مقاصد الشريعة
مقاصد الشريعة
السَّلام عليكم ورحمة الله وبركاته. |
بسم الله الرحمن الرحيم، الحمد لله رب العالمين، وأصلّي وأسلّم على نبينا الأمين وعلى آله وأصحابه أجمعين. |
اللّهم لا علم لنا إلا ما علّمتنا، إنّك أنت الحكيم العليم، اللّهم علّمنا ما ينفعنا، وانفعنا بما علّمتنا، وزدْنا علماً، وعملاً متقبلاً يا رب العالمين، وبعد: |
تعريف مقاصد الشريعة:
أيها الإخوة الأحباب؛ هناك علم اسمه (مقاصد الشريعة) يُدرّس في الجامعات؛ لاسيما في مراحل الدراسات العليا، يُعرّف هذا العلم: بأنه الحكم والغايات التي تسعى الشريعة إلى تحقيقها من خلال الأحكام الشرعية. |
الشريعة مصلحة كلها
|
ٱتْلُ مَآ أُوحِىَ إِلَيْكَ مِنَ ٱلْكِتَٰبِ وَأَقِمِ ٱلصَّلَوٰةَ إِنَّ ٱلصَّلَوٰةَ تَنْهَىٰ عَنِ ٱلْفَحْشَآءِ وَٱلْمُنكَرِ وَلَذِكْرُ ٱللَّهِ أَكْبَرُ وَٱللَّهُ يَعْلَمُ مَا تَصْنَعُونَ(45)(سورة العنكبوت )
ويقول مثلاً: إن الصيام إنما شرع لتحصيل التقوى. |
يَٰٓأَيُّهَا ٱلَّذِينَ ءَامَنُواْ كُتِبَ عَلَيْكُمُ ٱلصِّيَامُ كَمَا كُتِبَ عَلَى ٱلَّذِينَ مِن قَبْلِكُمْ لَعَلَّكُمْ تَتَّقُونَ(183)(سورة البقرة )
وشعوراً بحاجة الفقراء فأنت تجوع اختياراً لكنهم يجوعون اضطراراً، ويقول في الزكاة: إنما شرعت لتطهير النفس وتزكيتها. |
خُذْ مِنْ أَمْوَٰلِهِمْ صَدَقَةً تُطَهِّرُهُمْ وَتُزَكِّيهِم بِهَا وَصَلِّ عَلَيْهِمْ إِنَّ صَلَوٰتَكَ سَكَنٌ لَّهُمْ وَٱللَّهُ سَمِيعٌ عَلِيمٌ(103)(سورة التوبة )
وهكذا؛ يحاول أن يتلمّس الحكم، حكم كثيرة لا يعلمها إلا الله ولا يعلم عددها إلا لله، لكن علم المقاصد يحاول أن يتلمّس بعض هذه الحكم، نحن أسلفنا سابقاً أننا متفقون أننا نأتمر بأي أمر لأن الله أمر، وننتهي عن أي نهي لأن الله نهى ويكفي بذلك، قبل أن نبحث عن الحكمة يكفي أن الله أمر وهو الخبير الخالق من أجل أن نأتمر، لكن مع ذلك البحث في المقاصد والغايات يزيد الإنسان رسوخاً واعتزازاً بدينه ويقدم الإسلام للآخرين بشكل أوضح عندما يبيّن لهم لماذا شرعت تلك الأحكام. |
اتصال علم مقاصد الشريعة بعلم أصول الفقه والقواعد الفقهية:
الشريعة تحرم الضرر
|
أقسام مقاصد الشريعة:
علم مقاصد الشريعة يتصل بالقواعد الفقهية، ويتصل بأصول الفقه من زاويتين متقاربتين كثيراً ويُعرّف بأنه: الحكم والغايات التي تسعى الشريعة إلى تحقيقها من خلال الأحكام الشرعية، ويقسّمون المقاصد إلى: 1-مقاصد عامة. 2-ومقاصد خاصة. |
لا بد أن يُطبّق الإسلام بعمومه
|
{ فإنَّما أهْلَكَ النَّاسَ قَبْلَكُمْ: أنَّهُمْ كانُوا إذا سَرَقَ فِيهِمُ الشَّرِيفُ تَرَكُوهُ، وإذا سَرَقَ فِيهِمُ الضَّعِيفُ أقامُوا عليه الحَدَّ، والذي نَفْسُ مُحَمَّدٍ بيَدِهِ، لو أنَّ فاطِمَةَ بنْتَ مُحَمَّدٍ سَرَقَتْ، لَقَطَعْتُ يَدَها }
( أخرجه البخاري عن عروة بن الزبير )
فنحن لا نشعر بالمقاصد الكلية للشريعة؛ لأننا لانطبق الإسلام تطبيقاً كاملاً، قال تعالى: |
ثُمَّ أَنتُمْ هَٰؤُلَاءِ تَقْتُلُونَ أَنفُسَكُمْ وَتُخْرِجُونَ فَرِيقًا مِّنكُم مِّن دِيَارِهِمْ تَظَاهَرُونَ عَلَيْهِم بِالْإِثْمِ وَالْعُدْوَانِ وَإِن يَأْتُوكُمْ أُسَارَىٰ تُفَادُوهُمْ وَهُوَ مُحَرَّمٌ عَلَيْكُمْ إِخْرَاجُهُمْ أَفَتُؤْمِنُونَ بِبَعْضِ الْكِتَابِ وَتَكْفُرُونَ بِبَعْضٍ فَمَا جَزَاءُ مَن يَفْعَلُ ذَٰلِكَ مِنكُمْ إِلَّا خِزْيٌ فِي الْحَيَاةِ الدُّنْيَا وَيَوْمَ الْقِيَامَةِ يُرَدُّونَ إِلَىٰ أَشَدِّ الْعَذَابِ وَمَا اللَّهُ بِغَافِلٍ عَمَّا تَعْمَلُونَ (85)(سورة البقرة)
القاعدة الكبرى في الدين هي الأخلاق
|
أما المقاصد الخاصة: فهي لأشياء بعينها بمعنى أنني الصلاة أحقق مقصدها، أربي أولادي أحقق مقاصد تربية الأولاد، أطبق النظام الإسلامي في المال في التعامل في المال فأحقق ازدهاراً مالياً إسلامياً وليس ربوياً مزيفاً، أطبق النظام الإسلامي أو الأحكام الإسلامية في ميدان الآداب العامة فأحقق قيماً وأخلاقاً في المجتمع في المدارس مثلاً؛ هذه يسمونها المقاصد الخاصة. |
أنواع مقاصد الشريعة:
الآن لو جئنا إلى مقاصد الشريعة العامة فهي ثلاثة أنواع: |
النوع الأول: يسميه الفقهاء الضروريات، والثاني: الحاجيات، والثالث التحسينيات، قبل أن أدخل في التفاصيل؛ الهواء ضروريات بالنسبة للإنسان، القمح حاجيات، المكيف تحسينيات، الهواء ضروريات بلا هواء دقائق يموت الإنسان، القمح حاجيات مادة أساسية مهمة جداً الخبز و كذا...، لكن ممكن الإنسان بطريقة أو بأخرى أن يعيش بلا قمح يستبدله ببعض الأمور الأخرى، لكن حياته تضطرب بغير القمح، الخبز حاجة للناس لكن ليس ضرورة إذا وجد طعام آخر، أما التفاح تحسينيات ممكن الإنسان أن يعيش بلا تفاح وحياته مستقيمة وأموره تمام، لكن التفاح جميل ولذيذ، ومنظره جميل و طعمه لذيذ؛ فهي هكذا ضروريات و حاجيات و تحسينيات، النمط هذا نفسه أطبقه على الشريعة، الضروريات هي في الإسلام خمس ضرورات هذه أحكام عامة ينبغي أن يعلمها المسلم، الضروريات: هي حفظ الدين والنفس والنسل والعقل والمال؛ هذه الضروريات التي هي مقاصد الشريعة الكبرى التي شرعت كل الأحكام، لا يوجد حكم بشرع الله -عزَّ و جلَّ- أي حكم تريده ينبغي أن يكون ضمن مُشرَّع لواحدة من هذه الخمسة أو أي حد من الحدود مُشرّع لهذه الضرورات. |
الضرورات الخمسة في الإسلام:
الجهاد ليس عدواناً
|
2-الضرورة الثانية هي حفظ النفس، ومن أجل ذلك شرعت نصرة المظلومين، ومن أجل ذلك شرع أكل الميتة للمضطر، مضطر لا يجد ما يأكله يأكل الميتة لحفظ النفس مع أنها محرمة شرعاً، من أجل ذلك شُرعت الديَّات تُدفع الديّة، قتل خطأ دية لحفظ النفس حتى ينتبه الإنسان وهو يقود سيارته مثلاً، من أجل ذلك شُرع القصاص. |
وَلَكُمْ فِى ٱلْقِصَاصِ حَيَوٰةٌ يَٰٓأُوْلِى ٱلْأَلْبَٰبِ لَعَلَّكُمْ تَتَّقُونَ(179)(سورة البقرة )
لحفظ النفس، ومن أجل ذلك حرّم الله تعالى كل ما فيه ضرر على الإنسان لحفظ نفسه، كل ما يضر بالإنسان لا ضرر ولا ضرار فهذا من باب حفظ النفس النبي-صلى الله عليه وسلم-يقول: |
{ قضَى أن لا ضررَ ولا ضِرارَ }
(صحيح ابن ماجه عن عبادة بن الصامت )
لا ضر: أن تضر نفسك، ولا ضرار: أن تضر الآخرين، فالشريعة حرمت الإضرار بالنفس والإضرار بالآخرين. |
{ مَنْ بَاتَ فَوْقَ إِجَّارٍ، أَيْ فَوْقَ بَيْتٍ لَيْسَ حَوْلَهُ شَيْءٌ يَرُدُّ رِجْلَهُ، فَقَدْ بَرِئَتْ مِنْهُ الذِّمَّةُ، وَمَنْ رَكِبَ الْبَحْرَ بَعْدَ مَا يَرْتَجُّ، فَقَدْ بَرِئَتْ مِنْهُ الذِّمَّةُ }
(أخرجه البخاري وأحمد عن الحارث بن عبيد الإيادي؛ مرفوعًا.)
ركوب البحر عند هيجانه لا يجوز
|
وَأَنفِقُواْ فِى سَبِيلِ ٱللَّهِ وَلَا تُلْقُواْ بِأَيْدِيكُمْ إِلَى ٱلتَّهْلُكَةِ وَأَحْسِنُوٓاْ إِنَّ ٱللَّهَ يُحِبُّ ٱلْمُحْسِنِينَ(195)(سورة البقرة )
يَٰٓأَيُّهَا ٱلَّذِينَ ءَامَنُواْ لَا تَأْكُلُوٓاْ أَمْوَٰلَكُم بَيْنَكُم بِٱلْبَٰطِلِ إِلَّآ أَن تَكُونَ تِجَٰرَةً عَن تَرَاضٍ مِّنكُمْ وَلَا تَقْتُلُوٓاْ أَنفُسَكُمْ إِنَّ ٱللَّهَ كَانَ بِكُمْ رَحِيمًا(29)(سورة البقرة )
{ مَن تَرَدَّى مِن جَبَلٍ فَقَتَلَ نَفْسَهُ، فَهو في نَارِ جَهَنَّمَ يَتَرَدَّى فيه خَالِدًا مُخَلَّدًا فِيهَا أَبَدًا، وَمَن تَحَسَّى سُمًّا فَقَتَلَ نَفْسَهُ، فَسُمُّهُ في يَدِهِ يَتَحَسَّاهُ في نَارِ جَهَنَّمَ خَالِدًا مُخَلَّدًا فِيهَا أَبَدًا، وَمَن قَتَلَ نَفْسَهُ بِحَدِيدَةٍ، فَحَدِيدَتُهُ في يَدِهِ يَجَأُ بِهَا في بَطْنِهِ في نَارِ جَهَنَّمَ خَالِدًا مُخَلَّدًا فِيهَا أَبَدًا }
(أخرجه البخاري ومسلم عن أبي هريرة )
والآن كل ضرر سواءً كان دون هذا الضرر أو فوقه فهو محرم بطريقة أو بأخرى، قال تعالى: |
ٱلَّذِينَ يَتَّبِعُونَ ٱلرَّسُولَ ٱلنَّبِىَّ ٱلْأُمِّىَّ ٱلَّذِى يَجِدُونَهُۥ مَكْتُوبًا عِندَهُمْ فِى ٱلتَّوْرَىٰةِ وَٱلْإِنجِيلِ يَأْمُرُهُم بِٱلْمَعْرُوفِ وَيَنْهَىٰهُمْ عَنِ ٱلْمُنكَرِ وَيُحِلُّ لَهُمُ ٱلطَّيِّبَٰتِ وَيُحَرِّمُ عَلَيْهِمُ ٱلْخَبَٰٓئِثَ وَيَضَعُ عَنْهُمْ إِصْرَهُمْ وَٱلْأَغْلَٰلَ ٱلَّتِى كَانَتْ عَلَيْهِمْ فَٱلَّذِينَ ءَامَنُواْ بِهِۦ وَعَزَّرُوهُ وَنَصَرُوهُ وَٱتَّبَعُواْ ٱلنُّورَ ٱلَّذِىٓ أُنزِلَ مَعَهُۥ أُوْلَٰٓئِكَ هُمُ ٱلْمُفْلِحُونَ(157)(سورة الأعراف)
التدخين و النرجيلة و المشروبات المبالغة ببعض المشروبات، طبعاً المشروبات الكحولية هذه سنأتي عليها لأن هذه بحفظ العقل، هي بالنفس لكن العقل وضعوا له تفصيلاً وهو سنأتي عليه، فكل ما يمس بالإنسان و يضر بجسده، إذا الطبيب قال لإنسان: هذا الأمر لا يجوز، أنت بالنسبة لك هذا الطعام لا يجوز، أنت مريض سكري يجب أن تخفف سكريات؛ ينبغي أن يعمل بتعليمات الطبيب أنا هنا لست أبالغ بالموضوع، لكن أنا أضع الوصفة الكاملة أعلم اننا مختلفون في مدى التطبيق و أنا معكم، لكن يجب أن نتكلم دائماً بالعموميات بين الحين و الآخر، فكل ما يضر بالنفس أو يلحق الضرر بالآخرين ينبغي للإنسان أن يكف عنه لأنه من الخبائث قال تعالى: (وَيُحِلُّ لَهُمُ ٱلطَّيِّبَٰتِ وَيُحَرِّمُ عَلَيْهِمُ ٱلْخَبَٰٓئِثَ) فكل ما ثبت خبثه على الجسم أو على النفس فينبغي تركه أو العمل بتوجيهات الطبيب أو المختص الذي يعلم ضرر هذه الأشياء على أناس دون أناس أو كذا. |
الزواج شرع لحفظ النسل
|
وَٱلَّذِينَ يَرْمُونَ ٱلْمُحْصَنَٰتِ ثُمَّ لَمْ يَأْتُواْ بِأَرْبَعَةِ شُهَدَآءَ فَٱجْلِدُوهُمْ ثَمَٰنِينَ جَلْدَةً وَلَا تَقْبَلُواْ لَهُمْ شَهَٰدَةً أَبَدًا وَأُوْلَٰٓئِكَ هُمُ ٱلْفَٰسِقُونَ(4)(سورة النور)
والزنا: |
ٱلزَّانِيَةُ وَٱلزَّانِى فَٱجْلِدُواْ كُلَّ وَٰحِدٍ مِّنْهُمَا مِاْئَةَ جَلْدَةٍ وَلَا تَأْخُذْكُم بِهِمَا رَأْفَةٌ فِى دِينِ ٱللَّهِ إِن كُنتُمْ تُؤْمِنُونَ بِٱللَّهِ وَٱلْيَوْمِ ٱلْءَاخِرِ وَلْيَشْهَدْ عَذَابَهُمَا طَآئِفَةٌ مِّنَ ٱلْمُؤْمِنِينَ(2)(سورة النور)
فالجلد للزاني والجلد لمن يقذف بغير بينة و لا شهود شُرع لحفظ النسل والأعراض، واليوم هناك بعض العيادات غير الموثوقة التي تعمل ما يسمى أطفال الأنابيب أو التلقيح الخارجي تحقق ضد ما شرع لأجله حفظ النسل، إذا العيادة غير موثوقة خاصة إذا الطبيب غير مسلم أو بعيد بعد الأرض عن السماء عن الدين، فكم ثبت من حالات أن لقحت بويضات لنساء مستحيل أن ينجبن بنطاف من رجال آخرين حفظت، فإذا كان هناك ضرورة لإنسان لا يُنجب فينبغي أن يلجأ إلى العيادة التي يأمن عليها على نفسه بأنه هناك أمان، وليس في بلاد الغرب حتماً لأنهم لا يحللون و لا يحرمون، و قد ثبت ذلك بأدلة و نشرت الأدلة بمئات الحالات، فما شرع من أجله تحريم الزنا أصبح الآن يقام بطريقة لكن من غير حصول العلاقة، الإسلام شرع لحفظ النسل حد الزنا و حد القذف. |
4- والضرورة الرابعة حفظ العقل: فكل ما هو مُسكر أو مُفتِّر المخدرات من المفترات، نهى رسول الله -صلى الله عليه وسلم-عن كلّ مُسكر أو مُفتِّر، فالمخدرات من المفترات فكل ما يُسكر أي يذهب العقل أو يفتّر الهمة وينسي الإنسان واجباته وما يلحق بها فهو مما حرم لحفظ العقل حتى تبقى المحاكمة موجودة لأن الإنسان إذا غابت محاكمته اقترف الموبقات كلها. |
الإسلام يحترم الملكية الفردية
|
أما الحاجيات فهي ما يحتاجه الناس لتحقيق مصالحهم الهامة وعند غياب هذه الحاجيات تلحق الحياة مشقة شديدة، الحاجيات يمكن العيش دونها لكن بمشقة، من ذلك مشروعية الرخص دفعاً للحرج فإنسان مسافر شرع له الفطر، يستطيع الصوم؟ يستطع لكن هناك مشقة بالغة شرع له الفطر، طبعاً لو جئنا بحكم فقهي مادام الأمر قيل وقيل حتى نستكمله، المسافر أمام ثلاث حالات: |
أ-سفر ليس فيه مشقة أبداً، مسافر لبلد قريب بالطيارة، ووصل ما عنده لا معرض، و لا نزول و لا شيء، يجلس في الفندق عنده لقاءان و سيعود، لا يوجد أي مشقة فهذا الصوم أفضل في حقه والفطر جائز. |
أَيَّامًا مَّعْدُودَاتٍ فَمَن كَانَ مِنكُم مَّرِيضًا أَوْ عَلَىٰ سَفَرٍ فَعِدَّةٌ مِّنْ أَيَّامٍ أُخَرَ وَعَلَى الَّذِينَ يُطِيقُونَهُ فِدْيَةٌ طَعَامُ مِسْكِينٍ فَمَن تَطَوَّعَ خَيْرًا فَهُوَ خَيْرٌ لَّهُ وَأَن تَصُومُوا خَيْرٌ لَّكُمْ إِن كُنتُمْ تَعْلَمُونَ (184)(سورة البقرة )
ب- والثاني تلحقه مشقة محتملة، يعني أنا عندي ثلاث ساعات أريد أن أركب بالمترو وأنزل للمعرض وأرجع والدنيا حر قليلاً، فهناك مشقة غير محتملة فهذا الصوم جائز في حقه والفطر أولى. |
{ إنَّ اللهَ يُحبُّ أن تُؤتَى رُخَصُه، كما يُحبُّ أن تُؤتَى عزائمُه }
(أخرجه البزار وابن حبان والطبراني عن عبد الله بن عباس )
ج -والثالث تلحقه مشقة شديدة جداً في سفره فهذا الفطر يكاد يكون واجباً في حقه لقوله -صلى الله عليه وسلم-: |
{ ليسَ مِنَ البِرِّ الصَّوْمُ في السَّفَرِ }
(أخرجه البخاري ومسلم عن جابر بن عبد الله )
ولأن النبي -صلى الله عليه وسلم-لما بلغه أن بعض الناس صائمون في إحدى الغزوات والمشقة شديدة قال: |
{ أُولَئِكَ العُصَاةُ، أُولَئِكَ العُصَاةُ }
(صحيح مسلم عن جابر بن عبد الله )
فهذه المراتب الثلاثة، على كل حال فالحاجيات مشروعية الرخص دفعاً للحرج، ومن الحاجيات التي شرعت من أجلها الأحكام أن الله تعالى أحل الطيبات. |
يَٰٓأَيُّهَا ٱلنَّاسُ كُلُواْ مِمَّا فِى ٱلْأَرْضِ حَلَٰلًا طَيِّبًا وَلَا تَتَّبِعُواْ خُطُوَٰتِ ٱلشَّيْطَٰنِ إِنَّهُۥ لَكُمْ عَدُوٌّ مُّبِينٌ(168)(سورة البقرة )
الإسلام راعى حاجيات الناس
|
وأما التحسينيات فهي ما تجمل أحوال الناس، فآداب الخلاء تحسينيات، وآداب المعاملة بين الناس والتعامل من التحسينيات، وإلقاء السلام من التحسينيات، وآداب النوم وأذكار النوم والاستيقاظ هذه كلها تحسينيات، هذه أذواق، الإسلام فيه أذواق، هناك ذوق عالٍ. |
إِنَّ ٱلَّذِينَ يُنَادُونَكَ مِن وَرَآءِ ٱلْحُجُرَٰتِ أَكْثَرُهُمْ لَا يَعْقِلُونَ(4)(سورة الحجرات)
والذي يجلس في السيارة ويطلق بوقها يُعلم بها زوجته أن قد وصلت!! هذا في الإسلام لا يجوز أزعج الناس آذى الناس، قد يقول إيذاء بسيط لكنه إيذاء في محصلة الأمر، ربما يكون هناك مريض استيقظ على صوت بوق سيارتك الذي ليس له مبرر الآن، هذه تحسينيات تجمّل حياة الناس، إذا دخلت ألقي السلام. |
{ تُطْعِمُ الطَّعَامَ، وتَقْرَأُ السَّلَامَ علَى مَن عَرَفْتَ ومَن لَمْ تَعْرِفْ }
( أخرجه البخاري ومسلم عن عبد الله بن عمرو)
{ يُسَلِّمُ الرَّاكِبُ علَى الماشِي، والماشِي علَى القاعِدِ، والقَلِيلُ علَى الكَثِيرِ }
(أخرجه البخاري ومسلم عن أبي هريرة )
إلى آخره، الآداب هي بالإسلام، مثلاً مر من أيام معي حديث والله أخذ بلبي يقول -صلى الله عليه وسلم-: |
{ لا يجلس الرجل بين الرجل وابنه في المجلس }
(رواه الطبراني عن سهل بن سعد )
الإسلام كله أدب
|
فعموماً مقاصد الشريعة العامة التي جاء الإسلام بها إما أن تكون في الضروريات وهذه معظم أحكام الشريعة تندرج تحتها بشكل أو بآخر، وما أن تكون في الحاجيات تندرج تحتها أحكام كثيرة أيضاً، أو في التحسينيات وهي الآداب والأخلاق العامة التي ينبغي على الناس أن يتعاملوا بها؛ آداب دخول الخلاء الأذكار، التعامل، التعاطي مع الناس إلى غير ذلك. |
فأسأل الله تعالى أن نفعنا بما سمعنا وأن يعلمنا ما ينفعنا، والحمد لله رب العالمين. |