خمسة تغلق باب التوفيق

  • الحلقة السادسة عشرة
  • 2016-03-12

خمسة تغلق باب التوفيق


خمسةٌ تغلق باب التوفيق :
1 ـ اشتغالهم بالنعمة عن شكرها :
بسم الله، الرَّحْمَنُ عَلَّمَ الْقُرْآنَ، خَلَقَ الْإِنْسَانَ عَلَّمَهُ الْبَيَانَ، والصلاة والسلام على النبي العدنان، وعلى آله وصحبه ومن تبعهم بإحسان، إلى لقاءٍ جديد، ومع خمسة أمورٍ جديدة في قضايا الدين والدنيا والآخرة.
موضوعنا اليوم خمسةٌ تغلق باب التوفيق، يقول ابن قيّم الجوزي رحمه الله تعالى: أُغلق باب التوفيق عن الخلق في خمسة أشياء، أولاً: اشتغالهم بالنعمة عن شكرها، والله تعالى يقول:

وَقَلِيلٌ مِّنْ عِبَادِيَ الشَّكُورُ
(سورة سبأ: الآية 13)

أعظم ما في الشكر القناعة
لكن كيف يكون الشكر في أحسن صوره؟ يتضح ذلك من حديث رسول الله صلى الله عليه وسلم وهو ينصح سيدنا أبا هريرة رضي الله عنه فيقول له:

{ يَا أَبَا هُرَيْرَةَ كُنْ وَرِعًا تَكُنْ أَعْبَدَ النَّاسِ, وَكُنْ قَنِعًا تَكُنْ أَشْكَرَ النَّاسِ }

(سنن بن ماجة)

أي إن أعظم ما في الشكر القناعة، أن يكون الإنسان راضياً مقتنعاً بما آتاه الله من فضله، وفي الحديث الصحيح قال رسول الله صلى الله عليه وسلم:

{ إن أول ما يسأل العبد عنه يوم القيامة من النعيم أن يقال له: عبدي ألم نصح لك جسمك ونرويك من الماء البارد؟ }

(رواه الترمذي)


2 ـ رغبتهم في العلم وتركهم العمل :
أغلق باب التوفيق عن الخلق في خمسة أشياء: اشتغالهم بالنعمة عن شكرها، رغبتهم في العلم وتركهم العمل.
طلب العلم أمرٌ حسن بل هو أحسن الحسن، لكن لا يجوز بحال أن نشتغل بالعلم ونترك العمل، فالعمل هو الأصل، والعلم إنما هو مطيةٌ للعمل، فالعلم ما عمل به فإن لم يعمل به كان الجهل أولى:

وَقُلِ اعْمَلُوا فَسَيَرَى اللَّهُ عَمَلَكُمْ وَرَسُولُهُ وَالْمُؤْمِنُونَ ۖ
(سورة التوبة: الآية 105)


3 ـ المسارعة إلى الذنب وتأخير التوبة :
أغلق باب التوفيق عن الخلق في خمسة أشياء: اشتغالهم بالنعمة عن شكرها، رغبتهم في العلم وتركهم العمل، ثالثاً: المسارعة إلى الذنب وتأخير التوبة.
أمرنا بكبح شهوات نفوسنا
نحن أمرنا أن نؤخر الذنب ما استطعنا، أن نكبح شهوات نفوسنا حتى لا نقع في الذنوب، ثم نسارع إلى التوبة إن وقعنا، لكن الذي حصل أن بعض المسلمين يسارعون إلى الذنب، ويؤخرون التوبة، وهذا عكس ما أُمر به الإنسان، لذلك يغلق باب التوفيق عن ذلك الإنسان، قال تعالى:

إِنَّمَا التَّوْبَةُ عَلَى اللَّهِ لِلَّذِينَ يَعْمَلُونَ السُّوءَ بِجَهَالَةٍ ثُمَّ يَتُوبُونَ مِن قَرِيبٍ فَأُولَٰئِكَ يَتُوبُ اللَّهُ عَلَيْهِمْ ۗ وَكَانَ اللَّهُ عَلِيمًا حَكِيمًا
(سورة النساء: الآية 17)

قال المفسرون: (من قريب) أي ينبغي أن تسارع إلى التوبة قبل أن يكون لا توبة، لأن الإنسان لا يدري متى يحلُّ أجله، فقد يذنب ثم يتوفاه الله تعالى فوراً فيموت وهو على الذنوب مقيم، (من قريب) تعني أن يعجل ما استطاع بالتوبة.

4 ـ الاغترار بصحبة الصالحين وترك الاقتداء بفعالهم :
أغلق باب التوفيق عن الخلق في خمسة أشياء: اشتغالهم بالنعمة عن شكرها، رغبتهم في العلم وتركهم العمل، المسارعة إلى الذنب وتأخير التوبة، الاغترار بصحبة الصالحين وترك الاقتداء بفعالهم، صحبة الصالحين أمر حسن بل هي من الوسائل المعينة في الطريق إلى الله، والدليل حديثٌ ورد عن سيدنا أنس:

{ أَنَّ أَعرابيًّا قَالَ لرسول اللَّه: مَتَى السَّاعَةُ؟ قَالَ رسولُ اللَّه: مَا أَعْدَدْتَ لَهَا؟ قَالَ: حُبُّ اللَّهِ ورسولِهِ، قَالَ: أَنْتَ مَعَ مَنْ أَحْبَبْتَ }

(متفقٌ عَلَيهِ)

الاقتداء بالصالحين
لكن أحياناً هناك مرضٌ وقع به بعض المسلمين، يقول لك: أمس كنت في مجلسٍ كان فيه العالم الفلاني وأخذنا صوراً تذكارية ووقع لي على دفتري إلخ… شيءٌ جميل لكن ما العمل هل اقتديت بهذا الصالح؟ فإذا اغتر الإنسان بصحبة الصالحين وترك الاقتداء بفعالهم أُغلق باب التوفيق عنه.

5 ـ إدبار الدنيا عنهم وهم يتَّبعونها وإقبال الآخرة عليهم وهم عنها معرضون :
أغلق باب التوفيق عن الخلق في خمسة أشياء: اشتغالهم بالنعمة عن شكرها، رغبتهم في العلم وتركهم العمل، المسارعة إلى الذنب وتأخير التوبة، الاغترار بصحبة الصالحين وترك الاقتداء بفعالهم، أخيراً: إدبار الدنيا عنهم وهم يتَّبعونها، وإقبال الآخرة عليهم وهم عنها معرضون، يقول صلى الله عليه وسلم:

{ ما أخذت الدنيا من الآخرة إلا كما يؤخذ المخيط إذا غمس في مياه البحر }

( أخرجه الطبراني)

نصح بعض الصالحين ابنه فقال: أي بني إنك منذ أن ولدت في هذه الدنيا أصبحت مدبراً عنها، مقبلاً على الآخرة، فعملك إلى شيءٍ أنت مقبلٌ عليه أَوْلى من شيءٍ أنت مدبرٌ عنه.
أغلق باب التوفيق عن الخلق في خمسة أشياء: اشتغالهم بالنعمة عن شكرها، رغبتهم في العلم وتركهم العمل، المسارعة إلى الذنب وتأخير التوبة، الاغترار بصحبة الصالحين وترك الاقتداء بفعالهم، إدبار الدنيا عنهم وهم يتبعونها، وإقبال الآخرة عليهم وهم معرضون عنها.
أسأل الله التوفيق في القول والعمل.
وإلى لقاء والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته