أخطرُ هزيمة !
أخطرُ هزيمة !
السَّلامُ عَلَيْكُمْ وَرَحْمَةُ اللهِ وَبَرَكَاتُهُ: بِسْمِ اللَّـهِ الرَّحْمَـٰنِ الرَّحِيمِ، الْحَمْدُ لِلَّهِ رَبِّ الْعَالَمِينَ، وَالصَّلاَةُ وَالسَّلاَمُ عَلَى سَيِّدِنَا مُحَمَّدٍ وَعَلَى آلِه وأصحابه أجمعين. |
موضوعنا اليوم موضوعٌ ساخنٌ كما يقال، يتعلق بحال المسلمين العام، ومن الحكمة أن ننوع بين الموضوعات الخاصة والموضوعات العامة حتى نكون على توازنٍ من أمرنا. |
النصر؛ من منا لا يحب أن يرى النصر؟ وقد أثبت الله في قرآنه الكريم فرحة المؤمنين بالنصر فقال: |
وَيَوْمَئِذٍ يَفْرَحُ الْمُؤْمِنُونَ * بِنَصْرِ اللَّهِ ۚ يَنصُرُ مَن يَشَاءُ(سورة الروم: الآية 4-5)
النصر محببٌ إلى النفوس
|
أشدُّ أنواع الهزائم
أما الهزيمة فهي من أقسى ما يكون على الإنسان أن يُهزَم سواءً هُزِم من الداخل أو هُزِم من الأعداء، الهزائم متنوعة؛ فهناك هزيمةٌ في أرض المعركة؛ وهناك هزيمةٌ اقتصاديةٌ، عندما يصبح هناك تضخم كبير يهزم البلد اقتصادياً، وهناك هزيمة عسكرية، هناك هزيمة سياسية، في ميادين السياسة يهزم الإنسان في جولةٍ أو تهزم دولةٌ في جولة، لكن أعظم هزيمة يُمنى بها المرء أن يُهزم من الداخل، كل الهزائم أمام هزيمة الذات تهون، أقسى الهزائم أن تهزم الذات، أن يهزم الإنسان من داخله فعندها لا يستطيع أن ينتصر على نملةٍ لا على جيش! هذه الهزيمة يسميها أهل العلم الهزيمة النفسية وأريد أن أتحدث عنها في هذا اللقاء بشيءٍ من التفصيل وسأبدأ بقوله تعالى: |
سنَّة التداول
وَتِلْكَ الْأَيَّامُ نُدَاوِلُهَا بَيْنَ النَّاسِ(سورة آل عمران: الآية 140)
سنَّة التداول من السنن الكونية
|
كما قَالَ الشَّاعِر: |
فَيَوْمٌ لَنَا وَيَوْمٌ عَلَيْنَا وَيَوْمٌ نُسَاءُ وَيَوْمٌ نُسَرُّ{ النمر بن تولب }
لماذا هذه السنَّة؟ لأن الحق لا يقوى إلا بالتحدي، وأهل الحق لا يستحقون الجنة إلا بالبذل والتضحية، فلو كانت الأمور مستقرةً إلى أمدٍ طويلٍ لكثر النفاق والمنافقون ولاستكان الناس ولخضعوا ولتركوا ما أمروا به، ولا أدلَّ على ذلك من حال المسلمين يوم استقرَّ بهم النصر مدةً طويلةً في الأندلس، فانتهت حال الأندلس إلى غناءٍ وترف وبذخ، هذا المعتمد بن عباد آخر ملوك بني عباد في الأندلس يقول: |
قالَت لَـقَـد هُـنّا هُـنــــــــا مَولايَ أَيـنَ جـاهُنــــــــــــــــا قُـلـتُ لَـها إِلَى هُنـــــــــــا صــــــَيَّرَنـــــــا إِلهُـنــــــــــــــــــــا{ المعتمد بن عباد }
إلى هذه الحال، هم صيَّروا أنفسهم فصيَّرهم الله إلى هذه الحال يوم تركوا ما يقتضيه التمكين في الأرض من إقامة الصلاة وإيتاء الزكاة قال تعالى: |
الَّذِينَ إِن مَّكَّنَّاهُمْ فِي الْأَرْضِ أَقَامُوا الصَّلَاةَ وَآتَوُا الزَّكَاةَ وَأَمَرُوا بِالْمَعْرُوفِ وَنَهَوْا عَنِ الْمُنكَرِ ۗ وَلِلَّهِ عَاقِبَةُ الْأُمُورِ(سورة الحج: الآية 41)
فلما تركوا ذلك وصل الأمر إلى خروج آخر ملوكهم أبو عبد الله الصغير، تقول له أمّه وهو يبكي مودعاً غرناطة: |
ابكِ مثل النساء ملكاً مضاعاً لم تحافظ عليه مثل الرجال{ عائشة الحرَّة والدة أبو عبد الله الصغير }
فعندما يستقر الحال إلى زمنٍ طويلٍ لا بد من تداول، هذه سنَّة التداول (وَتِلْكَ الْأَيَّامُ نُدَاوِلُهَا بَيْنَ النَّاسِ). |
أعراض الهزيمة النفسية
ما أعراض الهزيمة النفسية التي إن وجدت فهذه دِلالةٌ على وجود هزيمةٍ من الداخل نسأل الله السلامة؟ |
1. اليأس من إمكانية التغيير
اليأس من أعراض الهزيمة النفسية
|
{ إِذَا قَالَ الرَّجُلُ: هَلَكَ النَّاسُ فَهُوَ أَهْلَكُهُمْ }
(رواه مسلم)
وفي رواية : فَهُوَ أَهْلَكَهُمْ . |
قال الإمام النووي رحمه الله: روايتان أشهرهما الرفع، فإذا قلنا: (فَهُوَ أَهْلَكُهُمْ) أي هو أَهْلَكُ واحدٍ فيهم لأنه يصفهم بالهلاك، فهو أهلك الهالكين، لأنه لو لم يهلك ويهزم لما قال لك: هلك الناس، ورواية النَّصب: (فَهُوَ أَهْلَكَهُمْ) أي هو جعلهم هالكين وهم ليسوا كذلك، أنت تظن أن الناس قد هلكت، القصد أن الناس عموماً قد هلكت، لكن الواقع غير ذلك، فما زال هناك أناسٌ يدافعون عن الحق، ومازال هناك أناس يقومون بأمر الله، ومازال هناك أناسٌ يربون أولادهم، ومازال هناك أناسٌ يعتنون بمجتمعاتهم ويأمرون بالمعروف وينهون عن المنكر فأنت أهلكتهم أيها القائل: هَلَكَ الناس وهم ليسوا بهلكى، من قال: هَلَكَ الناس (فَهُوَ أَهْلَكَهُمْ)، (فَهُوَ أَهْلَكُهُمْ). |
أول أعراض الهزيمة النفسية اليأس من إمكانية التغيير، أن ييأس الإنسان، واليأس والقنوط عند الله تعالى من سمات القوم الكافرين قال تعالى: |
إِنَّهُ لَا يَيْأَسُ مِن رَّوْحِ اللَّهِ إِلَّا الْقَوْمُ الْكَافِرُونَ(سورة يوسف: الآية 87)
نحن لا نيأس، نأسى لما أصابنا ونحزن لحال أمتنا، لكننا لا نقنط للحظةٍ واحدةٍ، هذه عقيدة، عقيدتنا أن المجد للإسلام وأن العزَّة للإسلام وأن الله عزَّ وجلَّ ناصر دينه ومظهر الحق وَلَوْ كَرِهَ الْكَافِرُونَ، فاليأس ليس من قاموسنا. |
2. السلبية القاتلة
السلبية نتيجةٌ لليأس
|
{ بَلِّغُوا عَنِّي وَلَوْ آيَةً }
(صحيح البخاري)
أنت مأمورٌ بالتبليغ عن رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، أنت مُبَلَّغٌ ومأمورٌ بالتبليغ ولو آية، قالوا: (بَلِّغُوا) هذا تكليف، يكلفنا الله تعالى بأن نُبَلِّغ (بَلِّغُوا) أي أن تنقل المعلومة من رجلٍ سمعت منه إلى رجلٍ لم يسمع فتبلِّغه بما بُلِّغت، (بَلِّغُوا) هذا تكليف، و(عَنِّي) قالوا: هذا تشريف، لأنك عندما تبلغ حديثاً عن رسول الله فهذا شرفٌ لك (عَنِّي) إذا قال لك ملكٌ من ملوك الأرض: بلِّغ الناس عني، فتخرج إلى الناس وأنت ترفع رأسك عالياً وتقول: أمرني الملك فلان أن أبلغكم، فهذا تشريف، فإذا كان ملك الملوك جلَّ جلاله أمرك أن تبلِّغ عنه الناس. |
الخروج من السلبية واجب
|
{ إِنْ قَامَتْ عَلَى أَحَدِكُمُ الْقِيَامَةُ وَفِى يَدِهِ فَسِيلَةٌ فَلْيَغْرِسْهَا }
(رواه الإمام أحمد)
قَامَتِ السَّاعَة، من سيأكل من تلك الفسيلة؟ لا تكن سلبياً اغرس الفسيلة، افعل شيئاً، اعمل صالحاً، عامل الناس بمودة باحترام، افعل شيئاً لا بد أن تفعل، فنحن كلنا مأمورون بالفعل، أما السلبية بأنني لن أفعل شيئاً وسأجلس لأن المسلمين انتهوا وأنا فقط سأعكف في أحسن الأحوال على صلاتي وعبادتي، لا، لا بد أن نفعل شيئاً، (بَلِّغُوا عَنِّي وَلَوْ آيَةً)، إذاً تكليفٌ وتشريفٌ وتخفيفٌ، في كلِّ كلمةٍ معنى. |
وجوب التغيير وإنكار المنكر
يَقُولُ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: |
{ مَنْ رَأَى مِنْكُمْ مُنْكَرًا فَلْيُغَيِّرْهُ بِيَدِهِ فَإِنْ لَمْ يَسْتَطِعْ فَبِلِسَانِهِ فَإِنْ لَمْ يَسْتَطِعْ فَبِقَلْبِهِ وَذَلِكَ أَضْعَفُ الإِيمَانِ }
(رواه مسلم)
الأمر بتغيير المنكر
|
مَعْذِرَةً إِلَىٰ رَبِّكُمْ(سورة الأعراف: الآية 164)
وبَرِئت ذمتك أمام الله، قال: (فَإِنْ لَمْ يَسْتَطِعْ فَبِقَلْبِهِ وَذَلِكَ أَضْعَفُ الإِيمَانِ)، إذاً التغيير والإنكار مطلوبٌ حتى لو كان بالقلب، فأنت تمرُّ في الشارع وسمعت شخصاً يتكلم بكلمة فيها والعياذ بالله كفرٌ أو غير ذلك فوجدت أنه ليس من المناسب ولا تملك سلطةً عليه لا باليد ولا باللسان فقلت في قلبك: اللهم إن هذا منكرٌ لا أرضى به، تبرأ إلى الله منه، أو كنت تتصفح صفحات في الفيسبوك فوجدت كلاماً من شخص ملحد أو علماني ضد الدين فأنت لا تملك ولا تصل إليه فقلت: اللهم إن هذا منكرٌ لا أرضى به، فقد يكون الإنكار باليد أو باللسان أو بالقلب لكن لا بد من التغيير والإنكار والأمر بالمعروف. |
حدود مسؤولية الإنسان
تزاحم الحق والباطل
|
هناك عبارة مشهورة تقول: "أميتوا الباطل بالسكوت عنه" وتنسب لسيدنا عمر رضي الله عنه وإن كانت لا تصح نسبتها، فتحققت من الأمر فما وجدت لها نسبةً إلى عمر رضي الله عنه ولا إلى أحد من السلف الصالح، لكن قلت: هذه العبارة لها معنى صحيح في بعض الحالات؛ أحياناً يكون الباطل محصوراً في مكان ضيق فتخرج وتحدث به فتنشره؛ فأمته بالسكوت عنه، لكن لما يكون الباطل منتشراً والناس كلها تتعرف عليه فأمتهُ ببيان بطلانه؛ قل لأهلك لأولادك: لا يجوز هذا لا يليق هذا ليس صحيحاً هذا ليس من الإيمان بشيء، أمته ببيان بطلانه. |
لكل إنسانٍ دورٌ يؤديه
يقولون: "نحن في قاربٍ واحدٍ"، يعني كلنا في سفينةٍ واحدةٍ فأي شخص يسيء فيسيء للمجموع وأي شخص يحسن يحسن للمجموع، هذه العبارة وضحها النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بمثل عظيم؛ قَالَ: |
{ مَثَلُ القائِمِ علَى حُدُودِ اللَّهِ والواقِعِ فيها، كَمَثَلِ قَوْمٍ اسْتَهَمُوا علَى سَفِينَةٍ، فأصابَ بَعْضُهُمْ أعْلاها وبَعْضُهُمْ أسْفَلَها، فَكانَ الَّذِينَ في أسْفَلِها إذا اسْتَقَوْا مِنَ الماءِ مَرُّوا علَى مَن فَوْقَهُمْ، فقالوا: لو أنَّا خَرَقْنا في نَصِيبِنا خَرْقًا ولَمْ نُؤْذِ مَن فَوْقَنا، فإنْ يَتْرُكُوهُمْ وما أرادُوا هَلَكُوا جَمِيعًا، وإنْ أخَذُوا علَى أيْدِيهِمْ نَجَوْا، ونَجَوْا جَمِيعًا }
(رواهُ البخاري)
التغيير يبدأ باخّذ كل إنسان لدوره
|
والله أيها الأحباب؛ أنا لا أريد أن أشق عليكم ولا على نفسي، أعلم أن خياراتنا اليوم قليلة لكن هذه الخيارات القليلة على قلتها نبرأ بها أمام الله، كل إنسان بما يستطيع، وأهل الجاهلية كانوا يقولون: "انصر أخاك ظالماً أو مظلوماً"، هذا مثل جاهلي، كن مع أخيك سواءً كان ظالماً أو مظلوماً، هذه العصبيّة القبليّة، فجاء النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فقال: |
{ عَنْ أَنَسٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: انْصُرْ أَخَاكَ ظَالِمًا أَوْ مَظْلُومًا، قَالُوا: يَا رَسُولَ اللَّهِ، هَذَا نَنْصُرُهُ مَظْلُومًا، فَكَيْفَ نَنْصُرُهُ ظَالِمًا؟ قَالَ: تَأْخُذُ فَوْقَ يَدَيْهِ }
(صحيح البخاري)
ترده عن ظلمه، فذاك نصرك له، أنت عندما ترده عن ظلمه فأنت تنصره الآن لأنك تمنعه من الوقوع فيما يرديه في مهاوي الشقاء في الدنيا، والنار يوم القيامة، والعياذ بالله. |
3. الدفاع عن الإسلام وكأنه في قفص الاتهام
رسالة الإسلام قديمة وباقية
|
الحق لا يحتاج أن تكذب له
|
وَمَا أَرْسَلْنَاكَ إِلَّا رَحْمَةً لِّلْعَالَمِينَ(سورة الأنبياء: الآية 107)
لا أريد أن أقول: ينبغي ألا نناقش، لا أبداً، لكنني أقول ينبغي ألا تكون نفسيتي نفسية المنهزم، ما الذي أخاف منه في ديني؟ لا يوجد شيء نخاف منه، أنتم ما صنعته ما تسمى حضارتكم هي التي فيها ما يهين وما يذل، أنتم تستعبدون الناس، ديننا قضى على العبودية، وهكذا، أريد أن أقول: من أعراض الهزيمة النفسية أن تستحي بدينك، معاذ الله، أستحي بديني وحي السماء! أنت استحِ من مناهج الأرض التي يعبثون بأخلاق الناس كل يوم بها، أنا لا أستحي، هذه من أعراض الهزيمة النفسية وهي أن يعامل الإنسان دينه وكأنه في قفص الإتهام. |
تعامل ربعي بن عامر مع قائد جيش الفرس
العزة في إجابة ربعي بن عامر
|
أسباب الهزيمة النفسية
الآن أريد أن أخلص إلى شيء مهم جداً، من أين تأتي هذه الهزيمة؟ هذه الأعراض فما الأسباب؟ |
1. ضعف الإيمان
الهزيمة النفسية أولاً تأتي من ضعف الإيمان، عندما أكون مؤمناً إيماناً قوياً بالله عزَّ وجلَّ فأعتز لا أنهزم نفسياً أبداً، فضعف الإيمان سببٌ من أسباب الهزيمة النفسية. |
2. انتشار المعاصي
أيضاً من أسباب الهزيمة النفسية انتشار المعاصي، فالإنسان عندما يعصي الله عزَّ وجلَّ أول ما يهزم يهزم من الداخل لأنه لم يستطع أن يقاوم نفسه فيقول لك: لا أستطيع أن أقوى على نفسي لأصلي الفجر، ولا أستطيع أن أقوى على نفسي لأمنعها من النظر المحرَّم فكيف أقوى على عدوِّي؟ فالمعاصي عندما تنتشر تزيل النِعَم وتهزم النفس من الداخل. |
3. عدم المعرفة بطبيعة الطريق
صعوبة الطريق إلى الله
|
وَمِنَ النَّاسِ مَن يَعْبُدُ اللَّهَ عَلَىٰ حَرْفٍ ۖ فَإِنْ أَصَابَهُ خَيْرٌ اطْمَأَنَّ بِهِ ۖ وَإِنْ أَصَابَتْهُ فِتْنَةٌ انقَلَبَ عَلَىٰ وَجْهِهِ خَسِرَ الدُّنْيَا وَالْآخِرَةَ(سورة الحج: الآية 11)
نحن لا نعبد الله على حرف، نعبد الله على يقين، على ثبات. |
4. النظرة الضيقة للزمان والمكان
آخر شيء من أسباب الهزيمة النفسية وهو مهم جداً جداً، وأظن في نهاية اللقاء الماضي وقفت مع بعض الإخوة وتحدثنا عن هذا الموضوع وهو: النظرة الضيقة للزمان والمكان، ما معنى ذلك؟ |
نظرةٌ إلى التاريخ الإسلامي تقوي العزيمة
|
التتار يوم هاجموا المسلمين مُلِئَت شوارع بغداد بالأشلاء ولم تُقم صلاةٌ واحدةٌ في مساجد بغداد لأربعين يوماً، وكان التتري يقول للمسلم: ابقَ في مكانك حتى أرجع إليك وأقتلك، فمن شدة الهزيمة النفسية يبقى في مكانه ويعود إليه ويقتله ولا يحاول أن يتغير أو يحرك شيئاً، ثم انتهى التتار إلى غير رجعة وعاد المسلمون إلى عزتهم وقوتهم. |
الصليبيون احتلوا المسجد الأقصى واحداً وتسعين عاماً وحوَّلوا أجزاء منه إلى اسطبلات خيول ثم جاء صلاح الدين الأيوبي وقضى عليهم وهزمهم شر هزيمة وغيَّر الله الواقع وبدَّل الحال. |
الزمان والمكان أوسع من أعمارنا
|
وَإِمَّا نُرِيَنَّكَ بَعْضَ الَّذِي نَعِدُهُمْ أَوْ نَتَوَفَّيَنَّكَ فَإِلَيْنَا مَرْجِعُهُمْ(سورة يونس: الآية 46)
أنت لا تعمل لترى النتائج أنت تعمل من أجل أن تلقى الله عزَّ وجلَّ ثابتاً على الحق وفقط، أما النتائج فبيد الله تعالى وحده. |
الله ناصر دينه
ختاماً لا ينبغي أن نقلق على هذا الدين لأنه دين الله والله تعالى سينصره عاجلاً أو آجلاً، ولا تقلقوا على المسجد الأقصى ولا فلسطين لأن الله عزَّ وجلَّ سينصرها عاجلاً أو آجلاً، ولكن ينبغي أن نقلق القلق المقدس على أنفسنا نحن، هل نحن ثابتون على الحق؟ هل نحن جنودٌ لخدمة الحق؟ هل نحن جنودٌ لإعلاء كلمة الله؟ أم والعياذ بالله نسأل الله السلامة ممن استبدلهم الله وتخلى عنهم فأصبحوا في الخندق المعادي نسأل الله السلامة، فالقلق على أنفسنا لا على دين الله، اقلق على نفسك؛ هل سخَّرك الله لنصرة الحق أم لا؟ أما الحق فسينصره الله سواءً كان بك أو بغيرك |
وَإِن تَتَوَلَّوْا يَسْتَبْدِلْ قَوْمًا غَيْرَكُمْ ثُمَّ لَا يَكُونُوا أَمْثَالَكُم(سورة محمد: الآية 38)
اللهم استعملنا ولا تستبدلنا، والحمد لله رب العالمين. |