أراد بنا... وأراد منا..
أراد بنا... وأراد منا..
السلام عليكم: قالوا: أراد الله بنا وأراد الله منا، فانشغلنا بما أراده الله بنا عمَّا أراده منا.. |
الانشغال بما أراده الله بنا عمَّا أراده الله منا:
ما أراده الله بنا: المرض حيناً والشفاء حيناً آخرَ، ما أراده الله بنا القوة حيناً والضعف حيناً آخرَ، ما أراده الله بنا الغِنى حيناً وقد يكون الفقر حيناً آخرَ. |
أما ما أراده الله منا فهو: الصَّلاة، الصِّيام، الأمر بالمعروف والنَّهي عن المُنكر، الحبُّ في الله، الإحسان إلى الآخرين، الكفُّ عن الأذى، هذا ما أراده الله من الأوامر والنواهي؛ افعل ولا تفعل. |
الذي حصل أننا شغَلنا أنفسنا بما أراده بنا، فيقول الواحد: لماذا أنا فقير؟ ويقول الآخر: لماذا لستُ كفلانٍ من الناس قوةً؟ ويقول الثالث: لماذا صِحَّتي ليست على ما يرام؟ ويقول الرابع: لماذا لم أُحصّل منصباً مرمُوقاً كما حصَّل فلانٌ مِنَ الناس؟ وهكذا.. |
الدروس والعبر من قصة سيدنا موسى مع سيدنا الخَضِر عليهما السلام:
في كلِّ جمعةٍ نقرأ سورة الكهف، هكذا هي السُّنَّة، وفي سورة الكهف قصَّةٌ مهمةٌ جداً في هذا الباب، وهي قصة موسى عليه السلام مع العبد الصالح، الذي أمره الله تعالى أن يذهب إليه بعد أن سأله الله تعالى؛ سأل الكَليمَ فقال له: أيُّ أهل الأرض أعلَم؟ فقال موسى: أنا، فأراد الله تعالى أن يُبَيِّنَ له أنَّ هناك مَنْ هو أعلَمُ منك، قد آتاه الله من لدنْهُ عِلْماً: |
وَيَسْأَلُونَكَ عَنِ الرُّوحِ ۖ قُلِ الرُّوحُ مِنْ أَمْرِ رَبِّي وَمَا أُوتِيتُمْ مِنَ الْعِلْمِ إِلَّا قَلِيلًا (85)(سورة الإسراء)
كثيرٌ مِنْ أقدار الله نعلم الحكمة منها بعد حينٍ
|
القدر الثاني: ربما تتبيَّنُ حكمته بعد سنواتٍ وسنواتٍ، كما حصل في بناء الجدار، لما بنى الخضر الجدار ولم يأخذ عليه أجراً واعترض موسى على ذلك قال: |
فَانْطَلَقَا حَتَّىٰ إِذَا أَتَيَا أَهْلَ قَرْيَةٍ اسْتَطْعَمَا أَهْلَهَا فَأَبَوْا أَنْ يُضَيِّفُوهُمَا فَوَجَدَا فِيهَا جِدَارًا يُرِيدُ أَنْ يَنْقَضَّ فَأَقَامَهُ ۖ قَالَ لَوْ شِئْتَ لَاتَّخَذْتَ عَلَيْهِ أَجْرًا (77)(سورة الكهف)
الجدار كان تَحْتَهُ كَنْزٌ لهذين اليتيمين، فعندما بلَغَا أشُدَّهُما واستخرجا الكنز علِمَا الحكمة فيما جرى قبل أكثر مِنْ عشر سنواتٍ ربما، ففهما حكمة الله بعد أكثر مِنْ عشر سنواتٍ مما جرى وهذا يحصل معنا في أقدار الله تعالى. |
القدر الثالث سنفهم الحكمة مِنْهُ يوم القيامة
|
وَأَمَّا الْغُلَامُ فَكَانَ أَبَوَاهُ مُؤْمِنَيْنِ فَخَشِينَا أَنْ يُرْهِقَهُمَا طُغْيَانًا وَكُفْرًا (80) فَأَرَدْنَا أَنْ يُبْدِلَهُمَا رَبُّهُمَا خَيْرًا مِنْهُ زَكَاةً وَأَقْرَبَ رُحْمًا (81)(سورة الكهف)
لم يتبين لهما ذلك في الحياة، لكن سيعلمان ذلك يوم القيامة وسيذوبان حُبَّاً لله لأن الأقدار التي جرت إنما جرت لخيرٍ لم يستطيعا فَهمَهُ في الحياة، لكن الإنسان يُدرك أنه سيعلم أنَّ لكلِّ واقعٍ حكمةٍ، وأن الله تعالى تسير أقداره بالخير المُطلق. |
خاتمة:
أيها الإخوة الكرام: إذاً أقدار الله تسيّرنا لحِكَمٍ قد نعلَمُ بعضها بعد وقتٍ يسيرٍ، ونعلَمُ بعضها بعد وقتٍ طويلٍ، ولا نعلَمُ الحكمة من بعضها إلا يوم الوقوف بين يدي العليم القدير. |