سياسة الله مع خلقه

  • اللقاء الخامس من تفسير سورة الأنعام - شرح الآيات 36 -45
  • 2022-12-17

سياسة الله مع خلقه

السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، بسم الله الرحمن الرحيم، الحمدُ لله رب العالمين والصلاة والسلام على سيّدنا محمدٍ وعلى آله وأصحابه أجمعين، اللهم علّمنا ما ينفعنا وانفعنا بما علّمتنا وزدنا عِلماً وعملاً مُتقبلاً يا رب العالمين وبعد:
فهذا هو اللقاء الخامس من لقاءات سورة الأنعام ومع الآية السادسة والثلاثين من السورة وهي قوله تعالى:

إِنَّمَا يَسْتَجِيبُ الَّذِينَ يَسْمَعُونَ وَالْمَوْتَىٰ يَبْعَثُهُمُ اللَّهُ ثُمَّ إِلَيْهِ يُرْجَعُونَ (36)
(سورة الأنعام)


السمع والاستجابة:
إنما أداة حصرٍ وقصر، إنما يستجيب الذين يسمعون، السمع والاستجابة مُرتبطان ارتباطاً واضحاً، فالذي سمع استجاب، والذي استجاب فقد سمع، إنما يستجيب الذين يسمعون ويمكن أن نقول أيضاً، إنما سمع حقاً الذين يستجيبون.

يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اسْتَجِيبُوا لِلَّهِ وَلِلرَّسُولِ إِذَا دَعَاكُمْ لِمَا يُحْيِيكُمْ وَاعْلَمُوا أَنَّ اللَّهَ يَحُولُ بَيْنَ الْمَرْءِ وَقَلْبِهِ وَأَنَّهُ إِلَيْهِ تُحْشَرُونَ (24)
(سورة الأنفال)

فإن لم يستجيبوا فكأنهم ما سمعوا، قال تعالى:

وَلَا تَكُونُوا كَالَّذِينَ قَالُوا سَمِعْنَا وَهُمْ لَا يَسْمَعُونَ (21)
(سورة الأنفال)

السمع يقتضي استجابة
أنت إذا قلت لابنك قُم فصلِّ بعد دقائق لم يقم، تقول له: ألم تسمعني؟ هو سمعك دخل الكلام عبر الهواء على شكل أمواج دخل ولامسَ الغشاء في أُذنه ودخل إلى دماغه، لكن كونه لم يقم إلى الصلاة فتستنكر عليه تقول ألم تسمعني؟ لأن السمع يقتضي استجابة، فهؤلاء المشركون لا يستجيبون إذاً هم ما سمعوا فقال تعالى: (إِنَّمَا يَسْتَجِيبُ الَّذِينَ يَسْمَعُونَ وَالْمَوْتَىٰ يَبْعَثُهُمُ اللَّهُ ثُمَّ إِلَيْهِ يُرْجَعُونَ) الموتى هنا هم المُشركون شبّه حالهم بالموتى، لأنَّ الميت إن كلّمته لا يُجيبك لأنه ما سمع فلا يستجيب، فلو جئت إلى إنسانٍ ميت فقلت له: قُم فاعمل الصالحات لا يستطيع أن يقوم، ولو قلت له قُم فصلِّ لا يقوم، ولو قلت له قُم إلى عملك لا يقوم فهو ميت، وحال هؤلاء لمّا سمعوا الحق فأعرضوا عنه وما استجابوا له كحال الموتى، قال تعالى:

أَمْوَاتٌ غَيْرُ أَحْيَاءٍ وَمَا يَشْعُرُونَ أَيَّانَ يُبْعَثُونَ (21)
(سورة النحل)

هو بمقاييس الطب حيّ لأنَّ قلبه ينبض، ولأنَّ ضغطه طبيعي، ولأنَّ أجهزته تعمل بانتظام لا يوجد موت قلبي ولا موت دماغي فهو في عُرف الأطباء حيّ، لكن عند الله تعالى ميت، لأنه لا يستجيب لِما يدعوه إلى الحياة، (أَمْوَاتٌ غَيْرُ أَحْيَاءٍ )، هكذا وصفهم الله تعالى، فقال: (وَالْمَوْتَىٰ يَبْعَثُهُمُ اللَّهُ ثُمَّ إِلَيْهِ يُرْجَعُونَ).

علامة الحياة الاستجابة لأوامر الله ورسوله:
الحيُّ من يستجيب لله ولرسولِه
فهؤلاء أموات لأنهم لم يستجيبوا لِما يُحييهم، الآن تابع الآية والموتى هؤلاء المشركون الذين يشبه حالهم حال الموتى هم في غيّهم يعمهون، يوم القيامة يبعثهم الله تعالى إليه ليُحاسبهم على أعمالهم وعلى عدم استجابتهم لمنهج ربهم، (وَالْمَوْتَىٰ يَبْعَثُهُمُ اللَّهُ ثُمَّ إِلَيْهِ يُرْجَعُونَ )، فالناس جميعاً عند الله تعالى إما حيٌّ وإما ميت، الحيُّ من يستجيب لله ولرسولِه، والميْت أو الميّت كلاهما صحيح قالوا الميّت هو الذي سيموت، قال تعالى:

إِنَّكَ مَيِّتٌ وَإِنَّهُم مَّيِّتُونَ (30)
(سورة الزمر)

أي ستموت وسيموتون، والميْت قال: "ما لجرحٍ لميتٍ إيلامُ" فقد أصبح جُثةً هامدة، فالميت والحي، الحي يستجيب والميت لا يستجيب، فعلامة الحياة هي الاستجابة لأمر الله ورسوله، لذلك المؤمنون أحياء وحتى بعد الموت قال تعالى:

وَلَا تَحْسَبَنَّ الَّذِينَ قُتِلُوا فِي سَبِيلِ اللَّهِ أَمْوَاتًا ۚ بَلْ أَحْيَاءٌ عِندَ رَبِّهِمْ يُرْزَقُونَ (169)
(سورة آل عمران)

أما البعيد عن الله تعالى فما وصفه الله تعالى بالحياة أبداً وإنما قال:

وَمَنْ أَعْرَضَ عَن ذِكْرِي فَإِنَّ لَهُ مَعِيشَةً ضَنكاً وَنَحْشُرُهُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ أَعْمَىٰ (124)
(سورة طه)

يعيش لكنه لا يحيا، لأنّ الحياة حياة القلوب و حياة القلوب لا تكون إلا بذكر الله.

الَّذِينَ آمَنُوا وَتَطْمَئِنُّ قُلُوبُهُم بِذِكْرِ اللَّهِ أَلَا بِذِكْرِ اللَّهِ تَطْمَئِنُّ الْقُلُوبُ (28)
(سورة الرعد)

وقالوا هؤلاء الموتى، هؤلاء المُعرِضون، هؤلاء المُشركون.

وَقَالُوا لَوْلَا نُزِّلَ عَلَيْهِ آيَةٌ مِّن رَّبِّهِ قُلْ إِنَّ اللَّهَ قَادِرٌ عَلَىٰ أَن يُنَزِّلَ آيَةً وَلَٰكِنَّ أَكْثَرَهُمْ لَا يَعْلَمُونَ (37)
(سورة الأنعام)


لكل نبي آيةٌ دالة على صدقه:
هذه "لولا" يعني هلّا للتحضيض يعني نحضُّ على ذلك، (لَوْلَا نُزِّلَ عَلَيْهِ آيَةٌ مِّن رَّبِّهِ) الآية في الأصل في اللغة هي العلامة، ومعنى الآية هنا العلامة الدالة على صدق الرسول، فموسى عليه السلام كان من آياته الدالة على صدقه أنه

وَأَوْحَيْنَا إِلَىٰ مُوسَىٰ أَنْ أَلْقِ عَصَاكَ ۖ فَإِذَا هِيَ تَلْقَفُ مَا يَأْفِكُونَ (117)
(سورة الأعراف)

وعيسى عليه السلام كان من آياته الدالة على صدقه أنه كان يُحيي الموتى ويُبرأ الأكمه والأبرص، وإبراهيم عليه السلام كان من آياته الدالة على صدق نبوته أنه أُدخل في النار فلم تُحرقه، فهي آياتٌ تدل على صدق النبي، النبي صلى الله عليه وسلم أعظم آيةٍ جاء بها هي كتاب الله تعالى، كلام الله الذي حفِظه الله تعالى، فمعجزته الرئيسية هي القرآن الكريم وإن كان هناك بعض المُعجزات الحسيَّة كالإسراء والمعراج، تكثير الطعام القليل، هذه مُعجزات حسيّة موجودة، لكن الأصل أنها معجزةٌ خالدة إلى قيام الساعة وهي القرآن الكريم، وهؤلاء لأنهم من عالم الشهادة يريدون آيةً يريدون شيئاً خارقاً للعادات (وَقَالُوا لَوْلَا نُزِّلَ عَلَيْهِ مِّن رَّبِّهِ) يا ترى هل كان طلبهم هذا هو رغبةً منهم في الإيمان؟ يعني عندهم نقص في المعلومات فيريدون آيةً حتى يؤمنوا؟ لا، والله تعالى يعلم ذلك، لذلك قال:( قُلْ إِنَّ اللَّهَ قَادِرٌ عَلَىٰ أَن يُنَزِّلَ آيَةً وَلَٰكِنَّ أَكْثَرَهُمْ لَا يَعْلَمُونَ).

الله تعالى قادر تعلقت قدرته بكل مُمكن:
الله تعالى هو خالق العادات والقوانين
القدرة موجودة لأن الله تعالى هو خالق العادات والقوانين فمتى شاء جلَّ جلاله خرق العادة وخرق القانون، فمن الذي جعل المعادن تتمدد بالحرارة؟ خالق الحرارة وخالق المعادن، فهو الذي ربط بينهما ولو شاء أن يُلغي هذا القانون لألغاه، من الذي خلق النار وخلق أعصاب الحس في الجلد وجعل الجلد إذا تعرض للنار يُحرق؟ الله، فإذا شاء أن يُعطل هذه العلاقة النار لا تُحرِق، من الذي جعل هذه السكيّنة الحادة إذا وضعت وغُرزت في جسم نزل الدم وذبحت المكان؟ الله، لكنه لما أراد أن لا تذبح إسماعيل ما فعلت فعلها، فقال:( قُلْ إِنَّ اللَّهَ قَادِرٌ عَلَىٰ أَن يُنَزِّلَ آيَةً)، لأنَّ الآية هي من عند الله خرقٌ للقانون الذي خلقه الله تعالى فهو قادر على ذلك.
يعني لو سأل طالب مثلاً في المدرسة الحصة الأولى انتهت قال المدير هل هو قادر على أن يُنهي الدوام الآن ويفتح أبواب المدرسة ويُخرج الطلاب؟ نعم قادر، هو مالك المدرسة والأمر بيده، ولله المثل الأعلى، لكنه لا يريد أن يفعل ذلك، لأن الأمر الآن غير صحيح الدوام ينبغي أن ينتهي بوقته المحدد هو كقدرة قادر، لكن ما كل شيء يقدر عليه الإنسان يفعله حتى الإنسان، يعني مثلاً لو قال شخص رجل عنده طفل عمره أيام هل أنت قادر على أن تُلقيه من النافذة؟! طبعاً قادر لكن هل يفعلها؟! لا لأنّ هذا الأمر غير صحيح، فالله تعالى من حيث القدرة جلَّ جلاله هو على كل شيءٍ قدير من حيث القدرة قدير، تعلَّقت قدرته بكل مُمكن، كل شيء مُمكن تعلَّقت قدرته به فهولا يُعجزه شيء في الأرض ولا في السماء ، لكن الله تعالى يفعل أو لا يفعل هذا مبني على الحكمة وليس على القدرة، فأنت إذا قلت له: يا رب أريد الآن مائة مليون قادر أن يُعطيك؟ قادر، يفعلها أم لا يفعلها؟ هذا مُتعلِّق بحكمته وليس بقدرته فقال: ( قُلْ إِنَّ اللَّهَ قَادِرٌ عَلَىٰ أَن يُنَزِّلَ آيَةً)، وقد ذكر في آيات أُخرى لماذا لم يُنزّل الآية، فقال تعالى:

وَمَا مَنَعَنَا أَن نُّرْسِلَ بِالْآيَاتِ إِلَّا أَن كَذَّبَ بِهَا الْأَوَّلُونَ وَآتَيْنَا ثَمُودَ النَّاقَةَ مُبْصِرَةً فَظَلَمُوا بِهَا وَمَا نُرْسِلُ بِالْآيَاتِ إِلَّا تَخْوِيفاً (59)
(سورة الإسراء)

جاءت الآيات لقوم موسى وكذّبوا بها، وجاءت لقوم عيسى وكذّب بها كثير، وجاءت وجاءت وكذّبوا بها، إذاً الآيات كذّب بها الأولون، إذاً الآيات ليست العبرة فيها لكن المشكلة الآية عندما تُنزّل فإن الله يُعاجل بعدها بالعقوبة، فالله تعالى يريد أن يُمهلهم لعلهم يرجعون دون أن تنزل آيةٌ خارقةٌ للعادة ثم يُكذّبون بها فيستحقون المعاجلة بالعقوبة فوراً، فهي حكمةٌ منه جلَّ جلاله فقال: (قُلْ إِنَّ اللَّهَ قَادِرٌ عَلَىٰ أَن يُنَزِّلَ آيَةً وَلَٰكِنَّ أَكْثَرَهُمْ لَا يَعْلَمُونَ).
والله تعالى كثيراً ما يذّمُ الأكثرية في كتابه لأن الحق لا يتعلَّق بالأكثر وإنما يتعلَّق بالقيم والحقيقة المُطلقة، لا يتعلَّق بالأكثر فانتبه لا تكن مع الأكثر ولكن كن مع الحق ولو كنت وحدك فأنت الأكثر، والأكثرية هي الحق ومهما كثروا هم إذا كانوا لا يعلمون فهم غُثّاءٌ كغُثاء السيل، قال:

وَمَا مِن دَابَّةٍ فِي الْأَرْضِ وَلَا طَائِرٍ يَطِيرُ بِجَنَاحَيْهِ إِلَّا أُمَمٌ أَمْثَالُكُم مَّا فَرَّطْنَا فِي الْكِتَابِ مِن شَيْءٍ ۚ ثُمَّ إِلَىٰ رَبِّهِمْ يُحْشَرُونَ (38)
(سورة الأنعام)


كل ما يدبُّ على الأرض أُممٌ كأُمة البشر:
عندما تقرأ هذه الصيغة في القرآن الكريم، ما من شيء ما من دابّةٍ، ما من خالقٍ إلا، ما من وبعدها نكرة ما من دابةٍ نكرة، هذه يسمونها اللّغويون لاستغراق أفراد النوع، يعني وما من دابةٍ يعني ليس هناك دابةٌ تدبُّ على الأرض، وبالمناسبة البحر من الأرض فما فيه من أسماك وحيتان هي دواب، لما في الحديث الشريف الذي رواه جابر بن عبد الله قال: فخرجت لنا دابّة من البحر تسمى العنبر،

{ غَزَوْنَا جَيْشَ الخَبَطِ، وأُمِّرَ أبُوعُبَيْدَةَ، فَجُعْنَا جُوعًا شَدِيدًا، فألْقَى البَحْرُ حُوتًا مَيِّتًا لَمْ يُرَ مِثْلُهُ، يُقَالُ له العَنْبَرُ، فأكَلْنَا منه نِصْفَ شَهْرٍ، فأخَذَ أبو عُبَيْدَةَ عَظْمًا مِن عِظَامِهِ، فَمَرَّ الرَّاكِبُ تَحْتَهُ. }

(صحيح البخاري)

أيضاً ما في البحر يسمى دابّة، لأنه يدبُّ على الأرض على الكرة الأرضية بمجملها، فالكرة الأرضية بحرٌ ويابسة، فكل ما دبَّ على الكرة الأرضية فهو دابّة، بقي الذي في الهواء قال: (وَمَا مِن دَابَّةٍ فِي الْأَرْضِ وَلَا طَائِرٍ يَطِيرُ بِجَنَاحَيْهِ إِلَّا أُمَمٌ أَمْثَالُكُم).
الطيور والدواب أممٌ تشبه أمة البشر
يعني ليس هناك دابةٌ واحدة ولا طائرٌ واحد في هذه الدنيا إلا هو أمةٌ تشبه أمة البشر، الأمة هي المجموعة من الناس الذين يأمّون مكاناً واحداً فسمّوا أُمّةً، أُمّة العرب أُمّة الغرب أُمّة الإغريق أُمم، والطير أُمّة، والنمل أُمّة، والنحل أُمّة، ولما أراد الله تعالى أن يُبين كيف أن النمل أُمّة أعطى سليمان عليه السلام، فهّمه لغة الطير وفهّمه لغة النمل فسمع النمل:

فَتَبَسَّمَ ضَاحِكًا مِّن قَوْلِهَا وَقَالَ رَبِّ أَوْزِعْنِي أَنْ أَشْكُرَ نِعْمَتَكَ الَّتِي أَنْعَمْتَ عَلَيَّ وَعَلَىٰ وَالِدَيَّ وَأَنْ أَعْمَلَ صَالِحًا تَرْضَاهُ وَأَدْخِلْنِي بِرَحْمَتِكَ فِي عِبَادِكَ الصَّالِحِينَ (19)
(سورة النمل)

قال:

تُسَبِّحُ لَهُ السَّمَاوَاتُ السَّبْعُ وَالْأَرْضُ وَمَن فِيهِنَّ وَإِن مِّن شَيْءٍ إِلَّا يُسَبِّحُ بِحَمْدِهِ وَلَٰكِن لَّا تَفْقَهُونَ تَسْبِيحَهُمْ ۗ إِنَّهُ كَانَ حَلِيماً غَفُوراً (44)
(سورة الإسراء)

فهي أُمم (أُمَمٌ أَمْثَالُكُم) والعلماء اليوم يبحثون دائماً في هذه الآية من غير أن يقرؤوها، يبحثون في أُمّة الطير ويبحثون في هجرة الطيور، ويبحثون في الرسائل التي ترسلها قرون الاستشعار وفي المواد التي توضع إذا صارت معركة، كيف بعض المواد على النحل التي تعطي رسالة لباقي النحل أن تعالوا وادفنوا هذه النحلة، أو كيف يتواصل النحل مع بعضه ويعطي من خلال رسائل معينة مكان الذي وجد فيه الرحيق والبُعد عن المكان وكمّية الرحيق الموجود ليقود النحلات الأُخرى إليه، فيبحثون الآن ويكتشفون كيف تتواصل الحيوانات مع بعضها، ولهم لغات ولهم تواصل هم أُمم ويتزاوجون وينتاسلون، ويتكاثرون، ويشتهون، ويتقاتلون ويتباغضون، ويتحابون، وتعطف الدابّة على وليدها (أُمَمٌ أَمْثَالُكُم ) عندهم ما عندنا سواءٌ من النقاط الإيجابية، أو السلبية، أو الفطرية، أو الغريزية، عندنا نسميها الفطرية وعندهم الغريزية فقال: (وَمَا مِن دَابَّةٍ فِي الْأَرْضِ وَلَا طَائِرٍ يَطِيرُ بِجَنَاحَيْهِ إِلَّا أُمَمٌ أَمْثَالُكُم)، ما علاقة هذه الآية بما قبلها؟ هم طلبوا آية من الرسول (وَقَالُوا لَوْلَا نُزِّلَ عَلَيْهِ آيَةٌ) هذه آيات.

كل ما في الكون يدل على وجود الله:
الكون كما هو يدلُّك على الله
يعني أنت لست بحاجةٍ دائماً لخرق القوانين لتستدل على وجود الله تعالى، الحياة وحدها معجزة، هذه الأُمم التي هي أمثالكم انظروا فيها تكفيكم، كآيات لست بحاجة إلى أن أخرق لك القانون، القانون آية، ثبات القوانين في الأرض هي الآيات، يعني الإنسان مثلاً قال أريد أن أمرض حتى أعلم أنَّ الله موجود يُمرض! لا إذا لم تمرض هذه وحدها آية، وإذا مرضت آية، لكن وجودك على هذا النحو وأنت تمشي على قدميك هذه آية من آيات الله عز وجل، أن الكُلية تعمل فهذه آية، فإذا قال الإنسان أريد أن تتوقف الكُلية حتى أرى آيةً من آيات الله هذا جهل، الكُلية لأنها تعمل بهذا النظام فهي آية، فلست بحاجةٍ إلى أن يختلف نظام الكون من أجل تؤمن، آمِن والكون كما هو يدلُّك على الله، لذلك قال: (وَمَا مِن دَابَّةٍ فِي الْأَرْضِ وَلَا طَائِرٍ يَطِيرُ بِجَنَاحَيْهِ إِلَّا أُمَمٌ أَمْثَالُكُم)، هذه الآيات ألا تنتبهون لها؟ انظر إلى السماء، إلى الطير، انظر إلى الدواب التي في الأرض، انظر إلى الأنعام التي سخرها الله لك، انظر إلى الجمل الذي تركب عليه:

أَفَلَا يَنظُرُونَ إِلَى الْإِبِلِ كَيْفَ خُلِقَتْ (17) وَإِلَى السَّمَاءِ كَيْفَ رُفِعَتْ (18) وَإِلَى الْجِبَالِ كَيْفَ نُصِبَتْ (19) وَإِلَى الْأَرْضِ كَيْفَ سُطِحَتْ (20)
(سورة الغاشية)

يكفيك ما في الكون من آيات، لماذا تطلب خرقاً للمعجزات، وقد قال يوماً الشاعر غنيم:
هَلْ تَطْلُبُونَ مِنَ الْمُخْتَارِ مُعْجِزَةً يَكْفِيهِ شَعْبٌ مِنَ الأَجْدَاثِ أَحْيَاهُ
{ محمود غنيم }
فالمعجزة أحياناً تكون في الوضع الطبيعي، لكن عندما تنظر إليه بعينٍ صحيحة تستنج منه وتصل منه إلى العبرة.
( وَلَا طَائِرٍ يَطِيرُ بِجَنَاحَيْهِ) لماذا ولا طائر يطير بجناحيه؟ يعني الطائر يطير بجناحيه، وهنا يوجد ملاحظتان: الأولى لنفي المجاز، فأنت قد تقول مثلاً طرت إلى فلان مسرعاً وأنت لست طائر، فيمكن أن يؤخذ الطيران على وجه المجاز للسرعة، يقول لك تعال إليّ طائراً طيران يعني بسرعة، وأنت لست طائراً! فلمّا قال يطير بجناحيه نفى المجاز وأن الكلام هنا على حقيقته وهو الطير الذي تنظر إليه في السماء، والأمر الثاني أنَّ الإشارة هنا إلى أن الأساس في طيران الطائر هو ذلك التوازن بين الجناحين الذين يطير بهما، فلو لم يكن له جناحان لما طار، وما الطائرة التي اختُرِعت إلا تقليدٌ للطائر فلها جناحان تطير بهما،(وَلَا طَائِرٍ يَطِيرُ بِجَنَاحَيْهِ إِلَّا أُمَمٌ أَمْثَالُكُم مَّا فَرَّطْنَا فِي الْكِتَابِ مِن شَيْءٍ) يعني الكتاب فيه كل شيء، ما هو الكتاب؟ قال البعض اللوح المحفوظ و قال بعضهم كتاب الله تعالى، من قال اللوح المحفوظ فهو كل شيء مسجل بقدر عند الله عز وجل، ومن قالوا القرآن الكريم فقد يُعترض على ذلك أنَّ القرآن الكريم لم يحوي مثلاً كل شيء بمعنى استغراق الأفراد، يعني لو سأل إنسان عن دقائق الفيزياء هل يجدها في كتاب الله؟ لا، الذين قالوا ما فرطّنا في الكتاب أي القرآن قالوا: ما فرطّنا في الكتاب مما يُسعد الناس ويدلهم على الله من شيء، يعني الكتاب كافٍ مع ما جاء في سنة رسول الله صلى الله عليه وسلم قال تعالى:

بِالْبَيِّنَاتِ وَالزُّبُرِ وَأَنزَلْنَا إِلَيْكَ الذِّكْرَ لِتُبَيِّنَ لِلنَّاسِ مَا نُزِّلَ إِلَيْهِمْ وَلَعَلَّهُمْ يَتَفَكَّرُونَ (44)
(سورة النحل)


تزيين الشيطان السوء للإنسان:
مقياس الأفعال هو شرع الله تعالى
الشيطان أحبابنا الكرام يُزين للإنسان سوء عمله، يُزينه له فيراه حسناً، فيكون يرتشي والشيطان يقول له هذا قمة الذكاء أن تستطيع أن تجمع المال بأسرع وقت ممكن، لأنك غداً ستُحال للتقاعد ويذهب كل هذا المنصب، فربما تجلس سنة أو سنتين فاجمع بأسرع وقت أكبر قدر ممكن، وقد يكون مُنافقاً فيُزين له عمله ويقول له: هذه لباقة أنك تستطيع أن تُرضي جميع الناس وتساير جميع الناس، ليس باب المجاملة الذي فيه خيار شرعي، وإنما النفاق الحقيقي الذي يُساير الناس في معاصيهم ويوافقهم على معاصيهم هذا ما اقصده، وإذا المرأة تفلتت من منهج الله وخرجت بأبهى زينة تفتن الشباب يعني قال لها شيطانها هذا تحضّرٌ وتمدّنٌ ومواكبةٌ للحداثة والتطور، وبعدٌ عن الرجعية والتخلف، يُزين الشيطان للإنسان عمله فيراه حسناً وهو غير ذلك، لذلك لا يمكن أن تجد مقياساً تقيس به أفعالك إلا شرع الله تعالى، أما من قال الحسن ما حسّنه العقل والقبيح ما قبّحه العقل فهذا بعيدٌ كل البُعد عن الحق لأنَّ العقل يختلف من إنسانٍ إلى آخر يتأثر بالبيئات، يتأثر بالظروف فقد يجد العقل شيئاً حسناً وهو سيء، ومن قال الحسن ما حسّنته الأعراف والقبيح ما قبّحته الأعراف هؤلاء قالوا:

بَلْ قَالُوا إِنَّا وَجَدْنَا آبَاءَنَا عَلَىٰ أُمَّةٍ وَإِنَّا عَلَىٰ آثَارِهِم مُّهْتَدُونَ (22)
(سورة الزخرف)

فكانت أعرافهم تقتضي أن يعبدوا أصنامهم، وهناك اليوم من الأعراف ما يقتضي أن تقام الأفراح مُختلطةً بين الرجال والنساء بحيث ينظر الرجال إلى عورات النساء وهن في أبهى زينة، هذا عرف أعراف فإذا كان العرف هو الذي يُحسِّن فما أسوء أعرافنا كثيرةً، لكن نقول: الحسن ما حسّنه الشرع والقبيح ما قبّحه الشرع، إذاً لا يُزين لك الشيطان عملاً من أعمالك إنما تقيسه بمقياس الشريعة حتى إذا كان عُرفاً تقول: إذا كان عُرفاً لا يُخالف الشريعة فعلى العين والرأس، وإذا كان عُرفاً يُخالف الشريعة فهو عرفٌ فاسد، إذا كان العقل قد حسّن شيئاً حسّنه الشرع هذا لأنه عقلٌ صريح، أما إذا كان عقلٌ قبّح ما حسَّنه الشرع فهو عقلٌ تبريريٌ مرفوض، مثلاً الشرع يُقبِّح الربا

يَمْحَقُ اللَّهُ الرِّبَا وَيُرْبِي الصَّدَقَاتِ ۗ وَاللَّهُ لَا يُحِبُّ كُلَّ كَفَّارٍ أَثِيمٍ (276)
(سورة البقرة)

وقد يُزين العقل للإنسان الربا، فهذا العقل تبريري وليس عقلاً صريحاً صحيحاً، فيجب أن ننبذ العقل ونأخذ بشرع الله تعالى:

فَلَمَّا نَسُوا مَا ذُكِّرُوا بِهِ فَتَحْنَا عَلَيْهِمْ أَبْوَابَ كُلِّ شَيْءٍ حَتَّىٰ إِذَا فَرِحُوا بِمَا أُوتُوا أَخَذْنَاهُم بَغْتَةً فَإِذَا هُم مُّبْلِسُونَ (44)
(سورة الأنعام)


السُنّة الأولى في الكون هي الاستجابة لأوامر الله:
هؤلاء الصنف الأخير من الناس الذين لم ينتفعوا من سُنّة الله التي هي

وَلَقَدْ أَرْسَلْنَا إِلَىٰ أُمَمٍ مِّن قَبْلِكَ فَأَخَذْنَاهُم بِالْبَأْسَاءِ وَالضَّرَّاءِ لَعَلَّهُمْ يَتَضَرَّعُونَ (42)
(سورة الأنعام)

السُنّة الأولى في الكون هي أن تستجيب:

يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اسْتَجِيبُوا لِلَّهِ وَلِلرَّسُولِ إِذَا دَعَاكُمْ لِمَا يُحْيِيكُمْ وَاعْلَمُوا أَنَّ اللَّهَ يَحُولُ بَيْنَ الْمَرْءِ وَقَلْبِهِ وَأَنَّهُ إِلَيْهِ تُحْشَرُونَ (24)
(سورة الأنفال)

فإن لم يستجيب الإنسان قال تعالى (فَأَخَذْنَاهُم بِالْبَأْسَاءِ وَالضَّرَّاءِ لَعَلَّهُمْ يَتَضَرَّعُونَ)

وَلَنُذِيقَنَّهُم مِّنَ الْعَذَابِ الْأَدْنَىٰ دُونَ الْعَذَابِ الْأَكْبَرِ لَعَلَّهُمْ يَرْجِعُونَ (21)
(سورة السجدة)

آيات كثيرة يأخذهم الله بهذه، لكن لمّا يُعرِض أيضاً ولا يستجيب وقلبه قاسي تأتي هذه السّنة الأخيرة، قال فلما نسوا ما ذكروا به، ذكّرهم الله بالهدى فلم يتذكروا، وذكّرهم بالمصائب فلم يعتبروا فنسوا ما ذكّروا به، قال :( فَتَحْنَا عَلَيْهِمْ أَبْوَابَ كُلِّ شَيْءٍ).

السُنّة الأولى في الكون هي الاستجابة لأوامر الله:
هذه سُنّة مهمة أحبابنا الكرام تُفسِّر كثيراً مما يجري في الأرض، هذه سُنّة من سنن الله التي ينبغي أن نتتبعها في كتاب الله، (فَلَمَّا نَسُوا مَا ذُكِّرُوا بِهِ فَتَحْنَا عَلَيْهِمْ) ما قال فتحنا لهم.

إِنَّا فَتَحْنَا لَكَ فَتْحًا مُّبِينًا (1)
(سورة الفتح)

اختلاف قوانين وسُنن الله تعالى
لكن فتحنا عليهم يعني سلّطنا عليهم، يعني ما فُتح عليهم هذا وبال، فإذا كان أُعطوا الدنيا ولكن بعد ذلك سيؤخذون بغتةً فهل هذا فتحٌ لهم أم فتحُ عليهم؟ عليهم، يعني مُسلّط عليهم لن يفيدهم شيئاً، فقال: (فَتَحْنَا عَلَيْهِمْ أَبْوَابَ) لم يقل باب ولكن أبواب، ما قال باب شيءٍ ولكن قال أبواب كل شيءٍ، يعني من المال خذ ما شئت، من الجاه خذ ما شئت، من النساء خذ ما شئت، بلاد خضراء، أمطار غزيرة وفيرة، الناس أحياناً يخلطون بين سُنن الله فيصيبهم إشكال، تقول لهم: الله تعالى يؤدبنا بنقص الماء يقول لك: نحن عاصون أكثر من الكفار، الكفار الله لماذا لا يؤدبهم بنقص الماء يُعطيهم الماء وهم غارقون بكفرهم؟ لأنَّ قانونهم غير قانونك، فإذا قلت لك أن المعادن تتمدد بالحرارة لا ينبغي أن تقول لي والخشب لماذا لا يتمدد بالحرارة؟! لأن الخشب لا يتمدد بالحرارة، لأنَّ له قانون مختلف، الخشب مثلاً من قوانينه أنه يطفو على سطح الماء، الحديد ينزل في قعر الماء، فهي قوانين سُنن الله عز وجل، فأنت عندما تجد إنساناً بعيداً عن الله عز وجل، والله لا يؤدبه أبداً فإياك أن تشتهي أن تكون مثله، أو أن تعترض فتقول لماذا هو عنده كل شيء وأنا ليس عندي؟ لأنه له قانونه الذي اختصه الله تعالى به، وهذا القانون وضّحته هذه الآية لمّا أعرض عن الله تعالى بالكليّة لا يريد أن يستجيب، إذاً التأديب لم يعد له معنى دعه فليأخذ الدنيا، طبعاً يأخذ الدنيا بأسبابها انتبهوا ربنا عز وجل لا يعطي شيء بغير سبب، يعني هو يتاجر ويسعى بالحرام بالحلال لكن يأخذ بالأسباب، الوضع يقتضي أن يقترض قرضاً ربوي يقترض ما عنده المشكلة، لأنّ الحلال والحرام غير موجودة عنده، هذه المنظومة لكن أخذ بالأسباب فغالباً في الأعم يأخذ الدنيا لأنه أخذ بأسبابها، ويأخذ كل شيء فيها حسب ما يريده، أبواب كل شيء، حتى إذا فرحوا بما أوتوا هذا يسمونه العلماء الإكرام الاستدراجي، يستدرجه الله تعالى حتى يفرح.

إِنَّمَا مَثَلُ الْحَيَاةِ الدُّنْيَا كَمَاءٍ أَنزَلْنَاهُ مِنَ السَّمَاءِ فَاخْتَلَطَ بِهِ نَبَاتُ الْأَرْضِ مِمَّا يَأْكُلُ النَّاسُ وَالْأَنْعَامُ حَتَّىٰ إِذَا أَخَذَتِ الْأَرْضُ زُخْرُفَهَا وَازَّيَّنَتْ وَظَنَّ أَهْلُهَا أَنَّهُمْ قَادِرُونَ عَلَيْهَا أَتَاهَا أَمْرُنَا لَيْلًا أَوْ نَهَاراً فَجَعَلْنَاهَا حَصِيداً كَأَن لَّمْ تَغْنَ بِالْأَمْسِ ۚ كَذَٰلِكَ نُفَصِّلُ الْآيَاتِ لِقَوْمٍ يَتَفَكَّرُونَ (24)
(سورة يونس)


معنى مُبلسون:
مبلسون أي يائسون مُتحيرون
يقول لك نحن نستطيع أن نصيب الهدف في أي مكان في العالم، نقتل الإنسان في بيته، نوقف الزلازل في أي مكان بالاستشعار، عندنا كل الأمور قال : (حَتَّىٰ إِذَا فَرِحُوا بِمَا أُوتُوا) بما أعطاهم الله وبما آتاهم الله، أخذناهم بغتة، يعني فجأة على حين غرة من غير إنذارٍ سابق، لأنهم ما عادوا يستحقون الإنذارات أخذوا فرصهم كاملة، فإذا هم مبلسون، أي يائسون مُتحيرون لا يدرون ما الذي جرى، حتى إنهم لا يستطيعون أن يطلبوا العفو، لأنهم يعلمون أنَّ ما أصابهم إنما أصابهم بذنوبهم مُبلس، يعني حالة إنسان مذهول مما حصل، يائس من أي إمكانية في تعديل الموقف أو تغيير الحال، مُتحيّر لا يعلم ماذا يقول، هذا معنى مٌبلسون من الإبلاس، وهو التحير وشدة السكوت والإلجام، يعني يقول لك لساني لا يستطيع أن ينطق لمَّا رأيت هذه المشهد، أُلجم عن الكلام، (أَخَذْنَاهُم بَغْتَةً فَإِذَا هُم مُّبْلِسُونَ )

من سُنن الله تعالى سُنّة الإكرام الاستدراجي:
فهذه سنّة من سنن الله تعالى، وهي سنّة مهمةٌ جداً وهي سنّة ممكن أن نسميها سنّة الإكرام الاستدراجي بحيث إنَ الإنسان الذي لم يستجب إلى الله تعالى حينما دعاه إلى ما يُحييه، ثم لم ينتبه إلى سنّة التأديب فلم يتأدب عندما جاءته المصائب أو المرض أو الفقر فيرجع إلى ربه فإنه لم يبقى أمامه إلا أن يُكرَم ويُعطى، ثم يغفل عن الله ولا يشكره على نعمائه وعطائه ولا يعود إليه فيأخذه الله تعالى على حين غرة، وهو غير مُنتبه لِما هو فيه فيكون القصم عند الله تعالى هو الحل الوحيد له،(أَخَذْنَاهُم بَغْتَةً فَإِذَا هُم مُّبْلِسُونَ )

فَقُطِعَ دَابِرُ الْقَوْمِ الَّذِينَ ظَلَمُوا وَالْحَمْدُ لِلَّهِ رَبِّ الْعَالَمِينَ (45)
(سورة الأنعام)

والحمد لله رب العالمين والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته.