حقوق وواجبات الزوج والزوجة

  • جمعية إعفاف الخيرية
  • 2012-06-10
  • عمان
  • الاردن

حقوق وواجبات الزوج والزوجة

الحمد لله رب العالمين ، اللهم صلِّ وسلم وبارك على سيدنا محمدٍ وعلى آله وأصحابه أجمعين ، اللهم علمنا ما ينفعنا ، وانفعنا بما علمتنا وزدنا علماً وعملاً متقبلاً يا رب العالمين.


الله بين الزوجين :
وبعد أيها الأخوة الكرام ؛ أيتها الأخوات الفاضلات ؛ اجتماعٌ مبارك ميمون إن شاء الله تعالى على طاعة الله ، وعلى رغبةٍ في إرضاء الله تعالى ، موضوع اللقاء: حقوق الزوج وحقوق الزوجة ، أو حقوق الزوجين من باب التغليب.
الله بين الطرفين
بادئ ذي بدء مقدمةً لهذا الموضوع أقول: إن العلاقة بين الزوجين يحكمها قانون وهو أن الله تعالى بين الطرفين ، بين أي طرفين شريكين ، أخان في الله ، زوجان ، بين أي طرفين ، القانون أنّ الله بين الطرفين ، فكل طرف يتقرب إلى الله بخدمة الطرف الآخر ، ويتقي الله في أن يظلم الطرف الآخر ، هذا قانون ، أنا زوج وعندي زوجة ، أتقرب إلى الله بخدمتها ، وأتقي الله تعالى في أن أظلمها ، وهي تتقرب إلى الله بخدمة زوجها ، وتتقي الله في أن تظلمه ، فإذا كان الله بين الزوجين فالعلاقة سليمة.

العلاقة بين الزوجين تبنى على طاعة الله أو على معصيته :
ثانياً: هذه العلاقة بين الزوجين إما أن تبنى على طاعة الله ، وعندها يتولى الله في عليائه التوفيق بين الزوجين ، أو لا سمح الله ولا قدر تبنى على معصية الله فيتولى الشيطان التفريق بين الزوجين ، والله تعالى حينما رسم صورةً للعلاقة بين الزوجين عبر عن ذلك بمعنى عظيم ، قال:

هُنَّ لِبَاسٌ لَّكُمْ وَأَنتُمْ لِبَاسٌ لَّهُنَّ
(سورة البقرة: الآية 187)

الستر يساهم في نجاح العلاقة
أذكر مرةً أني قلت لمدرس لغةٍ أجنبية أن يُترجم هذه الجملة إلى لغته بكلماتٍ معدودة-إلى اللغة التي يتقنها- فقال لي: بكلمات معدودة لا أستطيع ، هذه الكلمات الست تحتاج إلى أسطر ، القرآن الكريم عبّر عن المعنى ببساطة قال: (هُنَّ لِبَاسٌ لَّكُمْ وَأَنتُمْ لِبَاسٌ لَّهُنَّ) لأن اللباس يقتضي الستر ، أول ميّزة للباس أنه ستر ، فالزوج سترٌ لزوجته ، والزوجة سترٌ لزوجها ، وحينما تبنى العلاقة على الستر تكون علاقةً ناجحة ، أما إن بُنيت على نقل ما يجري في البيت إلى خارج البيت فهي علاقة فاشلة ، حينما تحدِّث الزوجة أمَّها بما جرى من مشكلات بينها وبين زوجها مهما كانت تلك المشكلات بسيطةً ، أصغر مشكلة تخرج البيت تنقلب إلى أكبر مشكلة ، وأكبر مشكلة داخل البيت تُحلُّ ببساطة ، وحينما يحدّث الزوج أمه أو أقرباء عن سوء علاقته بزوجته أو مشكلاته معها أيضاً تتضخم المشكلة ، لذلك حينما وجه القرآن الكريم إلى حلّ المشكلات الزوجية قال:

وَاهْجُرُوهُنَّ فِي الْمَضَاجِعِ
(سورة النساء: الآية 34)

لأنه لا ينبغي أن يَعْلَمَ الأولاد في البيت بوجود مشكلةٍ بين الأب والأم ، لذلك لم يقل: اهجروهن في البيوت ، بمعنى أن ينام هو في غرفة وهي في غرفة ، أو يذهب من البيت ليهجرها ، ينبغي أن يهجرها داخل الغرفة حتى لا يدري الأولاد بأن هناك خلافاً بين أمهم وأبيهم ، فما بال بعض الزوجات لمجرد خروج زوجها من البيت تفتح الهاتف لتحدّث أمها بمسيرة يومها مع زوجها وخلافها معه ، وما بال بعض الأزواج أيضاً يذهب إلى أمه ليقول لها: أنا غير مرتاحٍ في حياتي ، والحياة جحيم مع هذه الفتاة التي اخترتموها لي.

الزواج ستر وجمال وقرب :
التجمُّل مطلوب من الطرفين
إذاً الأصل الستر ، واللباس ستر ، ثم اللباس جمال ، لو كان هدف اللباس تحقيق الستر فقط لالتحف كل واحدٍ منا ملحفةً مثل المعتمرين أو الحجاج وخرج بها وحقق الستر ، لكن اللباس جمال ، لذلك كل واحدٍ منا ينزل إلى السوق ويختار من اللباس ما يناسبه ، اللباس ستر وجمال ، العلاقة بين الزوجين ينبغي أن تُبنى على الجمال ، والجمال ليس جمالاً جسدياً فقط وهو مطلوب من الزوج والزوجة ، ويخطئ كثير من الأزواج حينما يظنون أنه مطلوبٌ من الزوجة أن تتجمَّل لزوجها وأنه ليس مطلوباً من الزوج أن يتجمَّل لزوجته ، هذا فهم خاطئ ، مطلوب من الطرفين أن يتجمَّلا لبعضهما ، إذاً العلاقة تبنى على الجمال ، والجمال ليس أذواقاً خارجيةً فحسب ، المواقف جمال ، والكلام جمال ، وطريقة الخطاب جمال ، وللروح جمال ، فهناك إنسان يعيش مع زوجةٍ بمقاييس النساء ليست جميلةً ولكنه يسعد بها أيما سعادة ، وهناك إنسان يعيش مع امرأةٍ بمقاييس أهل الأرض ملكة جمال ، ولكنه يشقى معها أيما شقاء ، فالجمال ليس في الجسد فقط ، وفي التزيّن ، من الجمال جمال الكلمة ، جمال الموقف ، النبي صلى الله عليه وسلم كان مع السيدة عائشة في ليلتها ، ليلة السيدة عائشة هي ليلة من ليالي بقية النساء ، والنبي صلى الله عليه وسلم كما تعلمون له عدة زوجات ، فأراد صلى الله عليه وسلم أن يخلو لمناجاة ربه ، أي بعرف جميع الرجال لا ينبغي له أن يأخذ إذن أحد ، لا زوجته ولا لغيرها ، إنسان سوف يتعبد ربه يقوم ويذهب إلى معتكفه ، وإلى مصلاه ، وليس له أن يأخذ إذن أحد ، لكن جمال الزواج عند النبي صلى الله عليه وسلم جعله يستأذن زوجته لأن هذه ليلتها، وخشي أن يحرمها حقاً هو لها ، فقال لها: يا عائشة أتأذنين لي أتعبد لربي؟ طبعاً عبادة النافلة ، الفرض لا يحتاج إذناً ، أتأذنين لي أتعبد لربي؟ الآن السيدة عائشة رضي الله عنها عندها جوابان ، أي امرأة يمكن أن تجيب أحد الجوابين ، الأول: نعم ، والثاني: لا ، هذا همزة الاستفهام؟ إما يأتي جوابها نعم أو يأتي لا ، فإن قالت: نعم ، فكأنها جفته ، أي لا تريده ، وإن قالت: لا ، فقد حرمته شيئاً يحبه ، فماذا قالت له؟ قالت له: والله يا رسول الله إني أحب قربك ولكنني أؤثر ما يسرُّك ، هذا الموقف الجميل ، أحب قربك لكنني أؤثر ما يسرك ، فلا هي جفته ولا هي منعته من أداء عبادته ، هذا الموقف الجميل .
ضرورة الاستماع للزوجة
فالزواج سترٌ ، والزواج جمالٌ ، اللباس بعد الستر والجمال لصوق ، ما ألصق شيءٍ بك؟ ثيابك ، ألصق شيءٍ بك زوجتك ، وأنتِ ألصق شيءٍ بك زوجك ، فلا ينبغي أن يعيش الزوج في وادٍ والزوجة في وادٍ آخر ، وأن يقول الناس للرجل: لا تعطِ سرّك لامرأة ، وأن يقول الناس للمرأة: لا تحدثيه بكل ما يحدث في بيت أهلك ، لا ، هناك أمور ضيقة جداً قد يضطر الرجل لإخفائها لمصلحة عمله ، لكن أن يخفي عنها كل شيء فلا يجوز ، تصبح الحياة مفككة لا تشعر بالقرب ، اللباس قرب ، ولا يشعر هو بقربها ، إذاً ينبغي وإن جئت متعباً من عملك أن تصيخ السمع لها ، لا تقل: ليس لدي وقت لأسمع قصص النساء ، لا ، هي عندها قصص كما أنت عندك عمل ، هي الآن تريد أن تحدثك بما جرى أثناء النهار مع الأولاد ، ومع جارتها ، وبالحي ، وكل شيء سمعته تريد أن تبث شكواها ، تُحَدِّث ، هذه حاجة عند الإنسان ، فإن منعتها فإلى من تتحدث؟! ليس لها إلا أنت ، إذاً الزواج قرب ، الطرف ينبغي أن يكون قريباً من الطرف الآخر ، كل طرف قريب ، فتحدثها وتحدثك ، فالنبي صلى الله عليه وسلم تحدثه السيدة عائشة عن قصة نساء ورجال ، كل واحدة لها قصة مع زوجها:

{ زَوْجِيَ العَشَنَّقُ ، إنْ أنْطِقْ أُطَلَّقْ وإنْ أسْكُتْ أُعَلَّقْ }

(أخرجه البخاري)

والقصة طويلة لو قرأتموها في الصحاح تحتاج شرحاً لنصف ساعة ، ثم تحدثه عن زوج اسمه أبو زرع ، وزوجة اسمها أم زرع ، وأبو زرع يحب أم زرع ، وأم زرع تحب أبا زرع ، وأبو زرع رجل كريم جداً ومعطاء ، ولكن في نهاية القصة قالت: إلا أنه طلقها ، فالنبي صلى الله عليه وسلم يقول للسيدة عائشة:

{ يا عائشةُ ! كُنْتُ لَكِ كَأَبِي زَرْعٍ لِأُمِّ زَرْعٍ }

(أخرجه البخاري)

هذا القرب ، تحكي له قصة افتراضية ، يسمعها ويعلق عليها ، يسابقها وتسابقه ، قالت: سبقته فلما ركبني اللحم سبقني ، أي كبرت فأصبحت أسمن مما هي عليه ، قالت: سبقني، فقال: يا عائشة هذه بتلك ، أي واحدة بواحدة ، يؤانسها.

{ عن عائشةَ رضيَ اللَّهُ عنها أنَّها كانَت معَ النَّبيِّ صلَّى اللَّهُ علَيهِ وسلَّمَ في سفَرٍ قالت: فسابقتُهُ فسبقتُهُ على رجليَّ ، فلمَّا حَملتُ اللَّحمَ سابقتُهُ فسبقَني فقالَ: هذِهِ بتلكَ السَّبقةِ }

(أخرجه أبو داود بسند صحيح)


اللباس موائمة ومناسبة :
المواءمة بين الزوجين
الآن آخر شيء اللباس أصبح ستراً وجمالاً ولصوقاً واللباس مواءمة ، مناسبة ، فلا يلبس الإنسان ثياباً ضيقةً ، ولا ثياباً عريضةً ، يلبس ثياباً تناسبه ، لذلك نقول: (هُنَّ لِبَاسٌ لَّكُمْ وَأَنتُمْ لِبَاسٌ لَّهُنَّ) أي من المعاني أنه ينبغي أن تتواءم مع زوجتك ، وأن تتناسب هي معك ، فأنت عندك مئة نقطة في حياتك فرضاً - مثل افتراضي- وهي عندها مئة نقطة ، من رحمة الله أننا نلتقي أحياناً بسبعين نقطة مثلاً ، أي هي لا تحب شيئاً معيناً في البيت ، أو نوعاً معيناً من أنواع الأطعمة ، أو طريقة معينة لتحضير الطعام ، وأنت لا تحبها ، هذه محلولة ، يبقى آخر شيء ثلاثون نقطة هي مختلفة عنك فيها ، غالباً هي تحب أن تتكلم على الهاتف طويلاً ، أنت لا تحب أن تتكلم على الهاتف طويلاً ، غالباً هي تحب الخروج من المنزل ، أنت تحب الإيواء إلى المنزل ، فيبقى هناك نقاط اختلاف لا بد منها ، لا يوجد بشر يتفق مع الآخر بكل النقاط ، لو افترضناهم مئة نقطة يوجد سبعون بالمئة ، وثمانون بالمئة ، وتسعون بالمئة ، ولكن في النتيجة هناك مجموعة نقاط سوف تختلف بها ، هذه حقائق ، الآن هي ينبغي أن تتواءم معك ، أي هي تتنازل قليلاً ، وأنت تتنازل قليلاً ، فيتحقق التناسب ، وهنا ليس انحيازاً للرجال لكن أقول: هنا واجب المرأة أكبر في أن تتواءم مع زوجها حسب الأوامر الإلهية ، لأنه هو قوام البيت ، فينبغي هي أن تكون المبادِرة ، لكن لا أُعفي الزوج من مسؤولية التنازل عن بعض الأمور لصالحها ، وهي تتنازل عن بعض الأمور لصالحه ، فتحصل المواءمة والمناسبة ، هذه مقدمة عن حقوق الزوجين.

قاعدتان مهمتان تتعلقان بالمرأة والرجل معاً :
أدِّ ماعليك قبل أن تطلب ما لك
يوجد قاعدتان مهمتان قبل أن نبدأ بالحديث عن حقوق الزوج ، ثم حقوق الزوجة ، أو بالعكس ، القاعدتان المهمتان اللتان أريد منكم أن نعيهما قبل البدء ، الأولى: أدِّ الذي عليك قبل أن تطلب الذي لك ، هذا للرجل وللمرأة معاً ، بكل علاقة بين طرفين أدِّ الذي عليك قبل أن تطلب الذي لك ، أي لا يقول الرجل لزوجته: أنتِ لم تفعلي هذا ، لا افعل أنت الذي عليك قبل ومن ثم قل لها ، وأنتِ لا تقولي له: أنت لم تفعل حقاً واجباً من واجباتك فأنا لن أفعل ، لا ، أنتِ افعلِي كل الذي عليك ثم اطلبي الذي لكِ بهدوء ، وأنت كذلك ، هذه أول قاعدة.
القاعدة الثانية: قابل الإحسان بإحسان ، وأسرع بأداء واجباتك دون نقصان ، أي إن وجدت من زوجتك مبادرة لأداء واجبٍ من واجباتها فأسرع فوراً إلى إحسانٍ مقابل ، وأنتِ إن رأيت من زوجك اتجاهاً لإكرامكِ فقابليه فوراً بالإحسان.
المؤمن يبني حياته على العطاء
الآن إذا تحققت هاتان القاعدتان انتهت الحقوق والواجبات ، إذا بادر كل منهما لأداء ما عليه أصبح همه وشغله الشاغل بأنه ماذا ينبغي أن أؤدي وليس ماذا ينبغي أن آخذ؟ لأن المؤمن ، والإنسان الصالح ، والمواطن الصالح ، حياته مبنية على العطاء وليس على الأخذ، هو يبني حياته في الأصل على أنه ينبغي أن أعطي لا يفكر ماذا ينبغي علي أخذه ، ماذا ينبغي أن أعطي ، إذاً انطلاقاً من هاتين القاعدتين نبدأ الحديث عن حقوق الزوجة ، ربنا جل جلاله يقول:

وَلَهُنَّ مِثْلُ الَّذِي عَلَيْهِنَّ بِالْمَعْرُوفِ

يؤكد الله تعالى في هذه الآية ألا يظن بعض الرجال أنه مطلوبٌ من الزوجة أمور وليس مطلوباً من الرجل مثلها ، فربنا عز وجل عبّر في القرآن الكريم قال: (وَلَهُنَّ) أي وللنساء ، (مِثْلُ الَّذِي عَلَيْهِنَّ) كما أن عليها واجب طاعتك ، وكما أن عليها واجب حفظك ، وحفظ بيتك ومالك كما سيأتي ، فإن لها أيضاً حقوقاً ينبغي أن تؤديها ، (وَلَهُنَّ مِثْلُ الَّذِي عَلَيْهِنَّ بِالْمَعْرُوفِ) أي بما تعارف عليه الناس.

حقوق الزوجة :
1 ـ النفقة عليها بمعروف :
أول حق من حقوق الزوجة النفقة ، قال تعالى:

لِيُنفِقْ ذُو سَعَةٍ مِّن سَعَتِهِ وَمَن قُدِرَ عَلَيْهِ رِزْقُهُ فَلْيُنفِقْ مِمَّا آتَاهُ اللَّهُ لَا يُكَلِّفُ اللَّهُ نَفْسًا إِلَّا مَا آتَاهَا
(سورة الطلاق: الآية 7)

النفقة على الزوج
أيها الأخوة؛ أيتها الأخوات؛ الزواج عندما يبنى على أساس أن الرجل هو القائم بأمر البيت ، وعليه أن ينفق على البيت ، الآن المرأة موظفة وليكن ، المرأة ميسورة الحمد لله ، لكن النفقة على الزوج ، هذا حق ، النفقة على الزوج ، الآن إن بادرت هي بالإنفاق على البيت فلها أجرٌ كبير ، نشد على يدها ، بعض النساء تقول: لا ، أنا راتبي لي أشتري به حاجاتي الشخصية فقط ، أنا لا أنفق شيئاً على البيت ، نقول: من باب الحقوق والواجبات كلامك صحيح، لكن من باب المودة والرحمة لو كان لكِ دخلٌ وأنفقت شيئاً ، وساعدتِ زوجكِ في الإنفاق على البيت فلكِ أجرٌ عظيم أعظم من أجر الصدقة على الغريب ، الصدقة على البيت أعظم من الصدقة على الغريب ، كما نقول لجميع الرجال: النفقة واجبك في البيت ، فأنت ينبغي أن تنفق على البيت بكل احتياجاته ، قال: (وَمَن قُدِرَ عَلَيْهِ رِزْقُهُ فَلْيُنفِقْ مِمَّا آتَاهُ اللَّهُ لَا يُكَلِّفُ اللَّهُ نَفْسًا إِلَّا مَا آتَاهَا) لا يطالب الرجل بالإنفاق إلا بما آتاه الله تعالى ، وهناك بعض النساء من طلباتهن المتزايدة في ملبسهن ، ومأكلهن ، ومشربهن ، وبيتهن ، قد يُلجئن بعض الأزواج إلى الرشوة ، أو السرقة ، أو المال الحرام ليلبي طلباتها ، وهذه طامّةٌ كبرى ، لذلك كانت بعض نساء الصحابة إذا خرج الرجل إلى عمله تلحق به إلى الباب تقول له: يا زوجي اتقِ الله فينا ، نصبر على الجوع ولا نصبر على الحرام ، أي لا تأتينا بمال حرام حتى تطعمنا ، نحن نصبر على الجوع ، هذه زوجات السلف الصالح ، وإن شاء الله يعيد الله عزّ وجل هذه الأيام ، أولاً : الزوجة لا ترهق زوجها بالطلبات حتى لا تُلجئه إلى المال الحرام ، ونقول له أيضاً: أعظم دينار تنفقه هو على بيتك ، وأعظم لقمة تضعها في فيه زوجتك فلا تبخل على بيتك أبداً ، فالنفقة مسؤوليتك وواجبك مما آتاك الله و(لَا يُكَلِّفُ اللَّهُ نَفْسًا إِلَّا مَا آتَاهَا).

أَسْكِنُوهُنَّ مِنْ حَيْثُ سَكَنتُم مِّن وُجْدِكُمْ وَلَا تُضَارُّوهُنَّ لِتُضَيِّقُوا عَلَيْهِنَّ
(سورة الطلاق: الآية 6)

(أَسْكِنُوهُنَّ مِنْ حَيْثُ سَكَنتُم مِّن وُجْدِكُمْ) مما تجدون (وَلَا تُضَارُّوهُنَّ لِتُضَيِّقُوا عَلَيْهِنَّ) يقول صلى الله عليه وسلم:

{ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ رضي الله عنه ، قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: دِينَارٌ أَنْفَقْتَهُ فِي سَبِيلِ اللَّهِ - جهّزت به جيشاً ليغزو في سبيل الله - وَدِينَارٌ أَنْفَقْتَهُ فِي رَقَبَةٍ - أعتقت فيه رقبة عبد من العبيد - وَدِينَارٌ تَصَدَّقْتَ بِهِ عَلَى مِسْكِينٍ ، وَدِينَارٌ أَنْفَقْتَهُ عَلَى أَهْلِكَ ، أَعْظَمُهَا أَجْرًا الَّذِي أَنْفَقْتَهُ عَلَى أَهْلِكَ }

(صحيح مسلم)

فتصوروا أعظم دينار تنفقه هو الذي على أهل بيتك.
اكفِ بيتك أولاً
بعض الناس لا ينتبهون لهذا المعنى ، تأتيني اتصالات تقول: والله زوجي كريم ومعطاء ، ولكن خيره للآخرين ، لا يصح أن تهدي الناس هدايا ، وكلما ذهبت لعند إنسان تأخذ معك لوحة فخمة بآلاف الليرات حتى تظهر أمام الناس أنك صاحب علاقات اجتماعية طيبة ، ثم في بيتك لا يجد أولادك سعةً في طعامهم ، وفي شرابهم ، وفي مدارسهم ، لا ، اكفِ بيتك أولاً ثم انتقل إلى المعروف خارج البيت ، وقد قال بعض الفقهاء: لا تقبل صدقة المرء وفي أهل بيته محاويج ، أي إنسان عنده محتاج في العائلة لا تقبل صدقته إن أنفقها على الآخرين.
إذاً الحد الأول أو النفقة الأولى أو الحق الأول هو النفقة بما يكفي بالمعروف.

على المرأة ألا تأخذ من مال زوجها بغير إذنه إلا إن قصّر في الحاجات الأساسية :
امرأة تقول: هل يحق لي أن آخذ من مال زوجي بغير إذنه؟ النفقة واجبة عليه ، فهو ترك أمواله في الخزانة فأنا أسحب وآخذ من غير إذنه، الجواب: لا ، وإن كانت النفقة واجبةً عليه فلا يجوز أن تأخذي من ماله بغير إذنه ، إلا إن قصّر في الحاجات الأساسية من طعامٍ وشرابٍ وكساءٍ ودواء ، أي لا يأتي بطعامٍ إلى البيت ، هناك حالات نادرة موجودة بمجتمعنا مع الأسف، زوج بخيل جداً لا يأتي بالطعام والشراب ، فالنبي صلى الله عليه وسلم قال لزوجة أبي سفيان: خُذي ما يَكفيكِ وولدَكِ بالمعروفِ ، أي شيء بسيط فقط من أجل أن تأكلي وتشربي ، لأنه ليس من المعقول المرأة تجوع وزوجها لا يطعمها:

{ تَروِي عَائِشَةُ رضِي اللهُ عنها: جاءت هندٌ إلى النَّبيِّ صلَّى اللَّهُ عليْهِ وسلَّم ، فقالت: يا رسولَ اللَّهِ إنَّ أبا سفيانَ رجلٌ شحيحٌ ، لا يعطيني ما يَكفيني وولَدي ، إلَّا ما أخذتُ من مالِهِ ، وَهوَ لا يعلَمُ ، فقال: خُذي ما يَكفيكِ وولدَكِ بالمعروفِ }

(أخرجه البخاري)

التقصير في الحاجات الأساسية
إذاً حالة وحيدة تستطيع المرأة أن تأخذ من بيت زوجها ولا نتوسع بها هي حين يقصّر في الحاجات الأساسية ، ابنه مريض ولا يأخذه إلى الطبيب ، ليس للأولاد كساء وهو معه مال ، أما أن تأخذ من ماله مثلاً لتجدد أثاث البيت ، أو تشتري حاجةً أو هاتفاً ، فهذا كله لا يجوز طبعاً قطعاً ، وإن كان قصّر فهي تحاوره وتناقشه دون أن تأخذ من ماله بغير إذنه.

2 ـ حسن العشرة :
الحق الثاني من حقوق الزوجة هو حسن العشرة ، لقوله تعالى:

وَعَاشِرُوهُنَّ بِالْمَعْرُوفِ

قال المفسرون: معاشرة المرأة بالمعروف لا تعني أن تُلحق الخير بها فقط ، ولكنها تعني أن تحتمل الأذى منها إن وجد ، هذا أعظم نوع من أنواع المعاشرة بالمعروف ، أن يأتي أذى من طرف ثم أنت ترده بالخير (وَعَاشِرُوهُنَّ بِالْمَعْرُوفِ).
النبي صلى الله عليه وسلم يقول:

{ خَيْرُكُمْ خَيْرُكُمْ لِأَهْلِهِ ، وَأَنَا خَيْرُكُمْ لِأَهْلِي }

(رَوَاهُ التِّرْمِذِيُّ)

امتحان الرجل في بيته
سأروي لكم مثالاً: إذا أردنا أن نمتحن سيارة ، هل محركها قوي وأمورها جيدة؟ أين نمتحنها؟ نمتحنها وهي تصعد ، هي نازلة كل السيارات مثل بعضهم ، كل السيارات سواء في النزول ، لا تحتاج شيئاً ، فتمتحن السيارة في الصعود ، أقول: امتحان الرجل ليس في معمله ، ولا في مدرسته ، أصعب امتحان هو عندما يغلق الباب عليه ، ولا رقيب ، ولا حسيب ، وكذلك امتحان الزوجة ، الإنسان بحكم علاقاته الاجتماعية يظهر دائماً بمظهر لائق أمام الناس قبل أن يخرج يرتب هندامه ، يبني علاقات ، في العمل لا يجب أن يكون فجاً ، غليظ القلب ، الناس تمتنع عنه ، فالإنسان في كثير من الأحيان يظهر في أحسن مظهر خارج البيت ، لكن ليس هناك الامتحان ، الامتحان في الداخل ، لذلك قال صلى الله عليه وسلم: خيركم خيركم لأهله ، الامتحان داخل البيت وليس خارج البيت ، فتظهر أخلاقك عندما تغلق الباب ، هناك بعض البيوت إذا أغلق الباب من الداخل أي دخل الأب يرقص البيت فرحاً بأنه قد جاء ، وهناك بيوت إذا أغلقه من الخارج يرقص البيت فرحاً ، فالعبرة أن يرقص البيت فرحاً إذا دخلت لا إذا خرجت ، (خَيْرُكُمْ خَيْرُكُمْ لِأَهْلِهِ) ، وليس خيركم لعماله ، ولا لموظفيه ، ولا للناس من حوله ، لا ، لأهله (وَأَنَا خَيْرُكُمْ لِأَهْلِي) إذاً الخيرية تظهر داخل البيت في المعاشرة بالمعروف ، قال النبي صلى الله عليه وسلم:

{ عَنْ عَائِشَةَ، قَالَتْ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم‏:‏ إِنَّ مِنْ أَكْمَلِ الْمُؤْمِنِينَ إِيمَانًا أَحْسَنُهُمْ خُلُقًا وَأَلْطَفُهُمْ بِأَهْلِهِ }

(أخرجه أحمد والتِّرْمِذِيّ)

والنبي صلى الله عليه وسلم كما قالت السيدة عائشة رضي الله عنها: "كَانَ يَكُونُ فِي مِهْنَةِ أَهْلِهِ" أي يساعد أهله في البيت ، في البيت يوجد أشياء تحتاج إلى ترتيب ، ممكن أن ترتب هذه الأشياء ، فالرجل لا ينقص قدره إن كان في مهنة أهله ، لأن النبي صلى الله عليه وسلم كان يكون في مهنة أهله:

{ عَنِ الأَسْوَدِ ، قَالَ: " سَأَلْتُ عَائِشَةَ مَا كَانَ النَّبِيُّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَصْنَعُ فِي بَيْتِهِ؟ قَالَتْ: كَانَ يَكُونُ فِي مِهْنَةِ أَهْلِهِ - تَعْنِي خِدْمَةَ أَهْلِهِ - فَإِذَا حَضَرَتِ الصَّلاَةُ خَرَجَ إِلَى الصَّلاَةِ " }

(رواه البخاري)

أي إذا كان هناك ضغط في البيت ، وضغط عمل ، والأولاد يشاغبون ، فيمكن هو أن يساعدها في قضايا معينة لا يمنع ذلك ، هذه من المعاشرة بالمعروف ، كان صلى الله عليه وسلم يكون في مهنة أهله ، يساعدهم.

صور المعاشرة الحسنة :
السماح للزوجة بالتعبير عن رأيها
الآن هذه المعاشرة الحسنة لها صور ، من صورها السماح للزوجة بالتعبير عن رأيها ، من صور المعاشرة بالمعروف أن تسمح لزوجتك أن تعبر عن رأيها .
ذات يوم وقفت زوجة عمر بن الخطاب رضي الله عنه لتراجعه ، أي تناقشه بقضية فأنكر عليها عمر ذلك ، فقالت: ولم تنكر أن أراجعك فوالله إن أزواج النبي صلى الله عليه وسلم ليراجعنه؟ والحديث في صحيح البخاري ، أحياناً بعض الرجال ينكر أن تقول له زوجته شيئاً ، طبعاً يكون الحديث بلطف وبحكمة ، ولو كانت بهذا الشكل كان أفضل ، بعض الرجال يأنف من ذلك يقول: أنا رجل البيت ، وكلمتي هي النافذة ، ولا أسمح لأحد أن يتدخل في قيادة البيت ، لا ، هي أقرب شيء للبيت ، ربما تعطيك فكرة غائبة عنك ، لا مانع ، هذا لا يعني انتقاصاً من قدرك ، ومن قوامتك ، أنت قوام البيت ، وأنت القائم على شؤونه ، ولكن من قوامتك على البيت أن تسمع رأي الآخرين ، وأحياناً الإنسان يستفيد بمعلومة من أصغر إنسان ، من طفل أحياناً ، يستفيد من معلومة قد تغيب عنه.
النبي صلى الله عليه وسلم لما طلب من الصحابة أن يتحللوا من العمرة بعد صلح الحديبية ، الصحابة الكرام وجدوا في أنفسهم ، تضايقوا أن يتحللوا ولما يدخلوا ويعتمروا ، فلما وجدوا في أنفسهم لم يستجيبوا للأمر لأنهم غابوا عن الواقع قليلاً ، وهم يفكرون فيما حصل لهم ، فالنبي صلى الله عليه وسلم دخل على أم سلمة وذكر لها ما لقي من الناس ، في رواية قال: هلك الناس آمرهم فلا يستجيبون ، أي عدم طاعة رسول الله مصيبة كبرى ، قلت: تحللوا لا يتحللون ، فقالت له أم سلمة: يا رسول الله أتحب ذلك؟ اخرج ثم لا تكلم أحداً منهم حتى تنحر بدنك ، أي اخرج وانحر وتحلل أنت ، وتدعو حالقك فيحلقك فخرج ولم يكلم أحداً حتى فعل ذلك، فلما رأى الصحابة الكرام ما صنع النبي صلى الله عليه وسلم زال عنهم الذهول ، وأحسوا بخطر المعصية ، فقاموا ينحرون هديهم ويحلق بعضهم بعضاً ، وكان كل ذلك بفضل مشورة امرأة.

{ قالَ رَسولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ لأصْحَابِهِ: قُومُوا فَانْحَرُوا ثُمَّ احْلِقُوا ، قالَ: فَوَاللَّهِ ما قَامَ منهمْ رَجُلٌ حتَّى قالَ ذلكَ ثَلَاثَ مَرَّاتٍ ، فَلَمَّا لَمْ يَقُمْ منهمْ أحَدٌ دَخَلَ علَى أُمِّ سَلَمَةَ ، فَذَكَرَ لَهَا ما لَقِيَ مِنَ النَّاسِ ، فَقالَتْ أُمُّ سَلَمَةَ: يا نَبِيَّ اللَّهِ ، أتُحِبُّ ذلكَ ، اخْرُجْ ثُمَّ لا تُكَلِّمْ أحَدًا منهمْ كَلِمَةً ، حتَّى تَنْحَرَ بُدْنَكَ ، وتَدْعُوَ حَالِقَكَ فَيَحْلِقَكَ ، فَخَرَجَ فَلَمْ يُكَلِّمْ أحَدًا منهمْ حتَّى فَعَلَ ذلكَ نَحَرَ بُدْنَهُ ، ودَعَا حَالِقَهُ فَحَلَقَهُ ، فَلَمَّا رَأَوْا ذلكَ قَامُوا ، فَنَحَرُوا وجَعَلَ بَعْضُهُمْ يَحْلِقُ بَعْضًا }

(صحيح البخاري)

من حسن العشرة بين الزوجين
سيدنا عمر قال مرةً: أخطأ عمر وأصابت امرأة ، فلا مانع أن يستشير الإنسان امرأته ، ولا ينقص قدره إن احترم رأي شريكته في البيت ، ويسألها ، أريد أن أفعل كذا ما رأيك؟ فتقول له: والله كان الأولى أن تفعل كذا ، يقول لها: شكراً لك ، لا مانع من أن تسمع رأيها ، وهذا من المعاشرة بالمعروف ، من حسن العشرة بين الزوجين التبسم ، والملاطفة ، والبر ، النبي صلى الله عليه وسلم كان إذا دخل بيته كان يكون بساماً ضحاكاً:
البسمة تصنع شيئاً كثيراً
البسمة تصنع شيئاً كثيراً في البيت ، لا يجوز أن تدخل البيت وأنت عابس ، وتخرج وأنت عابس ، بعض الناس لا ينتبهون إلى قواعد بسيطة جداً ، أحياناً إنسان يمضي عليه أشهر ولا يقول كلمةً طيبةً لزوجته متعلقة بالحب وغير ذلك مما ترغب أن تسمعه منه ، فإذا قيل له في ذلك ، أو راجعه أحد في ذلك يقول لك: يا أخي أنا لا أحب هذه الفلسفات ، المحبة في قلبي ، والعواطف في القلب ، لا ، هذا غلط كبير جداً ، وللمرأة غلط كبير جداً ، بعض الناس لا يحسنون التعبير عن مشاعرهم ، هذه مشكلة كبيرة ، يمتلك المشاعر لكن لا يستطيع أن يعبر عنها:

{ النبي صلى الله عليه وسلم قال: إِذَا أَحَبَّ الرَّجُلُ أَخَاهُ فَلْيُخْبِرْهُ أَنَّهُ يُحِبُّهُ }

(رواه أبو داود)

ما قال: فليحبس ذلك في داخله ، قال: "فَلْيُخْبِرْهُ" ، قل له: إني أحبك.
وعندما سُئل النبي صلى الله عليه وسلم وأمام جمعٍ من الرجال من أحب الناس إليك؟ قال: عائشة.

{ يا رسولَ اللَّهِ أيُّ النَّاسِ أحبُّ إليكَ؟ قالَ عائشةُ ، قيلَ مِنَ الرِّجالِ؟ قالَ: أبوها }

(أخرجه ابن ماجة بسند صحيح)

لم يأنف أن يقول أمام الناس إنه يحب زوجته ، من العظيم أن تحب زوجتك لأن المنحرفين يحبون غير زوجاتهم ، فأنت شيء جميل أن تقول: إني أحب زوجتي.
فقال في حديثٍ آخر عن خديجة رضي الله عنها: " رزقت حبها ". يشكر الله على نعمة الحب ، فعدم التعبير عن المشاعر ، لا ببسمة ، لا بملاطفة ، لا بكلمة ، هذا أمر ليس من حسن العشرة ، ومع الزمن يُنشِئ نفوراً بين الطرفين ، لا تعود الأيام قادرة على الالتئام بينهما ، لذلك حاول دائماً بين الفينة والأخرى أن تعبر عن محبتك لزوجك ، وبعد حين عندما يرزقك الله أولاداً عبّر لهم عن المحبة ، قل له: يا بني أنا أحبك ، قبّله:

{ قال بعض جُفاة الأعراب حين رأى النَّبي صلى الله عليه وسلم وأصحابه يقبِّلون أولادهم الصِّغار ، فقال ذلك الأعرابي: إنَّ لي عشرة مِن الولد ما قبَّلت واحدًا منهم ، فقال النَّبيُّ صلى الله عليه وسلم: "أَوَ أَمْلِك لك شيئًا أن نزع الله مِن قلبك الرَّحمة؟" }

(رواه البخاري ومسلم)

الحرمان من الحب
النبي صلى الله عليه وسلم كان يقبّل الصبيان ، فقبّل ابنك وقل له: أنا أحبك ، وأحياناً هناك غلط كبير أننا نعاقب أولادنا بأننا نحرمهم من المحبة ، إذا غلط يقول له: أنا لم أعد أحبك لأنك فعلت هكذا ، لا ، الحب ليس له علاقة ، عندما يخطئ قل له: أنا أحبك ، لكنني الآن منزعج منك ، ومن سلوكك الخاطئ الذي فعلته ، لا تحرمه الحب والحنان ، يقول له: أنا أربعة أيام لا أريد أن أتكلم معك ، أنا لا أحبك ، كأنه يحرمه الطعام والشراب ، هذا الكلام أصعب من أن تحرمه الطعام والشراب ، هذا حق من حقوقه لا يجوز أن تمنعه ، هذه ليست عقوبة ، هذا غير متاح للعقوبة ، هذه ليست عقوبة نهائياً ، العقوبة حرمانه من المصروف ، حرمانه من الحاسوب ، انزعاج ظاهر بالوجه ، أما أن تقول له: أنا لا أحبك ، فلا يجوز أن تمنع عنه الطعام ولا الحب ، إذاً من حسن العِشرة السماح للزوجة بالتعبير عن رأيها ، ومن حسن العِشرة التبسم ، والملاطفة ، والبر.

3 ـ التحصين :
الشهوة مثل المنشار
ومن حقوق الزوجة أيضاً تحصينها ، أيها الأخوة الكرام؛ الزواج مؤسسة أنشئت لتبقى وتدوم ، لها أهداف سامية ونبيلة ، من أهدافها إنشاء أسرة تقدم للمجتمع ، من أهدافها وجود أولاد بررة ، يقول سيدنا عمر: أقوم إلى زوجتي وما بي من شهوة ، ولكن رجاء ولدٍ صالح ينفع الناس من بعدي ، من أهدافها التلاقي في الله ، والمحبة في الله ، كلها أهداف مشروعة ، لكن لا ينبغي أن يغيب عن ذهننا جميعاً لثانية واحدة أن لها هدفاً مهماً جداً وهو تحقيق التحصين ، لأن الشهوة أودعت في الإنسان شاء أم أبى ، الله عز وجل أودع شهوة حب الطرف الآخر في الإنسان ليرقى إلى الله تعالى صابراً وشاكراً ، إن لم تحقق يرقى صابراً ، يغض بصره ، ويرقى صابراً ، وإن حققت يرقى شاكراً ، أي الشهوة مثل المنشار في الصعود يأكل ، وفي النزول يأكل، فهو ثواب على الحالتين ، شاب لم يتزوج بعد ، قل له: الشهوة إن شاء الله مجال إلى الله اصبر ، وإذا تزوج قل له: اشكر ، بالحالتين يرقى الإنسان إلى الله بشهوته ، لكن هي موجودة لا نستطيع أن ننكرها ، فلا يجوز للزوج إن كان لا يشعر بميل لسبب أو لآخر إلى زوجته أن يحرمها حقها في أن يحصنها ، من أن لا سمح الله ولا قدر تنظر نظرة لا تحل ، أو تتكلم كلمة لا تحل ، هذا حق من حقوقها ينبغي أن يعلمه الرجال ، لا أن يحقق هو ما يريد ويتركها دون أن تحقق ما تريد ، وهذا أمر لا أريد أن أفيض فيه لعدم وجود الوضع الملائم ، لكن أتمنى على كل زوج وكل زوجة أن يتابع هذا الموضوع بعد الزواج بشكل أن يحقق كل من الطرفين تحصين الطرف الآخر ، لأنني لا أبالغ إن قلت: ستون إلى سبعين بالمئة من مشكلات الزوجين تكون من هذه الناحية التي أذكرها ، لكن لا يجرؤ الزوج ولا الزوجة على ذكرها أمام المحكمين ، فينشئون مشكلات أخرى ، حقيقة هناك مشكلة تحت الرماد المجتمع لا يسمح بذكرها فتخفى ، وأنا لا أؤيد ذكرها ، وإشاعتها ، لكن بالمقابل أريد من الأزواج أن ينتبهوا إليها ، أن ينتبه أن هناك حقاً لزوجتك عليك في أن تحصنها.

4 ـ المهر :
المهر دين من الدرجة الممتازة
من حقوق الزوجة المهر ، من فضل الله أنه في مجتمعاتنا أصبح اليوم هناك معجل ومؤجل ومكتوب في ذمة الزوج ، وهذا تيسير على الشباب ، وأمر جيد جداً ، لكن ينبغي أن نذكر أن من حقوق الزوجة المهر ، هذا دين من الدرجة الأولى ، من الدرجة الممتازة ، هذا حقها ينبغي أن تأخذه في أي وقت تيسر معك بادر إلى سداده ، إن تيسر لها أن تأخذه كله ، أو تأخذ بعضه ، أو تعفو عنه كله ، هذا حقها ، من حقوق الزوجة المهر ، وهذا من تكريم الله تعالى لها، أن لها مبلغاً مالياً ، أو هدية كبيرة ، يتفق عليها عند الزواج ، فيحس الزوج بمسؤولية عظيمة إن وقع الطلاق ، لأن الأمور ليست سائبة ، هناك ترتُّبات مالية عليه ، هذا من حقوق الزوجة المهر.

حقوق الزوج :
1 ـ حق القوامة :
الآن ننتقل إلى حقوق الزوج، الآية الأولى في هذا الموضوع قال تعالى:

الرِّجَالُ قَوَّامُونَ عَلَى النِّسَاءِ بِمَا فَضَّلَ اللَّهُ بَعْضَهُمْ عَلَىٰ بَعْضٍ وَبِمَا أَنفَقُوا مِنْ أَمْوَالِهِمْ
(سورة النساء: الآية 34)

القوامة للرجل هي تكليف
أخواننا الكرام؛ وأخواتنا الكريمات؛ ينبغي أن ندرك أن هذا البيت له قائد ، وهذا القائد هو الرجل ، هذا حق أعطاه الله إياه ، حق القوامة ، إن فهمناه حقاً لنا ذلك ، إن فهمناه تكليفاً فهذا أفضل ، إن فهمه الأزواج تشريفاً فقط فهذه مشكلة كبيرة ، أي أنت ليس من المعقول أن تفهم أن إنساناً كلفك بشيء فتفهمه أنه تشريف فقط ، أب أوفد ابنه إلى بلد أجنبي ليدرس ، ويعود بشهادة دكتوراه ، من أجل أن يكون خليفته في عيادته ، فهو فهم أن والده يحبه كثيراً ، فأرسله إلى إنكلترا ، ذهب إلى هناك كل يوم في منتزه ، وكل يوم في بلدة مع من يحب ، وانتهى العام الدراسي ولم يقدم امتحاناً ، رسب وعاد مسروراً ، معنى هذا لم يفهم ما سبب البعثة ، سببها أن تحقق الشهادة ، فأنت عندما فهمت بأن هذا تشريف لك وقعت في مشكلة كبيرة ، القوامة للرجل هي تكليف ، وليست تشريفاً ، بمعنى أنه مكلف برعاية هذا البيت ، ومسؤول عنه ، وأي مشكلة تصدر عن البيت يحاسب عليها هو أولاً قبل زوجته ، فينبغي أن ينتبه إلى هذا الحق الذي أعطيه ، لأنه ينبغي أن يرعاه حق رعايته ، قال: (الرِّجَالُ قَوَّامُونَ) ما قال: قائمون ، قال: (قَوَّامُونَ) مبالغة اسم فاعل ، من قائم ، بمعنى أنهم كثيرو القيام على بيتهم ، أي دائماً يتابع البيت ، المصروف فيه مشكلة ، الزوجة عندها مرض يريد أن يأخذها إلى الطبيب ، الأولاد أصبح هناك مشاحنات بينهم يجب أن يحل المشكلة بينهم ، ولا يقول: اذهبوا وحلوا المشكلة بين بعضكم ، وينشأ مشكلات أكبر فأكبر ، حتى أقل مشكلة بين ولدين من أولاده يجب أن يحلها هو، هو قوّام ، كثير القيام على بيته ، لا يدع المشكلة في البيت تتفاقم ، فهذه مسؤولية كبيرة أنيطت بالرجل ، أن يقوم على زوجته وعلى بيته ، قال: (بِمَا فَضَّلَ اللَّهُ بَعْضَهُمْ عَلَىٰ بَعْضٍ) أي أعطاه من الإمكانيات ما جعله قادراً على القيام بهذه المسؤولية ، والتفضيل لا يقتضي الأفضلية، كيف؟
التفضيل لا يقتضي الأفضلية
مرةً سألني أخ ، قال لي: لماذا يحب الله بني إسرائيل كثيراً؟ أي الله فضلهم على الخلق ، وفضلهم على العالمين ، وذكر ذلك في القرآن؟ قلت له: أحياناً يكون عندك ابنان ، ابن جيد جداً في دروسه ، ممتاز في مطالعته ، دائماً يأخذ في المدرسة العلامة التامة ، فتركته ليدرس وحده ، ولم تقدم له قرشاً واحداً ، وعندك ابن مقصر دائماً يأخذ سبع درجات أو ست أو خمس ، فاضطررت أن تضع له أساتذة خصوصيين ، وأن تتابعه دائماً ، وتتصل به ، وتتصل بمعلميه ، وأتعبك طوال العام حتى نجح ، فأنت فضلت الثاني على الأول بمال وأساتذة ، لكن هل يعني هذا بأنه خير من الأول؟ لا ، فالتفضيل لا يقتضي الأفضلية ، التفضيل يقتضي أحياناً العكس تماماً ، فالله عز وجل قال: (بِمَا فَضَّلَ اللَّهُ بَعْضَهُمْ عَلَىٰ بَعْضٍ) فالله عز وجل أعطاك أيها الرجل ميزات معينة تؤهلك لحمل هذه الأمانة ، لكن لا يقتضي أنك أفضل من زوجتك ، لا ، هذا تفضيل بميزات معينة تمكنك من حمل الأمانة ، ميزات جسدية ، قوة أكبر ، حتى هناك فروق جسدية يدرسها العلماء بين الهيكل العظمي عند الرجل والمرأة ، بين الرئتين ، التنفس ، وسرعة التنفس ، دقات القلب ، كلها هذه معروفة بعلم النفس ، فهذه الميزات المفضل بها الرجل على المرأة تعطيه قدرة على القيام بمهماته بشكل أكبر ، قال: (وَبِمَا أَنفَقُوا مِنْ أَمْوَالِهِمْ) بما أنه مسؤول عن الإنفاق ، فالذي ينفق له الحق في أن يدير البيت بالطريقة التي يجدها خيراً لبيته ، أول حقٍ من حقوق الزوج على الزوجة الطاعة ، أول حقٍ من حقوق الزوج على زوجته أن تطيعه ما لم يأمرها بمعصية الله تعالى بهذا الشرط فقط ، ما دام الأمر لا يخالف نصاً شرعياً واجبك أن تطيعي زوجك ، لا تقولي: لم أقتنع ، لا تقولي: أنا برأيي لا ليس هكذا ، نرجع لحسن العِشرة اسمع منها وخذ رأيها ، لكن في النهاية إن قرر شيئاً ينبغي أن تطيعه لأنه هو المسؤول عن البيت ، ما دام هذا الأمر ليس بمعصية ، لا تخرجي اليوم من البيت ، هذا يحتاج إلى طاعة ، قال صلى الله عليه وسلم:

{ عَنْ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ عَوْفٍ رضي الله عنه قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: إِذَا صَلَّتْ الْمَرْأَةُ خَمْسَهَا وَصَامَتْ شَهْرَهَا وَحَفِظَتْ فَرْجَهَا وَأَطَاعَتْ زَوْجَهَا قِيلَ لَهَا ادْخُلِي الْجَنَّةَ مِنْ أَيِّ أَبْوَابِ الْجَنَّةِ شِئْتِ }

(رواه الإمام أحمد بسند صحيح)

والله أنا أغبط النساء على أنهن بواجبات القليلة تفتح لهن أبواب الجنة ، وعلى أن الرجل بمعاملاته المالية ، وما عليه من واجبات ، وبيوع ، ومعاملات ، ورِبا ، ويقع في الحرام ، ويذهب إلى عمله ، ويخالط كثيراً من الناس ، أي مجال دخول الجنة عنده أضيق بكثير من المرأة ، النبي صلى الله عليه وسلم يحدد بأمور بسيطة:

{ إِذَا صَلَّتْ الْمَرْأَةُ خَمْسَهَا وَصَامَتْ شَهْرَهَا وَحَفِظَتْ فَرْجَهَا وَأَطَاعَتْ زَوْجَهَا قِيلَ لَهَا ادْخُلِي الْجَنَّةَ مِنْ أَيِّ أَبْوَابِ الْجَنَّةِ شِئْتِ }

ويقول صلى الله عليه وسلم:‏

{ أَيُّمَا امْرَأَةٍ مَاتَتْ وَزَوْجُهَا عَنْهَا رَاضٍ دَخَلَتِ الْجَنَّةَ }

(رواه الترمذي)

أخواتنا الكريمات ، إخواننا الكرام؛ مما يذكر أن امرأةً جاءت إلى النبي صلى الله عليه وسلم ، انظروا إلى هذه المرأة الجريئة في الحق ، كيف النبي صلى الله عليه وسلم يسمعها، قالت: يا رسول الله أنا وافدة النساء إليك- أنا أتيت باسم مجموعة من النساء- أتيت أخطب خطبة ، قالت: هذا الجهاد كتبه الله على الرجال ، فإن يصيبوا أجروا ، وإن قتلوا كانوا أحياء عند ربهم يرزقون ، ونحن معشر النساء نقوم عليهم- أي نحن نقوم على البيوت ، ونطبخ ، وننظف ، ونربي الأولاد- فما لنا من ذلك ؟ قال صلى الله عليه وسلم: أبلغي من لقيت من النساء أن طاعة الزوج والاعتراف بحقه يعدل ذلك ، أي هذا جهاد في سبيل الله ، فهذه ميزة أعطيت للمرأة بخلاف الرجل ، أنها بالقيام على بيت زوجها تأخذ أجر الجهاد في سبيل الله تعالى.

{ جَاءَت امْرَأَةٌ إِلَى النَّبِيّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيه وَسَلَّم فَقَالَتْ: يَا رَسولَ اللهِ إِنِّي وَافِدَةُ النِّسَاءِ إِلَيْكَ هَذَا الْجِهَادُ كَتَبَهُ اللَّهُ عَلَى الرِّجَالِ فَإِنْ نَصِبُوا أُجِرُوا ، وَإن قُتِلُوا كَانُوا أَحْيَاءً عِنْدَ رَبِّهِمْ يُرْزَقُونَ وَنَحْنُ مَعَاشِرَ النِّسَاءِ نَقُومُ عَلَيْهِمْ فَمَا لَنَا مِنْ ذَلِكَ؟ قَالَ: فَقَالَ النَّبِيّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيه وَسَلَّم: ( أَبْلِغِي مَنْ لَقِيتِ مِنَ النِّسَاءِ أَنَّ طَاعَةَ الزَّوْجِ وَاعْتِرَافًا بِحَقِّهِ يَعْدِلُ ذَلِكَ وَقَلِيلٌ مِنْكُنَّ مَنْ يَفْعَلُهُ }

(أخرجه البزار)


2 ـ التحصين :
الحق الثاني من حقوق الزوج على زوجته أن تحصنه ، قلنا في البداية: يحصن زوجته ، هنا تحصن زوجها ، وهنا أيضاً مهم جداً كما قلت في الفقرة السابقة ، لكن هنا حديثٌ يؤيد الموضوع:

{ عن أبي هريرةَ قَالَ: قالَ رسولُ اللَّه: إِذَا دعَا الرَّجُلُ امْرأَتَهُ إِلَى فِرَاشِهِ فلَمْ تَأْتِهِ فَبَات غَضْبانَ عَلَيْهَا؛ لَعَنتهَا الملائكَةُ حَتَّى تُصْبحَ }

(متفقٌ عَلَيهِ)

ما لم يكن هناك عذر شرعي يمنع فليس لها ألا تجيبه.
النظر الحرام مرفوض
والله يا أخواننا الكرام؛ ويا أخواتنا الكريمات؛ أنا تأتيني مشكلات كثيرة من الأزواج والزوجات ، أحياناً كثيرة تشكو الزوجة أن زوجها قد انصرف عنها إلى ما لا يرضي الله ، واكتشفت ذلك بعد حين ، وهنا لا أبرر للزوج أبداً ، فالحرام مرفوض ، والنظر الحرام مرفوض ، وأن يكون في مكتبه امرأة متفلتة حرام قطعاً ، أو أن يكون في عمله مخالفة شرعية فحرام قطعاً ، لكن أقول للزوجة أحياناً أسألها بعض الأسئلة وأستنبط من كلامها أنها قد أهملت زوجها ، وأحياناً تكون مسكينة ما أهملت عن قصد وإنما من اهتمامها ببيتها ، لا يا أختي الكريمة ينبغي أن تنتبهي إلى أنه كل يوم ينبغي أن يكوني وكأنك في ليلة الزفاف ، وأن تعطي زوجك ما له من حقوق في هذا المجال حتى تحصنيه ، وإذا قصرت اطلب منها ذلك ، لا نستحي من بعض في هذه القضية.

3 ـ التزين له :
التزين والتطيب
الأمر الثالث من حقوق الزوج على زوجته أن تتزين له ، وورد أن الصحابيات الكريمات كن يتزين بأنواع الزينة المعروفة عندهن ، ومن أعظم الأذواق النبوية الرفيعة أنه صلى الله عليه وسلم كان حينما يأتي من غزوةٍ غزاها يأمر الرجال أن يقيموا قريباً من المدينة يوماً وليلةً ، فيغتسلوا ويتطيبوا ويبلغ الخبر النساء أن الأزواج قد عادوا ، لم يكن هناك مكالمات ، ولا اتصالات ، فتبدأ النساء بتجهيز البيوت ، والتزين ، والحناء ، وما إلى ذلك ، حتى يكون اللقاء بين الزوج وزوجته بعد غياب لقاءً جميلاً ، لا أن يأتي هو معفراً من سفره وغزوته ، وأن تستقبله هي برائحة طبخها ، انظروا إلى الذوق النبوي ، فمهم جداً أن تتحين الزوجة مجيء زوجها إلى البيت فتتهيأ كي لا يشم منها إلا أطيب ريح ، تزين المرأة لزوجها حقٌ للزوج على زوجته.

4 ـ الاستئذان :
من حقوق الزوج على زوجته الاستئذان ، أن تستأذنه ، يذكر النبي صلى الله عليه وسلم مثالاً لذلك:

{ لا يَحِلُّ لِلْمَرْأَةِ أنْ تَصُومَ- أي النفل فقط انتبهوا- وزَوْجُها شاهِدٌ إلَّا بإذْنِهِ ، ولا تَأْذَنَ في بَيْتِهِ إلَّا بإذْنِهِ ، وما أنْفَقَتْ مِن نَفَقَةٍ عن غيرِ أمْرِهِ فإنَّه يُؤَدَّى إلَيْهِ شَطْرُهُ }

(صحيح البخاري)

أي هو قال لك: هناك جارة لا تدخليها إلى البيت ، انتهى ، هو لا يحب أن يدخل فلان إلى بيته ، لا تدخلي إلى بيتك فلاناً ، ونقول للزوج أحياناً: هناك بعض الأزواج يقسون في ممارسة هذا الحق فيمنعها بأن تزورها أختها مثلاً لغير عذر ، هذا لا يجوز أيضاً ، لكن لو أن جارة من الجارات ، أو امرأة ، أو صديقة ، هو لم يحبها ، ووجد أنها تفسد عليه بيته ، ينبغي أن تطيعه ولا تدخلها ، ولا تدخل في بيته إلا من يريد.

5 ـ حفظ عرضه وماله :
حفظ العرض في البيت
من حقوق الزوج على زوجته أن تحفظ عرضها ، وأن تحفظ ماله ، فأنتِ أصبحت زوجة لفلان فينبغي أن تحفظي عرضكِ في البيت ، أحياناً بعض النساء لا ينتبهن أن الستارة مفتوحة هي لم تلبس حجابها ، وهناك بناء أمامهم ، طبعاً هذا واجب ديني قبل كل شيء ، لكن أيضاً هو حق للزوج أن تحافظ على عرضه ، أن تنتبه إلى كلامها ، وإلى جلستها ، وإلى مشيتها ، لأنها متزوجة ، فهذا حق أكبر عليها ، وهو أيضاً واجب ديني ، وماله فلا تنفق من ماله إلا بإذنه كما قلنا قبل قليل.

6 ـ الاعتراف بفضله :
حق الاعتراف بالفضل
من حقوق الزوج أن تعترف الزوجة بفضله ، هذا الحق قد يبدو غريباً لكن هو حق، مثل كلمة: أدامك الله لنا ، دخل وهو يحمل العديد من الأشياء إلى البيت ، ودفع ثمنهم مئات الليرات ، جزاك الله خيراً ، شكراً لك ، جميل جداً ، هذا اسمه: حق الاعتراف بالفضل ، يتعب طوال النهار حتى يأتي بهذه الأشياء ، وجميل جداً بعد أن يأكل يقول لها: جزاك الله خيراً طعامكِ طيب ، الطعام طيب جداً ولا يلقي كلمة واحدة ، أيضاً مشكلة ، إذاً من حقوق الزوج أن تعترف الزوجة بفضله عليها ، يقول النبي صلى الله عليه وسلم: "اطلعت في النار فإذا أكثر أهلها النساء - على النساء ألا يحزن- هذا حديث صحيح ، إن شاء الله أنتم جميعاً من أهل الجنان ، لكن هناك نساء يفسدن في الأرض نسأل الله العافية ، يكفرن العشير ، لو أحسنت إلى إحداهن الدهر ثم رأت منك شيئاً قالت: ما رأيت منك خيراً قط ، لا تكوني أيتها المرأة امرأة تكفر العشير:

{ عَنْ عَبْد ِاللَّهِ بْنِ عَبَّاسٍ قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: َأُرِيتُ النَّارَ فَلَمْ أَرَ مَنْظَرًا كَالْيَوْمِ قَطُّ أَفْظَعَ وَرَأَيْتُ أَكْثَرَ أَهْلِهَا النِّسَاءَ ، قَالُوا: بِمَ يَا رَسُولَ اللَّهِ؟ قَالَ: (بِكُفْرِهِنَّ) قِيلَ : يَكْفُرْنَ بِاللَّهِ ، قَالَ: (يَكْفُرْنَ الْعَشِيرَ وَيَكْفُرْنَ الإِحْسَانَ لَوْ أَحْسَنْتَ إِلَى إِحْدَاهُنَّ الدَّهْرَ كُلَّهُ ثُمَّ رَأَتْ مِنْكَ شَيْئًا قَالَتْ مَا رَأَيْتُ مِنْكَ خَيْرًا قَطُّ }

(رواه البخاري)

يوم من الأيام جاء متعباً ، وخرجت منه كلمة لا تقولي له: أنا لم أرَ منك يوماً جميلاً ، أيام جميلة ، أيام حلوة وجميلة جداً لكن الآن هو غاضب ، اصبري ، لذلك ينبغي أن تعترف المرأة بفضل زوجها.

7 ـ خدمته :
خدمة البيت والزوج ليس حقاً قضائياً
وأخيراً خدمة البيت والزوج وهذا ليس حقاً قضائياً ولكنه واجب ديني ، بعض المستشرقين وبعض المفتين الذين لم يتعمقوا في الدين يقولون للزوجات: ليس واجباً عليك خدمة البيت، اطلبي خادمة ، وكأنهم يعيشون خارج العصر ، مَن مِن الأزواج اليوم يستطيع أن يحضر خادمة؟ وما أدراكم بمشكلات الخادمات اليوم في البيوت ، لا يا أخي قل لها: هذا واجب ، وإن كان ليس قضائياً ولا يستطيع أن يقاضيكِ به أمام القضاء كما يقول الإمام الشافعي وغيره ، لكن ليس معنى ذلك أنها تترك البيت والأولاد ، ولا تنظف بيتها ، وتقول له: أنا ليس من واجبي خدمة البيت، لا ، من واجبك ، والنبي صلى الله عليه وسلم عندما اشتكى بعض أزواجه أنها لا تجد خادماً ، ما أتاها بخادم قال لها: سبحي الله ، واستغفري الله ، أمرها بالذكر والاستغفار ، وظلت تخدم في بيتها ، إذاً بعض الدعوات المغرضة اليوم لبعض النساء أن خدمة البيت والزوج ليست من شأنكِ ، نقول لهؤلاء: لا ، البيت يبنى على المودة والرحمة ، وكما هو ينفق خارج البيت ويسعى لإحضار حاجات البيت أيضاً من واجبك أيتها الزوجة أن تقومي على البيت من رعاية ، وتنظيف ، وطبخ ، ورعاية للأولاد ، وهو أيضاً يشاركك ، والنبي صلى الله عليه وسلم كان في مهنة أهله.
شكراً لحسن استماعكم والحمد لله رب العالمين