تعامل النبي صلى الله عليه وسلم مع من حوله
تعامل النبي صلى الله عليه وسلم مع من حوله
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته: بسم الله الرحمن الرحيم، الحمد لله رب العالمين، والصلاة والسلام على سيدنا محمد وعلى آل بيته الطيبين الطاهرين وعلى صحابته الغر الميامين أمناء دعوته وقادة ألويته وارضَ عنا وعنهم يا رب العالمين. |
وبعد؛ فيا أيها الإخوة الكرام: أخرج الإمام مسلم في صحيحه: |
{ عَنِ الْمِقْدَادِ رضي الله عنه قَالَ: أَقْبَلْتُ أَنَا وَصَاحِبَانِ لِي، وَقَدْ ذَهَبَتْ أَسْمَاعُنَا وَأَبْصَارُنَا مِنَ الجَهْدِ، فَجَعَلْنَا نَعْرِضُ أَنْفُسَنَا علَى أَصْحَابِ رَسولِ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عليه وَسَلَّمَ، فليسَ أَحَدٌ منهمْ يَقْبَلُنَا، فأتَيْنَا النبيَّ صَلَّى اللَّهُ عليه وَسَلَّمَ فَانْطَلَقَ بنَا إلى أَهْلِهِ، فَإِذَا ثَلَاثَةُ أَعْنُزٍ، فَقالَ النبيُّ صَلَّى اللَّهُ عليه وَسَلَّمَ: احْتَلِبُوا هذا اللَّبَنَ بيْنَنَا، قالَ: فَكُنَّا نَحْتَلِبُ فَيَشْرَبُ كُلُّ إنْسَانٍ مِنَّا نَصِيبَهُ، وَنَرْفَعُ للنبيِّ صَلَّى اللَّهُ عليه وَسَلَّمَ نَصِيبَهُ، قالَ: فَيَجِيءُ مِنَ اللَّيْلِ فيُسَلِّمُ تَسْلِيمًا لا يُوقِظُ نَائِمًا، وَيُسْمِعُ اليَقْظَانَ، قالَ: ثُمَّ يَأْتي المَسْجِدَ فيُصَلِّي، ثُمَّ يَأْتي شَرَابَهُ فَيَشْرَبُ، فأتَانِي الشَّيْطَانُ ذَاتَ لَيْلَةٍ وَقَدْ شَرِبْتُ نَصِيبِي، فَقالَ: مُحَمَّدٌ يَأْتي الأنْصَارَ فيُتْحِفُونَهُ، وَيُصِيبُ عِنْدَهُمْ ما به حَاجَةٌ إلى هذِه الجُرْعَةِ، فأتَيْتُهَا فَشَرِبْتُهَا، فَلَمَّا أَنْ وَغَلَتْ في بَطْنِي، وَعَلِمْتُ أنَّهُ ليسَ إلَيْهَا سَبِيلٌ، قالَ: نَدَّمَنِي الشَّيْطَانُ، فَقالَ: وَيْحَكَ، ما صَنَعْتَ أَشَرِبْتَ شَرَابَ مُحَمَّدٍ، فَيَجِيءُ فلا يَجِدُهُ فَيَدْعُو عَلَيْكَ فَتَهْلِكُ فَتَذْهَبُ دُنْيَاكَ وَآخِرَتُكَ، وَعَلَيَّ شَمْلَةٌ إِذَا وَضَعْتُهَا علَى قَدَمَيَّ خَرَجَ رَأْسِي، وإذَا وَضَعْتُهَا علَى رَأْسِي خَرَجَ قَدَمَايَ، وَجَعَلَ لا يَجِيئُنِي النَّوْمُ، وَأَمَّا صَاحِبَايَ فَنَاما وَلَمْ يَصْنَعَا ما صَنَعْتُ، قالَ: فَجَاءَ النبيُّ صَلَّى اللَّهُ عليه وَسَلَّمَ، فَسَلَّمَ كما كانَ يُسَلِّمُ، ثُمَّ أَتَى المَسْجِدَ فَصَلَّى، ثُمَّ أَتَى شَرَابَهُ فَكَشَفَ عنْه، فَلَمْ يَجِدْ فيه شيئًا، فَرَفَعَ رَأْسَهُ إلى السَّمَاءِ، فَقُلتُ: الآنَ يَدْعُو عَلَيَّ فأهْلِكُ، فَقالَ: اللَّهُمَّ، أَطْعِمْ مَن أَطْعَمَنِي، وَأَسْقِ مَن أَسْقَانِي، قالَ: فَعَمَدْتُ إلى الشَّمْلَةِ فَشَدَدْتُهَا عَلَيَّ، وَأَخَذْتُ الشَّفْرَةَ فَانْطَلَقْتُ إلى الأعْنُزِ أَيُّهَا أَسْمَنُ، فأذْبَحُهَا لِرَسولِ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عليه وَسَلَّمَ، فَإِذَا هي حَافِلَةٌ، وإذَا هُنَّ حُفَّلٌ كُلُّهُنَّ، فَعَمَدْتُ إلى إنَاءٍ لِآلِ مُحَمَّدٍ صَلَّى اللَّهُ عليه وَسَلَّمَ ما كَانُوا يَطْمَعُونَ أَنْ يَحْتَلِبُوا فِيهِ، قالَ: فَحَلَبْتُ فيه حتَّى عَلَتْهُ رَغْوَةٌ، فَجِئْتُ إلى رَسولِ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عليه وَسَلَّمَ، فَقالَ: أَشَرِبْتُمْ شَرَابَكُمُ اللَّيْلَةَ، قالَ: قُلتُ: يا رَسولَ اللهِ، اشْرَبْ، فَشَرِبَ، ثُمَّ نَاوَلَنِي، فَقُلتُ: يا رَسولَ اللهِ، اشْرَبْ، فَشَرِبَ، ثُمَّ نَاوَلَنِي، فَلَمَّا عَرَفْتُ أنَّ النبيَّ صَلَّى اللَّهُ عليه وَسَلَّمَ قدْ رَوِيَ وَأَصَبْتُ دَعْوَتَهُ، ضَحِكْتُ حتَّى أُلْقِيتُ إلى الأرْضِ، قالَ: فَقالَ النبيُّ صَلَّى اللَّهُ عليه وَسَلَّمَ: إحْدَى سَوْآتِكَ يا مِقْدَادُ، فَقُلتُ: يا رَسولَ اللهِ، كانَ مِن أَمْرِي كَذَا وَكَذَا وَفَعَلْتُ كَذَا، فَقالَ النبيُّ صَلَّى اللَّهُ عليه وَسَلَّمَ: ما هذِه إلَّا رَحْمَةٌ مِنَ اللهِ، أَفلا كُنْتَ آذَنْتَنِي فَنُوقِظَ صَاحِبيْنَا فيُصِيبَانِ منها، قالَ: فَقُلتُ: وَالَّذِي بَعَثَكَ بالحَقِّ، ما أُبَالِي إذَا أَصَبْتَهَا وَأَصَبْتُهَا معكَ مَن أَصَابَهَا مِنَ النَّاسِ }
(صحيح مسلم)
شرح الحديث
التعب والجوع في بداية الدعوة
|
معجزة النبي الكبرى هي القرآن الكريم
|
إكرام رسول الله صلى الله عليه وسلم لأصحابه ومقاسمته لهم طعامه
إخواننا الأحباب: هذا الحديث في صحيح مسلم وأنا أريد أن أعقب عليه بتعقيبات، وكلها فوائد ودروس وعبر لكن أريد أن أنتقي بعض الفوائد، انتقيت منها أولاً: إكرام رسول الله صلى الله عليه وسلم لأصحابه ومقاسمته لهم طعامه صلى الله عليه وسلم، قال تعالى: |
وَيُؤْثِرُونَ عَلَىٰ أَنفُسِهِمْ وَلَوْ كَانَ بِهِمْ خَصَاصَةٌ(سورة الحشر: الآية 9)
الإسلام هو الخلق
|
وَإِنَّكَ لَعَلَىٰ خُلُقٍ عَظِيمٍ(سورة القلم: الآية 4)
وفي محمدٍ صلى الله عليه وسلم من جمال الصورة والقيادة والحنكة والخبرة والوحي الذي يوحى إليه، وفيه من كل الخصال التي وهبها الله تعالى لبشر فيه من كلٍّ منها نصيبٌ وأعظم وأوفر نصيب، لكنه تعالى لما أراد أن يمتدحه امتدحه بخلقه العظيم، ولم يقل له: إنك ذو خلقٍ عظيم، بل قال: {وَإِنَّكَ لَعَلَىٰ خُلُقٍ عَظِيمٍ} فهو متمكنٌ صلى الله عليه وسلم من الخلق، قد يكون إنسانٌ ذا خلق لكن نفسه تنازعه أحياناً إلى أن يستأثر بشيءٍ لنفسه فهو ذو خلق، لكن النبي كان على خلق فقد كان متمكناً من الأخلاق، لا تنازعه نفسه إلى شيءٍ من نصيب الدنيا، وإنما كان يؤثر أصحابه على نفسه، فلما جاؤوا إليه أخذهم إلى أهله فوراً، واقتسم معهم هذا الحليب على قلته فقال: نقتسمه بيننا. |
فأيها الكرام: هناك مقولة: "الدين المعاملة" هي ليست حديثاً لكنها جرت على ألسنة الناس وهي صحيحة، الدين المعاملة، فالناس لا يتعلمون بآذانهم ولكنهم يتعلمون بعيونهم، بالقدوة، بالأسوة |
لَّقَدْ كَانَ لَكُمْ فِي رَسُولِ اللَّهِ أُسْوَةٌ حَسَنَةٌ(سورة الأحزاب: الآية 21)
الدين في التعامل مع الناس
|
{ خَيْرُكُمْ خَيْرَكُمْ لأهلِهِ وأنا خَيْرُكُمْ لأهلِي وإذا ماتَ صاحِبُكُمْ فَدَعُوهُ }
(رواه الترمذي)
فالنبي صلى الله عليه وسلم ملك القلوب بأخلاقه، أعطى ولم يأخذ صلى الله عليه وسلم، عاش للناس ولم يعش الناس له، هذا الأمر الأول. |
التمكين لا يكون إلا بعد الابتلاء
الأمر الثاني أيها الأحباب: لما قال المقداد: (وَقَدْ ذَهَبَتْ أَسْمَاعُنَا وَأَبْصَارُنَا مِنَ الجَهْدِ) فهذا يوحي إلى أن النصر والتمكين لا يمكن أن يكون إلا بعد الابتلاء والامتحان والاختبار، يستحيل، هي سنَّة الله في الأرض. |
لن تمكن قبل أن تبتلى
|
الَّذِي خَلَقَ الْمَوْتَ وَالْحَيَاةَ لِيَبْلُوَكُمْ أَيُّكُمْ أَحْسَنُ عَمَلًا(سورة الملك: الآية 2)
هذه علة وجودنا في الحياة، خيارنا مع الابتلاء ليس خيار قبول أو رفض، لكنه إلزامي لا بد من الابتلاء، فلنوطن أنفسنا على أن ننجح في الاختبار، في كل يوم نختبر ونبتلى ونمتحن. |
{ عَنْ خَبَّابِ بْنِ الأَرَتِّ قَالَ: شَكَوْنَا إِلَى رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَهُوَ مُتَوَسِّدٌ بُرْدَةً لَهُ فِي ظِلِّ الكَعْبَةِ فَقُلْنَا: أَلاَ تَسْتَنْصِرُ لَنَا أَلاَ تَدْعُو لَنَا؟ فَقَالَ: قَدْ كَانَ مَنْ قَبْلَكُمْ، يُؤْخَذُ الرَّجُلُ فَيُحْفَرُ لَهُ فِي الأَرْضِ، فَيُجْعَلُ فِيهَا، فَيُجَاءُ بِالْمِنْشَارِ فَيُوضَعُ عَلَى رَأْسِهِ فَيُجْعَلُ نِصْفَيْنِ، وَيُمْشَطُ بِأَمْشَاطِ الحَدِيدِ، مَا دُونَ لَحْمِهِ وَعَظْمِهِ، فَمَا يَصُدُّهُ ذَلِكَ عَنْ دِينِهِ، وَاللَّهِ لَيَتِمَّنَّ هَذَا الأَمْرُ، حَتَّى يَسِيرَ الرَّاكِبُ مِنْ صَنْعَاءَ إِلَى حَضْرَمَوْتَ، لاَ يَخَافُ إِلَّا اللَّهَ، وَالذِّئْبَ عَلَى غَنَمِهِ، وَلَكِنَّكُمْ تَسْتَعْجِلُونَ }
(رواه البخاري)
يخاطب النبي صلى الله عليه وسلم، قد يتخيل واحدٌ منا أن النبي صلى الله عليه وسلم قال له: بلى، ووقف فوراً وهو بجوار كعبة الله، وقال: يا رب انصرنا، يا رب مكن لنا، لكن محمداً صلى الله عليه وسلم لعله لمح في نبرة كلام خباب أن اليأس قد بدأ يتسلل إلى النفوس، فجاء مترعاً بآلامه يقول: (أَلاَ تَسْتَنْصِرُ لَنَا أَلاَ تَدْعُو لَنَا؟) بدأ شيءٌ من اليأس يتسلل إلى النفوس، فالنبي صلى الله عليه وسلم احمر وجهه وغضب، انظر إلى قوله تعالى: |
خُلِقَ الْإِنسَانُ مِنْ عَجَلٍ ۚ سَأُرِيكُمْ آيَاتِي فَلَا تَسْتَعْجِلُونِ(سورة الأنبياء: الآية 37)
العجلة من طبع الإنسان
|
وَتِلْكَ الْأَيَّامُ نُدَاوِلُهَا بَيْنَ النَّاسِ(سورة آل عمران: الآية 140)
فأنت قبل أن، ليس أنت، لكن هذا المتكلم، قبل أن يسيء الظن بربه، اقرأ قوانين الله عز وجل، اقرأ سننه، هو قال لك: {وَتِلْكَ الْأَيَّامُ نُدَاوِلُهَا بَيْنَ النَّاسِ} هو قال لك: أن هناك سنَّةً في مدافعة الحق بالباطل، لا بد منها في كل عصر وفي كل وقت (وَلَكِنَّكُمْ تَسْتَعْجِلُونَ) {سَأُرِيكُمْ آيَاتِي فَلَا تَسْتَعْجِلُونِ}. |
فإذاً أيها الأحباب: الصبر ثم التمكين، والإمامة في الدين موروثةٌ عن الصبر يأتي بعده الإمامة والتمكين |
وَجَعَلْنَا مِنْهُمْ أَئِمَّةً يَهْدُونَ بِأَمْرِنَا لَمَّا صَبَرُوا ۖ وَكَانُوا بِآيَاتِنَا يُوقِنُونَ(سورة السجدة: الآية 24)
فلا بد من الصبر حتى يأتي التمكين. |
الصبر مع الطاعة والصبر مع المعصية
أيها الإخوة الكرام: لكن ليس الصبر مع المعصية، الصبر مع المعصية ليس بعده إلا القبر، لكن الصبر مع الطاعة بعده النصر وبعده إن شاء الله الفرج العظيم من الله، الصبر مع الطاعة |
وَإِن تَصْبِرُوا وَتَتَّقُوا لَا يَضُرُّكُمْ كَيْدُهُمْ شَيْئًا(سورة آل عمران: الآية 120)
الصبر مع الطاعة طريق النصر
|
الذوق النبوي الرفيع
ربط التدين بالابتعاد عن الأذواق
|
إِنَّ الَّذِينَ يُنَادُونَكَ مِن وَرَاءِ الْحُجُرَاتِ أَكْثَرُهُمْ لَا يَعْقِلُونَ(سورة الحجرات: الآية 4)
هل من الذوق أن يقف الإنسان اليوم بسيارته ويطلق زمور السيارة حتى ينزل أهله من الطابق الثاني أو الثالث يعلمهم من خلال الزمور ويفسد على الناس؟! |
يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِذَا قِيلَ لَكُمْ تَفَسَّحُوا فِي الْمَجَالِسِ فَافْسَحُوا يَفْسَحِ اللَّهُ لَكُمْ ۖ وَإِذَا قِيلَ انشُزُوا فَانشُزُوا يَرْفَعِ اللَّهُ الَّذِينَ آمَنُوا مِنكُمْ وَالَّذِينَ أُوتُوا الْعِلْمَ دَرَجَاتٍ ۚ وَاللَّهُ بِمَا تَعْمَلُونَ خَبِيرٌ(سورة المجادلة: الآية 11)
من ذوق النبي الكريم في أكل التمر
|
أساليب الشيطان
أيضاً من الأمور المهمة أيها الإخوة في هذا الحديث: هو أساليب الشيطان، الشيطان من أساليبه أنه يسول للإنسان المعصية ثم يندمه عليها، طبعاً لسنا الآن بصدد أن المقداد عصى، المقداد عطشان لكن الشيطان أوهمه وكبرها في عينيه، لكن بشكل عام قالَ: ثم نَدَّمَنِي الشَّيْطَانُ، فهم الرسالة المقداد، فهو الشيطان هكذا يفعل، هو يستجر الإنسان إلى المعصية فلما يقع فيها يتبرأ منه يقول: أنا ليس لي علاقة. |
وَقَالَ الشَّيْطَانُ لَمَّا قُضِيَ الْأَمْرُ إِنَّ اللَّهَ وَعَدَكُمْ وَعْدَ الْحَقِّ وَوَعَدتُّكُمْ فَأَخْلَفْتُكُمْ ۖ وَمَا كَانَ لِيَ عَلَيْكُم مِّن سُلْطَانٍ إِلَّا أَن دَعَوْتُكُمْ فَاسْتَجَبْتُمْ لِي ۖ فَلَا تَلُومُونِي وَلُومُوا أَنفُسَكُم ۖ مَّا أَنَا بِمُصْرِخِكُمْ وَمَا أَنتُم بِمُصْرِخِيَّ ۖ إِنِّي كَفَرْتُ بِمَا أَشْرَكْتُمُونِ مِن قَبْلُ(سورة إبراهيم: الآية 22)
هذا أسلوب |
إِنِّي أَخَافُ اللَّهَ رَبَّ الْعَالَمِينَ(سورة الحشر: الآية 16)
ايقاع الشيطان للإنسان في المعصية
|
خطوات الشيطان
ومن أساليبه أنه يخطو بالإنسان إلى المعصية خطوةً خطوةً، لذلك لم يقل الله تعالى: لا تتبعوا الشيطان، قال: |
لَا تَتَّبِعُوا خُطُوَاتِ الشَّيْطَانِ(سورة النور: الآية 21)
تدرج الشيطان في دفع الإنسان للمعصية
|
وَزَيَّنَ لَهُمُ الشَّيْطَانُ أَعْمَالَهُمْ(سورة النمل: الآية 24)
يعني يلبسها لبوساً جميلاً فيقول له: هذا ليس خمراً هذه مشروبات روحية، وهذا ليس تفلتاً من منهج الله هذا تحضر، وهذا الربا ليست ربا كما تفهمه فوائد وهذا ليس مثل ما كان يفعله اليهود، لا هذه بنوك حضارية، والنبي صلى الله عليه وسلم قال: |
{ ليشرَبنَّ ناسٌ من أمَّتي الخمرَ يُسمُّونَها بغيرِ اسمِها، يُعزَفُ علَى رءوسِهِم بالمعازفِ، والمغنِّياتِ، يخسِفُ اللَّهُ بِهِمُ الأرضَ، ويجعَلُ منهمُ القِرَدةَ والخَنازيرَ }
(صحيح ابن ماجه)
تسمية الأشياء بغير مسمياتها
الشيطان يزيِّن للإنسان عمله
|
التعامل بلين ولطف مع المؤمنين
المؤمن ليِّنٌ وسهلٌ مع أخيه المؤمن
|
أَذِلَّةٍ عَلَى الْمُؤْمِنِينَ أَعِزَّةٍ عَلَى الْكَافِرِينَ(سورة المائدة: الآية 54)
أما للأسف الشديد اليوم على وسائل التواصل وكذا قلبنا الآية فتجده مع أعدائه، سامحوني بهذه الكلمة، يسمونه اليوم: مسلم لطيف، يعني بسيط جداً وسهل، وكله كما تريدون ويتنازل عن الحقوق وعن المبادئ وعن القيم من أجل التعايش وإرضاءً للآخرين وإلخ..، ثم إذا وجدته مع أخيه المؤمن فبمجرد أن يسمع شيء خطأ يعني لا يبقي ولا يذر في وسائل التواصل وهو يُشَهِّر به: انظروا ماذا قال فلان، يا أخي هذا أخوك، الأعداء سلموا منك ألا يسلم منك أخوك المؤمن؟ فالنبي صلى الله عليه وسلم يتنازل عن بعض حقوقه بين إخوانه لكن عندما يكون في أخلاق المعركة وأخلاق الحرب شيء آخر، نحن مشكلتنا أننا دمجنا بين أخلاق السلم وأخلاق المعركة، أخلاق السلم: |
ادْعُ إِلَىٰ سَبِيلِ رَبِّكَ بِالْحِكْمَةِ وَالْمَوْعِظَةِ الْحَسَنَةِ ۖ وَجَادِلْهُم بِالَّتِي هِيَ أَحْسَنُ(سورة النحل: الآية 125)
الجدال بالتي هي أحسن
|
يَا أَيُّهَا النَّبِيُّ جَاهِدِ الْكُفَّارَ وَالْمُنَافِقِينَ وَاغْلُظْ عَلَيْهِمْ(سورة التوبة: الآية 73)
هذه في الحرب لا نخلط أخلاق السلم مع أخلاق الحرب، الحرب لها أخلاق والسلم لها أخلاق، فنحن في السلم الدعوة بالحكمة والموعظة الحسنة وهكذا كان النبي صلى الله عليه وسلم لكن دون التنازل عن الثوابت والمبادئ والقيم |
وَإِن كَادُوا لَيَفْتِنُونَكَ عَنِ الَّذِي أَوْحَيْنَا إِلَيْكَ لِتَفْتَرِيَ عَلَيْنَا غَيْرَهُ ۖ وَإِذًا لَّاتَّخَذُوكَ خَلِيلًا(سورة الإسراء: الآية 73)
فالأعداء همهم أن تتنازل حتى يضموك إليهم ويقولون أصبح معنا، لا، لا نتنازل لكن نعاملهم (بِالَّتِي هِيَ أَحْسَنُ). |
الدعاء لمن أسدى إليك معروفاً
ومن الأمور التي في الحديث: الدعاء لمن أسدى إليك معروفاً، والنبي صلى الله عليه وسلم دعا له قبل أن يشرب صلى الله عليه وسلم قالَ: (اللَّهُمَّ، أَطْعِمْ مَن أَطْعَمَنِي، وَأَسْقِ مَن أَسْقَانِي). |
يقول صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: |
{ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عُمَرَ قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: مَنِ اسْتَعَاذَ بِاللَّهِ فَأَعِيذُوهُ، وَمَنْ سَأَلَ بِاللَّهِ فَأَعْطُوهُ، وَمَنْ دَعَاكُمْ فَأَجِيبُوهُ، وَمَنْ صَنَعَ إِلَيْكُمْ مَعْرُوفًا فَكَافِئُوهُ، فَإِنْ لَمْ تَجِدُوا مَا تُكَافِئُونَهُ، فَادْعُوا لَهُ حَتَّى تَرَوْا أَنَّكُمْ قَدْ كَافَأْتُمُوهُ }
(صحيح أبي داود)
الهدية تدخل السرور إلى القلب
|
نصيبنا من دعوات رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ
أيضاً من الأمور المهمة المقداد سعى ليصيب دعوة النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، فما نصيبنا نحن من دعوات رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ؟، يقول صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: |
{ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ رضي الله عنه قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: لِكُلِّ نَبِيٍّ دَعْوَةٌ مُسْتَجَابَةٌ يَدْعُو بِهَا فَيُسْتَجَابُ لَهُ فَيُؤْتَاهَا وَإِنِّي اخْتَبَأْتُ دَعْوَتِي شَفَاعَةً لأُمَّتِي يَوْمَ الْقِيَامَةِ }
(صحيح مسلم)
الصلاة على رسول الله واتباع منهجه
|
{ عَن أَبِي هُرَيرَةَ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيهِ وَسَلَّمَ أَتَى المَقبُرَةَ فَقَالَ: السَّلَامُ عَلَيكُم دَارَ قَومٍ مُؤمِنِينَ وَإِنَّا إِن شَاءَ اللَّهُ بِكُم لَاحِقُونَ وَدِدتُ أَنَّا قَد رَأَينَا إِخوَانَنَا، قَالُوا: أَوَلَسنَا إِخوَانَكَ يَا رَسُولَ اللَّهِ؟ قَالَ: أَنتُم أَصحَابِي، وَإِخوَانُنَا الَّذِينَ لَم يَأتُوا بَعدُ، فَقَالُوا: كَيفَ تَعرِفُ مَن لَم يَأتِ بَعدُ مِن أُمَّتِكَ يَا رَسُولَ اللَّهِ؟ فَقَالَ: أَرَأَيتَ لَو أَنَّ رَجُلًا لَهُ خَيلٌ غُرٌّ مُحَجَّلَةٌ بَينَ ظَهرَي خَيلٍ دُهمٍ بُهمٍ أَلَا يَعرِفُ خَيلَهُ، قَالُوا: بَلَى يَا رَسُولَ اللَّهِ قَالَ: فَإِنَّهُم يَأتُونَ غُرًّا مُحَجَّلِينَ مِن الوُضُوءِ وَأَنَا فَرَطُهُم عَلَى الحَوضِ، أَلَا لَيُذَادَنَّ رِجَالٌ عَن حَوضِي كَمَا يُذَادُ البَعِيرُ الضَّالُّ ؛ أُنَادِيهِم: أَلَا هَلُمَّ. فَيُقَالُ: إِنَّهُم قَد بَدَّلُوا بَعدَكَ، فَأَقُولُ: سُحقًا سُحقًا }
(رواه مسلم)
نسبة النعمة إلى المنعم
المؤمن ينسب النعمة إلى المنعم
|
ذَٰلِكَ فَضْلُ اللَّهِ يُؤْتِيهِ مَن يَشَاءُ(سورة الجمعة: الآية 4)
فينسب النعمة إلى المنعم، غير المؤمنين يعيشون مع النعمة فيزولون بزوالها، والمؤمن يعيش مع المنعم فيبقى ببقاء المنعم جل جلاله |
وَيَبْقَىٰ وَجْهُ رَبِّكَ ذُو الْجَلَالِ وَالْإِكْرَامِ(سورة الرحمن: الآية 27)
فالمؤمن مع المنعم، والمنعم حيٌّ باق، وغير المؤمن مع النعمة، والنعمة فانية فلا تنشغل بالنعمة، لا تنشغل بالنعمة، كُل من أرض الله، واطعم من خير الله، وتبوأ منصباً، وأعلِ كلمة الله في الأرض، وتاجر وحقق أرباحاً وتصدق وأطعم أهلك ووسع على نفسك وعلى عيالك، لكنك لا تعيش مع النعمة، وإنما قلبك معلقٌ بالمنعم، والنعمة وسيلةٌ تتخذها من أجل أن ترضي المنعم جل جلاله، أما من ينشغل في أرض الله بالنعمة عن المنعم فإنه سيفاجأ يوم القيامة بأن هذه النعمة قد زالت وبأنه سيرى الآن آثارها السلبية إن استغلها في معصية الله، والعياذ بالله. |
{ عَنْ أَنَسٍ عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ: لاَ يُؤْمِنُ أَحَدُكُمْ، حَتَّى يُحِبَّ لِأَخِيهِ مَا يُحِبُّ لِنَفْسِهِ }
(رواه البخاري ومسلم)
المؤمن يحب لأي إنسانٍ من الخير ما يحبه لنفسه
عامل الناس كما تحب أن يعاملوك
|
أكتفي بهذه الدروس والعبر وأسأل الله عز وجل أن نقتدي بها وأن نستفيد منها وأن نتعلم منها، وبارك الله بكم جميعاً وشكر الله لكم حسن استماعكم والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته. |