ظلم النفس والغفلة عن الله تعالى
ظلم النفس والغفلة عن الله تعالى
الحمد لله رب العالمين، والصلاة والسلام على نبينا الأمين وعلى آله وأصحابه أجمعين، اللهم علمنا ما ينفعنا، وانفعنا بما علمتنا وزدنا علماً وعملاً متقبلاً يارب العالمين، وبعد مع اللقاء التاسع من لقاءات سورة الزمر ومع الآية الخامسة والأربعين، وهي قوله تعالى: |
وإِذَا ذُكِرَ ٱللَّهُ وَحْدَهُ ٱشْمَأَزَّتْ قُلُوبُ ٱلَّذِينَ لَا يُؤْمِنُونَ بِٱلْآخِرَةِ ۖ وَإِذَا ذُكِرَ ٱلَّذِينَ مِن دُونِهِۦٓ إِذَا هُمْ يَسْتَبْشِرُونَ(45)(سورة الزمر)
سورة الزمر هي سورة التوحيد:
الإنسان دائماً لا يحب أن يواجه الحقيقية
|
مثلاً: طالب عنده امتحان مصيري، وهو مُعرِض عن الدراسة، ذهب مع أصدقائه في نزهة وجالسون في مجلس ومستمتعون بالطعام الطيب، والمناظر الجميلة، أحدهم أحب أن ينغّص عليه سروره، فقال له الامتحان المهم كم يوماً بقي له؟ فيشمئز، وينقبض، ويقول له: لماذا ذكرتني؟ دعنا مسرورين يا رجل، مع أنه ذكّره بشيء مهم، وبحقيقة لكنه لا يريد أن يتذكر الشيء الذي يقضُّ مضجعه، يريد أن يبقى سادراً في شهواته، وهذا حُمق أن يهرب الإنسان من مواجهة الحقيقة، لديك امتحان وأنت تلعب وتلهو جاء من يذكرك به فانزعجت من تذكيره! |
فهؤلاء لما أعرضوا عن الله عز وجل، وانغمسوا بشهواتهم، إذا ذكر الله وحده أمامهم وفطرتهم تقول لهم: إن الله واحد لا شريك له، وأن ما تعبدون من دونه لا يملكون لكم ضراً ولا نفعاً، فهم يعبدونهم لمصلحة، لم يكن يذهب إلى الأصنام إلا الأتباع السذّج ، لكن الكبراء كانوا إذا ذهبوا إلى اللات والعزى يعلمون أن هؤلاء لا يضرون ولا ينفعون، ولا يقبضون، ولا يبسطون، ولكنهم كانوا يوهمون الناس أنهم مهتمون لأمر هذه الآلهة لأنها تحقق لهم مصالحهم، الموضوع موضوع مصالح، يستمرون في تعبيد الناس لهم بدلاً من أن يعبّدوهم لله تعالى، فهم كانوا يهتمون بهذا الأمر، ليس اهتماماً حقيقياً وإنما اهتماماً مزوراً، فلما يأتي من يذكّرهم بالله تعالى وفطرتهم تقول لهم: إن الله تعالى واحد لا شريك له يزعجهم ذلك، ويقض مضجعهم، (إِذَا ذُكِرَ ٱللَّهُ وَحْدَهُ ٱشْمَأَزَّتْ) لو أن الله ذكر مع الآلهة ما عندهم مشكلة، المهم ألا يُدعى الله تعالى وحده، (ٱشْمَأَزَّتْ قُلُوبُ) اشمئزاز القلب قد يظهر على الوجه، إذا اشمأز الإنسان يظهر على وجهه علامات أو على حركاته أو جسده توحي أنه مشمئز نافر من هذا، لكن الله تعالى نسب الاشمئزاز هنا إلى القلوب، لأن الأصل هو القلب هو الذي يشمئز فتظهر الأعراض على الوجه، ومثله الخشوع: |
أَلَمْ يَأْنِ لِلَّذِينَ ءَامَنُوٓاْ أَن تَخْشَعَ قُلُوبُهُمْ لِذِكْرِ ٱللَّهِ وَمَا نَزَلَ مِنَ ٱلْحَقِّ وَلَا يَكُونُواْ كَٱلَّذِينَ أُوتُواْ ٱلْكِتَٰبَ مِن قَبْلُ فَطَالَ عَلَيْهِمُ ٱلْأَمَدُ فَقَسَتْ قُلُوبُهُمْ ۖ وَكَثِيرٌ مِّنْهُمْ فَٰسِقُونَ(16)(سورة الحديد)
هل هناك آثار للخشوع على الوجه؟ ممكن تدمع العين، يغمض عينه أحياناً، تسكن جوارحه وهو يسمع كلام الله فلا يحرك ساكناً، آثار الخشوع ولكن الخشوع أين هو ؟ في القلب حتى الكلام الذي نتكلمه أصله في القلب وليس على اللسان، قال الشاعر: |
إِن الْكَلَام لفي الْفُؤَاد وَإِنَّمَا جعل اللِّسَان على الْفُؤَاد دَلِيلا
الكلام في الفؤاد وليس على اللسان، وأحياناً الإنسان يقول: والله رأيت موقفاً جميلاً فما عدت أتكلم كلمة، اللغة لم تسعفني، الكلام في الفؤاد موجود ولكن ليس لديه كلمات تعبر عما في فؤاده. |
فالأصل هو القلب، الاشمئزاز في القلب، قال ( ٱشْمَأَزَّتْ قُلُوبُ ٱلَّذِينَ لَا يُؤْمِنُونَ بِٱلْآخِرَةِ) ما قال الذين يؤمنون بالله، (إِذَا ذُكِرَ ٱللَّهُ وَحْدَهُ ٱشْمَأَزَّتْ قُلُوبُ ٱلَّذِينَ لَا يُؤْمِنُونَ بِٱلْآخِرَةِ) لأن الله تعالى دائماً في القرآن يقرن بين الإيمان به والإيمان بيوم الحساب، لأن الإيمان بالله يجعلك تستقيم على أمره، أما الإيمان باليوم الآخر فيمنعك من أن تظلم نملة، لا أقول إنساناً إنما يمنعك من ظلم نملة، يعني لا يمكن أن تدهسها من غير سبب هكذا من أجل أن تدهسها، لا يفعل ذلك المؤمن لأنه لا يريد أن يظلم، فالذين لا يؤمنون بالآخرة هم الذين يعتدون على الناس. |
معنى الاستبشار:
الاستنبشار هو ظهور السرور على بشرة الوجه
|
وَضَرَبَ ٱللَّهُ مَثَلًا قَرْيَةً كَانَتْ ءَامِنَةً مُّطْمَئِنَّةً يَأْتِيهَا رِزْقُهَا رَغَدًا مِّن كُلِّ مَكَانٍۢ فَكَفَرَتْ بِأَنْعُمِ ٱللَّهِ فَأَذَٰقَهَا ٱللَّهُ لِبَاسَ ٱلْجُوعِ وَٱلْخَوْفِ بِمَا كَانُواْ يَصْنَعُونَ(112)(سورة النحل)
وهناك من ماتوا وهم مؤمنون لعل الله عز وجل يرفع درجتهم، وهناك من مات له قريب فصبر، والله يتولاه، الآن يفسر الزلزال تفسيراً إيمانياً، يقوم هذا العلماني العقلاني الواقعي ويشمئز، يقول له: أنا علمي أنا أؤمن بالعلم أخي، لا تتكلم لي عن هذه الغيبيات لماذا تدخلون الله في كل شيء؟ -والعياذ بالله- تكلم لي أنه حدث اضطراب في طبقة الارض، المنطقة منطقة زلزالية تقع على فالق زلزالي معروف، يريد أشياء تفسر الظواهر الكونية بعيداً عن التوحيد، هذا ذكره النبي صلى الله عليه وسلم لما أصبحوا وقد نزلت الأمطار، فقال: |
{ هل تدرون ماذا قال ربكم ؟ قالوا : الله ورسوله أعلم ، قال : أصبح من عبادي مؤمن بي وكافر ، فأمَّا من قال : مُطِرنا بفضل الله ورحمته ، فذلك مؤمن بي وكافر بالكوكب، وأما من قال : مُطِرنا بنوء كذا وكذا فذلك كافر بي ومؤمن بالكوكب. }
(رواه البخاري ومسلم عن زيد بن خالد الجهني)
أمطرنا بفضل الله، النشرة الجوية حالة الطقس هي تنبؤ بما سيكون بناء على معطيات، لكن من الذي جاء بالمطر؟ الله فقط، هم ما علموا الغيب، هم أصبح عندهم أدوات تمكنهم من رؤية الغيوم وحركة الرياح قبل وصولها، فقالوا لك: ستصل غداً أو الأسبوع القادم حسب المعطيات العلمية، وقد تغير مسارها في اللحظة الأخيرة وهذا واقع، يقولون غداً مطر تستيقظ تجد الشمس ساطعة ولا يوجد مطر ولا أي شيء، يحدث، لكن توقع، وكلما تطور العلم ربما يصبح التوقع أكثر دقة لكن هو ليس غيباً، هو غيب عن الحواس، لكنه ليس غيباً عن التليسكوب، فالذي يقول: (مُطِرنا بنوء كذا) الكوكب الفلاني حسب النشرة الجوية السابقة عندهم (فذلك كافر بي ومؤمن بالكوكب). |
فإذاً التوحيد يقتضي أن أي شيء يحصل في الكون يحصل بأمر الله تعالى فلا ينبغي إذا ذكر الله وحده من يشمئز قلبه وينفر عند تفسير الوقائع تفسيراً إيمانياً موضوعياً منطلقاً من الحقائق القرآنية والسنة النبوية فليراجع إيمانه، نحن لا ننكر حقائق العلم، ولا حقائق الواقع، ولا حقائق العقل، لكن هذه بعد الإيمان بالله تعالى، أما أصل الظاهرة أصل وقوع الشيء هو وقوع بأمر الله تعالى، (وَإِذَا ذُكِرَ ٱلَّذِينَ مِن دُونِهِۦٓ إِذَا هُمْ يَسْتَبْشِرُونَ). |
الاستجابة إلى التوحيد:
قُلِ اللَّهُمَّ فَاطِرَ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ عَالِمَ الْغَيْبِ وَالشَّهَادَةِ أَنتَ تَحْكُمُ بَيْنَ عِبَادِكَ فِي مَا كَانُوا فِيهِ يَخْتَلِفُونَ(46)(سورة الزمر)
(قُلِ) يا محمد صلى الله عليه وسلم. (قُلِ اللَّهُمَّ) اللهم يعني يا الله، لكن في القرآن يوجد يا رب، مع الله غالباً لا ينادى يا الله، ينادى في القرآن اللهم، الميم المشددة بديلة عن ياء النداء وهذه خاصة بلفظ الجلالة فقط، وهذا نداء خاص بالله أن تقول اللهمّ، باللغة العربية إذا كان الشخص قريباً تقول له: أسامر، تناديه بالهمزة، وإذا كان بعيداَ تقول له: يا سامر، وإذا كان بعيداً جداً تقول: أيا سامر، تضع الهمزة مع الياء. |
مع ربنا جل جلاله يوجد طريقة للنداء، ربنا جل جلاله بعيد في علو مكانه جل جلاله، لكنه قريب إلينا أقرب من حبل الوريد، لأنه لما سألوا الله تعالى أقريب ربنا أم بعيد؟ نزل قوله تعالى: |
وَإِذَا سَأَلَكَ عِبَادِي عَنِّي فَإِنِّي قَرِيبٌ ۖ أُجِيبُ دَعْوَةَ الدَّاعِ إِذَا دَعَانِ ۖ فَلْيَسْتَجِيبُوا لِي وَلْيُؤْمِنُوا بِي لَعَلَّهُمْ يَرْشُدُونَ(186)(سورة البقرة)
الله تعالى قريب منا فنداؤه له في اللغة العربية صيغة قرآنية: (اللَّهُمَّ) هذا نداء. |
الله يفصل بيننا
|
فَإِن لَّمْ يَسْتَجِيبُواْ لَكَ فَٱعْلَمْ أَنَّمَا يَتَّبِعُونَ أَهْوَآءَهُمْ ۚ وَمَنْ أَضَلُّ مِمَّنِ ٱتَّبَعَ هَوَىٰهُ بِغَيْرِ هُدًى مِّنَ ٱللَّهِ ۚ إِنَّ ٱللَّهَ لَا يَهْدِى ٱلْقَوْمَ ٱلظَّٰلِمِينَ(50)(سورة القصص)
(فَإِن لَّمْ يَسْتَجِيبُواْ لَكَ) ما قال فاعلم أن عندهم حجة أخرى غير الحجة التي عندك، لا فالأمور واضحة (فَٱعْلَمْ أَنَّمَا يَتَّبِعُونَ أَهْوَآءَهُمْ) هذا الهوى اليوم يسمونه عقلاً، يقول لك: أنا أتبع العقل، بل هو هوى النفس، لكن يسميه عقلاً، أقصد العقل عندما يوضع في مقابل النص، وقد حدثتكم عن ذلك سابقاً، العقل ليس في مقابل النص، النص وحي الله وحي السماء يُفهم ويُعقل وتُستنبط الأحكام فقط، لكن لا يوضع العقل في مقابل النص، هذا النص لم يعجبني، عقلي لم يفهمه، عقلي لم يستوعبه، هذا نص إلهي، وحي، الوحي لا يقابله العقل أبداً، لا يناظره العقل، لا يوضعان نداً لند معاذ الله، فاليوم يتبع هواه لكن قد يسميه عقلاً قد يسميه تجديداً. لكن في النتيجة هو اتباع هوى، الذي لا يتبع منهج الله يتبع هوى نفسه، فهؤلاء لما تصل معهم لطريق مسدود وهم يريدون اتباع أهوائهم، فاتجه إلى الله تعالى وقل: أنت تحكم بين عبادك فيما كانوا فيه يختلفون، فالحكم لله، أي قضية لا تجد لها حلاً فدع الحكم فيها لخالق السماوات والأرض. |
فاطر السماوات والأرض:
الفطر هو خلق الشيء على غير مثال سابق
|
فالاكتشاف أصوب من الاختراع، فعلى كل حال لو افترضنا أن أول سيارة صنعت هكذا الآن أي سيارة تُصنع الآن ليست ابتداء خلق، فطر، لأن العجلات الأربع والهيكل العام يطور بها تطويراً، لكن الأصل موجود، فالفطر هو خلق الشيء على غير مثال سابق، ابتداءً. |
ابن عباس رضي الله عنهما لما قرأ (فَاطِرَ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ) قال كنت أبحث عن معناها، هو يعرف معناها فابن عباس حبر الأمة، ولكن يبحث عن معناها عند العرب، كيف يتكلم العرب بكلمة فطر، قال: حتى رأيت أعرابيين في بئر يتنازعان في بئر فقال الأول منهما: أنا من نظفتها، يعني أنا جئت إلى هذا المكان، ونظفت البئر، واستخرجت الماء، فقال له الأول: أنا فطرتها، كان هناك أرض فأنا حفرت وصنعت البئر، وبعد ذلك تركته، وأنت جئت واكتشفت البئر ونظفته، وأخرجت الماء، ولكن أنا من فطره، يعني أنا من أوجدته ابتداءً، فالفَطر أن توجد الشيء على غير مثال سابق، والله تعالى (فَاطِرَ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ) لم يكن شيء، كان الله ولم يكن معه شيء، فهو الذي ابتدأ خلق هذه السماوات والأرض على غير مثال سابق، ومن عدم، ليس تجميعاً، ليس حديداً مع خشب، بل على غير مثال سابق ومن عدم. |
(قُلِ اللَّهُمَّ فَاطِرَ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ) طبعاً السماوات والأرض تعبير قرآني عن الكون كله، لأن العربي يسير، سماء تظله وأرض تُقلّه، فينظر إلى الأرض والسماء، هذا ما يتبادر إلى الذهن، فالتعبير القرآني السماوات والأرض. |
الشهادة والغيب:
(عَالِمَ الْغَيْبِ وَالشَّهَادَةِ) الله تعالى عالم الشهادة وعالم الغيب، الشهادة: ما تشاهده، والغيب: ما غاب عنك، هناك عالمان: عالم الشهادة وعالم الغيب، الآن هذه الغرفة التي نحن فيها هي لكل واحد منا عالم الشهادة، والشارع الآن بالنسبة لنا وما يجري فيه الآن غيب، من يسير في الشارع الآن هذه الغرفة بالنسبة له غيب، والشارع شهادة، فما تشاهده أو تدركه بحواسك قد لا تشاهده لكن تسمع صوته فهو شهادة، أو تشم ريحه فهو شهادة، أو تلمسه فهو شهادة، هذا ما تدركه بحواسك فهو شهادة، ما يغيب عنك غيب، الغيب الذي يغيب عن الإنسان يكون أحياناً غيباً مكانياً، يعني ليس غيباً بالمعنى المطلق، غيب مكان، الآن نحن الطريق غيب بالنسبة لنا، ولكن لو فتحنا النافذة لأصبح شهادة وهو شهادة بالنسبة لغيرنا، لكن الآن غيب، لكن غيب مكان، وهناك غيب زمان نحن لا نعلم ماذا جرى قبل مئة عام في هذا المكان، فهناك غيب في الزمان، وغيب في المكان، جل جلاله عالم الغيب والشهادة فهو يعلم ما غاب عنك ليس الغيب المكاني أو الزماني فقط، وإنما الأشياء التي غابت عنك مطلقاً، لا تستطيع الوصول إليها أبداً، يعني مثلاً: ما يجول في خاطرك الآن وأنت تنظر إلي هو غيب بالنسبة لي، لكن الله تعالى: |
وَإِن تَجْهَرْ بِالْقَوْلِ فَإِنَّهُ يَعْلَمُ السِّرَّ وَأَخْفَى(7)(سورة طه)
الغيب كله عند الله
|
وَلَوْ أَنَّ لِلَّذِينَ ظَلَمُواْ مَا فِى ٱلْأَرْضِ جَمِيعًا وَمِثْلَهُۥ مَعَهُۥ لَٱفْتَدَوْاْ بِهِۦ مِن سُوٓءِ ٱلْعَذَابِ يَوْمَ ٱلْقِيَٰمَةِ ۚ وَبَدَا لَهُم مِّنَ ٱللَّهِ مَا لَمْ يَكُونُواْ يَحْتَسِبُونَ(47)(سورة الزمر)
(وَلَوْ أَنَّ) لو حرف امتناع لامتناع، لولا: حرف امتناع لوجود، لولا الله لساءت حالة المريض، وُجد شفاء الله فلم تسُؤْ حالة المريض، لو جئتني لأكرمتك لكن لا أنت جئتني ولا أنا أكرمتك، حرف امتناع لامتناع امتنع مجيئك فامتنع إكرامي، لو درست لنجحت لكنك لم تدرس فلم تنجح، فحرف امتناع لامتناع امتنع فيها شيئان. |
النجاة من عذاب يوم القيامة:
(وَلَوْ أَنَّ لِلَّذِينَ ظَلَمُواْ مَا فِى ٱلْأَرْضِ جَمِيعًا) لكن ليس لهم (لَٱفْتَدَوْاْ بِهِۦ) إذاً لن يفتدوا، هو كلام افتراضي حتى يبين ندامتهم وحسرتهم يوم القيامة، هؤلاء الذين ظلموا، من الذين ظلموا في سياق الآيات؟ المشركون، الذين ظلموا أنفسهم لأنهم حرموها من الجنة، وظلموا أنفسهم في الدنيا لأنهم حرموها من القرب من الله تعالى، ظلموا أعظم الظلم أن تجعل لله نداً وهو خلقك جل جلاله، أعظم ظلم، أعظم من أي ظلم في الأرض أن تجعل لله نداً وهو الذي خلقك، قال تعالى على لسان لقمان: |
وَإِذْ قَالَ لُقْمَٰنُ لِٱبْنِهِۦ وَهُوَ يَعِظُهُۥ يَٰبُنَىَّ لَا تُشْرِكْ بِٱللَّهِ ۖ إِنَّ ٱلشِّرْكَ لَظُلْمٌ عَظِيمٌ(13)(سورة لقمان)
أعظم الظلم هو الشرك
|
(وَمِثْلَهُۥ مَعَهُۥ) وهذا لن يكون لكن لو افترضنا عنده الأرض كلها، ومعها أرض ثانية فيها كل ما في الأرض. |
(لَٱفْتَدَوْاْ بِهِۦ مِن سُوٓءِ ٱلْعَذَابِ يَوْمَ ٱلْقِيَٰمَةِ) من شدة العذاب، ومن العذاب السيئ على النفس يتمنى أن يقدم الأرض كلها، ومثلها معها ليفتدي نفسه، ليفك نفسه من العذاب يفعلها، فتخيل حجم المأساة التي يقدم فيها الإنسان كل شيء، إنسان مريض ومرضه صعب، كان يبصر وذهب بصره -نسأل الله السلامة- ابتلاه الله تعالى وفقد بصره، ربما يقول لك: والله مستعد أن أدفع كل ما أملكه، ويكون يملك عشرات الشركات والسيارات والبيوت والعقارات، يقول لك: والله -وهو صادق- أنا أدفع كل ما أملك ليردّ الله إلي بصري أنا جاهز، هذا من شيء يسير، أول شيء يسير في حجم البلاء مهما اشتد، وثاني شيء في المدة، يعني هو عمره خمسون كم بقي له في هذه الدنيا ؟ ثلاثون سنة مثلاً؟ مستعد أن يدفع كل ما يملك من أجل أن يبصر في هذه الثلاثين سنة، فما بالك يوم القيامة يوم يرى الظالمون ما أعده الله لهم من سوء العذاب! مستعد أن يدفع الأرض كلها ومثلها من أجل أن يفتدي نفسه، ولكن: |
وَٱتَّقُواْ يَوْمًا لَّا تَجْزِى نَفْسٌ عَن نَّفْسٍ شَيْـًٔا وَلَا يُقْبَلُ مِنْهَا شَفَٰعَةٌ وَلَا يُؤْخَذُ مِنْهَا عَدْلٌ وَلَا هُمْ يُنصَرُونَ(48)(سورة البقرة)
ليس هناك عدل: أي مكافئ يكافئ ليفك نفسه من العذاب. |
(وَبَدَا لَهُم مِّنَ ٱللَّهِ مَا لَمْ يَكُونُواْ يَحْتَسِبُونَ) (بَدَا): أي ظهر، (وَبَدَا لَهُم): ظهر لهم، (مِّنَ ٱللَّهِ مَا لَمْ يَكُونُواْ يَحْتَسِبُونَ) أي لم يكن في حسابهم أبداً، لا يمكن أن يتخيل الإنسان ما أعده الله تعالى من نعيم لأهل الجنة، قبل أهل النار: |
{ أَعْدَدْتُ لعِبَادي الصَّالحين ما لا عَيْنٌ رأَت، ولا أُذُنٌ سَمِعَت، ولا خَطَر على قَلب بَشَر }
(رواه الإمام أحمد عن أبي هريرة)
وبالمقابل لم يحتسب الظالمون أن العذاب بهذا المقدار، وبهذا المستوى،(وَبَدَا لَهُم مِّنَ ٱللَّهِ مَا لَمْ يَكُونُواْ يَحْتَسِبُونَ). |
وَبَدَا لَهُمْ سَيِّـَٔاتُ مَا كَسَبُواْ وَحَاقَ بِهِم مَّا كَانُواْ بِهِۦ يَسْتَهْزِءُونَ(48)(سورة الزمر)
(وَحَاقَ بِهِم) أي نزل بهم. |
نتيجة الاغترار بالله تعالى:
(وَبَدَا لَهُمْ سَيِّـَٔاتُ مَا كَسَبُواْ) أي عاقبة السيئات التي كسبوها في الدنيا (وَبَدَا لَهُمْ سَيِّـَٔاتُ مَا كَسَبُواْ) الإنسان أحياناً لما يفعل في الدنيا شيئاً ثم بعد عشرين سنة يكتشف أن هذا الخيار كان خطأً، يقول لك: الآن ظهرت لي الآثار السيئة لما فعلت، وليتني لم أفعل، بعد عشرين سنة اكتشفت، يقول لك: أنا أولادي كانوا صغاراً، كنت أعاملهم بعنف، بقسوة، ما أعطيتهم حناناً يوماً، ما ضممتهم إلى صدري يوماً، ما أشعرتهم بقربهم مني يوماً، بعد عشرين سنة شبّ أولاده قساة أيضاً، غير منتمين لوالدهم، لا يرغبون بالجلوس معه، يقول لك: الآن ظهر لي سيئات هذا الأمر، كنت في شبابي مشغولاً عنهم مع رفاقي، أقسو عليهم، أظن أن الرجولة في تلك القسوة، لكن تبين لي أنني خربت بيتي بيدي. |
(وَبَدَا لَهُمْ سَيِّـَٔاتُ مَا كَسَبُواْ) فهم كانوا يظنون الأمر بسيطاً، لكن ظهرت آثاره يوم القيامة، ندم شديد، لا ينفع الندم. |
(وَحَاقَ بِهِم) أي نزل بهم (مَّا كَانُواْ بِهِۦ يَسْتَهْزِءُونَ) لما كانوا يقال لهم: عذاب الله، وسيأتي يوم وتعاقبون يقولون: لن يحاسبنا الله ولن تمسنا النار إلا أياماً معدودة ولن ولن، يغترون بربهم الكريم، لكن (حَاقَ بِهِم مَّا كَانُواْ بِهِۦ يَسْتَهْزِءُونَ). |
فَإِذَا مَسَّ ٱلْإِنسَٰنَ ضُرٌّ دَعَانَا ثُمَّ إِذَا خَوَّلْنَٰهُ نِعْمَةً مِّنَّا قَالَ إِنَّمَآ أُوتِيتُهُۥ عَلَىٰ عِلْمٍ ۚ بَلْ هِىَ فِتْنَةٌ وَلَٰكِنَّ أَكْثَرَهُمْ لَا يَعْلَمُونَ(49)(سورة الزمر)
الإنسان في القرآن الكريم
|
كَلَّا إِنَّ الْإِنسَانَ لَيَطْغَىٰ(6)(سورة العلق)
إِنَّ الْإِنسَانَ لَفِي خُسْرٍ(2)(سورة العصر)
وَيَدْعُ الْإِنسَانُ بِالشَّرِّ دُعَاءَهُ بِالْخَيْرِ ۖ وَكَانَ الْإِنسَانُ عَجُولًا(11)(سورة الإسراء)
وَلَقَدْ صَرَّفْنَا فِي هَٰذَا الْقُرْآنِ لِلنَّاسِ مِن كُلِّ مَثَلٍ ۚ وَكَانَ الْإِنسَانُ أَكْثَرَ شَيْءٍ جَدَلًا(54)(سورة الكهف)
يُرِيدُ اللَّهُ أَن يُخَفِّفَ عَنكُمْ ۚ وَخُلِقَ الْإِنسَانُ ضَعِيفًا(28)(سورة النساء)
كثيراً ما يذمه الله تعالى لأنه لم يؤمن، ظلوماً جهولاً: |
إِنَّا عَرَضْنَا الْأَمَانَةَ عَلَى السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ وَالْجِبَالِ فَأَبَيْنَ أَن يَحْمِلْنَهَا وَأَشْفَقْنَ مِنْهَا وَحَمَلَهَا الْإِنسَانُ ۖ إِنَّهُ كَانَ ظَلُومًا جَهُولًا(72)(سورة الأحزاب)
لكن لما يؤمن صار شخصاً آخر، حقق ذاته لما آمن، (قَالَ إِنَّمَآ أُوتِيتُهُۥ عَلَىٰ عِلْمٍ) يعني هذا الفضل بمالي وبطبيب مختص، وراجعت الطبيب والتزمت بالأدوية وشُفيت، أنا بخبرتي العظيمة استطعت أن أثبّت الطائرة لننجو من المطبات ونهبط، لا يقول: الله عز وجل نجانا -والعياذ بالله- هذا من أشد أنواع الكفر أن ينسب الفضل إلى نفسه، وينسب السوء إلى ربه، (قَالَ إِنَّمَآ أُوتِيتُهُۥ عَلَىٰ عِلْمٍ) قال تعالى: |
الفتنة والابتلاء:
(بَلْ هِىَ فِتْنَةٌ وَلَٰكِنَّ أَكْثَرَهُمْ لَا يَعْلَمُونَ) هذا الذي حصل كان اختباراً، فتنة: أي اختبار، قال تعالى مخاطباً نبيه موسى عليه وعلى نبينا أفضل الصلاة والسلام: |
وَقَتَلْتَ نَفْسًا فَنَجَّيْنَاكَ مِنَ الْغَمِّ وَفَتَنَّاكَ فُتُونًا ۚ فَلَبِثْتَ سِنِينَ فِي أَهْلِ مَدْيَنَ ثُمَّ جِئْتَ عَلَىٰ قَدَرٍ يَا مُوسَىٰ(40)(سورة طه)
ابتليناك، فتنت الذهب: أي امتحنته على النار لأعلم رديئه من جيده، فتنة، (بَلْ هِىَ فِتْنَةٌ) اختبار، الذي حصل هو اختبار، أنت لما مرضت هذا المرض كان اختباراً لينظر الله أترضى وتشكر وتنسب النعمة للمنعم أم تنسب النعمة للطبيب ولذاتك؟ (وَلَٰكِنَّ أَكْثَرَهُمْ لَا يَعْلَمُونَ) لا يعلمون أنها فتنة، فينسبون الفضل لذاتهم ولا ينسبونه لخالقهم، النعمة من الله. |
قَدْ قَالَهَا الَّذِينَ مِن قَبْلِهِمْ فَمَا أَغْنَىٰ عَنْهُم مَّا كَانُوا يَكْسِبُونَ(50)(سورة الزمر)
ألم يقل قارون: |
قَالَ إِنَّمَا أُوتِيتُهُ عَلَىٰ عِلْمٍ عِندِي ۚ أَوَلَمْ يَعْلَمْ أَنَّ اللَّهَ قَدْ أَهْلَكَ مِن قَبْلِهِ مِنَ الْقُرُونِ مَنْ هُوَ أَشَدُّ مِنْهُ قُوَّةً وَأَكْثَرُ جَمْعًا ۚ وَلَا يُسْأَلُ عَن ذُنُوبِهِمُ الْمُجْرِمُونَ(78)(سورة القصص)
هذه الآية إشارة إلى قارون وأمثال قارون، (قَدْ قَالَهَا الَّذِينَ مِن قَبْلِهِمْ) (إِنَّمَا أُوتِيتُهُ عَلَىٰ عِلْمٍ عِندِي) |
فَخَسَفْنَا بِهِ وَبِدَارِهِ الْأَرْضَ فَمَا كَانَ لَهُ مِن فِئَةٍ يَنصُرُونَهُ مِن دُونِ اللَّهِ وَمَا كَانَ مِنَ الْمُنتَصِرِينَ(81)(سورة القصص)
كسب السيئات:
(فَمَا أَغْنَىٰ عَنْهُم مَّا كَانُوا يَكْسِبُونَ) (قَدْ قَالَهَا الَّذِينَ مِن قَبْلِهِمْ فَمَا أَغْنَىٰ عَنْهُم مَّا كَانُوا يَكْسِبُونَ): أي لم يكن ما كسبوه مُغنياً لهم عن عذاب الله تعالى. |
فَأَصَابَهُمْ سَيِّئَاتُ مَا كَسَبُوا ۚ وَالَّذِينَ ظَلَمُوا مِنْ هَٰؤُلَاءِ سَيُصِيبُهُمْ سَيِّئَاتُ مَا كَسَبُوا وَمَا هُم بِمُعْجِزِينَ(51((سورة الزمر)
(فَأَصَابَهُمْ): من قبلهم (سَيِّئَاتُ مَا كَسَبُوا): الآثار السلبية السيئة لكسبهم، العقوبة: |
وَجَزَاءُ سَيِّئَةٍ سَيِّئَةٌ مِّثْلُهَا ۖ فَمَنْ عَفَا وَأَصْلَحَ فَأَجْرُهُ عَلَى اللَّهِ ۚ إِنَّهُ لَا يُحِبُّ الظَّالِمِينَ(40((سورة الشورى)
فالعقوبة تسمى سيئة، لأنها جزاء السيئة، (فَأَصَابَهُمْ سَيِّئَاتُ مَا كَسَبُوا) في القرآن الكريم الكسب يطلق على الأشياء الحسنة، والاكتساب على الأشياء السيئة، قال تعالى: |
لَا يُكَلِّفُ اللَّهُ نَفْسًا إِلَّا وُسْعَهَا ۚ لَهَا مَا كَسَبَتْ وَعَلَيْهَا مَا اكْتَسَبَتْ ۗ (286)( سورة البقرة)
الإنسان يكتسب الإثم ويكسب الخير
|
يبدو أن هؤلاء (فَأَصَابَهُمْ سَيِّئَاتُ مَا كَسَبُوا) لأن الإنسان عندما يبالغ في السيئة تصبح سهلة عليه هينة، فيصبح الكسب عنده كالاكتساب، يقول لك: وماذا فعلنا؟ ليس لديه في مشكلة في كسب السيئات- والعياذ بالله- |
(فَأَصَابَهُمْ سَيِّئَاتُ مَا كَسَبُوا ۚ وَالَّذِينَ ظَلَمُوا مِنْ هَٰؤُلَاءِ) المشركين (سَيُصِيبُهُمْ سَيِّئَاتُ مَا كَسَبُوا) هذا قانون، ربنا جل جلاله لم يستثنِ منه من كان قبلكم فلماذا يستثنيكم؟ |
وَقَالَتِ الْيَهُودُ وَالنَّصَارَىٰ نَحْنُ أَبْنَاءُ اللَّهِ وَأَحِبَّاؤُهُ (18)(سورة المائدة)
جاءهم الجواب(قُلْ فَلِمَ يُعَذِّبُكُم بِذُنُوبِكُم ۖ بَلْ أَنتُم بَشَرٌ مِّمَّنْ خَلَقَ) لما يقول بعض المسلمين اليوم قولة حق أُريد بها باطل، أريد بها الإفلات والتفلت من منهج الله تعالى: نحن أمة محمد المرحومة لن يعذبنا الله تعالى، يقال لهم: وأنت سيصيبكم سيئات ما كسبتم، والنبي صلى الله عليه وسلم يوم القيامة سيقول سحقاً سحقاً لمن بدل وغير، فلا تعتز ولا تغتر بشيء أكرمك الله تعالى به فتترك العمل، نحن أمة محمد ونسأل الله أن يشفع لنا محمد رسول الله صلى الله عليه وسلم لكن لا نركن إلى ذلك فنترك العمل، وإلا أصبحنا كهذه الأمة التي قالوا: (نَحْنُ أَبْنَاءُ اللَّهِ وَأَحِبَّاؤُهُ ۚ قُلْ فَلِمَ يُعَذِّبُكُم بِذُنُوبِكُم ۖ بَلْ أَنتُم بَشَرٌ مِّمَّنْ خَلَقَ) لمّا يترك الإنسان المنهج يصبح بشراً كأي بشر، لمّا يتمسك بالمنهج له عندها أن يعتز أنه من أمة رسول الله صلى الله عليه وسلم. |
إعجاز القرآن الكريم:
القرآن معجز لأن العرب عجزوا عن الإتيان بمثله
|
قُل لَّئِنِ اجْتَمَعَتِ الْإِنسُ وَالْجِنُّ عَلَىٰ أَن يَأْتُوا بِمِثْلِ هَٰذَا الْقُرْآنِ لَا يَأْتُونَ بِمِثْلِهِ وَلَوْ كَانَ بَعْضُهُمْ لِبَعْضٍ ظَهِيرًا (88)(سورة الإسراء)
وجعل الجن معهم لأن العرب كانوا في الجاهلية إذا كان هناك شاعر فصيح جداً جداً جداً، وبليغ جداً جداً جداً يقولون: يعلمه الجن فيعتبرون الجن أفصح من الإنس، ويقولون هذا يذهب إلى وادي عبقر، واد قريب من مكة اسمه عبقر، فيقال: هذا يعلمه الجن في وادي عبقر، هكذا يعتقدون لأن الجن عندهم أفصح من الإنس، فالله تعالى قال: (قُل لَّئِنِ اجْتَمَعَتِ الْإِنسُ وَالْجِنُّ عَلَىٰ أَن يَأْتُوا بِمِثْلِ هَٰذَا الْقُرْآنِ لَا يَأْتُونَ بِمِثْلِهِ وَلَوْ كَانَ بَعْضُهُمْ لِبَعْضٍ ظَهِيرًا) فهو معجز، عجزوا عن الإتيان بمثله، مع التحدي لهم أن يأتوا بمثله، فهنا: |
(وَمَا هُم بِمُعْجِزِينَ): بمعنى لن يستطيعوا أن يفلتوا من عقوبة الله، لن يعجزوا الله تعالى، حاشاه جل جلاله. |
مفهوم الرزق:
أَوَلَمْ يَعْلَمُوا أَنَّ اللَّهَ يَبْسُطُ الرِّزْقَ لِمَن يَشَاءُ وَيَقْدِرُ ۚ إِنَّ فِي ذَٰلِكَ لَآيَاتٍ لِّقَوْمٍ يُؤْمِنُونَ(52)(سورة الزمر)
الرزق ليس المال فحسب
|
(يَبْسُطُ الرِّزْقَ لِمَن يَشَاءُ وَيَقْدِرُ) يقدر: أي يضيق، فهو القابض الباسط جل جلاله وهذا القبض والبسط من أسماء الله الحسنى متعلق بمن؟ بالمخلوقين، أسماء الله الحسنى تتعلق بالمخلوقين، إذا قلت: الله لطيف، يلطف بمن؟ بعباده، الله لطيف بعباده، هو قابض وباسط، يقبض ويبسط ماذا؟ أرزاق عباده لحكمة يعلمها هو. |
(إِنَّ فِي ذَٰلِكَ) في بسطه وقدره جل جلاله، تقدير الرزق على البعض وبسطه للآخرين (إِنَّ فِي ذَٰلِكَ لَآيَاتٍ لِّقَوْمٍ يُؤْمِنُونَ) إذا كان هناك إيمان بالله تعالى فهذا القبض والبسط يكون آية دالة على عظمة الله للإنسان المؤمن، أما البعيد المنحرف فلا يرى آيات الله عز وجل، أما إذا كان في الأصل مؤمناً فيرى آيات الله تعالى في كل شي، ومنها أنه يقبض الرزق ويبسطه لبعض الناس، ثم يضيق على فلان ويوسع على فلان، ثم يوسع على من ضيق عليه ويضيق على من وسع عليه، وهكذا، فهذا من حكمته جل جلاله، والحمد لله رب العالمين. |