صاحبة الهجرتين

  • برنامج دار الأرقم - الحلقة 23
  • 2025-03-23

صاحبة الهجرتين


أسماء بنت عميس ارتبط اسمها بثلاثة رجالٍ من خريِّجي دار الأرقم:
أسماء بنت عميس، أسلمت قبل أن يدخل النبي صلى الله عليه وسلم دار الأرقم، ارتبط اسمها بثلاثة رجالٍ من خريِّجي دار الأرقم.
فهي زوجة جعفر بن أبي طالب حتى استشهاده في مؤتة، ثم زوجة أبي بكر الصدِّيق حتى وفاته، ثم زوجة علي بن أبي طالب رضي الله عنهم أجمعين.
ومما يُحفظ عنها أنها صاحبة الهجرتين، فلقد هاجرت مع زوجها جعفر إلى الحبشة، ثم هاجرت إلى المدينة.
ولقد كانت قوية في الحق، وحريصة على الخير والسبق في القرب من رسول الله صلى الله عليه وسلم.
فعندما رجعت مع زوجها جعفر بن أبي طالب من الهجرة إلى الحبشة:

{ فَدَخَلَتْ أَسْمَاءُ بنْتُ عُمَيْسٍ، وَهي مِمَّنْ قَدِمَ معنَا، علَى حَفْصَةَ زَوْجِ النبيِّ صَلَّى اللَّهُ عليه وسلَّمَ زَائِرَةً، وَقَدْ كَانَتْ هَاجَرَتْ إلى النَّجَاشِيِّ فِيمَن هَاجَرَ إلَيْهِ، فَدَخَلَ عُمَرُ علَى حَفْصَةَ، وَأَسْمَاءُ عِنْدَهَا، فَقالَ عُمَرُ حِينَ رَأَى أَسْمَاءَ: مَن هذِه؟ قالَتْ: أَسْمَاءُ بنْتُ عُمَيْسٍ، قالَ عُمَرُ: الحَبَشِيَّةُ هذِه؟ البَحْرِيَّةُ هذِه؟ فَقالَتْ أَسْمَاءُ: نَعَمْ، فَقالَ عُمَرُ: سَبَقْنَاكُمْ بالهِجْرَةِ، فَنَحْنُ أَحَقُّ برَسولِ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عليه وسلَّمَ مِنكُمْ، فَغَضِبَتْ، وَقالَتْ كَلِمَةً: كَذَبْتَ يا عُمَرُ كَلَّا، وَاللَّهِ كُنْتُمْ مع رَسولِ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عليه وسلَّمَ يُطْعِمُ جَائِعَكُمْ، وَيَعِظُ جَاهِلَكُمْ، وَكُنَّا في دَارِ، أَوْ في أَرْضِ البُعَدَاءِ البُغَضَاءِ في الحَبَشَةِ، وَذلكَ في اللهِ وفي رَسولِهِ، وَايْمُ اللهِ لا أَطْعَمُ طَعَامًا وَلَا أَشْرَبُ شَرَابًا حتَّى أَذْكُرَ ما قُلْتَ لِرَسولِ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عليه وسلَّمَ، وَنَحْنُ كُنَّا نُؤْذَى وَنُخَافُ، وَسَأَذْكُرُ ذلكَ لِرَسولِ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عليه وسلَّمَ وَأَسْأَلُهُ، وَوَاللَّهِ لا أَكْذِبُ وَلَا أَزِيغُ وَلَا أَزِيدُ علَى ذلكَ، قالَ: فَلَمَّا جَاءَ النبيُّ صَلَّى اللَّهُ عليه وسلَّمَ قالَتْ: يا نَبِيَّ اللهِ إنَّ عُمَرَ قالَ: كَذَا وَكَذَا، فَقالَ رَسولُ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عليه وسلَّمَ: ليسَ بأَحَقَّ بي مِنكُمْ، وَلَهُ وَلأَصْحَابِهِ هِجْرَةٌ وَاحِدَةٌ، وَلَكُمْ أَنْتُمْ، أَهْلَ السَّفِينَةِ، هِجْرَتَانِ. قالَتْ: فَلقَدْ رَأَيْتُ أَبَا مُوسَى وَأَصْحَابَ السَّفِينَةِ يَأْتُونِي أَرْسَالًا ، يَسْأَلُونِي عن هذا الحَديثِ، ما مِنَ الدُّنْيَا شيءٌ هُمْ به أَفْرَحُ وَلَا أَعْظَمُ في أَنْفُسِهِمْ ممَّا قالَ لهمْ رَسولُ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عليه وسلَّمَ. قالَ أَبُو بُرْدَةَ: فَقالَتْ أَسْمَاءُ: فَلقَدْ رَأَيْتُ أَبَا مُوسَى، وإنَّه لَيَسْتَعِيدُ هذا الحَدِيثَ مِنِّي. }

(أخرجه البخاري)

يتعلم الدارسون في دار الأرقم، خُلق الوفاء، ومعرفة قدر الرجال، وحفظ مكانتهم.

أسماء بنت عميس نموذجاً للأخيار من النساء اللواتي صنعهن الإسلام:
ربَّت أسماء في بيتها عند سيدنا علي، ابنيها من جعفر ومن أبي بكر، وكلاهما اسمه محمد، محمد بن أبي بكر، ومحمد بن جعفر، وذات يوم قال كل منهما لأخيه: أبي خيرٌ من أبيك، فقال علي رضي الله عنه لأسماء: احكمي بينهما، فهي الأم الواحدة للولدين ذي الأبوين المختلفين، فقالت كلمةً كلها وفاء وحسن عهد: فقالت لابن جعفر: " أمّا أنت يا بني، فما رأيت شابّاً من العرب كان خيراً من أبيك، وأمّا أنت يا بني فما رأيت كهلاً من العرب كان خيراً من أبيك".
لقد كانت أسماء بنت عميس، نموذجاً للأخيار من النساء اللواتي صنعهن الإسلام.
إنها نموذج للمرأة المُربّية الفاعلة، المُحبة لله ولرسوله.