مكانة المسجد في الإسلام
مكانة المسجد في الإسلام
يا ربنا لك الحمد، ملءَ السماوات والأرض، وملءَ ما بينهما وملءَ ما شئت من شيءٍ بعد، أهل الثناء والمجد، أحقُّ ما قال العبد، وكلنا لك عبد، لا مانع لما أعطيت، ولا مُعطي لما منعت، ولا ينفع ذا الجد منك الجد. |
الحمد لله الذي أذِن لبيوته أن تُرفع ويُذكر فيها اسمه، الحمد لله الذي جعل بلاد الشام أرض الخير والبركة، عامرةً بالذِكر والإيمان، الحمد لله الذي هيئ للمساجد رجالاً يُسبِّحون الله بالغدو والآصال، الحمد لله عليه أن يكرمهم، وحَقٌّ على المَزُورِ أنْ يُكْرِمَ الزائِرَ، والصلاة والسلام على نبينا القائل: |
{ أنَّ عُثْمَانَ بنَ عَفَّانَ، أرَادَ بنَاءَ المَسْجِدِ، فَكَرِهَ النَّاسُ ذلكَ، فأحَبُّوا أنْ يَدَعَهُ علَى هَيْئَتِهِ، فَقالَ: سَمِعْتُ رَسولَ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عليه وسلَّمَ يقولُ: مَن بَنَى مَسْجِدًا لِلَّهِ بَنَى اللَّهُ له في الجَنَّةِ مِثْلَهُ }
(صحيح مسلم)
المسجد والمدرسة هُما عماد المجتمع وعماد نهضته:
أيُّها الإخوة الأحباب: لقد أسَّس النبي صلى الله عليه وسلم في مكَّة المُكرَّمة، أول ما أسَّس المدرسة، دار الأرقم، وأسَّس في المدينة بعد هجرته إليها، أول ما أسَّس المسجد، مسجد قباء، ليوصل رسالةً إلى العالم كله، أنَّ المسجد والمدرسة هُما عماد المجتمع، وعماد نهضته. |
كانت دار الأرقم داراً صغيرةً متواضعة، لم يكن فيها أجهزة اتصالات، إلا ما كان فيها من عظيم الاتصال بين التلاميذ وخالقهم، ولم يكن فيها أجهزة تكييف، إلا ما كان من حسن العلاقة بالمُعلِّم الأول صلى الله عليه وسلم، كانت دار الأرقم قريبةً من الصفا، مُطلةً على بيت الله الحرام، قُربها من الصفا يعني أنَّ رسالتها، ألا يضعون لكل مُنشأةٍ رسالةً ورؤية؟ دار الأرقم رسالتها في قُربها من الصفا، قول هاجَر سيدة اليقين: إذاً لا يُضيِّعنا، لمّا أسكنها إبراهيم عليه وعلى نبينا الصلاة والسلام، بوادٍ غير ذي زرع، عند بيت الله المُحرَّم، التفتت إليه وقالت: "إلى من تتركنا يا إبراهيم في هذا المكان الذي لا نبت فيه ولا شيء، ثم قالت وقد فهمت الرسالة: آلله أمرك بهذا؟ قال نعم، قالت: إذاً لا يُضيِّعنا"، ما دام الله تعالى هو الآمر فهو الحافظ والضامن، ولن يأمرك الله بأمرٍ، إلا وستكون سعادتك فيه في الدنيا والآخرة. |
إذاً رسالة دار الأرقم كانت مستمدةً من الصفا، إذاً لا يُضيِّعنا، وحاشا لله أن يُضيِّع دينه، أو أن يُضيِّع نبيه، أو أن يُضيِّع دعوته، ستّون سنة والحزب البائد يُعلِّم الناس أن يهتفوا بإسمه، ثم انقرض الحزب البائد وبقي الناس يهتفون بإسم الإسلام، ويعمرون مساجد الله بالخير والإيمان، إذاً لا يُضيِّعنا. |
وأمّا رؤية دار الأرقم فكانت مستمدةً من إطلالتها الرائعة، دار الأرقم لم تكن تُطل على جبلٍ أخضر، ولا على بحرٍ رائق، ولا بجوار معلمٍ تاريخي، ولكن أعظم إطلالةٍ لها كانت، أنها تُطل على بيت الله الحرام، وكأن رؤية الدار أننا سنعود إلى بيت الله الحرام، وسنحرره من رجز الأوثان، وسنطوف به طواف الإسلام، وبعد ثلاثٍ وعشرين سنة من تأسيس الدار، تحقَّقت الرسالة، وتحقَّقت الرؤية، وأصبحنا بفضل الله إلى يومنا هذا، نجتمع في بيوت الله ببركة دار الأرقم. |
أسَّس النبي صلى الله عليه وسلم دار الأرقم فماذا خرَّجت؟
إذاً أيُّها الإخوة الأحباب: أسَّس النبي صلى الله عليه وسلم هذه الدار، التي ربَّت تلاميذها على التوحيد، وعلى معرفة الآمر قبل معرفة الأمر، وعلى طاعة الله والتفاني في حُبّه، فماذا خرَّجت دار الأرقم؟ |
في دار الأرقم تخرَّج الخلفاء، أبو بكرٍ وعمر وعثمان وعلي. |
في دار الأرقم تخرَّج الشهداء، جعفر وزيد شهداء مؤتة. |
في دار الأرقم تخرَّج المُمولون للدعوة، عبد الرحمن بن عوف نموذجاً. |
في دار الأرقم تخرَّج جميع المُبشَّرين بالجنَّة، كلهم خرّيجو دار الأرقم. |
في دار الأرقم تخرَّج السفراء، مصعب بن عُمير الذي نشر الإسلام في المدينة، قبل أن يُهاجر إليها رسول الله، تخرَّج في دار الأرقم. |
في دار الأرقم تخرَّج الصابرون الذين نتغنَّى بصبرهم ونطرَب له إلى يومنا هذا، بلال وعمار بن ياسر وخبَّاب بن الأرت. |
وفي دار الأرقم تخرَّج أمين الأمة أبو عبيدة بن الجراح رضي الله عنه وأرضاه. |
هذه مدرسة دار الأرقم، التي نرجو أن تكون مدارسنا الشرعية أولاً، ثم مدارس سورية كلها إن شاء الله، أن تكون كدار الأرقم، تُعلِّم الناس التوحيد والعبادة على النحو الذي يُرضي الله تعالى. |
ثم لمّا هاجر إلى المدينة، كان أول ما فعله أن أسَّس المسجد، أقام بيوت الله وأسَّس مسجد قباء، في رسالةٍ مفادها، أنَّ المسجد ليس مكاناً للصلاة فقط، على عظم الصلاة، لا بُدَّ أن يُرعى الطفل في المسجد، لا بُدَّ أن يأخذ مكانته في المسجد، أن يُرحَب به، لا بُدَّ أن يشعر أنَّ المسجد هو بيته الثاني، بل بيته الأول. |
من تكامل دَور المسجد مع المدرسة تنهض مجتمعاتنا:
أيُّها الإخوة الأحباب: من تكامل دَور المسجد مع المدرسة، كما في هذا البناء الطيِّب، الذي نجتمع فيه اليوم، جزى الله القائمين عليه كل خير، من تكامل دَور المسجد مع المدرسة، تنهض مجتمعاتنا، فالتربية أيُّها الكرام، تحتاج أربع ميمات، الميم الأولى وهي الأصل ميم المنزل، والثانية ميم المسجد، والثالثة ميم المدرسة، والرابعة ميم المجتمع، فإذا تكاملت هذه الميمات الأربعة، كنّا في حالٍ غير الحال التي عليها كثيرٌ من المسلمين اليوم، واليوم وبفضل الله تعالى، بعد الفتح المُبين والنصر العظيم، أصبحنا نملِك من ميم المسجد وميم المدرسة، أكثر مما كنّا نملِك، ولله الحمد والمِنَّة، فلأن أحسنَّا استثمار المسجد والمدرسة على خطين متوازيين، فسيكون المجتمع بطبيعة الحال، كما يُحب الله تعالى ويرضى. |
أيُّها الإخوة الأحباب: يقول صلى الله عليه وسلم كما في حديث سلمان رضي الله عنه: |
{ مَنْ تَوَضَّأَ في بيتِهِ فَأَحْسَنَ الوَضوءَ ثمَّ أَتَى المسجِدَ فهو زَائِرُ اللهِ وحَقٌّ على المَزُورِ أنْ يُكْرِمَ الزائِرَ }
(الهيثمي مجمع الزوائد)
لو جاءك زائرٌ إلى بيتك ألا تُكرمه؟ ألا تتفنَّن في عطائه؟ ألا تُهيئ له ضيافةً؟ ألا تُجلسه في صدر بيتك وتُحضِّر له مُتّكأً؟ بما يُكرم الله زائريه؟ يُكرمهم بالسكينة التي يسعدون بها، ولو فقدوا كل شيء، ويشقون بفقدها ولو ملكوا كل شيء، يكرمهم بالأُنس به، وبالقرب منه، فيُصبح لسان حال المُصلّي في بيت الله: يا رب ماذا فقد من وجدك، وماذا وجد من فقدك. |
من فاته منك وصلٌ حظه النـدمُ ومـن تكـن همه تسمو به الهممُ وناظرٌ في سوى معناك حُق لـه يقتص من جفنه بالدمع وهو دمُ في كل جارحـةٍ عيـنٌ أراك بهــا منّي وفـي كـل عـضوٍ بالثناء فـمُ فـإن تكلـمـت لـم أنـطق بـغيـركـم وإن كتـمـت فشغـلـي عنكـم بـكـمُ أخذتـم الـروح منّي فـي ملاطفـةٍ فـلست أعرف غيراً مذ عرفتكـمُ تـركـت كـل طـريـقٍ فـي محـبتكـم إلا طـريـقــاً تـوديـنـي لـربـعــكــمُ{ علي وفا }
ذِكر المساجد في كتاب الله ارتبط بذِكر الرجال الذين يعمرون هذه المساجد:
أيُّها الإخوة الكرام: في كتاب الله تعالى ثلاث آياتٍ تحدثت عن المساجد: |
الأولى: |
فِي بُيُوتٍ أَذِنَ اللَّهُ أَن تُرْفَعَ وَيُذْكَرَ فِيهَا اسْمُهُ يُسَبِّحُ لَهُ فِيهَا بِالْغُدُوِّ وَالْآصَالِ (36) رِجَالٌ لَّا تُلْهِيهِمْ تِجَارَةٌ وَلَا بَيْعٌ عَن ذِكْرِ اللَّهِ وَإِقَامِ الصَّلَاةِ وَإِيتَاءِ الزَّكَاةِ ۙ يَخَافُونَ يَوْمًا تَتَقَلَّبُ فِيهِ الْقُلُوبُ وَالْأَبْصَارُ(37)(سورة النور)
والآية الثانية: |
لَا تَقُمْ فِيهِ أَبَدًا ۚ لَّمَسْجِدٌ أُسِّسَ عَلَى التَّقْوَىٰ مِنْ أَوَّلِ يَوْمٍ أَحَقُّ أَن تَقُومَ فِيهِ ۚ فِيهِ رِجَالٌ يُحِبُّونَ أَن يَتَطَهَّرُوا ۚ وَاللَّهُ يُحِبُّ الْمُطَّهِّرِينَ(108)(سورة التوبة)
والثالثة: |
إِنَّمَا يَعْمُرُ مَسَاجِدَ اللَّهِ مَنْ آمَنَ بِاللَّهِ وَالْيَوْمِ الْآخِرِ وَأَقَامَ الصَّلَاةَ وَآتَى الزَّكَاةَ وَلَمْ يَخْشَ إِلَّا اللَّهَ ۖ فَعَسَىٰ أُولَٰئِكَ أَن يَكُونُوا مِنَ الْمُهْتَدِينَ(18)(سورة التوبة)
وإذا قرأنا الآيات الثلاثة، وأمعنَّا النظر فيها، وجدنا أنًّ ذِكر المساجد في كتاب الله، ارتبط بذِكر الرجال الذين يعمرون هذه المساجد، فالبناء للإنسان قبل أن يكون للبُنيان، ارتبط ذِكر المساجد بالرجال، والرجولة لا تعني الذكورة، فكم من ذَكَرٍ لكنه ليس برجُل، الرجولة مفهومٌ قرآني يعني البطولة، ولو كانت مَن تعمُر المسجد امرأةٌ، ولو كانت مَن تقوم على المدرسةِ امرأةٌ تُربّي البنات، فالرجولة في القرآن لا تعني الذكورة، ولكنها تعني البطولة في أخذ الأمر |
يَا يَحْيَىٰ خُذِ الْكِتَابَ بِقُوَّةٍ ۖ وَآتَيْنَاهُ الْحُكْمَ صَبِيًّا(12)(سورة مريم)
الرجال هم أولئك الثابتون على الحق، العامرون ببيوت الله، المُجاهدون في سبيله. |
لا بُدَّ أن نُعيد للمسجد رسالته وللمدرسة رسالتها:
أيُّها الإخوة: عَودٌ على بدء، لا بُدَّ أن نُعيد للمسجد رسالته، وللمدرسة رسالتها، التي حرصت أنظمة البغي والطغيان في كل العالم، على طمس معالمها، واستبدالها بمناهجٍ علمانية لا تمُتُّ للإسلام بصلة. |
قال أحد مُنظّري الأحزاب، البعيدة عن الدين بُعد الأرض عن السماء، قال يوماً: اعطوني منابر الجمعة لسنةٍ واحدة، لأجعل الناس شيوعيين، صدق وهو كذوب، خابَ وخسئ، لن يكون في بلادنا منابرٌ إلا لأهل الحق والصلاح إن شاء الله، لكن كلامه فيه من الصدق ما فيه، فمنابر الجمعة عندما تأخذ دورها في بث الوعي والفكر الصحيح الشرعي، الذي تستقيم به حياة الناس وآخرتهم، سنكون في غير هذه الحال. |
لمصلحة مَن يُجعل القائمون على المساجد، والمُعلِّمون في المدارس، أفقر الناس؟ لمصلحة مَن يُعطى المُعلِّم في المدرسة راتباً لا يكاد يكفيه أياماً؟! لمصلحة مَن يتولَّى التعليم كثيرٌ من الفاشلين الذين يحتاجون إلى تأهيلٍ قبل أن يدخلوا إلى الصفوف؟ لمصلحة مَن يُنال من هيبة إمام المسجد ومُعلِّم المدرسة في الإعلام المعاصر؟ لمصلحة مَن يوظَّف بعض أصحاب العمائم ممن لا يمتّون إلى العِلم بصلة؟ للوقوف في صف الظالمين والطغاة، ثم يُشار إليهم بالبنان، على أنهم يُمثِّلون الدين، والدين منهم براء، لمصلحة مَن يجري ذلك؟ |
يجب أن يكون على رأس الأولويات حفظ مكانة المُربّي والمُعلِّم حتى يأخذ دوره في بناء المُجتمع:
أيُّها الإخوة الكرام: أليس في ذلك كله، إسقاطٌ لرمزية الإمام والخطيب والمُدرِّس؟! في سورية الجديدة، يجب أن يكون على رأس الأولويات، حفظ مكانة المُربّي والمُعلِّم، حتى يأخذ دوره في بناء المُجتمع والنهضة به، وما لم نُحقِّق للمُربّي وللمُعلِّم مكانتهما التي تليق بهما، فلن يكون هناك نهضةٌ في المُجتمع. |
ونحن إن شاء الله متفائلون، بأنَّ العهد الجديد سيكون إن شاء الله، عهد تربيةٍ وتعليم، فالقائمون على بلادنا، نحسبهم ولا نزكِّيهم على الله، يريدون أن ينتشر العِلم النافع، وأن تأخذ المساجد دورها من جديد، وأن تُعيد لأمتنا نهضتها المفقودة، وأن تكون المدارس شُعلةً من نورٍ، تُضيء للأجيال القادمة، حتى إذا انقضت ربما عشرات السنوات، أو سنواتٌ قليلة، وجدنا جيلاً مؤمناً بالله تعالى، مؤمناً بعدالة قضيتنا، التي هي قضية الإسلام، ونكون في حالٍ غير هذه الحال، ووالله إنّي لأرى أنَّ بشائر الخير والنصر قد اقتربت، وأنَّ الموعد قريب إن شاء الله، لنصرة المستضعفين في العالم كله، فالله تعالى يُدبِّر ويُهيئ، ونحن ربما في بعض الأحيان، لا نكون واعين لما يجري حولنا، فنحن في سفينةٍ كبيرة، يقودها المولى جلَّ جلاله، ونحن على ظهرها، لكن الله تعالى لن يُرسلها إلا إلى بر الأمان، وإلى شاطئ الخير. |
أيُّها الإخوة الأحباب: |
حاسبوا أنفسكم قبل أن تُحاسبوا، وزِنوا أعمالكم قبل أن تُوزن عليكم، واعلموا أنَّ مَلَك الموت قد تخطَّانا إلى غيرنا وسيتخطَّى غيرنا إلينا فلنتخذ حذرنا، الكيِّس من دان نفسه وعمل لِمَا بعد الموت، والعاجز من أتبع نفسه هواها وتمنّى على الله الأماني، وأستغفر الله. |
الحمد لله ربِّ العالمين وأشهد أن لا إله إلا الله وليُّ الصالحين، اللهم صلِّ وسلم وبارك على سيدنا محمدٍ وعلى آل سيدنا محمد، كما صليت على سيدنا إبراهيم وعلى آل سيدنا إبراهيم، وبارك على سيدنا محمدٍ وعلى آل سيدنا محمد، كما باركت على سيدنا إبراهيم وعلى آل سيدنا إبراهيم في العالمين إنك حميدٌ مجيد. |
زكاة الفطر وجوبها ووقت إخراجها:
أيُّها الإخوة الأحباب: |
{ عن ابن عباسٍ رضي الله عنهما قال: فرض رسول الله صلى الله عليه وسلم زكاة الفطر طُهرةً للصائم من اللغو والرفث، وطعمةً للمساكين، من أداها قبل الصلاة، فهي زكاة مقبولة، ومن أدّاها بعد الصلاة، فهي صدقةٌ من الصدقات }
(رواه أبو داوود وابن ماجه)
(قبل الصلاة) أي قبل صلاة العيد، وقد قيل: زكاة الفطر لشهر رمضان كسجدتَي السهو للصلاة، تُجبِر نقصان الصوم، كما يُجبِر السجود نقصان الصلاة، كيف إذا أنك في الصلاة، أنقصت واجباً من واجباتها، فإنك تسجُد للسهوِ لتجبُر النقص في الصلاة، وفي الصوم هناك نقصٌ عندنا كلنا، نسأل الله أن يغفر لنا ويتجاوز عنّا، هنا لغوٌ وهناك رفثٌ، وهناك كلمة ونظرة، إلى آخره... |
فتأتي زكاة الفطر فتُطهِّر الصائم وتُطعِم المسكين، وزكاة الفطر فرضٌ بالإجماع، فاحرِصوا إخواني على أن لا تنسوا إخراجها قبل صلاة العيد، تجب وقت وجوبها، عند غروب شمس آخر يومٍ من أيام رمضان، ويمكن أن تُخرَج قبل يومٍ أو يومين، يُمكن أن نُخرجها الآن لمن لم يُخرجها بعد. |
على مَن تجب زكاة الفطر وما قيمة إخراجها:
وتجب على كل مسلم، فرض رسول الله صلى الله عليه وسلم زكاة الفطر، صاعاً من تمرٍ، أو صاعاً من شعيرٍ، على العبد والحُر، والذَكر والأنثى، والصغير والكبير، من المسلمين، فتجب على كل مسلمٍ حيٍّ موجودٍ في غروب شمس آخر يوم من أيام رمضان، ويُخرجها عن نفسه وعن مَن يُنفِق عليهم، إذا لم يُخرجها من يُنفِق عليهم، الأب عن أولاده وزوجته، تقيم معه عمَّته في البيت، يرعاها، فيُخرِج عنها، والده والدته معه في البيت، يُخرِج عنهم، عنه وعن مَن يُنفِق عليهم، وتُخرَج من غالب قوت البلد، يعني الموجود، أي طعام، تُحضِّر وجبات أرز ولحم، أرز عدس حمُّص إلى آخره... |
وأجاز الحنفية ومَن وافقهم من أهل العِلم، إخراج قيمتها نقداً، أي أن تدفع المال بدل الطعام، إذا كان في ذلك مصلحةٌ للفقير، وقد قدَّرت وزارة الأوقاف مشكورةً، قيمتها هذا العام بخمسة عشر ألف ليرةٍ سورية للفرد الواحد في الحد الأدنى، أي خمسة عشر ألف للفقير الذي لا يملِك، وأمّا الذي لا يملكها فلا شيء عليه، أي لو أنَّ إنساناً غرب عليه شمس آخر يومٍ من أيام رمضان، ولا يملِك إلا قوته وقوت عياله، ليس معه فائض، فتسقط عنه زكاة الفطر، كل عامٍ وأنتم بخير، تقبَّل الله منّا ومنكم الصيام والقيام. |
الدعاء:
اللهم اغفر للمسلمين والمسلمات، الأحياء منهم والأموات، إنك يا مولانا سميعٌ قريبٌ مجيبٌ للدعوات. |
اللهم برحمتك عُمَّنا، واكفنا اللهم شرَّ ما أهمنا وأغمَّنا، وعلى الإيمان الكامل والكتاب والسُنَّة توفَّنا، نلقاك وأنت راضٍ عنّا، لا إله إلا أنت سبحانك إنَّا كنّا من الظالمين، وأنت أرحم الراحمين. |
وارزقنا اللهم حُسن الخاتمة، واجعل أسعد أيامنا يوم نلقاك وأنت راضٍ عنّا، أنت حسبنا عليك اتكالنا. |
اللهم يا أرحم الراحمين، اغفر وارحم لمن كان هذا المسجد في صحيفته، وعلى نيِّته. |
اللهم أعظم له الأجر واغفر له وارحمه يا أرحم الراحمين، واجعلهما الآن في برزخهما في أسعد أيام حياتهما، وهُما ينعُمان بالقُرب منك، واجعل هذا المسجد وتلك المدرسة، أجراً عظيماً في صحيفة أعمالهما، يجدانه يوم القيامة كجبل أُحُد، واغفر وارحم لكل من ساهم في إنشائه، وفي إعماره، وفي عمل خيرٍ فيه، من الإخوة والأخوات يا أرحم الراحمين. |
اللهم أهلنا في غزَّة اللهم أهلنا في فلسطين، قد استودعناهم عندك يا كريم. |
اللهم كُن لهم عوناً ومعيناً وناصراً وحافظاً ومؤيداً وأميناً. |
اللهم إنهم في حالٍ لا يعلمها إلا أنت، ولا يُشكى حالهم إلا إليك، فنسألك يا أرحم الراحمين أن تربط على قلوبهم، وأن تُثبِّت أقدامهم، وأن تُهلِك عدوُّهم. |
اللهم إن الصهاينة يقولون: من أشدّ منّا قوة، وقد غاب عنهم أنك أشدّ منهم قوة، فيا أرحم الراحمين يا أكرم الأكرمين، اجعل تدميرهم في تدبيرهم، واجعل دائرة السوء تدور عليهم، وارزقنا يا الله زيارةً في المسجد الأقصى، مُحرراً قبل الممات، وصلاةً على أعتابه وفي جنباته يا أكرم الأكرمين. |
اللهم اجعل هذه البلاد بلاد خيرٍ وأمنٍ وبركة، وفِّق القائمين عليها لما فيه مرضاتك، والعمل بكتابك وبسُنَّة نبيّك صلى الله عليه وسلم. |
اللهم ولّي علينا خيارنا ولا تولّي علينا شرارنا، واجعلنا يا أكرم الأكرمين عندك في أعلى عليّين من المقبولين. |
تقبل منّا رمضان، تسلّمه منّا يا أرحم الراحمين مقبولاً، وتجاوز عن إساءتنا وتقصيرنا فيه يا أكرم الأكرمين، وأعِنّا على ذِكرك وشكرك وحُسن عبادتك، والحمد لله ربّ العالمين. |