صناعة الجندي
صناعة الجندي
لم يكن يخطر على بال سعد بن أبي وقاص رضي الله عنه، وهو تلميذٌ من تلاميذ دار الأرقم، أنه سيكون يوماً، قائداً لمعارك المسلمين ضد امبراطورية فارس، وأنه سيُكتَب في سجل الخالدين، وأنَّ اسمه سيرتبط بمعركةٍ مصيريةٍ من معارك المسلمين، وهي معركة القادسية، وأنَّ اسمه سيتردد إلى يوم القيامة، على لسان الملايين، قائداً فذّاً فتح الله به البلاد، وقهر به الأعداء. |
إلا أنَّ سعداً رضي الله عنه، كان يُعد نفسه ليكون ذلك القائد، وكان يعبُد الله تعالى فيما أقامه، وفي الموضع الذي يضعه فيه. |
خرج قائد سرية لاعتراض عير قريش، وسُمّيت السرية باسمه، سرية سعد بن أبي وقاص، ثم كان جندياً في معركة بدر، يقول ابن مسعود: " لقد رأيت سعداً يقاتل يوم بدر قتال الفارس في الرجال". |
وفي أُحُد كان الرامي الثابت، الذي يثبُت ولا يُخالف أمر رسول الله، يقول الزهري: "رمى سعد يوم أُحُد ألف سهم، فكان النبي صلى الله عليه وسلم يقول له: ارمِ فداك أبي وأمي". |
وكان أول من رمى بسهم في سبيل الله. |
شهد الخندق، وبايع في الحُديبية، وكان معه يوم فتح مكة، إحدى رايات المهاجرين الثلاث، |
ولا عجب بعدها أن يكون سعد قائد القادسية. |
أنت من ترسم النهايات التي تُحبُها فاحرص على المُقدِّمات التي تملكها :
أخي الحبيب: أنت من ترسم النهايات التي تُحبُها، وأنت من تصوغ طموحك، عملاً يوصلك إليها، |
ليس هناك عملٌ بطولي يأتي من غير مُقدِّمات، فاحرص على المُقدِّمات التي تملكها، ليُهيىء لك الله النهايات التي تستحقها. |
في دار الأرقم نتعلم، أن نعمل وفق الإمكانيات المتاحة، وألا ننشغل بأمورٍ لا نستطيعها الآن، عن أُخرى هي في متناول أيدينا. |
وهكذا كان سعد في كل مكان يوضع فيه، يُنجز مهمته على أحسن وجه، فهو جندي حين يريده الإسلام جندياً، وهو رامٍ يلتزم جبل الرماة، حين تكون تلك مهمته، وهو قائد سرية من عشرين رجُلاً، حين تكون تلك هي المهمة، وهو حامل الراية، حين تطلبه الراية، وهو القائد المِقدام بعد ذلك. |
تُقام اليوم دورات، وتؤلَّف كُتُب عن صناعة القادة، والحقيقة أننا بحاجةٍ ماسة، لصناعة الجندي، أو قُل لصناعة المسلم المستعد لخدمة دينه، في أي موضعٍ نحتاجه فيه. |