عَائِشَةَ أمّ الْمُؤْمِنِينَ

  • الحلقة الرابعة
  • 2016-04-30

عَائِشَةَ أمّ الْمُؤْمِنِينَ

الحمد لله رب العالمين، والصلاة و السلام على سيدنا محمد، وعلى آله وأصحابه أجمعين.


موقف عائشة رضي الله عنها مع النبي صلى الله عليه وسلم :
أيها الأخوة الكرام؛ أيتها الأخوات الكريمات؛ موقف اليوم ترويه لنا أم المؤمنين عائشة رضي الله عنها فتقول: ألا أحدثكم عني وعن رسول الله صلى الله عليه وسلم، قال الصحابة: بلى، قالت:

{ لَمَّا كَانَتْ لَيْلَتِي الَّتِي كَانَ النَّبِيُّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِيهَا عِنْدِي، انْقَلَبَ فَوَضَعَ رِدَاءَهُ، وَخَلَعَ نَعْلَيْهِ، فَوَضَعَهُمَا عِنْدَ رِجْلَيْهِ، وَبَسَطَ طَرَفَ إِزَارِهِ عَلَى فِرَاشِهِ، فَاضْطَجَعَ ، فَلَمْ يَلْبَثْ إِلَّا رَيْثَمَا ظَنَّ أَنْ قَدْ رَقَدْتُ، فَأَخَذَ رِدَاءَهُ رُوَيْدًا، وَانْتَعَلَ رُوَيْدًا، وَفَتَحَ الْبَابَ فَخَرَجَ، ثُمَّ أَجَافَهُ رُوَيْدًا، فَجَعَلْتُ دِرْعِي فِي رَأْسِي، وَاخْتَمَرْتُ، وَتَقَنَّعْتُ إِزَارِي، ثُمَّ انْطَلَقْتُ عَلَى إِثْرِهِ، حَتَّى جَاءَ الْبَقِيعَ فَقَامَ، فَأَطَالَ الْقِيَامَ، ثُمَّ رَفَعَ يَدَيْهِ ثَلَاثَ مَرَّاتٍ، ثُمَّ انْحَرَفَ فَانْحَرَفْتُ، فَأَسْرَعَ فَأَسْرَعْتُ ، فَهَرْوَلَ فَهَرْوَلْتُ، فَأَحْضَرَ فَأَحْضَرْتُ فَسَبَقْتُهُ فَدَخَلْتُ، فَلَيْسَ إِلَّا أَنِ اضْطَجَعْتُ، فَدَخَلَ، فَقَالَ: مَا لَكِ يَا عَائِشُ، حَشْيَا رَابِيَةً ؟ قَالَتْ: قُلْتُ: لَا شَيْءَ، قَالَ: لَتُخْبِرِينِي أَوْ لَيُخْبِرَنِّي اللَّطِيفُ الْخَبِيرُ، قَالَتْ : قُلْتُ : يَا رَسُولَ اللهِ ، بِأَبِي أَنْتَ وَأُمِّي ، فَأَخْبَرْتُهُ، قَالَ : فَأَنْتِ السَّوَادُ الَّذِي رَأَيْتُ أَمَامِي؟ قُلْتُ: نَعَمْ، فَلَهَدَنِي فِي صَدْرِي لَهْدَةً أَوْجَعَتْنِي، ثُمَّ قَالَ: أَظَنَنْتِ أَنْ يَحِيفَ اللهُ عَلَيْكِ وَرَسُولُهُ ؟ أي: هل ظننت أني أظلمك بالذهاب إلى زوجاتي الأخرى في ليلتك، قَالَتْ: مَهْمَا يَكْتُمِ النَّاسُ يَعْلَمْهُ اللهُ ، نَعَمْ ، قَالَ : فَإِنَّ جِبْرِيلَ أَتَانِي حِينَ رَأَيْتِ، فَنَادَانِي ، فَأَخْفَاهُ مِنْكِ ، فَأَجَبْتُهُ ، فَأَخْفَيْتُهُ مِنْكِ وَلَمْ يَكُنْ يَدْخُلُ عَلَيْكِ وَقَدْ وَضَعْتِ ثِيَابَكِ، وَظَنَنْتُ أَنْ قَدْ رَقَدْتِ، فَكَرِهْتُ أَنْ أُوقِظَكِ، وَخَشِيتُ أَنْ تَسْتَوْحِشِي فَقَالَ: إِنَّ رَبَّكَ يَأْمُرُكَ أَنْ تَأْتِيَ أَهْلَ الْبَقِيعِ فَتَسْتَغْفِرَ لَهُمْ، قَالَتْ : قُلْتُ: كَيْفَ أَقُولُ لَهُمْ يَا رَسُولَ اللهِ؟ قَالَ قُولِي: السَّلَامُ عَلَى أَهْلِ الدِّيَارِ مِنَ الْمُؤْمِنِينَ وَالْمُسْلِمِينَ، وَيَرْحَمُ اللهُ الْمُسْتَقْدِمِينَ مِنَّا وَالْمُسْتَأْخِرِينَ، وَإِنَّا إِنْ شَاءَ اللهُ بِكُمْ لَلَاحِقُونَ }

[رواه مسلم]

لَمَّا كَانَتْ لَيْلَتِي الَّتِي كَانَ النَّبِيُّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِيهَا عِنْدِي ، انْقَلَبَ - أي عاد مساءً - فَوَضَعَ رِدَاءَهُ وَخَلَعَ نَعْلَيْهِ، فَوَضَعَهُمَا عِنْدَ رِجْلَيْهِ، وَبَسَطَ طَرَفَ إِزَارِهِ عَلَى فِرَاشِهِ، فَاضْطَجَعَ، فَلَمْ يَلْبَثْ إِلَّا رَيْثَمَا ظَنَّ أَنْ قَدْ رَقَدْتُ - أي نمت- فَأَخَذَ رِدَاءَهُ رُوَيْدًا، وَانْتَعَلَ رُوَيْدًا، وَفَتَحَ الْبَابَ فَخَرَجَ، ثُمَّ أَجَافَهُ رُوَيْدًا- أي أغلقه بلطف- فَجَعَلْتُ دِرْعِي فِي رَأْسِي، وَاخْتَمَرْتُ، وَتَقَنَّعْتُ إِزَارِي، ثُمَّ انْطَلَقْتُ عَلَى إِثْرِهِ، حَتَّى جَاءَ الْبَقِيعَ - المقبرة - فَقَامَ، فَأَطَالَ الْقِيَامَ ، ثُمَّ رَفَعَ يَدَيْهِ ثَلَاثَ مَرَّاتٍ، ثُمَّ انْحَرَفَ فَانْحَرَفْتُ، فَأَسْرَعَ فَأَسْرَعْتُ ، فَهَرْوَلَ فَهَرْوَلْتُ، فَأَحْضَرَ فَأَحْضَرْتُ - أي أسرع في المشي، الركض - فَسَبَقْتُهُ فَدَخَلْتُ - إلى البيت - فَلَيْسَ إِلَّا أَنِ اضْطَجَعْتُ، فَدَخَلَ، فَقَالَ: مَا لَكِ يَا عَائِشُ، حَشْيَا رَابِيَةً؟ - أي هذا الذي يحدث لك من إسراعٍ في النفس يحصل لمن أصابه الربو - قَالَتْ: لَا شَيْءَ- ليس بي شيء- فقَالَ صلى الله عليه وسلم: لَتُخْبِرِينِي أَوْ لَيُخْبِرَنِّي اللَّطِيفُ الْخَبِيرُ، قَالَتْ قُلْتُ: يَا رَسُولَ اللهِ، بِأَبِي أَنْتَ وَأُمِّي، فَأَخْبَرْتُهُ، قَالَ: فَأَنْتِ السَّوَادُ الَّذِي رَأَيْتُ أَمَامِي؟ قُلْتُ: نَعَمْ، فَلَهَدَنِي فِي صَدْرِي لَهْدَةً أَوْجَعَتْنِي، ثُمَّ قَالَ: أَظَنَنْتِ أَنْ يَحِيفَ اللهُ عَلَيْكِ وَرَسُولُهُ؟ قَالَتْ: مَهْمَا يَكْتُمِ النَّاسُ يَعْلَمْهُ اللهُ - لقد خشيت عائشة رضي الله عنها أن يكون النبي صلى الله عليه وسلم قد خرج في ليلتها إلى زوجٍ آخر من زوجاته صلى الله عليه وسلم - قَالَ: فَإِنَّ جِبْرِيلَ أَتَانِي حِينَ رَأَيْتِ، فَنَادَانِي، فَأَخْفَاهُ مِنْكِ، فَأَجَبْتُهُ، فَأَخْفَيْتُهُ مِنْكِ، وَلَمْ يَكُنْ يَدْخُلُ عَلَيْكِ وَقَدْ وَضَعْتِ ثِيَابَكِ، وَظَنَنْتُ أَنْ قَدْ رَقَدْتِ، فَكَرِهْتُ أَنْ أُوقِظَكِ، وَخَشِيتُ أَنْ تَسْتَوْحِشِي فَقَالَ- جبريل عليه السلام-: إِنَّ رَبَّكَ يَأْمُرُكَ أَنْ تَأْتِيَ أَهْلَ الْبَقِيعِ فَتَسْتَغْفِرَ لَهُمْ، قَالَتْ: قُلْتُ كَيْفَ أَقُولُ لَهُمْ يَا رَسُولَ اللهِ؟ قَالَ قُولِي: السَّلَامُ عَلَى أَهْلِ الدِّيَارِ مِنَ الْمُؤْمِنِينَ وَالْمُسْلِمِينَ ، وَيَرْحَمُ اللهُ الْمُسْتَقْدِمِينَ مِنَّا وَالْمُسْتَأْخِرِينَ، وَإِنَّا إِنْ شَاءَ اللهُ بِكُمْ لَلَاحِقُونَ.
هذا هو الموقف.

الشريعة عدلٌ كلها وليس في كتاب الله ولا في سنة رسوله إلا الخير :
الشريعة عدل كلها
وأما العبرة ففي قوله صلى الله عليه وسلم لعائشة:( أَظَنَنْتِ أَنْ يَحِيفَ اللهُ عَلَيْكِ وَرَسُولُهُ؟) وأنت أخي الكريم في أي موقع كنت إياك أن تظن أن الله يحيف عليك، أو أن رسول الله صلى الله عليه وسلم يظلمك حاشا لله ولرسوله، الشريعة عدلٌ كلها، مصلحةٌ كلها، وليس في كتاب الله ولا في سنة رسوله إلا الخير لنا في ديننا ودنيانا وآخرتنا، إن كنت طبيباً وعالجت مرضاك بأمانةٍ، ونصحت لهم فقل في نفسك دائماً: لن يحيف الله عليَّ ولا رسوله ، إن كنت معلماً وقمت بعملك بإخلاص، فقل في نفسك لن: يحيف الله عليّ، إن كنت تاجراً وخدمت المسلمين، ولم تبن ثروتك على الإضرار بهم، ودفعت زكاة مالك، فقل في نفسك: لن يحيف الله عليّ، ولن يظلمني رسول الله صلى الله عليه وسلم.

الله تعالى عالمٌ بالنيات وما تخفي الصدور :
تقول عائشة رضي الله عنها: مَهْمَا يَكْتُمِ النَّاسُ يَعْلَمْهُ اللهُ جل جلاله:

وَإِن تَجْهَرْ بِالْقَوْلِ فَإِنَّهُ يَعْلَمُ السِّرَّ وَأَخْفَى
[ سورة طه: 7 ]

إِذا ما خَلَوتَ الدَهرَ يَوماً فَلا تَقُل خَلَوتُ وَلَكِن قُل عَلَيَّ رَقيـبُ وَلا تَحسَبَنَّ اللَهَ يُغفِلُ ما مَضـــــــى وَلا أَنَّ ما يَخفى عَلَيهِ يَغيبُ ***
{ ابو العتاهية - العصر العباسي }
لا يخفى شيء عن الله
لا تستطيع أن تخفي شيئاً عن الله، إياك أن تظن ذلك، فالله عز وجل عالمٌ بالنيات، وعالم بخائنة الأعين وما تخفي الصدور.

يَعْلَمُ خَائِنَةَ الْأَعْيُنِ وَمَا تُخْفِي الصُّدُورُ
[ سورة غافر: 19 ]

وإلى لقاءٍ آخر.
والسلام عليكم ورحمة الله تعالى وبركاته