الحمد لله
الحمد لله
بِسْمِ اللهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيِمِ الحَمْدُ لله رَبِّ العَالَمِينَ وَالصَّلاَةُ وَالسَّلاَمُ عَلَى سَيِّدِنا مُحَمَّدٍ وَعَلَى آلِهِ وَأَصْحَابِهِ أَجْمَعِينَ. أيها الإخوة الكرام: بعد غياب نسأل الله تعالى أن نكون على خيرٍ دائماً، وأن يشفي ربنا جلَّ جلاله كل مريض وأن يعافي كل مبتلى وأن يرفع هذا الوباء عن جميع المسلمين وعن جميع أهل الأرض إن شاء الله بفضلٍ منه ورحمةٍ وخير. |
خمسُ سورٍ في كتاب الله تبدأ (الحمد لله)
أحببت أن يكون عنوان لقائنا لهذا اليوم: الْحَمْدُ لِلَّهِ، هناك في كتاب الله تعالى خمس سورٍ بدأت بقوله تعالى: (الْحَمْدُ لِلَّهِ) كلمة (الْحَمْدُ لِلَّهِ) وردت في كتاب الله تعالى في أكثر من عشرين موضعاً على ما أذكر، لكن سورٌ خمسةٌ بدأت بقوله تعالى: (الْحَمْدُ لِلَّهِ) هذه السور على الترتيب: |
السورة الأولى هي الفاتحة قال تعالى: |
الْحَمْدُ لِلَّهِ رَبِّ الْعَالَمِينَ (2)(سورة الفاتحة)
والثانية هي الأنعام، قال تعالى: |
الْحَمْدُ لِلَّهِ الَّذِي خَلَقَ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضَ وَجَعَلَ الظُّلُمَاتِ وَالنُّورَ ۖ ثُمَّ الَّذِينَ كَفَرُوا بِرَبِّهِمْ يَعْدِلُونَ (1)(سورة الأنعام)
والآية الثالثة مُفتتح سورة الكهف، قال تعالى: |
الْحَمْدُ لِلَّهِ الَّذِي أَنزَلَ عَلَىٰ عَبْدِهِ الْكِتَابَ وَلَمْ يَجْعَل لَّهُ عِوَجًا ۜ (1)(سورة الكهف)
والآية الرابعة هي مفتتح سورة سبأ قال تعالى: |
الْحَمْدُ لِلَّهِ الَّذِي لَهُ مَا فِي السَّمَاوَاتِ وَمَا فِي الْأَرْضِ وَلَهُ الْحَمْدُ فِي الْآخِرَةِ ۚ وَهُوَ الْحَكِيمُ الْخَبِيرُ (1)(سورة سبأ)
والآية الخامسة والأخيرة هي قوله تعالى في سورة فاطر: |
الْحَمْدُ لِلَّهِ فَاطِرِ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ جَاعِلِ الْمَلَائِكَةِ رُسُلًا أُولِي أَجْنِحَةٍ مَّثْنَىٰ وَثُلَاثَ وَرُبَاعَ (1)(سورة فاطر)
هذه الآيات الخمسة وردت في مفتتح خمس سور في كتاب الله تعالى. |
1- نعمة الإمداد
الخيرات والرزق من الربوبية
|
لكن الربوبية لا تقتصر على الأمور المادية، ولله المثل الأعلى، لو أن أباً في البيت كان رباً لأسرته فأمدها بالطعام وبالشراب وبالدواء وبالكساء لكن لم يُربِّ أولاده نفسياً فترك المسيء يتمادى في إساءته، وأهمل المحسن ولم يعطهِ مكافأةً على إحسانه فهذا ليس ربَّ أُسرة، هو يُطعمهم فقط، لكنه لا يُربيهم تربيةً حقيقية، فالتربية ليست فقط في أن تُمدَّ المُربَّى بالطعام والشراب والغذاء والدواء والكساء، التربية أعمق، ربنا جلَّ جلاله لا يُربي أجسادنا فقط بل يُربي نفوسنا أيضاً، وعندما نحمده على نعمة التربية فمن ضمن هذا الحمد أننا نحمده على ما يُربي به نفوسنا، كم مرَّةً أحسنت فكافأك الله بسكينةٍ ملأت قلبك؟ كم مرَّةً أحسنت بقرشٍ فجاءك رزقٌ بعشرة؟ كم مرَّة عالجت مريضاً فشفاك الله؟ هذا هو مفهوم الربوبية. |
{ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: مَنْ يَسَّرَ عَلَى مُعْسِرٍ يَسَّرَ اللَّهُ عَلَيْهِ فِى الدُّنْيَا وَالآخِرَةِ }
(رَوَاهُ ابْنُ مَاجَهْ)
{ عَنِ عَبْدَ اللَّهِ بْنَ عُمَرَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا، أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ: المُسْلِمُ أَخُو المُسْلِمِ لاَ يَظْلِمُهُ وَلاَ يُسْلِمُهُ، وَمَنْ كَانَ فِي حَاجَةِ أَخِيهِ كَانَ اللَّهُ فِي حَاجَتِهِ، وَمَنْ فَرَّجَ عَنْ مُسْلِمٍ كُرْبَةً فَرَّجَ اللَّهُ عَنْهُ كُرْبَةً مِنْ كُرُبَاتِ يَوْمِ القِيَامَةِ، وَمَنْ سَتَرَ مُسْلِمًا سَتَرَهُ اللَّهُ يَوْمَ القِيَامَةِ }
(صحيح البخاري)
أعظم العقوبات التي يستشعرها المؤمن
|
2- نعمة الإيجاد
الآية الثانية: (الْحَمْدُ لِلَّهِ الَّذِي خَلَقَ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضَ وَجَعَلَ الظُّلُمَاتِ وَالنُّورَ ۖ ثُمَّ الَّذِينَ كَفَرُوا بِرَبِّهِمْ يَعْدِلُونَ) ، هذه الآية أيها الأحباب تحمد الله على أنه (خَلَقَ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضَ) تحمده على نعمةٍ عظيمةٍ من نعمه، لكنها نعمةٌ شاملة وهي نعمة الخلق، السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضَ مصطلحٌ قرآني يعني ما سوى الله، فكل ما سوى الله يلخصه القرآن بقوله: السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضَ بالمصطلح العلمي الحديث يقولون: الكون، أي الذي كان، الذي أوجده جلَّ جلاله، فكلُ شيءٍ أوجده الله تعالى يُلخصه في القرآن بقوله: السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضَ، (الْحَمْدُ لِلَّهِ الَّذِي خَلَقَ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضَ) إذا قرأت هذه الآية في مستهل سورة الأنعام (الْحَمْدُ لِلَّهِ الَّذِي خَلَقَ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضَ) ماذا في السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضَ؟ |
نعمتان في خلق السماوات والأرض
|
أم من جعل الْأَرْضَ قَرَارًا (64)(سورة غافر)
والأطيار تسبح بحمد الله وتسرُّ ناظرينا وتسرُّ آذاننا إن سمعنا صوتها، والمواشي نأكل لحومها، لو بقيت إلى الصباح وأنت تَعدُّ نِعَم الله عليك في خلق السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضَ لما انتهيت، لكن كل هذا مهمةٌ ضيقةٌ لخلق السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضَ، مهمةٌ لكنها أقل أهمية، ما الأكثر أهميةً؟ أن خلق السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْض يدلك على الله، كيف نستدل على وجود الله لو لم نرَ خلقه؟ فالله تعالى جلَّ جلاله كما جاء في القرآن الكريم: |
لَّا تُدْرِكُهُ الْأَبْصَارُ (103)(سورة الأنعام)
وهذا في الدنيا، في الآخرة إن شاء الله بقوانين الآخرة نسأل الله تعالى أن يجمعنا جميعاً في مستقر رحمته وتحت ظل عرشه ننظر إليه جلَّ جلاله لا نُضام في رؤيته، كما ثبت في الصحيح. |
وُجُوهٌ يَوْمَئِذٍ نَّاضِرَةٌ (22) إِلَىٰ رَبِّهَا نَاظِرَةٌ (23)(سورة القيامة)
سنرى ربنا إن شاء الله وهذه للمؤمنين، وأما الكفار: |
كَلَّا إِنَّهُمْ عَن رَّبِّهِمْ يَوْمَئِذٍ لَّمَحْجُوبُونَ (15)(سورة المطففين)
وهذه من أعظم عقوباتهم يوم القيامة أنهم لا يرون ربهم، لكن نتحدث عن الدنيا في الدنيا (لَّا تُدْرِكُهُ الْأَبْصَارُ)، فكيف نستدل على وجوده؟ من خلال خلق السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْض، كيف نستدل على أنه إلهٌ واحد؟ من خلال خلق السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْض، كيف نستدل على أنه إلهٌ لطيفٌ جلَّ جلاله؟ من خلال خلق السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْض، كيف نستدل على أنه إلهٌ جميل؟ وفي الحديث: |
{ إِنَّ اللَّهَ جَمِيلٌ يُحِبُّ الْجَمَالَ }
(رواه مسلم)
كيف نستدل على جماله؟ من خلال خلقه الجميل جلَّ جلاله، فالكون يُظهر لنا أسماءه الحسنى وصفاته العلا جلَّ جلاله، فنحن عندما نقول: (الْحَمْدُ لِلَّهِ الَّذِي خَلَقَ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضَ) فهذه نعمةٌ بنعمتين، نعمةٌ فيها فائدةٌ نستفيدها مباشرةً، ونعمةٌ أعظم يدلنا الكون على الله فنسعد بهذه الدلالة إلى أبَدِ الآبِدِينَ،(الْحَمْدُ لِلَّهِ الَّذِي خَلَقَ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضَ وَجَعَلَ الظُّلُمَاتِ وَالنُّورَ ۖ ثُمَّ الَّذِينَ كَفَرُوا بِرَبِّهِمْ يَعْدِلُونَ)، ومن اللطيف أن القرآن دائماً يذكر الظلمات بالجمع ويذكر النور بالمفرد (الْحَمْدُ لِلَّهِ الَّذِي خَلَقَ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضَ وَجَعَلَ) الخلق يسبق الجعل، الخلق يأتي من عدم، الجعل يأتي من شيءٍ موجودٍ، فبعد أن خلق الكون جعل فيه الظلمات وجعل فيه النور، إن أخذنا الظلمات والنور بمعنى الليل والنهار فهذا المعنى هو الأقرب إلى سياق الآية، يعني ربنا جلَّ جلاله جعل الليل لنسكن فيه: |
وجعلنا النَّهَارَ مَعَاشًا (11)(سورة النبأ)
نعمة الليل والنهار
(ثُمَّ الَّذِينَ كَفَرُوا بِرَبِّهِمْ يَعْدِلُونَ) أي يَعْدِلُونَ به عنه جلَّ جلاله، أي يشركون به هذا، معنى يَعْدِلُونَ أي يشركون، ليس العدل هنا ضد الظلم، وإنما العدل هنا بأن تجعل لله عدلاً أي شريكاً والعياذ بالله، الله الخالق ثم تجعل له من خلقه من تُشركه معه، خلقه وتجعله شريكاً له! أمرٌ في منتهى البعد عن الله نسأل الله السلامة، أن تجعل لله تعالى شريكاً من مخلوقاته التي خلقها، هذه (ثُمَّ الَّذِينَ كَفَرُوا بِرَبِّهِمْ يَعْدِلُونَ) أي يجعلون له شريكاً في خلقه الذي خلقه. |
تَعَالَىٰ عَمَّا يَقُولُونَ عُلُوًّا كَبِيرًا (43)(سورة الإسراء)
3- نعمة الهدى والرشاد
لا بد أن تقرأ المنهج وتُطبق التعليمات
|
ولدينا كِتَابٌ يَنطِقُ بِالْحَقِّ (62)(سورة المؤمنون)
احمد الله تعالى أن لديك كتاباً: |
لَّا يَأْتِيهِ الْبَاطِلُ مِن بَيْنِ يَدَيْهِ وَلَا مِنْ خَلْفِهِ (42)(سورة فصلت)
احمد الله على نعمة الهداية
(الْحَمْدُ لِلَّهِ الَّذِي خَلَقَ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضَ) ونعمة الإمداد مهمة (الْحَمْدُ لِلَّهِ رَبِّ الْعَالَمِينَ) ونعمة الرشاد مهمة (الْحَمْدُ لِلَّهِ الَّذِي أَنزَلَ عَلَىٰ عَبْدِهِ الْكِتَابَ) الآيات الثلاث تشترك في أنها تحمد الله على نعمة الإيجاد (الْحَمْدُ لِلَّهِ الَّذِي خَلَقَ) ونعمة الإمداد (الْحَمْدُ لِلَّهِ رَبِّ الْعَالَمِينَ) الرب هو المُمد، ونعمة الرشاد (الْحَمْدُ لِلَّهِ الَّذِي أَنزَلَ عَلَىٰ عَبْدِهِ الْكِتَابَ وَلَمْ يَجْعَل لَّهُ عِوَجًا) القرآن ليس فيه عوجٌ، هو مستقيم، قيماً ليس فيه عوج، مستقيمٌ في دلالته، مستقيمٌ في أمره، مستقيمٌ في نهيه، مستقيمٌ في عبره ودروسه وقصصه وأمثاله، في هدايته، منذ ألفٍ وأربعمئة عام وأكثر والمسلمون يقرؤون كتاب الله تعالى، حفظه الله تعالى من كل تغييرٍ ومن كل تبديل، ثم حفظه جلَّ جلاله من أي شيءٍ يعارضه، فأنت اليوم في العام 2020 تقرأ كتاب الله تعالى فلا تزيدك قراءته يوماً بعد يومٍ إلا إيماناً بأن الذي خلق الأكوان هو الذي أنزل القرآن، لأن القرآن يتحدث عن الكون من قِبَلِ الخالق جلَّ جلاله، لم يأتِ ولن يأتِي في العلم لا في قديمٍ ولا في حديث ما ينقض دينك ولا ما ينقض كتابك، فاحمد الله على نعمة الهداية، الحمد لله أن الله هدانا، الحمد لله أننا مسلمون، الحمد لله أننا موحدون، الحمد لله أن لدينا كتاباً نقرؤه ونتدبره ونعمل به ونجعله نبراساً في حياتنا، انظر إلى أهل الأرض التائهين بالمناهج الوضعية وبالأشخاص البعيدين عن الحق يتبعون كل يومٍ صيحةً من هنا وصحيةً من هناك وبعضها ينقض بعضاً، ونحن لدينا (كِتَابٌ يَنطِقُ بِالْحَقِّ) ولله الحمد والمنة. |
إذاً أيها الكرام: (الْحَمْدُ لِلَّهِ رَبِّ الْعَالَمِينَ) هذه نعمة الإمداد. (الْحَمْدُ لِلَّهِ الَّذِي خَلَقَ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضَ) هذه نعمة الخلق نعمة الإيجاد. (الْحَمْدُ لِلَّهِ الَّذِي أَنزَلَ عَلَىٰ عَبْدِهِ الْكِتَابَ وَلَمْ يَجْعَل لَّهُ عِوَجًا) هذه نعمة الهداية والرشاد، بقي لدينا آيتان تبدآن بالحمد لله. |
4- نعمة مُلك السماوات والأرض
(الْحَمْدُ لِلَّهِ الَّذِي لَهُ مَا فِي السَّمَاوَاتِ وَمَا فِي الْأَرْضِ وَلَهُ الْحَمْدُ فِي الْآخِرَةِ ۚ وَهُوَ الْحَكِيمُ الْخَبِيرُ) : هذه الآية من مطلع سورة سبأ (الْحَمْدُ لِلَّهِ الَّذِي لَهُ) هذه (لَهُ) للملك، ربنا عزَّ وجلَّ خلق، وملك، لو تصورنا أن الإنسان يخلق ليس خلقاً كخلق الله، تعالى الله، لكن الله عزَّ وجلَّ نسب الخلق للإنسان قال: |
فَتَبَارَكَ اللَّهُ أَحْسَنُ الْخَالِقِينَ (14)(سورة المؤمنون)
الإنسان لا يَخلِقُ من عدمٍ وإنما من موجودات
|
لكن الله تعالى لم يخلق فقط، الله تعالى خَلَقَ ومَلَك، الآن الذي اخترع هذا الجهاز الذي أبثُّ عليه جهاز الهاتف الذي تتابعونني عليه الآن، الذي اخترعه لا يملكه الآن، أنا أملكه، الآن باعتبار أني قد دفعت ثمنه بإمكاني أن أستخدمه أو أن أتلفه أو أن أصنع به ما أشاء فهو صنعه لكنه الآن لا يملكه، لكن الله تعالى صنع كل شيءٍ وملكه خلقاً وتصرفاً ومصيراً، الآن هذا الجهاز بين يدي لكن هل هو سيبقى لي بعد نصف ساعة؟ والله لا أدري، ربما يأذن الله تعالى أن يوافيني الأجل فيصبح هذا الجهاز ميراثاً يتوارثه الناس من بعدي، فأنا لا أملكه مصيراً، أملكه في هذه اللحظة فقط، ومُلكٌ ناقصٌ لأن الملك لله: |
إِنَّا لِلَّهِ (156)(سورة البقرة)
لكن الله تعالى لما خلق جلَّ جلاله خلق كل شيءٍ وملكه خلقاً، وتصرفاً، ومصيراً، فالمرجع إليه في كل شيءٍ: |
إِنَّا نَحْنُ نَرِثُ الْأَرْضَ وَمَنْ عَلَيْهَا (40)(سورة مريم)
الله تعالى هو الخالق وهو المالك
|
أَأَنتُمْ أَنشَأْتُمْ شَجَرَتَهَا أَمْ نَحْنُ الْمُنشِئُونَ (72)(سورة الواقعة)
فإذاً أيها الكرام أيها الأحباب: الله تعالى يُحمد على أنه (لَهُ مَا فِي السَّمَاوَاتِ وَمَا فِي الْأَرْضِ وَلَهُ الْحَمْدُ فِي الْآخِرَةِ) وهذه نقطةٌ مهمةٌ جداً (لَهُ الْحَمْدُ فِي الْآخِرَةِ) لماذا يُحمد جلَّ جلاله في الآخرة؟ لأنه جلَّ جلاله سيقيم العدل والحق، فكل الخلائق يوم القيامة يوم يقفون بين يدي الله تعالى فيُحاسبهم على أعمالهم جليلها وصغيرها، سيكون آخر كلامهم وآخر دعواهم أن (الْحَمْدُ لِلَّهِ رَبِّ الْعَالَمِينَ). |
وَقِيلَ الْحَمْدُ لِلَّهِ رَبِّ الْعَالَمِينَ (75)(سورة الزمر)
المخلوقات كلها ستحمد الله تعالى (وَلَهُ الْحَمْدُ فِي الْآخِرَةِ) لأنه جلَّ جلاله الحق وقوله الحق وعندما نرى عدل الله يوم القيامة وبأنه لا يضيع مثقال ذرةٍ فإننا نحمده جلَّ جلاله، هذه (وَلَهُ الْحَمْدُ فِي الْآخِرَةِ ۚ وَهُوَ الْحَكِيمُ الْخَبِيرُ). |
5- الإبداع في خلق السماوات والأرض
(الْحَمْدُ لِلَّهِ فَاطِرِ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ جَاعِلِ الْمَلَائِكَةِ رُسُلًا أُولِي أَجْنِحَةٍ مَّثْنَىٰ وَثُلَاثَ وَرُبَاعَ): (الْحَمْدُ لِلَّهِ فَاطِرِ) هناك (خَلَقَ السَّمَاوَاتِ) هنا (فَاطِرِ السَّمَاوَاتِ)، الفاطر تأتي للتأكيد على أنه على غير مثالٍ سابق، من عدم، وتأتي للتأكيد على وجود الإبداع فهو: |
بَدِيعُ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ (117)(سورة البقرة)
وهو المبدع جلَّ جلاله، أبدع السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ وخلقها على غير مثالٍ سابق، هذه فاطر، هو فطر السماوات أي خلقها على غير مثالٍ سابق وأبدع في خلقها (الْحَمْدُ لِلَّهِ فَاطِرِ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ). إذاً نلخص هذه الآيات الخمسة نتحدث عن سورٍ خمس بدأت بكلمة الحمد لله: |
الآية الأولى: (الْحَمْدُ لِلَّهِ رَبِّ الْعَالَمِينَ) نعمة الإمداد. والثانية: (الْحَمْدُ لِلَّهِ الَّذِي خَلَقَ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضَ) نعمة الإيجاد. والثالثة: (الْحَمْدُ لِلَّهِ الَّذِي أَنزَلَ عَلَىٰ عَبْدِهِ الْكِتَابَ) نعمة الهداية والرشاد. والرابعة: (الْحَمْدُ لِلَّهِ الَّذِي لَهُ مَا فِي السَّمَاوَاتِ وَمَا فِي الْأَرْضِ) نعمة ملك السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضَ أنه المالك جلَّ جلاله وكل شيءٍ بيده ولله الحمد. والأخيرة: (الْحَمْدُ لِلَّهِ فَاطِرِ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ) أنه خلقها مبدعاً لها جلَّ جلاله على غير مثالٍ سابق. ملخص الآيات الخمس: نعمة الإيجاد (خَلَقَ) و(فطر) و (لَهُ مَا فِي السَّمَاوَاتِ وَمَا فِي الْأَرْضِ). ونعمة الإمداد (الْحَمْدُ لِلَّهِ رَبِّ الْعَالَمِينَ). ونعمة الهدى والرشاد (الْحَمْدُ لِلَّهِ الَّذِي أَنزَلَ عَلَىٰ عَبْدِهِ الْكِتَابَ وَلَمْ يَجْعَل لَّهُ عِوَجًا). |