الهدف الأساسي من سورة الزمر
الهدف الأساسي من سورة الزمر
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته. |
بسم الله الرحمن الرحيم، الحمد لله رب العالمين، والصلاة والسلام على سيدنا محمد وعلى آله وأصحابه أجمعين. |
مع اللقاء الرابع من لقاءات سورة الزمر، ومع الآية الحادية عشرة من السورة، وهي قوله تعالى: |
قُلْ إِنِّي أُمِرْتُ أَنْ أَعْبُدَ اللَّهَ مُخْلِصاً لَهُ الدِّينَ (11)[ سورة الزمر]
سورة الزمر هي سورة التوحيد
|
قُلْ يَا عِبَادِ الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا رَبَّكُمْ ۚ لِلَّذِينَ أَحْسَنُوا فِي هَٰذِهِ الدُّنْيَا حَسَنَةٌ ۗ وَأَرْضُ اللَّهِ وَاسِعَةٌ ۗ إِنَّمَا يُوَفَّى الصَّابِرُونَ أَجْرَهُم بِغَيْرِ حِسَابٍ (10)[ سورة الزمر]
(قُلْ) لا يخفى ما فيها من التنبيه، أي عندما يقول تعالى لنبيه: (قُلْ) فهناك شيء مهم ينبغي أن تستمع إليه، فالله لا يأمر نبيه إلا بما فيه خيرنا وصلاحنا. |
من أصلح دينه وأخلصه لله تعالى عُصم من الزلل والخطأ:
تستدل على أهمية الأمر من الآمر
|
{ عن أبي هريرة رضي الله عنه قال: قال رسولُ الله صلى الله عليه وسلم: أيُّها الناس، إن الله طيِّب، لا يقبلُ إلا طيباً، وإنَّ الله أمرَ المؤمنين بما أمر به المرسلين }
[أخرجه مسلم والترمذي]
فنحن مأمورون بما أُمر به رسول الله صلى الله عليه وسلم، بل من باب أولى، فإذا كان النبي صلى الله عليه وسلم المعصوم يُؤمر، فمن باب أولى أن نؤمر نحن أتباعه صلى الله عليه وسلم. |
(قُلْ إِنِّي أُمِرْتُ أَنْ أَعْبُدَ اللَّهَ مُخْلِصاً لَهُ الدِّينَ) الدين كله عبادة خالصة لوجه الله قال تعالى: |
وَمَا أُمِرُوا إِلَّا لِيَعْبُدُوا اللَّهَ مُخْلِصِينَ لَهُ الدِّينَ حُنَفَاءَ وَيُقِيمُوا الصَّلَاةَ وَيُؤْتُوا الزَّكَاةَ وَذَلِكَ دِينُ الْقَيِّمَةِ (5)[ سورة البينة]
(وَمَا أُمِرُوا إِلَّا لِيَعْبُدُوا اللَّهَ) حصر وقصر، كل ما أُمر به الناس أن يعبدوا الله مخلصين له الدين، فإن عبدوا الله غير مخلصين له الدين فما حققوا الهدف من خلقهم، وإن ادعوا أنهم يخلصون لله، ولكنهم لم يلتزموا العبادة له بالشكل المطلوب فما حققوا الهدف الذي خلقوا من أجله، فلابد من أن تكون عبادة، ويكون إخلاص فيها لله تعالى، لا تنفع عبادة بغير إخلاص، وإدعاء إخلاص بغير عبادة، لا ينفع هذا ولا ذاك، فقال: (قُلْ إِنِّي أُمِرْتُ أَنْ أَعْبُدَ اللَّهَ مُخْلِصاً لَهُ الدِّينَ) الدين؛ من دان يدين للشيء إذا رجع إليه، يدين به؛ يرجع إليه، وكان من أكثر أدعية النبي صلى الله عليه وسلم أن يدعو: |
{ عن أبي هريرة رضي الله عنه قال: كان رسولُ الله صلى الله عليه وسلم يقول في دعائه: اللَّهمَّ أَصْلِح لي ديني الذي هو عِصْمَةُ أمري، وأصَلِح لي دُنيَايَ التي فيها معاشي، وأصلح لي آخرتي التي فيها معادي، واجعَل الحياة زيادة لي في كلِّ خيرٍ، واجعل الموتَ راحة لي من كل شَرٍّ }
لأن الإنسان عندما يصلح دينه ويخلصه لله تعالى، فيه: ((عِصْمَةُ أمري)) يعصمه من الوقوع في الزلل، والخطأ، والعبث، وغير ذلك، (قُلْ إِنِّي أُمِرْتُ أَنْ أَعْبُدَ اللَّهَ مُخْلِصاً لَهُ الدِّينَ). |
النبي الكريم أول خلق الله في الرتبة وأول المسلمين إسلاماً في الزمن والرتبة:
وَأُمِرْتُ لِأَنْ أَكُونَ أَوَّلَ الْمُسْلِمِينَ (12)[ سورة الزمر]
هو (وَأُمِرْتُ) أن أعبد، لماذا قال؟ (وَأُمِرْتُ لِأَنْ أَكُونَ) ما قال أن أكون؟ هناك يوجد محذوف، أي (وَأُمِرْتُ) بذلك الأمر (لِأَنْ أَكُونَ أَوَّلَ الْمُسْلِمِينَ) هذه لام التعليل، لماذا أُمرت بالعبادة المخلصة لله تعالى (وَأُمِرْتُ لِأَنْ أَكُونَ أَوَّلَ الْمُسْلِمِينَ)؟ |
كلمة أول تطلق على شيئين
|
النبي صلى الله عليه وسلم كان الأول زمنياً لأنه أول من أسلم من الناس، وتلقى هذه الرسالة، ثم نقول نحن: أول من أسلم به من النساء خديجة، آمن به، لكن هو الأول في استسلامه لله، والاستجابة لمنهج الله، وعبادته، وإخلاصه لربه، فهو كان الأول في دين الله عز وجل زمناً بلا شك، وكان الأول رتبةً صلى الله عليه وسلم لأنه ما عرف الله أحدٌ كما عرفه رسول الله صلى الله عليه وسلم، ولا وصل إلى عبادة الله عز وجل أحد كما وصل إليها رسول الله صلى الله عليه وسلم، نحن جميعاً ما عبدنا الله حق عبادته، وما شكرناه حق شكره، لكن نبينا صلى الله عليه وسلم هو الأول في العبادة. |
{ عن عمر بن أبي سلمة رضي الله عنه: ربيبُ النبيِّ صلى الله عليه وسلم أنه سأل رسولَ الله صلى الله عليه وسلم: أيُقبِّل الصائم؟ فقال له رسولُ الله صلى الله عليه وسلم: سلْ هذه - لأمِّ سلمة - فأَخبرتْه: أَنَّ رسولَ الله صلى الله عليه وسلم يفعل ذلك، فقال: يا رسول الله، قد غفر الله لك ما تقدَّم من ذنبك وما تأخَّر، فقال له رسولُ الله صلى الله عليه وسلم: أما والله إِني لأتقاكم لله، وأخْشَاكم له }
[ أخرجه مسلم ]
صلى الله عليه وسلم، هو الأعبد، هو المثل الأعلى، هو الأسوة، فهو الأول رتبةً صلى الله عليه و سلم بين الأنبياء، و بين جميع الخلق، فهو أول خلق الله في الرتبة، وأول المسلمين إسلاماً في الزمن والرتبة. |
على الإنسان أن يكون الأول بعبادته والأول بكل شيء:
نستفيد من هذه الآية نحن (وَأُمِرْتُ لِأَنْ أَكُونَ أَوَّلَ الْمُسْلِمِينَ) أن تكون أنت الأول دائماً، الإسلام لا يريد منك أن تكون ذاك المسلم الذي يقول: إذا تمكنت ودخلت الجنة خلف الباب فأنا راض بذلك، لا، لماذا خلف الباب؟ إذا سألتم الله تعالى فاسألوه الفردوس الأعلى من الجنة، لماذا لا تطمح أن تكون مع النبيين والصديقين والشهداء والصالحين؟ في الدنيا لماذا تريد أن تكون طبيباً بسيطاً؟ لماذا لا تأخذ اختصاصاً عالياً وتعالج الناس؟ لماذا تكون التاجر البسيط؟ لماذا لا تكون التاجر القوي الذي يدفع زكاة ماله للآخرين؟ في كل شيء لماذا لا تكون الأول؟ هذه كلمة أول تشير إلى أهمية التفوق سواء في الدنيا، أو في الدين، طبعاً الحديث هنا في الدين، لكن ينسحب على الدنيا لأن المسلم: |
{ عن أبي هريرة رضي الله عنه قال: قال رسولُ الله صلى الله عليه وسلم: المؤمن القويُّ خيْر وأحبُّ إلى الله من المؤمن الضعيف، وفي كلّ خير، احرِصْ على ما ينفعك واستعن بالله ولا تعجزْ، وإن أصابك شيء فلا تَقُل: لو أنَّي فعلتُ لكان كذا وكذا، ولكن قل: قَدَّر الله وما شاءَ فَعَل، فإن ' لو ' تفتحُ عَمَلَ الشيطان }
[ أخرجه مسلم ]
القوي قادر على أعمال صالحة لا يستطيعها الضعيف
|
فلذلك الحديث: (المؤمن القويُّ) ليس القوي، أي إنسان يكون قوياً، نحن نريد المؤمن، ثم القوي، القوي بإيمانه، القوي بمنهج ربه وليست القوة المجردة عن الإيمان، لأن القوة المجردة عن الإيمان رأينا ماذا صنعت، صنعت قنابل عنقودية، وانشطارية، وبراميل متفجرة، القوة بلا إيمان صنعت الدمار، لم تصنع حضارةً، لكن المؤمن القوي يصنع حضارةً. |
فالأول هنا أول في كل شيء، كن (أَوَّلَ الْمُسْلِمِينَ) أولهم قرباً من الله، أولهم عبادة، أولهم عملاً صالحاً، أولهم تقرباً إلى الله، أولهم إحساناً لخلق الله، أولهم براً بوالديك، أولهم محبةً لعباد الله، كن أولاً (وَأُمِرْتُ لِأَنْ أَكُونَ أَوَّلَ الْمُسْلِمِينَ) أي وأمرت بتلك العبادة (لِأَنْ أَكُونَ أَوَّلَ الْمُسْلِمِينَ) بعبادتي لله أكون الأول إن شاء الله. |
أعظم رفعة للإنسان أن يكون عبداً لله:
قُلْ إِنِّي أَخَافُ إِنْ عَصَيْتُ رَبِّي عَذَابَ يَوْمٍ عَظِيمٍ (13)[ سورة الزمر ]
و الله هذه الآية مخيفة، لأن الله تعالى يخاطب نبيه المعصوم، يقول له: (قُلْ إِنِّي أَخَافُ إِنْ عَصَيْتُ رَبِّي عَذَابَ يَوْمٍ عَظِيمٍ) هذا مقام العبودية، النبي صلى الله عليه وسلم بشر وعبد لله، ولما كان في أعظم حالاته وهو في معجزة الإسراء والمعراج قال تعالى: |
سُبْحَانَ الَّذِي أَسْرَى بِعَبْدِهِ لَيْلاً مِنَ الْمَسْجِدِ الْحَرَامِ إِلَى الْمَسْجِدِ الْأَقْصَى الَّذِي بَارَكْنَا حَوْلَهُ لِنُرِيَهُ مِنْ آيَاتِنَا إِنَّه هُوَ السَّمِيعُ الْبَصِيرُ (1)[ سورة الإسراء]
العبودية لله مقام رفيع
|
فقال: (قُلْ إِنِّي أَخَافُ إِنْ عَصَيْتُ رَبِّي) والنبي صلى الله عليه وسلم لا يعصي ربه، قد عُصم، لكن رغم ذلك يعلمنا ويؤدبنا به صلى الله عليه وسلم، المعصية هي مخالفة الأمر. |
فَأَكَلَا مِنْهَا فَبَدَتْ لَهُمَا سَوْآتُهُمَا وَطَفِقَا يَخْصِفَانِ عَلَيْهِمَا مِنْ وَرَقِ الْجَنَّةِ وَعَصَى آدَمُ رَبَّهُ فَغَوَى (121)[ سورة طه]
خالف الأمر، لا تأكل من هذه الشجرة فأكل، هذه المعصية، لا تطلق البصر، أطلق البصر، صلِّ، لم يصلِّ، خالف الأمر، فأتى ما نُهي عنه، وترك ما أُمر به، هذه المعصية، (قُلْ إِنِّي أَخَافُ إِنْ عَصَيْتُ رَبِّي عَذَابَ يَوْمٍ عَظِيمٍ) وصف يوم القيامة بأنه يوم عظيم فإذا كان اليوم عظيماً فالعذاب به عظيم، ثم يؤكد المعنى: |
قُلِ اللَّهَ أَعْبُدُ مُخْلِصاً لَهُ دِينِي (14)[ سورة الزمر]
الآية الأولى: (قُلْ إِنِّي أُمِرْتُ أَنْ أَعْبُدَ اللَّهَ مُخْلِصاً لَهُ الدِّينَ) الثانية: (قُلِ اللَّهَ أَعْبُدُ مُخْلِصاً لَهُ دِينِي) طبعاً الآيتان فيهما حصر وقصر، لأن (أُمِرْتُ أَنْ أَعْبُدَ اللَّهَ مُخْلِصاً لَهُ الدِّينَ) إذاً العبادة لله وحده، الإخلاص هو التوجه لله وحده، الثانية فيها حصر وقصر حيث قدم لفظ الجلالة، هناك قال: (أَعْبُدَ اللَّهَ) هنا قال: (قُلِ اللَّهَ أَعْبُدُ) زيادة في التوكيد والحصر، والقصر، أي لا أعبد إلا الله (مُخْلِصاً لَهُ دِينِي) في الآية الأولى (مُخْلِصاً لَهُ الدِّينَ) عموماً هنا (دِينِي)، يوجد دين، ويوجد ديني. |
الدين منهج إلهي متكامل لا يحتاج إلى إصلاح ولا إلى تغيير:
الدين من عند الله لا يحتاج إلى إصلاح
|
حُرِّمَتْ عَلَيْكُمُ الْمَيْتَةُ وَالدَّمُ وَلَحْمُ الْخِنْزِيرِ وَمَا أُهِلَّ لِغَيْرِ اللَّهِ بِهِ وَالْمُنْخَنِقَةُ وَالْمَوْقُوذَةُ وَالْمُتَرَدِّيَةُ وَالنَّطِيحَةُ وَمَا أَكَلَ السَّبُعُ إِلَّا مَا ذَكَّيْتُمْ وَمَا ذُبِحَ عَلَى النُّصُبِ وَأَنْ تَسْتَقْسِمُوا بِالْأَزْلَامِ ذَلِكُمْ فِسْقٌ الْيَوْمَ يَئِسَ الَّذِينَ كَفَرُوا مِنْ دِينِكُمْ فَلَا تَخْشَوْهُمْ وَاخْشَوْنِ الْيَوْمَ أَكْمَلْتُ لَكُمْ دِينَكُمْ وَأَتْمَمْتُ عَلَيْكُمْ نِعْمَتِي وَرَضِيتُ لَكُمُ الْإِسْلَامَ دِيناً فَمَنِ اضْطُرَّ فِي مَخْمَصَةٍ غَيْرَ مُتَجَانِفٍ لِإِثْمٍ فَإِنَّ اللَّهَ غَفُورٌ رَحِيمٌ (3)[ سورة المائدة]
فالدين هو المنهج الإلهي المتكامل، ديني هو طريقة عودتي إلى الله وفهمي لهذا الدين، وهذه قد يكون فيها الصواب، وقد يكون فيها الخطأ، لذلك الدعاء: |
{ عن أبي هريرة رضي الله عنه قال: كان رسولُ الله صلى الله عليه وسلم يقول في دعائه: اللَّهمَّ أَصْلِح لي ديني الذي هو عِصْمَةُ أمري، وأصَلِح لي دُنيَايَ التي فيها معاشي وأصلح لي آخرتي التي فيها معادي، واجعَل الحياة زيادة لي في كلِّ خيرٍ، واجعل الموتَ راحة لي من كل شَرٍّ }
[أخرجه مسلم ]
أي الذي يفهم الدين على أنه فقط صلاة، وصيام، وزكاة، وحج، هذا عنده مشكلة في تدينه، لأن الدين الذي أراده الله لا يعني فقط العبادات الشعائرية، بل هو منظومة أخلاقية متكاملة بالإضافة إلى العبادات الشعائرية، الذي يفهم الدين أنه انتقاء. |
أَفَتُؤْمِنُونَ بِبَعْضِ الْكِتَابِ وَتَكْفُرُونَ بِبَعْضٍ فَمَا جَزَاءُ مَنْ يَفْعَلُ ذَلِكَ مِنْكُمْ إِلَّا خِزْيٌ فِي الْحَيَاةِ الدُّنْيَا وَيَوْمَ الْقِيَامَةِ يُرَدُّونَ إِلَى أَشَدِّ الْعَذَابِ وَمَا اللَّهُ بِغَافِلٍ عَمَّا تَعْمَلُونَ (85)[ سورة البقرة]
غض البصر صعب جداً
|
فهنا: (قُلِ اللَّهَ أَعْبُدُ مُخْلِصاً لَهُ دِينِي) أي ديني الذي أدين لله تعالى به، وأكرر من أجل متابعة الكلام. |
الخسارة في الدنيا مهما عظمت لا تساوي شيئاً أمام خسران الآخرة:
فَاعْبُدُوا مَا شِئْتُمْ مِنْ دُونِهِ قُلْ إِنَّ الْخَاسِرِينَ الَّذِينَ خَسِرُوا أَنْفُسَهُمْ وَأَهْلِيهِمْ يَوْمَ الْقِيَامَةِ أَلَا ذَلِكَ هُوَ الْخُسْرَانُ الْمُبِينُ (15)[ سورة الزمر]
أولئك الآن المشركون، أنا مخلص لله، لكن (فَاعْبُدُوا مَا شِئْتُمْ مِنْ دُونِهِ) أنتم: |
لَكُمْ دِينُكُمْ وَلِيَ دِينِ (6)[ سورة الكافرون]
القطيفة هي الثياب الأنيقة
|
(فَاعْبُدُوا مَا شِئْتُمْ مِنْ دُونِهِ قُلْ إِنَّ الْخَاسِرِينَ الَّذِينَ خَسِرُوا أَنْفُسَهُمْ وَأَهْلِيهِمْ يَوْمَ الْقِيَامَةِ أَلَا ذَلِكَ هُوَ الْخُسْرَانُ الْمُبِينُ) هنا يوجد تعريف، ما معنى التعريف؟ التعريف هو كلمات جامعة مانعة توازي المعرف، التعريف فن، له قواعد مهمة جداً، مثلاً التعريف لا يكون بغاية الشيء، مثلاً لو قلت لك: ما هو الهاتف؟ قلت لي: الهاتف هو الجهاز الذي نتكلم به مع الآخرين، ونصور به المحاضرات، هذا ليس تعريفاً، بالفلسفة، بالمنطق، هذا ليس تعريفاً لأنك عرفته بمهمته، هذه أهداف الهاتف إذا أردت أن تعرفه فيجب أن تعرفه بماهيته، هو جهاز مثلاً، لا أدري إذا كان صحيحاً، لكن مثلاً هو جهاز تستطيع من خلاله التواصل، فرضاً، أو هو جهاز له كفر، و له داخل، تعرف الشيء بماهيته، بحقيقته، وليس بأهدافه، أو بأسبابه، فأنت مثلاً عندما تقول: الخاسر، من هو الخاسر؟ الآن نحن لو عرضنا كلمة الخاسر، من هم الخاسرون على جمع من الناس، يقوم تاجر ويقول لي: الخاسر الذي احتفظ بأمواله بالليرة السورية من عشر سنوات، و الليرة السورية كانت بخمسين، صارت بثلاثة آلاف وستمئة، وأمواله كانت تعادل مئة ألف دولار، صارت تعادل ألفي دولار، هذا الخاسر، خسر، شخص ثان قد يقول لي: والله الخاسر الحقيقي هو الذي خسر منصبه، كان وزيراً، وتحت يده خمس سيارات، واحدة للبيت، وواحدة لابنه، وكذا، وأوامره مطاعة، فجأة خلعوه من منصبه، وهذه أعظم خسارة، هذا الخاسر، والخاسر هو الذي توفيت أمه، هذه أرقى قليلاً، أي بدأ يتكلم بالقيم، خسر أمه، خسر أخاه، خسر أصدقاءه، توفي ابنه، خسائر. |
الخسارة في الدنيا تنتهي بالموت
|
يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا قُوا أَنْفُسَكُمْ وَأَهْلِيكُمْ نَاراً وَقُودُهَا النَّاسُ وَالْحِجَارَةُ عَلَيْهَا مَلَائِكَةٌ غِلَاظٌ شِدَادٌ لَا يَعْصُونَ اللَّهَ مَا أَمَرَهُمْ وَيَفْعَلُونَ مَا يُؤْمَرُونَ (6)[ سورة التحريم]
فخسر نفسه، وخسر أهله يوم القيامة، هذا يقال عنه: خاسر. |
قال: (أَلَا ذَلِكَ هُوَ الْخُسْرَانُ الْمُبِينُ) ألا؛ أداة استفتاح للتنبيه، مهمتها التنبيه أي انتبه يوجد شيء مهم سأقوله لك (أَلَا ذَلِكَ) اسم إشارة (هُوَ) ضمير فصل للتوكيد، كان يمكن أن يقول: ألا ذلك الخسران (هُوَ) نسميه فصلاً، هذا ضمير زائد ما مهمته؟ التوكيد (هُوَ الْخُسْرَانُ الْمُبِينُ) هذا الخسران الواضح، الجلي، المبين، غيره ليس خسراناً مبيناً، غيره خسائر تمر، وتنتهي، وكأنها لم تكن، مهما خسر الإنسان في الدنيا، لكن الخسران المبين أن يأتي يوم القيامة فيكتشف أنه أورد نفسه النار، وأورد معه زوجه وأولاده النار، لأنه لم يأمرهم ولم ينههم ولم يحافظ على أسرته. |
{ عن خيثمة بن عبد الرحمن بن أبي سبرة رحمه الله قال: كنا جلوساً مع عبد الله بن عمرو، إِذ جاءه قَهْرَمَان له فدخل، فقال: أعطيتَ الرقيق قُوتَهم؟ قال: لا، قال: فَانْطَلِق فأعْطِهم، فإن رسولَ الله صلى الله عليه وسلم قال: كفى بالمرء إِثما أن يَحْبِسَ عمن يملك قوتَه. أخرجه مسلم. وأخرج أبو داود المسند منه، وقال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: كفى بالمرء إِثما أن يُضَيِّع مَن يقوتُ }
[أخرجه مسلم وأبو داود ]
(أَلَا ذَلِكَ هُوَ الْخُسْرَانُ الْمُبِينُ). |
إنذار العصاة بالنار:
ثم قال تعالى: |
لَهُمْ مِنْ فَوْقِهِمْ ظُلَلٌ مِنَ النَّارِ وَمِنْ تَحْتِهِمْ ظُلَلٌ ذَلِكَ يُخَوِّفُ اللَّهُ بِهِ عِبَادَهُ يَا عِبَادِ فَاتَّقُونِ (16)[ سورة الزمر]
ظلل؛ جمع ظلة، والظلة؛ هي ما يعلوك، مثل الغيم، الغيم ظلل، الشيء الذي يعلوك سيظللك، والناس تحب الظل، لأن الظل خاصة في أيام الصيف الحارة إذا وجدت ظل شجرة تجلس تحتها فتسر، فالظلل هي في الأصل شيء محبب. |
الظلل المشتعلة أشد من حرارة الشمس
|
قال: (وَمِنْ تَحْتِهِمْ ظُلَلٌ) الذي تحت الإنسان لا يسمى ظللاً، ما يظلله يسمى ظللاً، فلماذا قال؟ (وَمِنْ تَحْتِهِمْ ظُلَلٌ) هذا من باب المشاكلة في اللغة، أي سمّي ما فوقه ظللاً فسمى ما تحته أيضاً (ظُلَلٌ) وهذا من باب المشاكلة، وقد ذكرناه مرة. |
الشَّهْرُ الْحَرَامُ بِالشَّهْرِ الْحَرَامِ وَالْحُرُمَاتُ قِصَاصٌ فَمَنِ اعْتَدَى عَلَيْكُمْ فَاعْتَدُوا عَلَيْهِ بِمِثْلِ مَا اعْتَدَى عَلَيْكُمْ وَاتَّقُوا اللَّهَ وَاعْلَمُوا أَنَّ اللَّهَ مَعَ الْمُتَّقِينَ (194)[ سورة البقرة]
أنا لا أعتدي على من اعتدى عليّ، أنا أرد اعتداءه، لكن من باب المشاكلة سماه عدواناً. |
إِنَّهُمْ يَكِيدُونَ كَيْداً (15) وَأَكِيدُ كَيْداً (16)[ سورة الطارق]
الله تعالى لا يكيد بالمعنى الحرفي للكيد، الكيد شأن الضعفاء، الله يجازي على الكيد. |
وَإِذْ يَمْكُرُ بِكَ الَّذِينَ كَفَرُوا لِيُثْبِتُوكَ أَوْ يَقْتُلُوكَ أَوْ يُخْرِجُوكَ وَيَمْكُرُونَ وَيَمْكُرُ اللَّهُ وَاللَّهُ خَيْرُ الْمَاكِرِينَ (30)[ سورة الأنفال]
هذا من باب المشاكلة، فالمشاكلة في اللغة أن تسمي الشيئين باسم واحد، فهنا سمى الظلل، و قال أهل العلم معنى لطيفاً، قال: النار دركات، فما يكون تحت الإنسان هو ظلل لمن في الدركات التي تحته، أي أنا هنا فوقي سقف، وتحتي أرض، لكن الأرض التي تحتي هي سقف لمن تحتي بالطابق الأسفل فهي ظلة له، وأرض لي، فهي ظلل (لَهُمْ مِنْ فَوْقِهِمْ ظُلَلٌ مِنَ النَّارِ وَمِنْ تَحْتِهِمْ ظُلَلٌ) لأن النار دركات والعياذ بالله، كما أن الجنة درجات. |
إِنَّ الْمُنَافِقِينَ فِي الدَّرْكِ الْأَسْفَلِ مِنَ النَّارِ وَلَنْ تَجِدَ لَهُمْ نَصِيراً (145)[ سورة النساء]
كما جاء في الآية الكريمة. |
من يدرك عظمة الله يخاف منه:
كل الناس عبيد لله
|
وَعِبَادُ الرَّحْمَنِ الَّذِينَ يَمْشُونَ عَلَى الْأَرْضِ هَوْناً وَإِذَا خَاطَبَهُمُ الْجَاهِلُونَ قَالُوا سَلَاماً (63)[ سورة الفرقان ]
هنا جمعها على عباد للإشارة إلى جميع عباده، أي الله تعالى يخوف بها عباده، عباده مؤمنهم وغير مؤمنهم، وإن كان المؤمن أشد تخويفاً بالله من غيره، أي نحن الآن لو كنا في مجلس، هذا المجلس أنتم كلكم من عباد الله، عباد الشكر إن شاء الله، إذا ذكرت لكم عن النار تشعرون بالخوف، لو كان يجلس معنا شخص لا يوجد عنده إيمان أبداً، وسمع هذا الكلام لا يتأثر، تخوفه فلا يخاف، لأنه لا يدرك عظمة الله تعالى، الإنسان يخاف إذا أدرك، ولا يخاف إذا لم يدرك. |
لو فرضنا أننا في بستان، وظهر حنش كبير لدغته قاتلة، جميعنا ننهض خائفين، لو بيننا ولد صغير عمره سنة، ربما يقترب من الثعبان ويضع يده عليه أو في داخل فمه، هل هو شجاع أكثر منا؟ لا، لكن نحن ندرك ما معنى الثعبان، هو لا يدرك، فالذي يدرك يخاف، والذي لا يدرك لا يخاف. |
فالذي تخوفه بالله فلا يخاف هو لا يعرف الله، ولا يعرف عظمة الله، لذلك (يُخَوِّفُ اللَّهُ بِهِ عِبَادَهُ) حتى المؤمن، بل هم أولى الناس تخويفاً بالعذاب، أنت عندما تسمع أن عند الله عذاباً تصير تعد للمليون قبل أن تظلم إنساناً، وغيرك من عبيد القهر يسمع الآية ولا يتأثر، ولا تتحرك به شعرة، لأنه لا يدرك فلا يخاف. |
اتقاء عذاب الله بطاعته والابتعاد عن كل ما يُعبد من دون الله:
التقوى جزء من الخوف
|
وَالَّذِينَ اجْتَنَبُوا الطَّاغُوتَ أَنْ يَعْبُدُوهَا وَأَنَابُوا إِلَى اللَّهِ لَهُمُ الْبُشْرَى فَبَشِّرْ عِبَادِ (17)[ سورة الزمر]
الطاغوت؛ على وزن فعلوت، مثل ملكوت، رحموت، والطاغوت أي مبالغة في الطغيان، والطغيان هو مجاوزة الحد، وفي القرآن الكريم: |
لَا إِكْرَاهَ فِي الدِّينِ قَدْ تَبَيَّنَ الرُّشْدُ مِنَ الْغَيِّ فَمَنْ يَكْفُرْ بِالطَّاغُوتِ وَيُؤْمِنْ بِاللَّهِ فَقَدِ اسْتَمْسَكَ بِالْعُرْوَةِ الْوُثْقَى لَا انْفِصَامَ لَهَا وَاللَّهُ سَمِيعٌ عَلِيمٌ (256)[ سورة البقرة]
والطاغوت هو كل ما يعبد من دون الله، من الأقوياء، من الأغنياء، إذا اجتنبت الطاغوت وهو كل ما يعبد من دون الله، وما قال: الذين لم يعبدوا الطاغوت، وإنما قال: (وَالَّذِينَ اجْتَنَبُوا) والاجتناب أعلى مرتبة من الترك، من مجرد الابتعاد، اجتناب، أنت عندما تكون في تيار عال خطر الموت تجتنبه، أي تترك بينك وبينه هامش أمان، وعندما يقول تعالى: |
يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِنَّمَا الْخَمْرُ وَالْمَيْسِرُ وَالْأَنْصَابُ وَالْأَزْلَامُ رِجْسٌ مِنْ عَمَلِ الشَّيْطَانِ فَاجْتَنِبُوهُ لَعَلَّكُمْ تُفْلِحُونَ (90)[ سورة المائدة]
إن للمعصية قوة جذب فاجتنبها
|
{ عن أنس بن مالك رضي الله عنه قال: لعن رسولُ الله صلى الله عليه وسلم في الخمر عشرةَ: عاصرِها، ومعْتصرها، وشاربَها، وساقِيها، وحاملَها، والمحمولة إليه، وبائِعها، ومُبتاعها، وواهبها، وآكلَ ثمنها }
[أخرجه الترمذي ]
أي كل من لا يجتنبها ملعون، واللعن لا يكون إلا على محرم. |
فاجتنبوا الطاغوت؛ أي تركوا بينهم وبين ما يعبد من دون الله هامش أمان، فلا هم نافقوا لقوي، ولا هم تجاوزا حدودهم في طاعة الله عز وجل، واجتنبوا الطاغوت (وَالَّذِينَ اجْتَنَبُوا الطَّاغُوتَ أَنْ يَعْبُدُوهَا) أي اجتنبوا أن يعبدوا الطاغوت، اجتنبوا عبادة الطاغوت، و كما قلنا: الطاغوت هو كل ما يعبد من دون الله، اليوم السلطة طاغوت، لأنها تدفع الإنسان إلى تجاوز الحد، إلا من أخذها بحقها، المال طاغوت، المال الكثير إذا لم يكن هناك تربية إيمانية فهو طاغوت، يطغي الإنسان في الأرض، المرأة بالحرام طاغوت، الإعلام طاغوت، الناس اليوم يعبدون الشهرة، ويعبدون الإعلام، كل ما يعبد من دون الله فهو طاغوت. |
الجنة مآل من رجع إلى الله في كل أمور حياته:
(وَالَّذِينَ اجْتَنَبُوا الطَّاغُوتَ أَنْ يَعْبُدُوهَا وَأَنَابُوا إِلَى اللَّهِ) أنابوا؛ أي رجعوا، عندنا توبة، وإنابة، وأوبة، قالوا: التوبة أول مرحلة، والإنابة ثاني مرحلة، والأوبة الثالثة، هذه الكلمات الثلاثة فيها معنى الرجوع، تاب؛ رجع، أناب إلى ربه؛ رجع إليه، آب إليه؛ رجع إليه، كلها فيها معنى الرجوع، لكن هي مراتب، فقالوا: التوبة تكون لعموم المؤمنين. |
وَتُوبُوا إِلَى اللَّهِ جَمِيعاً أَيُّهَا الْمُؤْمِنُونَ لَعَلَّكُمْ تُفْلِحُونَ (31)[ سورة النور]
و الإنابة تكون للصالحين، أي مرتبة أعلى، والأوبة للأنبياء والمرسلين، أواب كثير الرجوع إلى الله، هذه بعض المعاني للتفريق بين التوبة، والإنابة، والأوبة، لكن كلها بمعنى الرجوع إلى الله (وَأَنَابُوا إِلَى اللَّهِ) رجعوا إليه في كل شؤون حياتهم، رجعوا إليه في كل أمورهم، (لَهُمُ الْبُشْرَى) يبشرهم الله تعالى بالجنة، وبالرضوان منه جل جلاله (فَبَشِّرْ عِبَادِ). |
الأخذ بالأحسن في أمور الدين:
الَّذِينَ يَسْتَمِعُونَ الْقَوْلَ فَيَتَّبِعُونَ أَحْسَنَهُ أُولَئِكَ الَّذِينَ هَدَاهُمُ اللَّهُ وَأُولَئِكَ هُمْ أُولُو الْأَلْبَابِ (18)[ سورة الزمر]
الاستماع فيه قصد من الإنسان
|
(الَّذِينَ يَسْتَمِعُونَ الْقَوْلَ فَيَتَّبِعُونَ أَحْسَنَهُ) القول فيه حسن، وفيه أحسن، وربنا عز وجل قال في آية أخرى: |
وَاتَّبِعُوا أَحْسَنَ مَا أُنْزِلَ إِلَيْكُمْ مِنْ رَبِّكُمْ مِنْ قَبْلِ أَنْ يَأْتِيَكُمُ الْعَذَابُ بَغْتَةً وَأَنْتُمْ لَا تَشْعُرُونَ (55)[ سورة الزمر]
هل هناك فيما أنزل من ربنا حسن وأحسن؟ بعض أهل العلم قالوا: هذه أحسن هنا ليس للتفضيل، أي اتبعوا الشيء الذي هو أحسن شيء، أي هو كذلك، هو أحسن، والبعض لهم توجيه لطيف (وَاتَّبِعُوا أَحْسَنَ مَا أُنْزِلَ إِلَيْكُمْ مِنْ رَبِّكُمْ) ربنا عز وجل يقول لك: إذا ظلمت تستطيع أن تأخذ مظلمتك. |
وَجَزَاءُ سَيِّئَةٍ سَيِّئَةٌ مِثْلُهَا فَمَنْ عَفَا وَأَصْلَحَ فَأَجْرُهُ عَلَى اللَّهِ إِنَّهُ لَا يُحِبُّ الظَّالِمِينَ (40)[ سورة الشورى]
إذاً أعطاك خيارين فأنت عندما تأخذ العفو فقد اتبعت أحسن من أنزل إليك من ربك، اتبعت أحسن الخيارين، الأول حسن، لكن الثاني أحسن، عندما يقول لك مثلاً: |
أَيَّاماً مَعْدُودَاتٍ فَمَنْ كَانَ مِنْكُمْ مَرِيضاً أَوْ عَلَى سَفَرٍ فَعِدَّةٌ مِنْ أَيَّامٍ أُخَرَ وَعَلَى الَّذِينَ يُطِيقُونَهُ فِدْيَةٌ طَعَامُ مِسْكِينٍ فَمَنْ تَطَوَّعَ خَيْراً فَهُوَ خَيْرٌ لَهُ وَأَنْ تَصُومُوا خَيْرٌ لَكُمْ إِنْ كُنْتُمْ تَعْلَمُونَ (184)[ سورة البقرة]
وأنت مريض لكن مرضك بسيط جداً، أي لا يقعدك عن الصيام، فأخذت بالأحسن وصمت، أو مسافر، وجالس بالفندق، ولا يوجد عندك أي مشكلة بترك الصيام، لا تشعر بأي مشقة، فهنا الصيام أولى بحقك، ولو أفطرت لا شيء عليك، لكن أخذت أحسن ما أنزل إليك من ربك، أحسن. |
هداية التوفيق:
ربنا عز وجل هدى الجميع
|
(أُولَئِكَ الَّذِينَ هَدَاهُمُ اللَّهُ وَأُولَئِكَ هُمْ أُولُو الْأَلْبَابِ) أي أصحاب الفكر الراجح، والفكر النير، واللب الذي فيه فهم، وإدراك لحقائق الحياة، وإلا كل الناس يقولون: نحن أولو ألباب عندنا لب، لكن ليس المقصود من أولي الألباب بمعنى أن كل إنسان ذو لب، وإنما أولو الألباب من يسير وفق منهج الله تعالى، من قاده فكره إلى الحق ولم يقده إلى الباطل، هؤلاء أولو الألباب، كأن تقول مثلاً: فلان عنده سكري، والله أنا عندي سكري أيضاً، لا، هو عنده سكري زيادة، السكري عندك 90، والسكري عنده 230، فأنت لا يوجد عندك سكري، هو عنده سكري، فإذا قلت: كلنا عندنا سكري، صحيح، لكن هذه النسب تختلف، فعندما يقول تعالى: (وَأُولَئِكَ هُمْ أُولُو الْأَلْبَابِ) ليس المعنى أن كل إنسان عنده لب، وأنا عندي لب، لا، الذي قاده لبه، عقله - إن صح التعبير - فكره إلى الحق فهذا (أُولُو الْأَلْبَابِ) والثاني ليس من أولي الألباب، لأن لبه قاده إلى المعصية والحرام، فهذا ليس من أولي الألباب. |
والحمد لله رب العالمين |