• برنامج دار الأرقم - الحلقة الثانية
  • 2025-03-02

صاحب الدار


من هو الأرقم؟
الأرقم بن أبي الأرقم المخزومي ويُكنَّى بأبي عبد الله، أسلم سابع سبعة وعمره لم يجاوز السادسة عشرة، نعم السادسة عشرة.
أخي الشاب الذي تسمعني الآن: الأرقم في السادسة عشرة من عمره، كان يُغيِّر نفسه ويسعى لتغيير العالم، لم يقل لنفسه: ما زلت صغيراً، ولم يقل أنا في فترة المراهقة، ولم يكن يتسكَّع في الطرقات، ولا أمام شاشات اللهو، ولكل زمن شاشاته.
الأرقم بعد ذلك شهد بدراً وأُحُداً والمشاهد كلها، وعندما تقول في سيرة الكبار، شهد المشاهد كلها، فهذه شهادة وأيّة شهادة، هي شهادة سبق وشهادة صدق معاً.
توفي الأرقم بالمدينة سنة ثلاث وخمسين للهجرة، وعمره ثلاث وثمانون سنة، وترك خلفه داراً خلَّدها التاريخ إلى قيام الساعة.
لكل منّا دار يسكنها، والأرقم كانت له دار أصبحت من أشهر الدور في تاريخ الإسلام.

الأرقم عمَّر داره بالإيمان وفتحها للدعوة إلى الله وجعلها مركزاً لبناء العقيدة:
لم يعمر الأرقم داره بالأثاث الفاخر، ولكنه عمرها بالإيمان، ففتحها للدعوة إلى الله، وجعلها مركزاً لبناء العقيدة، ومجلساً يُذكر فيه اسم الله، فهلّا جعل كل منّا داره قبلة لأهل الحق والخير، وهلّا عمَّرنا بيوتنا بالصلاة والاجتماع على الطاعات، فلربما يُقال يوماً بعد مئة سنة: كانت دار فلان موئلاً لأهل العِلم والخير.
ما الذي تعرفونه عن الأرقم؟
لم يكن الأرقم راوياً للحديث كأبي هريرة مثلاً، فقد روى حديثاً واحداً عن رسول الله صلى الله عليه وسلم.

المعلومات قليلة عن الأرقم ولكن اسمه مُخلَّد في ذاكرتنا من خلال داره:
ولا قائداً مُميزاً كخالد رضي الله عنه، ولكنه شهد المشاهد كلها مع رسول الله صلى الله عليه وسلم. ولا غنياً منفقاً كعبد الرحمن بن عوف، لكننا على يقينٍ بأنه كان ينفق في سبيل الله، كيف لا وقد قدَّم داره في بداية الدعوة، وعرَّض نفسه للخطر الشديد.
المعلومات قليلة عن الأرقم، ولكن اسمه مُخلَّد في ذاكرتنا من خلال داره.
حاول أن تُخلِّد ذِكرك من خلال دارك، فلعله يقال يوماً ما: هذه الدار كانت لفلان، كانت عامرة دائماً بالذكر، لم يعهد عنها مجالس لهو أو لغو.
الأرقم من بني مخزوم، وزعيم قبيلته، هو أبو جهل عمرو بن هشام، فتصور معي قوة إيمان هذا الرجُل الذي يجمع المسلمين الأوائل في بيته، وهو يعلم أنه لو أمسك المشركون به فستكون نهايته، إنه الإيمان الذي يصنع المعجزات ويفجِّر الطاقات.
ربما لا نعرف الكثير عن الأرقم كما نعرف غيره من أصحاب رسول الله، ولكن داره تشبه الأم التي ربما لا يعرفها الكثيرون، ولكن من بيتها تُخرِّج العالِم والطبيب والمُربّي.