شخصية عمر بن الخطاب رضي الله عنه
شخصية عمر بن الخطاب رضي الله عنه
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، بسم الله الرحمن الرحيم، الحمد لله رب العالمين والصلاة والسلام على سيدنا محمد، وعلى آل بيته الطيبين الطاهرين، وعلى صحابته الغرِّ الميامين؛ أمناء دعوته وقادة ألويته وارضَ عنا وعنهم يا رب العالمين. |
إخواننا الأحباب: اسمحوا لي باعتبار أن الجو جميلٌ واستثنائيٌّ مع هذه النسمات العليلة، أن يكون اللقاء أيضاً استثنائياً، فقد أكرمني الله عز وجل بمولود أسميته عمر، وقد كنت وما زلت وسأبقى إن شاء الله أحب سيدنا عمر رضي الله عنه وأرضاه، ومرةً ألقيت خطبةً في مسجد النابلسي بدمشق عن سيدنا عمر فأصبح الناس بعدها يكنونني بأبي عمر قبل أن يأتي عمر، لما رأوا من شدة محبتي لهذا الخليفة الراشدي العظيم. |
كتاب صور من حياة الصحابة
|
وكانت هذه الكلمات تؤثِّر فيَّ وأطبقها على سيدنا عمر بن الخطاب فأقول: إني أحببته حباً لا يفوقه إلا حبي لنبيك ولأبي بكرٍ رضي الله عن صحابة رسول الله أجمعين، فهبني يوم الفزع الأكبر له، فإنك تعلم أنني ما أحببته إلا فيك يارب العالمين، فالحديث اليوم عن سيدنا عمر وعن بعض ملامح شخصيته مما يفيدنا ويمكن أن نستقي منه دروساً وعبراً. |
قصة أم عبد الله بنت حنتمة
سيدنا عمر عُرِفَ بالشدة والقسوة
الناس يعرفون عن عمر الحزم، الشدة والقسوة، لكن عمر رضي الله عنه لما ولِّيَ الخلافة قال: والله إن هذا الأمر لا يناسبه إلا ما ترى، والله لو يعلم الناس ما في قلبي لأخذوا عني عباءتي هذه، من شدة تواضعه ولينه للمسلمين، فهو كان ليناً في موضع اللين وشديداً في موضع الشدة. فلما جاء عامر بن ربيعة وذكرتُ له ذلك قال: كأنك طمعتِ في إسلام عمر؟! مستنكراً عليها، قلتُ: نعم، فقال: إنه لا يسلم حتى يسلم حمار الخطاب! فكان يائساً من إسلام عمر، لشدة عمر ومعرفته به وبأنه لا يلين جانبه. إلا أن رسول الله صلى الله عليه وسلم بما آتاه الله عز وجل من وحي السماء وبما آتاه الله عز وجل من حنكة القيادة والخبرة بالرجال؛ كان يقول: |
{ عَنْ ابْنِ عُمَرَ، أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ: اللَّهُمَّ أَعِزَّ الْإِسْلَامَ بِأَحَبِّ هَذَيْنِ الرَّجُلَيْنِ إِلَيْكَ بِأَبِي جَهْلٍ أَوْ بِعُمَرَ بْنِ الْخَطَّابِ، قَالَ: وَكَانَ أَحَبَّهُمَا إِلَيْهِ عُمَرُ }
(أخرجه الترمذي بسند صحيح)
فأعزَّ الله الإسلام بعمر، الشاهد أن النبي صلى الله عليه وسلم كان يطلب القدوات والنُّخَب، فعمر إذا أسلم أسلم معه خلقٌ كثير، وعمر إذا أسلم أعزَّ الله الإسلام به لقوته ولبأسه ولمكانته في القبيلة فكان صلى الله عليه وسلم يعلم ذلك، لكن في الوقت نفسه النبيُّ صلى الله عليه وسلم يدعو بإسلام عمر يقتدي به الناس في الإسلام ويُعِزُّ الله به الإسلام، لكنه لا يتنازل صلى الله عليه وسلم عن شيءٍ من الدين لرجلٍ من الرجال كائناً من كان، فهذه هي المعادلة، فالنبي صلى الله عليه وسلم كان يدعو: (اللَّهُمَّ أَعِزَّ الْإِسْلَامَ بِأَحَبِّ هَذَيْنِ الرَّجُلَيْنِ إِلَيْكَ، أَبِي جَهْلٍ بنُ هِشامِ أَوْ بِعُمَرَ بْنِ الْخَطَّابِ، قال: وَكَانَ أَحَبَّهُمَا إِلَيْهِ عُمَرُ) رضي الله عنه، فأسلم عمر بعد هذه الحادثة بقليل، حادثة أم عبد الله بنت حنتمة التي روتها، في السنة السادسة للبعثة، كانت نقطة البداية كما يقول كتَّاب السيرة لين القلب من الكلمات التي انطلقت من هذه المرأة، نظر إليها عمر، امرأة تهاجر وتترك أرضها لا لشيء إلا لأن قومها يسومونها سوء العذاب وهي لم تفعل شيئاً إنما تلتزم دينها وتلتزم أمر ربها، فعمر رضي الله عنه في هذه اللحظة بدأ شعاع الإيمان يدخل إلى القلب. |
كل إنسان فيه خير
|
إسلام سيدنا عمر
إخواننا الأحباء: عمر أسلم وعمره سبعٌ وعشرون سنة، في السنة السادسة للبعثة، عقب هذه الحادثة كما يروي كتَّاب السيرة، يقول عَبْدُ اللَّهِ بْنُ مَسْعُودٍ: |
{ مَازِلْنَا أَعِزَّةً مُنْذُ أَسْلَمَ عُمَرُ }
(صحيح البخاري)
علم النبي الكريم بمكانة سيدنا عمر
|
إخواننا الأحباب: عمر رضي الله عنه لو تحدثنا عن مواقفه بعد إسلامه وبعد توليه الخلافة فالأمر يطول ويحتاج إلى دروس، لكن أريد أن آخذ مقتطفات من سيرته ونعلق عليها بما يفتح الله. |
موافقات عمر رضي الله عنه
من أكثر الأمور التي تحدث الناس عنها والتي أريد أن أعلق عليها موافقات عمر، ما معنى موافقات عمر؟ |
{ قال عمرُ بن الخطابِ:وافَقْتُ ربي في ثلاثٍ،أو وافقَنِي ربي في ثلاثٍ،قلتُ: يا رسولَ اللهِ،لو اتّخذتَ من مقامِ إبراهيمَ مصلَّى، فنزلتْ { وَاتَّخِذُوا مِنْ مَقَامِ إِبْرَاهِيمَ مُصَلّى } وقلتُ: يا رسولَ اللهِ، يدخلُ عليكَ البرُّ والفاجرُ فلو أمرتَ أمهاتِ المؤمنينَ بالحجابِ،فأنزل اللهُ آيةَ الحجابِ،وقال: وبلغنِي معاتبةُ النبي صلى الله عليه وسلم بعضَ نسائهِ فدخلتُ عليهنَّ،فقلتُ:إن انتهيتنَّ أو ليبدلنَّ اللهُ رسولهُ خيرا منكنَّ حتى أتيتُ إحْدى نسائهِ، فقالتْ: يا عمرُ،أما في رسولِ اللهِ ما يعظُ نساءهُ حتى تعظهنَّ أنتَ فأنزلَ اللهُ {عَسَى رَبُّهُ إِنْ طَلَّقَكُنَّ أَنْ يُبْدِلَهُ أَزْوَاجًا خَيْرًا مِنْكُنّ} }
(صحيح البخاري)
الموافقة مشاركة، وافقتك وأنت وافقتني أيضاً، فالموافقة تعني المشاركة، هو تشوفت نفسه إلى هذا الأمر، فجاء الوحي بما تكلم به عمر رَضِيَ اللَّهُ عنْه، فانظروا إلى موافقات عمر. |
أيضاً من موافقات عمر رضي الله عنه: الصلاة على المنافقين، يقول عمر رضي الله عنه: |
{ لمَّا ماتَ عبدُ اللهِ بنُ أبيٍّ بنُ سلولٍ، دُعي لهُ رسولُ اللهِ صلَّى اللهُ علَيهِ وسلَّمَ ليصلِّيَ عليهِ، فلمَّا قامَ رسولُ اللهِ صلَّى اللهُ علَيهِ وسلَّمَ وثبتُ إليهِ حتَّى قُمتُ في صدرِهِ، فأخَذتُ بثوبِهِ فقلتُ: يا رسولَ اللهِ أتصلِّي علَى عدوِّ اللهِ ابنِ أبيٍّ بنُ سلولَ، وقد قالَ يومَ كذا كذا وَكَذا؟ أعدِّدُ علَيهِ قولَهُ، أليسَ قَد نهاكَ اللهُ أن تصلِّيَ علَى المنافقينَ فقال: استغفِرِ اللهَ لَهُم، أو لا تستغفِرْ لهُم، إِنْ تَسْتَغْفِرْ لَهُمْ سَبْعِينَ مَرَّةً فَلَنْ يَغْفِرَ اللَّهُ لَهُمْ فتبسَّمَ رسولُ اللهِ صلَّى اللهُ علَيهِ وسلَّمَ وقالَ: أخِّر عنِّي يا عمرُ فلمَّا أَكْثرتُ علَيهِ قالَ: إنِّي خُيِّرتُ فاختَرتُ قد قيل لي ( اسْتَغْفِرْ لَهُمْ أَوْ لَا تَسْتَغْفِرْ لَهُمْ إِنْ تَسْتَغْفِرْ لَهُمْ سَبْعِينَ مَرَّةً فَلَنْ يَغْفِرَ اللَّهُ لَهُمْ ) لَو أعلمُ أنِّي إن زدتُ علَى السَّبعينَ غُفِرَ لهُ لَزِدْتُ عليها قال: إنَّهُ منافِقٌ قال: فصلَّى علَيهِ رسولُ اللهِ صلَّى اللهُ علَيهِ وسلَّمَ وصلَّينا معَهُ، ومشى صلَّى اللهُ علَيهِ وسلَّمَ معَهُ فقام علَى قبرِهِ حتَّى فرغَ منهُ ثمَّ انصرَفَ، فلم يمكُثْ إلَّا يسيرًا حتَّى نزلتِ الآيتانِ من براءةَ: ( وَلَا تُصَلِّ عَلَى أَحَدٍ مِنْهُمْ مَاتَ أَبَدًا) إلى ( وَهُمْ فَاسِقُونَ) قال: فما صلَّى رسولُ اللهِ صلَّى اللهُ علَيهِ وسلَّمَ بعدَهُ علَى منافِقٍ ولا قام علَى قبرِهِ حتَّى قبضهُ اللهُ، قالَ : فعَجِبْتُ بعدُ مِن جُرأتي علَى رسولِ اللهِ صلَّى اللهُ علَيهِ وسلَّمَ يومئذٍ ، واللهُ ورسولُهُ أعلَمُ }
(أخرجه البخاري)
التكثير في اللغة العربية
|
أيضاً لما جاء أسرى بدر، فأبو بكر رضي الله عنه برقته اقترح الفداء، أن يُفدى الأسرى بالمال أو بالتعليم، يعلم عشرة ويُفدى، وحكم الفداء موجود، فالأسير في الإسلام له حكمان: (فَإِمَّا مَنًّا بَعْدُ وَإِمَّا فِدَاءً) |
فَإِذَا لَقِيتُمُ الَّذِينَ كَفَرُوا فَضَرْبَ الرِّقَابِ حَتَّىٰ إِذَا أَثْخَنتُمُوهُمْ فَشُدُّوا الْوَثَاقَ فَإِمَّا مَنًّا بَعْدُ وَإِمَّا فِدَاءً حَتَّىٰ تَضَعَ الْحَرْبُ أَوْزَارَهَا(سورة محمد: الآية 4)
الأسير في الإسلام
الأصل في التعامل مع الأسير
|
مَا كَانَ لِنَبِيٍّ أَن يَكُونَ لَهُ أَسْرَىٰ حَتَّىٰ يُثْخِنَ فِي الْأَرْضِ(سورة الأنفال: الآية 67)
فالأسرى والفداء كل هذا يكون بعد أن يكون لك الغلبة، فلا تبدأ بالأسرى وبالفداء وأنت ما زلت مستضعفاً، تنتصر عليهم بعد ذلك تمنُّ عليهم، أو تفديهم، فهذا كان رأي عمر، فنزل القرآن برأي عمر قال: (مَا كَانَ لِنَبِيٍّ أَن يَكُونَ لَهُ أَسْرَىٰ حَتَّىٰ يُثْخِنَ فِي الْأَرْضِ) الأسر يكون بعد الإثخان في الأرض. |
موافقة سيدنا عمر في تحريم الخمر
أيضاً من أروع الأمور من موافقات عمر تحريم الخمر: |
{ عن عمرَ بنِ الخطَّابِ قال: لمَّا نزل تحريمُ الخمرِ قال عمر: اللَّهمَّ بيِّنْ لنا في الخمرِ بيانًا شافيًا، فنزلت الآيةُ الَّتي في البقرةِ: (يَسْأَلُونَكَ عَنِ الْخَمْرِ وَالْمَيْسِرِ قُلْ فِيهِمَا إِثْمٌ كَبِيرٌ) قال: فدُعي عمرُ فقُرِئت عليه، فقال: اللَّهمَّ بيِّنْ لنا في الخمرِ بيانًا شفاءً، فنزلت الآيةُ الَّتي في النِّساءِ: (يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لَا تَقْرَبُوا الصَّلَاةَ وَأَنتُمْ سُكَارَىٰ حَتَّىٰ تَعْلَمُوا مَا تَقُولُونَ) فكان منادي رسولِ اللهِ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم، إذا أُقيمت الصَّلاةُ يُنادي: ألا لا يقربَنَّ الصَّلاةَ سكرانُ، فدُعِي عمرُ فقُرِئت عليه، فقال: اللَّهمَّ بيِّنْ لنا في الخمرِ بيانًا شفاءً، فنزلت هذه الآيةُ (فَهَلْ أَنْتُمْ مُنْتَهُونَ) قال عمرُ: انتهَيْنا }
(أخرجه أبو داود بسند صحيح)
فعمر رضي الله عنه كان ينظر إلى الناس يشربون الخمر، وهذا شيء يخالف العقل، يخالف الفطرة، فكان يدعو فيقول: اللَّهمَّ بيِّنْ لنا في الخمرِ بيانًا شافيًا، ، فنزل قوله تعالى: |
يَسْأَلُونَكَ عَنِ الْخَمْرِ وَالْمَيْسِرِ ۖ قُلْ فِيهِمَا إِثْمٌ كَبِيرٌ وَمَنَافِعُ لِلنَّاسِ وَإِثْمُهُمَا أَكْبَرُ مِن نَّفْعِهِمَا(سورة البقرة: الآية 219)
علة التدرج في الحكم
|
يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لَا تَقْرَبُوا الصَّلَاةَ وَأَنتُمْ سُكَارَىٰ حَتَّىٰ تَعْلَمُوا مَا تَقُولُونَ(سورة النساء: الآية 43)
فكان المنادي ينادي: لا يقرب الصلاة سكران، فسمعها عمر فقال: اللَّهمَّ أنزل لنا في الخمرِ بيانًا شافيًا، حتى نزلت آية المائدة : |
يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِنَّمَا الْخَمْرُ وَالْمَيْسِرُ وَالْأَنصَابُ وَالْأَزْلَامُ رِجْسٌ مِّنْ عَمَلِ الشَّيْطَانِ فَاجْتَنِبُوهُ لَعَلَّكُمْ تُفْلِحُونَ * إِنَّمَا يُرِيدُ الشَّيْطَانُ أَن يُوقِعَ بَيْنَكُمُ الْعَدَاوَةَ وَالْبَغْضَاءَ فِي الْخَمْرِ وَالْمَيْسِرِ وَيَصُدَّكُمْ عَن ذِكْرِ اللَّهِ وَعَنِ الصَّلَاةِ ۖ فَهَلْ أَنتُم مُّنتَهُونَ(سورة المائدة: الآية 90-91)
فقال عمر: انتهَيْنا، انتهَيْنا. شفي صدره. |
توافق الشرع والفطرة
موافقات عمر تدل على شيء مهم جداً في الشريعة وهو ما يسميه العلماء اليوم بمقاصد الشريعة، كل حكم أنزله الله تعالى له مقصد. |
الأحكام معللةٌ بمصالح الخلق{ الإمام الشاطبي }
العقول تَضِل من غير نور الشرع
|
الربا مهلكٌ للأمم
|
الشريعة عدلٌ كلها
لا يوجد مفسدة في الشرع، لا يوجد جور في الشرع، لكن العقل يجب أن يكون سليماً، صريحاً، والفطرة يجب أن تكون سليمة، إذاً سترتاح لأن شرع الله يستحيل أن يخالف العقل الذي خلقه الله أو الفطرة التي فطر الله الناس عليها، هذه موافقات عمر. |
موقف سيدنا عمر من صلح الحديبية
شروط صلح الحديبية
|
{ وَعَنْ أَبِي ذَرٍّ قَالَ: قُلْتُ يَا رَسُولَ اللَّهِ: أَلَا تَسْتَعْمِلُنِي؟ قَالَ: فَضَرَبَ بِيَدِهِ عَلَى مَنْكِبِي، ثُمَّ قَالَ: يَا أَبَا ذَرٍّ إِنَّكَ ضَعِيفٌ وَإِنَّهَا أَمَانَةٌ وَإِنَّهَا يَوْمَ الْقِيَامَةِ خِزْيٌ وَنَدَامَةٌ إِلَّا مَنْ أَخَذَهَا بِحَقِّهَا وَأَدَّى الَّذِي عَلَيْهِ فِيهَا، وَفِي رِوَايَةٍ قَالَ لَهُ: يَا أَبَا ذَرٍّ إِنِّي أَرَاكَ ضَعِيفًا وَإِنِّي أُحِبُّ لَكَ مَا أُحِبُّ لِنَفْسِي لَا تَأَمَّرَنَّ عَلَى اثْنَيْنِ وَلَا تَوَلَّيَنَّ مَالَ يَتِيمٍ }
(رَوَاهُ مُسْلِمٌ)
الجرأة في الحق
|
{ وثب عمرُ بنُ الخطابِ فأتى أبا بكرٍ قال: يا أبا بكرٍ أليس برسولِ اللهِ؟ قال: بلى. قال: أولسنا بالمسلمين؟ قال: بلى. قال أو ليسوا بالمشركين!. قال: بلى. قال: فعلام نعطي الدنيةَ في دينِنا!. قال أبوبكرٍ: يا عمرُ الزم غرزَه - أمره - فإني أشهدُ أنه رسولَ اللهِ. قال عمرُ: وأنا أشهدُ أنه رسولُ اللهِ!. ثم أتى رسولَ اللهِ فقال: ألست برسولِ اللهِ! قال: بلى. قال: أولسنا بالمسلمين! قال: بلى. قال: أو ليسوا بالمشركين؟ قال: بلى. قال: فعلام نعطي الدنيةَ في دينِنا؟!. قال أنا عبدُ اللهِ ورسولُه، ولن أخالفَ أمرَه، ولن يضيعني. }
(متفق عليه)
ما دمت على حق لا تتنازل عن مبادئك
|
فقال: عَلَامَ نُعْطَى الدَّنِيَّةَ فِي دِينِنَا؟ الآن النبي صلى الله عليه وسلم ما أنكر عليه كلامه لكن قَالَ: (إني رَسُولُ اللَّهِ) ذكره بالوحي، القضية الآن ليست قضية تفكير إذا جاء الوحي الموضوع انتهى، |
مع الوحي لا يوجد نقاش
|
التزام أمر الله فهو الآمر والضامن سبحانه وتعالى
{ عن محمد بن إسحاق، قَالَ: حَدَّثَنِي يَزِيدُ بْنُ رُومَانَ، عَنْ عُرْوَةَ بْنِ الزُّبَيْرِ، وَحَدَّثَنِي الزُّهْرِيُّ، وَمُحَمَّدُ بْنِ يَحْيَى بْنِ حَبَّانَ، وعاصم بْنِ عُمَرَ بْنِ قَتَادَةَ، وعبد الله ابن أَبِي بَكْرٍ، وَغَيْرُهُمْ مِنْ عُلَمَائِنَا، فَبَعْضُهُمْ قَدْ حَدَّثَ بِمَا لَمْ يُحَدِّثْ بِهِ بَعْضٌ، وَقَدِ اجْتَمَعَ حَدِيثُهُمْ فِيمَا ذَكَرْتُ لَكَ مِنْ يَوْمِ بدر، قالوا: فَلَمَّا جَاءَ أَدْنَى مَاءٍ مِنْ بَدْرٍ نَزَلَ عَلَيْهِ، فَقَالَ لَهُ الْحُبَابُ بْنُ الْمُنْذِرِ: يَا رَسُولَ اللهِ؛ مَنْزِلٌ أَنْزَلَكَهُ اللهُ لَيْسَ لَنَا أَنْ نَتَعَدَّاهُ، وَلَا نُقَصِّرُ عَنْهُ، أَمْ هُوَ الرَّأْيُ وَالْحَرْبُ وَالْمَكِيدَة؟ فَقَالَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: بَلْ هُوَ الرَّأْيُ وَالْحَرْبُ وَالْمَكِيدَةُ، فَقَالَ الْحُبَابُ: يَا رَسُولَ اللهِ فَإِنَّ هَذَا لَيْسَ بِمَنْزِلٍ، وَلَكِنِ انْهَضْ حَتَّى تَجْعَلَ الْقُلُبَ كُلَّهَا مِنْ وَرَاءِ ظَهْرِكَ، ثُمَّ غَوِّرْ كُلَّ قَلِيبٍ بِهَا إِلَّا قَلِيبًا وَاحِدًا، ثُمَّ احْفِرْ عَلَيْهِ حَوْضًا فَنُقَاتِلُ الْقَوْمَ فَنَشْرَبُ وَلَا يَشْرَبُونَ حَتَّى يَحْكُمَ اللهُ بَيْنَنَا وَبَيْنَهُمْ، فَقَالَ: قَدْ أَشَرْتَ بِالرَّأْيِ }
(أخرجه البيهقي)
أخذ بالمشورة وعلمنا الأخذ بالمشورة لكن ليس عندما يكون هناك نص شرعي، لكن عندما تكون القضية خاضعة للعقل. |
الآمر ضامن
|
(فقال: الْزَمْ غَرْزَهُ، ولن نخالف أمره ولن يضيعنا الله) الآن جاء أبو جندل مسلماً، النبي صلى الله عليه وسلم التزم بالمعاهدة، فردَّه، وكانت صعبة على النبي صلى الله عليه وسلم، بعد حين شكلوا قطاع طرق -كما يقال- على الطريق وأصبح المشركون يقولون لمحمد صلى الله عليه وسلم: خذهم إليك، فهم يقطعون الطرق علينا، فلما تبين لماذا وافق رسول الله صلى الله عليه وسلم على الصلح وكان فتح مكة فيما بعد وأعز الله الإسلام إلخ..، تبين لعمر رضي الله عنه ذلك. يقول عمر: |
{ مَا زِلْتُ أَصُومُ وَأَتَصَدَّقُ وَأُصَلِّي وَأَعْتِقُ مِنَ الَّذِي صَنَعْتُ مَخَافَةَ كَلَامِي الَّذِي تَكَلَّمْتُ بِهِ يَوْمَئِذٍ حَتَّى رَجَوْتُ أَنْ يَكُونَ خَيْرًا. }
[ أخرجه أحمد بسند صحيح ]
هذه شخصية عمر، هو ينتصر للحق لكن عندما يجد الوحي أو يجد كلام رسول الله صلى الله عليه وسلم أو يجد الحق في مكان آخر ينصاع فوراً للحق لأنه مُتَّبِعٌ للحق. |
العداوة لا تكون بشكل شخصي
عمر لا يعادي إلا بالحق
|
فقه المقاصد عند سيدنا عمر
أيضاً عبد الله بن أُبي بن سلول، زعيم المنافقين، عندما قال عمر: دعني أضرب عنقه يا رسول الله، قال: |
{ دَعْهُ، لَا يَتَحَدَّثُ النَّاسُ أَنَّ مُحَمَّدًا يَقْتُلُ أَصْحَابَهُ }
[ أخرجه مسلم ]
الوعي بفقه المقاصد
|
معرفة عمر لأقدار الرجال
الموضوعات طويلة جداً وشخصية عمر لا تنقضي، لكن آخر ما أريد أن أقوله: |
{ عَنْ أَبِي الدَّرْدَاءِ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ قَالَ: كُنْتُ جَالِسًا عِنْدَ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ إِذْ أَقْبَلَ أَبُو بَكْرٍ آخِذًا بِطَرَفِ ثَوْبِهِ حَتَّى أَبْدَى عَنْ رُكْبَتِهِ، فَقَالَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: أَمَّا صَاحِبُكُمْ فَقَدْ غَامَرَ، فَسَلَّمَ، وَقَالَ: إِنِّي كَانَ بَيْنِي وَبَيْنَ ابْنِ الْخَطَّابِ شَيْءٌ، فَأَسْرَعْتُ إِلَيْهِ ثُمَّ نَدِمْتُ، فَسَأَلْتُهُ أَنْ يَغْفِرَ لِي فَأَبَى عَلَيَّ فَأَقْبَلْتُ إِلَيْكَ، فَقَالَ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: يَغْفِرُ اللَّهُ لَكَ يَا أَبَا بَكْرٍ، ثَلَاثًا، ثُمَّ إِنَّ عُمَرَ نَدِمَ، فَأَتَى مَنْزِلَ أَبِي بَكْرٍ فَسَأَلَ: أَثَّمَ أَبُو بَكْرٍ؟ فَقَالُوا: لَا، فَأَتَى إِلَى النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَسَلَّمَ فَجَعَلَ وَجْهُ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَتَمَعَّرُ حَتَّى أَشْفَقَ أَبُو بَكْرٍ فَجَثَا عَلَى رُكْبَتَيْهِ فَقَالَ: يَا رَسُولَ اللَّهِ، وَاللَّهِ أَنَا كُنْتُ أَظْلَمَ مَرَّتَيْنِ، فَقَالَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: إِنَّ اللَّهَ بَعَثَنِي إِلَيْكُمْ فَقُلْتُمْ كَذَبْتَ، وَقَالَ أَبُو بَكْرٍ صَدَقَ، وَوَاسَانِي بِنَفْسِهِ وَمَالِهِ فَهَلْ أَنْتُمْ تَارِكُوا لِي صَاحِبِي، مَرَّتَيْنِ، يقول أَبِي الدَّرْدَاءِ: فَمَا أُوذِيَ بَعْدَهَا }
(صحيح البخاري)
(أَمَّا صَاحِبُكُمْ فَقَدْ غَامَرَ)، يعني دخل في غمار خصومةٍ ما، عنده مشكلة، (فَأَسْرَعْتُ إِلَيْهِ)، يعني تكلمت شيء أسرعت بالكلام، يحاسب نفسه أبو بكر رضي الله عنه، (فَسَأَلْتُهُ أَنْ يَغْفِرَ لِي فَأَبَى عَلَيَّ)، شخصية عمر انفعالية، يحتاج وقت، شخصية موجودة بيننا كثيراً، (يَغْفِرُ اللَّهُ لَكَ يَا أَبَا بَكْرٍ)، قبل أن يلقى عمر، يعني هو أعطى لنفسه الحق لأن يدعو له بالمغفرة لأنه أبو بكر، هذه لأبي بكر فقط، ولأنه يعلم من عمر، ويعلم من الذين رباهم، (ثُمَّ إِنَّ عُمَرَ نَدِمَ فَأَتَى)، ندم عمر لأنه لم يغفر لأبي بكر، (حَتَّى أَشْفَقَ أَبُو بَكْرٍ)، أشفق على رسول الله، (وَاللَّهِ أَنَا كُنْتُ أَظْلَمَ)، أنا الذي ظلمته، أنا ظلمت عمر. |
معرفة عمر لأقدار الرجال
|
هذه شخصية عمر رضي الله عنه في معرفة أقدار الرجال ومعرفة قدر أبي بكر رضي الله عنه، رضي الله عنهم جميعاً، وأكتفي بهذا القدر، وإن شاء الله إن يسر الله لنا في لقاءات أخرى نتابع في هذه الشخصية المتميزة. |
والحمد لله رب العالمين |