وعود الله عز وجل
وعود الله عز وجل
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، بسم الله الرحمن الرحيم، الحمد لله رب العالمين، والصّلاة والسّلام على نبينا الأمين، وعلى آله وأصحابه أجمعين وبعد: |
فهذا هو اللقاء الثامن عشر من لقاءات سورة الأنعام، ومع الآية الواحدة والثلاثين بعد المئة من السورة، وهي قوله تعالى: |
ذَٰلِكَ أَن لَّمْ يَكُن رَّبُّكَ مُهْلِكَ ٱلْقُرَىٰ بِظُلْمٍۢ وَأَهْلُهَا غَٰفِلُونَ (131)(سورة الأنعام)
هذه الآية في بدايتها اسم الإشارة(ذلك) وهو يشير إلى شيء، ما هو هذا الشيء الذي يشير إليه؟ يشير إلى ما سبق قبله من قوله تعالى: |
يَٰمَعْشَرَ ٱلْجِنِّ وَٱلْإِنسِ أَلَمْ يَأْتِكُمْ رُسُلٌ مِّنكُمْ يَقُصُّونَ عَلَيْكُمْ ءَايَٰتِى وَيُنذِرُونَكُمْ لِقَآءَ يَوْمِكُمْ هَٰذَا ۚ قَالُواْ شَهِدْنَا عَلَىٰٓ أَنفُسِنَا ۖ وَغَرَّتْهُمُ ٱلْحَيَوٰةُ ٱلدُّنْيَا وَشَهِدُواْ عَلَىٰٓ أَنفُسِهِمْ أَنَّهُمْ كَانُواْ كَٰفِرِينَ (130)(سورة الأنعام)
فهم لما شهدوا على أنفسهم أن الرسل قد جاءتهم قال تعالى: (ذَٰلِكَ أَن لَّمْ يَكُن رَّبُّكَ مُهْلِكَ ٱلْقُرَىٰ بِظُلْمٍۢ وَأَهْلُهَا غَٰفِلُونَ)، فلما جاءهم الرسول من ربهم فلم يعد لديهم حجة عند الله ولا عذر أمام الله، الرسل قال تعالى: |
رُّسُلًا مُّبَشِّرِينَ وَمُنذِرِينَ لِئَلَّا يَكُونَ لِلنَّاسِ عَلَى ٱللَّهِ حُجَّةٌۢ بَعْدَ ٱلرُّسُلِ ۚ وَكَانَ ٱللَّهُ عَزِيزًا حَكِيمًا (165)(سورة النساء)
بعد الرسول لا يوجد حجة. |
وَلَوْلَآ أَن تُصِيبَهُم مُّصِيبَةٌۢ بِمَا قَدَّمَتْ أَيْدِيهِمْ فَيَقُولُواْ رَبَّنَا لَوْلَآ أَرْسَلْتَ إِلَيْنَا رَسُولًا فَنَتَّبِعَ ءَايَٰتِكَ وَنَكُونَ مِنَ ٱلْمُؤْمِنِينَ (47)(سورة القصص)
لو أن الله تعالى لم يرسل الرسل لكان للناس حجة على الله، والله تعالى يقول: |
قُلْ فَلِلَّهِ ٱلْحُجَّةُ ٱلْبَٰلِغَةُ ۖ فَلَوْ شَآءَ لَهَدَىٰكُمْ أَجْمَعِينَ (149)(سورة الأنعام)
الحجة لله تعالى وحده
|
وَلِكُلّٖ دَرَجَٰتٞ مِّمَّا عَمِلُواْۚ وَمَا رَبُّكَ بِغَٰفِلٍ عَمَّا يَعۡمَلُونَ (132)(سورة الأنعام)
(ولكل) جاءت بالنكرة لتشمل كل إنس أو كل جن؛ كل مخلوق مكلف، (وَلِكُلّٖ دَرَجَٰتٞ) والدرجات هي المراتب في العلو، والدركات هي المراتب في الدنو، فالمنافقون في الدرك الأسفل من النار، والمؤمنون في الدرجات العلا من الجنة وأعلاها الفردوس، فهناك درجات ودركات، (وَلِكُلّٖ دَرَجَٰتٞ مِّمَّا عَمِلُواْ) من عملك تأخذ درجة، وهذا العمل تأخذ درجتك فيه إما بكثرته أو بإخلاصك لله تعالى فيه، بكثرته الذي جاء إلى النبي -صلى الله عليه وسلم-: |
{ .. أرَأَيْتَ إذا صَلَّيْتُ الصَّلَواتِ المَكْتُوباتِ، وصُمْتُ رَمَضانَ، وأَحْلَلْتُ الحَلالَ، وحَرَّمْتُ الحَرامَ، ولَمْ أزِدْ علَى ذلكَ شيئًا، أأَدْخُلُ الجَنَّةَ؟ قالَ: نَعَمْ، قالَ: واللَّهِ لا أزِيدُ علَى ذلكَ شيئًا }
(رواه مسلم عن جابر بن عبد الله)
الدرجات هي المراتب في العلو
|
يَٰٓأَيُّهَا ٱلَّذِينَ ءَامَنُوٓاْ إِذَا قِيلَ لَكُمْ تَفَسَّحُواْ فِى ٱلْمَجَٰلِسِ فَٱفْسَحُواْ يَفْسَحِ ٱللَّهُ لَكُمْ ۖ وَإِذَا قِيلَ ٱنشُزُواْ فَٱنشُزُواْ يَرْفَعِ ٱللَّهُ ٱلَّذِينَ ءَامَنُواْ مِنكُمْ وَٱلَّذِينَ أُوتُواْ ٱلْعِلْمَ دَرَجَٰتٍۢ ۚ وَٱللَّهُ بِمَا تَعْمَلُونَ خَبِيرٌ (11)(سورة المجادلة)
مَن كَانَ يُرِيدُ ٱلْعِزَّةَ فَلِلَّهِ ٱلْعِزَّةُ جَمِيعًا إِلَيْهِ يَصْعَدُ ٱلْكَلِمُ ٱلطَّيِّبُ وَٱلْعَمَلُ ٱلصَّٰلِحُ يَرْفَعُهُۥ وَٱلَّذِينَ يَمْكُرُونَ ٱلسَّيِّـَٔاتِ لَهُمْ عَذَابٌ شَدِيدٌ وَمَكْرُ أُوْلَٰٓئِكَ هُوَ يَبُورُ (10)(سورة فاطر)
عند ربنا عز وجل العدل مطلق
|
وَرَبُّكَ ٱلۡغَنِيُّ ذُو ٱلرَّحۡمَةِۚ إِن يَشَأۡ يُذۡهِبۡكُمۡ وَيَسۡتَخۡلِفۡ مِنۢ بَعۡدِكُم مَّا يَشَآءُ كَمَآ أَنشَأَكُم مِّن ذُرِّيَّةِ قَوۡمٍ ءَاخَرِينَ (133)(سورة الأنعام)
(وَرَبُّكَ ٱلۡغَنِيُّ ذُو ٱلرَّحۡمَةِ) ربك أيها الرسول هو الغني عن عباده فلا يحتاج إليهم ولا إلى عبادتهم. |
{ ...يا عِبَادِي، لو أنَّ أَوَّلَكُمْ وَآخِرَكُمْ وإنْسَكُمْ وَجِنَّكُمْ، كَانُوا علَى أَتْقَى قَلْبِ رَجُلٍ وَاحِدٍ مِنكُمْ؛ ما زَادَ ذلكَ في مُلْكِي شيئًا، يا عِبَادِي، لوْ أنَّ أَوَّلَكُمْ وَآخِرَكُمْ وإنْسَكُمْ وَجِنَّكُمْ، كَانُوا علَى أَفْجَرِ قَلْبِ رَجُلٍ وَاحِدٍ؛ ما نَقَصَ ذلكَ مِن مُلْكِي شيئًا... }
(أخرجه مسلم عن أَبِي ذَرٍّ الغفاري)
الإنسان لا يستغني
|
يَٰٓأَيُّهَا ٱلنَّاسُ أَنتُمُ ٱلْفُقَرَآءُ إِلَى ٱللَّهِ ۖ وَٱللَّهُ هُوَ ٱلْغَنِىُّ ٱلْحَمِيدُ (15)(سورة فاطر)
ومع الغني يأتي في بعض الآيات (الحميد)، وهنا (وَرَبُّكَ ٱلۡغَنِيُّ ذُو ٱلرَّحۡمَةِ) لأن الأغنياء غالباً-بمعنى المستغنين- لا يحمدون أحداً على شيء فعله، الغني كلما استغنى عن الناس فإذا جاءه إنسان ليقدم له خدمة يشعر أن هذا الذي يقدمها له مجبر عليها فيبخل أن يقول له: شكراً، يقول: يجب أن يشكرني أني أنا اتصلت به ما اتصلت بغيره، فلا يحمد أحدا ًعلى فعل رغم افتقاره إليه، أما الغني -جلَّ جلاله- فهو رغم غناه المطلق عن الخلق يحمد لهم أفعالهم، فإذا فعلوا خيراً كافأهم وإذا فعلوا معروفاً أثابهم في الدنيا أو في الآخرة أوفي كليهما، |
لِلَّهِ مَا فِى ٱلسَّمَٰوَٰتِ وَٱلْأَرْضِ ۚ إِنَّ ٱللَّهَ هُوَ ٱلْغَنِىُّ ٱلْحَمِيدُ (26)(سورة لقمان)
وهنا (وَرَبُّكَ ٱلۡغَنِيُّ ذُو ٱلرَّحۡمَةِ) رغم أنه غني عن جميع خلقه فإن غناه عنهم لا يعني أنه لا يرحمهم، وإنما يرحم خلقه رغم غناه عنهم، (إِن يَشَأۡ يُذۡهِبۡكُمۡ) ما دام مستغنياً عن خلقه، فلو شاء لذهب بهؤلاء الذين لا يعبدونه، (وَيَسۡتَخۡلِفۡ مِنۢ بَعۡدِكُم مَّا يَشَآءُ) ويأتي بقوم آخرين يعبدونه حق عبادته، (كَمَآ أَنشَأَكُم مِّن ذُرِّيَّةِ قَوۡمٍ ءَاخَرِينَ) كما خلقكم أنتم من نسل قوم آخرين كانوا قبلكم، نحن الآن جئنا من نسل آبائنا وآباؤنا من نسل أجدادنا وهكذا، فكما جاء بنا ربنا -جلَّ جلاله- فإنه قادر أن يأتي بقوم آخرين يعبدونه حق عبادته، لكن لأنه غني عن عباده فهو -جلَّ جلاله- لا تنفعه طاعة الطائعين ولا تضره معصية العاصين. |
إِنَّ مَا تُوعَدُونَ لَأٓتٖۖ وَمَآ أَنتُم بِمُعۡجِزِينَ (134)(سورة الأنعام)
(إِنَّ مَا تُوعَدُونَ لَأٓتٖ) هناك وعد وهناك وعيد، وكلاهما يوعدهما الإنسان، وعد الله آت لا محالة، وهنا الوعد وعد تخويف (وَمَآ أَنتُم بِمُعۡجِزِينَ) أي لن تستطيعوا أن تفلتوا من قبضة الله تعالى، (بِمُعۡجِزِينَ) أعجزه أي جعله عاجزاً عنه، الأم أحياناً تقول: ابني عجّزني بالعامية، أي أعجزني، لم أعد قادرة على ضبطه يا أخي فهو معجز لي، أعجزني عن ضبطه، جعلني أشعر بالعجز، ما تركت سبيلاً لا ترغيب لا ترعيب فأعجزني، (وَمَآ أَنتُم بِمُعۡجِزِينَ) ربنا -عزَّ وجلَّ- صاحب القدرة المطلقة فلا يظن إنسان أنه يعجز الله. |
وَأَنَّا ظَنَنَّا أَن لَّن نُّعْجِزَ اللَّهَ فِي الْأَرْضِ وَلَن نُّعْجِزَهُ هَرَبًا (12)( سورة الجن)
الله تعالى صاحب القدرة المطلقة
|
قُلۡ يَٰقَوۡمِ ٱعۡمَلُواْ عَلَىٰ مَكَانَتِكُمۡ إِنِّي عَامِلٞۖ فَسَوۡفَ تَعۡلَمُونَ مَن تَكُونُ لَهُۥ عَٰقِبَةُ ٱلدَّارِۚ إِنَّهُۥ لَا يُفۡلِحُ ٱلظَّٰلِمُونَ (135)(سورة الأنعام)
القوم: المجموعة من الناس وهي غالباً تطلق على المجموعة من الرجال لأنه يقوم الأمر بهم، الرجل مهيأ لأن يقوم، والمرأة في الأصل لأن تقرّ في بيتها وتقوم ببيتها، فالقوم في الأصل يطلق على الرجال، والدليل قوله تعالى: |
يَٰٓأَيُّهَا ٱلَّذِينَ ءَامَنُواْ لَا يَسْخَرْ قَوْمٌ مِّن قَوْمٍ عَسَىٰٓ أَن يَكُونُواْ خَيْرًا مِّنْهُمْ وَلَا نِسَآءٌ مِّن نِّسَآءٍ عَسَىٰٓ أَن يَكُنَّ خَيْرًا مِّنْهُنَّ ۖ وَلَا تَلْمِزُوٓاْ أَنفُسَكُمْ وَلَا تَنَابَزُواْ بِٱلْأَلْقَٰبِ ۖ بِئْسَ ٱلِٱسْمُ ٱلْفُسُوقُ بَعْدَ ٱلْإِيمَٰنِ ۚ وَمَن لَّمْ يَتُبْ فَأُوْلَٰٓئِكَ هُمُ ٱلظَّٰلِمُونَ (11)(سورة الحجرات)
فالقوم هنا الرجال، وفي الشعر الشاعر قال: |
وما أدري وسوف إخال أدري أقوم آل حصن أم نساء{ زهير بن أبي سلمى }
اجعل العمل صفة لازمة فيك
|
قَدْ أَفْلَحَ الْمُؤْمِنُونَ (1)(سورة المؤمنون)
وختمت بقوله تعالى: |
وَمَن يَدْعُ مَعَ ٱللَّهِ إِلَٰهًا ءَاخَرَ لَا بُرْهَٰنَ لَهُۥ بِهِۦ فَإِنَّمَا حِسَابُهُۥ عِندَ رَبِّهِۦٓ ۚ إِنَّهُۥ لَا يُفْلِحُ ٱلْكَٰفِرُونَ (117)(سورة المؤمنون)
الفلاح للمؤمن فقط
|
يَٰٓأَيُّهَا ٱلَّذِينَ ءَامَنُواْ هَلْ أَدُلُّكُمْ عَلَىٰ تِجَٰرَةٍۢ تُنجِيكُم مِّنْ عَذَابٍ أَلِيمٍۢ (10 (تُؤْمِنُونَ بِٱللَّهِ وَرَسُولِهِۦ وَتُجَٰهِدُونَ فِى سَبِيلِ ٱللَّهِ بِأَمْوَٰلِكُمْ وَأَنفُسِكُمْ ۚ ذَٰلِكُمْ خَيْرٌ لَّكُمْ إِن كُنتُمْ تَعْلَمُونَ (11)(سورة الصف)
إيمان وجهاد. |
يَغْفِرْ لَكُمْ ذُنُوبَكُمْ وَيُدْخِلْكُمْ جَنَّٰتٍۢ تَجْرِى مِن تَحْتِهَا ٱلْأَنْهَٰرُ وَمَسَٰكِنَ طَيِّبَةً فِى جَنَّٰتِ عَدْنٍۢ ۚ ذَٰلِكَ ٱلْفَوْزُ ٱلْعَظِيمُ(12)
حسناً النصر؟! قال: |
وَأُخْرَىٰ تُحِبُّونَهَا ۖ نَصْرٌ مِّنَ ٱللَّهِ وَفَتْحٌ قَرِيبٌ ۗ وَبَشِّرِ ٱلْمُؤْمِنِينَ (13)
لكن النصر شيء ثانوي أمام الفوز، فإذا حققت الفوز ودخلت الجنة والمساكن الطيبة ولو دُمر مسكنك، لكن أخذت مكانه مسكناً طيباً في جنات عدن فأنت قد فزت، الآن تنتصر، أو لا تنتصر قال: (وَبَشِّرِ ٱلْمُؤْمِنِينَ) بشرهم بالنصر، قادم- إن شاء الله- لكن الفوز أخذته، فبعد الفوز بقي النصر شيئاً ثانوياً، قال: (إِنَّهُۥ لَا يُفۡلِحُ ٱلظَّٰلِمُونَ). |
وَجَعَلُواْ لِلَّهِ مِمَّا ذَرَأَ مِنَ ٱلۡحَرۡثِ وَٱلۡأَنۡعَٰمِ نَصِيبٗا فَقَالُواْ هَٰذَا لِلَّهِ بِزَعۡمِهِمۡ وَهَٰذَا لِشُرَكَآئِنَاۖ فَمَا كَانَ لِشُرَكَآئِهِمۡ فَلَا يَصِلُ إِلَى ٱللَّهِۖ وَمَا كَانَ لِلَّهِ فَهُوَ يَصِلُ إِلَىٰ شُرَكَآئِهِمۡۗ سَآءَ مَا يَحۡكُمُونَ (136)(سورة الأنعام)
المال كله لله
|
وَكَذَٰلِكَ زَيَّنَ لِكَثِيرٍۢ مِّنَ ٱلْمُشْرِكِينَ قَتْلَ أَوْلَٰدِهِمْ شُرَكَآؤُهُمْ لِيُرْدُوهُمْ وَلِيَلْبِسُواْ عَلَيْهِمْ دِينَهُمْ ۖ وَلَوْ شَآءَ ٱللَّهُ مَا فَعَلُوهُ ۖ فَذَرْهُمْ وَمَا يَفْتَرُونَ (137)(سورة الأنعام)
الزواج علاقة سليمة وفق منهج الله
|
وَإِذَا ٱلْمَوْءُۥدَةُ سُئِلَتْ (8) بِأَىِّ ذَنۢبٍۢ قُتِلَتْ (9)(سورة التكوير)
وكان بعضهم يقتل حتى الذكر. |
وَلَا تَقْتُلُوٓاْ أَوْلَٰدَكُمْ خَشْيَةَ إِمْلَٰقٍۢ ۖ نَّحْنُ نَرْزُقُهُمْ وَإِيَّاكُمْ ۚ إِنَّ قَتْلَهُمْ كَانَ خِطْـًٔا كَبِيرًا (31)(سورة الإسراء)
وفي آية ثانية: |
قُلۡ تَعَالَوۡاْ أَتۡلُ مَا حَرَّمَ رَبُّكُمۡ عَلَيۡكُمۡۖ أَلَّا تُشۡرِكُواْ بِهِۦ شَيۡـٔٗاۖ وَبِٱلۡوَٰلِدَيۡنِ إِحۡسَٰنٗاۖ وَلَا تَقۡتُلُوٓاْ أَوۡلَٰدَكُم مِّنۡ إِمۡلَٰقٖ نَّحۡنُ نَرۡزُقُكُمۡ وَإِيَّاهُمۡۖ وَلَا تَقۡرَبُواْ ٱلۡفَوَٰحِشَ مَا ظَهَرَ مِنۡهَا وَمَا بَطَنَۖ وَلَا تَقۡتُلُواْ ٱلنَّفۡسَ ٱلَّتِي حَرَّمَ ٱللَّهُ إِلَّا بِٱلۡحَقِّۚ ذَٰلِكُمۡ وَصَّىٰكُم بِهِۦ لَعَلَّكُمۡ تَعۡقِلُونَ (151)(سورة الأنعام)
فكانوا يقتلونهم تارة خشية الفقر وتارة بسبب الفقر، فلما قال: لا تقتلوهم من إملاق، قال: (نَحۡنُ نَرۡزُقُكُمۡ) فقدّم الرزق للوالدين، ولما قال: خشية إملاق، قال: (نَحْنُ نَرْزُقُهُمْ وَإِيَّاكُمْ) لأن الفقر غير حاصل، تخافون أن يحصل بوجودهم فقدّم رزقهم على رزقكم، (نَحْنُ نَرْزُقُهُمْ وَإِيَّاكُمْ) والثاني (نَحۡنُ نَرۡزُقُكُمۡ وَإِيَّاهُمۡ) (خشية إملاق ومن إملاق)، فإما أن يكون الفقر حاصلاً فيقتل الولد لئلا يرهق والديه بمصاريف زائدة، أو أن يكون الغنى حاصلاً ولكن يُخشى مع وجود كثرة الأولاد الفقر فيقتل الولد خشية إملاق، ومن إملاق، فهنا قال -جلَّ جلاله-:(وَكَذَٰلِكَ زَيَّنَ لِكَثِيرٍۢ مِّنَ ٱلْمُشْرِكِينَ قَتْلَ أَوْلَٰدِهِمْ شُرَكَآؤُهُمْ) طبعاً هنا تأخير الفاعل تأخير واجب، لأن الفاعل يحتوي ضميراً، والضمير لا يعود إلا على شيء قبله، فلو قال: وكذلك زين لكثير من المشركين شركاؤهم قتل أولادهم، أو وكذلك زين شركاؤهم، شركاء من؟ فتأخر الفاعل وجوباً لأن فيه ضميراً يعود على ما قبله، (وَكَذَٰلِكَ زَيَّنَ لِكَثِيرٍۢ مِّنَ ٱلْمُشْرِكِينَ قَتْلَ أَوْلَٰدِهِمْ شُرَكَآؤُهُمْ لِيُرْدُوهُمْ) أي ليوردوهم موارد الهلاك، الردى، الموت، الهلاك، (لِيُرْدُوهُمْ وَلِيَلْبِسُواْ عَلَيْهِمْ دِينَهُمْ) أي وليخلطوا عليهم دينهم فلا يعرفون ما هو مشروع وما هو غير مشروع، يلبس الشيء بالشيء أي يُدخل شيئاً بشيء فيخلطه على الناس، واليوم كثير ممن يسمون أنفسهم علماء يخلطون على الناس دينهم، يلبسون على الناس دينهم فيخرج هكذا ويخرج بفيديو أن الربا بالمصارف بالبنوك هذا ليس رباً ليس حراماً، ويخرج الثاني يقول لك: ربنا ما حرم الخمر قال: اجتنبوه، ويخرج الثالث، الرابع يقول لك: لا. |
يُوصِيكُمُ ٱللَّهُ فِىٓ أَوْلَٰدِكُمْ لِلذَّكَرِ مِثْلُ حَظِّ ٱلْأُنثَيَيْنِ فَإِن كُنَّ نِسَآءً فَوْقَ ٱثْنَتَيْنِ فَلَهُنَّ ثُلُثَا مَا تَرَكَ وَإِن كَانَتْ وَٰحِدَةً فَلَهَا ٱلنِّصْفُ وَلِأَبَوَيْهِ لِكُلِّ وَٰحِدٍ مِّنْهُمَا ٱلسُّدُسُ مِمَّا تَرَكَ إِن كَانَ لَهُۥ وَلَدٌ فَإِن لَّمْ يَكُن لَّهُۥ وَلَدٌ وَوَرِثَهُۥ أَبَوَاهُ فَلِأُمِّهِ ٱلثُّلُثُ فَإِن كَانَ لَهُۥ إِخْوَةٌ فَلِأُمِّهِ ٱلسُّدُسُ مِن بَعْدِ وَصِيَّةٍ يُوصِى بِهَآ أَوْ دَيْنٍ ءَابَآؤُكُمْ وَأَبْنَآؤُكُمْ لَا تَدْرُونَ أَيُّهُمْ أَقْرَبُ لَكُمْ نَفْعًا فَرِيضَةً مِّنَ ٱللَّهِ إِنَّ ٱللَّهَ كَانَ عَلِيمًا حَكِيمًا (11)(سورة النساء)
الأنثى تأخذ مثل الذكر، كيف؟ لا تعرف، فيحاولون أن يلبسوا على الناس دينهم، أي يخلطون عليهم ما هو مشروع وواضح 100% بما هو غير مشروع فالربا ربا، والبيع بيع. |
الَّذِينَ يَأْكُلُونَ الرِّبَا لَا يَقُومُونَ إِلَّا كَمَا يَقُومُ الَّذِي يَتَخَبَّطُهُ الشَّيْطَانُ مِنَ الْمَسِّ ۚ ذَٰلِكَ بِأَنَّهُمْ قَالُوا إِنَّمَا الْبَيْعُ مِثْلُ الرِّبَا ۗ وَأَحَلَّ اللَّهُ الْبَيْعَ وَحَرَّمَ الرِّبَا ۚ فَمَن جَاءَهُ مَوْعِظَةٌ مِّن رَّبِّهِ فَانتَهَىٰ فَلَهُ مَا سَلَفَ وَأَمْرُهُ إِلَى اللَّهِ ۖ وَمَنْ عَادَ فَأُولَٰئِكَ أَصْحَابُ النَّارِ ۖ هُمْ فِيهَا خَالِدُونَ (275)(سورة البقرة)
أصحاب الفتاوى المنحرفة يلبسون على الناس دينهم
|
فَإِذَا لَقِيتُمُ ٱلَّذِينَ كَفَرُواْ فَضَرْبَ ٱلرِّقَابِ حَتَّىٰٓ إِذَآ أَثْخَنتُمُوهُمْ فَشُدُّواْ ٱلْوَثَاقَ فَإِمَّا مَنًّا بَعْدُ وَإِمَّا فِدَآءً حَتَّىٰ تَضَعَ ٱلْحَرْبُ أَوْزَارَهَا ذَٰلِكَ وَلَوْ يَشَآءُ ٱللَّهُ لَٱنتَصَرَ مِنْهُمْ وَلَٰكِن لِّيَبْلُوَاْ بَعْضَكُم بِبَعْضٍ وَٱلَّذِينَ قُتِلُواْ فِى سَبِيلِ ٱللَّهِ فَلَن يُضِلَّ أَعْمَٰلَهُمْ (4) سَيَهْدِيهِمْ وَيُصْلِحُ بَالَهُمْ (5) وَيُدْخِلُهُمُ ٱلْجَنَّةَ عَرَّفَهَا لَهُمْ (6)(سورة محمد)
(وَلَوْ شَآءَ ٱللَّهُ مَا فَعَلُوهُ)كل شيء أنت تجده قل: ولو شاء الله ما فعلوه، لكن الله شاء لهم أن يفعلوه؛ لأن الله تعالى قد كلف عباده ونهاهم وأمرهم، فلا بد أن يترك لهم الخيار ليفعلوا إن شاءوا الأمر أو يتركوا فعله، ولينتهوا عما نهى عنه، أو يأتوا ما نهاهم عنه حتى يتحقق الاختيار، (وَلَوْ شَآءَ ٱللَّهُ مَا فَعَلُوهُ ۖ فَذَرْهُمْ)أي فدعهم (وَمَا يَفْتَرُونَ) فدعهم والافتراءات والكذب والخداع والتضليل الذي يفعلونه ولا تلتفت لهم، إذاً إلى أين التفت؟ التفت إلى طاعة الله تعالى وعبادته، والعمل الصالح، التفت إلى الخير، التفت إلى تعزيز الإيمان في نفوس الناس وذرهم وافتراءاتهم، سواء ما كان منها متعلقاً بالأنعام والحرث، أو ما كان متعلقاً بتلبيس الدين على الناس، (فَذَرْهُمْ وَمَا يَفْتَرُونَ) دعك منهم، واتجه إلى الدعوة إلى الله بالحكمة والموعظة الحسنة حتى تقوم بدورك الذي أمرك الله به، والحمد لله رب العالمين. |