الحج يُعلّمنا
الحج يُعلّمنا
يا ربنا لك الحمد، ملءَ السماوات والأرض، وملءَ ما بينهما وملءَ ما شئت من شيءٍ بعد، أهل الثناء والمجد، أحقُّ ما قال العبد، وكلنا لك عبد، لا مانع لما أعطيت، ولا مُعطي لما منعت، ولا ينفع ذا الجد منك الجد، وأشهد أنَّ لا إله إلا الله وحده لا شريك له، غنى كل فقير، وعزّ كل ذليل، وقوة كل ضعيف، ومَفزَع كل ملهوف، فكيف نفتقر في غناك، وكيف نضل في هُداك، وكيف نذل في عزك، وكيف نُضام في سلطانك، وكيف نخشى غيرك، والأمر كله إليك، وأشهد أنَّ سيدنا محمداً عبده ورسوله، أرسلته رحمةً للعالمين بشيراً ونذيراً، ليخرجنا من ظلمات الجهل والوهم إلى أنوار المعرفة والعِلم، ومن وحول الشهوات إلى جنَّات القربات، فجزاه الله عنّا خير ما جزى نبياً عن أمته. |
اللهم صلِّ وسلم وبارك على سيدنا محمد، وعلى آل سيدنا محمد، وعلى أصحاب سيدنا محمد، وعلى أزواج سيدنا محمد، وعلى ذريِّة سيدنا محمدٍ، وسلِّم تسليماً كثيراً. |
الحج مناسبةٌ للجميع لمن ذهب ولمن لم يذهب يتعلم منه الجميع دروساً وعبراً:
وبعد فيا أيُّها الإخوة الأحباب: ما زلنا نتفيأ ظلال هذه الأيام المُباركة، ما زلنا نتفيأ نفحات الحج، ووفدٌ من كل بلدٍ من بلاد المسلمين، يدعوهم الله تعالى لزيارة بيته في كل عام، فماذا يُعلِّمنا الحج ونحن في أوطاننا، ونحن في بيوتنا، ونحن في مساجدنا، لو كانت هذه المواسم خاصةً بمن يُغادرون إلى الديار المُقدَّسة، فلماذا إذاً جعل الله لنا هذا العيد المُبارك؟ ولماذا جعل لنا عشرة ذي الحِجة؟ ولماذا جعل لنا صوم يوم عرفة؟ ولماذا سنَّ لنا الأُضحية التي نتقرب بها إلى ربنا؟ إنَّ الحج مناسبةٌ للجميع، لمن ذهب ولمن لم يذهب، يتعلم منه الجميع دروساً وعبراً. |
أولاً: الحج يُعلِّمنا أنَّ الله خلقنا لنسعد بقربه:
أولاً: الحج يُعلِّمنا أنَّ الله خلقنا لنسعد بقربه، وما بيته الذي جعله مثابةً للناس وأمناً، إلا دليلٌ واضحٌ على محبته لعباده، فالناس أيُّها الكرام لهم طبيعةٌ مادية، فلذلك جعل الله لهم بيتاً يذهب الناس إليه، ويطوفون به تماشياً مع نزعتهم المادية، وجعل كل المساجد بيوتاً له، فمن جاء إلى بيت الله كما في هذا المسجد وغيره فإنَّ الله تعالى يكرمه: |
{ مَنْ تَوَضَّأَ في بيتِهِ فَأَحْسَنَ الوَضوءَ ثمَّ أَتَى المسجِدَ فهو زَائِرُ اللهِ وحَقٌّ على المَزُورِ أنْ يُكْرِمَ الزائِرَ }
(الهيثمي مجمع الزوائد)
فمن يأتي إلى بيت الله إنما يزور الله تعالى، فيكرمه الله تعالى في كل بيتٍ سواءً في بيته الحرام أو في كل بيتٍ من بيوته في جميع البلدان، ما جعل الله تعالى تلك البيوت، إلا ليتوب المُسيء إلى ربّه، وليرجِع المُذنِب إليه لأنَّ الله تعالى خلقنا ليرحمنا: |
إِلَّا مَن رَّحِمَ رَبُّكَ ۚ وَلِذَٰلِكَ خَلَقَهُمْ ۗ وَتَمَّتْ كَلِمَةُ رَبِّكَ لَأَمْلَأَنَّ جَهَنَّمَ مِنَ الْجِنَّةِ وَالنَّاسِ أَجْمَعِينَ(119)(سورة هود)
نحن مطلوبون لرحمة الله جميعاً، لقد خلقنا الله تعالى لنربح عليه لا ليربح علينا: |
وَاللَّهُ يُرِيدُ أَن يَتُوبَ عَلَيْكُمْ وَيُرِيدُ الَّذِينَ يَتَّبِعُونَ الشَّهَوَاتِ أَن تَمِيلُوا مَيْلًا عَظِيمًا(27)(سورة النساء)
فكُن مع إرادة الله تعالى فيك، وتُب إليه قبل فوات الأوان. |
{ إنَّ اللَّهَ عَزَّ وَجَلَّ يَبْسُطُ يَدَهُ باللَّيْلِ لِيَتُوبَ مُسِيءُ النَّهَارِ، وَيَبْسُطُ يَدَهُ بالنَّهَارِ لِيَتُوبَ مُسِيءُ اللَّيْلِ، حتَّى تَطْلُعَ الشَّمْسُ مِن مَغْرِبِهَا }
(صحيح مسلم)
إذاً أولاً يُعلِّمنا الحج أن الله خلقنا لنسعد بقربه، وخلقنا لننعم بجنَّته، ونحن مطلوبون لرحمته وما علينا إلا أن نُبادر إلى بابه. |
ثانياً: يُعلِّمنا الحج أن الاستجابة لأمر الله تعالى واجبةٌ على كل مسلمٍ:
ثانياً: يُعلِّمنا الحج أن الاستجابة لأمر الله تعالى واجبةٌ على كل مسلمٍ، المسلم ليس سكونياً، يقول: آمنت بالله تعالى ثم يجلس ويقعد عن العمل، قال تعالى: |
إِنَّ الَّذِينَ آمَنُوا وَهَاجَرُوا وَجَاهَدُوا بِأَمْوَالِهِمْ وَأَنفُسِهِمْ فِي سَبِيلِ اللَّهِ وَالَّذِينَ آوَوا وَّنَصَرُوا أُولَٰئِكَ بَعْضُهُمْ أَوْلِيَاءُ بَعْضٍ ۚ وَالَّذِينَ آمَنُوا وَلَمْ يُهَاجِرُوا مَا لَكُم مِّن وَلَايَتِهِم مِّن شَيْءٍ حَتَّىٰ يُهَاجِرُوا ۚ وَإِنِ اسْتَنصَرُوكُمْ فِي الدِّينِ فَعَلَيْكُمُ النَّصْرُ إِلَّا عَلَىٰ قَوْمٍ بَيْنَكُمْ وَبَيْنَهُم مِّيثَاقٌ ۗ وَاللَّهُ بِمَا تَعْمَلُونَ بَصِيرٌ(72)(سورة الأنفال)
وبالمعنى العام لم يتحركوا وفق إيمانهم، آمن وجَلَس، فالمؤمن يتحرك وإيمانه ليس سكونياً، وهذا معنى قوله تعالى: |
يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اسْتَجِيبُوا لِلَّهِ وَلِلرَّسُولِ إِذَا دَعَاكُمْ لِمَا يُحْيِيكُمْ ۖ وَاعْلَمُوا أَنَّ اللَّهَ يَحُولُ بَيْنَ الْمَرْءِ وَقَلْبِهِ وَأَنَّهُ إِلَيْهِ تُحْشَرُونَ(24)(سورة الأنفال)
إذا كان الله تعالى يدعونا للحياة فما أحرانا أن نستجيب لأمره، إنَّ المُعرضين عن الله تعالى لا يَحيَون لكنهم يعيشون فحسب، قال تعالى: |
وَمَنْ أَعْرَضَ عَن ذِكْرِي فَإِنَّ لَهُ مَعِيشَةً ضَنكًا وَنَحْشُرُهُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ أَعْمَىٰ(124)(سورة طه)
فهو يعيش، يأكل ويشرب وينام، يعيش، لكن المؤمن بالإيمان يَحيا (اسْتَجِيبُوا لِلَّهِ وَلِلرَّسُولِ إِذَا دَعَاكُمْ لِمَا يُحْيِيكُمْ) فالله تعالى ورسوله صلى الله عليه وسلم يدعوان المؤمن إلى ما فيه حياته، فحريٌّ به أن يستجيب لنداء ربّه ولنداء رسوله صلى الله عليه وسلم. |
حُجَّاج بيت الله الحرام استجابوا لدعوة الله تعالى، وغيرهم استجاب في أعوامٍ ماضية، وغيرهم سيستجيب إن شاء الله تعالى في أعوامٍ لاحقة، ولكن المؤمن مُعرَّضٌ في كل لحظةٍ وهو في وطنه، في بيته، في سوقه، في محله التجاري، في وظيفته، في مكتبه، مُعرَّضٌ لامتحان الاستجابة لأمر الله تعالى، فإمّا أن يقول: لَبَّيْكَ اللَّهُمَّ لَبَّيْك، وإمّا أن يقول لهوى نفسه ولشيطانه سمعاً وطاعةً. |
أيُّها الإخوة الأحباب: التاجر إمّا أن يستجيب لأمر ربّه فيُحسِن لزبائنه، ولا يغُشَّهم ولا يبتزَّ أموالهم، وإمّا أن يستجيب لهوى نفسه فيُغشَّ المسلمين، فهو إمّا قائلٌ: لَبَّيْكَ اللَّهُمَّ لَبَّيْك، وإمّا قائلٌ لنفسه لبَّيكي يا نفسي، هذه هي الحقيقة. |
المُعلِّم في صفّه، إمّا أن يستجيب لربّه فيُعلِّم طلابه كما ينبغي، ويؤدِّبهم ويربِّيهم ويُتابِع واجباتهم، وإمّا أن يستجيب لهوى نفسه فيترك كل ذلك، ويجعل عمله سلعةً رخيصةً من أجل دُريهماتٍ في آخر الشهر. |
والموظف في مكتبه، إمّا أن يستجيب لأمر ربّه فيخدم المراجعين ويُحسِن إليهم، ويبشَّ في وجههم ولا يلجِئهُم إلى طلباتٍ ليست مطلوبةً قانونياً، وإمّا أن يستجيب لهوى نفسه فيؤثِر سلامته، ويؤثِر راحته، ويرهِق المراجعين. |
والحاكم في قصره إمّا أن يستجيب لأمر ربّه فينصَح لرعيته ولا يغُشَّهم، وإمّا أن يستجيب لهوى نفسه فيموت وهو غاشٌّ لهم، فتُحرَّم عليه الجنَّة. |
من أصغر عاملٍ في وظيفته إلى الحاكم في قصره، كلٌّ منّا في كل لحظةٍ مُعرَّضٌ لامتحان الاستجابة لأمر الله. |
الشاب عندما تعرِض له الفتنه، إمّا أن يقول إني أخاف الله ربَّ العالمين، فيكون مُستجيباً لأمر ربّه وقائلاً بلسان حاله: لَبَّيْكَ اللَّهُمَّ لَبَّيْك، لا شيء يعلو فوق طاعتك، وإمّا أن يستجيب لهوى نفسه فينظُر في الحرام، ويفعل الحرام والعياذ بالله. |
أيُّها الإخوة الكرام: لسان حال المؤمن وهو يستجيب لأمر ربّه لَبَّيْكَ اللَّهُمَّ لَبَّيْك، ما يكون لنا أن نختار بعد أمرِك، ولا أن نرفع صوتنا فوق صوت نبيك صلى الله عليه وسلم. |
ثالثاً: الحج يُعلِّمنا أنَّ أمر الله تعالى فوق كل أمر:
ثالثاً: الحج يُعلِّمنا أنَّ أمر الله تعالى فوق كل أمر، ولذلك نُردِّد في هذه الأيام الله أكبر، يُردِّد الحجاج لَبَّيْكَ اللَّهُمَّ لَبَّيْك، استجبنا لك، ونُردِّد نحن في أوطاننا، الله أكبر، فمَن قال الله أكبر ألف مرة، ثم كان مُطيعاً للمخلوق عاصياً للخالق، فإنه ما قال الله أكبر ولا مرة، ولو ردَّدها بلسانه ألف مرةٍ ومرة. |
ومن قال: الله أكبر ألف مرة، ثم خرج إلى الشارع فعصى الله تعالى من أجل دُريهماتٍ معدودة، فإنه ما قال الله أكبر ولا مرة، ولو ردَّدها بلسانه ألف مرة. |
الله أكبر، تكون مشغولاً بالحياة فتسمع صوت المؤذِّن، الله أكبر، فتترك كل شيءٍ بين يديك، وتذهب إلى صلاتك، تُحرِم بقولك الله أكبر، الله أكبر من نفسي، الله أكبر من مالي، الله أكبر من الدنيا وما فيها، الله أكبر كلمةٌ عظيمة قد فُرِّغت عند بعض المسلمين من مضمونها، يقول الله أكبر، ثم يكون حاله مالي أكبر، فيعصي الله من أجل ماله، يقول الله أكبر ثم يكون حاله أولادي أكبر، فيعصي الله من أجلهم ويرتشي من أجلهم، يقول الله أكبر، ثم يكون منصبه أكبر، فمن أجل منصبٍ زائلٍ من الدنيا يرتكب المُحرَّمات. |
الله أكبر كلمةٌ عظيمة تعني أنَّ الله أكبر من كل شيءٍ، فلا أمرَ يعلو فوق أمره. |
أيُّها الكرام: الحُجَّاج يتركون خلال إحرامهم المُباحات، لباس المخيط الذي نلبسه الآن مُباح |
يَا بَنِي آدَمَ قَدْ أَنزَلْنَا عَلَيْكُمْ لِبَاسًا يُوَارِي سَوْآتِكُمْ وَرِيشًا ۖ وَلِبَاسُ التَّقْوَىٰ ذَٰلِكَ خَيْرٌ ۚ ذَٰلِكَ مِنْ آيَاتِ اللَّهِ لَعَلَّهُمْ يَذَّكَّرُونَ(26)(سورة الأعراف)
(سَوْآتِكُمْ) هذه للستر (وَرِيشًا) هذه للجمال، نتجمَّل بثيابنا، لكن المُحرِم لا ينبغي له أن يتجمَّل بالثياب، فيخلع عنه الثياب تعبيراً عن خلعه للدنيا، فيترك المُباحات، ويترك زوجته، ويترك العطر والطيب الذي هو أيضاً من المندوبات، ويترك الصيد وهو مُباح لماذا؟ ليُثبِت لله تعالى أنَّ أمر الله فوق كل أمرٍ، فلا أقلَّ أيُّها المسلم وأنت في بلدك أن تترك المُحرَّمات، نحن لم نؤمَر بترك المُباحات إلا في موسم الحج، في نهار رمضان، نهار رمضان نترك المُباحات، الطعام والشراب والنساء، وفي الحج نترك نوعاً آخر من المُباحات، لكن في الحياة نحن يُطلَب منّا أن نترك المُحرَّمات أمّا المُباحات |
{ كُلوا واشرَبوا وتَصَدَّقوا والبَسوا في غيرِ مَخيلَةٍ ولا سَرَفٍ إنَّ اللهَ يُحِبُّ أن تُرَى نِعمَتُه على عَبدِهِ }
(صحيح ابن ماجه)
إذاً الحج يُعلِّمنا أنَّ أمر الله فوق كل أمرٍ، وإذا كان الحُجَّاج يتركون في حَجِّهم المُباحات فإنه ينبغي علينا أن نجتنب المُحرَّمات. |
رابعاً: الحج يُعلِّمنا أنَّ المسلم لا يَحيا وحده في هذا العالم إنما ينتمي إلى مجموع المسلمين:
رابعاً: الحج يُعلِّمنا أنَّ المسلم لا يَحيا وحده في هذا العالم، إنما ينتمي إلى مجموع المسلمين، انظُر إلى حُجَّاج بيت الله الحرام وهم يطوفون بالبيت، ويسعون ويقفون على صعيد عرفات، انظُر إلى ألوانهم، انظُر إلى جنسياتهم، انظُر إليهم وقد وقفوا على صعيدٍ واحد، لا فرق بين حاكمٍ ومحكوم، ولا بين أبيض وأسود، ولا بين غنيٍ وفقير، ولا بين قويٍ وضعيف، الجميع ينتمي إلى الله وحده، الجميع ينتمي إلى ربّه ويعود إلى خالقه الذي سنرجع إليه جميعاً، فيُعلِّمنا الحج هنا أننا أمةٌ واحدة، وأنَّ هذه الحدود المُصّطنعة التي قسَّمها الغرب، وجعل كُلاً منّا يؤمن بمدينته وبلدته، ليست من الإسلام في شيء، نحن إخوةٌ في الله جميعاً، المسلم أخي في الله، وغيره أخي في الإنسانية، هذا ما يُعلِّمنا إيّاه ديننا. |
أخيراً: الحج يُعلِّمنا أن نتواضع لله:
أخيراً: الحج يُعلِّمنا أن نتواضع لله، انظُر إلى حُجَّاج بيت الله الحرام، تجِد الوزير والأمير والخفير، الغني والفقير، تجدهم كلهم قد نزعوا عنهم لباس الدنيا ولبسوا الثياب الموحَّد، وابتهلوا إلى الله معاً، ووقفوا جنباً إلى جنبٍ مع بعضهم، يُعلِّمنا الحج أن نتواضع لله، أما ترى إلى الحُجِّاج وهُم يذرِفون الدموع في عرفات، إنَّ الدموع في العادة تعبيرٌ عن الضعف والحزن، إلا في موقفك بين يدي الله فهي تُذرَف لتُزيل عنك الكبرياء، الذي طالما رافقك في الدنيا، وكأنَّ المؤمن بدموعه و خشوعه بين يدي ربّه، يُزيل عنه الكبرياء، وكما يقول تعالى في الحديث القدسي: |
{ قالَ اللَّهُ عزَّ وجلَّ: الكبرياءُ ردائي، والعظمةُ إزاري، فمَن نازعَني واحدًا منهُما، قذفتُهُ في النَّارِ }
(أخرجه أبو داوود وأحمد وابن ماجه)
أيُّها الإخوة الأحباب: هذه دروسٌ يُعلِّمنا إيّاها الحج، فإذا كنّا في أوطاننا فلنتعلم من دروس الحج، ولنأخذ نصيبنا منه، ولنسأل الله تعالى أن يُكرمنا في الأعوام القادمة، بزيارة بيته وزيارة نبيِّه عليه الصلاة والسلام. |
حاسبوا أنفسكم قبل أن تُحاسبوا، وزِنوا أعمالكم قبل أن تُوزن عليكم، واعلموا أنَّ مَلَك الموت قد تخطَّانا إلى غيرنا وسيتخطَّى غيرنا إلينا فلنتخذ حذرنا، الكيِّس من دان نفسه وعمل لِمَا بعد الموت، والعاجز من أتبع نفسه هواها وتمنّى على الله الأماني، واستغفروا الله. |
الحمد لله ربِّ العالمين وأشهد أن لا إله إلا الله وليُّ الصالحين، اللهم صلِّ وسلم وبارك على سيدنا محمد وعلى آل بيته الطيبين الطاهرين، وعلى صحابته الغُر الميامين، أُمناء دعوته وقادة أَلويته وارضَ عنّا وعنهم يا رب العالمين. |
التكبير سُنَّةٌ عظيمة من سُنَنِ وهَدي النبي صلى الله عليه وسلم:
أيُّها الإخوة الكرام: روى ابن عُمر رضي الله عنهما قال: |
{ كنا جلوسًا معَ رسولِ اللهِ صلَّى اللهُ عليهِ وسلمَ فقال رجلٌ: اللهُ أكبرُ كبيرًا والحمدُ للهِ كثيرًا وسبحانَ اللهِ وبحمده بكرةً وأصيلًا، فقال رسولُ اللهِ صلَّى اللهُ عليهِ وسلمَ: من قال الكلماتِ، فقال الرجلُ: أنا، فقال رسولُ اللهِ صلَّى اللهُ عليهِ وسلمَ، والذي نفسي بيدِه إني لأنظرُ إليها تصعدُ حتى فُتِحت لها أبوابُ السماءِ، فقال ابنُ عمرَ: والذي نفسي بيدِه ما تركتها منذُ سمعتُ رسولَ اللهِ صلَّى اللهُ عليهِ وسلمَ، وقال عونٌ ما تركتها منذُ سمعتُها من ابنِ عمرً }
(أخرجه مسلم وأحمد والترمذي والنسائي)
التكبير في هذه الأيام سُنَّةٌ عظيمة من سُنَنِ وهَدي النبي صلى الله عليه وسلم، من الآن وحتى رابع أيام العيد عصراً، نُكبِّر عقب الصلوات، نُكبِّر في بيوتنا، في أسواقنا، في ممشانا، نُحيي هذه السُنَّة العظيمة سُنَّة التكبير، ملتزمين بهَديها أنَّ الله أكبر عندنا من كل شيءٍ، فلا أمر يعلو فوق أمره، ولا طاعة إلا طاعته جلَّ جلاله. |
الله أكبر كبيراً، والحمد لله كثيراً، وسبحان والله وبحمده بُكرةً وأصيلا. |
الدعاء:
اللهم اغفر للمسلمين والمسلمات، الأحياء منهم والأموات، إنك يا مولانا سميعٌ قريبٌ مجيبٌ للدعوات. |
اللهم برحمتك عُمَّنا، واكفنا اللهم شرَّ ما أهمنا وأغمَّنا، وعلى الإيمان الكامل والكتاب والسُنَّة توفَّنا، نلقاك وأنت راضٍ عنّا، لا إله إلا أنت سبحانك إنَّا كنّا من الظالمين، وأنت أرحم الراحمين. |
وارزقنا اللهم حُسن الخاتمة، واجعل أسعد أيامنا يوم نلقاك وأنت راضٍ عنّا، أنت حسبنا عليك اتكالنا. |
اللهم فرِّج عنهم، أطعمهم من جوعٍ وآمنهم من خوف، واغفر لنا تقصيرنا بحقهم فإنك أعلم بحالنا يا أرحم الراحمين. |
اللهم يا أكرم الأكرمين كُن لبلادنا، ابسُط عليها الأمن والأمان وعلى جميع بلاد المسلمين، وأصلِح الراعي والرعيِّة، واجعل بلادنا أمناً أماناً سخاءً رخاءً وسائر بلاد المسلمين، بفضلك وكرمك يا أرحم الراحمين، أستغفر الله العظيم وقوموا إلى صلاتكم يرحمكم الله. |