أريد أن أتوب ولكن ..
أريد أن أتوب ولكن ..
بسم الله الرحمن الرحيم ، الحمد لله ربِّ العالمين ، والصلاة والسلام على سيدنا محمد صاحب الخلق العظيم وعلى آله وأصحابه أجمعين.
المرض الذي يعاني منه المسلمون اليوم
لا أجد قوةً على ترك المعصية
|
حقيقةً نحن عندنا عَرَض وعندنا مرض وينبغي دائماً أن نميز بين العَرَض والمرض ، والإنسان الجاهل هو الذي يخلط بين الأعراض والأمراض ، يعني أحياناً إنسان يكون عنده إلتهاب حاد في المعدة فتظهر بعض الأعراض من ارتفاع درجة الحرارة أو أو إلخ ، فينبغي أن نميز بين المرض والعَرَض ، ما يعاني منه المسلمون اليوم كثيراً في العالم الإسلامي هي أعراض لمرض واحد ، المرض واحد لكن الأعراض مختلفة ، وإذا أردنا أن نعالج ينبغي أن نعالج المرض وليس العَرَض ، أن نعود إلى الأصل وهو المرض ، المرض هو ضعف الإيمان. |
المجتمع الاستهلاكي وانتشار شهوة المال
|
الإيمان يزيد وينقص
أولاً إخواننا الكرام: الإيمان كما يقول أهل السنة والجماعة: يزيد وينقص ، يعني الإيمان ليس كميّةً ثابتة في كل وقت ، الدليل قال تعالى: |
وَإِذَا تُلِيَتْ عَلَيْهِمْ آيَاتُهُ زَادَتْهُمْ إِيمَانًا(سورة الأنفال: الآية 2)
الإنسان ينسى
|
النبي صلى الله عليه وسلم يقول: "إِنَّ الْإِيمَانَ لَيَخْلَقُ فِي جَوْفِ أَحَدِكُمْ" ، ما معنى يَخْلَق؟ يعني يبلى ، كالثوب الخَلِق ، إِنَّ الْإِيمَانَ لَيَخْلَقُ فِي جَوْفِ أَحَدِكُمْ ، فجددوا إيمانكم ، إذاً هذا أمر أن نجدد الإيمان ، تجديد الإيمان يعني أن نزيل عنه ما علق به من شهوة الدنيا ومن شهوة العلو في الأرض ومن شهوة النساء ومن شهوة المال ونجدده ، تجديد الإيمان. |
{ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عَمْرِو بْنِ الْعَاصِ ، قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «إِنَّ الْإِيمَانَ لَيَخْلَقُ فِي جَوْفِ أَحَدِكُمْ كَمَا يَخْلَقُ الثَّوْبُ الْخَلِقُ ، فَاسْأَلُوا اللَّهَ أَنْ يُجَدِّدَ الْإِيمَانَ فِي قُلُوبِكُمْ» }
(رواه الطبراني)
أيضاً يقول تعالى: |
لِيَزْدَادُوا إِيمَانًا مَّعَ إِيمَانِهِمْ(سورة الفتح: الآية 4)
(لِيَزْدَادُوا إِيمَانًا مَّعَ إِيمَانِهِمْ) يعني كان عنده كمية من الإيمان إن صحَّ التعبير بالمعنى العلمي شيء من الإيمان فهو يزداد إيماناً مع إيمانه. |
أيضاً يقول تعالى: |
فَأَمَّا الَّذِينَ آمَنُوا فَزَادَتْهُمْ إِيمَانًا(سورة التوبة: الآية 124)
إذاً كل هذه النصوص وغيرها موجود في السنة وفي القرآن الكريم تدل على أن الإيمان يزيد وينقص ، كيف يزيد وينقص؟ |
الإيمان شيئان ، والكفر شيئان ، الإيمان هو التصديق مع الإقبال ، والكفر هو التكذيب مع الإعراض. * الإيمان صدَّقت بوجود الله وأقبلت عليه ، صدَّقت باليوم الآخر فابتعدت عن ما يوقفك بين يدي الله محاسباً يوم القيامة عن أعمالك ، تصديق وإقبال. * الكفر تكذيب وإعراض ، لا يوجد إله والعياذ بالله، إذاً يُعرِض الإنسان عن منهج الله ولا يعبأ به. |
الإيمان يزيد وينقص
|
حتى إنّ النبي صلى الله عليه وسلم يقول: |
{ لا يَزْنِي الزَّانِي حِينَ يَزْنِي وهو مُؤْمِنٌ ، ولا يَسْرِقُ حِينَ يَسْرِقُ وهو مُؤْمِنٌ ، ولا يَشْرَبُ الخَمْرَ حِينَ يَشْرَبُها وهو مُؤْمِنٌ ، والتَّوْبَةُ مَعْرُوضَةٌ بَعْدُ }
(صحيح مسلم)
يعني أثناء تلبسه بالمعصية يكون الإيمان ضعيف جداً جداً ، يعني وهو مؤمن لا يفعل ذلك ، لكن الإيمان ضعف جداً الشهوة أقوى بكثير فارتكب المعصية. |
أساليب تقوية الإيمان
الحل أن نقوِّي الإيمان
|
1. تدبر القرآن الكريم
تقوية الإيمان إخواننا الكرام؛ لها أساليب ، أحد أهم أساليبها تدبر القرآن الكريم ، وقراءة القرآن الكريم بتدبر وتمعن. |
شعور قراءة القرآن
|
يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا هَلْ أَدُلُّكُمْ عَلَىٰ تِجَارَةٍ تُنجِيكُم مِّنْ عَذَابٍ أَلِيمٍ(سورة الصف: الآية 10)
الله أكبر أنا أحب التجارة وأحب الربح وأحب قبض المال والربح العظيم ، طيب هذه تجارة ، قال: |
تُؤْمِنُونَ بِاللَّهِ وَرَسُولِهِ وَتُجَاهِدُونَ فِي سَبِيلِ اللَّهِ بِأَمْوَالِكُمْ وَأَنفُسِكُمْ ۚ ذَٰلِكُمْ خَيْرٌ لَّكُمْ إِن كُنتُمْ تَعْلَمُونَ * يَغْفِرْ لَكُمْ ذُنُوبَكُمْ وَيُدْخِلْكُمْ جَنَّاتٍ تَجْرِي مِن تَحْتِهَا(سورة الصف: الآية 11-12)
فجاء الثمن الكبير بمقابل تقديم الشيء اليسير فهذه تجارة رابحة ، بالتجارة يقول لك: 12% ، والصناعة 20% يقول لك: التجارة رابحة تمام ، طيب عند الله عز وجل الأمر أعظم بكثير آمن وجاهد بالمعنى العام للجهاد بالمال وبالنفس والتقديم وببذل الجهد في كل شيء ، (يَغْفِرْ لَكُمْ ذُنُوبَكُمْ وَيُدْخِلْكُمْ جَنَّاتٍ تَجْرِي مِن تَحْتِهَا) إذاً هذه تجارة رابحة ، تماماً ، وهكذا ، يعني عندما يقرأ الإنسان القرآن يقرأه بشعور: ما الذي يريده الله تعالى مني؟. |
مرةً الأحنف بن القيس وهو من التابعين قرأ قوله تعالى أو جال في خاطره قوله تعالى: |
لَقَدْ أَنزَلْنَا إِلَيْكُمْ كِتَابًا فِيهِ ذِكْرُكُمْ(سورة الأنبياء: الآية 10)
القرآن الكريم حفظ اللغة العربية
|
معنى تدبر القرآن
يوجد نماذج في القرآن
|
كَانُوا قَلِيلًا مِّنَ اللَّيْلِ مَا يَهْجَعُونَ * وَبِالْأَسْحَارِ هُمْ يَسْتَغْفِرُونَ * وَفِي أَمْوَالِهِمْ حَقٌّ لِّلسَّائِلِ وَالْمَحْرُومِ(سورة الذاريات: الآية 17-18-19)
ومرَّ بقومٍ: |
الَّذِينَ يُنفِقُونَ فِي السَّرَّاءِ وَالضَّرَّاءِ وَالْكَاظِمِينَ الْغَيْظَ وَالْعَافِينَ عَنِ النَّاسِ ۗ وَاللَّهُ يُحِبُّ الْمُحْسِنِينَ(سورة آل عمران: الآية 134)
ومرَّ بقوم: |
وَيُؤْثِرُونَ عَلَىٰ أَنفُسِهِمْ وَلَوْ كَانَ بِهِمْ خَصَاصَةٌ ۚ وَمَن يُوقَ شُحَّ نَفْسِهِ فَأُولَٰئِكَ هُمُ الْمُفْلِحُونَ(سورة الحشر: الآية 9)
ومرَّ بقوم: |
يَجْتَنِبُونَ كَبَائِرَ الْإِثْمِ وَالْفَوَاحِشَ وَإِذَا مَا غَضِبُوا هُمْ يَغْفِرُونَ(سورة الشورى: الآية 37)
فقال: اللهم لست أعرف نفسي هاهنا ، هذه مراتب عالية ، والأحنف بن قيس من التابعين لكن الإنسان كلما زاد علماً بالله يتهم نفسه دائماً بالتقصير فقال: اللهم لست أعرف نفسي هاهنا ، ثم مر بقومٍ: |
إِذَا قِيلَ لَهُمْ لَا إِلَٰهَ إِلَّا اللَّهُ يَسْتَكْبِرُونَ(سورة الصافات: الآية 35)
ومرَّ بقومٍ: |
مَا سَلَكَكُمْ فِي سَقَرَ * قَالُوا لَمْ نَكُ مِنَ الْمُصَلِّينَ * وَلَمْ نَكُ نُطْعِمُ الْمِسْكِينَ * وَكُنَّا نَخُوضُ مَعَ الْخَائِضِينَ * وَكُنَّا نُكَذِّبُ بِيَوْمِ الدِّينِ * حَتَّىٰ أَتَانَا الْيَقِينُ(سورة المدثر: الآية 42-43-44-45-46-47)
فقال: اللهم إني أبرأ إليك أن أكون من هؤلاء ، أنا عبد لا أستكبر عن عبادتك ، أنا عبدٌ لك ، ثم مر بقوله تعالى: |
وَآخَرُونَ اعْتَرَفُوا بِذُنُوبِهِمْ خَلَطُوا عَمَلًا صَالِحًا وَآخَرَ سَيِّئًا عَسَى اللَّهُ أَن يَتُوبَ عَلَيْهِمْ ۚ إِنَّ اللَّهَ غَفُورٌ رَّحِيمٌ(سورة التوبة: الآية 102)
فقال: يارب أنا من هؤلاء ، وجد نفسه في المصحف ، العبرة من هذه القصة أننا عندما نفتح المصحف دعونا نلتمس ذكرنا فإذا مررنا بقومٍ من المؤمنين لهم صفات إقرأ: |
قَدْ أَفْلَحَ الْمُؤْمِنُونَ(سورة المؤمنون: الآية 1)
طيب من هم المؤمنون؟ |
الَّذِينَ هُمْ فِي صَلَاتِهِمْ خَاشِعُونَ * وَالَّذِينَ هُمْ عَنِ اللَّغْوِ مُعْرِضُونَ * وَالَّذِينَ هُمْ لِلزَّكَاةِ فَاعِلُونَ(سورة المؤمنون: الآية 2-3-4)
إلى آخر الآيات ، إلا المصلّين من هم؟ |
وَالَّذِينَ هُمْ عَلَىٰ صَلَوَاتِهِمْ يُحَافِظُونَ(سورة المؤمنون: الآية 9)
وَالَّذِينَ فِي أَمْوَالِهِمْ حَقٌّ مَّعْلُومٌ * لِّلسَّائِلِ وَالْمَحْرُومِ * وَالَّذِينَ يُصَدِّقُونَ بِيَوْمِ الدِّينِ * وَالَّذِينَ هُم مِّنْ عَذَابِ رَبِّهِم مُّشْفِقُونَ(سورة المعارج: الآية 24-25-26-27)
وَالَّذِينَ هُمْ لِفُرُوجِهِمْ حَافِظُونَ(سورة المعارج: الآية 29)
إلى آخره ، إذا مر الإنسان والعياذ بالله بالمنافقين ، يقرأ في صفات المنافقين: |
وَإِذَا قِيلَ لَهُمْ لَا تُفْسِدُوا فِي الْأَرْضِ قَالُوا إِنَّمَا نَحْنُ مُصْلِحُونَ(سورة البقرة: الآية 11)
إلى آخر ذلك ، فالمصحف هذا هو التدبر ، ما معنى (أَفَلَا يَتَدَبَّرُونَ الْقُرْآنَ)؟ |
أَفَلَا يَتَدَبَّرُونَ الْقُرْآنَ(سورة محمد: الآية 24)
التدبر أن تلتمس ذكرك في كتاب الله
|
فإذاً إخواننا الكرام: تدبر القرآن لا أقول هو من الكماليات لكن من الضروريات أن يقرأ القرأن في البيت كل يوم ولو تقول لي صفحة مع تدبر لا يوجد مشكلة ، ليست العبرة بالكمية ، نحن في رمضان يقرأ الإنسان قراءة تعبُّد يقول لك: كل يوم جزء أنهيت ختمة ، ممتاز ، والله أقرأ ختمة خلال السنة كل يوم أقرأ خمس صفحات ، قراءة التعبُّد على العين والرأس وكلها مُثاب عليها الإنسان ، لكن أيضاً نضيف إلى قراءة التعبُّد قراءة التدبر ، بمعنى أنه لو قرأ الإنسان صفحة في اليوم لكن بتأمل قرأها على صلاة الفجر قرأها في قيام الليل بركعتين قبل النوم لكن هذه الصفحة تبقى آثارها في نفسه يَقوى الإيمان بالقرآن الكريم ، يُبنى الإيمان بالقرآن الكريم. |
التأثر بالقرآن الكريم
إخواننا الكرام: يقول تعالى: |
إِنَّ فِي ذَٰلِكَ لَذِكْرَىٰ لِمَن كَانَ لَهُ قَلْبٌ أَوْ أَلْقَى السَّمْعَ وَهُوَ شَهِيدٌ(سورة ق: الآية 37)
(إِنَّ فِي ذَٰلِكَ لَذِكْرَىٰ) في القرآن (لِمَن كَانَ لَهُ قَلْبٌ أَوْ أَلْقَى السَّمْعَ وَهُوَ شَهِيدٌ) كيف؟ |
إذا أزلت الموانع أثّر القرآن في القلب
|
في مسند الإمام أحمد: أنّ النبي صلى الله عليه وسلم ، انظروا إلى تفاعل النبي صلى الله عليه وسلم مع القرآن الكريم: |
{ أن النبي صلى الله عليه وسلم قام ليلةً وهو يتلو قوله تعالى: (إِن تُعَذِّبْهُمْ فَإِنَّهُمْ عِبَادُكَ ۖ وَإِن تَغْفِرْ لَهُمْ فَإِنَّكَ أَنتَ الْعَزِيزُ الْحَكِيمُ)-(سورة المائدة: الآية 118) }
(مسند أحمد)
قام ليلةً وهو يقرأ هذه الآية: (إِن تُعَذِّبْهُمْ فَإِنَّهُمْ عِبَادُكَ ۖ وَإِن تَغْفِرْ لَهُمْ فَإِنَّكَ أَنتَ الْعَزِيزُ الْحَكِيمُ). النبي صلى الله عليه وسلم يقول: |
{ شيبتني هودٌ وأخوَاتُها قبل المشيبِ }
(رواه الألباني)
قرأ سورة هود فشاب شعره ، وعلى فكرة هو أحد أسباب الشيب المبكر هو الخوف ، يعني هذا علمياً موجود أيضاً ، يقول أحدهم: والله شاب شعري عندما رأيت هذا المنظر. |
{ قالوا : يا رسولَ اللهِ ! قد شِبْتَ ؟ ! قال : شيَّبتني هودٌ وأخواتُها. وفي روايةٍ : شيَّبتني هودٌ ، والواقعةُ ، والمرسلاتُ ، وعمَّ يتساءلونَ ، وإذا الشمسُ كُوِّرتْ }
(رواه الألباني)
لماذا؟ لأن هذه السور كلها تتحدث عن الموقف بين يدي الله ، قال بعض العلماء: لعل الآية التي أثرت في النبي في هود هي قوله تعالى : |
فَاسْتَقِمْ كَمَا أُمِرْتَ وَمَن تَابَ مَعَكَ(سورة هود : الآية 112)
يخاطب نبيه صلى الله عليه وسلم (فَاسْتَقِمْ كَمَا أُمِرْتَ وَمَن تَابَ مَعَكَ). |
فإذاً إخواننا الكرام: هذا تأثُّر عظيم بالقرآن ، النبي صلى الله عليه وسلم يقول: |
{ شيبتني هودٌ وأخوَاتُها قبل المشيبِ }
(رواه الألباني)
سيدنا أبو بكر الصديق رضي الله عنه قرأ يوماً سورة الطور حتى إذا بلغ قوله تعالى : |
إِنَّ عَذَابَ رَبِّكَ لَوَاقِعٌ * مَّا لَهُ مِن دَافِعٍ(سورة الطور: الآية 7-8)
قال: فبكى وبكى حتى ما استطاع أن يستتم القراءة ، وصلى الناس خلفه صلاة الفجر فتلا قوله تعالى: |
إِنَّمَا أَشْكُو بَثِّي وَحُزْنِي إِلَى اللَّهِ(سورة يوسف: الآية 86)
فلم يستطع أن يتم قراءته ، وسيدنا عثمان رضي الله عنه كان يقول: والله لو طَهُرت قلوبنا ما شبعت من كلام الله. |
هذا انتفاء الموانع عن القلب الذي قلناه قبل قليل ، لو كانت القلوب طاهرة مجردة لله لم تشبع من كلام الله. |
شرطان للانتفاع بالقرآن الكريم
كلنا نحتاج الدنيا
|
لذلك النبي صلى الله عليه وسلم ، كما قلت في اللقاء الماضي ربما ، قال: "اللهم لاَ تَجْعَلِ الدُّنْيَا أَكْبَرَ هَمِّنَا" |
{ اللَّهُمَّ اقْسِمْ لَنَا مِنْ خَشْيَتِكَ مَا يَحُولُ بَيْنَنَا وَبَيْنَ مَعَاصِيكَ ، وَمِنْ طَاعَتِكَ مَا تُبَلِّغُنَا بِهِ جَنَّتَكَ ، وَمِنَ اليَقِينِ مَا تُهَوِّنُ بِهِ عَلَيْنَا مُصِيبَاتِ الدُّنْيَا ، وَمَتِّعْنَا بِأَسْمَاعِنَا وَأَبْصَارِنَا وَقُوَّتِنَا مَا أَحْيَيْتَنَا ، وَاجْعَلْهُ الوَارِثَ مِنَّا ، وَاجْعَلْ ثَأْرَنَا عَلَى مَنْ ظَلَمَنَا ، وَانْصُرْنَا عَلَى مَنْ عَادَانَا ، وَلاَ تَجْعَلْ مُصِيبَتَنَا فِي دِينِنَا ، وَلاَ تَجْعَلِ الدُّنْيَا أَكْبَرَ هَمِّنَا ، وَلاَ مَبْلَغَ عِلْمِنَا ، وَلاَ تُسَلِّطْ عَلَيْنَا مَنْ لاَ يَرْحَمُنَا }
(رواه الترمذي)
لكن ما قال: اللهم لا تجعل الدنيا هماً من همومنا ، لأنه مستحيل ، الدنيا هم ، كلنا نحتاج إلى المال ، الأنبياء بماذا وصفهم القرآن الكريم؟ قال: |
إِنَّهُمْ لَيَأْكُلُونَ الطَّعَامَ وَيَمْشُونَ فِي الْأَسْوَاقِ(سورة الفرقان: الآية 20)
الدنيا مؤقتة
|
فقال: أن تنقل قلبك من وطن الدنيا إلى وطن الآخرة ، عندما تقرأ في القرآن هدفك وهمك الأكبر هو الآخرة ، ثم قال: وأن تُقبِل بقلبك كله على معاني القرآن واستجلائها. |
ينبغي أن نقرأ القرآن بكليتنا
|
إخواننا الكرام: إذاً ملاك تقوية الإيمان إن صح التعبير هو في قراءة القرآن الكريم بتدبر وتمعن. |
2. الصحبة الصالحة
الأمر الآخر إخواننا الأحباب الصحبة الصالحة ، يقول تعالى: |
يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ وَكُونُوا مَعَ الصَّادِقِينَ(سورة التوبة: الآية 119)
يعني كأن الله تعالى يقول: إن تقوى الله حقيقةً تحتاج أن تكون مع الصادقين ، هذا المجلس الكريم الطيب المبارك هو لتقوية الإيمان ، وأنا قبلكم والله دون تواضع ، يعني أنا قبلكم ، لأنّ الإنسان |
فَطَالَ عَلَيْهِمُ الْأَمَدُ فَقَسَتْ قُلُوبُهُمْ(سورة الحديد: الآية 16)
عندما يطول الأمد في متابعة القلب ومتابعة العقل ومتابعة الفكر ومتابعة العلم يقسو القلب ، لكن لما يتعهد الإنسان قلبه دائماً ، قالوا: "تَعَهَّد قلبك". |
الصحبة الصالحة تقوي الإيمان
|
يقول صلى الله عليه وسلم: |
{ لَا يَقْعُدُ قَوْمٌ يَذْكُرُونَ اللَّهَ عَزَّ وَجَلَّ إِلَّا حَفَّتْهُمُ الْمَلَائِكَةُ وَغَشِيَتْهُمُ الرَّحْمَةُ وَنَزَلَتْ عَلَيْهِمُ السَّكِينَةُ وَذَكَرَهُمُ اللَّهُ فِيمَنْ عِنْدَهُ }
(صحيح مسلم)
التفكر في خلق السموات ذكر
|
فقال صلى الله عليه وسلم: لَا يَقْعُدُ قَوْمٌ يَذْكُرُونَ اللَّهَ عَزَّ وَجَلَّ إِلَّا حَفَّتْهُمُ الْمَلَائِكَةُ ، مجلس الذكر تحفُّه الملائكة ، وَغَشِيَتْهُمُ الرَّحْمَةُ وَنَزَلَتْ عَلَيْهِمُ السَّكِينَةُ وَذَكَرَهُمُ اللَّهُ فِيمَنْ عِنْدَهُ. الله أكبر. |
يعني إخواننا الكرام: نحن إذا واحد فينا قال له في الأمس ذُكِر اسمك عندما كنا جالسين عند الملك الفلاني وذُكِرت عنده ، يبقى أسبوع من دون نوم ، ماذا تكلم؟ كيف كان وجهه عندما ذُكِر إسمي هل كان سعيداً أم لا؟. |
قال: "وإنْ ذَكَرَنِي في مَلَإٍ ذَكَرْتُهُ في مَلَإٍ خَيْرٍ منهمْ" ، يذكرك الله عند الملأ الأعلى أن هناك قوماً اجتمعوا على ذكري وعلى رضاي جل جلاله. |
{ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ ، قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللهِ ﷺ: يقولُ اللَّهُ تَعالَى: أنا عِنْدَ ظَنِّ عَبْدِي بي ، وأنا معهُ إذا ذَكَرَنِي ، فإنْ ذَكَرَنِي في نَفْسِهِ ذَكَرْتُهُ في نَفْسِي ، وإنْ ذَكَرَنِي في مَلَإٍ ذَكَرْتُهُ في مَلَإٍ خَيْرٍ منهمْ ، وإنْ تَقَرَّبَ إلَيَّ بشِبْرٍ تَقَرَّبْتُ إلَيْهِ ذِراعًا ، وإنْ تَقَرَّبَ إلَيَّ ذِراعًا تَقَرَّبْتُ إلَيْهِ باعًا ، وإنْ أتانِي يَمْشِي أتَيْتُهُ هَرْوَلَةً }
(صحيح البخاري)
3. الاستكثار من الأعمال الصالحة والنوافل
العمل الصالح والنوافل تقوي الإيمان
النبي صلى الله عليه وسلم مرةً بين أصحابه ، السؤال مفاجئ غير مُحضّر لا علم لأحد به ، فجأةً. |
{ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ قَالَ: "قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «مَنْ أَصْبَحَ مِنْكُمْ الْيَوْمَ صَائِمًا؟» قَالَ أَبُو بَكْرٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ: أَنَا ، قَالَ: «فَمَنْ تَبِعَ مِنْكُمْ الْيَوْمَ جَنَازَةً؟» قَالَ أَبُو بَكْرٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ: أَنَا ، قَالَ: «فَمَنْ أَطْعَمَ مِنْكُمْ الْيَوْمَ مِسْكِينًا؟» قَالَ أَبُو بَكْرٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ: أَنَا ، قَالَ: «فَمَنْ عَادَ مِنْكُمْ الْيَوْمَ مَرِيضًا؟» قَالَ أَبُو بَكْرٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ: أَنَا ، فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم: «مَا اجْتَمَعْنَ فِي امْرِئٍ إِلاَّ دَخَلَ الْجَنَّةَ»" }
(رواه مسلم)
يعني في يوم واحد سيدنا أبو بكر ، والسؤال ربما كان في الظهيرة ، أطعم مسكين ، وعاد مريضاً ، وتبع جنازةً ، وهو صائم ، فاجتمعوا عنده. |
فالإنسان يوم؛ نحن لن نقول كل هذا في يوم واحد ، نسأل الله السلامة ، نحن إن شاء الله يسموننا جماعة المعشار ، جماعة العشر ، قال: كَانَ فِيمَنْ كَانَ قَبْلَكُمْ ، يعني لو تركوا عشر ما أمروا به لهلكوا ، وأنتم لو فعلتم عشر ما أمرتم به لنجوتم ، لكن كما يقولون عنا نحن جماعة العشر بآخر الزمان نريد أن نأخذ من كل عشرة واحد. |
{ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ ، عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ: (إِنَّكُمْ فِي زَمَانٍ مَنْ تَرَكَ مِنْكُمْ عُشْرَ مَا أُمِرَ بِهِ هَلَكَ ثُمَّ يَأْتِي زَمَانٌ مَنْ عَمِلَ مِنْهُمْ بِعُشْرِ مَا أُمِرَ بِهِ نَجَا }
(أخرجه الترمذي)
لكن يعني إذا يوم صيام ، وبالأسبوع مرة جنازة أو تعزية إنسان ، أو سمعت بمريض عيادة مريض ، أو صدقة لإطعام مسكين أو لكفالة يتيم ، يعني يجعل الإنسان هذا الأمر ببرنامجه دائماً أنه أنا لازم في كل يوم يكن لي شيء ولو كلمة طيبة ، والكلمة الطيبة صدقة. |
{ عن أبي هريرة رضي الله عنه ، قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: كل سلامي من الناس عليه صدقة ، كل يوم تطلع فيه الشمس تعدل بين اثنين صدقة ، وتعين الرجل في دابته فتحمله عليها أو ترفع له عليها متاعه صدقة ، والكلمة الطيبة صدقة ، وبكل خطوة تمشيها إلى الصلاة صدقة ، وتميط الأذى عن الطريق صدقة }
(رواه البخاري)
لكن لا يمر يوم من غير عمل صالح فهذا مما يقوي إيمان الإنسان ويدفعه أكثر. |
4. ذكر الموت
الآن من الأمور التي ربما الإنسان يحاول دائماً أن يبتعد عنها لكنها من صلب الدين تبني وتقوي الإيمان؛ ذكر الموت ، لأن النبي صلى الله عليه وسلم ما قال: اذكروا الموت ، قال: "أكثِروا مِن ذِكْرِ هاذِمِ اللَّذَّاتِ" ، هاذم اللذات يعني يقطعها ، هذم: قطع. |
{ عن أبي هريرةَ رَضِيَ اللَّهُ عنه ، قال: (كان رسولُ الله صلَّى الله عليه وسلَّم يُكثِرُ أن يقولَ: أكثِروا مِن ذِكْرِ هاذِمِ اللَّذَّاتِ) }
(أخرجه الترمذي والنسائي وابن ماجة وأحمد)
هناك آية جمعت الأحرف اللثوية ، حتى يدرب الإنسان نفسه عليها ، قال تعالى: (وَذَرُوا ظَاهِرَ الْإِثْمِ وَبَاطِنَهُ) ، (وَذَرُوا ظَاهِرَ الْإِثْمِ) الأحرف اللثوية كاملةً. |
وَذَرُوا ظَاهِرَ الْإِثْمِ وَبَاطِنَهُ(سورة الأنعام: الآية 120)
الإكثار من ذكر الموت من نشاط المؤمن
|
وَإِذَا قَامُوا إِلَى الصَّلَاةِ قَامُوا كُسَالَىٰ(سورة النساء: الآية 142)
فإخواننا الكرام: ذكر الموت هو جزء من اتباع الجنائز ، |
{ قَد كُنتُ نَهَيتُكُم عَن زيارةِ القُبورِ ، فقَدْ أذنَ لِمُحمَّدٍ في زيارَةِ قبرِ أمِّهِ ، فَزوروها فإنَّها تذَكِّرُ الآخِرةَ }
(صحيح الترمذي)
هناك يوم سنرحل فيه عن الدنيا
|
5. الدعاء
ضعيفٌ يقوى بالله
قال صلى الله عليه وسلم: "إِنَّ الْإِيمَانَ لَيَخْلَقُ فِي جَوْفِ أَحَدِكُمْ كَمَا يَخْلَقُ الثَّوْبُ الْخَلِقُ ، الثوب القديم ، قال: فَاسْأَلُوا اللَّهَ أَنْ يُجَدِّدَ الْإِيمَانَ فِي قُلُوبِكُ". فالدعاء؛ يارب جدد إيماننا ، يارب قوي إيماننا بك ، |
{ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عَمْرِو بْنِ الْعَاصِ ، قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «إِنَّ الْإِيمَانَ لَيَخْلَقُ فِي جَوْفِ أَحَدِكُمْ كَمَا يَخْلَقُ الثَّوْبُ الْخَلِقُ ، فَاسْأَلُوا اللَّهَ أَنْ يُجَدِّدَ الْإِيمَانَ فِي قُلُوبِكُمْ» }
(رواه الطبراني)
إِيَّاكَ نَعْبُدُ وَإِيَّاكَ نَسْتَعِينُ(سورة الفاتحة: الآية 5)
فلا نترك الإستعانة بالله في هذا الأمر. |
التوبة إدراك وانفعال وسلوك
إخواننا الكرام: التوبة: هي إدراك وانفعال وسلوك ، هذا يمكن قانون ديكارت ، كل شيء في الحياة إدراك وانفعال وسلوك ، بالأمس كنت أصور برنامج بمعيَّة شيخنا الدكتور راتب ، فذُكرت التوبة ، الندم توبة ، الندم هو الانفعال ، فقلت له: كيف الإدراك انفعال سلوك؟ قال لي: يعني أنت تمشي في الطريق فتجد ثعباناً ، في الغابة تجد ثعباناً ، فتدرك من خلال معلوماتك السابقة أن هذا ثعبان وخطر ، فتنفعل ، الانفعال الخوف من هذا المنظر فتقوم بسلوك ، فقلت له: ما السلوك؟ قال لي: إما أن تهجم وتقتله أو أن تهرب ، قلت له: لا والله سأهرب أنا ، قلت له: الهريبة أفضل ، فالسلوك أن تتحرك. |
لذلك ماذا قال تعالى؟ |
وَلَا تَكُونُوا كَالَّذِينَ قَالُوا سَمِعْنَا وَهُمْ لَا يَسْمَعُونَ(سورة الأنفال: الآية 21)
السلوك أن تتحرك للإصلاح
|
قصص وعبر تتعلق بالتوبة
قوم سيدنا موسى والقحط الذي أصابهم
ربنا هو الستير
|
النبي صلى الله عليه وسلم يقول: إني أتوب إلى الله في اليوم مئة مرة، مما يتوب صلى الله عليه وسلم؟ وقد غُفر له ما تقدم من ذنبه وما تأخر وبأبي هو وأمي أين ذنبه صلى الله عليه وسلم؟ |
{ عن الأَغَرِّ بْن يَسار المُزنِيِّ قال: قال رسول الله ﷺ: يَا أَيُّها النَّاس تُوبُوا إِلى اللَّهِ واسْتغْفرُوهُ فإِني أَتوبُ في اليَوْمِ مائة مَرَّة }
(رواه مسلم)
قال بعض العلماء: ولعل ذلك التفسير يزيل اللبس، قالوا: إن الأنبياء إذا تابوا تابوا من مكانةٍ كانوا يحبوا أن يصلوا إليها فلم يصلوا، يعني هو يحب أن يكون في تلك الدرجة في العلاقة مع الله فكان في أدنى منها لكنه في الطاعة ومع ذلك يتوب صلى الله عليه وسلم، ويعلمنا أن التوبة دائماً مطلوبة. |
دينار العيار
قصة دينار العيُار
|
الفضيل بن عياض
توبة الفضيل بن عياض
|
أَلَمْ يَأْنِ لِلَّذِينَ آمَنُوا أَن تَخْشَعَ قُلُوبُهُمْ لِذِكْرِ اللَّهِ وَمَا نَزَلَ مِنَ الْحَقِّ(سورة الحديد: الآية 16)
فقال: بلى يارب قد آن، بلى يارب قد آن وإني أتوب إليك الساعة، ثم نزل من الجدار وأصبح إمام الحرمين المكي والمدني في العبادة الفضيل بن عياض. |
إخواننا الكرام: الصلحة بلمحة، وكلنا الآن دخل رجب، وكما قال العلماء في رجب نزرع وفي شعبان نسقي وفي رمضان نحصد، إذا بدأنا الزراعة في واحد رمضان ينتهي رمضان ولم ننتهي من الزراعة، فدعونا نزرع في رجب ونسقي في شعبان حتى إن شاء الله نحصد الخيرات والبركات من أول يوم من أيام رمضان. |