• محاضرة في الأردن
  • 2020-09-14
  • عمان
  • الأردن

أخطرُ هزيمة !

السَّلامُ عَلَيْكُمْ وَرَحْمَةُ اللهِ وَبَرَكَاتُهُ: بِسْمِ اللَّـهِ الرَّحْمَـٰنِ الرَّحِيمِ، الْحَمْدُ لِلَّهِ رَبِّ الْعَالَمِينَ، وَالصَّلاَةُ وَالسَّلاَمُ عَلَى سَيِّدِنَا مُحَمَّدٍ وَعَلَى آلِه وأصحابه أجمعين.
موضوعنا اليوم موضوعٌ ساخنٌ كما يقال، يتعلق بحال المسلمين العام، ومن الحكمة أن ننوع بين الموضوعات الخاصة والموضوعات العامة حتى نكون على توازنٍ من أمرنا.
النصر؛ من منا لا يحب أن يرى النصر؟ وقد أثبت الله في قرآنه الكريم فرحة المؤمنين بالنصر فقال:

وَيَوْمَئِذٍ يَفْرَحُ الْمُؤْمِنُونَ * بِنَصْرِ اللَّهِ ۚ يَنصُرُ مَن يَشَاءُ
(سورة الروم: الآية 4-5)

النصر محببٌ إلى النفوس
فالنصر محببٌ إلى النفوس، أن ينتصر الإنسان سواءً كان نصراً فردياً ولو كان نصراً على نفسه بأن يمنعها من شهوةٍ لا ترضي الله، أو كان نصراً على مستوى الأمة بأن يرى عزة الإسلام ورفعة المسلمين وعودة أمجادهم الغابرة، هذا مطمحٌ يطمح إليه كل إنسان.

أشدُّ أنواع الهزائم
أما الهزيمة فهي من أقسى ما يكون على الإنسان أن يُهزَم سواءً هُزِم من الداخل أو هُزِم من الأعداء، الهزائم متنوعة؛ فهناك هزيمةٌ في أرض المعركة؛ وهناك هزيمةٌ اقتصاديةٌ، عندما يصبح هناك تضخم كبير يهزم البلد اقتصادياً، وهناك هزيمة عسكرية، هناك هزيمة سياسية، في ميادين السياسة يهزم الإنسان في جولةٍ أو تهزم دولةٌ في جولة، لكن أعظم هزيمة يُمنى بها المرء أن يُهزم من الداخل، كل الهزائم أمام هزيمة الذات تهون، أقسى الهزائم أن تهزم الذات، أن يهزم الإنسان من داخله فعندها لا يستطيع أن ينتصر على نملةٍ لا على جيش! هذه الهزيمة يسميها أهل العلم الهزيمة النفسية وأريد أن أتحدث عنها في هذا اللقاء بشيءٍ من التفصيل وسأبدأ بقوله تعالى:

سنَّة التداول

وَتِلْكَ الْأَيَّامُ نُدَاوِلُهَا بَيْنَ النَّاسِ
(سورة آل عمران: الآية 140)

سنَّة التداول من السنن الكونية
سنَّة التداول من السنن الكونية التي لا تتخلَّف، لو أراد الله أن تبقى العزَّة والنَّصر لدولة الإسلام على مدار التاريخ لفعل والله تعالى لا يعجزه شيء في الأرض ولا في السماء وهو على كل شيء قدير، لكنه أراد أن يجعل سنَّةً وهي سنَّة التداول بين الحق والباطل (نُدَاوِلُهَا بَيْنَ النَّاسِ)
كما قَالَ الشَّاعِر:
فَيَوْمٌ لَنَا وَيَوْمٌ عَلَيْنَا وَيَوْمٌ نُسَاءُ وَيَوْمٌ نُسَرُّ
{ النمر بن تولب }
لماذا هذه السنَّة؟ لأن الحق لا يقوى إلا بالتحدي، وأهل الحق لا يستحقون الجنة إلا بالبذل والتضحية، فلو كانت الأمور مستقرةً إلى أمدٍ طويلٍ لكثر النفاق والمنافقون ولاستكان الناس ولخضعوا ولتركوا ما أمروا به، ولا أدلَّ على ذلك من حال المسلمين يوم استقرَّ بهم النصر مدةً طويلةً في الأندلس، فانتهت حال الأندلس إلى غناءٍ وترف وبذخ، هذا المعتمد بن عباد آخر ملوك بني عباد في الأندلس يقول:
قالَت لَـقَـد هُـنّا هُـنــــــــا مَولايَ أَيـنَ جـاهُنــــــــــــــــا قُـلـتُ لَـها إِلَى هُنـــــــــــا صــــــَيَّرَنـــــــا إِلهُـنــــــــــــــــــــا
{ المعتمد بن عباد }
إلى هذه الحال، هم صيَّروا أنفسهم فصيَّرهم الله إلى هذه الحال يوم تركوا ما يقتضيه التمكين في الأرض من إقامة الصلاة وإيتاء الزكاة قال تعالى:

الَّذِينَ إِن مَّكَّنَّاهُمْ فِي الْأَرْضِ أَقَامُوا الصَّلَاةَ وَآتَوُا الزَّكَاةَ وَأَمَرُوا بِالْمَعْرُوفِ وَنَهَوْا عَنِ الْمُنكَرِ ۗ وَلِلَّهِ عَاقِبَةُ الْأُمُورِ
(سورة الحج: الآية 41)

فلما تركوا ذلك وصل الأمر إلى خروج آخر ملوكهم أبو عبد الله الصغير، تقول له أمّه وهو يبكي مودعاً غرناطة:
ابكِ مثل النساء ملكاً مضاعاً لم تحافظ عليه مثل الرجال
{ عائشة الحرَّة والدة أبو عبد الله الصغير }
فعندما يستقر الحال إلى زمنٍ طويلٍ لا بد من تداول، هذه سنَّة التداول (وَتِلْكَ الْأَيَّامُ نُدَاوِلُهَا بَيْنَ النَّاسِ).

أعراض الهزيمة النفسية
ما أعراض الهزيمة النفسية التي إن وجدت فهذه دِلالةٌ على وجود هزيمةٍ من الداخل نسأل الله السلامة؟

1. اليأس من إمكانية التغيير
اليأس من أعراض الهزيمة النفسية
أول عَرَضٍ من أعراض الهزيمة النفسية اليأس من إمكانية التغيير؛ كلماتٌ نسمعها اليوم من بعض الناس المهزومين بشكل أو بآخر: "انتهى الأمر" "لن تقوم لنا قائمة" "لا يمكن أن يتغير شيء" "الأمور اليوم تحكمها دول" "المسلمون أصبحوا في حالةٍ لا يمكن أن يُكشف عنهم ما بهم" هذه كلماتٌ نسمعها وهذا يأس من أن يتغير شيء، فمن أعراض الهزيمة النفسية اليأس، يقول صلى الله عليه وسلم:

{ إِذَا قَالَ الرَّجُلُ: هَلَكَ النَّاسُ فَهُوَ أَهْلَكُهُمْ }

(رواه مسلم)

وفي رواية : فَهُوَ أَهْلَكَهُمْ .
قال الإمام النووي رحمه الله: روايتان أشهرهما الرفع، فإذا قلنا: (فَهُوَ أَهْلَكُهُمْ) أي هو أَهْلَكُ واحدٍ فيهم لأنه يصفهم بالهلاك، فهو أهلك الهالكين، لأنه لو لم يهلك ويهزم لما قال لك: هلك الناس، ورواية النَّصب: (فَهُوَ أَهْلَكَهُمْ) أي هو جعلهم هالكين وهم ليسوا كذلك، أنت تظن أن الناس قد هلكت، القصد أن الناس عموماً قد هلكت، لكن الواقع غير ذلك، فما زال هناك أناسٌ يدافعون عن الحق، ومازال هناك أناس يقومون بأمر الله، ومازال هناك أناسٌ يربون أولادهم، ومازال هناك أناسٌ يعتنون بمجتمعاتهم ويأمرون بالمعروف وينهون عن المنكر فأنت أهلكتهم أيها القائل: هَلَكَ الناس وهم ليسوا بهلكى، من قال: هَلَكَ الناس (فَهُوَ أَهْلَكَهُمْ)، (فَهُوَ أَهْلَكُهُمْ).
أول أعراض الهزيمة النفسية اليأس من إمكانية التغيير، أن ييأس الإنسان، واليأس والقنوط عند الله تعالى من سمات القوم الكافرين قال تعالى:

إِنَّهُ لَا يَيْأَسُ مِن رَّوْحِ اللَّهِ إِلَّا الْقَوْمُ الْكَافِرُونَ
(سورة يوسف: الآية 87)

نحن لا نيأس، نأسى لما أصابنا ونحزن لحال أمتنا، لكننا لا نقنط للحظةٍ واحدةٍ، هذه عقيدة، عقيدتنا أن المجد للإسلام وأن العزَّة للإسلام وأن الله عزَّ وجلَّ ناصر دينه ومظهر الحق وَلَوْ كَرِهَ الْكَافِرُونَ، فاليأس ليس من قاموسنا.

2. السلبية القاتلة
السلبية نتيجةٌ لليأس
العرض الثاني من أعراض الهزيمة النفسية: السلبية القاتلة بترك الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر، وهذه يعبِّر عنها الناس اليوم ببعض الأقوال: كأن يقول لك: دع الخلق للخالق، دع الخلق للخالق بمعنى صحيح بأنه لا ينبغي أن تصنف الناس هذا إلى الجنة وهذا إلى النار، دع الخلق للخالق الله أعلم بهم، لكن دع الخلق للخالق بمعنى أنه لن أنصح أحداً ولن أكلم أحداً وكل إنسان يفعل ما يشاء هذه من الهزيمة، يصبح كلام الناس سلبياً، لا يريد أن يتحرك ليفعل شيئاً وهذا ناتج عن العرض الأول، لما ييأس من إمكانية التغيير ينتقل إلى السلبية، ويترك الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر، والنَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يقول:

{ بَلِّغُوا عَنِّي وَلَوْ آيَةً }

(صحيح البخاري)

أنت مأمورٌ بالتبليغ عن رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، أنت مُبَلَّغٌ ومأمورٌ بالتبليغ ولو آية، قالوا: (بَلِّغُوا) هذا تكليف، يكلفنا الله تعالى بأن نُبَلِّغ (بَلِّغُوا) أي أن تنقل المعلومة من رجلٍ سمعت منه إلى رجلٍ لم يسمع فتبلِّغه بما بُلِّغت، (بَلِّغُوا) هذا تكليف، و(عَنِّي) قالوا: هذا تشريف، لأنك عندما تبلغ حديثاً عن رسول الله فهذا شرفٌ لك (عَنِّي) إذا قال لك ملكٌ من ملوك الأرض: بلِّغ الناس عني، فتخرج إلى الناس وأنت ترفع رأسك عالياً وتقول: أمرني الملك فلان أن أبلغكم، فهذا تشريف، فإذا كان ملك الملوك جلَّ جلاله أمرك أن تبلِّغ عنه الناس.
الخروج من السلبية واجب
ابن قيم الجوزية له كتاب جميل في الأحكام الشرعية سماه "إعلام الموقعين عن الله رب العالمين"، عندما تعطي حكماً شرعياً كأنك توقع عن الله عزَّ وجلَّ لأنك تنقل عن الله، فأنت تبِّلغ، فقال: (بَلِّغُوا عَنِّي) بَلِّغُوا هو التكليف وعَنِّي هو التشريف، (وَلَوْ آيَةً) قالوا: هذه تخفيف، لأن الإنسان عنده أعباء وقد يستطيع وقد لا يستطيع وقد وقد، فقال: (وَلَوْ آيَةً) إذا تلوت آية واحدة فقد بلَّغت شيئاً، أوصلت شيئاً للناس، سمعت محاضرةً من أربعين دقيقة فلفت نظرك دقيقةٌ واحدةٌ فبلَّغتها لأهل بيتك لأولادك لعمالك لموظفٍ عندك، ينبغي أن نخرج من السلبية، نستطيع أن نفعل شيئاً، لا تقل: لن أفعل شيئاً، لا، افعل شيئاً، النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يقول:

{ إِنْ قَامَتْ عَلَى أَحَدِكُمُ الْقِيَامَةُ وَفِى يَدِهِ فَسِيلَةٌ فَلْيَغْرِسْهَا }

(رواه الإمام أحمد)

قَامَتِ السَّاعَة، من سيأكل من تلك الفسيلة؟ لا تكن سلبياً اغرس الفسيلة، افعل شيئاً، اعمل صالحاً، عامل الناس بمودة باحترام، افعل شيئاً لا بد أن تفعل، فنحن كلنا مأمورون بالفعل، أما السلبية بأنني لن أفعل شيئاً وسأجلس لأن المسلمين انتهوا وأنا فقط سأعكف في أحسن الأحوال على صلاتي وعبادتي، لا، لا بد أن نفعل شيئاً، (بَلِّغُوا عَنِّي وَلَوْ آيَةً)، إذاً تكليفٌ وتشريفٌ وتخفيفٌ، في كلِّ كلمةٍ معنى.

وجوب التغيير وإنكار المنكر
يَقُولُ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ:

{ مَنْ رَأَى مِنْكُمْ مُنْكَرًا فَلْيُغَيِّرْهُ بِيَدِهِ فَإِنْ لَمْ يَسْتَطِعْ فَبِلِسَانِهِ فَإِنْ لَمْ يَسْتَطِعْ فَبِقَلْبِهِ وَذَلِكَ أَضْعَفُ الإِيمَانِ }

‏‏‏(‏رواه مسلم‏)‏‏

الأمر بتغيير المنكر
أنت مأمورٌ أن تغير المنكر، (فَلْيُغَيِّرْهُ) لا تقل ليس لي علاقة بالأمر هو وشأنه، لا، قم بواجبك إن استجاب استجاب وإن لم يستجب فقد أخذت الأجر وهو أخذ الوزر، لكن أنت فعلت شيئاً، (مَنْ رَأَى مِنْكُمْ مُنْكَرًا فَلْيُغَيِّرْهُ) قال: (بِيَدِهِ) لأن الإنسان أحياناً يكون ذا سلطة في مكان فلا يُقبل منه أن يغيِّر بلسانه، الأب في بيته إذا كان هناك منكر في البيت ينبغي أن يزيله بيده، إذا كانت الشاشة مفتوحة على شيء لا يرضي الله عزَّ وجلَّ على شيء فيه مفاسد أخلاقية عظيمة والعياذ بالله ينبغي أن يغيِّر بيده فيلغي هذا الاشتراك في هذه القنوات السيئة، هذه (بِيَدِهِ)، قال: (فَإِنْ لَمْ يَسْتَطِعْ فَبِلِسَانِهِ) أحياناً تكون سلطتك هي اللسان، صاحب لك لا تملك عليه قوةً أن تمنعه لكن تملك أن تنصح له فتقول: يا فلان لا يليق بك أنت مؤمن وهذا المبلغ فيه حرمة لأنك تعتدي على أموال الناس به، هذا مبلغ لا يجوز أن تأخذه في تجارتك هذه تجارة محرمة أنت تتاجر بغش الناس، فتغير بلسانك، الآن استجاب أخذت أجرك وأجره وأخذ أجراً، لم يستجب أخذت أجرك لأنك وعظت وانتهت مهمتك، قال تعالى:

مَعْذِرَةً إِلَىٰ رَبِّكُمْ
(سورة الأعراف: الآية 164)

وبَرِئت ذمتك أمام الله، قال: (فَإِنْ لَمْ يَسْتَطِعْ فَبِقَلْبِهِ وَذَلِكَ أَضْعَفُ الإِيمَانِ)، إذاً التغيير والإنكار مطلوبٌ حتى لو كان بالقلب، فأنت تمرُّ في الشارع وسمعت شخصاً يتكلم بكلمة فيها والعياذ بالله كفرٌ أو غير ذلك فوجدت أنه ليس من المناسب ولا تملك سلطةً عليه لا باليد ولا باللسان فقلت في قلبك: اللهم إن هذا منكرٌ لا أرضى به، تبرأ إلى الله منه، أو كنت تتصفح صفحات في الفيسبوك فوجدت كلاماً من شخص ملحد أو علماني ضد الدين فأنت لا تملك ولا تصل إليه فقلت: اللهم إن هذا منكرٌ لا أرضى به، فقد يكون الإنكار باليد أو باللسان أو بالقلب لكن لا بد من التغيير والإنكار والأمر بالمعروف.

حدود مسؤولية الإنسان
تزاحم الحق والباطل
قد يقول إنسان: ماذا أصنع المجتمع فاسد؟ هذا حسب الدوائر، من منا لا يملك دائرتين أو ثلاث دوائر الدائرة الأولى هي نفسك، أنت تملك نفسك لا يستطيع أحد أن يمنعك من أن تغيِّر نفسك مهما قست الظروف هذه لك، وتملك بيتك إلى حدٍّ كبيرٍ، زوجتك وأولادك تأمرهم وتنهاهم، تحضهم على الخير وتنهاهم عن الشر، وتملك عملك، أنت في العمل لك مُلك، كل إنسان إلى حد معين؛ المدير غير العامل، لكن له أصحاب، كل إنسان له في عمله ما يملكه أن ينصح به، فضمن الدوائر ينبغي أن تتوسع دوائر الخير والمعروف حتى تتضاءل بشكل تلقائي دوائر الباطل، لأن الحق يزاحم الباطل أحبابنا الكرام، الحق يزاحم الباطل، والباطل يزاحم الحق، فمتى اتسعت دوائر الباطل ضاقت دوائر الحق، ومتى اتسعت دوائر الحق ضاقت دوائر الباطل، لا تدع الباطل ينفرد وحده بالساحة وتقول: لا شأن لي به، حاول أن تميته.
هناك عبارة مشهورة تقول: "أميتوا الباطل بالسكوت عنه" وتنسب لسيدنا عمر رضي الله عنه وإن كانت لا تصح نسبتها، فتحققت من الأمر فما وجدت لها نسبةً إلى عمر رضي الله عنه ولا إلى أحد من السلف الصالح، لكن قلت: هذه العبارة لها معنى صحيح في بعض الحالات؛ أحياناً يكون الباطل محصوراً في مكان ضيق فتخرج وتحدث به فتنشره؛ فأمته بالسكوت عنه، لكن لما يكون الباطل منتشراً والناس كلها تتعرف عليه فأمتهُ ببيان بطلانه؛ قل لأهلك لأولادك: لا يجوز هذا لا يليق هذا ليس صحيحاً هذا ليس من الإيمان بشيء، أمته ببيان بطلانه.

لكل إنسانٍ دورٌ يؤديه
يقولون: "نحن في قاربٍ واحدٍ"، يعني كلنا في سفينةٍ واحدةٍ فأي شخص يسيء فيسيء للمجموع وأي شخص يحسن يحسن للمجموع، هذه العبارة وضحها النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بمثل عظيم؛ قَالَ:

{ مَثَلُ القائِمِ علَى حُدُودِ اللَّهِ والواقِعِ فيها، كَمَثَلِ قَوْمٍ اسْتَهَمُوا علَى سَفِينَةٍ، فأصابَ بَعْضُهُمْ أعْلاها وبَعْضُهُمْ أسْفَلَها، فَكانَ الَّذِينَ في أسْفَلِها إذا اسْتَقَوْا مِنَ الماءِ مَرُّوا علَى مَن فَوْقَهُمْ، فقالوا: لو أنَّا خَرَقْنا في نَصِيبِنا خَرْقًا ولَمْ نُؤْذِ مَن فَوْقَنا، فإنْ يَتْرُكُوهُمْ وما أرادُوا هَلَكُوا جَمِيعًا، وإنْ أخَذُوا علَى أيْدِيهِمْ نَجَوْا، ونَجَوْا جَمِيعًا }

(رواهُ البخاري)

التغيير يبدأ باخّذ كل إنسان لدوره
(كَمَثَلِ قَومٍ اسْتَهَمُوا عَلَى سفينةٍ) الاستهام هو الاقتراع، اسْتَهَمُوا: ألقوا سهامهم ليعلم كلُّ واحد أين مكانه، (فأصابَ بَعْضُهُمْ أعْلاها وأصاب بَعْضُهُمْ أسْفَلَها) نتيجة القرعة أن البعض سيكون في الطابق الثاني من السفينة والبعض سيكون في الطابق السفلي، قال: (فإنْ يَتْرُكُوهُمْ وما أرادُوا هَلَكُوا جَمِيعًا) لأننا في قاربٍ واحدٍ، قال: (وإنْ أخَذُوا علَى أيْدِيهِمْ نَجَوْا جَمِيعًا) امنعه لا تقل: لا علاقة لي به، نحن في قاربٍ واحدٍ، فاليوم عندما نقول كلنا لا علاقة لنا بشيء تتوسع دوائر الباطل، لكن عندما يأخذ كل إنسان دوره في المكان الذي هو فيه تتغير الأمور نحو الأفضل.
والله أيها الأحباب؛ أنا لا أريد أن أشق عليكم ولا على نفسي، أعلم أن خياراتنا اليوم قليلة لكن هذه الخيارات القليلة على قلتها نبرأ بها أمام الله، كل إنسان بما يستطيع، وأهل الجاهلية كانوا يقولون: "انصر أخاك ظالماً أو مظلوماً"، هذا مثل جاهلي، كن مع أخيك سواءً كان ظالماً أو مظلوماً، هذه العصبيّة القبليّة، فجاء النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فقال:

{ عَنْ أَنَسٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: انْصُرْ أَخَاكَ ظَالِمًا أَوْ مَظْلُومًا، قَالُوا: يَا رَسُولَ اللَّهِ، هَذَا نَنْصُرُهُ مَظْلُومًا، فَكَيْفَ نَنْصُرُهُ ظَالِمًا؟ قَالَ: تَأْخُذُ فَوْقَ يَدَيْهِ }

(صحيح البخاري)

ترده عن ظلمه، فذاك نصرك له، أنت عندما ترده عن ظلمه فأنت تنصره الآن لأنك تمنعه من الوقوع فيما يرديه في مهاوي الشقاء في الدنيا، والنار يوم القيامة، والعياذ بالله.

3. الدفاع عن الإسلام وكأنه في قفص الاتهام
رسالة الإسلام قديمة وباقية
أيضاً من أعراض الهزيمة النفسية: الدفاع عن الإسلام وكأنه في قفص الاتهام: سأوضح هذه الحقيقة وهذه مهمة جداً، نحن أيها الأخوة أصحاب قضية، لسنا أبناء أمس ولا أول أمس ولا أبناء سنة نحن أبناء قضية عمرها ألف وأربعمئة سنة، هذه رسالة الإسلام، لكننا أبناء قضية تعود إلى آدم عليه السلام، لأن رسالة الإسلام أوسع من الشريعة، رسالة الإسلام من آدم، فنحن أصحاب قضية أصحاب حق، فأنت اليوم عندما ترضى أن تضع نفسك في موضع الاتهام فأنت مهزوم، سامحوني، إذا كان هناك تاجر له مكانة كبيرة، أربعون سنة في السوق لم يُعهد عليه أنه غش أحداً أو أنه أصدر ورقةً نقديةً فعادت لأنه لا يملك له مكانة في السوق، لا أحد يستطيع أن ينال منه، ثم جاء شخصٌ ما واتهمه بالسرقة والعياذ بالله فهل يقبل أن يضع نفسه في موضع الاتهام أم تثور ثائرته ويقول له: أنا لا أرضى أن أجلس معك أصلاً لأحاورك في قضيةٍ فيها اتهامٌ لي وأنا من أنا في السوق وأنت ابن أمس فاذهب ولن أحاورك أصلاً ولن أناقشك، هكذا يفعل التاجر ابن السوق الذي له مكانة، نحن اليوم أبناء قضية قضيتنا من مولد آدم عليه السلام إلى قيام الساعة، وشريعتنا من ألف وأربعمئة سنة ندافع عنها، فاليوم لا أقبل بحال أن أهزم من الداخل، بأن أشعر بأنني متهم دائماً وأعالج القضية بنفسية المهزوم.
الحق لا يحتاج أن تكذب له
والله أيها الكرام كل ما ترونه؛ وأنا أعني ما أقول، كل ما ترونه في وسائل التواصل الاجتماعي من بعض أعداء الإسلام أو أدعيائه، والأدعياء أخطر من الأعداء؛ من هزيمةٍ من الداخل سببها أنه ينطلق من منطلق أنه يتهم دينه ويضع دينه موضع الاتهام فيحاول أن يدافع عنه فيضطر أحياناً إلى التنازل عن بعض الثوابت في دينه ويضطر للكذب على دينه، والحق لا يحتاج أن تكذب له أبداً، فالمشكلة أيها الكرام؛ أن نضع أنفسنا في موضع الاتهام وندافع عن أنفسنا، لا يا أخي أنا لا أدافع عن ديني أنا أوضح لك الحقيقة فقط وأنا معتز بديني إلى أبعد الحدود، يوم تقول لي: لماذا تزوج النبي صلى الله عليه وسلم تسع نسوة؟ وينبغي أن أبرر لك أنا لماذا! لا مانع أن أضع لك النقاط على الحروف من أجل أن أبيِّن لك، لا من أجل أنني خجلت بهذا الأمر، أنت ينبغي أن تخجل بالإباحية التي جئت بها من الغرب ومن الإباحية التي جئت بها من المجتمعات البعيدة عن الإسلام، لا تأتِ إلي وتتهمني، لا تقل لي: الإسلام ظلم المرأة، أنتم من تظلمون المرأة، الإسلام رفع المرأة ورفع مكانتها، لا تقل لي: دينكم دين الإرهاب، أنتم أصحاب الإرهاب، ديننا دين القوة ودين العزَّة ودين الرحمة

وَمَا أَرْسَلْنَاكَ إِلَّا رَحْمَةً لِّلْعَالَمِينَ
(سورة الأنبياء: الآية 107)

لا أريد أن أقول: ينبغي ألا نناقش، لا أبداً، لكنني أقول ينبغي ألا تكون نفسيتي نفسية المنهزم، ما الذي أخاف منه في ديني؟ لا يوجد شيء نخاف منه، أنتم ما صنعته ما تسمى حضارتكم هي التي فيها ما يهين وما يذل، أنتم تستعبدون الناس، ديننا قضى على العبودية، وهكذا، أريد أن أقول: من أعراض الهزيمة النفسية أن تستحي بدينك، معاذ الله، أستحي بديني وحي السماء! أنت استحِ من مناهج الأرض التي يعبثون بأخلاق الناس كل يوم بها، أنا لا أستحي، هذه من أعراض الهزيمة النفسية وهي أن يعامل الإنسان دينه وكأنه في قفص الإتهام.

تعامل ربعي بن عامر مع قائد جيش الفرس
العزة في إجابة ربعي بن عامر
ربعي بن عامر يوم انطلق إلى رستم قائد جيش الفرس، أراد أن يدخل عليه، فقالوا له: لا تدخل على جوادك، على الفَرَس لا تدخل، هذا رستم، ادخل ماشياً، قال: لا أنزل، مع أن ربعي بن عامر قبل قليل كان يتواضع لأصغر مسلم لكنه الآن بين يدي رستم لا يتواضع هذه مذلة وليست تواضعاً، قال: لا أنزل، فدخل على جواده إلى رستم قائد الفرس، فقال له رستم: من أنتم؟ وما الذي جاء بكم؟ يعني من أين جئتم، كنا نعيش مسيطرين على العالم، ونقهر الناس ونأخذ الأتاوات، من أنتم وما الذي جاء بكم؟ فقال له ربعي بن عامر: نحن قومٌ ابتعثنا الله لنخرج الناس إن شاء الله من عبادة العباد إلى عبادة رب العباد ومن جور الأديان إلى عدل الإسلام ومن ضيق الدنيا إلى سعة الآخرة، هذا الجواب، هذا جواب العزَّة، لم يكن يشعر بالاتهام، أنا قادم إليك وعندي العزّة والكرامة، فيتابع الآن ربعي: فمن حال بيننا وبين دعوة الناس إلى الإسلام ودين الله قاتلناه حتى نُفْضِيَ إلى موعود الله، هنا ربعي يوضح مفهوم الجهاد في الإسلام، يقول له: فمن حال بيننا وبين دعوة الناس إلى دين الله قاتلناه، نحن نقاتل من يمنعنا من إيصال الحق إلى الناس، أو من يقاتلنا، أنت لا تستطيع أن تستعبد الناس وتمنعني من إيصال رسالة السماء لهم، قاتلناه حتى نُفْضِيَ إلى موعود الله، قال: وما موعود الله؟ قال: الجنة لمن مات على ذلك، أي ثابتاً، والنصر لمن بقي منا، نحن أمامنا الجنة أو الشهادة ليس عندنا خيار آخر، قال: فأمهلني، الآن رستم قائد جيش الفرس يقول: أمهلني أياماً قال: كم تريد يوماً أم يومين؟ قال: أكثر، أعطني وقتاً حتى أشاور، قال: ما علمنا رسول الله وما أَذِنَ لنا رسول الله أن نمهل الناس فوق ثلاث، فربعي بن عامر بهذه العزّة يدخل، اليوم نحن نعيش حالة من الضعف والذلة واضحة، هذا أمر سآتي عليه، هو وليد سنوات قاسية من التقاعس والبعد عن الدين والبعد عن المنهج لكن لا ينبغي أن نفقد عزّتنا بديننا، لا تستحِ بدينك، دينك أعظم من كل شيء.

أسباب الهزيمة النفسية
الآن أريد أن أخلص إلى شيء مهم جداً، من أين تأتي هذه الهزيمة؟ هذه الأعراض فما الأسباب؟

1. ضعف الإيمان
الهزيمة النفسية أولاً تأتي من ضعف الإيمان، عندما أكون مؤمناً إيماناً قوياً بالله عزَّ وجلَّ فأعتز لا أنهزم نفسياً أبداً، فضعف الإيمان سببٌ من أسباب الهزيمة النفسية.

2. انتشار المعاصي
أيضاً من أسباب الهزيمة النفسية انتشار المعاصي، فالإنسان عندما يعصي الله عزَّ وجلَّ أول ما يهزم يهزم من الداخل لأنه لم يستطع أن يقاوم نفسه فيقول لك: لا أستطيع أن أقوى على نفسي لأصلي الفجر، ولا أستطيع أن أقوى على نفسي لأمنعها من النظر المحرَّم فكيف أقوى على عدوِّي؟ فالمعاصي عندما تنتشر تزيل النِعَم وتهزم النفس من الداخل.

3. عدم المعرفة بطبيعة الطريق
صعوبة الطريق إلى الله
من أسباب الهزيمة النفسية عدم المعرفة بطبيعة الطريق، ما معنى عدم المعرفة بطبيعة الطريق؟ الطريق إلى الله والطريق إلى الجنة ليست مرسومةً في القرآن على أنها طريق محفوفة بالورود والرياحين، أبداً، هل قرأتم في كتاب الله أو في سنَّة رسول الله صلى الله عليه وسلم أن الطريق سهلة جداً وورود ورياحين وتصل إلى مبتغاك، هذه ليست من سنَّة الحياة، هي محفوفة بالشهوات، محفوفة بالمكاره، محفوفة بالأشواك، الطريق صعبة ليست سهلة، لم يقل أحد: إنها سهلة، وكل الحياة هكذا، طريق الوصول إلى تجارة أليس محفوفاً بالمكاره؟! أما إذا استلقى إنسان في بيته ونام واستحم وكذا هل يصبح طبيباً؟ مستحيل، ينبغي أن يذهب إلى الجامعة وأن يدرس وأن يقدم امتحاناً هذه طبيعة الطريق فنحن عندما نعلم أولادنا ونعلم الجيل أن طبيعة الطريق طبيعة قاسية فلا تُهزم من الداخل، النبي صلى الله عليه وسلم يوم بدأ الدعوة في مكة وانطلق وكان يمر على بلال يقول: أحدٌ أحد، لا يملك له شيئاً، ويمر على عمار بن ياسر ويعذب فلا يمل إلا أن يقول له: صبراً آل ياسر فإن موعدكم الجنة، لا يستطيع أن يدفع عنهم الأذى، هل قال النبي صلى الله عليه وسلم يوماً سأقف لأن الطريق صعبة؟ أبداً، بقي مثابراً على طريقه حتى وصل إلى فتح مكة فنحن اليوم عندما نعي أن الطريق صعبة فهذا ينبغي أن يدفعنا إلى مزيدٍ من العمل والجهاد في سبيل الوصول إلى مبتغانا، قال تعالى:

وَمِنَ النَّاسِ مَن يَعْبُدُ اللَّهَ عَلَىٰ حَرْفٍ ۖ فَإِنْ أَصَابَهُ خَيْرٌ اطْمَأَنَّ بِهِ ۖ وَإِنْ أَصَابَتْهُ فِتْنَةٌ انقَلَبَ عَلَىٰ وَجْهِهِ خَسِرَ الدُّنْيَا وَالْآخِرَةَ
(سورة الحج: الآية 11)

نحن لا نعبد الله على حرف، نعبد الله على يقين، على ثبات.

4. النظرة الضيقة للزمان والمكان
آخر شيء من أسباب الهزيمة النفسية وهو مهم جداً جداً، وأظن في نهاية اللقاء الماضي وقفت مع بعض الإخوة وتحدثنا عن هذا الموضوع وهو: النظرة الضيقة للزمان والمكان، ما معنى ذلك؟
نظرةٌ إلى التاريخ الإسلامي تقوي العزيمة
إخواننا الكرام: هذه الدعوة لها عمر طويل، الإسلام له عمر طويل وعمره فيه أجيال، من دعوة النبي صلى الله عليه وسلم من واحد هجري إلى اليوم هناك أربعة عشر جيلاً تقريباً إذا كل مئة سنة جيل فأنت الآن عندما تنظر النظرة الضيقة للزمان والمكان، للزمان: بمعنى أنك تنظر إلى السنوات التي تعيشها أنت إلى واقع المسلمين اليوم، والمكان: عندما تنظر إلى واقعهم في دول محددة قد أصابتها النكبات، فأنت الآن بنظرتك الضيقة أو أنا بنظرتي الضيقة للزمان وللمكان سأصاب بالهزيمة حتماً لأن الواقع سيء جداً زمانياً ومكانياً، لكن عندما أقرأ التاريخ وأرجع إلى الوراء وأنظر نظرة شاملة واسعة للزمان والمكان ستقوى عزيمتي.
التتار يوم هاجموا المسلمين مُلِئَت شوارع بغداد بالأشلاء ولم تُقم صلاةٌ واحدةٌ في مساجد بغداد لأربعين يوماً، وكان التتري يقول للمسلم: ابقَ في مكانك حتى أرجع إليك وأقتلك، فمن شدة الهزيمة النفسية يبقى في مكانه ويعود إليه ويقتله ولا يحاول أن يتغير أو يحرك شيئاً، ثم انتهى التتار إلى غير رجعة وعاد المسلمون إلى عزتهم وقوتهم.
الصليبيون احتلوا المسجد الأقصى واحداً وتسعين عاماً وحوَّلوا أجزاء منه إلى اسطبلات خيول ثم جاء صلاح الدين الأيوبي وقضى عليهم وهزمهم شر هزيمة وغيَّر الله الواقع وبدَّل الحال.
الزمان والمكان أوسع من أعمارنا
القرامطة هاجموا المسلمين وهم في بيت الله الحرام يطوفون حول الكعبة بملابس الإحرام، فقتلوا منهم من قتلوا وهم بملابس الإحرام، وانطلق المجرم أبو طاهر القرمطي إلى الحجر الأسود وانتزعه من مكانه ورفع رأسه إلى السماء متحدياً والعياذ بالله يقول: أين الطير الأبابيل؟ أين الحجارة من سجيل؟ وظل الحجر الأسود بعيداً عن الكعبة عشرين عاماً، ثم هزم الله القرامطة وقيَّض الله للإسلام من انتصر له وأعاد الأمور إلى ما كانت وأفضل، ونحن حتى اليوم على شدة ما بنا ما زال بيننا موحدون وما زالت مساجدنا تفتح وتستقبل المصلين، وما زال الخير في أمة محمدٍ صلى الله عليه وسلم إلى يوم القيامة، فنحن لا ينبغي أن نُهزَم من نظرةٍ ضيقةٍ للزمان والمكان، الزمان والمكان أوسع من أعمارنا، أنت وأنا سنعيش سبعين أو ثمانين أو تسعين أو مئة عام لكن الزمان أطول من ذلك وقد تنقضي حياتك ولا ترى عزَّة الإسلام بعينيك ولكنك تراها بقلبك، لأن النبي صلى الله عليه وسلم وهو أحب الخلق إلى الخالق لما خاطبه ربه قال له:

وَإِمَّا نُرِيَنَّكَ بَعْضَ الَّذِي نَعِدُهُمْ أَوْ نَتَوَفَّيَنَّكَ فَإِلَيْنَا مَرْجِعُهُمْ
(سورة يونس: الآية 46)

أنت لا تعمل لترى النتائج أنت تعمل من أجل أن تلقى الله عزَّ وجلَّ ثابتاً على الحق وفقط، أما النتائج فبيد الله تعالى وحده.

الله ناصر دينه
ختاماً لا ينبغي أن نقلق على هذا الدين لأنه دين الله والله تعالى سينصره عاجلاً أو آجلاً، ولا تقلقوا على المسجد الأقصى ولا فلسطين لأن الله عزَّ وجلَّ سينصرها عاجلاً أو آجلاً، ولكن ينبغي أن نقلق القلق المقدس على أنفسنا نحن، هل نحن ثابتون على الحق؟ هل نحن جنودٌ لخدمة الحق؟ هل نحن جنودٌ لإعلاء كلمة الله؟ أم والعياذ بالله نسأل الله السلامة ممن استبدلهم الله وتخلى عنهم فأصبحوا في الخندق المعادي نسأل الله السلامة، فالقلق على أنفسنا لا على دين الله، اقلق على نفسك؛ هل سخَّرك الله لنصرة الحق أم لا؟ أما الحق فسينصره الله سواءً كان بك أو بغيرك

وَإِن تَتَوَلَّوْا يَسْتَبْدِلْ قَوْمًا غَيْرَكُمْ ثُمَّ لَا يَكُونُوا أَمْثَالَكُم
(سورة محمد: الآية 38)

اللهم استعملنا ولا تستبدلنا، والحمد لله رب العالمين.