ثلاثُ منجيات و ثلاثُ كفارات
ثلاثُ منجيات و ثلاثُ كفارات
بِسْمِ اللهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيِمِ الحَمْدُ لله رَبِّ العَالَمِينَ وَالصَّلاَةُ وَالسَّلاَمُ عَلَى سَيِّدِنا مُحَمَّدٍ وَعَلَى آلِهِ وَأَصْحَابِهِ أَجْمَعِينَ، اللهم علِّمنا ما ينْفعنا وانْفعنا بِما علَّمتنا وزِدْنا عِلماً، وأَرِنا الحق حقاً وارْزقنا اتِّباعه، وأرِنا الباطل باطِلاً وارزُقنا اجْتنابه، واجْعلنا ممن يسْتمِعون القول فَيَتَّبِعون أحْسنه، وأدْخِلنا برحْمتك في عبادك الصالحين. |
أحبابنا الكرام: حديثٌ شريف رواه عبد الله بْنِ عُمَرَ رضي الله عنهما عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: |
{ ثَلَاثٌ مُهْلِكَاتٌ، وَثَلَاثٌ مُنَجِّيَاتٍ، وَثَلَاثٌ كَفَّارَاتٌ، وَثَلَاثٌ دَرَجَاتٌ، فَأَمَّا الْمُهْلِكَاتُ: فَشُحٌّ مُطَاعٌ، وَهَوًى مُتَّبَعٌ، وَإِعْجَابُ الْمَرْءِ بِنَفْسِهِ، وَأَمَّا الْمُنَجِّيَاتُ: فالعَدْلُ في الغَضَبِ والرِّضا، وَالْقَصْدُ فِي الْفَقْرِ وَالْغِنَى، وَخَشْيَةُ اللَّهِ فِي السِّرِّ وَالْعَلَانِيَةِ، وَأَمَّا الْكَفَّارَاتُ: فَانْتِظَارُ الصَلَاةِ بَعْدَ الصَلَاةِ، وَإِسْبَاغُ الْوُضُوءِ فِي السَّبَرَاتِ، وَنَقْلُ الْأَقْدَامِ إِلَى الْجَمَاعَاتِ، وَأَمَّا الدَّرَجَاتُ: فَإِطْعَامُ الطَّعَامِ، وَإِفْشَاءُ السَّلامِ، وَالصَلَاةُ بِاللَّيْلِ وَالنَّاسُ نِيَامٌ }
(صحيح الجامع)
(وَإِسْبَاغُ الْوُضُوءِ فِي السَّبَرَاتِ) أي في المكاره.. |
ثلاث مُهلكات:
هذا حديثٌ من جوامع الكَلِم، نشرع في بيان بعض أحكامه اللطيفة، نبدأ بالمُهلكات: ومن فقه الحديث أن النبي صلى الله عليه وسلم بدأ بما يُهلِكُك ليحذِّرك ثم بما ينجِّيك ليبشِّركَ، نَذِيراً وبَشِيراً، لأن الإنسان ينبغي أن يخاف أولاً مما يُهلكه حتى يسعى إلى ما يُنجيه، هذه سُنَّة الحياة، النبي صلى الله عليه وسلم يقول: |
{ مَنْ خَافَ أَدْلَجَ، وَمَنْ أَدْلَجَ بَلَغَ المَنْزِلَ، أَلَا إِنَّ سِلْعَةَ اللَّهِ غَالِيَةٌ، أَلَا إِنَّ سِلْعَةَ اللَّهِ الجَنَّةُ }
(أخرجه الترمذي)
(مَنْ خَافَ أَدْلَجَ) أي مَشى في الظلمة.. |
فالإنسان أولاً يحذرُ مما يَهوِي به في الرَّدى والمَهالك ثم يسعى إلى ما يُنجِّيه ويرفع درجاته، فبدأ النبي صلى الله عليه وسلم بالمُهلكات، والله تعالى لمّا قال في كتابه: |
لَا إِكْرَاهَ فِي الدِّينِ ۖ قَدْ تَبَيَّنَ الرُّشْدُ مِنَ الْغَيِّ ۚ فَمَنْ يَكْفُرْ بِالطَّاغُوتِ وَيُؤْمِنْ بِاللَّهِ فَقَدِ اسْتَمْسَكَ بِالْعُرْوَةِ الْوُثْقَىٰ لَا انْفِصَامَ لَهَا ۗ وَاللَّهُ سَمِيعٌ عَلِيمٌ (256)(سورة البقرة)
الطاغوت هو كلُّ ما عُبِدَ من دون الله
|
1- الشُّح المُطاع:
قال: (ثَلَاثٌ مُهْلِكَاتٌ) ما تلك المهلكات؟ قال: (فَأَمَّا الْمُهْلِكَاتُ: فَشُحٌّ مُطَاعٌ) الشُّح: هو البخل، أو هو منتهى البخل، البخل الزائد، قال تعالى: |
وَالَّذِينَ تَبَوَّءُو الدَّارَ وَالْإِيمَانَ مِنْ قَبْلِهِمْ يُحِبُّونَ مَنْ هَاجَرَ إِلَيْهِمْ وَلَا يَجِدُونَ فِي صُدُورِهِمْ حَاجَةً مِمَّا أُوتُوا وَيُؤْثِرُونَ عَلَىٰ أَنْفُسِهِمْ وَلَوْ كَانَ بِهِمْ خَصَاصَةٌ ۚ وَمَنْ يُوقَ شُحَّ نَفْسِهِ فَأُولَٰئِكَ هُمُ الْمُفْلِحُونَ (9)(سورة الحشر)
الشُّحُّ مُهلكٌ لأن الإنسان إذا كانت نفسه شحيحةً بالعطاء فإنه يُخالف كريم الخِصال، المَحامِد كلُّها إن أردت جمعها فاجمعها في الكرم، فالشجاعة كرم، الشجاعة والإقدام كرمٌ في محصِّلة الأمر، والبسمة كرم، والخُلق الحَسَن من الكرم، فإذا أردت أن تجمع المحامِد فهي في الكرم، في أن تُعطي، في أن يكون همُّكَ العطاء لا أن يكون همُّكَ الأخذ، والشُّح لا يكون بالمال فقط، الإنسان قد يشحُّ بابتسامةٍ يبتسمها في وجه أخيه، أو يكون الشُّح في وساطةٍ يتوسطها لأخٍ ليُنجيه من شيءٍ يُهلكه يقول لك: لن أكلِّم أحداً، بل الواجب أن تكلِّم إن كنت تستطيع أن تشفَعَ فاشفَع، وقد يكون الشُّح بالعِلم والخبرة فيقول لك: لا أعلِّم أحداً من خبرتي، ويسأله الناس فيكتُمُ عِلماً، الشُّح بابه واسع لكن من أهم أبوابه الشُّح بالمال، أن يُمسِكَ الإنسان، ألا يعطي مما أعطاه الله. |
الأنبياء صلوات ربي وسلامه عليهم جاؤوا الدنيا فأعطوا ولم يأخذوا، انظر في حياة رسول الله صلى الله عليه وسلم بربِّكم ما الذي أخذه رسول الله من الدنيا؟! وكان عنده المال ومكَّنه الله وأغناه الله حتى مَلَكَ ما مَلَك. |
{ مَا سُئِلَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عَلَى الْإِسْلَامِ شَيْئًا إِلَّا أَعْطَاهُ، قَالَ: فَجَاءَهُ رَجُلٌ فَأَعْطَاهُ غَنَمًا بَيْنَ جَبَلَيْنِ، فَرَجَعَ إِلَى قَوْمِهِ فَقَالَ: يَا قَوْمِ أَسْلِمُوا، فَإِنَّ مُحَمَّدًا يُعْطِي عَطَاءً لَا يَخْشَى الْفَاقَةَ }
(رواه مسلم)
الإحسان إخواننا الكرام؛ مرتبةٌ عظيمة، أن يُحسِنَ الإنسان، أن يُعطي مما أعطاه الله من كلِّ شيء، قال تعالى: |
الَّذِينَ يُؤْمِنُونَ بِالْغَيْبِ وَيُقِيمُونَ الصَّلَاةَ وَمِمَّا رَزَقْنَاهُمْ يُنْفِقُونَ (3)(سورة البقرة)
رزقك مالاً فأنفق، رزقك عِلماً فأنفق، رزقك شفاعةً فاشفع، رزقك منصباً فحُلَّ به مشكلات الناس، أعطِ مما أعطاك الله، المؤمن يدرك أن ما بين يديه ليس مُلكاً له وإنما هو مال الله في يديه، قال تعالى: |
آمِنُوا بِاللَّهِ وَرَسُولِهِ وَأَنْفِقُوا مِمَّا جَعَلَكُمْ مُسْتَخْلَفِينَ فِيهِ ۖ فَالَّذِينَ آمَنُوا مِنْكُمْ وَأَنْفَقُوا لَهُمْ أَجْرٌ كَبِيرٌ (7)(سورة الحديد)
هو استخلفك على هذا المال فأنفِق يُنفق الله عليك. |
الماديَّة المقِيتة هي الشُّح المُطاع
|
إِنَّ الْإِنْسَانَ لِرَبِّهِ لَكَنُودٌ (6)(سورة العاديات)
ثم قال: |
وَإِنَّهُ لِحُبِّ الْخَيْرِ لَشَدِيدٌ (8)(سورة العاديات)
هنا (الْخَيْرِ) بمعنى المال بسورة العاديات، قال تعالى في سورة البقرة: |
كُتِبَ عَلَيْكُمْ إِذَا حَضَرَ أَحَدَكُمُ الْمَوْتُ إِنْ تَرَكَ خَيْرًا الْوَصِيَّةُ لِلْوَالِدَيْنِ وَالْأَقْرَبِينَ بِالْمَعْرُوفِ ۖ حَقًّا عَلَى الْمُتَّقِينَ (180)(سورة البقرة)
المال خيرٌ في أصله
|
{ عَنْ أبي هُريرةَ رضِيَ الله عنهُ قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم: الْمُؤْمِنُ الْقَوِىُّ خَيْرٌ وَأَحَبُّ إِلَى اللَّهِ مِنَ الْمُؤْمِنِ الضَّعِيفِ }
(رواه مسلم)
والقوَّة بالمال قوَّةٌ مهمَّةٌ جداً لكن لا أن تُصبح المادة همه، هناك شيءٌ يتحدث عنه علماء النفس بالشُّح المطاع: اللذة عندما تُستَهدفُ لذاتها تنقلِبُ إلى ضِدها، فالإنسان عندما يصبح همُّه المال يصبح المال مصدر تعاسةٍ له، عندما يُصبح همُّه الجنس يصبح الجنس تعاسةً له لأنه استهدفه فينقلِبُ إلى ضده، لكن عندما يستخدمه وسيلةً لهدفٍ أسمى يستمتع به، عندما يكون المال في يده لأنه يريد أن يصل به إلى رضا الله فالمال دائماً يُمِدُّه بالسعادة لأن الهدف متنامٍ، الهدف كبير، هناك جنَّةٌ بعدها فيستمتع بالمال، أما عندما يضع المال هو النهاية ويستهدِفُها فهنا المشكلة؛ أن تُستَهدَف اللذة فتنقلِبُ إلى شقاوة، هذا تحدث عنه علماء النفس. |
2- هوىً مُتبع:
إذاً (وأَمَّا الْمُهْلِكَاتُ: فَشُحٌّ مُطَاعٌ، وَهَوًى مُتَّبَعٌ) الشُّح: المادية، الهوى: هوى النفس، ما تميل إليه النفس، شهوة النفس، وشهوة النفس قد تكون بالمال لكنها هنا تميل أكثر إلى الشهوة الثانية الشهوة المحرَّمة، أكبر شهوتين محرمتين في الإسلام أن يُؤتى الإنسان من ماله أو من الطرف الآخر بأن يستهدف الحرام والعياذ بالله في المرأة، أو المرأة في الرجل، فهنا الهوى المُتَّبع، افتح الفيسبوك اليوم، افتح وسائل التواصل إذا أرادوا أن يُعلنوا عن طاولةٍ تجد أنهم وضعوا صورة امرأةٍ بثيابٍ متبذلة، هوىً متبع، يَهلِكُ الإنسان حينما يُصبح إلهه هواه، قال تعالى: |
أَفَرَأَيْتَ مَنِ اتَّخَذَ إِلَٰهَهُ هَوَاهُ وَأَضَلَّهُ اللَّهُ عَلَىٰ عِلْمٍ وَخَتَمَ عَلَىٰ سَمْعِهِ وَقَلْبِهِ وَجَعَلَ عَلَىٰ بَصَرِهِ غِشَاوَةً فَمَنْ يَهْدِيهِ مِنْ بَعْدِ اللَّهِ ۚ أَفَلَا تَذَكَّرُونَ (23)(سورة الجاثية)
{ تَعِسَ عبدُ الدِّينارِ، والدِّرْهَمِ، والقَطِيفَةِ، والخَمِيصَةِ، إنْ أُعْطِيَ رَضِيَ، وإنْ لَمْ يُعْطَ لَمْ يَرْضَ }
(صحيح البخاري)
(القَطِيفَةِ) اللباس الفاخر، يعبُدُ ثيابه، (الخَمِيصَةِ) شهوة البطن، الطعام والشراب. |
بطولة المؤمن في قضية الهوى المُتبع
|
فَأَمَّا مَنْ طَغَى (37) وَآثَرَ الْحَيَاةَ الدُّنْيَا (38) فَإِنَّ الْجَحِيمَ هِيَ الْمَأْوَى (39) وَأَمَّا مَنْ خَافَ مَقَامَ رَبِّهِ وَنَهَى النَّفْسَ عَنِ الْهَوَى (40) فَإِنَّ الْجَنَّةَ هِيَ الْمَأْوَى (41)(سورة النازعات)
الجنة ندخلها برحمة الله، لكن مفتاحُها أن تنهى النفس عن الهوى، أن تمنع نفسك من أهوائها، النفس تهوى النوم إلى الساعة السابعة والثامنة والتكليف أن تستيقظ لصلاة الفجر، ربما يكون الجو بارداً والوضوء بالماء يحتاج إلى صبرٍ فتفعل، هذا من معاني: (وَنَهَى النَّفْسَ عَنِ الْهَوَى)، إذا مررت في الطريق ووجدت شيئاً لا يحلُّ لك النظر إليه (وَنَهَى النَّفْسَ عَنِ الْهَوَى) منعت نفسك من هواها، إذا جاءك مبلغٌ من رشوةٍ محرمةٍ (وَنَهَى النَّفْسَ عَنِ الْهَوَى) قال: (فَإِنَّ الْجَنَّةَ هِيَ الْمَأْوَى). |
فالهوى المُتبع إخواننا الكرام؛ يُهلك الإنسان ويُرديه في المَهالك، وكلُّ من اتبع هواه وصل إلى الهلاك، قال الشاعر: |
إِنَّ الْهَوَى لَهْوَ الْهَوَانُ بِعَيْنِهِ فَإِذَا هَوِيتَ فَقَدْ لَقِيْتَ هَوَانَا{ ابن المقفع }
عزة الإيمان وعزة أنك تمنع نفسك من المعصية لا يعدِلها شيء، أنك تمنع نفسك من الوقوع في المعصية، الإنسان الذي يتبع هواه في كلِّ شيءٍ يصغُرُ أمام نفسه قبل أن يصغُرَ أمام الناس، هو يشعر بأن نفسه لا يمكنه أن يتحكَّم بها فيصغُرُ أمام نفسه، فقال: (وَهَوًى مُتَّبَعٌ). |
3- إِعْجَابُ الْمَرْءِ بِنَفْسِهِ:
أمراض القلب خطيرةٌ جداً
|
" يّظّلُّ الْمَرْءُ عَالِمًا مَا طَلَبَ الْعِلْمَ فَإِذَا ظَنَّ أَنَّهُ قَدْ عَلِمَ فَقَدْ جَهِلَ،طالبُ العِلمِ يُؤثرُ الآخِرةَ على الدنيا فيَربَحُهما معاً، وأما الجاهِلُ فيُؤثِرُ الدُّنيا علَى الآخِرة فيِخْسَرُهُمَا مَعاً "{ الإمام الشافعي }
الجهل يبدأ عندما تظنٌّ أنك قد علمت. |
فهنا إخواننا الكرام قال: (فَشُحٌّ مُطَاعٌ، وَهَوًى مُتَّبَعٌ، وَإِعْجَابُ الْمَرْءِ بِنَفْسِهِ) هذه مُهلكةٌ لأنها تمنع الإنسان من الوصول إلى العِلم الصحيح، الهوى يصرِفُهُ عن العِلم، والعُجب بالنفس يصرِفُهُ عن العِلم، والشُّح يصرِفُه عن العطاء، وهذه الثلاث وردت في حديثٍ آخر للنبي صلى الله عليه وسلم قال: |
{ إِذَا رَأَيْتَ شُحّا مُطَاعاً، وَهَوًى مُتّبَعاً، وَإِعْجَابَ كُلّ ذِي رَأْيٍ بِرَأْيِهِ، فالزم بيتك، وأمسك لسانك، وخذ ما تعرف، ودع ما تنكر، وعليك بخاصة نفسك، ودع عنك أمر العامة }
(رواه أبو داود)
وخاصَّة النفس هنا لا تعني الإنسان وحده وإنما المقصود بخاصَّته أي من حوله من الأقارب، في العمل، أصدقاؤك، يعني لا يتوقف الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر لكن تجد أن الحياة أصبحت فيها ماديةٌ مفرطة، أهواءٌ وإباحيةٌ والعياذ بالله، والناس يتبعون كلَّ ناعقٍ من أجل هوى النفس، وتجد أن كلَّ واحدٍ يظن أنه قد عَلِم والناس جُهلاء فعندها تجد أنه لن يُجدِيَ الكلام العام نفعاً فتلزم خاصة نفسك، درس علمٍ تأوي إليه، أهل بيتك، أولادك، زوجتك، الموظفون عندك في العمل، زملاؤك في العمل، أصدقاؤك في المهنة أو في المدرسة أو في الجامعة إلخ.. هذه خاصَّة النفس. |
ثلاث مُنجيات:
1- العدل في الغضب والرضا:
قالوا: (وَأَمَّا الْمُنَجِّيَاتُ: فالعدلُ في الغضبِ والرِّضا)، السماوات والأرض قامتا بالعدل، لما أرسل النبي صلى الله عليه وسلم أحد الصحابة الكِرام ليُقيّم التمر في خيبر من أجل أن يأخذ عليه المال من اليهود، فلما ذهب وقيّم: |
{ عن سليمانَ بنِ يَسارٍ أنَّ رسولَ اللهِ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم كان يبعَثُ عبدَ اللهِ بنَ رواحةَ يخرِصُ بينه وبين يهودِ خَيبرَ، قال: فجعلوا له حُلِيًّا من حُليِّ نسائِهم فقالوا: هذا لك فخفِّفْ عنَّا وتجاوزْ في القَسْمِ، فقال عبدُ اللهِ بنُ رواحةَ يا معشرَ اليهودِ واللهِ إنَّكم لمن أبغضِ خَلقِ اللهِ إليَّ وما ذلك بحاملي على أن أحيفَ عنكم فأمَّا ما عرضتم من الرِّشوةِ فإنَّها سُحتٌ وإنَّا لا نأكلُها، فقالوا: بهذا قامت السَّماواتُ والأرضُ }
(التمهيد عن سليمانَ بنِ يَسارٍ)
(فجعلوا له حُلِيًّا من حُليِّ نسائِهم) نعطيك رشوةً مقابل أن تُخفِّفَ التقييم، أي تضع القيمة أقل مما هي حتى لا ندفع كثيراً، فقال لهم: (وما ذلك بحاملي على أن أحيفَ عنكم) لن أظلمكم، سأضع التقييم المناسب رغم أني لا أحبكم، بصراحة، طيب لماذا لا يُحبهم؟ ليس عداءً من غير سبب، لأنهم كانوا يخونون العهود والمواثيق، والقصة طويلةٌ في ذلك، قال: (وما ذلك بحاملي على أن أحيفَ عنكم) فماذا قالوا له وهم أهل كتاب؟ (بهذا قامت السَّماواتُ والأرضُ)، (بهذا): أي بالعدل، في أنك لا تحِيْفُ، قال تعالى: |
يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا كُونُوا قَوَّامِينَ لِلَّهِ شُهَدَاءَ بِالْقِسْطِ ۖ وَلَا يَجْرِمَنَّكُمْ شَنَآنُ قَوْمٍ عَلَىٰ أَلَّا تَعْدِلُوا ۚ اعْدِلُوا هُوَ أَقْرَبُ لِلتَّقْوَىٰ ۖ وَاتَّقُوا اللَّهَ ۚ إِنَّ اللَّهَ خَبِيرٌ بِمَا تَعْمَلُونَ (8)(سورة المائدة)
(وَلَا يَجْرِمَنَّكُمْ) أي لا يحملنَّكُم، (شَنَآنُ قَوْمٍ) أي كُره قومٍ. |
الحُبَّ في الله له مرتبةٌ عالية
|
أحبابنا الكرام: هنا من المُنجيات أن تكون عادلاً لكن انظر إلى دقة كلام النبي صلى الله عليه وسلم، قال: (في الغضبِ والرِّضا) بدأ بالغضب؛ معظم الناس في الرضا يكون هناك عدل، الأمور واضحةٌ جداً، تقسيم ميراث والقانون يُؤيد هذا التقسيم والحُجج واضحةٌ وكلُّ شيءٍ واضحٌ فيعدِلُ في حالة الرضا لأنه مطمئنٌ راضٍ، لكن أحياناً يغضب فيخرج عن طَورِه فيَظْلِم، فيُسيء لإنسانٍ بكلمةٍ في حالة الغضب أو ينتزعه حقاً له في حالة الغضب، فالعدل بدأه النبي صلى الله عليه وسلم بالغضب قبل الرضا قال: (فالعدلُ في الغضبِ والرِّضا) عندما تكون راضياً ستعدِل، احتمال العدل هو تسعون في المئة لأن حقوقك معك، لكن عندما تشعر بأن هناك مشكلةٌ وتغضب فتخرج عن طَورِك فتُسيء لإنسانٍ وتظلِمُه أو تقول: لن أعطيك حقك، أو، أو، إلخ.. لأنك غاضبٌ منه، هنا المشكلة، وهنا أريد أن أنوِّهُ على قضيةٍ ربما تسألون عنها، أنتم معافون منها ولله الحمد، لكن أُسأل عنها كثيراً، يتصل بعض الناس يقول: يا أخي عندي ابنٌ - نسأل الله العافية - عاقٌّ لا يُطيعني فيما آمره ولا يخدِمُنِي أبداً وتركني، إلخ.. وأنا الآن أريد قبل أن أموت أن أحرِمَهُ من الميراث، سأُسجِّل كل الأملاك لابني فلان، أقول له: لمَ يا أخي؟! أولاً هذا الحق ليس أنت الذي فرضته حتى تحرمه، الله عزَّ وجلَّ هو الذي قال: |
يُوصِيكُمُ اللَّهُ فِي أَوْلَادِكُمْ (11)(سورة النساء)
لا يجوز حرمان الولد من الميراث
|
2- الْقَصْدُ فِي الْفَقْرِ وَالْغِنَى:
قال: (فَالْعَدْلُ فِي الْغَضَبِ وَالرِّضَا، وَالْقَصْدُ فِي الْفَقْرِ وَالْغِنَى) الْقَصْدُ: هو الاعتدال، قال تعالى: |
وَاقْصِدْ فِي مَشْيِكَ (19)(سورة لقمان)
لا تُسرع ولا تُبطئ، مشي معتدل، فالقصد هو الاعتدال، القصد يكون في حالة الفقر وفي حالة الغنى، إذا افتقر لا يُمسِكُ المال ويقتِّر على أهل بيته، وإذا اغتنى لا يزيد النفقة إلى حدودٍ مبالغٍ فيها لأن المال موجودٌ فننفق ما شِئْنَا! |
وَلَا تَجْعَلْ يَدَكَ مَغْلُولَةً إِلَىٰ عُنُقِكَ وَلَا تَبْسُطْهَا كُلَّ الْبَسْطِ فَتَقْعُدَ مَلُومًا مَّحْسُورًا (29)(سورة الإسراء)
الإنسان يعتدل في النفقة هذا من الأدب مع النعمة، إذا قلَّت النعمة يعتدل وإذا زادت أيضاً يعتدل، لا يجعل هناك توسُّعاً في المباح، الشيطان في الأصل عنده أسلحة، الله تعالى منحه أسلحةً حتى يتحقق التكليف والاختيار، لمّا تركه سمَحَ له ببعض الأسلحة لكن ليس على المؤمن قال: |
إِنَّ عِبَادِي لَيْسَ لَكَ عَلَيْهِمْ سُلْطَانٌ ۚ وَكَفَىٰ بِرَبِّكَ وَكِيلًا (65)(سورة الإسراء)
خطورة التوسع في المباحات
|
3- خَشْيَةُ اللَّهِ فِي السِّرِّ وَالْعَلَانِيَةِ:
وقال: (وَالْقَصْدُ فِي الْفَقْرِ وَالْغِنَى، وَخَشْيَةُ اللَّهِ فِي السِّرِّ وَالْعَلَانِيَةِ)وبدأ بالسرِّ أيضاً، لأن الإنسان في العَلَن كثيراً ما يخشى الله لكن قد لا يكون ذلك خالصاً لوجه الله، لا يريد أمام الناس أن يَظهَرَ بمظهر الشهواني أو بمظهر العُدواني أو بمظهر الذي يأكل أموال الناس بالباطل، فيُعطي الناس حقوقها أمام الناس، لكنه إذا كان في سرِّه بينه وبين نفسه إذا خلا بمحارم الله انتهكها والعياذ بالله، في الحديث قال صلى الله عليه وسلم: |
{ يؤتى برجال يَوْمَ الْقِيَامَةِ لهم أعمال كجِبَالِ تِهَامَةَ يَجْعَلُهَا اللَّهُ هَبَاءً مَنْثُورًا، قيل: يَا رَسُولَ اللَّهِ صِفْهُمْ لَنَا جَلِّهِمْ لَنَا، قال: إِنَّهُمْ يصلون كما تصلون، وَيَأْخُذُونَ مِنَ اللَّيْلِ كَمَا تَأْخُذُونَ، ولكنهم إِذَا خَلَوْا بِمَحَارِمِ اللَّهِ انْتَهَكُوهَا }
(رواه ابن ماجه)
لم يقل: فعلوها، انظروا لدقة الحديث، لأن الإنسان قد يضعُف في الخلوة، قد يعصي الله، لكن يُبادر إلى باب الله، لكن أن ينتهك! انتهاك حرمات الله بمعنى أنه يفعلُها كِبراً واستعلاءً عن طاعة الله لا ضعفاً وغَلَبةً، فرقٌ بين معصية الغَلَبَة ومعصية الاستكبار، آدم عليه السلام عَصى ربه، قال تعالى: |
فَأَكَلَا مِنْهَا فَبَدَتْ لَهُمَا سَوْآتُهُمَا وَطَفِقَا يَخْصِفَانِ عَلَيْهِمَا مِن وَرَقِ الْجَنَّةِ ۚ وَعَصَىٰ آدَمُ رَبَّهُ فَغَوَىٰ (121)(سورة طه)
لكن عصاه في لحظة ضعفٍ قال: |
فَوَسْوَسَ إِلَيْهِ الشَّيْطَانُ قَالَ يَا آدَمُ هَلْ أَدُلُّكَ عَلَىٰ شَجَرَةِ الْخُلْدِ وَمُلْكٍ لَّا يَبْلَىٰ (120)(سورة طه)
لكن الشيطان لما عصى ربه: |
وَإِذْ قُلْنَا لِلْمَلَائِكَةِ اسْجُدُوا لِآدَمَ فَسَجَدُوا إِلَّا إِبْلِيسَ أَبَىٰ وَاسْتَكْبَرَوَكَانَ مِنَ الْكَافِرِينَ (34)(سورة البقرة)
فعندما يعصي الإنسان ربه مُستكبراً والعياذ بالله هذا اسمه انتهاك الحرمات، أو أنه يُداوم عليها شأنه أنه بين الناس ملاكٌ طاهرٌ وفي سرِّه شيطانٌ والعياذ بالله، هذا ينتهك حُرمات الله، لكن الذي تذِلُّ قدمه فباب التوبة مفتوحٌ إن شاء الله. |
فقال: (وَخَشْيَةُ اللَّهِ فِي السِّرِّ وَالْعَلَانِيَةِ) وفي القرآن الكريم قال الله تعالى: |
وَمِنَ النَّاسِ وَالدَّوَابِّ وَالْأَنْعَامِ مُخْتَلِفٌ أَلْوَانُهُ كَذَٰلِكَ ۗ إِنَّمَا يَخْشَى اللَّهَ مِنْ عِبَادِهِ الْعُلَمَاءُ ۗ إِنَّ اللَّهَ عَزِيزٌ غَفُورٌ (28)(سورة فاطر)
أساس الخشية هو العِلم بالله
|
لما ذهب عبد الله بن عمر رضي الله عنهما - راوي هذا الحديث - في شِعاب الجبال فوَجَد راعياً يرعى شياهاً له، فقال له: تعال كُل معنا، قال: إني صائم، قال: أتصوم في هذا اليوم شديد الحر؟ حرٌّ شديد، قال: أُبادر أيامي، يعني أفعل شيئاً لأيامي التي ستأتي في الآخرة، وفي روايةٍ أنه قال: أصومه ليومٍ أشدَّ مِنه حرَّاً، فقال له عبد الله بن عمر: بعنا شاةً نذبحها ونُطعمك معنا، تُفطِرُ عليها، فقال له: الشاة ليست لي إنها لسيِّدي، فقال له: ما عساك أن تقول لسيِّدك أنها ماتت أو أكلها الذئب، هذا عذرٌ، قال: والله إني لفي أشدِّ الحاجة إلى ثمنها ولو قلت لصاحبها ماتت أو أكلها الذئب لصدَّقني فأنا عنده صادقٌ أمين، ثم مضى وهو يرفع إصبعه إلى السماء ويقول: ولكن فأين الله؟ فأين الله؟ هذه الخشية، هذا العِلم، هذا الراعي عالِمٌ وهو في شِعاب الجبال، هو عالِمٌ لأنه قال: أين الله؟ فمتى يقول الإنسان: أين الله؟ عندما يأتيه قرشٌ مِنْ حرامْ أو شهوةٌ مِنْ حرامٍ أو ظُلمٌ لإنسانٍ يمكن أن يسحقه ولا أحد يراقبه ثم يقول: أين الله؟ فقد فقه حقيقة الدين، الدين؛ أين الله؟ الدين حقيقته أين الله؟ والصلاة من أجل أن تصلك بالله ومن أجل أن تسأل أين الله دائماً والصيام من أجل ذلك، والزكاة من أجل ذلك، وكل الشرائع لتصِلَ إلى الخَشية، فخشية الله هي المُنجية، فقال: (وَخَشْيَةُ اللَّهِ فِي السِّرِّ وَالْعَلَانِيَةِ). |
الآن نُجمل ما تبقى لأن هذا هو محور الحديث وما تحدثنا به، الباقي سهل، قال: (وَأَمَّا الْكَفَّارَاتُ) الكفارات التي تُكّفِّرُ الذنوب: |
{ عَنْ أَنَسٍ رضي الله عنه قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ رسول الله صلى الله عليه وسلم: كُلُّ بَنِي آدَمَ خَطَّاءٌ، وخَيْرُ الْخَطَّائِينَ التَّوَّابُونَ }
(أَخْرَجَهُ التِّرْمِذِيُّ)
ثلاث كفَّارات:
1- انْتِظَارُ الصَلَاةِ بَعْدَ الصَلَاةِ:
فقال: (وَأَمَّا الْكَفَّارَاتُ: فَانْتِظَارُ الصَلَاةِ بَعْدَ الصَلَاةِ) يعني التعلُّق بالصلاة، فإذا فرَغَ من الظهر ينتظر العصر، وحاله أرِحْنا بها لا أرِحْنا منها، فينتظر الصلاة، وممن يُظلِّهُمُ الله في ظله: |
{ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ عَنْ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ: سَبْعَةٌ يُظِلُّهُمْ اللَّهُ فِي ظِلِّهِ يَوْمَ لا ظِلَّ إِلا ظِلُّهُ: الإِمَامُ الْعَادِلُ، وَشَابٌّ نَشَأ فِي عِبَادَةِ رَبِّهِ، وَرَجُلٌ قَلْبُهُ مُعَلَّقٌ فِي الْمَسَاجِدِ، وَرَجُلَانِ تَحَابَّا فِي اللَّهِ اجْتَمَعَا عَلَيْهِ وَتَفَرَّقَا عَلَيْهِ، وَرَجُلٌ طَلَبَتْهُ امْرَأَةٌ ذَاتُ مَنْصِبٍ وَجَمَالٍ فَقَالَ إِنِّي أَخَافُ اللَّهَ، وَرَجُلٌ تَصَدَّقَ بِصَدَقَةٍ فَأَخْفَاهَا حَتَّى لا تَعْلَمَ شِمَالُهُ مَا تُنْفِقُ يَمِينُهُ، وَرَجُلٌ ذَكَرَ اللَّهَ خَالِيًا فَفَاضَتْ عَيْنَاهُ " }
(رواه البخاري)
(فَانْتِظَارُ الصَلَاةِ بَعْدَ الصَلَاةِ) فإذا صلَّى الظُّهر انتظر العصر، فإذا صلَّى العَصر انتظر المَغرب. |
2- إِسْبَاغُ الْوُضُوءِ على المكاره أو فِي السَّبَرَاتِ
مِما يُكفِّرُ الذنوب أن تُحسِنَ الوضوء
|
{ عن ثوبان رضي الله عنه أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: لَا يُحَافِظُ عَلَى الْوُضُوءِ إِلَّا مُؤْمِنٌ }
(أخرجه ابن حبان)
والوضوء لكل صلاةٍ مسنونٌ وإن كان الإنسان على طهارة، لكن سنّة فقط. (وَإِسْبَاغُ الْوُضُوءِ فِي السَّبَرَاتِ). |
3- نَقْلُ الْأَقْدَامِ إِلَى الْجَمَاعَاتِ:
الذهاب إلى صلاة الجامعة
|
ثلاثٌ درجات:
قال: (وَأَمَّا الدَّرَجَاتُ) تلك كَفَّارَات تُلغي الذنوب، الدَرَجَات ترفع، كَفَّارَات وَدَرَجَات، الدَرَجَات ترفع مقام الإنسان، الكَفَّارَات تُلغي سيئاته. |
1- إِطْعَامُ الطَّعَامِ
قال: (وَأَمَّا الدَّرَجَاتُ: فَإِطْعَامُ الطَّعَامِ) ولاشكَّ أن إِطْعَامُ الطَّعَامِ للفقراء خيرٌ من إِطْعَامُه لغير الفقراء، وقد ورد: |
{ عن أبي هريرة رضي الله عنه، عن النَّبيِّ صلى الله عليه وسلم قَالَ: شَرُّ الطَّعَام طَعَامُ الْوليمةِ؛ يُمْنَعُها مَنْ يأْتِيهَا، ويُدْعَى إِلَيْهَا مَنْ يَأْبَاهَا، ومَنْ لَمْ يُجِبِ الدَّعْوةَ فَقَدْ عَصَى اللَّه ورَسُولَهُ) (وفي روايةٍ في الصحيحين: عن أَبي هريرةَ من قوله: بِئْسَ الطَّعَامُ طَعَامُ الْوَلِيمَةِ؛ يُدْعَى إِلَيْهَا الأَغْنِيَاءُ، وَيُتْرَكُ الفُقَرَاءُ }
(رواه مسلم)
لكن قال العلماء: أي إِطْعَامٍ للطَّعَام ما دام في مجلسٍ مباحٍ ففيه أجر، ولو دعوت أصدقاءك المقتدرين مالياً وقلت أطعمُهُم طعاماً فأتوا إلى المجلس وسمِعوا كلمة حق، فإِطْعَامُ الطَّعَام خيرٌ لمن كان ولو لم يكن للفقراء، لكن لا نقتصر على من يجِدُون الطعام نحاول أن يكون إِطْعَامُ الطَّعَام عاماً وأن يكون أكثر لمن لا يجد ثمن الطعام، (فَإِطْعَامُ الطَّعَامِ). |
2- إِفْشَاءُ السَّلامِ:
إفشاء السلام في كلِّ مكان
|
3- الصَلَاةُ بِاللَّيْلِ وَالنَّاسُ نِيَامٌ:
قال: (وَالصَلَاةُ بِاللَّيْلِ وَالنَّاسُ نِيَامٌ) هذه صلاة الليل، النبي صلى الله عليه وسلم يقول: |
{ عَنْ سَهْلِ بْنِ سَعْدٍ قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: أَتَانِي جِبْرِيلُ عَلَيْهِ السَّلَامُ فَقَالَ: يَا مُحَمَّدُ عِشْ مَا شِئْتَ فَإِنَّكَ مَيِّتٌ، وَأَحْبِبْ مَنْ شِئْتَ فَإِنَّكَ مَفَارِقُهُ، وَاعْمَلْ مَا شِئْتَ فَإِنَّكَ مَجْزِيٌّ بِهِ واعلم أن شَرَفُ الْمُؤْمِنِ قِيَامُُ بِاللَّيْلِ، وَعِزُّهُ اسْتِغْنَاؤُهُ عَنِ النَّاسِ }
(رواه الطبراني)
لو يجعل الإنسان لنفسه قياماً بالليل فهذه درجات، كلُّ إنسانٍ يطمح في الدنيا إذا وصل للألف بأن يصبحوا ألفين، ففي الآخرة هناك درجاتٌ فبإِفْشَاءُ السَّلامِ ترتفع درجتك، بإِطْعَامُ الطَّعَام ترتفع درجتك، بقيام الليل ترتفِعُ درجتك، فمن أراد الدرجات فهذه ثلاثة. |
قال: (وَثَلَاثٌ دَرَجَات: فَإِطْعَامُ الطَّعَامِ، وَإِفْشَاءُ السَّلامِ، وَالصَلَاةُ بِاللَّيْلِ وَالنَّاسُ نِيَامٌ) والنبي صلى الله عليه وسلم لما دخل قُباء عندما وصل المدينة كان أول ما سمعه منه المسلمون أن قال: |
{ عن عَبْدِ اَللَّهِ بْنِ سَلَّامٍ رضي الله عنه قَالَ: قَالَ رَسُولُ اَللَّهِ صلى الله عليه وسلم: يَا أَيُّهَا اَلنَّاسُ! أَفْشُوا اَلسَّلَام، وَصِلُوا اَلْأَرْحَامَ، وَأَطْعِمُوا اَلطَّعَامَ، وَصَلُّوا بِاللَّيْلِ وَالنَّاسُ نِيَامٌ، تَدْخُلُوا اَلْجَنَّةَ بِسَلَامٍ }
(أَخْرَجَهُ اَلتِّرْمِذِيُّ وَصَحَّحَهُ)
إِطْعَامُ الطَّعَام عطاء، وَإِفْشَاءُ السَّلامِ عطاءٌ معنويٌّ أكثر منه مادي، لأن الإنسان ليس بماله فقط ولكن يسعُ الناس بخلقه وبكلمته الطيبة، والصلاة بالليل والناس نيام هي صلةٌ بالرحمن جلَّ جلاله، فعلاقةٌ نحو الخلق وعلاقةٌ مع الخالق. |
{ "ثَلَاثٌ مُهْلِكَاتٌ، وَثَلَاثٌ مُنَجِّيَاتٍ، وَثَلَاثٌ كَفَّارَاتٌ، وَثَلَاثٌ دَرَجَاتٌ، فَأَمَّا الْمُهْلِكَاتُ: فَشُحٌّ مُطَاعٌ، وَهَوًى مُتَّبَعٌ، وَإِعْجَابُ الْمَرْءِ بِنَفْسِهِ، وَأَمَّا الْمُنَجِّيَاتُ: فالعَدْلُ في الغَضَبِ والرِّضا، وَالْقَصْدُ فِي الْفَقْرِ وَالْغِنَى، وَخَشْيَةُ اللَّهِ فِي السِّرِّ وَالْعَلَانِيَةِ، وَأَمَّا الْكَفَّارَاتُ: فَانْتِظَارُ الصَلَاةِ بَعْدَ الصَلَاةِ، وَإِسْبَاغُ الْوُضُوءِ فِي السَّبَرَاتِ، وَنَقْلُ الْأَقْدَامِ إِلَى الْجَمَاعَاتِ، وَأَمَّا الدَّرَجَاتُ: فَإِطْعَامُ الطَّعَامِ، وَإِفْشَاءُ السَّلامِ، وَالصَلَاةُ بِاللَّيْلِ وَالنَّاسُ نِيَامٌ" }
(صحيح الجامع)