جنسية المنتسبين
جنسية المنتسبين
في مدرسة دار الأرقم الجنسية واحدة للجميع وهي الإسلام:
في مدرسة دار الأرقم، ليس هناك اعتبار لجنسية المنتسبين، ولا لأنسابهم، ولا لحجمهم المالي، ولا لمناصبهم الدنيوية. |
الجنسية واحدة للجميع وهي الإسلام، العمل لخدمة الدعوة، هو النسَب الوحيد المعترف به، ويتفاوت المنتسبون في مراتبهم وفقاً لتقواهم لربهم، لا تحتاج أي مؤهل أو شهادة لدخول هذه الدار، إلا أن تكون طالب حق. |
كان بلال حبشياً، عبداً أسود، فقيراً، ولكنه كان مسلماً، وكان هذا كافياً ليجلس مع الهاشمي القرشي، ومع العربي المخزومي، وليكون خرِّيجاً في هذه المدرسة العظيمة، بجوار سادات العرب وشرفائهم. |
في دار الأرقم كان يجلس بلال الحبشي، إلى جوار صهيب الرومي، بجوار أبي بكر القرشي، |
كن عربياً، أو رومياً، أو حبشياً، لا ضير، يكفي أنك مسلم تُحب الله ورسوله. |
ربما أكثر ما يُذكِّرنا ببلال عبارته المشهورة: "أحدٌ أحد" التي كان يقولها لكفار قريش، وهُم يسومونه سوء العذاب في صحراء مكة المُحرِقة، كان المظهر عبودية، وكانت الحقيقة حرية من نوعٍ آخر، لا يفهمه إلا مَن ذاقه. |
العاقل فقط يُدرك أنَّ العبيد هم الجلادون، وأنَّ الأحرار هُم المَجلودون، ما دامت سياط الجلادين اللاذعة لم تنل من مبادئهم. |
في مدرسة دار الأرقم كانت دروس الصبر والمصابرة في سبيل الله والعقيدة:
دروس الأرقم والقرآن الذي كان يُتلى في جنبات تلك الدار المباركة، وليالي المناجاة التي عاشها أصحاب الدار، كل ذلك كان كفيلاً أن يجعل بلالاً حراً، لا يستعبده شيء مما كان يستعبِد جلاديه، من مال الدنيا ومصالحها ومناصبها. |
والسؤال هنا: من أين استمدَّ بلال كل تلك القوة؟ ومن أين له ذاك الصبر العجيب؟! |
الصبر يكون على قدر المعرفة، وبقدر معرفتك يكون صبرك. |
لماذا يصبر المريض على مرّ الدواء؟ لأنه يعرف النتيجة وهي الشفاء. |
ولماذا يصبر الطالب على تعب الدراسة والإعداد؟ لأنه يعرف الهدف وهو التفوُّق. |
ولماذا يصبر التاجر على صعوبة العمل؟ لأنه يعرف النتيجة وهي تحصيل المال. |
في مدرسة دار الأرقم، كانت دروس الصبر والمصابرة في سبيل الله، وفي سبيل العقيدة، وكان الدارسون يعرفون النتيجة المُشرِّفة التي تنتظر الصابرين، فكانت صيحات: أحدٌ أحد، التي تردَّد صداها في صحراء مكة، نِتاج تلك النفحات الإيمانية، التي ذاقها بلال وصحبه في تلك الدار، فما عادوا قادرين على التخلّي عنها ولو بكنوز الدنيا، وأصبح لسان حال كل واحدٍ منهم: |
قَالُوا لَن نُّؤْثِرَكَ عَلَىٰ مَا جَاءَنَا مِنَ الْبَيِّنَاتِ وَالَّذِي فَطَرَنَا ۖ فَاقْضِ مَا أَنتَ قَاضٍ ۖ إِنَّمَا تَقْضِي هَٰذِهِ الْحَيَاةَ الدُّنْيَا(72)(سورة طه)