• الحلقة السابعة
  • 2016-05-07

ضمام ابن ثعلبة

الحمد لله رب العالمين، والصلاة و السلام على سيدنا محمد، وعلى آله وأصحابه أجمعين.

قصة ضمام بن ثعلبة مع النبي صلى الله عليه وسلم :
موقف اليوم ترويه لنا كتب الحديث والسيرة عن أنس رضي الله عنه يقول:

{ بيْنَما نَحْنُ جُلُوسٌ مع النبيِّ صَلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ في المَسْجِدِ، دَخَلَ رَجُلٌ علَى جَمَلٍ، فأناخَهُ في المَسْجِدِ ثُمَّ عَقَلَهُ، ثُمَّ قالَ لهمْ: أيُّكُمْ مُحَمَّدٌ؟ والنبيُّ صَلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ مُتَّكِئٌ بيْنَ ظَهْرانَيْهِمْ، فَقُلْنا: هذا الرَّجُلُ الأبْيَضُ المُتَّكِئُ. فقالَ له الرَّجُلُ: يا بْنَ عبدِ المُطَّلِبِ فقالَ له النبيُّ صَلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ: قدْ أجَبْتُكَ. فقالَ الرَّجُلُ للنبيِّ صَلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ: إنِّي سائِلُكَ فَمُشَدِّدٌ عَلَيْكَ في المَسْأَلَةِ، فلا تَجِدْ عَلَيَّ في نَفْسِكَ؟ فقالَ: سَلْ عَمَّا بَدا لكَ، فقالَ: أسْأَلُكَ برَبِّكَ ورَبِّ مَن قَبْلَكَ، آللَّهُ أرْسَلَكَ إلى النَّاسِ كُلِّهِمْ؟ فقالَ: اللَّهُمَّ نَعَمْ. قالَ: أنْشُدُكَ باللَّهِ، آللَّهُ أمَرَكَ أنْ نُصَلِّيَ الصَّلَواتِ الخَمْسَ في اليَومِ واللَّيْلَةِ؟ قالَ: اللَّهُمَّ نَعَمْ. قالَ: أنْشُدُكَ باللَّهِ، آللَّهُ أمَرَكَ أنْ نَصُومَ هذا الشَّهْرَ مِنَ السَّنَةِ؟ قالَ: اللَّهُمَّ نَعَمْ. قالَ: أنْشُدُكَ باللَّهِ، آللَّهُ أمَرَكَ أنْ تَأْخُذَ هذِه الصَّدَقَةَ مِن أغْنِيائِنا فَتَقْسِمَها علَى فُقَرائِنا؟ فقالَ النبيُّ صَلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ: اللَّهُمَّ نَعَمْ. فقالَ الرَّجُلُ: آمَنْتُ بما جِئْتَ به، وأنا رَسولُ مَن ورائِي مِن قَوْمِي، وأنا ضِمامُ بنُ ثَعْلَبَةَ أخُو بَنِي سَعْدِ بنِ بَكْرٍ، ثم انصرفَ راجعًا إلى بعيرِهِ فقالَ رسولُ اللَّهِ صلَّى اللَّهُ عليهِ وسلَّمَ حينَ ولَّى إن يصدُقْ ذو العَقيصتَينِ يدخلِ الجنَّةَ، قالَ: فأتَى إلى بعيرِهِ فأطلقَ عقالَهُ ثمَّ خرجَ حتَّى قدِمَ على قَومِهِ فاجتمَعوا إليهِ فَكانَ أوَّلَ ما تَكَلَّمَ بِهِ أن قالَ: بئستِ اللَّاتُ والعُزَّى، قالوا: مَهْ يا ضِمامُ، اتَّقِ البَرصَ والجُذامَ، اتَّقِ الجنونَ، قالَ: ويلَكُم إنَّهُما واللَّهِ لا يضرَّانِ ولا ينفعانِ، إنَّ اللَّهَ عزَّ وجلَّ قد بعثَ رسولًا، وأنزلَ عليهِ كتابًا استنقذَكُم بِهِ ممَّا كنتُمْ فيهِ، وإنِّي أشهدُ أن لا إلَهَ إلَّا اللَّهُ وحدَهُ لا شريكَ لَهُ وأنَّ محمَّدًا عبدُهُ ورسولُهُ، إنِّي قد جئتُكُم من عندِهِ بما أمرَكُم بِهِ، ونَهاكم عنهُ، قالَ: فو اللَّهِ ما أمسَى من ذلِكَ اليومِ وفي حاضرِهِ رجلٌ ولا امرأةٌ إلَّا مسلمًا، قالَ يقولُ ابنُ عبَّاسٍ: فما سمِعنا بوافدِ قَومٍ كانَ أفضلَ من ضِمامِ بنِ ثعلبةَ رضي الله عنه }

(رواه البخاري)

بيْنَما نَحْنُ جُلُوسٌ مع النبيِّ صَلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ في المَسْجِدِ، دَخَلَ رَجُلٌ علَى جَمَلٍ، فأناخَهُ في المَسْجِدِ ثُمَّ عَقَلَهُ- أي ربطه - ثُمَّ قالَ لهمْ: أيُّكُمْ مُحَمَّدٌ؟ والنبيُّ صَلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ مُتَّكِئٌ بيْنَ ظَهْرانَيْهِمْ، فَقُلْنا: هذا الرَّجُلُ الأبْيَضُ المُتَّكِئُ. فقالَ له الرَّجُلُ: يا بْنَ عبدِ المُطَّلِبِ فقالَ له النبيُّ صَلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ: قدْ أجَبْتُكَ. فقالَ الرَّجُلُ: إنِّي سائِلُكَ فَمُشَدِّدٌ عَلَيْكَ في المَسْأَلَةِ، فلا تَجِدْ عَلَيَّ في نَفْسِكَ؟- لا تلومني- فقالَ: سَلْ عَمَّا بَدا لكَ، فقالَ: أسْأَلُكَ برَبِّكَ ورَبِّ مَن قَبْلَكَ، آللَّهُ أرْسَلَكَ إلى النَّاسِ كُلِّهِمْ؟ فقالَ: اللَّهُمَّ نَعَمْ. قالَ: أنْشُدُكَ باللَّهِ، آللَّهُ أمَرَكَ أنْ نُصَلِّيَ الصَّلَواتِ الخَمْسَ في اليَومِ واللَّيْلَةِ؟ قالَ: اللَّهُمَّ نَعَمْ. قالَ: أنْشُدُكَ باللَّهِ، آللَّهُ أمَرَكَ أنْ نَصُومَ هذا الشَّهْرَ مِنَ السَّنَةِ؟ قالَ: اللَّهُمَّ نَعَمْ. قالَ: أنْشُدُكَ باللَّهِ، آللَّهُ أمَرَكَ أنْ تَأْخُذَ هذِه الصَّدَقَةَ مِن أغْنِيائِنا فَتَقْسِمَها علَى فُقَرائِنا؟ فقالَ النبيُّ صَلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ: اللَّهُمَّ نَعَمْ. فقالَ الرَّجُلُ: آمَنْتُ بما جِئْتَ به، وأنا رَسولُ مَن ورائِي مِن قَوْمِي، وأنا ضِمامُ بنُ ثَعْلَبَةَ، ثم انصرفَ راجعًا إلى بعيرِهِ فقالَ رسولُ اللَّهِ صلَّى اللَّهُ عليهِ وسلَّمَ حينَ ولَّى إن يصدُقْ ذو العَقيصتَينِ - ضمام بن ثعلبة- يدخلِ الجنَّةَ، يقول أنس: فأتَى إلى بعيرِهِ فأطلقَ عقالَهُ ثمَّ خرجَ حتَّى قدِمَ على قَومِهِ فاجتمَعوا إليهِ فَكانَ أوَّلَ ما تَكَلَّمَ بِهِ أن قالَ بئستِ اللَّاتُ والعُزَّى- صنمان من أصنام الجاهلية- فقالوا: صه يا ضِمامُ- اسكت- اتَّقِ البَرصَ والجُذامَ، اتَّقِ الجنونَ، فقالَ، ويلَكُم إنَّهُما واللَّهِ لا يضرَّانِ ولا ينفعانِ، إنَّ اللَّهَ عزَّ وجلَّ قد بعثَ رسولاً وأنزلَ عليهِ كتاباً استنقذَكُم بِهِ ممَّا كنتُمْ فيهِ، وإنِّي أشهدُ أن لا إلَهَ إلَّا اللَّهُ وحدَهُ لا شريكَ لَهُ وأنَّ محمَّدًا عبدُهُ ورسولُهُ، إنِّي قد جئتُكُم من عندِهِ بما أمرَكُم بِهِ ونَهاكم عنهُ، قالَ: فو اللَّهِ ما أمسَى من ذلِكَ اليومِ وفي حاضرِهِ رجلٌ ولا امرأةٌ إلَّا مسلماً، قالَ: يقولُ ابنُ عبَّاسٍ: فما سمِعنا بوافدِ قَومٍ كانَ أفضلَ من ضِمامِ بنِ ثعلبةَ رضي الله عنه وأرضاه.
هذا هو الموقف، وأما العبرة فنستنبطها من مقولة سيدنا محمدٍ صلى الله عليه وسلم حينما قال له الرجل: يا بْنَ عبدِ المُطَّلِبِ، فقالَ له النبيُّ صَلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ: قدْ أجَبْتُكَ.

إجابة السائل بمودة يدفعه للالتزام بأوامر الله :
إجابة السائل بمودة
هذا الرجل حينما دخل المسجد لم يكن مسلماً، هو أعرابيٌ جاء يتعرف إلى هذه الدعوة الجديدة، لكن حينما قال له صلى الله عليه سلم: قد أجبتك، علّمنا درساً مفاده أنه ينبغي أن نجيب الناس إلى ما يطلبونه منا، حتى لو لم يكن هذا السائل مسلماً، فليس في هذا حرجٌ، بل على العكس تماماً أنت حينما تجيب إنساناً غير مسلم، أو بعيداً عن الله عز وجل، حينما تجيبه إلى طلبه، وتشعره بأنك كلك أذانٌ صاغيةٌ له، حينها يشعر بتقديرك له، فيدخل حبك إلى قلبه، وقد تكون هذه الإجابة، وتلك المودة، وذاك الإشعار بالقرب، قد يكون كل ذلك دافعاً له إلى الدخول في دين الله عز وجل، وقد تكون هذه الإجابة دافعاً له إلى الالتزام بأوامر الله تعالى.

الأخلاق العالية طريق الإنسان للتقرب من الناس :
الأخلاق تكسبك قلوب الناس
أيها الأخوة؛ هذا رجلٌ قال: إنِّي سائِلُكَ فَمُشَدِّدٌ عَلَيْكَ في المَسْأَلَةِ، أي سوف أغلظ لك في القول بطريقةٍ قد لا تكون مناسبة، هل قال له صلى الله عليه وسلم: اخرج؟ هل قام أحدٌ من أصحابه وقال: من هذا الذي يجترئ على رسول الله صلى الله عليه وسلم؟ على العكس تماماً، يقول له صلى الله عليه وسلم: سَلْ عَمَّا بَدا لكَ، بهذه الأخلاق العالية فتح النبي عليه الصلاة والسلام قلوب الناس بإحسانه قبل أن يفتحوا عقولهم لبيانه، وأنت إذا أردت أن تكسب الناس فعليك أن تكسب قلوبهم بإحسانك إليهم قبل أن تخاطبهم بالبيان.
أيها الأخوة الكرام؛ هذا الموقف يعلمنا أننا إذا أردنا أن نتقرب إلى الناس، وأن يحبنا الناس فينبغي أن تكون أخلاقنا عاليةً، وأن نتعامل معهم بمودةٍ وقربٍ منهم. إلى لقاءٍ آخر.
والسلام عليكم ورحمة الله تعالى وبركاته