التأسي برسول الله صلى الله عليه وسلم.

2 ـ مواقفه في الضعف و القوة :

ذاق الضعف؛ بل ذاق قمة الضعف، بل ذاق ضعفاً ربما لا يحتمله إلا قلةٌ قليلة ممن اصطفاهم الله تعالى.

في قمة ضعف النبي كان رحيماً بمن آذاه

يقول صلى الله عليه وسلم بعد أن ذهب إلى الطائف، وآذاه أهلها، وأغروا به صبيانهم ليضربوه، وهو يدعوهم إلى الله تعالى وحده، يقول: ((فإذا أنا بسَحابَةٍ قدْ أظَلَّتْنِي، فَنَظَرْتُ فإذا فيها جِبْرِيلُ، فَنادانِي فقالَ: إنَّ اللَّهَ قدْ سَمِعَ قَوْلَ قَوْمِكَ لَكَ، - سمع ما ردوا به عليك، وسمع استهزائهم، وسمع ما قالوه من سوءٍ فيك- وما رَدُّوا عَلَيْكَ، وقدْ بَعَثَ إلَيْكَ مَلَكَ الجِبالِ - جاء جبريل عليه السلام ومعه مَلَكُ الجبال، الموكّل بالجبال في الأرض ليكون طوع أمر محمدٍ صلى الله عليه وسلم- لِتَأْمُرَهُ بما شِئْتَ فيهم، يقول صلى الله عليه وسلم: فَنادانِي مَلَكُ الجِبالِ فَسَلَّمَ عَلَيَّ، ثُمَّ قالَ: يا مُحَمَّدُ، إنْ شِئْتَ أُطْبِقُ عليهمُ الأخْشَبَيْنِ - أي الجبلين، أطبق الجبلين على أهل الطائف وانتهى الأمر في أقل من ثانية- فقالَ النبيُّ صَلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ -وهو في منتهى ما يذوقه بشرٌ من الضعف-: بَلْ أرْجُو أنْ يُخْرِجَ اللَّهُ مِن أصْلابِهِمْ مَن يَعْبُدُ اللَّهَ وحْدَهُ، لا يُشْرِكُ به شيئًا))

{ فإذا أنا بسَحابَةٍ قدْ أظَلَّتْنِي، فَنَظَرْتُ فإذا فيها جِبْرِيلُ، فَنادانِي فقالَ: إنَّ اللَّهَ قدْ سَمِعَ قَوْلَ قَوْمِكَ لَكَ، وما رَدُّوا عَلَيْكَ، وقدْ بَعَثَ إلَيْكَ مَلَكَ الجِبالِ لِتَأْمُرَهُ بما شِئْتَ فيهم، فَنادانِي مَلَكُ الجِبالِ فَسَلَّمَ عَلَيَّ، ثُمَّ قالَ: يا مُحَمَّدُ، فقالَ، ذلكَ فِيما شِئْتَ، إنْ شِئْتَ أنْ أُطْبِقَ عليهمُ الأخْشَبَيْنِ؟ فقالَ النبيُّ صَلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ: بَلْ أرْجُو أنْ يُخْرِجَ اللَّهُ مِن أصْلابِهِمْ مَن يَعْبُدُ اللَّهَ وحْدَهُ، لا يُشْرِكُ به شيئًا }

(صحيح البخاري)

هذا محمدٌ صلى الله عليه وسلم وهو في شدة الضعف، فكيف كان وهو في قمة القوة؟

النبي في قمة قوته لا ينسى أنه عبدٌ لربه

ها هو يعود إلى مكة فاتحاً، مكة التي آذتهُ ونكّلت بأصحابه، كان يمرُّ على عمّار بن ياسر، وعلى آل ياسر فلا يملك لهم نصرةً إلا أن يقول: (صبراً آل ياسر فإنّ موعدكم الجنة)، ثم لمّا خرج من مكة أخذوا البيوت، وأخذوا الأموال، و نهبوا كلّ شيءٍ من بيوت أصحابه، ومن بيته صلى الله عليه وسلم، فرجع إلى مكة لكن رجوع المنتصر، رجوع الشخص الذي عاد ليفتح البلد التي آذته، ونكلت به وبأصحابه، فكيف دخل مكة؟ دخل مكة دخول الشاكرين الحامدين لا دخول المتكبرين، دخلها يطأطئ رأسه تواضعاً لربه حتى كادت ذؤابة عمامته تلامس عنق بعيره من تواضعه لله تعالى، سار في موكب النصر متواضعاً لربه، ثم يقول: من دخل دار أبي سفيان فهو آمن، ومن أغلق عليه داره فهو آمن، ومن دخل المسجد فهو آمن، يؤمّن الناس صلى الله عليه وسلم، يؤمّن من ناصبه العِداء، يؤمّن من نكّل به وبأصحابه، وسامهم سوء العذاب، لكنه صلى الله عليه وسلم وهو في قمة قوته، وفي نشوة النصر العظيم الذي فتح الله عليه به، لا ينسى أنه عبدٌ لربه جلّ جلاله، يتعامل وفق الشريعة، لا تخرجه نشوة النصر عن قواعد شرع الله عزّ وجل، هكذا تكون الأسوة؛ يوم يكون الإنسان ضعيفاً ويبلغ من الضعف ما يبلغ فله في رسول الله أسوةٌ حسنة، ويوم يصل إلى مرحلةٍ من القوة، ويتبوأ منصباً رفيعاً، ويُمَكِّنَهُ الله من خصومه فله في رسول الله صلى الله عليه وسلم أسوة حسنة، فيدفع بالتي هي أحسن {فَإِذَا الَّذِي بَيْنَكَ وَبَيْنَهُ عَدَاوَةٌ كَأَنَّهُ وَلِيٌّ حَمِيمٌ}

وَلَا تَسْتَوِي الْحَسَنَةُ وَلَا السَّيِّئَةُ ۚ ادْفَعْ بِالَّتِي هِيَ أَحْسَنُ فَإِذَا الَّذِي بَيْنَكَ وَبَيْنَهُ عَدَاوَةٌ كَأَنَّهُ وَلِيٌّ حَمِيمٌ

(سورة فصّلت: 34)

3 ـ مواقفه في النعمة و المصيبة :

أيها الأخوة الأحباب؛ ذاق نعمة الولد، وذاق مرارة الفقد؛ فَقَدَ ولده إبراهيم فما كان منه إلا أن قال:

{ إنَّ العَيْنَ تَدْمَعُ، والقَلْبَ يَحْزَنُ، وَلاَ نَقُولُ إلاَّ مَا يَرْضى ربُّنَا، وَإنَّا بِفِرَاقِكَ يَا إبْرَاهِيمُ لَمَحْزُونُونَ }

(صحيح البخاري)

موقف النبي الكريم عند المصيبة

هذا موقفه عند المصيبة، وشاء الله تعالى كما في الصحيح أن تخسف الشمس في اليوم الذي مات به ابنه إبراهيم، فما كان منه صلى الله عليه وسلم إلا أن انتصر للحق وللتوحيد، وهو في قمة ألمه لفقد ولده يقف على المنبر ليقول للناس:

{ إنَّ الشَّمسَ والقَمرَ آيتانِ من آياتِ الله، لا يَنكسِفانِ لِموتِ أحدٍ ولا لِحَياتِه؛ فإذا رأيتُموهما فادْعُوا اللهَ وصَلُّوا، حتَّى يَنجليَ }

(رواه البخاري ومسلم)

ينتصر للمبدأ، وينتصر للتوحيد، ويعلّم الناس العلم الصحيح، هذه مظاهر كونية لا علاقة لها بوفاة ابني.

4 ـ موقفه ممن تكلم في عِرض زوجته :

وذاق صلى الله عليه وسلم أن تكلّم الناس في عِرض زوجته الطاهرة المطهرة المبرَّأة رضي الله عنها، أُمِّنَا عائشة رضي الله عنها، فما كان منه صلى الله عليه وسلم إلا أن اتخذ الموقف الكامل فلم يعبأ بما يدار في المدينة من أحاديث، آلمه ما سمع، ولكنه ضبط مشاعره وفق شرع الله عزّ وجل، وانتظر براءتها من فوق سبع سماوات.

5 ـ موقفه من الأسر و الحرية :

أيها الأخوة الأحباب؛ ذاق الأسر صلى الله عليه وسلم؛ فَحُوصِرَ في شِعْبِ أبي طالب مع قومه ظلماً وعدواناً لثلاث سنوات، حصارٌ كامل، لا يناكحونهم، ولا يبايعونهم، ولا يجالسونهم، ولا يشترون منهم، حتى أكلوا أوراق الشجر، لكن النبي صلى الله عليه وسلم وهو في أسره وحصاره ما ترك مبدأه، ولا حاد عن دينه قيد أُنملة، وإنما بقي ثابتاً ليصل الإسلام إلينا كما وصل.

النبي لم يتخلى عن مبادئه أبداً

ثم ذاق طعم الحرية؛ فنشر الإسلام في الآفاق.
ثم ذاق طعم أن يكون رئيس دولةٍ عظمى تهابها ملوك الأرض، فبقي يدعو إلى الله تعالى على بصيرة بالحكمة، والموعظة الحسنة، ليعلمنا الثبات على المبدأ سواءً كنت في حالة الشدة، أو كنت في حالة الرخاء، هذا معنى الأسوة الحسنة.

واجبنا نحو النبي الكريم :

الأسوة الحسنة تعني أن نتأسّى به في كل موقفٍ من حياتنا، ولأننا مأمورون بالتأسِّي به فقد شاء الله تعالى أن تكون في حياته كل هذه المواقف، وما جئت إلا على النذر اليسير منها، يكون في حياته ضعفٌ وقوة، فقرٌ وغِنى، حريةٌ وأسر، أمنٌ وخوف، في حياته كل هذه المواقف ليكون لكل واحدٍ منا أسوة فيه صلى الله عليه وسلم، ما واجبنا نحو الأسوة؟ واجبنا أن نتأسّى، أن نأتمر بما أمر، وأن ننتهي عما عنه نهى وزجر، قال تعالى:

يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اسْتَجِيبُوا لِلَّهِ وَلِلرَّسُولِ إِذَا دَعَاكُمْ لِمَا يُحْيِيكُمْ

(سورة الأنفال: الآية 24)

الحياة في الاستجابة لأمر الله وأمر رسوله

نحن في الأرض كلنا نعيش، نأكل ونشرب ونعيش، لكن متى نحيا؟ عندما نستجيب لله وللرسول، فالحياة كل الحياة في الاستجابة لأمر الله تعالى، وأمر رسوله صلى الله عليه وسلم، ويقول تعالى:

فَلْيَحْذَرِ الَّذِينَ يُخَالِفُونَ عَنْ أَمْرِهِ أَن تُصِيبَهُمْ فِتْنَةٌ أَوْ يُصِيبَهُمْ عَذَابٌ أَلِيمٌ

(سورة النور: 63)

نحن مأمورون بالاتباع.

{ روى أبو أُسَيِّدْ رضي الله عنه أنه سمع رسول الله صلى الله عليه وسلم، وقد خرج الناس من المسجد واختلط الرجال بالنساء، يقول للنساء: اسْتَأْخِرْنَ؛ فَإِنَّهُ لَيْسَ لَكُنَّ أَنْ تَحْقُقْنَ الطَّرِيقَ، عَلَيْكُنَّ بِحَافَّاتِ الطَّرِيقِ، فكانت المرأة تلتصق بالجدار حتى إن ثوبها ليتعلق بالجدار من لصوقها به }

(أخرجه أبو داود بسند صحيح)

تنفيذاً لأمر رسول الله صلى الله عليه وسلم.

ابن مسعود رضي الله عنه يدخل المسجد يوم الجمعة، والنبي صلى الله عليه وسلم يخطب، فيقول صلى الله عليه وسلم للناس: اجلسوا، وابن مسعود مازال خارج المسجد، وصل إلى باب المسجد، فسمع قوله صلى الله عليه وسلم: اجلسوا، فجلس من فوره في المكان الذي سمع فيه الكلام، فرآه النبي صلى الله عليه وسلم فقال: تعال يا بن مسعود، لأن ابن مسعود علّم أُذُنَه ألا تسمع أمراً لرسول صلى الله عليه وسلم إلا وتبادر إلى تطبيقه لأنه حقٌّ من الله تعالى.

{ وعَنْ أَبي ثَعْلَبةَ الخُشَنِي قَالَ: كانَ النَّاسُ إِذَا نَزَلُوا مَنْزلًا تَفَرَّقُوا في الشِّعابِ والأَوْدِيةِ- كلٌّ يذهب لحاجته- فقالَ رسولُ اللَّه: إنَّ تَفَرُّقَكُمْ فِي هَذِهِ الشِّعابِ وَالأَوْدِية إِنَّما ذلكُمْ منَ الشَّيْطَان- التفرّق من الشيطان - فَلَمْ يَنْزلُوا بعْدَ ذَلِكَ مَنْزلًا إِلَّا انْضَمَّ بَعضُهُمْ إِلَى بعْضٍ- حتى يقول القائل: لو بُسط عليهم ثوبٌ لعمّهم، أي لغطّاهم جميعاً من شدة احترامهم لأمر رسول الله صلى الله عليه وسلم ومن شدة التزامهم بأمر رسول الله صلى الله عليه وسلم }

(أخرجه أَبُو داود بسند صحيح)

التأسي برسول الله و قراءة سيرته و تعلم سنته :

نحن مأمورون بالتأسي برسول الله

إذاً أيها الأخوة الأحباب؛ ملخّص هذه الخطبة نحن مأمورون بالتأسي برسول الله صلى الله عليه وسلم، وفي كل موقفٍ من المواقف له سنة، كيف عامل زوجاته، كيف تعامل مع أبنائه، كيف تعامل مع أعدائه، كيف تعامل مع أصدقائه، كيف تعامل مع الجمادات، كيف تعامل مع النباتات، كيف تعامل مع الحيوانات، له في كل موقف صلى الله عليه وسلم عِبرةٌ وأُسوةٌ لنا، فما دمنا مأمورين بالتأسّي به صلى الله عليه وسلم فنحن مأمورون حُكماً بقراءة سيرته، وتعلم سنته صلى الله عليه وسلم.

حاسبوا أنفسكم قبل أن تحاسبوا، وزِنُوا أعمالكم قبل أن توزنَ عليكم، واعلموا أن ملكَ الموت قد تخطانا إلى غيرنا وسيَتخطى غيرنا إلينا فلنتخذ حذرنا، الكيس من دانَ نفسه وعمل لما بعد الموت والعاجز من أتبع نفسه هواها، وتمنى على الله الأماني، وأستغفر الله.

الخطبة الثانية :

الحمد لله رب العالمين، وأشهدُ أن لا إله إلا الله وليُّ الصالحين، اللَّهُمَّ صَلِّ عَلَى مُحَمَّدٍ وَعَلَى آلِ مُحَمَّدٍ، كَمَا صَلَّيْتَ عَلَى إِبْرَاهِيمَ وَعَلَى آلِ إِبْرَاهِيمَ، وَبَارِكْ عَلَى مُحَمَّدٍ وَعَلَى آلِ مُحَمَّدٍ، كَمَا بَارَكْتَ عَلَى إِبْرَاهِيمَ وَعَلَى آلِ إِبْرَاهِيمَ، فِي الْعَالَمِينَ إِنَّكَ حَمِيدٌ مَجِيدٌ.

الدعاء :

اللهم اغفر للمسلمين والمسلمات، الأحياء منهم والأموات، إنك يا مولانا سميعٌ قريبٌ مجيب للدعوات، اللهم برحمتك أعمنا، واكفنا اللهم شر ما أهمنا وأغمنا، وعلى الإيمان الكامل والكتاب والسنة توفنا، نلقاك وأنت راضٍ عنا، لا إله إلا أنت سبحانك إنا كنا من الظالمين وأنت أرحم الراحمين، وارزقنا اللهم حسن الخاتمة، واجعل أسعد أيامنا يوم نلقاك وأنت راضٍ عنا، أنت حسبنا عليك اتكالنا، ربنا ظلمنا أنفسنا وإن لم تغفر لنا وترحمنا لنكونن من الخاسرين، اللهم اغفر لنا ما قدمنا وما أخرنا، وما أسررنا وما أعلنا، وما أنت أعلم به منا، اللهم اجعل هذا البلد آمناً سخياً رخياً مطمئناً وسائر بلاد المسلمين، اللهم فرج عن المستضعفين في مشارق الأرض ومغاربها، اللهم فرّج عن إخواننا في المسجد الأقصى وفي القدس الشريف برحمتك يا أرحم الراحمين، اللهم اسقنا الغيث ولا تجعلنا من القانطين، ولا تهلكنا بالسنين، ولا تعاملنا بفعل المُسيئين، وفق اللهم ملك البلاد لما فيه خير البلاد والعباد، أقم الصلاة، وقوموا إلى صلاتكم يرحمكم الله.

النَّبي الأسوة صلَّى الله عليهِ وسلَّم

2019-11-08

عمان

مسجد أحد

جديد الموقع

خمس أمور تعينك على تربية أولادك
خطب الجمعة - 2019-06-14

تاريخ النشر : 2019-09-04

مكارم الأخلاق
خطب الجمعة - 2019-06-21

تاريخ النشر : 2019-09-04

حفظ العقل
خطب الجمعة - 2019-06-28

تاريخ النشر : 2019-09-04

النَّبي الأسوة صلَّى الله عليهِ وسلَّم