• محاضرة في الأردن
  • 2023-07-10
  • عمان
  • الأردن

أكثر الناس..!

الحمد لله رب العالمين، وأصلي وأسلم على نبينا الأمين، وعلى آله وأصحابه أجمعين، اللهم علمنا ما ينفعنا، وانفعنا بما علمتنا وزدنا علماً وعملاً متقبلاً يا أرحم الراحمين.


الموازنة بين الكم والكيف:
أيها الكرام، هناك قضية كثيراً ما تُطرَح سواء من الناحية الشرعية، أو من الناحية الاجتماعية، أو من الناحية المنطقية، وهي قضية الموازنة بين الكم والكيف، يعني على صعيد الأولاد يقول لك أحدهم: أنا أحب كثرة الأولاد:

الْمَالُ وَالْبَنُونَ زِينَةُ الْحَيَاةِ الدُّنْيَا ۖ وَالْبَاقِيَاتُ الصَّالِحَاتُ خَيْرٌ عِندَ رَبِّكَ ثَوَابًا وَخَيْرٌ أَمَلًا(46)
(سورة الكهف)

والنبي عليه الصلاة والسلام يقول:

{ تَناكحوا تَناسلوا أُباهي بكم الأممَ يومَ القيامةِ. }

(الزرقاني)

الناس تحب الكم
وتجد في الوقت نفسه شخصاً آخر يميل إلى الكيف، يقول لك: أنا أريد ولدين فقط، أربيهما، وأحسن تربيتهما والأمور تمام، وعلى جميع الصُّعد، ففي رمضان تجد شخصاً يقول لك: أنا قرأت عشر ختم برمضان، كل ثلاثة أيام ختمت ختمة، وتجد شخصاً يقول: أنا قرأت ختمة، كل يوم جزء، تدبرتها على مهل، قرأتها آية آية، الجزء كان يأخذ معي نصف ساعة إلى أربعين دقيقة، قرأتها بعناية، يذهب الناس إلى العمرة شخص يقول لك: أنا قمت بعمرة وباقي الأيام كنت أدخل إلى الحرم وأقرأ القرآن وأتعبد الله، شخص آخر يقول لك: أنا بهذه الأيام السبع قمت بعشر عمرات، أحياناً كنت أقوم بعمرة صباحاً وعمرة مساء.
طبيعة الحياة أن هناك أناساً يميلون إلى الكم، وأشخاص يميلون إلى الكيف، منهم من يركز على النوعية، ومنهم من يركز على الكمية، يقول لك: أنت ماذا قرأت؟ كم ركعة صليت؟ دائماً يسأل، الآخر يسألك: أنت كم سورة تدبرت؟ خشعت بالصلاة أم لم تخشع؟ طبيعة الحياة.
لكن بالعموم الناس تحب الكم، أكثر الناس تميل إلى الكميات، يقول لك: حضر المحاضرة ألف شخص؛ مثقفون، جامعيون، انتبهوا، نام بعضهم لا ينتبه لهذا، المهم أن العدد كان كبيراً، هذه طبيعة أكثر الناس، يحرصون على الكثرة، على الكم.

الإسلام يؤيد الكم شرط أن يكون الكيف صحيحاً:
الحقيقة أن الإسلام ليس ضد الكم، هناك نصوص كثيرة في السُّنّة تدعو إلى الإكثار من العمل الصالح، الاستزادة من الطاعات:

كَانُوا قَلِيلًا مِّنَ اللَّيْلِ مَا يَهْجَعُونَ(17)
(سورة الذاريات)

على سبيل المثال:

{ مَنْ قَالَ: سُبْحَانَ اللَّهِ وَبِحَمْدِهِ في يومٍ مِائَةَ مَرَّةٍ حُطَّتْ عَنْهُ خَطَايَاهُ وَإِنْ كَانَتْ مِثْلَ زَبَدِ الْبَحْرِ. }

(متفق عليه)

أحاديث كثيرة عن العدد، أن تأتي بعدد معين، تكثر من الصلاة.

{ يا رسول الله إني أكثر الصلاة عليك فكم أجعل لك من صلاتي، فقال ما شئت، قال: قلت الربع، قال: ما شئت، فإن زدت فهو خير لك، قلت: النصف، قال: ما شئت فإن زدت فهو خير لك، قال: قلت فالثلثين، قال: ما شئت فإن زدت فهو خير لك، قلت أجعل لك صلاتي كلها، قال إذن تكفى همك ويغفر ذنبك. }

(أخرجه الترمذي)

فهناك نصوص في الشريعة ظاهرها واضح في أنها تدعو إلى الإكثار من الأعمال الصالحة، الإكثار من قراءة القرآن، بكل حرف عشر حسنات:

{ من قرأ حرفًا من كتابِ اللهِ فله به حسنةٌ، والحسنةُ بعشرِ أمثالِها لا أقولُ (الـم) حرفٌ ولكنْ (ألفٌ) حرفٌ و(لامٌ) حرفٌ و(ميمٌ) حرفٌ. }

(أخرجه الترمذي)

فهناك نصوص يُفهَم منها بظاهرها الحرص على الإكثار، فالإسلام من حيث المبدأ يؤيد أن تستزيد من الطاعات، ويؤيد أن تكثر من الطاعات، ويؤيد أن تصلي بدل الركعتين ثماني ركعات، وبدل الثماني عشر...إلخ.
لكن هل الكم مقصود لذاته؟ يعني كم مجرد من الكيف لمجرد أنني عددت؟ قطعاً لا، النبي صلى الله عليه وسلم سئلت السيدة عائشة:

{ قُلتُ لِعَائِشَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهَا: هلْ كانَ رَسولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ يَخْتَصُّ مِنَ الأيَّامِ شيئًا؟ قالَتْ: لَا، كانَ عَمَلُهُ دِيمَةً، وأَيُّكُمْ يُطِيقُ ما كانَ رَسولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ يُطِيقُ؟! }

(أخرجه الترمذي)

والديمة هي السحابة التي تمطر في سكون ولكن باستمرار، يعني طيلة النهار هناك مطر، لكن خفيف، لذلك قليل مستمر خير من كثير منقطع.

{ أَحَبُّ الأعمالِ إلى اللهِ أدْومُها وإن قَلَّ. }

(أخرجه البخاري ومسلم)

المباهاة لا تكون بالكميات بل بالنوعيات
يعني الكمية قليلة، ولكن المثابرة حتى بناء الكيف، عندما يقول صلى الله عليه وسلم: (تَناكحوا تَناسلوا أُباهي بكم الأممَ يومَ القيامةِ). هناك مباهاة يوم القيامة، فإذا كان هناك عشرة أولاد ولا يوجد تربية أكيد لا يوجد مباهاة، فالنبي صلى الله عليه وسلم أكيد لن يباهي الأمة يوم القيامة بعشرة شباب ثيابهم ممزقة ولا يصلون، أكيد ليس هذا هو المطلوب لأنه يقول (أُباهي بكم) فالمباهاة أكيد لا تكون بالكميات بل بالنوعيات.
فالكم من حيث المبدأ لا مانع منه شرط أن يكون الكيف صحيح، أكيد إذا إنسان صلى ركعتين بخشوع مع استقامة على أمر الله هذا شيء جيد، الذي يصلي أربع ركعات بخشوع ومع استقامة على أمر الله أكيد أفضل من ركعتين، ولكن عندما تكون أربع ركعات والقلب غافل فأكيد ركعتان مع الخشوع أفضل.
فإذاً: قضية الكم مرتبطة بالكيف، عندما يكون الكيف صحيحاً أكثر ما شئت من الكم واستزد، ولكن عندما يكون هناك مشكلة بالكيف فلا ينفع عندها العمل الكثير إذا كانت النوعية غير صحيحة، مثل إذا قلت لإنسان بكم تنجز لي هذا البناء؟ قال لك: أنا أنهيه بيومين، أنهاه، ولكن تسرب الماء، وما حجب الشمس، وما وصّل الكهرباء بشكل صحيح، قال لك أنهيته، ولكن الكيف صفر، فما استفدت شيئاً.
لذلك روي أن سيدنا عمر رضي الله عنه تعلّم سورة البقرة في عشر سنوات، تعلم وليس قرأ، قال: فلما ختمها نحر جزوراً، قام بعزيمة على جمل لأنه انتهى من تعلم سورة البقرة.
إذاً لاشك أن الكيف في الإسلام مقدم على الكم، والكم يصبح شيئاً جيداً، والإكثار منه جيد بشرط وجود النوعية الصحيحة، هذا من حيث المبدأ.

عموم الناس يميلون إلى الكم:
الناس كما قلنا، عموم الناس وأكثرهم يتجهون إلى الأكثرية، حتى إذا قلت لإنسان هل تنتسب إلى جمعية معينة، يقول لك: كم عدد أعضائها؟ تقول له: نحن عشرة، يقول لك: أنا عُرِض عليّ أن أكون عضواً بجمعية فيها عشرة آلاف، تقول له: نحن عشرة ولكننا مثقفون، وننوي أن نقوم بأشياء جيدة لخدمة المجتمع، يقول لك: لا، لنبقَ مع الأكثر، فالناس يحبون الكم، كلنا ذلك الرجل، يلتفتون لقضية الكثرة، يعتزون بالكثرة؛ لأن الكثرة أول شيء مصدر قوة، فالعربي كان يعتز ﴿الْمَالُ وَالْبَنُونَ زِينَةُ الْحَيَاةِ الدُّنْيَا﴾ بالعشيرة، بالقبيلة، العربي كان يعتز بكثرة قبيلته، بالحرب يعتز بكثرة الأعداد، جيش لا يُعرَف أوله من آخره، جيش جرار، أوله عندك وآخره عندك...إلخ.

الكثرة لا تعني النجاة:
فقضية العربي في الأصل عنده هذا الاعتزاز بالكثرة، فدائماً يميل إلى أن يقف مع الكثرة؛ لأنها قوة من زاوية، ولأنه يعتقد أن فيها النجاة من زاوية ثانية، فيقول لك العوام والكلمة خطأ طبعاً: "ضع رأسك بين الرؤوس وقل يا قطاع الرؤوس" دعك مع الكثرة، يشعر أن فيها النجاة، لذلك ربنا عز وجل حتى لا نتوهم هذا التوهم قال مخاطباً المشركين:

وَلَن يَنفَعَكُمُ الْيَوْمَ إِذ ظَّلَمْتُمْ أَنَّكُمْ فِي الْعَذَابِ مُشْتَرِكُونَ (39)
(سورة الزخرف)

الإنسان يميل لوضع رأسه مع الأكثرية
عندما تكونون كثرة فهذا لا يعني أبداً أن ذلك سينفعكم مهما كنتم كثرة، يميل إلى الكثرة لأنها قوة، ويميل للكثرة لأنها نجاة، في العقل اللاواعي يعتبرها نجاة، حتى عندما كان طفلاً صغيراً، إذا ما كتب الواجب وسأل الأستاذ من لم يكتب الواجب؟ يقول: ما كتبنا الواجب أستاذ، يعمم الخطأ، يظن إذا كان الجميع غير كاتب للواجب فلن يعاقب الأستاذ أحداً، فمن غير المعقول أن يعاقب الجميع، فالإنسان يميل لوضع رأسه مع الأكثرية؛ لأنه يشعر أنه سينجو معها، جاء الإسلام ليصحح هذا المفهوم، تسعون آية في كتاب الله تعالى تقريباً تتحدث عن الكثرة، وكلها تذم الكثرة، فلا يوجد آية واحدة في القرآن تمدح الكثير، تقول ابقَ مع الكثير، مع الأكثرية؛ حتى لا يتوهم الإنسان أن الأكثرية هي شيء جيد، على سبيل المثال: قال تعالى محذراً من إطاعة المخالفين للحق ولو كانوا كثرة:

وَإِن تُطِعْ أَكْثَرَ مَن فِي الْأَرْضِ يُضِلُّوكَ عَن سَبِيلِ اللَّهِ ۚ إِن يَتَّبِعُونَ إِلَّا الظَّنَّ وَإِنْ هُمْ إِلَّا يَخْرُصُونَ(116)
(سورة الأنعام)


التحذير من انتشار الكثرة:
النبي صلى الله عليه وسلم له حديث آية في الفهم الاجتماعي لطبيعة الحياة حتى لا ينصدم الإنسان في الواقع، والحديث في البخاري ومسلم، يقول:

{ إنَّما النَّاسُ كالإِبِلِ المِائَةِ، لا تَكادُ تَجِدُ فيها راحِلَةً. }

(صحيح البخاري)

عندك مائة من الإبل، لا يوجد سوى واحدة صالحة للركوب، بالكاد تجد واحدة، تقول أنا أعرف مائة واحد، لكن هناك شخص فقط أتصل به يقول لي أكون عندك بعد عشر دقائق، ماذا تريد أنا جاهز، أقول له ينقصني ألف، يقول لي هذه ألف، طبعاً إذا كان يملك، فلا يكلف الله نفساً إلا وسعها، أقول له أنا بضيقة وأحتاج لأحد، يقول أنا معك (إنَّما النَّاسُ كالإِبِلِ المِائَةِ، لا تَكادُ تَجِدُ فيها راحِلَةً) يعني أن ترتحل عليها، كلهم إبل ولكن لا تصلح للركوب فما استفدنا شيئاً من هذه الإبل المائة، فقال: ﴿وَإِن تُطِعْ أَكْثَرَ مَن فِي الْأَرْضِ يُضِلُّوكَ عَن سَبِيلِ اللَّهِ﴾ انتبه أن صديقي في الجامعة قال لي: ليس هناك مشكلة خذ قرضاً، الجميع يأخذون، وذهبت إلى الشركة وشريكي قال لي: العمل لا يمشي إن لم يكن هناك قرض ربوي، لا أحد يفلح إن لم يكن هناك قرض ربوي، فلا يمشي العمل، وفي عصرنا هذا دون أن يرانا أحد على الكاميرا، إذا ذهبت إلى الجامع يقول لك الشيخ: لا مشكلة في هذه القصة، هذا من عموم البلوى ﴿وَإِن تُطِعْ أَكْثَرَ مَن فِي الْأَرْضِ يُضِلُّوكَ عَن سَبِيلِ اللَّهِ﴾ يحرفونك، يقولون لك: تغاضى عن الأمر:

وَمَا يُؤْمِنُ أَكْثَرُهُم بِاللَّهِ إِلَّا وَهُم مُّشْرِكُونَ(106)
(سورة يوسف)

يحذّر الله من انتشار الكثرة:

قُل لَّا يَسْتَوِي الْخَبِيثُ وَالطَّيِّبُ وَلَوْ أَعْجَبَكَ كَثْرَةُ الْخَبِيثِ ۚ فَاتَّقُوا اللَّهَ يَا أُولِي الْأَلْبَابِ لَعَلَّكُمْ تُفْلِحُونَ(100)
(سورة المائدة)

لا تقارن نفسك وجمهورك بالآخرين
إذا نظرت وقلت: هم كثر! ما هذا؟ هذا الحزب فيه مليون شخص ببعض البلاد، يقول لك ولو كان المنتسبون على الورق مليون شخصاً لكنهم ضالون ﴿وَلَوْ أَعْجَبَكَ كَثْرَةُ الْخَبِيثِ﴾ اليوم أحبابنا الكرام أنا ألقي هذه الكلمة وأخاطب فيها بعض الإخوة الكرام على البث المباشر، بعدما أنتهي أنظر إلى المشاهدات، فإذا وجدت أن هناك ستة آلاف، عشرة آلاف مشاهدة، أقول ما شاء الله، عدد كبير! يأتي شخص ببيته مع زوجه وأولاده يقومون بصنع الحلوى وهم يضحكون بأصوات عالية فتجد عليه ثلاث ملايين مشاهدة، تأتي فنانة ممن يُسمون فنانات –والفنان كان يطلق في الأصل على الثور في اللغة العربية- ممن يُسمون فنانات ممن يغوون الناس، تقوم بعمل فيديو كليب أو كلاب تجد عليه عشرين مليون مشاهدة، حققت في الساعة الأولى سبع ملايين مشاهدة، في اليوم الأول كذا ﴿وَلَوْ أَعْجَبَكَ كَثْرَةُ الْخَبِيثِ﴾ فلا تقارن نفسك، فإياك أن تقارن جمهورك بالجمهور، هم يخاطبون الغرائز، ومخاطبة الغرائز شيء سهل جداً، فإياك أن تصاب بالإحباط، أنك تتكلم وتتكلم ولا أحد يسمع.

{ عَنِ النبيِّ صَلَّى اللَّهُ عليه وسلَّمَ قالَ: عُرِضَتْ عَلَيَّ الأُمَمُ، فَرَأَيْتُ النبيَّ ومعهُ الرُّهَيْطُ، والنبيَّ ومعهُ الرَّجُلُ والرَّجُلانِ، والنبيَّ ليسَ معهُ أحَدٌ. }

(صحيح مسلم عن ابن عباس)

فأنت إذا كنت داعية في آخر الزمن وحققت ثلاثمائة مشاهدة قل يا رب لك الحمد، لا تقارن نفسك بالكثرة، ﴿وَلَوْ أَعْجَبَكَ كَثْرَةُ الْخَبِيثِ﴾ لكن إياك، لا يستوي الخبيث والطيب، هذا خبيث وهذا طيب.
مثال: إذا ثلاث غرامات من الذهب أمامهم كومة كبيرة من النحاس أو من النفايات الخبيثة، يقول هذه أكثر من تلك، هذا ما عقل شيئاً.

الأكثرية في القرآن الكريم:

إِنَّهُمْ أَلْفَوْا آبَاءَهُمْ ضَالِّينَ (69) فَهُمْ عَلَىٰ آثَارِهِمْ يُهْرَعُونَ (70) وَلَقَدْ ضَلَّ قَبْلَهُمْ أَكْثَرُ الْأَوَّلِينَ(71)
(سورة الصافات)

وَلَقَدْ صَرَّفْنَا لِلنَّاسِ فِي هَٰذَا الْقُرْآنِ مِن كُلِّ مَثَلٍ فَأَبَىٰ أَكْثَرُ النَّاسِ إِلَّا كُفُورًا(89)
(سورة الإسراء)

هذه الأكثرية في القرآن الكريم ﴿وَمَا يُؤْمِنُ أَكْثَرُهُم بِاللَّهِ إِلَّا وَهُم مُّشْرِكُونَ﴾ يعني قلّ أن تجد مؤمناً دينه خالص لله تعالى، إلا أن يشوبه شيء من الشرك، توجّه لغير الله، اعتداد بقوة النفس، اعتداد بالعشيرة، اعتداد بالقبيلة، قبل ذلك اعتداد بالصنم، الإيمان لا يكون خالصاً بالله إلا عند الأقلية.

وصف الله تعالى الأكثرية بعدم الإيمان:

قُلْ سِيرُوا فِي الْأَرْضِ فَانظُرُوا كَيْفَ كَانَ عَاقِبَةُ الَّذِينَ مِن قَبْلُ ۚ كَانَ أَكْثَرُهُم مُّشْرِكِينَ(42)
(سورة الروم)

وَمَا أَكْثَرُ النَّاسِ وَلَوْ حَرَصْتَ بِمُؤْمِنِينَ(103)
(سورة يوسف)

المر ۚ تِلْكَ آيَاتُ الْكِتَابِ ۗ وَالَّذِي أُنزِلَ إِلَيْكَ مِن رَّبِّكَ الْحَقُّ وَلَٰكِنَّ أَكْثَرَ النَّاسِ لَا يُؤْمِنُونَ(1)
(سورة الرعد)

إِنَّ فِي ذَٰلِكَ لَآيَةً ۖ وَمَا كَانَ أَكْثَرُهُم مُّؤْمِنِينَ(103)
(سورة الشعراء)

لَقَدْ حَقَّ الْقَوْلُ عَلَىٰ أَكْثَرِهِمْ فَهُمْ لَا يُؤْمِنُونَ(7)
(سورة يس)

إِنَّ السَّاعَةَ لَآتِيَةٌ لَّا رَيْبَ فِيهَا وَلَٰكِنَّ أَكْثَرَ النَّاسِ لَا يُؤْمِنُونَ(59)
(سورة غافر)

إيمان بالآخرة حقيقي لا يوجد عند أكثر الناس، انظر اليوم في واقع الناس، الذي يأكل حق إخوته البنات هذا مؤمن بالآخرة؟ لا والله، لو آمن بالآخرة لارتجف قبل أن يأكل قرشاً حراماً، الناس إيمانهم بالآخرة ضعيف جداً، ﴿وَلَٰكِنَّ أَكْثَرَ النَّاسِ لَا يُؤْمِنُونَ﴾ ﴿إِنَّ السَّاعَةَ لَآتِيَةٌ لَّا رَيْبَ فِيهَا وَلَٰكِنَّ أَكْثَرَ النَّاسِ لَا يُؤْمِنُونَ﴾ لا يؤمنون بالآخرة، لا ينتظر عقاباً ولا حساباً، لذلك تجد الناس يأكل بعضهم بعضاً، لذلك تجد الناس ما قاموا بحق الله تعالى، ولا بحق العباد.

وصف الله تعالى الأكثرية بعدم العلم:

وَعْدَ اللَّهِ ۖ لَا يُخْلِفُ اللَّهُ وَعْدَهُ وَلَٰكِنَّ أَكْثَرَ النَّاسِ لَا يَعْلَمُونَ (6)
(سورة الروم)

أَلَا إِنَّ لِلَّهِ مَا فِي السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ ۗ أَلَا إِنَّ وَعْدَ اللَّهِ حَقٌّ وَلَٰكِنَّ أَكْثَرَهُمْ لَا يَعْلَمُونَ(55)
(سورة يونس)

وَلَئِن سَأَلْتَهُم مَّنْ خَلَقَ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضَ لَيَقُولُنَّ اللَّهُ ۚ قُلِ الْحَمْدُ لِلَّهِ ۚ بَلْ أَكْثَرُهُمْ لَا يَعْلَمُونَ(25)
(سورة لقمان)

أَمِ اتَّخَذُوا مِن دُونِهِ آلِهَةً ۖ قُلْ هَاتُوا بُرْهَانَكُمْ ۖ هَٰذَا ذِكْرُ مَن مَّعِيَ وَذِكْرُ مَن قَبْلِي ۗ بَلْ أَكْثَرُهُمْ لَا يَعْلَمُونَ الْحَقَّ ۖ فَهُم مُّعْرِضُونَ(24)
(سورة الأنبياء)

﴿لَا يَعْلَمُونَ﴾ ليس العلم الدنيوي، لا يعلمون العلم الأخروي المنجي، العلم بالله، العلم الذين ينجيهم عند الوقوف بين يدي الله تعالى.
الله تعالى لا يخلف وعده
﴿وَعْدَ اللَّهِ ۖ لَا يُخْلِفُ اللَّهُ وَعْدَهُ وَلَٰكِنَّ أَكْثَرَ النَّاسِ لَا يَعْلَمُونَ﴾ هنا الآية فيها ملمح لطيف في سورة الروم قال ﴿وَعْدَ اللَّهِ ۖ لَا يُخْلِفُ اللَّهُ وَعْدَهُ وَلَٰكِنَّ أَكْثَرَ النَّاسِ لَا يَعْلَمُونَ﴾ لا يعلمون أن الله تعالى لا يخلف وعده، اليوم انظر لواقع الناس، يقول لك انتهينا، الجبروت العالمي كبير، المؤامرات كبيرة، طبعاً هذا الكلام كله صحيح، ما وصلت الأمة إلى مرحلة من تآمر الشرق والغرب عليها كما وصلت إليه اليوم، هذا مفروغ منه، ولكن هل وعد الله متخلف؟ حاشا لله، فقال ﴿وَعْدَ اللَّهِ ۖ لَا يُخْلِفُ اللَّهُ وَعْدَهُ وَلَٰكِنَّ أَكْثَرَ النَّاسِ لَا يَعْلَمُونَ﴾ يعلمون لا يعلمون، يعلمون، كيف؟

يَعْلَمُونَ ظَاهِرًا مِّنَ الْحَيَاةِ الدُّنْيَا وَهُمْ عَنِ الْآخِرَةِ هُمْ غَافِلُونَ(7)
(سورة الروم)

ما قال يعلمون الحياة الدنيا وهم عن الآخرة هم غافلون، حتى الدنيا على حقيقتها لا يعلمونها، ظاهراً منها، يعني يرى المال والنساء والقصور، حتى حقيقة الدنيا لأن حتى الدنيا تحتاج إلى دين، تحتاج إلى سكينة، تحتاج إلى صلة بالله، تحتاج إلى أن تسعد الآخرين، حتى هذه لا يعلمها، حتى الدنيا، فاليوم هناك أناس يعلمون شيئاً من الدنيا، يقدم شيئاً من ماله يقول لك قد شعرت براحة، قد لا يكون مسلماً أو مصلياً، لكنه يعلم شيئاً من الدنيا أكثر من الظاهر، ولكن هؤلاء ﴿يَعْلَمُونَ ظَاهِرًا مِّنَ الْحَيَاةِ الدُّنْيَا وَهُمْ عَنِ الْآخِرَةِ هُمْ غَافِلُونَ﴾.

وَمَا يَتَّبِعُ أَكْثَرُهُمْ إِلَّا ظَنًّا ۚ إِنَّ الظَّنَّ لَا يُغْنِي مِنَ الْحَقِّ شَيْئًا ۚ إِنَّ اللَّهَ عَلِيمٌ بِمَا يَفْعَلُونَ(36)
(سورة يونس)

أكثر الناس يعيشون اليوم على الظنون، الظن بمعنى الظن 60 أو 70%، الشك50%، تحت الظن، الظن أكثر قليلاً، لكن الظن أحياناً يأتي بالقرآن بمعنى اليقين:

الَّذِينَ يَظُنُّونَ أَنَّهُم مُّلَاقُو رَبِّهِمْ وَأَنَّهُمْ إِلَيْهِ رَاجِعُونَ(46)
(سورة البقرة)

عندما يأتي مع الإيمان الظن ولقاء الله يأتي بمعنى اليقين، لكن عندما يأتي مع المشركين يأتي بمعنى الظن الحقيقي وهو عدم التصديق بالشيء إلى المرتبة التي تجعله يقينياً:

فَاصْبِرْ إِنَّ وَعْدَ اللَّهِ حَقٌّ ۖ وَلَا يَسْتَخِفَّنَّكَ الَّذِينَ لَا يُوقِنُونَ(60)
(سورة الروم)

اللَّهُ الَّذِي جَعَلَ لَكُمُ اللَّيْلَ لِتَسْكُنُوا فِيهِ وَالنَّهَارَ مُبْصِرًا ۚ إِنَّ اللَّهَ لَذُو فَضْلٍ عَلَى النَّاسِ وَلَٰكِنَّ أَكْثَرَ النَّاسِ لَا يَشْكُرُونَ(61)
(سورة غافر)


وصف الله تعالى الأكثرية بعدم الشكر:
والله أيها الكرام هذه الآية تأخذ بالألباب ﴿إِنَّ اللَّهَ لَذُو فَضْلٍ عَلَى النَّاسِ وَلَٰكِنَّ أَكْثَرَ النَّاسِ لَا يَشْكُرُونَ﴾ فضل الله عز وجل على الناس عظيم، أوجدنا من عدم، هيأ لنا أسباب الحياة؛ الرزق لكل الناس، للمؤمن ولغير المؤمن، فضل الله على الناس كبير، ﴿وَلَٰكِنَّ أَكْثَرَ النَّاسِ لَا يَشْكُرُونَ﴾ لا يقابل نعمة الله عليه بالشكر لا باللسان ولا بالعمل ولا بالقلب، لا قلبه ممتن لله، ولا لسانه لهِجٌ بشكر الله، ولا عمله فيه وفاء لله تعالى بأن يرد الجميل بشيء يسير بخدمة عباد الله من خلال ما وهبه الله، فلا ينفق من ماله، ولا يوجه عينه إلى الحق، ولا أذنه لسماع الحق ﴿وَلَٰكِنَّ أَكْثَرَ النَّاسِ لَا يَشْكُرُونَ﴾.

وَإِنَّ رَبَّكَ لَذُو فَضْلٍ عَلَى النَّاسِ وَلَٰكِنَّ أَكْثَرَهُمْ لَا يَشْكُرُونَ(73)
(سورة النمل)

ثُمَّ لَآتِيَنَّهُم مِّن بَيْنِ أَيْدِيهِمْ وَمِنْ خَلْفِهِمْ وَعَنْ أَيْمَانِهِمْ وَعَن شَمَائِلِهِمْ ۖ وَلَا تَجِدُ أَكْثَرَهُمْ شَاكِرِينَ(17)
(سورة الأعراف)

هذا عمل الشيطان، قال ﴿ثُمَّ لَآتِيَنَّهُم مِّن بَيْنِ أَيْدِيهِمْ وَمِنْ خَلْفِهِمْ وَعَنْ أَيْمَانِهِمْ وَعَن شَمَائِلِهِمْ ۖ وَلَا تَجِدُ أَكْثَرَهُمْ شَاكِرِينَ﴾ فعمل الشيطان أن يخرج الإنسان من الشكر إلى الكفر.

وصف الله تعالى الأكثرية بالكفر:
كثيراً ما وصف الله تعالى الأكثرية بالكفر:

يَعْرِفُونَ نِعْمَتَ اللَّهِ ثُمَّ يُنكِرُونَهَا وَأَكْثَرُهُمُ الْكَافِرُونَ(83)
(سورة النحل)

وَلَقَدْ صَرَّفْنَا لِلنَّاسِ فِي هَٰذَا الْقُرْآنِ مِن كُلِّ مَثَلٍ فَأَبَىٰ أَكْثَرُ النَّاسِ إِلَّا كُفُورًا(89)
(سورة الإسراء)

وَلَقَدْ صَرَّفْنَاهُ بَيْنَهُمْ لِيَذَّكَّرُوا فَأَبَىٰ أَكْثَرُ النَّاسِ إِلَّا كُفُورًا(50)
(سورة الفرقان)

أَوَلَمْ يَتَفَكَّرُوا فِي أَنفُسِهِم ۗ مَّا خَلَقَ اللَّهُ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضَ وَمَا بَيْنَهُمَا إِلَّا بِالْحَقِّ وَأَجَلٍ مُّسَمًّى ۗ وَإِنَّ كَثِيرًا مِّنَ النَّاسِ بِلِقَاءِ رَبِّهِمْ لَكَافِرُونَ(8)
(سورة الروم)


وصف الله تعالى الأكثرية بأنها لا تعقل:
وُصفت الأكثرية أيضاً بأنها لا تعقل، اليوم إذا كان عند إنسان علم وشهادة، فهو إنسان عاقل، لكن بالقرآن الكريم إذا كان عقله أي فهمه لم يوصله إلى الله تعالى فهو لا يعقل، قال تعالى:

مَا جَعَلَ اللَّهُ مِن بَحِيرَةٍ وَلَا سَائِبَةٍ وَلَا وَصِيلَةٍ وَلَا حَامٍ ۙ وَلَٰكِنَّ الَّذِينَ كَفَرُوا يَفْتَرُونَ عَلَى اللَّهِ الْكَذِبَ ۖ وَأَكْثَرُهُمْ لَا يَعْقِلُونَ(103)
(سورة المائدة)

وَلَئِن سَأَلْتَهُم مَّن نَّزَّلَ مِنَ السَّمَاءِ مَاءً فَأَحْيَا بِهِ الْأَرْضَ مِن بَعْدِ مَوْتِهَا لَيَقُولُنَّ اللَّهُ ۚ قُلِ الْحَمْدُ لِلَّهِ ۚ بَلْ أَكْثَرُهُمْ لَا يَعْقِلُونَ(63)
(سورة العنكبوت)

العقل يوصل إلى الله تعالى
ما معنى عدم العقل؟ الآية لطيفة جداً، ﴿وَلَئِن سَأَلْتَهُم مَّن نَّزَّلَ مِنَ السَّمَاءِ مَاءً فَأَحْيَا بِهِ الْأَرْضَ مِن بَعْدِ مَوْتِهَا﴾ هذا من مقتضيات الربوبية، من الذي ينزل المطر؟ ﴿لَيَقُولُنَّ اللَّهُ﴾ الله الذي نزّل المطر، أنت يا محمد صلى الله عليه وسلم ﴿قُلِ الْحَمْدُ لِلَّهِ﴾ مادام نزّل فتوجه إليه ﴿بَلْ أَكْثَرُهُمْ لَا يَعْقِلُونَ﴾ لأنهم يقولون أن الله قد نزّل المطر ثم يتوجهون إلى أصنامهم بالعبادة، منتهى الغباء، منتهى الجنون، لا يوجد عقل، ما استطاع أن يحاكم مسألة بسيطة جداً جداً جداً، يعني أنا جالس فقام أخ كريم وقدم لي كأس ماء من هنا، فالتفتّ إلى شخص آخر وقلت له شكراً لك، هل أكون عاقلاً؟ لا والله، الشكر لمن قدم الماء، سألته من الذي أعطاك الماء، تظن أنه لم ينتبه، يقول: لا هذا الذي أعطاني، فلماذا تتشكر شخصاً آخر إذاً؟! هذا الذي حدث مع المشركين، والذي يحدث اليوم مع الكثير من المشركين الشرك الخفي، تقول أليس الله الذي رزقك؟ نعم الله، من الذي وهبك ولداً؟ الله عز وجل، لماذا تتوجه لغيره بالدعاء؟ لماذا تطلب من غيره ولا تتوجه إليه وتقول له يا رب أنت احمني ووفقني ويسر لي، لماذا قلبك معلق بغيره إذا كان هو الذي يعطيك؟ فقال: ﴿بَلْ أَكْثَرُهُمْ لَا يَعْقِلُونَ﴾.

إِنَّ الَّذِينَ يُنَادُونَكَ مِن وَرَاءِ الْحُجُرَاتِ أَكْثَرُهُمْ لَا يَعْقِلُونَ(4)
(سورة الحجرات)

الذي لا يوقر رسول الله صلى الله عليه وسلم لا عقل لديه؛ لأنه لم يعلم مقام رسول الله صلى الله عليه وسلم، نحن اليوم إذا جاءك رسول من عند ملك من ملوك الأرض، وجاءك رسول من عنده وقال لك أنا أرسلني إليك الملك، فقلت له: انتظر قليلاً أنا الآن مشغول، فهل هذا الإنسان فيه عقل؟ ما قدّر رسول الملك، إذا شخص ما قدّر رسول الله صلى الله عليه وسلم ويناديه من وراء الحجرات: يا محمد اخرج إلينا، لا يعرف مع من يتكلم، والآن إذا الإنسان لا يقدر رسول الله حق قدره كأنه يناديه من وراء الحجرات.

وصف الله تعالى الأكثرية أنهم فاسقون:
وصف الأكثرية بأنهم فاسقون:

وَمَا وَجَدْنَا لِأَكْثَرِهِم مِّنْ عَهْدٍ ۖ وَإِن وَجَدْنَا أَكْثَرَهُمْ لَفَاسِقِينَ(102)
(سورة الأعراف)

خارجون عن منهج الله، لا يستقيمون، لا يسمعون.

وصف الله تعالى الأكثرية أنهم لا يسمعون:

كِتَابٌ فُصِّلَتْ آيَاتُهُ قُرْآنًا عَرَبِيًّا لِّقَوْمٍ يَعْلَمُونَ (3)بَشِيرًا وَنَذِيرًا فَأَعْرَضَ أَكْثَرُهُمْ فَهُمْ لَا يَسْمَعُونَ(4)
(سورة فصلت)

أليس لديهم أذن؟ يسمع ولكن لا يعالج، فكأنه ما سمع:

وَلَا تَكُونُوا كَالَّذِينَ قَالُوا سَمِعْنَا وَهُمْ لَا يَسْمَعُونَ(21)
(سورة الأنفال)

فالسمع هو الاستجابة في الشرع، أما إذا قال لك إنسان سمعت وما استجاب فما سمع، مثل إذا قلت لإنسان على كتفك عقرب، فقال لك: شكراً ملاحظة جميلة، ما سمع، مادام ما استجاب واتخذ ردة فعل وانتفض من مكانه فما سمع، دخلت الكلمة "عقرب" ولكن إما أنه سمعها شيئاً آخر، أو لا يعرف مفهوم العقرب في دماغه، يعتقد أنه زينة، ما عقل فما سمع:

فَالْيَوْمَ نُنَجِّيكَ بِبَدَنِكَ لِتَكُونَ لِمَنْ خَلْفَكَ آيَةً ۚ وَإِنَّ كَثِيرًا مِّنَ النَّاسِ عَنْ آيَاتِنَا لَغَافِلُونَ(92)
(سورة يونس)


وصف الله تعالى الاكثرية بالمجادلة والمخاصمة:
الغفلة عن آيات الله من صفات الأكثرية، المجادلة والمخاصمة والمعارضة من صفات الأكثرية

وَلَقَدْ صَرَّفْنَا فِي هَٰذَا الْقُرْآنِ لِلنَّاسِ مِن كُلِّ مَثَلٍ ۚ وَكَانَ الْإِنسَانُ أَكْثَرَ شَيْءٍ جَدَلًا(54)
(سورة الكهف)


الأقلية في القرآن الكريم:
يجادل، أما الأقلية في القرآن الكريم، فقال تعالى يمدح من آمنوا مع نوح:

حَتَّىٰ إِذَا جَاءَ أَمْرُنَا وَفَارَ التَّنُّورُ قُلْنَا احْمِلْ فِيهَا مِن كُلٍّ زَوْجَيْنِ اثْنَيْنِ وَأَهْلَكَ إِلَّا مَن سَبَقَ عَلَيْهِ الْقَوْلُ وَمَنْ آمَنَ ۚ وَمَا آمَنَ مَعَهُ إِلَّا قَلِيلٌ (40)
(سورة هود)

فَلَوْلَا كَانَ مِنَ الْقُرُونِ مِن قَبْلِكُمْ أُولُو بَقِيَّةٍ يَنْهَوْنَ عَنِ الْفَسَادِ فِي الْأَرْضِ إِلَّا قَلِيلًا مِّمَّنْ أَنجَيْنَا مِنْهُمْ ۗ وَاتَّبَعَ الَّذِينَ ظَلَمُوا مَا أُتْرِفُوا فِيهِ وَكَانُوا مُجْرِمِينَ(116)
(سورة هود)

يَعْمَلُونَ لَهُ مَا يَشَاءُ مِن مَّحَارِيبَ وَتَمَاثِيلَ وَجِفَانٍ كَالْجَوَابِ وَقُدُورٍ رَّاسِيَاتٍ ۚ اعْمَلُوا آلَ دَاوُودَ شُكْرًا ۚ وَقَلِيلٌ مِّنْ عِبَادِيَ الشَّكُورُ(13)
(سورة سبأ)

قَالَ لَقَدْ ظَلَمَكَ بِسُؤَالِ نَعْجَتِكَ إِلَىٰ نِعَاجِهِ ۖ وَإِنَّ كَثِيرًا مِّنَ الْخُلَطَاءِ لَيَبْغِي بَعْضُهُمْ عَلَىٰ بَعْضٍ إِلَّا الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ وَقَلِيلٌ مَّا هُمْ ۗ وَظَنَّ دَاوُودُ أَنَّمَا فَتَنَّاهُ فَاسْتَغْفَرَ رَبَّهُ وَخَرَّ رَاكِعًا وَأَنَابَ ۩(24)
(سورة ص)

أَلَمْ تَرَ إِلَى الْمَلَإِ مِن بَنِي إِسْرَائِيلَ مِن بَعْدِ مُوسَىٰ إِذْ قَالُوا لِنَبِيٍّ لَّهُمُ ابْعَثْ لَنَا مَلِكًا نُّقَاتِلْ فِي سَبِيلِ اللَّهِ ۖ قَالَ هَلْ عَسَيْتُمْ إِن كُتِبَ عَلَيْكُمُ الْقِتَالُ أَلَّا تُقَاتِلُوا ۖ قَالُوا وَمَا لَنَا أَلَّا نُقَاتِلَ فِي سَبِيلِ اللَّهِ وَقَدْ أُخْرِجْنَا مِن دِيَارِنَا وَأَبْنَائِنَا ۖ فَلَمَّا كُتِبَ عَلَيْهِمُ الْقِتَالُ تَوَلَّوْا إِلَّا قَلِيلًا مِّنْهُمْ ۗ وَاللَّهُ عَلِيمٌ بِالظَّالِمِينَ(246)
(سورة البقرة)

فَبِمَا نَقْضِهِم مِّيثَاقَهُمْ لَعَنَّاهُمْ وَجَعَلْنَا قُلُوبَهُمْ قَاسِيَةً ۖ يُحَرِّفُونَ الْكَلِمَ عَن مَّوَاضِعِهِ ۙ وَنَسُوا حَظًّا مِّمَّا ذُكِّرُوا بِهِ ۚ وَلَا تَزَالُ تَطَّلِعُ عَلَىٰ خَائِنَةٍ مِّنْهُمْ إِلَّا قَلِيلًا مِّنْهُمْ ۖ فَاعْفُ عَنْهُمْ وَاصْفَحْ ۚ إِنَّ اللَّهَ يُحِبُّ الْمُحْسِنِينَ(13)
(سورة المائدة)

وَإِذَا جَاءَهُمْ أَمْرٌ مِّنَ الْأَمْنِ أَوِ الْخَوْفِ أَذَاعُوا بِهِ ۖ وَلَوْ رَدُّوهُ إِلَى الرَّسُولِ وَإِلَىٰ أُولِي الْأَمْرِ مِنْهُمْ لَعَلِمَهُ الَّذِينَ يَسْتَنبِطُونَهُ مِنْهُمْ ۗ وَلَوْلَا فَضْلُ اللَّهِ عَلَيْكُمْ وَرَحْمَتُهُ لَاتَّبَعْتُمُ الشَّيْطَانَ إِلَّا قَلِيلًا(83)
(سورة النساء)

قَالَ أَرَأَيْتَكَ هَٰذَا الَّذِي كَرَّمْتَ عَلَيَّ لَئِنْ أَخَّرْتَنِ إِلَىٰ يَوْمِ الْقِيَامَةِ لَأَحْتَنِكَنَّ ذُرِّيَّتَهُ إِلَّا قَلِيلًا(62)
(سورة الإسراء)

حتى الشيطان فهم المعادلة، عرف أنه لا سلطان له على الجميع، هناك قلة ناجية.

جزاء الكثرة والقلة في القرآن الكريم:
أما جزاء الكثرة والقلة في الآخرة، قال تعالى عن القلة:

وَالسَّابِقُونَ السَّابِقُونَ (10) أُولَٰئِكَ الْمُقَرَّبُونَ (11 (فِي جَنَّاتِ النَّعِيمِ (12) ثُلَّةٌ مِّنَ الْأَوَّلِينَ (13) وَقَلِيلٌ مِّنَ الْآخِرِينَ (14)
(سورة الواقعة)

في حين أن الكثرة تواجه جزاء عظيماً أليماً وهو جهنم، قال تعالى:

وَلَقَدْ ذَرَأْنَا لِجَهَنَّمَ كَثِيرًا مِّنَ الْجِنِّ وَالْإِنسِ ۖ لَهُمْ قُلُوبٌ لَّا يَفْقَهُونَ بِهَا وَلَهُمْ أَعْيُنٌ لَّا يُبْصِرُونَ بِهَا وَلَهُمْ آذَانٌ لَّا يَسْمَعُونَ بِهَا ۚ أُولَٰئِكَ كَالْأَنْعَامِ بَلْ هُمْ أَضَلُّ ۚ أُولَٰئِكَ هُمُ الْغَافِلُونَ(179)
(سورة الأعراف)

في القرآن الكريم ما وجدنا آية تمدح الكثير
فإذاً أحبابنا الكرام، هذه آيات القرآن الكريم، ما وجدنا آية تمدح الكثير، يعني لا تستوحش بقلة السالكين، فالقرآن ما الذي يريد أن يوصله لنا؟ نحن الآن بزمن غربة، بحاجة لهذه الآيات بشكل كبير، لأننا الآن فعلاً نحن قلة، ففي كل العصور كان المستقيمون والمؤمنون قلة، ولكن في هذا العصر قلة مع غربة، فاليوم ينظر الناس إليك على أنك أنت الاستثناء وهو القاعدة، وهذه مصيبة المصائب، فالمصيبة أن تكون أنت قليل ولكن يقول الناس ليتنا مثل هذا القليل ولكننا لا نقدر، أما عندما يصبح القليل هم الغرباء، أنت لازلت بعصر الحجاب، وبالغيبيات والورائيات، تصبح تشعر بالغربة لأن الناس يتهمونك، نحن في هذا الزمن أكثر ما نكون حرصاً على أن ننظر في مفهوم الكثرة والقلة، لذلك: عليك بطريق الحق، ولو قل السالكون، ولا تستوحش، وإياك وطريق الغفلة والباطل ولو كثر الساقطون، فإذا قال لك إنسان أنزل مع الكثرة فنزل فوجد نفسه في حفرة ما لها من قرار، لا دعك مع القلة وهذا خير لك، ابقَ مع القلة المؤمنة مهما قلت وإياك والكثرة لأنها هالكة.

الخلاصة:
ملخص الملخص: الأمر الأول: كل الناس يتجهون باتجاه الكم أو الكيف، وهذا ملاحَظ، كل إنسان فينا الآن يراجع حساباته ويعرف إن كان من جماعة الكم أو الكيف، طبيعة بشرية، لسنا ضد من يريد الكم، نتكلم عن العبادات والطاعات ولسنا ضد الكيف، ولكن قلنا أن الرابط بينهما العناية أولاً ورقم واحد بالكيف، إذا استطعت أن تحافظ على ركعتين قيام ليل مع خشوع صفحة بكل ركعة ويومية أفضل من ثماني ركع لمدة أسبوع وبعدها أترك، أو ثماني ركع وأنا متعب ونعسان وغير قادر، وأريد فقط أن ينتهوا أما إذا كانت الركعات الثمانية وفق الكيف الصحيح فهم أفضل طبعاً، فالعبرة بالتوازن بين الكم والكيف، وهل أستطيع أن أؤدي الكيف على الوجه المطلوب ثم رقم اثنان الأولوية الأولى للكيف ثم الكم.
الأمر الآخر: ألا نغترّ بكثرة الهالكين، ولا بكثرة الباطل، فالقرآن الكريم يمدح القلة، ودائماً ما يذم الكثرة، فلنكن مع القليل، اللهم اجعلنا من القليل الشاكر.
والحمد لله رب العالمين.