أحوال النفس
أحوال النفس
بِسْمِ اللهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيِمِ، الحَمْدُ لله رَبِّ العَالَمِينَ، وَالصَّلاَةُ وَالسَّلاَمُ عَلَى سَيِّدِنا مُحَمَّدٍ وَعَلَى آل بيته الطَّيِّبينَ الطّاهِرينَ وعلى صحابته الغرِّ الميامين أمناء دعوته وقادة ألويته وارضَ عنا وعنهم يارب العالمين، اللهم أخرجنا من ظلمات الجهل والوهم إلى أنوار المعرفة والعلم، ومن وحول الشهوات إلى جنات القربات. |
الروح من الله:
أيها الإخوة الكرام: كما تعلمون جميعاً الإنسان له جسدٌ ونفسٌ وروح، الجسد هو هذا الذي نشاهده؛ كتلةٌ وطولٌ وعرضٌ وارتفاع، وله عينان، وله وجه، وله يدان، هذا الجسد، هذه الآلة التي نشاهدها إن صح التعبير، لكن الإنسان فيه روحٌ من الله، قال تعالى: |
وَيَسْأَلُونَكَ عَنِ الرُّوحِ ۖ قُلِ الرُّوحُ مِنْ أَمْرِ رَبِّي وَمَا أُوتِيتُم مِّنَ الْعِلْمِ إِلَّا قَلِيلًا (85)(سورة الإسراء)
ما هذه الروح التي يبثُّها ربنا عزَّ وجلَّ في الإنسان فيصبح هذا الجسد متحركاً؟ هذه في علم الله تعالى، فإذا شاء الله تعالى نَزَعَ الروح من الجسم نزعاً خفيفاً أو ثقيلاً، على المؤمن خفيفٌ وعلى غير المؤمن نزعٌ ثقيل، على المؤمن؛ وصفه صلى الله عليه وسلم: |
{ يجيءُ ملكُ الموتِ حتَّى يجلسَ عند رأسِه فيقولُ: أيتها النفسُ الطيِّبةُ اخرُجي إلى مغفرةٍ من اللهِ ورضوانٍ، قال: فتخرجُ فتسيلُ كما [ تسيلُ القطرةُ مِن فِي السِّقاءِ ] فيأخذُها فإذا أخذها لم يدَعوها في يدِه طرفةَ عينٍ حتَّى يأخذوها فيجعلوها في ذلك الكفنِ وذلك الحَنوطِ يعني الَّذي [ جاء ] مع الملائكةِ من الجنَّةِ إلى آخرِ الحديثِ كما تقدمَ لفظُهُ وقال: في الكافرِ يجيءُ ملَكُ الموتِ حتَّى يجلِسَ عند رأسِه فيقولُ: أيَّتُها النَّفسُ الخبيثةُ اخرجي إلى سخطِ اللهِ وغضَبِه فتتفرقُ في أعضائِه كلِّها فينزِعها نزعَ السَّفُّودِ من الصُّوفِ المبلولِ فتتقطُّعُ بها العروقُ والعصبُ }
(أخرجه أحمد بسند صحيح)
(كالقَطْرَةِ من فِي السِّقَاءِ) إذا كان عندك وعاءُ ماءٍ وأنزلت منه الماء، كيف تنزل القطرة من فم السقاء؟ بسلاسة، هذه على المؤمن، أما غير المؤمن قال: (فينزِعها نزعَ السَّفُّودِ من الصُّوفِ المبلولِ) السَّفُّود هو العصا التي يستخدمها المنجِّد، الصوف يضربه بالعصا فإذا ابتلَّ الصوف ودخل السَّفود في داخل الصوف أصبح انتزاعه صعباً، لا يمكن انتزاعه إلا أن يُخرج معه بعض الصوف فالروح عندما تخرج من غير المؤمن تخرج كما يخرج السُّفُّود مِنَ الصُّوفِ الْمَبْلُولِ، لأن الصوف إذا ابتلَّ يصبح أكثر تماسكاً فيحيط بالسَّفود ويمنع خروجه، يأمر الله تعالى الروح فتسري في الجسد فيصبح الجسد متحركاً أتكلم وأسمع وأبصر وكلُّ هذه الأمور من الروح، والروح من أمره تعالى. |
الإنسان هو النفس:
الروح هي القوة المحركة
|
كُلُّ نَفْسٍ ذَائِقَةُ الْمَوْتِ ۗ وَإِنَّمَا تُوَفَّوْنَ أُجُورَكُمْ يَوْمَ الْقِيَامَةِ ۖ فَمَن زُحْزِحَ عَنِ النَّارِ وَأُدْخِلَ الْجَنَّةَ فَقَدْ فَازَ ۗ وَمَا الْحَيَاةُ الدُّنْيَا إِلَّا مَتَاعُ الْغُرُورِ (185)(سورة آل عمران)
فالنفس تذوق الموت عند انفصال الروح عن الجسد لكنها تبقى فإما أن تخلُد في جنةٍ يدوم نعيمها أو والعياذ بالله تعالى تشقى في نارٍ لا ينفدُ عذابها، إذاً الإنسان عبارةٌ عن جسدٍ وروحٍ ونفس. |
نماذج النفس في القرآن الكريم:
نريد أن نتحدث اليوم عن العنصر الأهم في الإنسان وهو النفس، الجسد يُغذَّى بالطعام والشراب، بالمحافظة على القواعد الصحية، بالرياضة، فهذه وسائلُ وأسبابٌ لكن الأمر بيد الله تعالى وحده مهما حافظ الإنسان على صحته، إلا أنه مأمورٌ أن يتخذ الأسباب في الحفاظ على صحة جسده، والروح من أمر الله هو الذي أودعها فينا وهو الذي ينزعها منا متى شاء جلَّ جلاله، ولله ما أخذ ولله ما أعطى، لكن المعوَّل عليه هو نفسنا التي بين جنبينا، قال تعالى: |
وَنَفْسٍ وَمَا سَوَّاهَا (7) فَأَلْهَمَهَا فُجُورَهَا وَتَقْوَاهَا (8) قَدْ أَفْلَحَ مَن زَكَّاهَا (9) وَقَدْ خَابَ مَن دَسَّاهَا (10)(سورة الشمس)
الاختيار بين طريقي الفجور والتقوى
|
قال: (قَدْ أَفْلَحَ مَن زَكَّاهَا*وَقَدْ خَابَ مَن دَسَّاهَا) فنحن نُزكِّي أنفسنا بالقرب من الله، نُزكِّي أنفسنا بطاعة الله، نُزكِّي أنفسنا بمحبة الله، والعياذ بالله البعيد عن الله يُدسِّيها أي يُدنسها ويملؤها بالمنكرات فيُبعدها عن الخيرات ويُبعدها عن طريق الله تعالى. |
1- النفس المطمئنة:
أيها الإخوة الأحباب: الله تعالى في القرآن الكريم أعطانا ثلاثة نماذجٍ للنفس البشرية، هناك نفسٌ مطمئنةٌ، قال تعالى: |
يَا أَيَّتُهَا النَّفْسُ الْمُطْمَئِنَّةُ (27) ارْجِعِي إِلَىٰ رَبِّكِ رَاضِيَةً مَّرْضِيَّةً (28) فَادْخُلِي فِي عِبَادِي (29) وَادْخُلِي جَنَّتِي (30)(سورة الفجر)
وهناك نفسٌ أمارةٌ بالسوء تأمر صاحبها بالشرِّ دائماً، قال تعالى: |
وَمَا أُبَرِّئُ نَفْسِي ۚ إِنَّ النَّفْسَ لَأَمَّارَةٌ بِالسُّوءِ إِلَّا مَا رَحِمَ رَبِّي ۚ إِنَّ رَبِّي غَفُورٌ رَّحِيمٌ (53)(سورة يوسف)
2- النفس اللوامة:
وبينهما بين النفس المطمئنة والنفس الأمارة بالسوء هناك نفسٌ اسمها النفس اللوامة أقسم الله تعالى بها فقال: |
لَا أُقْسِمُ بِيَوْمِ الْقِيَامَةِ (1) وَلَا أُقْسِمُ بِالنَّفْسِ اللَّوَّامَةِ (2)(سورة القيامة)
النفس اللوامة تلوم الإنسان على فعله
|
إذاً عندنا نفسٌ مطمئنةٌ، ما معنى مطمئنة؟ اطمأنت إلى وعد الله وخافت من وعيده، اطمأنت لذكر الله وعبادته، اشتاقت لربها، هذا ما قاله العلماء حول النفس المطمئنة، مطمئنةٌ إلى الوعد خائفةٌ من الوعيد، تعلم أن ما وعد الله به سيقع وأن وعيده حق وقد يقع بأمره تعالى وقد يعفو جلَّ جلاله وما يعفو الله أكثر، لكنها مطمئنةٌ إلى الوعد والوعيد، مشتاقةٌ للقاء الله، هذه النفس الراضية المطمئنة بالله تعالى هي أعظم النفوس في القرآن الكريم، النفس المطمئنة تطمئن مرتاحة (رَاضِيَةً مَّرْضِيَّةً*فَادْخُلِي فِي عِبَادِي*وَادْخُلِي جَنَّتِي). |
3- النفس الأمارة بالسوء:
النفس الأمارة بالسوء تأمر صاحبها بالشرِّ والمعصية دائماً وتريد إخراجه عن طريق الهداية إلى طريق الضلال والغواية، لماذا نقول تخرجه؟ لأن الإنسان في الأصل مفطورٌ فطرةً سليمة، قال صلى الله عليه وسلم: |
{ كلُّ مولودٍ يولَدُ على الفطرةِ فأبواه يُهوِّدانِه أو يُنصِّرانِه أو يُمجِّسانِه }
(صحيح ابن حبان)
فالمولود في الأصل يُولَد على الفطرة والفطرة هي التوحيد، الفطرة هي الدين، الفطرة هي الإسلام، قال تعالى: |
فَأَقِمْ وَجْهَكَ لِلدِّينِ حَنِيفًا ۚ فِطْرَتَ اللَّهِ الَّتِي فَطَرَ النَّاسَ عَلَيْهَا ۚ لَا تَبْدِيلَ لِخَلْقِ اللَّهِ ۚ ذَٰلِكَ الدِّينُ الْقَيِّمُ وَلَٰكِنَّ أَكْثَرَ النَّاسِ لَا يَعْلَمُونَ (30)(سورة الروم)
فالله فطَرَنا، ما معنى فطَرَنا؟ هناك خَلْقٌ وهناك فَطْر، الخلق هو الإيجاد من العدم، الله تعالى خلقنا من عدم، لم نكن شيئاً مذكوراً: |
هَلْ أَتَىٰ عَلَى الْإِنسَانِ حِينٌ مِّنَ الدَّهْرِ لَمْ يَكُن شَيْئًا مَّذْكُورًا (1)(سورة الإنسان)
الفطرة هي الإسلام:
الفِطرة هي أن تحب العدل
|
روى لي أحدهم والعُهدة على الراوي: أنه كان في أحد الفنادق في إحدى القرى في ألمانيا فيما أذكر وكتبوا على السرير لوحةً معدنيةً، كتبوا بما معناه باللغة العربية: إن لم تستطع النوم فهذا ليس من فرشنا إنها وثيرة ولكنه من ذنوبك إنها كثيرة، أنت مرهقٌ من ذنوبك، فطرتك تؤنبك، انظر ماذا فعلت في النهار؟ أسلوبٌ دعائيٌّ لكن هو حق، لكن هذه النفس إذا كانت على الفطرة السليمة هذا هو الحق. |
عمل النفس الأمارة بالسوء
|
وَأَمَّا مَنْ خَافَ مَقَامَ رَبِّهِ وَنَهَى النَّفْسَ عَنِ الْهَوَىٰ (40) فَإِنَّ الْجَنَّةَ هِيَ الْمَأْوَىٰ (41)(سورة النازعات)
التعاكس بين الهوى والفطرة
|
أحبابنا الكرام: الإنسان بين نفسٍ مطمئنةٍ، ونفسٍ أمارةٍ بالسوء تخرجه إلى طريق الضلال، ونفسٍ لوَّامة أثنى عليها القرآن الكريم لأنها إن شاء الله إن تابع صاحبها في اللوم تصل به إلى النفس المطمئنة. |
الارتقاء بالنفس من خلال المحاسبة:
الذي أريد أن أقوله أيها الأحباب: كيف نرقى بهذه النفس؟ نرقى بها من خلال المحاسبة، النفس تحتاج إلى محاسبةٍ مستمرة، قال تعالى: |
يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ وَلْتَنظُرْ نَفْسٌ مَّا قَدَّمَتْ لِغَدٍ ۖ وَاتَّقُوا اللَّهَ ۚ إِنَّ اللَّهَ خَبِيرٌ بِمَا تَعْمَلُونَ (18)(سورة الحشر)
(وَلْتَنظُرْ نَفْسٌ مَّا قَدَّمَتْ لِغَدٍ) ليوم الوقوف بين يدي الله، ينبغي أن تسأل نفسك يومياً: ماذا قدمت للقاء الله؟ ماذا أعددت للقاء الله؟ |
{ عَنْ أَنَسِ بْنِ مَالِكٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ، أَنَّ رَجُلاً سَأَلَ النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم مَتَّى السَّاعَةُ يَا رَسُولَ اللَّهِ؟ قَالَ: " مَا أَعْدَدْتَ لَهَا "؟ قَالَ: مَا أَعْدَدْتُ لَهَا مِنْ كَثِيرِ صَلاَةٍ وَلاَ صَوْمٍ وَلاَ صَدَقَةٍ، وَلَكِنِّي أُحِبُّ اللَّهَ وَرَسُولَهُ. قَالَ " أَنْتَ مَعَ مَنْ أَحْبَبْتَ " }
(صحيح البخاري)
فليس السؤال متى يأتي يوم القيامة؟ وليس السؤال متى نلقى الله؟ ولكن السؤال ماذا قدَّمنا للقاء الله؟، هذا السؤال المهم. |
أيها الأحباب؛ سيدنا عمر رضي الله عنه له كلامٌ جميلٌ كنت أذكره دائماً في ختام خطبة الجمعة قال: (حَاسِبُوا أَنْفُسَكُمْ قَبْلَ أَنْ تُحَاسَبُوا، وزنُوهَا قبل أنْ تُوزَنوا، وَتَزَيَّنُوا لِلْعَرْضِ الأَكْبَرِ، يَوْمَ لا تَخْفَى مِنْكُمْ خَافِيَةٌ، وَإِنَّمَا يَخِفُّ الْحِسَابُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ عَلَى مَنْ حَاسَبَ نَفْسَهُ فِي الدُّنْيَا). |
زِنْ أعمالك بميزان الشرع
|
قال: (وَتَزَيَّنُوا لِلْعَرْضِ الأَكْبَرِ) ما زينة العرض الأكبر؟ زينة العرض الأكبر العمل الصالح، إذا ذهبت إلى شخصٍ مهمٍّ في البلد تتزيَّن للقائه، ما الزينة للقائه؟ أفخم بدلةٍ عندك في البيت، ربطة عنقٍ مرتبةٌ جداً، تُنظف حذاءك، ترجّل شعرك، تُشذِّب لحيتك، تضع بعض العطورات وتتزيَّن للقائه، كيف نتزين للقاء الله تعالى يوم القيامة؟ الله تعالى لا ينظر إلى صوركم، بل ينظر إلى أعمالكم، فزينة اللقاء يوم القيامة العمل الصالح، أن تُهيِّئ عملاً تلقى به الله، يارب أنا قدمت كذا وكذا.. هذه زينة العرض الأكبر. |
فقال عمر رضي الله عنه: (وَتَزَيَّنُوا لِلْعَرْضِ الأَكْبَرِ، يَوْمَ لا تَخْفَى مِنْكُمْ خَافِيَةٌ، وَإِنَّمَا يَخِفُّ الْحِسَابُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ عَلَى مَنْ حَاسَبَ نَفْسَهُ فِي الدُّنْيَا). |
الحسن البصري له كلامٌ طيبٌ أيضاً في المحاسبة يقول: (إنَّ المؤمن قوَّامٌ على نفسه) أي كثير القيام على نفسه، (يحاسب نفسه لله عزَّ وجلَّ، وإنما خف الحساب يوم القيامة على قومٍ حاسبوا أنفسهم في الدنيا، وإنما شقَّ الحساب يوم القيامة على قومٍ أخذوا هذا الأمر بغير محاسبة). |
أنت أمام خيارين: إما أن نجهَد في المحاسبة في الدنيا فيخِفَّ الحساب يوم القيامة، وإما أن نترك الأمر بغير محاسبةٍ في الدنيا فيشقُّ الحساب علينا يوم القيامة، الحساب في الدنيا أيسر من يوم القيامة بكثير، لأن الحساب في الدنيا تُصحح به الخلل، أما يوم القيامة فقد أصبحت أمام مفترق طرقٍ، لم يعد أمامك خيارٌ للعودة إلى الوراء، فالحساب في الدنيا أفضل. |
أذكر أن أحدهم كان له مبلغٌ ماليٌّ مع آخر وطالبه به مراراً فلم يعطه إياه ثم جاءه قال: يا أخي الحساب جئتك مراراً ولا تعطيني، قال: الحساب، الحساب، فقال له مُتندِّراً كما يقول البعض: اترك الحساب ليوم الحساب، فقال له: صدِّقني الحساب الآن أسهل عليك، فانتبه الرجل وبكى وقال له: تعال والله قد أيقظتني من غفلتي، فعلاً الحساب الآن أخفُّ من يوم القيامة، فالإنسان ينبغي أن يُحاسب نفسه في الدنيا. |
وجاء في الحديث: |
{ قال النبي صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: يَقُولُ اللَّهُ عَزَّ وَجَلَّ: وَعِزَّتِي لَا أَجْمَعُ عَلَى عَبْدِي خَوْفَيْنِ، وَلَا أَجْمَعُ لَهُ أَمْنَيْنِ، إِذَا أَمِنَنِي فِي الدُّنْيَا أَخَفْتُهُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ، وَإِذَا خَافَنِي فِي الدُّنْيَا أَمَّنْتُهُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ }
(الطبراني في مسند الشاميين)
فكلنا سنخاف مرَّةً ونأمَن مرَّةً، لكن هل تُحب أن تخاف في أربعين أو خمسين عاماً ثم تأمَن الأبد؟ أم يحب الإنسان أن يأمن أربعين أو خمسين عاماً ثم يخافُ إلى الأبد؟ العقل والمنطق والشرع وكلُّ شيء حولك يقول لك: خفِ الله الآن، وحاسِب نفسك الآن واضمن إن شاء الله سعادة الأبد وأمن الأبد. |
محاسبة النفس نوعان:
أيها الكرام: المحاسبة نوعان: محاسبةٌ تكون قبل العمل ومحاسبةٌ تكون بعد العمل، كيف؟ |
محاسبة النفس قبل وبعد العمل
|
الآن بعد العمل ينبغي أن أسأل نفسي هل قصَّرت في هذا العمل؟ فإن وجدت تقصيراً أتممته وإن رأيت عيباً تداركته بالإصلاح والاستغفار، مثال مُوضِّح؛ أنا الآن قائمٌ لأصلي، الصلاة لمن؟ لوجه الله تعالى، لا رياءً ولا سُمعةً يا رب، كيف أصلي؟ وفق ما شرع الله عزَّ وجلَّ أُتِمُّ ركوعها وأُتِمُّ سجودها وأستحضِرُ القلب فيها، هذا قبل العمل، الآن أنهيت صلاتي، سلّمت، يا ترى هل قصَّرت في الصلاة؟ إن وجدت تقصيراً أستغفر الله، إن وجدت مشكلةً أو عيباً في صلاتي ربما آتي بركعتي السُنَّة البعدية أو ركعتي نفل لتدارك هذا العيب، أقول: يا رب اغفر لي هذه بتلك، والله تعالى قال: |
وَأَقِمِ الصَّلَاةَ طَرَفَيِ النَّهَارِ وَزُلَفًا مِّنَ اللَّيْلِ ۚ إِنَّ الْحَسَنَاتِ يُذْهِبْنَ السَّيِّئَاتِ ۚ ذَٰلِكَ ذِكْرَىٰ لِلذَّاكِرِينَ (114)(سورة هود)
كلُّ عملٍ يقوم به الإنسان؛ قبل العمل يسأل لمَن وكيف، وبعد العمل يسأل هل أديت المطلوب مني أم قصرت في أدائه، هذه المحاسبة كما قال أهل العلم. |
الغزالي رحمه الله كان يقول: انظروا في هذا الكلام الجميل الرائع، قال: (ويحكِ يا نفسُ إن كنتِ قد تجرأتِ على معصية الله وأنتِ تعتقدين أن الله لا يراكِ فما أعظَم كفركِ بالله، ويحكِ يا نفس إن كنتِ قد تجرأتِ على معصية الله مع علمكِ أن الله يراكِ فما أقل حياءكِ من الله، ويحكِ يا نفس أما تنظرين إلى أهل القبور كانوا جَمعاً كثيراً وجمعوا كثيراً فأصبح جمعُهم بوراً وبنيانهم قبوراً وأملهم غروراً، ويحك يا نفس أما تخافين من عذاب القبر وأيامه، أما تخافين من سَكَرات الموت وآلامه، أما تخافين من الحساب ودقَّته، أما تخافين من الصِّراط وحدته، أما تخافين أن تُحجبِي عن النظر إلى وجه الكبير المتعال). |
إذاً أيها الكرام؛ نعود إلى هذه الكلمات: (ويحكِ يا نفس إن كنتِ قد تجرأتِ على معصية الله وأنتِ تعتقدين أن الله لا يراكِ فما أعظم كفركِ بالله) إذا كان الإنسان يتجرأ على المعصية يظنُّ أن الله تعالى لا يراه والعياذ بالله حاشاك يا رب أن نظن ذلك هذه ليست للمؤمن أن يعتقد أن الله لا يراه، لكن قال: (إن كنتِ قد تجرأتِ على المعصية مع اعتقادكِ أن الله يراكِ فما أقل حياءكِ من الله) تعلم أنه يراك وتعصيه؟! هذا أمرٌ عجيبٌ غريب. |
التفكير في حالنا يوم القيامة:
أيها الأحباب: هل فكَّرنا في اليوم الذي سيتولَّى فيه ربنا جلَّ جلاله حسابنا؟ هل فكَّرنا في اليوم الذي سنخرُج فيه جميعاً من قبورنا حُفَاةً عُراةً غُرْلًا، كما قالت عائشة رضي الله عنها في الحديث الصحيح عن النبي صلى الله عليه وسلم: |
{ عن عائشةَ رضي اللَّه عنها قَالَتْ: سمعتُ رَسُول اللَّه صلى الله عليه وسلم يقول: يُحْشَرُ النَّاسُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ حُفَاةً عُراةً غُرْلًا، قُلْتُ: يَا رَسُول اللَّه الرِّجَالُ وَالنِّسَاءُ جَمِيعًا يَنْظُرُ بَعْضُهُمْ إِلى بَعْضٍ،؟ قَالَ: يَا عَائِشَةُ الأَمرُ أَشَدُّ مِنْ أَنْ يُهِمَّهُم ذلكَ، وفي روايةٍ: الأَمْرُ أَهَمُّ مِن أَن يَنْظُرَ بَعضُهُمْ إِلى بَعْضٍ }
(متفقٌ عَلَيهِ)
(غُرْلًا) أي كما ولدتهم أمهاتهم بغير ختان، يخرج كما ولدته أمه، هذا الموقف بين يدي الله تعالى. |
أيها الكرام: الناس يوم القيامة يُحشرون ثلاثة أصنافٍ كما صحَّ في الأحاديث: |
{ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ رضي الله عنه قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم: " يُحْشَرُ النَّاسُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ عَلَى ثَلاَثَةَ أَصْنَافٍ: صِنْفًا مُشَاةً، وَصِنْفًا رُكْبَانًا، وَصِنْفًا يَمْشُونَ عَلَى وُجُوهِهِمْ "، قِيلَ يَا رَسُولَ اللَّهِ وَكَيْفَ يَمْشُونَ عَلَى وُجُوهِهِمْ؟ قَالَ " إِنَّ الَّذِي أَمْشَاهُمْ عَلَى أَقْدَامِهِمْ قَادِرٌ عَلَى أَنْ يُمْشِيَهُمْ عَلَى وُجُوهِهِمْ أَمَا إِنَّهُمْ يَتَّقُونَ بِوُجُوهِهِمْ كُلَّ حَدَبٍ وَشَوْكٍ " }
(رَوَاه الإِمام أَحْمَدُ في مسنده)
والعياذ بالله، تخيَّل أن إنساناً يتقِي الشوك بوجهه! ما أشدَّ هذا الموقف وما أعظَم هيبَته! قال تعالى: |
يَوْمَ نَحْشُرُ الْمُتَّقِينَ إِلَى الرَّحْمَٰنِ وَفْدًا (85) وَنَسُوقُ الْمُجْرِمِينَ إِلَىٰ جَهَنَّمَ وِرْدًا (86)(سورة مريم)
في الآيةٍ ثانية: |
وَمَن يَهْدِ اللَّهُ فَهُوَ الْمُهْتَدِ ۖ وَمَن يُضْلِلْ فَلَن تَجِدَ لَهُمْ أَوْلِيَاءَ مِن دُونِهِ ۖ وَنَحْشُرُهُمْ يَوْمَ الْقِيَامَةِ عَلَىٰ وُجُوهِهِمْ عُمْيًا وَبُكْمًا وَصُمًّا ۖ مَّأْوَاهُمْ جَهَنَّمُ ۖ كُلَّمَا خَبَتْ زِدْنَاهُمْ سَعِيرًا (97)(سورة الإسراء)
وبعد الحشر حسابٌ وعَرضٌ. |
في الصحيحين يقول صلى الله عليه وسلم: |
{ عَنْ عَدِيِّ بْنِ حَاتِمٍ قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم:" مَا مِنْكُمْ مِنْ أَحَدٍ إِلاَّ سَيُكَلِّمُهُ اللّهُ يومَ القيامةِ، لَيْسَ بَيْنَهُ وَبَيْنَهُ تُرْجُمَانٌ، فَيَنْظُرُ أَيْمَنَ مِنْهُ فَلاَ يَرَى إِلاَّ مَا قَدَّمَ، وَيَنْظُرُ أَشْأَمَ مِنْهُ فَلاَ يَرَى إِلاَّ مَا قَدَّمَ، وَيَنْظُرُ بَيْنَ يَدَيْهِ فَلاَ يَرَى إِلاَّ النَّارَ تِلْقَاءَ وَجْهِهِ، فَاتَّقُوا النَّارَ وَلَوْ بِشِقِّ تَمْرَةٍٍ" }
(أخرجه البخاري)
ولو أن تتصدق ليس بتمرةٍ كاملةٍ بل بنصف تمرة، اتقِ النار، احرِص على أن تتقي النار ولو بنصف تمرة. |
مشاهد من يوم القيامة:
إخواننا الكرام: يوم العرض على الله شيءٌ والله من الإدراك والعقل أن تَشِيبَ لهَوْلهِ الْوِلْدَان، أن تقف بين يدي ملك الملوك جلَّ جلاله. |
(فَيَنْظُرُ أَيْمَنَ مِنْهُ فَلاَ يَرَى إِلاَّ مَا قَدَّمَ) عملك فقط، (وَيَنْظُرُ أَشْأَمَ مِنْهُ فَلاَ يَرَى إِلاَّ مَا قَدَّمَ) عملك الصالح وعملك السيء، وأمامك النار إن اتقيتَها كنت إلى الجِنان نسأل الله تعالى أن يُبلِّغنا وإياكم جنته. |
أما إذا كان الإنسان من التوابين الصادقين المؤمنين الذي حاسب نفسه في الدنيا حساباً عسيراً سيكون حسابه يسيراً وسيأخذ كتابه بيمينه وانظروا إلى هذا المشهد العظيم لأن كلَّ إنسانٍ خطاء: |
{ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ رسول الله صلى الله عليه وسلم: كُلُّ بَنِي آدَمَ خَطَّاءٌ، وخَيْرُ الْخَطَّائِينَ التَّوَّابُونَ }
(أَخْرَجَهُ التِّرْمِذِيُّ)
انظروا إلى هذا المشهد العظيم والله تقشعر له الأبدان، في الصحيحين يقول صلى الله عليه وسلم: |
{ عن ابن عمر رضي الله عنهما أن رجلًا قال له: كَيْفَ سَمِعْتَ رَسُولَ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَقُولُ: فِي النَّجْوَى؟ قَالَ: سَمِعْتُهُ يَقُولُ: يُدْنَى الْمُؤْمِنُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ مِنْ رَبِّهِ عَزَّ وَجَلَّ، حَتَّى يَضَعَ عَلَيْهِ كَنَفَهُ، فَيُقَرِّرُهُ بِذُنُوبِهِ، فَيَقُولُ: هَلْ تَعْرِفُ؟ فَيَقُولُ: أَيْ رَبِّ أَعْرِفُ، قَالَ: فَإِنِّي قَدْ سَتَرْتُهَا عَلَيْكَ فِي الدُّنْيَا، وَإِنِّي أَغْفِرُهَا لَكَ الْيَوْمَ، فَيُعْطَى صَحِيفَةَ حَسَنَاتِهِ، وَأَمَّا الْكُفَّارُ وَالْمُنَافِقُونَ، فَيُنَادَى بِهِمْ عَلَى رُءُوسِ الْخَلَائِقِ هَؤُلَاءِ الَّذِينَ كَذَبُوا عَلَى اللهِ }
(متفق عليه)
كل أعمال الإنسان مُسجَّلة
|
وَوُضِعَ الْكِتَابُ فَتَرَى الْمُجْرِمِينَ مُشْفِقِينَ مِمَّا فِيهِ وَيَقُولُونَ يَا وَيْلَتَنَا مَالِ هَٰذَا الْكِتَابِ لَا يُغَادِرُ صَغِيرَةً وَلَا كَبِيرَةً إِلَّا أَحْصَاهَا ۚ وَوَجَدُوا مَا عَمِلُوا حَاضِرًا ۗ وَلَا يَظْلِمُ رَبُّكَ أَحَدًا (49)(سورة الكهف)
وفي آيةٍ ثانية: |
هَٰذَا كِتَابُنَا يَنطِقُ عَلَيْكُم بِالْحَقِّ ۚ إِنَّا كُنَّا نَسْتَنسِخُ مَا كُنتُمْ تَعْمَلُونَ (29)(سورة الجاثية)
هل تحبون أن أفسِّر لكم هذا الجزء من الآية تفسيراً حاسوبياً حديثاً؟ كما تعرفون في الحاسوب أو الآيباد أو الهاتف إذا أردت أخذ نصٍ عندك خياران: نسخ(Copy)، وقص(Cut)، إما أن تقصَّه وتضعه (Paste)، أو تنسخه وتضعه بـ (Copy-Paste) تأخذ النص من مكانٍ إلى مكان، قال: (إِنَّا كُنَّا نَسْتَنسِخُ مَا كُنتُمْ تَعْمَلُونَ) كل عمل عملته هناك نسخةٌ منه عند الله تعالى، فتأمَّل هذا المشهد. |
قال: (فَيُقَرِّرُهُ بِذُنُوبِهِ، ويقول: لقد عَمِلْتَ كَذَا وكَذَا، فِي يَوْمِ كَذَا وكَذَا، فَيَقُولُ المؤمن: رَبِّ أَعْرِفُ) يُقِرُّ بِذنبه، (فيقول الله: ولكن سَتَرْتُهَا عَلَيْكَ فِي الدُّنْيَا، وأَغْفِرُهَا لَكَ الْيَوْمَ) الله أكبر. |
أسعد يوم في حياة المؤمن:
أسعد يومٍ في حياتك يوم تلقى الله
|
أيها الكرام: سأل رجلاً عائشة رضي الله عنها: |
{ سألْتُ عائشةَ رضِيَ اللهُ عنها عن قولِ اللهِ عَزَّ وجَلَّ: {ثُمَّ أَوْرَثْنَا الْكِتَابَ الَّذِينَ اصْطَفَيْنَا مِنْ عِبَادِنَا} [فاطر: 32] الآيةَ، فقالت لي: يا بُنَيَّ، كلُّ هؤلاء في الجنَّةِ؛ فأمَّا السَّابقُ بالخيراتِ: فمَن مَضى على عهْدِ رسولِ اللهِ صَلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ، فشَهِدَ له رسولُ اللهِ صَلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ بالحياةِ والرِّزقِ، وأمَّا المُقتصِدُ: فمَن تبِعَ أثَرَهُ مِن أصحابِه حتَّى لَحِقَ به، وأمَّا الظَّالِمُ لنفْسِه فمِثْلِي ومِثْلُكم }
(الحاكم في المستدرك)
فقالت عائشة: أي بُنَيَّ، (السَّابقُ بالخيراتِ): هم الذين سبقوا مع رسول الله صلى الله عليه وسلم وشهِدَ لهم بالجنة: أبو بكر، عمر، عثمان، علي، وسائر الصحابة الكرام، قالت: وأمَّا (المُقتصِدُ) هم الذين مَضوا على إثر رسول الله صلى الله عليه وسلم حتى لحقوا به، قالت: (وأمَّا الظَّالِمُ لنفْسِه فمِثْلِي ومِثْلُكم) هذه عائشة رضي الله عنها وهذا من أدبها ومن خوفها من الله تعالى ومن تواضعها. |
عمر رضي الله عنه على فراش الموت وابن عباس رضي الله عنهم صار يُثني عليه يقول: سمعت رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم يَقُولُ: (جِئْتُ أَنَا وَأَبُو بَكْرٍ وَعُمَرُ وَدَخَلْتُ أَنَا وَأَبُو بَكْرٍ وَعُمَرُ وَخَرَجْتُ أَنَا وَأَبُو بَكْرٍ وَعُمَرُ) يعني عمر وما أدراكم من عمر؟ |
فيقول عمر: (والله إن الْمَغْرُورُ مَنْ غَرَرْتُمُوهُ، ودَدْتُ والله لو أن لي ملء الْأَرْضِ ذَهَبًا لَافْتَدَيْتُ بِهِ من عذاب الله قبل أن أراه، ودَدْتُ أخرج من الدنيا كفافاً لا ليَ ولا عليَّ). |
الخوف من الله أحبابنا الكرام؛ من التقصير في جَناب الله، الخوف من الذنوب هو علامة عقلٍ وعلامة إدراك، أما الذي يفعل ما يحلُو له ويقول لك: الله غفورٌ رحيمٌ، صدَق وهو كذوب، الله غفورٌ رحيمٌ قال تعالى: |
وَإِنِّي لَغَفَّارٌ لِّمَن تَابَ وَآمَنَ وَعَمِلَ صَالِحًا ثُمَّ اهْتَدَىٰ (82)(سورة طه)
الله غفورٌ رحيمٌ لمن أراد المغفرة، رحيمٌ لمن أراد الرحمة، أما أن يقول: الله غفورٌ رحيمٌ ويتمادى في المعصية فهذا ليس من الحكمة ولا من العقل ولا من المنطِق ولا من الشرع. |
ملخص وخاتمة:
أحبابنا الكرام: عودٌ على بدء؛ النفس هي أساس الإنسان، هي جوهر الإنسان، فكلما اعتنينا بأنفسنا بالمحاسبة والمتابعة والتنقِية والتخلِية والتحلِية، نُخلِّيها من الآفات ونُحلِّيها بالطاعات ونُزكِّيها بالطاعات وبالخيرات والبركات، هذه نفسنا رأسُمالنا بين يدي الله عزَّ وجلَّ، إذا وقفنا بين يدي الله هذه النفس هي التي ستقف، الجسد سيعود إلى التراب: |
مِنْهَا خَلَقْنَاكُمْ وَفِيهَا نُعِيدُكُمْ وَمِنْهَا نُخْرِجُكُمْ تَارَةً أُخْرَىٰ (55)(سورة طه)
والروح من أمر الله إذا ألقاها في الجسد أصبح متحركاً فإذا نُزعت منه عاد جثةً هامدةً سارع الناس إلى دفنها، نسأل الله أن يُحسِن الخاتمة، لكن تبقى النفس التي بين جنبينا هي التي كلَّفها الله وكلَّفنا بمحاسبتها ومتابعتها وتزكيتها والإعراض عن كلِّ ما يُدسِّيها أو يُدنِّسها من عيوبٍ وآفاتٍ حتى تلقى الله عزَّ وجلَّ بخير. |
شكراً لحُسن استماعِكم والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته. |