الهجرة دروس وعبر
الهجرة دروس وعبر
الحمد لله رب العالمين، والصلاة والسلام على نبينا الأمين وعلى آله وأصحابه أجمعين.
اختيار الهجرة بداية التاريخ الإسلامي:
اختيرت الهجرة لتكون مبدأ للتاريخ الإسلامي
|
أسباب اختيار سيدنا عمر رضي الله عنه الهجرة بداية للتاريخ الإسلامي:
أولاً- الهجرة هي بداية بناء الأمة الإسلامية:
لكن عمر رضي الله عنه اختار الهجرة ووافقه الصحابة على ذلك، لماذا؟ لأن الهجرة كانت في الحقيقة هي بداية بناء الأمة المسلمة، المسلمون في مكة كانوا يُسامون سوء العذاب، وكان المشركون يتفننون في إيذائهم، وفي ذلك الوقت كان القرآن الكريم يخاطبهم: |
أَلَمْ تَرَ إِلَى الَّذِينَ قِيلَ لَهُمْ كُفُّوا أَيْدِيَكُمْ وَأَقِيمُوا الصَّلَاةَ وَآتُوا الزَّكَاةَ فَلَمَّا كُتِبَ عَلَيْهِمُ الْقِتَالُ إِذَا فَرِيقٌ مِّنْهُمْ يَخْشَوْنَ النَّاسَ كَخَشْيَةِ اللَّهِ أَوْ أَشَدَّ خَشْيَةً ۚ وَقَالُوا رَبَّنَا لِمَ كَتَبْتَ عَلَيْنَا الْقِتَالَ لَوْلَا أَخَّرْتَنَا إِلَىٰ أَجَلٍ قَرِيبٍ ۗ قُلْ مَتَاعُ الدُّنْيَا قَلِيلٌ وَالْآخِرَةُ خَيْرٌ لِّمَنِ اتَّقَىٰ وَلَا تُظْلَمُونَ فَتِيلًا(77)(سورة النساء)
في مكة مرحلة الاستضعاف:
يمر النبي صلى الله عليه وسلم ببلال الحبشي وهو يقول: "أحدٌ أحدٌ"، ويمر بعمار بن ياسر فيقول: "صبراً آل ياسر فإن موعدكم الجنة"، المسلمون كانوا في مرحلة استضعاف شديدة جداً بحيث لا يقوى أحدهم على رفع الظلم عن أخيه، انتقلت الأمة بالهجرة من هذه المرحلة مرحلة الاستضعاف إلى مرحلة بداية التمكين والاستخلاف، من الاستضعاف إلى الاستخلاف. |
وبعد الهجرة بثلاث سنوات: |
أُذِنَ لِلَّذِينَ يُقَاتَلُونَ بِأَنَّهُمْ ظُلِمُوا ۚ وَإِنَّ اللَّهَ عَلَىٰ نَصْرِهِمْ لَقَدِيرٌ(39)(سورة الحج)
في المدينة مرحلة الاستخلاف:
بدأت المرحلة المختلفة، وهي مرحلة الجهاد، جهاد الطلب وليس جهاد المدافعة فقط، يعني نشر الخير والحق والعدل في الإنسانية. |
تكامل الإيمان والعمل
|
فالإنسان بطبيعته حركي، إذا آمن بالفكرة حقيقة يتحرك لتنفيذها، أو يتحرك للدفاع عنها، يتحرك إما للدفاع عنها، أو يتحرك لتنفيذها، في مرحلة معينة كان الفقه ﴿أَلَمْ تَرَ إِلَى الَّذِينَ قِيلَ لَهُمْ كُفُّوا أَيْدِيَكُمْ﴾ مرحلة الاستضعاف، أي حركة في هذا الوقت وأنت مُستضعف النتائج كارثية أكثر من الواقع الموجود، فالآن غير مطلوب منكم حركات عشوائية تؤدي إلى دمار، فالعدو قوي جداً، والأسلحة بيده وحده، والقوة بيده وحده، وأنت ضعيف، يقول العوام: العين لا تقاوم المخرز، ممكن البعض أن يعتبر هذا الكلام انهزامي، أن يصدر من داعية يقول: نقدر أن نتحرك دائماً، لا، الحركة غير مطلوبة دائماً، هناك مرحلة ﴿كُفُّوا أَيْدِيَكُمْ﴾ لثلاثة عشر سنة، ﴿كُفُّوا أَيْدِيَكُمْ﴾ أنت الآن غير قادر على فعل شيء، لأن دائماً إقامة الأمة قبل إقامة الحركة والفعل والجهاد، لما استقر الأمر في المدينة وأقيمت دولة الإسلام ﴿أُذِنَ لِلَّذِينَ يُقَاتَلُونَ بِأَنَّهُمْ ظُلِمُوا ۚ وَإِنَّ اللَّهَ عَلَىٰ نَصْرِهِمْ لَقَدِيرٌ﴾. |
الَّذِينَ أُخْرِجُوا مِن دِيَارِهِم بِغَيْرِ حَقٍّ إِلَّا أَن يَقُولُوا رَبُّنَا اللَّهُ ۗ وَلَوْلَا دَفْعُ اللَّهِ النَّاسَ بَعْضَهُم بِبَعْضٍ لَّهُدِّمَتْ صَوَامِعُ وَبِيَعٌ وَصَلَوَاتٌ وَمَسَاجِدُ يُذْكَرُ فِيهَا اسْمُ اللَّهِ كَثِيرًا ۗ وَلَيَنصُرَنَّ اللَّهُ مَن يَنصُرُهُ ۗ إِنَّ اللَّهَ لَقَوِيٌّ عَزِيزٌ (40)(سورة الحج)
فالهجرة كانت هي المرحلة الفاصلة بين ﴿كُفُّوا أَيْدِيَكُمْ﴾ وبين ﴿أُذِنَ لِلَّذِينَ يُقَاتَلُونَ﴾ فمكة والمدينة تمثّلان حالة الاستضعاف، وحالة الاستخلاف، فكان من فقه عمر رضي الله عنه أنه قال: نبدأ التاريخ بالهجرة. |
ثانياً- الهجرة كانت رحلة وفق القوانين الإلهية:
الإسراء والمعراج معجزة
|
لَا يُكَلِّفُ اللَّهُ نَفْسًا إِلَّا وُسْعَهَا ۚ لَهَا مَا كَسَبَتْ وَعَلَيْهَا مَا اكْتَسَبَتْ ۗ رَبَّنَا لَا تُؤَاخِذْنَا إِن نَّسِينَا أَوْ أَخْطَأْنَا ۚ رَبَّنَا وَلَا تَحْمِلْ عَلَيْنَا إِصْرًا كَمَا حَمَلْتَهُ عَلَى الَّذِينَ مِن قَبْلِنَا ۚ رَبَّنَا وَلَا تُحَمِّلْنَا مَا لَا طَاقَةَ لَنَا بِهِ ۖ وَاعْفُ عَنَّا وَاغْفِرْ لَنَا وَارْحَمْنَا ۚ أَنتَ مَوْلَانَا فَانصُرْنَا عَلَى الْقَوْمِ الْكَافِرِينَ (258)(سورة البقرة)
الإسراء والمعراج معجزة، فنحن غير قادرين فضلاً على أننا غير مكلفين بتنفيذها، الهجرة كان من الممكن أن تكون تشبه الإسراء والمعراج تماماً، وما ذلك على الله بعزيز، فكان من الممكن أن يأتي البراق إلى مكة، ويأخذ رسول الله صلى الله عليه وسلم مع صاحبه ويضعه فوراً في المدينة، وانتهى الأمر، ليست بحاجة إلى 14 يوماً مشياً وركوباً ومكوثاً في غار ثور ثلاثة أيام حتى يخف الطلب، والنزول من الساحل إلى الجنوب حتى يضلل المشركين، ويبعدهم عن التصور أنه خرج إلى المدينة، اتخاذ دليل حتى يدله على الطريق، من يمحو الآثار، ومن ياتي بالطعام "السيدة أسماء" من يخلفه في فراشه "علي بن أبي طالب" قبل ذلك الترتيبات السرية التامة، يا أبا بكر الصحبة، في جوّ سري تام، جاء في وقت لم يكن يأتي به من الباب الخلفي، فكل الترتيبات التي كانت، وحتى قبل ذلك بيعة العقبة الأولى وبيعة العقبة الثانية، وسفير الإسلام مصعب بن عمير، الترتيبات كانت كلها وفق منهج، فالهجرة نحن مُتعبَّدون بها، فإذا قلت لإنسان ما الفائدة من الهجرة يذكر عدة بنود، وإذا قلت ما ينبغي أن يكون موقفك من الإسراء والمعراج؟ يقول لي: التصديق، أؤمن بهذه المعجزة، وإذا كذبت بها فهذه مشكلة لأن الله تعالى أخبرني بها، فأنا أومن بأن الإسراء والمعراج حصلت، لكن هل أنا مكلف بهذه الرحلة؟ لا، أما الهجرة نحن مكلفون بها كل يوم، نحن مكلفون بما يشبهها، لذلك يقول صلى الله عليه وسلم: |
{ المسلم من سلم المسلمون من لسانه ويده، والمهاجر من هجر ما نهى الله عنه. }
(صحيح البخاري عن عبد الله بن عمرو)
فهناك مردود للهجرة، يقول: |
{ لا هجرة بعد الفتح، ولكن جهاد ونية. وإذا اسْتُنْفِرْتُم فَانْفِرُوا. }
(متفق عليه)
لا يوجد هجرة بمعنى الانتقال من مكة إلى المدينة، ولكن أي مدينتين تشبهان في واقعهما مكة والمدينة فيمكن أن أهاجر، فممكن إنسان يهاجر بدينه من بلد لا يستطيع أن يعبد الله به إلى بلد يستطيع أن يقيم شرع الله به، ممكن إنسان أن يهاجر في بلد هو مُستضعَف به، ليس استضعاف أن هناك من يمنعه من إقامة الصلاة، ولكن استضعاف شهوات مستعرة إلى درجة لا يستطيع أن يصمد أمامها. |
أنواع الاستضعاف:
فالاستضعاف نوعان بالمناسبة: |
إِنَّ الَّذِينَ تَوَفَّاهُمُ الْمَلَائِكَةُ ظَالِمِي أَنفُسِهِمْ قَالُوا فِيمَ كُنتُمْ ۖ قَالُوا كُنَّا مُسْتَضْعَفِينَ فِي الْأَرْضِ ۚ قَالُوا أَلَمْ تَكُنْ أَرْضُ اللَّهِ وَاسِعَةً فَتُهَاجِرُوا فِيهَا ۚ فَأُولَٰئِكَ مَأْوَاهُمْ جَهَنَّمُ ۖ وَسَاءَتْ مَصِيرًا(97)(سورة النساء)
• الاستضعاف ليس فقط أن يكون الإنسان يسوم الآخر العذاب، يقول له لا تصلي، يمنعه من الصلاة، ويمنع المرأة من الحجاب، هذا نوع من أنواع الاستضعاف. |
• وهناك استضعاف آخر؛ أن أجد نفسي ضعيفاً في مجتمع فيه موبقات، أسهر سهرة أسبوعية مع شباب، أقول لك: عندما أجلس مع هؤلاء الشباب الخمس أجد نفسي مدفوعاً إلى المعصية، لا أستطيع يا أخي، طبيعة مجلسهم هكذا، يتكلمون على الناس، وبعدها يتكلمون بالعورات، وبعدها يضعون على الشاشة شيئاً لا يرضي الله عز وجل وأنا أجد نفسي معهم يا أخي، فهذا يعني أنك مستضعف، لماذا لم تهاجر إلى مكان لا تكون فيه مستضعفاً؟ تكون فيه قوياً بإخوانك، تقيم شرع الله عز وجل فيه. |
فالاستضعاف بهذا المعنى، فالنبي صلى الله عليه وسلم قال: (لا هجرة بعد الفتح، ولكن جهاد ونية) نية عمل صالح، نية إعمار الأرض، نية خير، نية عدل...إلخ من هذه الأمور. |
الأمور المهمة التي ظهرت في الهجرة:
فالهجرة لم تكن رحلة فوق الأسباب، رحلة ضمن الأسباب الأرضية، ظهر فيها أمران اثنان مهمان جداً يرافقان المؤمن في كل لحظة من لحظات حياته، وهي من أهم دروس الهجرة، |
الأمر الأول- طريقة التعامل مع الأسباب:
الهجرة رحلة ضمن الأسباب الأرضية
|
لكن لماذا لم يقل رسول الله صلى الله عليه وسلم: أنا رسول الله ولن يضيعني الله، والأمر كذلك، فيعني مستحيل، سأصل إلى المدينة، وأنا موعود بالوصول إلى المدينة فلا داعي للأسباب، كان النبي صلى الله عليه وسلم هنا يعلمنا، فالهحرة درس، الهجرة تعليم لنا بأن نتخذ الأسباب، فاتخذ الأسباب بأروع ما يكون من اتخاذ للأسباب، لكن الله تعالى شاء أن يصلوا إليه، أيضاً كان من الممكن ألا يصلوا مادام الأسباب اتُخِذت بأعلى مستوى إذاً لا يصلون إليه، انتهى الأمر، فهم مثلاً لا ينزلون ويذهبون بعكس الاتجاه، وهو بغار ثور، ويعودون ويخرج من الغار وانتهى، لا، بعد كل هذه الأسباب أراد الله أن يصلوا إلى الغار الذي هو فيه، وأن يقفوا عليه، وأن يقول أبو بكر: |
{ يا رسول الله، لَو أنَّ أحَدَهم نظر تحت قدَمَيه لأَبصَرَنا، فقال: مَا ظَنُّكَ يَا أَبَا بَكرٍ بِاثنَينِ الله ثَالِثُهُمَا. }
(متفق عليه.)
وفي رواية: لقد رأونا يا رسول الله، رأونا وانتهى الأمر. |
هنا ظهر صدق توكله على الله، ليعلمنا الله تعالى أن النبي صلى الله عليه وسلم ما كان معتمداً على الأسباب أبداً، كان يتخذها تعبُّداً، لكنه لا يعتمد عليها؛ لأن الاعتماد عليها شرك، من يعتمد على الأسباب يشرك بالله تعالى، الطالب الذي يقول أنا أنجح اليوم بالتأكيد لأنني درست، قد ينجح لكن هذا شرك، ممكن أن ينجح، ربنا عز وجل جعل الحياة مرتبطة الأسباب بالنتائج، حتى لا نخلط بين الأمور، أحياناً يأتيني طالب في التوجيهي وفق الله جميع الطلاب، ويأتي طالب شهادة ثانوية يقول لك: والله أنا دائماً بالمسجد وأصلي الفجر وما توفقت، وصديقي لا يصلي، وتوفق بالامتحان، لماذا؟ لأن ربنا عز وجل ربط الحياة أسباب بنتائج، فصديقك درس جيداً وهو متفوق وبذل جهوداً فأخذ النتيجة، وربنا عز وجل أحياناً يؤدب، فإذا شخص له كرامة عند ربنا عز وجل ومطلوب لرحمة الله يؤدبه، يقول له رغم أنك أخذت بكل الأسباب ترسب في النهاية، يقول لا أعرف ما الذي حصل معي في الامتحان، هذا تأديب من الله، فهذا الإنسان ضمن العناية المشددة، لكن بالعموم ربنا عز وجل قال: |
كُلًّا نُّمِدُّ هَٰؤُلَاءِ وَهَٰؤُلَاءِ مِنْ عَطَاءِ رَبِّكَ ۚ وَمَا كَانَ عَطَاءُ رَبِّكَ مَحْظُورًا(20)(سورة الإسراء)
وَمَا كَانَ لِنَفْسٍ أَن تَمُوتَ إِلَّا بِإِذْنِ اللَّهِ كِتَابًا مُّؤَجَّلًا ۗ وَمَن يُرِدْ ثَوَابَ الدُّنْيَا نُؤْتِهِ مِنْهَا وَمَن يُرِدْ ثَوَابَ الْآخِرَةِ نُؤْتِهِ مِنْهَا ۚ وَسَنَجْزِي الشَّاكِرِينَ(145)(سورة آل عمران)
الأمر الثاني- الاتكال المطلق على رب العالمين:
الأسباب مرتبطة بالنتائج
|
إِلَّا تَنصُرُوهُ فَقَدْ نَصَرَهُ اللَّهُ إِذْ أَخْرَجَهُ الَّذِينَ كَفَرُوا ثَانِيَ اثْنَيْنِ إِذْ هُمَا فِي الْغَارِ إِذْ يَقُولُ لِصَاحِبِهِ لَا تَحْزَنْ إِنَّ اللَّهَ مَعَنَا ۖ فَأَنزَلَ اللَّهُ سَكِينَتَهُ عَلَيْهِ وَأَيَّدَهُ بِجُنُودٍ لَّمْ تَرَوْهَا وَجَعَلَ كَلِمَةَ الَّذِينَ كَفَرُوا السُّفْلَىٰ ۗ وَكَلِمَةُ اللَّهِ هِيَ الْعُلْيَا ۗ وَاللَّهُ عَزِيزٌ حَكِيمٌ (40)
(مَا ظَنُّكَ يَا أَبَا بَكرٍ بِاثنَينِ الله ثَالِثُهُمَا) ﴿إِلَّا تَنصُرُوهُ فَقَدْ نَصَرَهُ اللَّهُ إِذْ أَخْرَجَهُ الَّذِينَ كَفَرُوا ثَانِيَ اثْنَيْنِ إِذْ هُمَا فِي الْغَارِ إِذْ يَقُولُ لِصَاحِبِهِ لَا تَحْزَنْ إِنَّ اللَّهَ مَعَنَا﴾. |
فالهجرة رحلة أسباب، رحلة توكل على رب الأرباب، جمعت هذين الأمرين اللذين هما متكاملَين تماماً، لابد من هذه ولابد من هذه، ولا يتم إيمان المرء بأخذه بالأسباب دون توكله على الله، ولا يتم إيمانه بادّعائه التوكل وهو لم يتخذ الأسباب، وأقول بادعائه؛ لأن الذي لم يأخذ بالأسباب هو حقيقة غير متوكل على الله، لأن الله هو الذي أمره أن يأخذ بالأسباب، فهو يعصي الله ويقول: أنا متوكل على الله، كيف؟ أنت غير متوكل لأنك عاصٍ لله في تركك الأسباب. |
فالهجرة النبوية بهذا المعنى كانت درساً عظيماً إلى يوم القيامة، الآن النبي صلى الله عليه وسلم أراد الله أن يصل إلى المدينة، وأراد الله تعالى أن يقيم هذه الدولة الإسلامية التي لا نزال ننعم بخيراتها إلى يومنا هذا، ونعيش في ظلالها، معتزّين بانتمائنا لهذه الأمة التي بناها النبي صلى الله عليه وسلم. |
الأمور التي قام بها النبي عليه الصلاة والسلام عندما وصل إلى المدينة:
ما الذي فعله النبي صلى الله عليه وسلم في المدينة، أول ما فعله النبي صلى الله عليه وسلم ثلاثة أمور كانت هي عماد المجتمع المسلم الجديد. |
1. الأمر الأول: هو بناء المسجد، أول شيء فعله النبي صلى الله عليه وسلم أنه بنى المسجد. |
2. الأمر الثاني: أنه آخى بين المهاجرين والأنصار. |
3. الأمر الثالث: أنه وضع الدستور، الوثيقة التي تنظم حياة الناس في المدينة. |
أولاً- بناء المسجد:
حُسن الصلة بالله عز وجل
|
ثانياً- المؤاخاة بين المهاجرين والأنصار:
المؤاخاة نظام تكافلي
|
ثالثاً- كتابة الوثيقة:
الوثيقة تنظم الحقوق والواجبات
|
فهذه الأمور الثلاثة متكاملة تشير إلى حقيقة مهمة جداً وهي أننا في أي مجتمع بحاجة إلى بناء صلة حقيقية بالله تعالى، دور المسجد أولاً، بناء تكافل اجتماعي وتآخي، فلا يصح أن يكون إنسان جائع والآخر شبعان، أمة يكون فيها شبعى متخومون وجياع طاوون على بطونهم لا يجدون ما يأكلون هذه أمة لا يمكن أن تنتصر أصلاً، فهي مهزومة من الداخل، عندها مشكلة داخلية، لذلك النبي صلى الله عليه وسلم يقول: |
{ ابغُونِي الضُعَفَاء؛ فَإِنَّما تُنصَرُون وتُرزَقُون بِضُعَفَائِكُم. }
(النسائي والترمذي وأبو داوود وأحمد)
المجتمع يقوى عندما يعتني بضعفائه
|
فالنبي صلى الله عليه وسلم أقام المسجد أولاً، والتكافل الاجتماعي ثانياً، والدستور الذي هو القانون الذي ينظم حياة الناس ثالثاً، دستور عصري، دستور المدينة دستور عصري وافتتاحيته افتتاحية خالدة؛ "أهل يثرب أمة واحدة" هذه المواطنة، نحن كلنا أمة واحدة، ما قال المسلمون في يثرب أمة واحدة، لا، أهل يثرب، فيهم الوثنيون وفيهم اليهود وفيهم أهل الكتاب وفيهم وفيهم، بالمقابل عندما خانوا العهد ونقضوا الوثيقة ونقضوا غيرها أجلاهم النبي صلى الله عليه وسلم، فهذه ليست وثيقة ضعف، هذه وثيقة لمن يؤمن حقيقة بأهميتها، أما الخيانة مرفوضة رفضاً قاطعاً، بعض الناس يستغلون وثيقة المدينة أن النبي صلى الله عليه وسلم كان مع الكل، طبعاً مع الجميع عندما يلتزمون بمبادئ الأمة، لكن عندما يكون هناك خيانة ونقض للعهود ونكث للمواثيق كان أول من قاتلهم رسول الله صلى الله عليه وسلم، فالحزم موجود، والوثيقة موجودة، فمن يلتزم بها على العين والرأس ومن لا يلتزم لابد من إقامة العدل بين الناس. |
بهذه الطريقة يمكن أن نفهم أن الهجرة فعلاً كانت حدثاً تاريخياً مهماً جداً غيّر مجرى التاريخ الإسلامي بل التاريخ البشري، وأوجد للأمة الإسلامية كِياناً لايزال موجوداً حتى اليوم على كل ضعفنا في المئة سنة الأخيرة للأسف الشديد، لكن ما نزال قائمين وموجودين، ونستذكر هذه الهجرة ونؤرخ بها لأنها فعلاً كانت الحدث الأبرز في تاريخ الدعوة الإسلامية، وكل عام وأنتم بخير. |