الشرك، معناه، وأنواعه
الشرك، معناه، وأنواعه
بسم الله الرحمن الرحيم الحمد لله رب العالمين والصلاة والسلام على سيدنا محمد وعلى آل بيته الطيبين الطاهرين وعلى صحابته الغر الميامين أمناء دعوته وقادة ألويته وارض عنا وعنهم يا رب العالمين. |
السؤال واجبٌ على المؤمن
في حديثنا عن قصة معاذ بن جبل مع النبي صلى الله عليه وسلم تكلمنا عن التوحيد بعض الشيء وعن الشرك فتمنى عليّ أخٌ كريم أن نغوص في الموضوع بشكل أكثر لأننا بحاجته، وفعلاً أصاب فيما اقترح، فأنطلق من هذا اللقاء من فقه سيدنا حذيفة بن اليمان رضي الله عنه كما في صحيح البخاري يقول: حذيفة كان الناس يسألون رسول الله صلى الله عليه وسلم عن الخير وكنت أسأله عن الشر مخافة أن يدركني، |
{ يَقُولُ حُذَيْفَةَ بْنَ الْيَمَانِ، يَقُولُ: كَانَ النَّاسُ يَسْأَلُونَ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عَنِ الْخَيْرِ، وَكُنْتُ أَسْأَلُهُ عَنِ الشَّرِّ مَخَافَةَ أَنْ يُدْرِكَنِي، فَقُلْتُ: يَا رَسُولَ اللَّهِ، إِنَّا كُنَّا فِي جَاهِلِيَّةٍ وَشَرٍّ، فَجَاءَنَا اللَّهُ بِهَذَا الْخَيْرِ، فَهَلْ بَعْدَ هَذَا الْخَيْرِ شَرٌّ؟ قَالَ: نَعَمْ، فَقُلْتُ: هَلْ بَعْدَ ذَلِكَ الشَّرِّ مِنْ خَيْرٍ؟ قَالَ: نَعَمْ، وَفِيهِ دَخَنٌ، قُلْتُ: وَمَا دَخَنُهُ؟ قَالَ: قَوْمٌ يَسْتَنُّونَ بِغَيْرِ سُنَّتِي، وَيَهْدُونَ بِغَيْرِ هَدْيِي، تَعْرِفُ مِنْهُمْ وَتُنْكِرُ، فَقُلْتُ: هَلْ بَعْدَ ذَلِكَ الْخَيْرِ مِنْ شَرٍّ؟ قَالَ: نَعَمْ، دُعَاةٌ عَلَى أَبْوَابِ جَهَنَّمَ مَنْ أَجَابَهُمْ إِلَيْهَا قَذَفُوهُ فِيهَا، فَقُلْتُ: يَا رَسُولَ اللَّهِ، صِفْهُمْ لَنَا، قَالَ: نَعَمْ، قَوْمٌ مِنْ جِلْدَتِنَا، وَيَتَكَلَّمُونَ بِأَلْسِنَتِنَا، قُلْتُ: يَا رَسُولَ اللَّهِ، فَمَا تَرَى إِنْ أَدْرَكَنِي ذَلِكَ؟ قَالَ: تَلْزَمُ جَمَاعَةَ الْمُسْلِمِينَ وَإِمَامَهُمْ، فَقُلْتُ: فَإِنْ لَمْ تَكُنْ لَهُمْ جَمَاعَةٌ وَلَا إِمَامٌ؟ قَالَ: فَاعْتَزِلْ تِلْكَ الْفِرَقَ كُلَّهَا، وَلَوْ أَنْ تَعَضَّ عَلَى أَصْلِ شَجَرَةٍ حَتَّى يُدْرِكَكَ الْمَوْتُ وَأَنْتَ عَلَى ذَلِكَ }
(صحيح مسلم)
هذا فقه يعني أن يسأل الإنسان عن الأشياء التي قد تسوءه حتى في دنياه، يعني لا يكون كمن يضع رأسه في الرمال، يسأل عما يسوءه وقد قيل: |
عَرَفتُ الشَرَّ لا لِلشَرِ لَـــكـــِن لِتَوَقّـــيــــــهِ وَمَـن لَم يَعرِفِ الشَـرَّ مِنَ الخَيرِ يَقَع فيـــــــهِ{ أبو فراس الحمداني }
فينبغي للإنسان كما يسأل عن الخير أن يسأل عن الشر وعن الأشياء التي يمكن أن تعبث بإيمانه أو أن تخرمَ إيمانه أو مروءته فيسأل عن كل ذلك هذا فقه سيدنا حذيفة رضي الله عنه. |
توضيح بعض المصطلحات
مصطلحات في كتاب الله عز وجل
|
الكفر: أخواننا في الأصل لغةً هو الغطاء أو التغطية، الكفر لغةً هو الغطاء، شرعاً هو ما يشابه الغطاء وهو التكذيب والجحود والإعراض والاستكبار كما فعل إبليس (إِلَّا إِبْلِيسَ أَبَىٰ وَاسْتَكْبَرَ) |
إِلَّا إِبْلِيسَ أَبَىٰ وَاسْتَكْبَرَ(سورة البقرة: الآية 34)
الاستكبار والإباء عن الطاعة، التكذيب، الجحود، فالكفر في الأصل هو التكذيب، يأتيه حكم شرعي فيكذبه يقول: إن الله لم يفرض الصلاة، أو يستهزء بالصلاة، فكأنه كذبها أو يأتيه حكمٌ ثابتٌ في الشريعة بحرمة الزنا فيكذب الحكم لا أقول يزني والعياذ بالله لكن الأشد منه أنه يكذب في الأصل فيقول هذا ليس حراماً ولا يعبأ بالحكم يكذبه يأبى يستكبر كل هذا يندرج تحت الكفر. |
النفاق: هي حالة يظهر الإنسان فيها الإيمان ويبطن الكفر، لذلك القرآن الكريم في الآيات الأولى من سورة البقرة تحدث عن المؤمنين ببضع آيات، بآيات قليلة وتحدث عن الكافرين أيضاً بآيتين ثم أفاض في الحديث عن المنافقين لأن المنافق ليس إلى هؤلاء ولا إلى هؤلاء فيغشك ودخوله في الصف المسلم مزعج جداً لأنه يظهر شيئاً ويُبطن شيئاً فأفاض القرآن الكريم في الحديث عن النفاق، والله تعالى يقول: |
إِنَّ الْمُنَافِقِينَ فِي الدَّرْكِ الْأَسْفَلِ مِنَ النَّارِ(سورة النساء: الآية 145)
يعني تحت الكافرين، لأن الكافر واضح، يعني واضح مع الصف المؤمن، أنا أكذب وأعرض، نسأل الله العافية، لكنه هو يفعل ذلك يكذب ويعرض فهو واضح، والمؤمن واضح، أما المنافق فهو مذبذب بين هؤلاء، لا إلى هؤلاء ولا إلى هؤلاء، هذا النفاق مثلاً. |
الفجور هو التوسع في المعصية والمجاهرة بها
|
إِنَّ اللَّهَ لَا يَهْدِي الْقَوْمَ الْفَاسِقِينَ(سورة المنافقون: الآية 6)
الفسق هو خروج عن المنهج
|
تعريف الشرك
الشرك في اللغة: هو التسويةُ بين شيئين، فإذا سوّيت بين شيء وشيء آخر فقط أشركتهما في الحكم أو في النظرة فنظرت إليهما النظرة نفسها، فأشركتهما في الحكم نفسه، فهو التسوية بين شيئين، هذا في اللغة. |
الرحمة هي صفة جعلها الله في قلب البشر
|
أما بالمعنى الخاص غالباً ما يطلق الشرك في القرآن الكريم على من يتخذ لله نِدَّاً يدعوه كما يدعو الله ويسأله كما يسأل الله ويحبه كما يحب الله تعالى، أن يتخذ نِدَّاً لله، يعني يجعله في مرتبة الله والعياذ بالله، فيسأله كما يسأل الله ويدعوه كما يدعو الله ويحبه كما يحب الله تعالى، والله تعالى يقول في قرآنه: |
وَمِنَ النَّاسِ مَن يَتَّخِذُ مِن دُونِ اللَّهِ أَندَادًا يُحِبُّونَهُمْ كَحُبِّ اللَّهِ ۖ وَالَّذِينَ آمَنُوا أَشَدُّ حُبًّا لِّلَّهِ ۗ وَلَوْ يَرَى الَّذِينَ ظَلَمُوا إِذْ يَرَوْنَ الْعَذَابَ أَنَّ الْقُوَّةَ لِلَّهِ جَمِيعًا وَأَنَّ اللَّهَ شَدِيدُ الْعَذَابِ(سورة البقرة: الآية 165)
الحب في الله والحب مع الله
الحب في الله عين التوحيد
|
وَإِن جَاهَدَاكَ عَلَىٰ أَن تُشْرِكَ بِي مَا لَيْسَ لَكَ بِهِ عِلْمٌ فَلَا تُطِعْهُمَا(سورة لقمان: الآية 15)
وأحب عملي لكن في الله فلا أعصي الله تعالى من أجل إرضاء تلك الشركة أو تلك الشركة، فهذا حبٌّ في الله وهو عين التوحيد وهناك حبٌّ مع الله وهو عين الشرك. |
القوة أنواع
|
أَنَّ الْقُوَّةَ لِلَّهِ جَمِيعًا وَأَنَّ اللَّهَ شَدِيدُ الْعَذَابِ * إِذْ تَبَرَّأَ الَّذِينَ اتُّبِعُوا مِنَ الَّذِينَ اتَّبَعُوا وَرَأَوُا الْعَذَابَ وَتَقَطَّعَتْ بِهِمُ الْأَسْبَابُ(سورة البقرة: الآية 165-166)
آياتٌ في الشرك
أخواننا الكرام: نعود إلى قضية الشرك وهو أن يتخذ لله نِدَّاً يسأله كما يسأل الله، يدعوه كما يدعو الله، يحبه كما يحب الله، وهذا شرك، الآيات في الشرك كثيرة لكن سنختار بعضها قبل أن ندخل إلى صلب قضية الشرك، |
إِنَّ اللَّهَ لَا يَغْفِرُ أَن يُشْرَكَ بِهِ وَيَغْفِرُ مَا دُونَ ذَٰلِكَ لِمَن يَشَاءُ(سورة النساء: الآية 48)
وهذه تحدثنا عنها في اللقاء الماضي وقلنا إنّ رحمة الله لا تضيق على الغفران للمشرك فرحمته وَسِعَتْ كُلَّ شَيْء |
وَرَحْمَتِي وَسِعَتْ كُلَّ شَيْءٍ(سورة الأعراف: الآية 156)
لكن المشرك لم يتوجه أصلاً إلى الله فلن يجد شيئاً |
وَالَّذِينَ كَفَرُوا أَعْمَالُهُمْ كَسَرَابٍ بِقِيعَةٍ يَحْسَبُهُ الظَّمْآنُ مَاءً حَتَّىٰ إِذَا جَاءَهُ لَمْ يَجِدْهُ شَيْئًا وَوَجَدَ اللَّهَ عِندَهُ فَوَفَّاهُ حِسَابَهُ ۗ وَاللَّهُ سَرِيعُ الْحِسَابِ(سورة النور: الآية 39)
التصوير الفني في القرآن
|
{ عن أنس بن مالك - رضي الله عنه - قال: قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم: "قَالَ اللهُ تَعَالَى: يَا ابْنَ آدَمَ إِنَّكَ مَا دَعَوتَنِيْ وَرَجَوتَنِيْ غَفَرْتُ لَكَ عَلَى مَا كَانَ مِنْكَ وَلا أُبَالِيْ، يَا ابْنَ آدَمَ لَو بَلَغَتْ ذُنُوبُكَ عَنَانَ السَّمَاءِ ثُمَّ استَغْفَرْتَنِيْ غَفَرْتُ لَكَ، يَا ابْنَ آدَمَ إِنَّكَ لَو أَتَيْتَنِيْ بِقِرَابِ الأَرْضِ خَطَايَا ثُمَّ لقِيْتَنِيْ لاَتُشْرِك بِيْ شَيْئَاً لأَتَيْتُكَ بِقِرَابِهَا مَغفِرَةً" }
(رواه الترمذي)
وأيضاً في قوله تعالى: |
وَإِذْ قَالَ لُقْمَانُ لِابْنِهِ وَهُوَ يَعِظُهُ يَا بُنَيَّ لَا تُشْرِكْ بِاللَّهِ ۖ إِنَّ الشِّرْكَ لَظُلْمٌ عَظِيمٌ(سورة لقمان: الآية 13)
الشرك والظلم
بالمناسبة أخواننا؛ الظلم باعتبار أننا ذكرنا على مصطلحات كثيرة أيضاً الظلم لم نذكره، الظلم: أن تضع الشيء في غير موضعه. |
الظلم أن تضع الشيء في غير موضعه
|
ظلم الإنسان لنفسه أعظم أنواع الظلم
|
فَأَيُّ الْفَرِيقَيْنِ أَحَقُّ بِالْأَمْنِ ۖ إِن كُنتُمْ تَعْلَمُونَ * الَّذِينَ آمَنُوا وَلَمْ يَلْبِسُوا إِيمَانَهُم بِظُلْمٍ أُولَٰئِكَ لَهُمُ الْأَمْنُ وَهُم مُّهْتَدُونَ(سورة الأنعام: الآية 81-82)
مواضع ظلم الإنسان لنفسه
|
{ عَنْ عبدِ اللَّهِ رَضِيَ اللَّهُ عنْه، قالَ: لَمَّا نَزَلَتْ هذِه الآيَةُ: (الَّذِينَ آمَنُوا وَلَمْ يَلْبِسُوا إِيمَانَهُم بِظُلْمٍ)-(الأنعام: 82)-شَقَّ ذلكَ علَى أصْحابِ النبيِّ صَلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ، وقالوا: أيُّنا لَمْ يَظْلِمْ نَفْسَهُ؟ فقالَ رَسولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ: ليسَ كما تَظُنُّونَ، إنَّما هو كما قالَ لُقْمانُ لِابْنِهِ: (يا بُنَيَّ لا تُشْرِكْ باللَّهِ إنَّ الشِّرْكَ لَظُلْمٌ عَظِيمٌ) - (لقمان: 13) }
(رواه البخاري)
أيضاً من الآيات التي تلفت النظر المشركون في النار: |
قَالُوا وَهُمْ فِيهَا يَخْتَصِمُونَ * تَاللَّهِ إِن كُنَّا لَفِي ضَلَالٍ مُّبِينٍ * إِذْ نُسَوِّيكُم بِرَبِّ الْعَالَمِينَ(سورة الشعراء: الآية 96-97-98)
يعني ما الذي جعلهم يندمون في هذا الموقف؟ إذ كنا نسوِّيكم (إِذْ نُسَوِّيكُم بِرَبِّ الْعَالَمِينَ) لمّا جعلناكم في مرتبة الألوهية كنا في ضلالٍ مبين. |
أيضاً: |
إِنَّهُ مَن يُشْرِكْ بِاللَّهِ فَقَدْ حَرَّمَ اللَّهُ عَلَيْهِ الْجَنَّةَ(سورة المائدة: الآية 72)
آية قرآنية. |
أيضاً: |
وَلَقَدْ أُوحِيَ إِلَيْكَ وَإِلَى الَّذِينَ مِن قَبْلِكَ لَئِنْ أَشْرَكْتَ لَيَحْبَطَنَّ عَمَلُكَ وَلَتَكُونَنَّ مِنَ الْخَاسِرِينَ(سورة الزمر: الآية 65)
الشرك الأكبر يحبط العمل
الشرك الأكبر يحبط العمل
|
وَكَفَىٰ بِرَبِّكَ بِذُنُوبِ عِبَادِهِ خَبِيرًا بَصِيرًا(سورة الإسراء: الآية 17)
كَفَىٰ بِاللَّهِ شَهِيدًا(سورة الرعد الآية 43)
بداية فكرة الشرك
أخواننا الكرام: كيف بدأت فكرة الشرك؟ كما ورد في الصحيح فكرة الشرك بدأت في سورة نوح: |
وَقَالُوا لَا تَذَرُنَّ آلِهَتَكُمْ وَلَا تَذَرُنَّ وَدًّا وَلَا سُوَاعًا وَلَا يَغُوثَ وَيَعُوقَ وَنَسْرًا(سورة نوح: الآية 23)
الأصنام في الأصل لم تُجعل للعبادة
|
{ عن عائشة رضا الله عنها: أنَّهَا اشْتَرَتْ نُمْرُقَةً فِيهَا تَصَاوِيرُ، فَلَمَّا رَآهَا رَسولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ قَامَ علَى البَابِ، فَلَمْ يَدْخُلْهُ، فَعَرَفْتُ في وجْهِهِ الكَرَاهيةَ، فَقُلتُ: يا رَسولَ اللَّهِ أتُوبُ إلى اللَّهِ، وإلَى رَسولِهِ صَلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ مَاذَا أذْنَبْتُ؟ فَقالَ رَسولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ: ما بَالُ هذِه النُّمْرُقَةِ؟ قُلتُ: اشْتَرَيْتُهَا لكَ لِتَقْعُدَ عَلَيْهَا وتَوَسَّدَهَا، فَقالَ رَسولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ: إنَّ أصْحَابَ هذِه الصُّوَرِ يَومَ القِيَامَةِ يُعَذَّبُونَ، فيُقَالُ لهمْ أحْيُوا ما خَلَقْتُمْ وقالَ: إنَّ البَيْتَ الذي فيه الصُّوَرُ لا تَدْخُلُهُ المَلَائِكَةُ }
(صحيح البخاري)
قد يقول قائل: لماذا؟ هذا هو سد منافذ الشرك، لكي لا يُجعل لعَالِم أو مهما علت مرتبته أو حتى لنبي أن يُجعل له تمثال ليتذكره الناس فلمّا يُنسخ العلم يُعبد من دون الله. |
الشرك الأكبر
أخواننا الكرام: الشرك نوعان وهذه أهم فكرة في اللقاء، الشرك نوعان: شركٌ أكبر، وشركٌ أصغر. |
الشرك الأكبر كما قلنا: أن يتخذ الإنسان نداً مع الله. |
فَإِذَا رَكِبُوا فِي الْفُلْكِ دَعَوُا اللَّهَ مُخْلِصِينَ لَهُ الدِّينَ فَلَمَّا نَجَّاهُمْ إِلَى الْبَرِّ إِذَا هُمْ يُشْرِكُونَ(سورة العنكبوت: الآية 65)
يعني لما كان بحاجة إلى الله يارب نجِّنا فلما صار في البر توجه إلى غير الله واتخذ نداً من دون الله، يقول تعالى عن بعض أهل الكتاب: |
اتَّخَذُوا أَحْبَارَهُمْ وَرُهْبَانَهُمْ أَرْبَابًا مِّن دُونِ اللَّهِ(سورة التوبة: الآية 31)
أعظم أنواع التفسير
|
{ قدمَ عديُّ بنُ حاتمٍ على النَّبيِّ صلَّى اللهُ عليهِ وسلَّمَ وهو نصرانيٌّ فسمعه يقرأُ هذه الآيةَ : (اتَّخَذُوا أَحْبَارَهُمْ وَرُهْبَانَهُمْ أَرْبَابًا مِنْ دُونِ اللَّهِ وَالْمَسِيحَ ابْنَ مَرْيَمَ وَمَا أُمِرُوا إِلَّا لِيَعْبُدُوا إِلَهًا وَاحِدًا لَا إِلَهَ إِلَّا هُوَ سُبْحَانَهُ عَمَّا يُشْرِكُونَ)-(سورة التوبة: الآية 31)-قال: فقلتُ له: إنَّا لسنا نعبدُهم، قال: أليسَ يحرمونَ ما أحلَّ اللهُ فتحرِّمونَه، ويحلُّونَ ما حرَّمَ اللهُ فتحلُّونَه، قال: قلتُ: بلى، قال: فتلك عبادتُهم }
(سنن البيهقي)
الهدف من الدرس النصيحة
|
الشرك الأصغر أو الشرك الخفي
الشرك الأصغر أعظمه الرياء
|
{ عَنْ مَحْمُودِ بْنِ لَبِيدٍ، قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: إِنَّ أَخْوَفَ مَا أَخَافُ عَلَيْكُمُ الشِّرْكُ الْأَصْغَرُ، قَالُوا: يَا رَسُولَ اللَّهِ وَمَا الشِّرْكُ الْأَصْغَرُ ؟ قَالَ: الرِّيَاءُ، إِنَّ اللَّهَ يَقُولُ يَوْمَ تُجَازَى الْعِبَادُ بِأَعْمَالِهِمُ: اذْهَبُوا إِلَى الَّذِينَ كُنْتُمْ تُرَاءُونَ بِأَعْمَالِكُمْ فِي الدُّنْيَا، فَانْظُرُوا هَلْ تَجِدُونَ عِنْدَهُمْ جَزَاءً؟ }
(رواه أحمد في المسند)
وقال صلى الله عليه وسلم: يسير الرياء شرك، حتى اليسير منه شرك لكن ليس شركاً أكبر شرك أصغر |
{ عن معاذ بن جبل قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: إنَّ يسيرَ الرِّياءِ شركٌ، وإنَّ من عادَى للَّهِ وليًّا فقد بارزَ اللَّهَ بالمحاربةِ إنَّ اللَّهَ يحبُّ الأبرارَ الأتقياءَ الأخفياءَ الَّذينَ إذا غابوا لم يُفتقدوا وإن حضروا لم يُدعوا ولم يُعرفوا قلوبُهم مصابيحُ الهدَى يخرجونَ من كلِّ غبراءَ مظلمةٍ }
(رواه الألباني)
معنى الشرك الأصغر
أخواننا ما معنى الشرك الأصغر أو الشرك الخفي؟ وكما يقول سيدنا ابن عباس أو سيدنا علي لا أذكر: الشرك أخفى من دبيب النملة السمراء على الصخرة الصماء في الليلة الظلماء، قالوا: الشرك: أدناه أن تحب على جور وأن تبغض على عدل، ما معنى ذلك؟ إنسان يحبك فأخطأت أمامه بخطأ فجاء إليك ناصحاً بينك وبينه وقال لك: يا أبا فلان والله هذا الأمر خطأ، فأنت من هذا اليوم اتخذته عدواً، أبغضته على عدل، هو ما صنع شيئاً، ربما يكون قد أخطأ في أسلوبه وقام بين الناس وقال لك، لكنه يقول لك ذلك عن عدل لم يخطئ، أنت أخطأت هو لم يخطئ، فأبغضه لأنه نصحك فهذا من الشرك الخفي، الحالة الثانية إنسان تحبه على جور، إنسان ظالم، وما أكثر اليوم من يحبون على جور، فيقف في صف الظُّلام والطغاة والمستبدين والقتلة والمجرمين فيحبهم رغم جورهم، يحبهم رغم ظلمهم فهذا من الشرك لأن الله تعالى لا يحب هؤلاء الظالمين وأنت تتجه إليه وتحبه رغم ظلمه. |
الشرك الأصغر إرضاء مخلوق في المعصية
|
وَمَا يُؤْمِنُ أَكْثَرُهُم بِاللَّهِ إِلَّا وَهُم مُّشْرِكُونَ(سورة يوسف: الآية 106)
الفرق بين الشرك الأصغر أو الخفي والشرك الأكبر
والعياذ بالله، أكثرهم يبقى عنده شيء من الشرك، لكن أخواننا الكرام الشرك الخفي أو الشرك الأصغر لا يُخرج من الملة، والشرك الأصغر أو الخفي لا يحبط العمل كله كما هو الشرك الأكبر، يحبط فقط العمل الذي رافقه الشرك، يعني إنسان صلى صلاة فزيَّن من صلاته لما يرى من نظر رجل حبطت صلاته تلك لكن أعماله الأخرى محفوظة ومقبولة عند الله إن أحسن فيها فقط العمل الذي راءى به أو أشرك به، ولا يخرج من الإسلام وصاحبه متروكٌ لمغفرة الله فقد يعفو عنه، أما الشرك الأكبر فالله لا يغفره كما ورد في الآية (لَا يَغْفِرُ أَن يُشْرَكَ بِهِ) ويحبط العمل كله ويخرج صاحبه من الإسلام ومن ملة الإسلام، هذا الفرق بينهما. |
معنى الله أكبر
|
قصة الحسن البصري مع والي العراقين
قول الحق وعدم الملاطفة
|
فهذا أخواننا الكرام؛ يلخص قضية التوحيد والشرك هذا ملخص الملخص، إنك إن تكن مع الله يكفك الخلق كلهم، أما إذا قدمت إرضاء الخلق على إرضاء الله تعالى فيكلك الله إلى الخلق، وهذا هو التوحيد وما تعلمت العبيد أفضل من التوحيد. |