يوسف وسيدنا محمد عليهما السلام في رحاب النبوة

  • الحلقة الثالثة عشر
  • 2021-07-11

يوسف وسيدنا محمد عليهما السلام في رحاب النبوة


مقدمة:
الدكتور مراد:
الحمدُ لله والصلاة والسلام على رسول الله صلى الله عليه وسلم، وعلى آله وصحبه أجمعين.
مشاهديَّ الكرام؛ أسعد الله مساءكم في هذه الليلة الطيبة المُباركة وفي برنامجكم: "رحلة الصدّيق"، وقد وصلنا إلى الحلقة الأخيرة من هذا البرنامج أسأل الله أن نكون قد قدّمنا ما فيه الفائدة دائماً بإذنه تعالى.
نرحب بإخواننا الأعزاء ضيوفنا الأكارم فضيلة الشيخ الداعية إبراهيم ملكاوي أهلاً وسهلاً حيّاكم الله، وفضيلة الأخ العزيز الدكتور بلال نور الدين أهلاً وسهلاً بك الصديق الدائم حيّاكم الله يا سيدي، أهلاً وسهلاً بكم.
أعزائي المشاهدين؛ حلقتنا اليوم بعنوان: "سيدنا يوسُف عليه السلام وسيدنا محمد صلى الله عليه وسلم في رحاب النبوة".
وقفنا في الحلقة الماضية عند أبرز الدروس والعِبر في قصة سيدنا يوسُف عليه السلام واليوم، سنعرض مع ضيوفنا الأكارم المنطقة المشتركة ما بين يوسُف عليه السلام وسيدنا محمد صلى الله عليه وسلم، نتحدث عن الأحوال، عن الظروف، عن المحطات المتشابهة بين دعوة سيدنا محمد صلى الله عليه وسلم ودعوة سيدنا الكليم ابن الكليم يوسُف عليه السلام، النشأة، الدعوة، إدارة الدولة، كل هذه المحطات سنتكلم عنها في لقائنا هذا اليوم، وسنبدأ مع الدكتور بلال.
دكتورنا الحبيب نقف معك مع المحطة الأولى محطة النشأة.
سيدنا يوسُف عليه السلام وسيدنا محمد صلى الله عليه وسلم كلاهما اشتركا في غياب الأب والأم، نعم غياب الأب، سيدنا يوسُف غاب عن والده لأنه ابتعد عنه، سيدنا محمد عاش يتيماً أيضاً، وعاش وقد ماتت أمه أيضاً وهو صغير، سيدنا محمد عاش يتيماً سيدنا يوسُف كذلك عاش بعيداً عن والده وكأنه يتيم، ظروف النشأة هذه كيف تقرؤها دكتورنا الحبيب؟

ظروف النشأة المشتركة بين نبينا الكريم وسيدنا يوسف عليهما السلام:
الدكتور بلال:
أكرمكم الله سيدي، وبارك بكم، وبضيفنا العزيز شيخنا الكريم، والإخوة والمشاهدين.
أخي العزيز؛ يقولون في اللغة درةٌ يتيمة- وأنت تحب اللطائف اللغوية - درةٌ يتيمة فريدة لا مثيل لها، والأنبياء قمم البشر، فاليُتم في حقهم كأنه انفراد بشيء من هذا القبيل، ثم إن الأنبياء قدوات:

لَّقَدْ كَانَ لَكُمْ فِي رَسُولِ اللَّهِ أُسْوَةٌ حَسَنَةٌ لِّمَن كَانَ يَرْجُو اللَّهَ وَالْيَوْمَ الْآخِرَ وَذَكَرَ اللَّهَ كَثِيرًا (21)
(سورة الأحزاب)

النبي قدوةً في كل شيء في الحياة
فشاء الله عز وجل أن يكون النبي قدوةً في كل شيء في الحياة، فإذا ما مسَّ الإنسان ضرٌّ في الحياة كان له في أنبياء الله وقد مسهم الضر قدوةٌ حسنة، تُسلي عن نفسه وتُريحه، اليُتم من جملة الابتلاءات التي أصيب بها الأنبياء، فمحمدٌ صلى الله عليه وسلم يتيم ويوسُف عليه السلام يتيمٌ حُكماً لأنه قضى طفولته بعيداً عن والديه كما قضاها نبينا محمدٌ صلى الله عليه وسلم فاشتركا في ذلك كما تفضّلت:

{ أشدُّ الناسِ بلاءً الأنبياءُ ، ثم الأمثلُ فالأمثلُ ، يُبتلى الرجلُ على حسَبِ دينِه، فإن كان في دينِه صُلْبًا ، اشْتدَّ بلاؤه ، وإن كان في دينِه رقةٌ ابْتُليَ على قدْرِ دينِه ، فما يبرحُ البلاءُ بالعبدِ حتى يتركَه يمشي على الأرضِ وما عليه خطيئةٌ }

(أخرجه أحمد في مسنده)

فاليوم لو أن يتيماً عاش تلك الظروف فيتأسى بنبي الله محمد صلى الله عليه وسلم ويتأسى بنبي الله يوسُف.
أيضاً من جملة ما يمكن أن يُقال في يُتم سيدنا محمد واليُتم الحُكمي لسيدنا يوسُف في بُعده عن أبويه قال: كي لا يكون لأحد عليه منّة إلا الله .
سمعت مرة من شخص عامي يقول - يُهان ولد يتيم أمامه -: ليس له أب؟ أليس له رب؟! ليس له أب لكن له رب كريم، نعم الأب عماد البيت، ونعم الأب مهم جداً في حياة الطفل، إلى آخره من ذلك وقل ما شئت في أهمية الأب، لكن في المحصلة إذا أراد الله عز وجل أن يُخلص عبداً له أي يريد ألا تكون لأحد منَّة عليه قال تعالى:

وَاصْطَنَعْتُكَ لِنَفْسِي (41)
(سورة طه)

أَنِ اقْذِفِيهِ فِي التَّابُوتِ فَاقْذِفِيهِ فِي الْيَمِّ فَلْيُلْقِهِ الْيَمُّ بِالسَّاحِلِ يَأْخُذْهُ عَدُوٌّ لِّي وَعَدُوٌّ لَّهُ وَأَلْقَيْتُ عَلَيْكَ مَحَبَّةً مِّنِّي وَلِتُصْنَعَ عَلَىٰ عَيْنِي (39)
(سورة طه)

ويستخلصه الله عز وجل لنفسه جلَّ جلاله فيُربيه على عينه، ويُربيه على ما يشاء جلَّ جلاله، هذه الابتلاءات ومنها اليُتم تُهذّب النفوس، ترقى بالنفوس، تعطي الإنسان معنى للحياة، للصعوبات التي يواجهها، فيعيش هموم الناس، ويعيش آلامهم، هذه النقطة أيضاً في موضوع اليُتم، الأنبياء كانوا يأكلون الطعام، ويمشون في الأسواق، وهذه لو وسعنا مدلولها يأكلون الطعام، ويمشون في الأسواق، إذاً هم يعيشون هموم الناس، فأراد الله عز وجل أن يعيشوا الهموم منذ نشأتهم الصغيرة لكي يعيشوا هموم الناس، فإذا ما رأى يتيماً، النبي صلى الله عليه وسلم كان يقول:

{ أتَى النَّبيَّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم رجلٌ يشكو قسوةَ قلبِه قال: أتحِبُّ أن يلينَ قلبُك وتُدرِكُ حاجتَك؟ ارحَمِ اليتيمَ، وامسَحْ رأسَه، وأطعِمه من طعامِك، يلِنْ قلبُك وتُدرِكْ حاجتَك. }

(أخرجه الطبراني)

يعرف معنى اليُتم، أما لو عاش مع أبيه مُعززاً مُكرَّماً في ظروف مثالية لما التفت إلى آلام الناس وأحوالهم، ولو التفت إليها نصاً حاشاه ألا يلتفت، ولكن يبقى الأمر بين أن تعيش الهم نصاً وفكرةً، أو أن تعيشه واقعاً، أنت عشته بكل تفاصيله فيكون إدراكك لأهميته أعظم بكثير من أن تقرأ عنه قراءةً.

الدكتور مراد:
جميل .
دائماً نقول: من يريد أن يتصدر منظومة الإصلاح في أي مكان يجب أن يكون من البيئة نفسها لأنه يعيش الهموم التي يعيشها الناس.
فضيلة الشيخ إبراهيم ماذا تقول وماذا تعلق على فترة النشأة في بداية حياة سيدنا يوسُف ومحمد صلى الله عليه وسلم؟

بداية القصص القرآني مع النبي صلى الله عليه وسلم:
الدكتور إبراهيم ملكاوي:
بسم الله الرحمن الرحيم، الحمد لله رب العالمين، وصلى الله وسلم على سيدنا محمد، وعلى آله وصحبه أجمعين.
بدايةً أشكر الدكتور بلال أتحفنا، أنا كنت مشاهداً نشطاً لكل الحلقات، وكانت لفتات طيبة جداً كان لها أثر في نفسي.
قبل أن نبحث دكتور في القصص القرآني لا بُدَّ أن يكون هناك تصور ذهني كيف بدأ القصص القرآني مع النبي صلى الله عليه وسلم.
نحن نعلم أنَّ القرآن الكريم كان ينزل على النبي صلى الله عليه وسلم بحسب مراحل دعوته، نزل مُنجماً على النبي صلى الله عليه وسلم بحسب حاجة الدعوة لهذا القرآن، فالقصص القرآني بدأ مع النبي صلى الله عليه وسلم بعد السنة الثالثة من الدعوة، أي بداية السنة الرابعة من الدعوة، أي عندما جهر النبي صلى الله عليه وسلم بدعوته، فكان القصص القرآني بمثابة خارطة الطريق للنبي صلى الله عليه وسلم.

تشابه قصص سيدنا محمد ويوسف في البُعد الشخصي والاجتماعي والدعوي:
قصة يوسف كاملة من البداية إلى النهاية
تأتي القصة للنبي صلى الله عليه وسلم تصور له المشهد الذي سيحدث معه قبل أن يبدأ به، وكان من هذا القصص قصة يوسُف عليه السلام، وقصة يوسُف عليه السلام لها ميزة أنها جاءت قصة كاملة من البداية إلى النهاية، صورت للنبي صلى الله عليه وسلم كل حياة النبي صلى الله عليه وسلم، لذلك تجد وجه الشبه فيها يكاد يكون مُطابقاً تمام المُطابقة سواء كان في البُعد الشخصي، أو في البُعد الاجتماعي، أو في البُعد الدعوي، تجد نفس المشاهد ونفس المواقف حتى في الدولة جاءت المشاهد نفس المشاهد، النبي صلى الله عليه وسلم أدار دولة مواردها الزراعة، يوسُف عليه السلام أدار دولة مواردها الزراعة، ولو أخذنا مثلاً البُعد الشخصي، والبُعد الشخصي أبرز ما فيه يُتم يوسُف عليه السلام كما قال فضيلة الدكتور اليُتم العُرفي بحكم أنَّ يوسُف عليه السلام كان بعيداً عن والديه، النبي صلى الله عليه وسلم محمد كذلك عاش هذا اليُتم، لكن الغريب في المشهد أنَّ يُتم النبي صلى الله عليه وسلم انتهى بدولة، ويُتم يوسُف عليه السلام انتهى بدولة، وانتهاء اليُتمان بدولة هذا له دلالة، الله سبحانه وتعالى جعل التمكين أُعطية منه، ليس للبشر فيها حظ، الله سبحانه وتعالى يقول:

وَعَدَ اللَّهُ الَّذِينَ آمَنُوا مِنكُمْ وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ لَيَسْتَخْلِفَنَّهُمْ فِي الْأَرْضِ كَمَا اسْتَخْلَفَ الَّذِينَ مِن قَبْلِهِمْ وَلَيُمَكِّنَنَّ لَهُمْ دِينَهُمُ الَّذِي ارْتَضَىٰ لَهُمْ وَلَيُبَدِّلَنَّهُم مِّن بَعْدِ خَوْفِهِمْ أَمْنًا يَعْبُدُونَنِي لَا يُشْرِكُونَ بِي شَيْئًا وَمَن كَفَرَ بَعْدَ ذَٰلِكَ فَأُولَٰئِكَ هُمُ الْفَاسِقُونَ (55)
(سورة النور)

وكأن الله سبحانه وتعالى يقول للدُعاة إن التمكين من عند الله سبحانه وتعالى، أنت مطالب أن تقوم بالواجبات التي أوكلها الله سبحانه وتعالى إليك، فجاء لنا بصورة اليُتم لماذا؟ لأنَّ أضعف حالات الإنسان عندما يكون يتيماً، وأنا هذه الحالة عشتها، أنا عشت يتيماً، وأعرف ما معنى اليُتم، اليتيم يجد نفسه ضعيفاً في كل شيء، ضعيفاً في تحصيل حقوقه، ضعيفاً في إبداء رأيه، ضعيفاً في كل شيء، لذلك الله سبحانه وتعالى خلق من هذا الضعف الشديد خلق معه دولة، خلق منه دولة، إذا أردت أن تعرف ما معنى اليُتم انظر في سورة الضحى:

أَلَمْ يَجِدْكَ يَتِيمًا فَآوَى (6)
(سورة الضحى)

هذه سورة الضحى نزلت على النبي صلى الله عليه وسلم عندما أمره الله سبحانه وتعالى أن يُحدِّث الناس بدعوته، لا شكَّ أنَّ النبي صلى الله عليه وسلم مُقبل على شيء مجهول، بالنسبة للنبي صلى الله عليه وسلم هو مجهول، فالنبي صلى الله عليه وسلم يريد أن يطمئن، فعندما أمره الله سبحانه وتعالى أن يُرسل جنداً قال: إذاً يطلب رأسي ويتركوه خُبزاً، فالله سبحانه وتعالى طمأنه بماذا؟

أَلَمْ يَجِدْكَ يَتِيمًا فَآوَى (6) وَوَجَدَكَ ضَالًّا فَهَدَى (7) وَوَجَدَكَ عَائِلًا فَأَغْنَى (8)
(سورة الضحى)

ليقول له أنت في كنف الله وفي رعايته.
الآن البُعد الاجتماعي؛ في الحالتين يعيشان في مجتمعٍ القاسم المشترك فيه البُعد الديني غائب، القيم الدينية غائبة، غير موجودة، لذلك تعرضوا لهذا العنت، وهذه الابتلاءات التي تعرضوا لها، يوسُف عليه السلام من إخوته، ثم من مجتمع الملأ، السادة، وكذلك النبي صلى الله عليه وسلم عاش نفس الحالة، نفس حالة الحسد من الأهل والأقارب التي عاشها يوسُف عليه السلام ليعيشا نفس المشهد.

ترحيب بالدكتور فهد الخالدي:
الدكتور مراد:
جميل، فضيلة الشيخ إبراهيم سننتقل لضيفنا ثم نعود ونكمل معكم باقي الحوار إن شاء الله.
معنا من الموصل الحبيبة الدكتور فهد الخالدي، دكتور فهد سلام الله عليكم أخي الدكتور فهد.

الدكتور فهد الخالدي:
ما شاء الله! وعليكم أحلى سلام ورحمة الله وبركاته.

الدكتور مراد:
حيّاكم الله دكتور فهد، وأهلاً وسهلاً بكم، ونرحب بك من الموصل الحبيبة، ومن كلّية الإمام الكاظم، وأنت عالم من علمائها، وأستاذ، ونحن نفخر بك أنك خريج الأردن أيضاً دكتور فهد.

الدكتور فهد الخالدي:
نعم سيدي.
بسم الله الرحمن الرحيم، الحمد لله الرحمن المُطّلع على بواطن الجنان، والصلاة والسلام الأتمان الأكملان على سيدنا وحبيبنا وشفيعنا محمد صلى الله عليه وسلم أشرف مخلوق، وأكرم إنسان، اللهم صلّ عليه وآله وأصحابه وتابعيهم وعلينا معهم برحمتك يا حنّان يا منّان، مرحباً بكم سادتي الكرام، مرحباً بسيدي مراد، مرحباً بشيخنا الشيخ بلال، مرحباً بشيخنا الشيخ إبراهيم، حيّاكم الله عبر هذه الشاشة الكريمة المُباركة.
أيها الكرامً أنقل لكم تحيات كليتنا كُلِّية الإمام الأعظم أبي حنيفة النعمان، أنقل لكم تحيات مدينتنا، مدينة نبي الله يونس عليه السلام، حقيقةً اسمحوا لي أن أستسمحكم لأن الجلوس إليكم بحدّ ذاته شرفٌ عظيمٌ لمثلي كيف وقد أُمر هذا العبد بالكلام بين يديكم، أسأل الله أن يفتح عليكم، أن يوفقكم، أن يُرضيكم، أن يبارك لكم في أعمالكم، وأعماركم، وأوقاتكم، وأقواتكم.

الدكتور مراد:
جزاكم الله عنا كل خير بلد نبي الله يونس بن متَّى، فضيلة الشيخ الدكتور فهد، ونحن الآن نودع سيدنا يوسف قد ودعناه في الحلقة الماضية برحلة الصديق، واليوم نتكلم عن التشاركية والمواقف المُتشابهة بينه وبين سيدنا محمد صلى الله عليه وسلم.
سؤالي لك دكتور في هذه الدقائق الأنبياء يعيشون في مقامات العبودية نحو سيرهم إلى الله عز وجل في الخلوات، وفي الابتلاءات، في مقام التوكل، ويوضع في مقام الحب واليقين، كيف نتلمس معاني هذه الحياة الروحانية والروحية عند يوسف عليه السلام وسيدنا النبي محمد صلى الله عليه وسلم ماذا تقول في دقائق؟

الأنبياء جميعاً يَحيون بقلبٍ واحد مستقرٍ ثابتٍ وقوالب مختلفة:
الدكتور فهد الخالدي:
بسم الله الرحمن الرحيم، سيدي الكريم الأنبياء يَحيون بقلبٍ واحد، مستقرٍ، ثابتٍ، وقوالب مختلفة، وهذه إشارةٌ ذكرها قرآننا في معرض حديثه عن أهل الشرك والكفر، حين قال تعالى:

وَقَالَ الَّذِينَ لَا يَعْلَمُونَ لَوْلَا يُكَلِّمُنَا اللَّهُ أَوْ تَأْتِينَا آيَةٌ كَذَٰلِكَ قَالَ الَّذِينَ مِن قَبْلِهِم مِّثْلَ قَوْلِهِمْ تَشَابَهَتْ قُلُوبُهُمْ قَدْ بَيَّنَّا الْآيَاتِ لِقَوْمٍ يُوقِنُونَ (118)
(سورة البقرة )

الأنبياء على قلبٍ واحد
فالنبيين على قلبٍ واحد، وكما ورد في الحديث كانوا على أتقى قلب رجل واحد منكم، بعض المحدّثين قال: منكم، أي هو النبي صلى الله عليه وسلم، فعباءة العبودية ما خلعوها يوماً ولا ساعة وإقبال الدنيا وإدبارها غير مُؤثرين في جدران قلوبهم شيئاً، قلوب مُستقرة مُحصّنة، لا يُغريهم عطاء، ولا يستدرجهم منع، ولذا ورد في شمائله صلى الله عليه وسلم كان لا تُضعفه حاجة، وتأملوا يا سادة في الحديث الشريف والمواطن التي قال فيها رسول الله صلى الله عليه وسلم:

{ اللَّهُمَّ لا عَيْشَ إلَّا عَيْشُ الآخِرَة، فأصْلِحِ الأنْصارَ والمُهاجِرَهْ. }

(صحيح البخاري)

هذا الحديث قاله صلى الله عليه وسلم في الخندق، كما ورد أنهم كانوا يحفرون الخندق، وكانوا يحملون مثل التراب على أكتافنا، نحمل مثل التراب على أكتافنا ، فقال عليه الصلاة والسلام في ذلك الموقف الصعب في قمة الشدَّة قال عليه الصلاة والسلام: (اللَّهُمَّ لا عَيْشَ إلَّا عَيْشُ الآخِرَة)، الحديث نفسه النبي صلى الله عليه وسلم يبنون المسجد النبوي الشريف ، يحملون اللَّبنة إلى بناء المسجد فيقول الراوي: رأيت النبي صلى الله عليه وسلم وهو عارضٌ لبنةً على بطنه فظننت أنها قد شُقَّت عليه صلى الله عليه وسلم قلت: ناولنيها يا رسول الله؟ فقال صلى الله عليه وسلم: خذ غيرها يا أبا هريرة فإنه لا عَيْشَ إلَّا عَيْشُ الآخِرَة، قلوب واحدة في جميع الأحوال، لا تتبدل ولا تتغير، حين استطاع ذلك الأعرابي أن يتسلل وأن يحمل السيف ورسولنا الأكرم صلى الله عليه وسلم نائمُ تحت ظل الشجرة فرفع السيف فقال: من يعصمك مني يا محمد؟ فقال صلى الله عليه وسلم: الله.

{ كنَّا إذا نزَلْنَا طَلَبْنَا للنبيِّ صلى الله عليه وسلم أعظمَ شجرةٍ وأظلَّها ، فنَزَلَ تحتَ شجرةٍ ، فجاءَ رجلٌ فأَخَذَ سَيْفَه، فقال : يا محمدُ، مَن يَمْنَعُك مني ؟ قال : اللهُ . فأنزَلَ اللهُ : والله يعصمك من الناس . }

(أخرجه ابن حبان إسناده حسن)

هنا الشاهد، هل قال صلى الله عليه وسلم لفظ الجلالة قالها دعاءً أم قالها إخباراً ؟ قالها إخباراً للرجل ليقينه بأن الله يعصمه، قال: الله، قالها إخباراً للرجل ولم يقلها دعاءً لأنه مُطمئن عليه الصلاة والسلام بهذا القلب الجوهري المُحمدي الأحمدي صلى الله عليه وسلم، هذا حال القلوب وهكذا تتدرج معنا القلوب في مراتب اليقين.
سيدنا موسى عليه السلام في اللقاء الأول لمّا رأى العصا تهتز:

وَأَلْقِ عَصَاكَ فَلَمَّا رَآهَا تَهْتَزُّ كَأَنَّهَا جَانٌّ وَلَّىٰ مُدْبِرًا وَلَمْ يُعَقِّبْ يَا مُوسَىٰ لَا تَخَفْ إِنِّي لَا يَخَافُ لَدَيَّ الْمُرْسَلُونَ (10)
(سورة النمل)

ثم المرتبة الثانية الأعلى موقف الخوف أشد وأكبر، وموقف الضعف قريب من سيدنا موسى بحكم البشرية:

فَأَوْجَسَ فِي نَفْسِهِ خِيفَةً مُّوسَىٰ (67) قُلْنَا لَا تَخَفْ إِنَّكَ أَنتَ الْأَعْلَىٰ (68)
(سورة طه)

ثم ليصل إلى مرتبة الكمال المُطلق، الكمال اليقيني البشري المُطلق قياساً على البشر، النسبي قياساً على الحق سبحانه وتعالى:

قَالَ كَلَّا إِنَّ مَعِيَ رَبِّي سَيَهْدِينِ (62)
(سورة الشعراء)

أنا لا أعلم كيف المَخرج لكن أعلم من هو المُخرِج، أنا لا أعلم كيف الخلاص لكن أعلم من هو المُخلِّص، لا أعرف كيف الإنقاذ لكن أعلم من هو المُنقذ، هذا الحال القلوب المُتحدة الواحدة المُتشابهة بين الأنبياء عليهم الصلاة والسلام، لأننا نعلم يقيناً يا سادة أنهم ما تُوجوا بتاج النبوة إلا بعدما بلغ الكمال فيهم مبلغه، يبلغ الكمال فيهم مبلغه ثم يُتوجون بتاج النبوة عليهم الصلاة والسلام، هذا الحال مُتكررٌ مع سيدنا يوسُف عليه السلام، سيدنا يوسُف بيَّن لنا هذا الحال بحرفٍ واحد، بحرف الباء عليه الصلاة والسلام قلبه تشابه وقلوب الأنبياء، وتلمح ذلك بحرف الباء الذي أظهر لنا مكنون قلبه عليه الصلاة والسلام، فبعد أن أضحى عزيزاً مُهاباً، كلهم تحت يده بما فيهم إخوته وما صنعوه به قال:

رَبِّ قَدْ آتَيْتَنِي مِنَ الْمُلْكِ وَعَلَّمْتَنِي مِن تَأْوِيلِ الْأَحَادِيثِ فَاطِرَ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ أَنتَ وَلِيِّي فِي الدُّنْيَا وَالْآخِرَةِ تَوَفَّنِي مُسْلِمًا وَأَلْحِقْنِي بِالصَّالِحِينَ (101)
(سورة يوسف)

وألحقني مع الصالحين، قلب واحد، قلب اللّحاق بركب الصالحين، قلب اللّحاق بمصافِ الأنبياء، الذي هو المصاف الأول والأعلى والأروع والأثمن والأغلى والأرقى والأسمى والأسنى يوم الدين، القلوب متحدة، ومما يجدر ذكره يا سيدي مراد بعد إذن سادتي الكرام أن سورة يوسف ما أتت للتذوق الأدبي، فحسب بل أتت لصناعة القلوب، وصقلها، وتأهيلها، فالقرآن الكريم دائماً يجعل الجمال الفني أداةً مقصودةً للتأثير الوجداني فيخاطب حاسة الوجدان بلغة الجمال الفنية، وطالما أن هذا البرنامج المبارك المبتكر الجميل قد حطَّ رحاله بخواتيم رحلته المواكبة لرحلة الصديق فنحن نودع الرحلة، ونودع تفسير السورة، ولكن يوسف لا يُودع بل هو معنا، فنحن مُتبعون له في كل آن عليه الصلاة والسلام، فالسورة انفردت بأسلوبٍ تنبهت إليه الدراسات الأكاديمية في العالم مؤخراً، وهو أسلوب النتائج والتوصيات، والتي تكون في ملف الخاتمة لكل رسالةٍ أو أطروحةٍ أو بحث.

الدكتور مراد:
جزاك الله خيراً سيدنا بارك الله بك أفدتنا دكتورنا دكتور فهد جزاك الله عنا كل خير، وبارك الله فيك على هذه النفحات الطيبة المُباركة، وبإذن الله عز وجل سيكون لنا لقاءات لكن في رحلة أُخرى، جزاك الله خيراً شكراً لك دكتور فهد.
نعود إليكم سادة، مشاركة أخي الدكتور فهد الخالدي هي عزيزة علينا من الموصل، بلد العلماء، بلد السادة حقيقةً، ولهم فضلٌ علينا في بلدنا علماء العراق حقيقةً.
أخي الشيخ إبراهيم سنعود إليك في قول الله عز وجل وفي ظلال سورة يوسُف عليه السلام:

قُلْ هَٰذِهِ سَبِيلِي أَدْعُو إِلَى اللَّهِ عَلَىٰ بَصِيرَةٍ أَنَا وَمَنِ اتَّبَعَنِي وَسُبْحَانَ اللَّهِ وَمَا أَنَا مِنَ الْمُشْرِكِينَ (108)
(سورة يوسف)

كيف نقرأ دعوة سيدنا يوسف التي هي دعوة التوحيد في قصة سيدنا يوسف مُلازمة لقصة سيدنا محمد صلى الله عليه وسلم؟

وجه الشبه بين دعوة النبي صلى الله عليه وسلم ويوسُف عليه السلام:
الدكتور إبراهيم ملكاوي:
طبعاً أعجبتني عبارة لفضيلة الدكتور بلال الأسبوع الماضي في الحلقة الماضية عندما قال: لو أردنا أن نقف عند دلالة:

قُلْ هَٰذِهِ سَبِيلِي أَدْعُو إِلَى اللَّهِ عَلَىٰ بَصِيرَةٍ أَنَا وَمَنِ اتَّبَعَنِي وَسُبْحَانَ اللَّهِ وَمَا أَنَا مِنَ الْمُشْرِكِينَ (108)
(سورة يوسف)

لاحتجنا إلى حلقاتٍ طوال، والحقيقة أنَّ هذه الآية نحتاج فيها لأيامٍ وسنواتٍ طوال، لأنها لخصت سيرة النبي صلى الله عليه وسلم في دعوته مدة ثلاثة وعشرين عاماً، وسبقها قرون من الإعداد لدعوة النبي صلى الله عليه وسلم.
قبل أن نتكلم عن هذه الآية أنا وضعت ثلاثة أبعاد في موضوع التشابه، وجه الشبه بين دعوة النبي صلى الله عليه وسلم ويوسُف عليه السلام، وتوقفنا عند البُعد الدعوي، والبُعد الاجتماعي، فالبُعد الاجتماعي ما أثّر في يوسف عليه السلام، ولم يُؤثر في النبي صلى الله عليه وسلم، بل بقيا على منهجهما لم يتغير، لذلك لاحظوا يوسف عليه السلام في السجن:

يَا صَاحِبَيِ السِّجْنِ أَأَرْبَابٌ مُّتَفَرِّقُونَ خَيْرٌ أَمِ اللَّهُ الْوَاحِدُ الْقَهَّارُ (39)
(سورة يوسف)

محنة سيدنا يوسف لم تُنسه رسالته
محنة يوسف عليه السلام لم تُنسه الرسالة التي يحملها، النبي صلى الله عليه وسلم في مشهدٍ يتكرر، وفيه تشابه أيضاً، النبي صلى الله عليه وسلم تمرُّ المرأة على قريش وقد اجتمعت على إيذاء النبي صلى الله عليه وسلم، على تعذيب النبي صلى الله عليه وسلم، فتقول: ما بال هؤلاء القوم قد اجتمعوا على هذا الفتى يعذبونه؟! فيقولون لها: إنه يدعو الناس إلى لا إله إلا الله، أي هذا هو التصور العام عن النبي صلى الله عليه وسلم، كل ما لاقاه النبي صلى الله عليه وسلم ما ثناه عن دعوته، كل ما لاقاه يوسف عليه السلام لم يثنه عن دعوته، لماذا؟ لأنَّ النبي صلى الله عليه وسلم يعلم أن هذه هي سبيل الأنبياء:

قُلْ هَٰذِهِ سَبِيلِي أَدْعُو إِلَى اللَّهِ عَلَىٰ بَصِيرَةٍ أَنَا وَمَنِ اتَّبَعَنِي وَسُبْحَانَ اللَّهِ وَمَا أَنَا مِنَ الْمُشْرِكِينَ (108)
(سورة يوسف)

اليوم دكتور نلاحظ الاختلاف الواقع بين كل الدعاة، ونبحث عن سبب هذا الاختلاف لم نجد له سبباً، إذا كانت الفكرة واحدة، والمبدأ الذي يُدعى له واحد، فعلام الاختلاف؟! لماذا ينشأ الاختلاف؟
أعجبتني مقالة لأحد العلماء الفضلاء يقول: إذا اجتمع جماعة من الناس على فكرةٍ ما ثم اختلفوا عليها، فإن منشأ اختلافهم يكون راجعاً لأحد أمرين، إما سوء الفهم، عدم الفهم، أو عدم الإخلاص، لاحظت معي دكتور، أي ناشئ عن أحد هاتين المشكلتين، لنفرض أنها سوء فهم، لماذا ينشأ سوء الفهم إذا كانت رسالة النبي صلى الله عليه وسلم واضحة؟ النبي صلى الله عليه وسلم وهو رسول الله يقول للناس:

قُلْ إِنَّمَا أُنذِرُكُم بِالْوَحْيِ وَلَا يَسْمَعُ الصُّمُّ الدُّعَاءَ إِذَا مَا يُنذَرُونَ (45)
(سورة الأنبياء)

فلو التزم الدعاة بالوحي ولم يخرجوا عن الوحي لوجدتهم قد اجتمعوا، لأن الفكرة واحدة، عمر بن الخطاب رضي الله عنه في يوم من الأيام يسأل عن الأب:

وَفَاكِهَةً وَأَبًّا (31)
(سورة عبس)

الصراعات بين الدعاة كلها في مسائل جانبية
يقول ما الأب؟ فيسأل الصحابة: ما الأب؟ ما وجد إجابة، قال: ما يضر عمر ألا يعرف الأب؟ الصراعات الجانبية التي أحدثها الدُعاة في دعوتهم سببها ومنشأها أنهم ما قرؤوا سيرة النبي صلى الله عليه وسلم، وكيف دعا النبي صلى الله عليه وسلم، هناك مقولة للعز بن عبد السلام رحمه الله، مقولة طيبة جميلة مُوجِّهة للدعاة يقول: إذا حلَّ إنسانٌ بأرضٍ فشا فيها الربا، ثم تكلم للناس عن الزنا فقد خالف، لماذا؟ لأنه ترك الأولوية، لم يعمل بالأولوية، لاحظ اليوم الصراعات التي تحدث بين الدعاة كلها في مسائل جانبية ليس لها علاقة بصميم دعوة النبي صلى الله عليه وسلم، والله سبحانه وتعالى يقول على لسان النبي:

قُلْ هَٰذِهِ سَبِيلِي أَدْعُو إِلَى اللَّهِ عَلَىٰ بَصِيرَةٍ أَنَا وَمَنِ اتَّبَعَنِي وَسُبْحَانَ اللَّهِ وَمَا أَنَا مِنَ الْمُشْرِكِينَ (108)
(سورة يوسف)

لاحظت في السيرة أنَّ النبي صلى الله عليه وسلم عندما دعا أبا بكر رضي الله عنه دعاه بعبارات محددة، عندما دعا أبو بكر رضي الله عنه عثمان بن عفان دعاه بنفس العبارات، ما خرج عنها، حتى يبقى مُقتفياً أثر النبي صلى الله عليه وسلم، لذلك عندما يقول: قُلْ هَٰذِهِ سَبِيلِي، سبيل واحد لا يوجد سُبل أُخرى، لا يوجد طُرق أُخرى، الحق له طريق واحد فقط لن تجد له طرقاً أُخرى، لذلك ما حدث اليوم هو انحراف عن سبيل النبي صلى الله عليه وسلم، وسلوك سُبل أُخرى لا تؤدي إلى نفس النتيجة.

الدكتور مراد:
فضيلة الشيخ ملخصنا أن الفهم العقيم، سوء الفهم وعدم الإخلاص هو ما أدى إلى الدعاة عن الخروج عن المنهج الأساسي الذي دعا له الله عز وجل: قُلْ هَٰذِهِ سَبِيلِي، دعوة الأنبياء من قبل، دعوة التوحيد، كيف نقرؤها من جديد فضيلة الشيخ بين سيدنا يوسف وسيدنا محمد صلى الله عليه وسلم ما تعقيبك؟

الاجتماع على التوحيد اجتماع على العقيدة:
الدكتور بلال:
بارك الله بك.
يدخل الإنسان إلى الإسلام بالتوحيد
يا سيدي التوحيد أول الأمر وآخره، يدخل الإنسان إلى الإسلام بالتوحيد، فإذا خرج من الدنيا بالتوحيد وكان آخر كلامه من الدنيا لا إله إلا اله دخل الجنة، وكما تفضل شيخنا الجليل عندما نجتمع على التوحيد نجتمع على العقيدة، فلا يضر بعدها أن نختلف في الجزئيات فلا يقيم بعضنا على بعض النكير، بعد أن نتفق على التوحيد الذي جاء به الأنبياء، ومُطلق العبادات والمعاملات بأشكالها التي قد نختلف ببعض جزئياتها، ولكنها متحدةٌ بالأصل.
التوحيد:

قُلْ هَٰذِهِ سَبِيلِي أَدْعُو إِلَى اللَّهِ عَلَىٰ بَصِيرَةٍ أَنَا وَمَنِ اتَّبَعَنِي وَسُبْحَانَ اللَّهِ وَمَا أَنَا مِنَ الْمُشْرِكِينَ (108)
(سورة يوسف)

في ختام السورة، ويوسف عليه السلام في السجن يقول:

يَا صَاحِبَيِ السِّجْنِ أَأَرْبَابٌ مُّتَفَرِّقُونَ خَيْرٌ أَمِ اللَّهُ الْوَاحِدُ الْقَهَّارُ (39)
(سورة يوسف)

ونبينا محمدٌ صلى الله عليه وسلم يقول:

{ من جعل الهمومَ همًّا واحدًا همَّ المعادِ كفاه اللهُ همَّ دُنياه ، ومن تشعَّبَتْ به الهمومُ في أحوالِ الدنيا لم يُبالِ اللهُ في أيِّ أوديتِه هلَك. }

(أخرجه ابن ماجه)

التوحيد عمود الإسلام
كما تفضل الشيخ عندما يتحد الهدف، والطريق إليه واضح فلا بدَّ من أن نلتقي معاً، لأن الهدف واحد والطريق واحد فاللقاء حتميّ، أما عندما نتراشق التهم ونختلف فربما أحدنا ليس على الطريق، أو أن له هدفاً آخر، لكن يُظهر نفسه بمظهرٍ آخر، فالتوحيد هو رأس الأمر، وهو عمود الإسلام، والنبي صلى الله عليه وسلم كما في سورة الزمر يقول:

قُلْ أَفَغَيْرَ اللَّهِ تَأْمُرُونِّي أَعْبُدُ أَيُّهَا الْجَاهِلُونَ (64) وَلَقَدْ أُوحِيَ إِلَيْكَ وَإِلَى الَّذِينَ مِن قَبْلِكَ لَئِنْ أَشْرَكْتَ لَيَحْبَطَنَّ عَمَلُكَ وَلَتَكُونَنَّ مِنَ الْخَاسِرِينَ (65) بَلِ اللَّهَ فَاعْبُدْ وَكُن مِّنَ الشَّاكِرِينَ (66)
(سورة الزمر)

إليك وإلى الذين من قبلك هذا ربط، فالله تعالى لخص دعوة الأنبياء، فحوى دعوة الأنبياء من لَدُن آدم عليه السلام إلى نبينا محمد صلى الله عليه وسلم فقال:

وَمَا أَرْسَلْنَا مِن قَبْلِكَ مِن رَّسُولٍ إِلَّا نُوحِي إِلَيْهِ أَنَّهُ لَا إِلَٰهَ إِلَّا أَنَا فَاعْبُدُونِ (25)
(سورة الأنبياء)

من تفيد الاستغراق، وبعدها نكرة رسولٍ، أي ليس هناك رسولٌ أرسل إلى قوم منذ أن خلق الله الأرض ومن عليها وإلى أن يرث الله الأرض ومن عليها:
إلا: هذا الحصر والقصر، لا إله إلا أنا فاعبدون، الحياة كلها عِلمٌ وعمل، إما أن تتعلم أو أن تعمل، نهاية العِلم التوحيد ونهاية العمل العبادة، الآن لو تعلم الإنسان أعظم العلوم في الحاسوب، وفي الفيزياء النووية ولم يوحِّد فهو جاهل، وهذا ليس انتقاصاً قدر من العلوم التي نحن مأمورون بعمارة الأرض فيها، ولكنها حقيقة لأنه خسر آخرته بترك التوحيد، لكن لو جهل كثيراً من أمور الحياة لكنه عُلِّم التوحيد فقد وصل إلى نهاية العِلم، وفي المقابل نعمل في الحياة أعمالاً كثيرة لكن أعظم عملٍ نعمله أن يكون هذا العمل فيه العبودية لله عز وجل، ولو كان طعاماً أو شراباً، فقال:

وَمَا أَرْسَلْنَا مِن قَبْلِكَ مِن رَّسُولٍ إِلَّا نُوحِي إِلَيْهِ أَنَّهُ لَا إِلَٰهَ إِلَّا أَنَا فَاعْبُدُونِ (25)
(سورة الأنبياء)


التوحيد أعظم عِلمٍ يتعلمه الإنسان:
فحوى دعوة الأنبياء جميعاً دون استثناء هي التوحيد والعبادة، وما تعلمت العبيد أفضل من التوحيد.
أعظم عِلمٍ يتعلمه الإنسان أن يتعلم التوحيد، والتوحيد ليس قولاً يُقال باللسان، وإنما علمٌ يُتعلَّم بالمُجاهدة، والمتابعة، والعبادة، والطاعة للخالق، ومراقبة النفس وسلوكها، قال تعالى:

فَاعْلَمْ أَنَّهُ لَا إِلَٰهَ إِلَّا اللَّهُ وَاسْتَغْفِرْ لِذَنبِكَ وَلِلْمُؤْمِنِينَ وَالْمُؤْمِنَاتِ وَاللَّهُ يَعْلَمُ مُتَقَلَّبَكُمْ وَمَثْوَاكُمْ (19)
(سورة محمد)

ولم يقل: فقل لا إله إلا الله، لأن القول سهل لكن العِلم هو المطلوب، فاعلم أنه لا إله إلا الله، فلذلك جاءت الآية:

قُلْ هَٰذِهِ سَبِيلِي أَدْعُو إِلَى اللَّهِ عَلَىٰ بَصِيرَةٍ أَنَا وَمَنِ اتَّبَعَنِي وَسُبْحَانَ اللَّهِ وَمَا أَنَا مِنَ الْمُشْرِكِينَ (108)
(سورة يوسف)

قال يوسف أيضاً في السجن:

مَا تَعْبُدُونَ مِن دُونِهِ إِلَّا أَسْمَاءً سَمَّيْتُمُوهَا أَنتُمْ وَآبَاؤُكُم مَّا أَنزَلَ اللَّهُ بِهَا مِن سُلْطَانٍ إِنِ الْحُكْمُ إِلَّا لِلَّهِ أَمَرَ أَلَّا تَعْبُدُوا إِلَّا إِيَّاهُ ذَٰلِكَ الدِّينُ الْقَيِّمُ وَلَٰكِنَّ أَكْثَرَ النَّاسِ لَا يَعْلَمُونَ (40)
(سورة يوسف)

كثيرٌ من المسلمين اليوم يعلمون أن الخالق هو الله، وأن الرب هو الله، وأنه هو الذي يُمدهم ويُعطيهم، لكن العجب أنك تجد بعضهم يتوجه بعد ذلك إلى غير الله تعالى.

{ تَعِسَ عبدُ الدِّينارِ، والدِّرْهَمِ، والقَطِيفَةِ، والخَمِيصَةِ، إنْ أُعْطِيَ رَضِيَ، وإنْ لَمْ يُعْطَ لَمْ يَرْضَ }

( صحيح البخاري)

فما دمت تعلم أنه قد خلقك ورزقك ويُعطيك ويُمدك ويُرشدك إذاً توجه إليه وحده بالعبادة، وهذا هو التوحيد الذي جاء به محمد صلى الله عليه وسلم ومن قبله يوسف، بل كل أنبياء الله.

الدكتور مراد:
جميل، أي مشاهد التوحيد واضحة هذا يعني أساس دعوة الأنبياء هو التوحيد، والكل اجتمعوا على هذا المنهج السوي.
سادتنا الكرام؛ وقفاتنا المتبقية مع سيدنا يوسف وسيدنا الحبيب محمد صلى الله عليه وسلم وكما تعلم أن سورة يوسف نزلت على سيدنا محمد لتُسلّي قلبه، ولتخفف عليه في طريق عودته من الطائف، وهذا الاشتراكات أنه يا محمد أنت الآن تتأذى، يوسف تأذى من قبلك وهو أيضاً صغير، الآن ستبدأ أنت رحلة سنأخذك من مكة الصحراء إلى بلدٍ زراعية المدينة، ويوسف عليه السلام قد أُخذ من فلسطين إلى مصر وهناك إلى الزراعة، أي التشابه واضح في هذا المنهج، منهج البناء الحياتي بين سيدنا يوسف وسيدنا محمد صلى الله عليه وسلم.
أريد من السادة المشايخ وأبدأ مع أخي الحبيب الشيخ إبراهيم، الوقفات المُشتركة في محطة إدارة الدولة، إدارة الدولة التي اليوم نقول نحن: يجب أن نتأسى بالسادة الأنبياء ونتأسى بالخلفاء والصحابة الكرام، إدارة الدولة فضيلة الشيخ إبراهيم.

الوقفات المُشتركة في محطة إدارة الدولة:
الدكتور إبراهيم ملكاوي:
لفت انتباهي في قصة يوسف عليه السلام وسيرة النبي صلى الله عليه وسلم سيرة الدولة استثمار الموارد وتوجيهها، فالله سبحانه وتعالى يقول لكفار قريش:

قُلْ أَئِنَّكُمْ لَتَكْفُرُونَ بِالَّذِي خَلَقَ الْأَرْضَ فِي يَوْمَيْنِ وَتَجْعَلُونَ لَهُ أَندَادًا ذَٰلِكَ رَبُّ الْعَالَمِينَ (9) وَجَعَلَ فِيهَا رَوَاسِيَ مِن فَوْقِهَا وَبَارَكَ فِيهَا وَقَدَّرَ فِيهَا أَقْوَاتَهَا فِي أَرْبَعَةِ أَيَّامٍ سَوَاءً لِّلسَّائِلِينَ (10)
(سورة فصلت)

لا يوجد أرض بلا موارد، وشحيحة الموارد، الأرض مليئة، هذه مقالة كتبها عاجز، وصدّقها ساذج، لا يقال إن الأرض فيها شُح موارد، لأنَّ الذي قدّر فيها أقواتها هو الله سبحانه وتعالى، فكيف نقول إنَّ الله سبحانه وتعالى جعل في هذه الأرض موارد شحيحة!
المدينة المنورة لو سألت أهلها قبل هجرة النبي صلى الله عليه وسلم لأجابوك إنها شحيحة الموارد، وادي بطحان كان سبب أوبئة المدينة، البلهارسيا والملاريا، جاء النبي صلى الله عليه وسلم لوادي بطحان هذا، وطلب من طلحة بن عبيد الله رضي الله عنه قال: اذهب ونقِّه، فذهب طلحة بن عبيد الله ومنع إلقاء القاذورات والنفايات في مجرى هذا السيل، فطهر الماء، حتى قال النبي صلى الله عليه وسلم:

{ بُطحانُ علَى تُرعةٍ من تُرَعِ الجنَّةِ }

(أخرجه البخاري)

تبادل الخبرات بين المهاجرين والأنصار
لاحظت معي؟ النبي صلى الله عليه وسلم عندما دخل المدينة، المدينة كان حالها أنها واقعة تحت هيمنة اليهود، اليهود أهل تجارة سيطروا على السوق، ليس للعرب فيها سوق، أهل المدينة أهل زراعة لا يعرفون الكيل، ولا يعرفون الموازين، فعندما دخل النبي صلى الله عليه وسلم المدينة مباشرة أنشأ السوق، وجعل سوقاً للمسلمين خاصاً بهم، وحتى يقوم بتبادل الخبرات آخى بين المهاجرين والأنصار، دكتور بلال في قصة المُؤاخاة بين المهاجرين والأنصار للأسف الشديد الراسخ في أذهان الناس أنَّ النبي صلى الله عليه وسلم عندما آخى بين المهاجرين والأنصار أفهمونا أنَّ النبي صلى الله عليه وسلم أراد أن يُشبع المهاجرين من الجوع لأنهم فقدوا أموالهم، وهذا كلام غير صحيح، النبي صلى الله عليه وسلم أراد أن يجعل في بيت كل أنصاري رجلاً من قريش تاجراً، تبادل خبرات، أهل قريش أهل تجارة هم معروفون بذلك، يُجيدون التجارة، أهل المدينة أهل زراعة لا يعرفون بالتجارة شيئاً يقابلهم أهل مكة لا يعرفون في الزراعة، فتعلَّم أهل التجارة من أهل الزراعة، وتعلّم أهل الزراعة من أهل التجارة.

الدكتور مراد:
شيخ إبراهيم الآن هذا منهج سيدنا محمد صلى الله عليه وسلم في إدارة الدولة، سحب السوق من تحت أرجل اليهود الذين كانوا مسيطرين، مُحتكرين، واليوم بدأ في ترتيب جديد للدولة، في تنظيف الأجواء، المشترك بينه وبين سيدنا يوسف في إدارة الدولة.

القاسم المشترك في قصة يوسف وقصة النبي في إدارة الدولة:
الدكتور إبراهيم ملكاوي:
القاسم المشترك في قصة يوسف وقصة النبي صلى الله عليه وسلم في كل شيء التشابه، حتى اللحظة الأخيرة، حتى المشهد الأخير النبي صلى الله عليه وسلم عندما دخل مكة فاتحاً قال لأهل مكة: ما تظنون أني فاعل بكم اليوم؟ لا تثريب عليكم اليوم، ردد نفس العبارة التي قالها يوسف، لماذا؟ لأنه كما قلنا لكم أن قصص الأنبياء بالنسبة للنبي هي خارطة طريق، النبي صلى الله عليه وسلم عندما نزلت عليه سورة يوسف هو يعلم أنها جاءت توجهه في قضية الدولة، كيف يُدير الدولة، ويعلم النبي صلى الله عليه وسلم أن فيها بشارة له في فتح مكة.

الدكتور مراد:
سيدنا يوسف هنا أدار الدولة فنُقلت أنموذج أمامه لإدارة دولته الجديدة سيدنا محمد.
دكتور بلال ماذا تقول في هذا المشهد المشترك في إدارة الدولة بين سيدنا محمد وسيدنا يوسف؟

إقامة الدولة بالعدل والإحسان مشهد مشترك بين سيدنا محمد وسيدنا يوسف:
الدكتور بلال:
في الحياة رواج وكساد
أكرمكم الله يا سيدي، أنا سأتابع من حيث انتهى شيخنا الجليل، أيضاً من الأمور الطيبة تحدث عن الموارد، الحياة كلها فيها رواج، وفيها كساد، حياتنا كلها اليوم مع كورونا في كساد نسأل الله أن يعود الرواج، دائماً الحياة ويقولون دورة الرواج والكساد الاقتصاديون بين خمس لعشر سنوات كما جاء في سورة يوسف عليه السلام، الدورة سبع سنوات، فأعظم ما فعله سيدنا يوسف في إدارة الدولة أنه عند الرواج اقتصد، وهذا ما ورد في القرآن الكريم يؤدب به نبينا صلى الله عليه وسلم نبيه محمد ويؤدبنا من بعده بهذا الخُلق العظيم قال:

وَلَا تَجْعَلْ يَدَكَ مَغْلُولَةً إِلَىٰ عُنُقِكَ وَلَا تَبْسُطْهَا كُلَّ الْبَسْطِ فَتَقْعُدَ مَلُومًا مَّحْسُورًا (29)
(سورة الإسراء )

أي لا ينبغي عند النعمة أن يُكثر الإنسان من الإنفاق، لا إسرافاً ولا تبذيراً، الإسراف في المُباحات، والتبذير في المُحرمات، وكلاهما لا ينبغي أن يكون من المؤمن، فهذه واحدة أنه عند الرواج لا ينبغي أن يترك الإنسان الاقتصاد في الإنفاق، وإدارة الموارد، حتى إذا جاء الكساد وجد مورداً، وهذا ما فعله يوسف عليه السلام، أيضاً من النقاط المشتركة موضوع العدل:

وَلَمَّا جَهَّزَهُم بِجَهَازِهِمْ قَالَ ائْتُونِي بِأَخٍ لَّكُم مِّنْ أَبِيكُمْ أَلَا تَرَوْنَ أَنِّي أُوفِي الْكَيْلَ وَأَنَا خَيْرُ الْمُنزِلِينَ (59)
(سورة يوسف)

فتعامل بالعدل.

وَلَمَّا جَهَّزَهُم بِجَهَازِهِمْ قَالَ ائْتُونِي بِأَخٍ لَّكُم مِّنْ أَبِيكُمْ أَلَا تَرَوْنَ أَنِّي أُوفِي الْكَيْلَ وَأَنَا خَيْرُ الْمُنزِلِينَ (59)
(سورة يوسف)

أي يوجد سجلات، ويوجد كلام مهم جداً في هذا الأمر لا ينبغي أن يوزع إلا وفق المقاييس التي فرضها:

قَالُوا نَفْقِدُ صُوَاعَ الْمَلِكِ وَلِمَن جَاءَ بِهِ حِمْلُ بَعِيرٍ وَأَنَا بِهِ زَعِيمٌ (72)
(سورة يوسف)

إقامة الدولة يكون بالعدل
أي يعطي كل إنسان حمل بعير، تنظيم شديد، النبي صلى الله عليه وسلم لمّا أرسل عبد الله بن رواحة ليقيّم تمر خيبر فأغروه بحلّي نسائهم من أجل أن يُخفض التقييم حتى تنخفض الزكاة، أي مسألة غش واضح نعطيك من حلّي نسائنا لكن خفض التقييم، قال: جئتكم من أحب الخلق إلى الله ولأنتم أبغض إلي من القردة والخنازير ومع ذلك فلن أحيف عليكم، لا يوجد ظلم سأقيّم الموجود، فقالوا: بهذا غلبتمونا وبهذا قامت السماوات والأرض بالعدل، فيوسف عليه السلام أقام الدولة بالعدل، ومحمد صلى الله عليه وسلم أقام الدولة بالعدل، وأيضاً من الأمور المهمة وأكتفي بذلك الإحسان، فيوسف عليه السلام كان مُحسناً:

وَدَخَلَ مَعَهُ السِّجْنَ فَتَيَانِ قَالَ أَحَدُهُمَا إِنِّي أَرَانِي أَعْصِرُ خَمْرًا وَقَالَ الْآخَرُ إِنِّي أَرَانِي أَحْمِلُ فَوْقَ رَأْسِي خُبْزًا تَأْكُلُ الطَّيْرُ مِنْهُ نَبِّئْنَا بِتَأْوِيلِهِ إِنَّا نَرَاكَ مِنَ الْمُحْسِنِينَ (36)
(سورة يوسف)

لما رأوه في السجن قالوا: من المحسنين، وما تغير يوم صار في القصر، فأنت عندما ترى من يقوم على أمرك هذا الحفيظ العليم:

قَالَ اجْعَلْنِي عَلَىٰ خَزَائِنِ الْأَرْضِ إِنِّي حَفِيظٌ عَلِيمٌ (55)
(سورة يوسف)

تجده خبيراً، وتجده أميناً، ثم تجده مع الخبرة والكفاءة والأمانة إحساناً، فهو لا يقيم الدولة بالعدل فحسب:

إِنَّ اللَّهَ يَأْمُرُ بِالْعَدْلِ وَالْإِحْسَانِ وَإِيتَاءِ ذِي الْقُرْبَىٰ وَيَنْهَىٰ عَنِ الْفَحْشَاءِ وَالْمُنكَرِ وَالْبَغْيِ يَعِظُكُمْ لَعَلَّكُمْ تَذَكَّرُونَ (90)
(سورة النحل)

فالإحسان مرتبةٌ فوق العدل، بالعدل يُعطى كل ذي حق حقه لكن بالإحسان يزيده فقالوا:

وَلَمَّا فَتَحُوا مَتَاعَهُمْ وَجَدُوا بِضَاعَتَهُمْ رُدَّتْ إِلَيْهِمْ قَالُوا يَا أَبَانَا مَا نَبْغِي هَٰذِهِ بِضَاعَتُنَا رُدَّتْ إِلَيْنَا وَنَمِيرُ أَهْلَنَا وَنَحْفَظُ أَخَانَا وَنَزْدَادُ كَيْلَ بَعِيرٍ ذَٰلِكَ كَيْلٌ يَسِيرٌ (65)
(سورة يوسف)

ثم طلبوا منه الزيادة لأنهم رأوا منه الإحسان لما يعلم من حالهم، ومحمد صلى الله عليه وسلم أقام دولته بالعدل والإحسان.

خاتمة وتوديع:
الدكتور مراد:
جميل شيخنا الشيخ إبراهيم نحن انتهى وقتنا، أنا أشكرك جزيل الشكر على هذه اللطائف الطيبة، واليوم عشنا مع سيدنا النبي صلى الله عليه وسلم، ومع سيرته العطرة، ومع سيدنا يوسف عليه السلام، وتعلّمنا منه الكثير في هذه القصة الكبيرة، كل الشكر فضيلة الداعية الشيخ إبراهيم ملكاوي، أنا أريد أن أوجه شكراً خاصاً لك أخي الدكتور بلال، أنت صاحب الكلمة اللطيفة الطيبة، الشكر موصول لك دائماً، وأنت ضيفي الدائم في جميع الحلقات السابقة، ونحن اليوم نودع رحلة الصديق.

الدكتور بلال:
ونحن نشكرك لأنك أكثر من تعب ونشكر أخانا الشيخ هشام المغربي .

الدكتور مراد:
نحن نشكر كل من ساهم بالكلمة، كل ضيوفنا الذين حضروا معنا بجميع حلقات هذا البرنامج، الذي كان لنا هدف أساسي في رحلة الصدّيق أن نُعالج شيئاً، وأن نصل لشيء، وبإذن الله وصلنا لما نريده، شكراً لك أخي الدكتور بلال نور الدين.

الدكتور إبراهيم ملكاوي:
الكلمة الرائجة من الناس كنت أسمعها يقولون: إن هذا البرنامج كان نقلة نوعية في مسألة الخطاب الديني، خرجنا فيه من النمطية، وصرتم رفقاء قصة يوسف.

الدكتور بلال:
نسأل الله أن يحشرنا مع الأنبياء .

الدكتور مراد:
الناجي منا يأخذ بيد أخيه يوم القيامة إن شاء الله، وأشكر أخي القارئ المهندس أحمد الذي أتعبته معي في كل القصة كان يرسل لنا بصوته النديّ، جزاه الله كل خير، ونشكر الجندي المجهول فضيلة الشيخ هشام المغربي المُعد لهذا البرنامج، وصلنا إلى نهاية حلقاتنا من برنامج رحلة الصدّيق اليوم نتكلم ونقول: وصلنا إلى فقرة علَّمني يوسُف.
علَّمني يوسُف عليه السلام أن ما جاء به الأنبياء إنما نزل من مشكاةٍ واحدة، ويُعزز بعضه بعضاً، فقصة نبينا يوسُف عليه السلام كانت دليلاً على صدق نبوة محمد صلى الله عليه وسلم.
نلقاكم بإذن الله عز وجل وأمورنا دائماً طيبة، وأمور الأمة الإسلامية بخير إن شاء الله، يا رب نسألك يا الله أن تجعل الفرج القريب على أمة الإسلام، واكتب لنا صلاةً في الأقصى قبل الممات، مُحررين المسجد الأقصى يا ذا الجلال والإكرام، نلقاكم بإذن الله عز وجل في برنامج جديد.
والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته