عقاب الله تعالى للظالمين

  • اللقاء السادس من تفسير سورة الأنعام | شرح الآيات 45- 52
  • 2023-01-07

عقاب الله تعالى للظالمين

السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، بسم الله الرحمن الرحيم، الحمدُ لله رب العالمين والصلاة والسلام على نبينا الأمين وعلى آله وأصحابه أجمعين، اللهم علّمنا ما ينفعنا وانفعنا بما علمتنا وزدنا عِلماً وعملاً مُتقبلاً يا رب العالمين وبعد:
مع اللقاء السادس من لقاءات سورة الأنعام ومع الآية الخامسة والأربعين من السورة وهي قوله تعالى:

فَقُطِعَ دَابِرُ الْقَوْمِ الَّذِينَ ظَلَمُوا وَالْحَمْدُ لِلَّهِ رَبِّ الْعَالَمِينَ (45)
(سورة الأنعام)

سبق هذه الآية ما أنهينا به لقائنا السابق:

فَلَمَّا نَسُوا مَا ذُكِّرُوا بِهِ فَتَحْنَا عَلَيْهِمْ أَبْوَابَ كُلِّ شَيْءٍ حَتَّىٰ إِذَا فَرِحُوا بِمَا أُوتُوا أَخَذْنَاهُم بَغْتَةً فَإِذَا هُم مُّبْلِسُونَ (44)
(سورة الأنعام)


ما هو الإكرام الاستدراجي؟
وقلنا إنَّ هذه سُنَّةٌ من سُنن الله تعالى في عباده وهي ما تُسمّى الإكرام الاستدراجي وقد بيّنها النبي صلى الله عليه وسلم بقوله:

{ إذا رأيْتَ اللهَ يُعْطي العبدَ مِنَ الدُّنيا على مَعاصيه ما يُحِبُّ، فإنَّما هو استِدراجٌ، ثمَّ تلَا رسولُ اللهِ صلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ: {فَلَمَّا نَسُوا مَا ذُكِّرُوا بِهِ فَتَحْنَا عَلَيْهِمْ أَبْوَابَ كُلِّ شَيْءٍ حَتَّى إِذَا فَرِحُوا بِمَا أُوتُوا أَخَذْنَاهُمْ بَغْتَةً فَإِذَا هُمْ مُبْلِسُونَ} [الأنعام: 44] }

(أخرجه أحمد والطبراني والبيهقي)

الوضع الطبيعي أن نشكر الله على نعمه
فالعبد عندما يكون مُطيعاً وتأتيه النعم ويشكر الله تعالى عليها فهذا هو الوضع الطبيعي، الصحيح، الصحي، لكن إذا كان عاصياً مُستمرئاً للمعاصي، مُبالغاً فيها، تاركاً للفرائض، ورأى نعم الله تنهمر عليه، فيجب أن يَتيقَّظ بأنَّ هذه النِعم استدراج إلى نهايةٍ مأساويّة، وهي (أَخَذْنَاهُم بَغْتَةً فَإِذَا هُم مُّبْلِسُونَ) أي مُتحيرون لا يدرون ما الذي حصل، فإذا فَهِم على الله تعالى حكمته في هذا الإكرام فرجع إلى الله، وشكر نعمه، وعاد إلى الطاعة، وأقلع عن المعصية، نجا من النتيجة الحتميّة، لكن لو أنه بقيَّ على ما هو عليه فهذا استدراجٌ من الله له، نهايته الآية التي تليها (فَقُطِعَ دَابِرُ الْقَوْمِ الَّذِينَ ظَلَمُوا وَالْحَمْدُ لِلَّهِ رَبِّ الْعَالَمِينَ).
لذلك اليوم إذا رأيت أقواماً يعصوا الله تعالى ويُجاهروا بِفِسقهم، بل يُجاهروا بمخالفتهم لفِطرهم التي فَطرهم الله عليها، يعني لا يُخالفوا الشرائع فقط بل يُخالفوا الفِطر، ويعيثوا في الأرض فساداً ويظلمون الناس، فاعلم أنهم يمرون بهذه السُنَّة ونهايتها (فَقُطِعَ دَابِرُ الْقَوْمِ الَّذِينَ ظَلَمُوا)، أنت تتمنى أن ترى هذه النهاية للظالمين، لكن هذا لم يُتّح لأشرف الخلق صلى الله عليه وسلم وهو رسوله وهو نبيه، فَلأَن لا يُتاح لنا من باب أولى، لذلك خاطبه ربه فقال:

وَإِمَّا نُرِيَنَّكَ بَعْضَ الَّذِي نَعِدُهُمْ أَوْ نَتَوَفَّيَنَّكَ فَإِلَيْنَا مَرْجِعُهُمْ ثُمَّ اللَّهُ شَهِيدٌ عَلَىٰ مَا يَفْعَلُونَ (46)
(سورة يونس)


نهاية الظالمين حتميّة مهما طالت دورة الحق والباطل:
أجمل ما في الحياة هو القرب من الله
فالنهاية حتميّة لكن هل يُدركها عُمُرك أم لا يدركها هذا شيء آخر، لأنَّ العمر قصير أقصر من دورة الحق والباطل، قد تطول دورة الحق والباطل عندما ينام أهل الحقّ عن حقهم، ويتمادى أهل الباطل في باطلهم، لكن النهاية حتميّة (فَقُطِعَ دَابِرُ الْقَوْمِ الَّذِينَ ظَلَمُوا وَالْحَمْدُ لِلَّهِ رَبِّ الْعَالَمِينَ) الدابر هو دُبُر الشيء هو آخره، فقطع دابرهم يعني أي لم يبقى لهم وجودٌ أصلاً، وقال الذين ظلموا دون أن يقول ظلموا أنفسهم، أو ظلموا غيرهم ليبقى على إطلاقه، فَسِمتهم العامة أنهم ظلموا، ظلموا أنفسهم لأنهم حرموها من الجنَّة، ظلموا أنفسهم لأنهم حرموها من أجمل ما في الحياة وهو القرب من الله، ثم انتقلوا إلى ظلم غيرهم لأنَّ الإنسان إذا غفل عن ربه أساء إلى خلقه يعني هذه معادلة، قد تجد إنساناً غافلاً عن ربه لا يُسيء إلى خلق الله تعالى له دوافع أُخرى، عند الأزمات يتغير الحال، عند الأزمات كثيراً ما يتغير الحال لكن المؤمن ينطلق من إيمانه في أنه لا يظلم الناس لأنَّه سيقف بين يدي الله، (فَقُطِعَ دَابِرُ الْقَوْمِ الَّذِينَ ظَلَمُوا)، ظلموا أنفسهم، وظلموا دين ربهم، وظلموا الآخرين، ظُلم عام، والظُلم في أدق تعريفاته: أن يضع الإنسان الشيء في غير موضعه لذلك كان الشرك أعظم الظلم.

وَإِذْ قَالَ لُقْمَانُ لِابْنِهِ وَهُوَ يَعِظُهُ يَا بُنَيَّ لَا تُشْرِكْ بِاللَّهِ إِنَّ الشِّرْكَ لَظُلْمٌ عَظِيمٌ (13)
(سورة لقمان)

لأنه وضع عبادته في غير المكان الصحيح، عبد آلهةً من دون الله، وأنت إذا كنت في شركة وأنت حائز على شهادة جامعية، وقيل لك لا بُدَّ مِن أن تعمل مُستخدماً في هذه الشركة فتشعر بالظلم الشديد لأنّك وضعت في غير موضعك، فوضع الشيء في غير موضعه ظلم، فهؤلاء ظلموا، خلقهم الله تعالى لجنّة فاستحقوا النار، خلقهم الله تعالى ليتعارفوا فتعاركوا، خلقهم الله تعالى ليُحسنوا فأساءوا فوضعوا الشيء في غير موضعه، فقال (فَقُطِعَ دَابِرُ الْقَوْمِ الَّذِينَ ظَلَمُوا وَالْحَمْدُ لِلَّهِ رَبِّ الْعَالَمِينَ)، الحمد لله هنا على أنه قطع دابر الظالمين، لأنه أقام العدل جلَّ جلاله وهو العدل، لأنه أراح البشرية منهم، ومن ظلمهم، ومن أفعالهم الشرّيرة، والحمد لله رب العالمين.

أصل العدل الإلهي يوم القيامة لا في الدنيا:
وهذا الختام في الآية هو مطلع سورة الفاتحة التي نقرأها في كل صلاة الحمد لله رب العالمين، وهذه (الـ) هي (الـ) الاستغراق يعني كل الحمد لله، والربّ هو المُمِّد الذي يمدك بما تحتاجه، ومن تربيته لعباده أنه يُعاقب المُسيء ويُكافئ المُحسن، من تربيته لعباده فهو الربّ، ربُّ الأسرة إذا كان الابن يأتي بعلامات رائعة ثم لا يقول له أحسنت، والآخر يتلفظ بألفاظٍ بذيئة ثم لا يقول له أسأت ويأخذ على يده فهو ليس ربّاً، لأنه ليس مربيّاً لكن الله تعالى رب يُربيّنا، فإذا قمت الليل مثلاً شعرت براحةٍ في قلبك تربية، وإذا منعت زكاة مالك فجاءتك مصيبةٌ دفعت من خلالها أكثر مما كان ينبغي أن تدفعه زكاة فهو يُربيّك، يُربّي عباده، من تربيته لعباده أنه في نهاية المطاف يقطع دابر الظالمين ويُعلي من شأن عباده المؤمنين، وهذا كله دفعات على الحساب.

كُلُّ نَفْسٍ ذَائِقَةُ الْمَوْتِ وَإِنَّمَا تُوَفَّوْنَ أُجُورَكُمْ يَوْمَ الْقِيَامَةِ فَمَن زُحْزِحَ عَنِ النَّارِ وَأُدْخِلَ الْجَنَّةَ فَقَدْ فَازَ وَمَا الْحَيَاةُ الدُّنْيَا إِلَّا مَتَاعُ الْغُرُورِ (185)
(سورة آل عمران)

فأعظم مظاهر الربوبيّة في الحساب ستظهر يوم القيامة، لأنَّ هناك من سيُطيع الله في الدنيا ويعاني وهناك من سيعصيه ويعلو شأنه إلى حين، فأصل العدل الإلهي يوم القيامة لا في الدنيا.

قلب الإنسان هو الذي يعقل:

قُلْ أَرَأَيْتُمْ إِنْ أَخَذَ اللَّهُ سَمْعَكُمْ وَأَبْصَارَكُمْ وَخَتَمَ عَلَىٰ قُلُوبِكُم مَّنْ إِلَٰهٌ غَيْرُ اللَّهِ يَأْتِيكُم بِهِ انظُرْ كَيْفَ نُصَرِّفُ الْآيَاتِ ثُمَّ هُمْ يَصْدِفُونَ (46)
(سورة الأنعام)

مخاطبة الله عز وجل لنبيه الكريم
(قُلْ أَرَأَيْتُمْ)، الآن الله تعالى يُخاطب نبيّه يقول له: قُل لهم يا محمد لو كان القرآن فيه تحريف أو يمكن أن يطّرأ عليه تحريف، لما قال صلى الله عليه وسلم قل يُخاطب نفسه بها! لقال فوراً أرأيتم إن أخذ الله سمعكم، ففي القرآن الكريم عندما نقرأ قُل، هذه من إحدى الإشارات اللّطيفة على أنه كلام الله تعالى بلّغه النبي صلى الله عليه وسلم كما وصله، أنا لو قلت لك قُل لجارك أن يزورني غداً الساعة الخامسة، عندما تذهب إلى جارك ماذا تقول له؟ تقول له المعنى تقول له: زُرّ فلاناً غداً الساعة الخامسة، ولا تذهب وتقول له قُل لجارك زُرّ لا تُكرّر اللفظ، لكن هذا كلام الله تعالى، فلمّا جاء إلى النبي صلى الله عليه وسلم بلّغه كما أُنزل، قال له الله تعالى قُل فهذه جزء من القرآن، قُل أرأيتم بلَّغه كما هو (قُلْ أَرَأَيْتُمْ إِنْ أَخَذَ اللَّهُ سَمْعَكُمْ وَأَبْصَارَكُمْ وَخَتَمَ عَلَىٰ قُلُوبِكُم).
الآن يعود المولى جلَّ جلاله للحوار يُعلّمنا جلَّ جلاله كيف نُحاور الناس، من أساليب الحوار أنَّ هؤلاء يعتزُّون بآلهتهم التي يعبدونها من دون الله، فالنبي صلى الله عليه وسلم يقول: أرأيتم يعني كيف حالكم مع هذا الأمر كيف أنتم مع هذا الأمر (قُلْ أَرَأَيْتُمْ إِنْ أَخَذَ اللَّهُ سَمْعَكُمْ وَأَبْصَارَكُمْ) سلبّكُم السمع فما عُدّتم تسمعوا، أصبحتم صُمّا، سلبّكُم البصر فما عُدّتم تنظروا وتبصروا، وخَتم على قلوبكم وأحكم الغشاوة على قلوبكم بحيث أصبح القلب لا يستوعب شيئاً لا يفهم، الإنسان عنده مُدخلات، وعنده معالجة، المُدخلات سمع وبصر، هناك مُدخلات أُخرى عن طريق اللسان، الذوق، الشم، اللمس، هناك مُدخلات أُخرى، لكن مدخلان حسيّة بحتة، أما مُدخلات الوعي والإدراك تكون عن طريق السمع والبصر، أنتم الآن تمارسوا عملية إدخال معلومات عن طريق السمع، وإذا كنت في مكان مُعيّن فشاهدت شيئاً وحفظت الصورة فقد أدخلت معلومةً عن طريق البصر، المُخرجَات عن طريق الأفعال والفم، المُعالجة في القلب الذي يَعقِل، القلب يَعقِل، إما أنه قلب الإنسان يعني شيءٌ في داخله يُعطيه هذه المَلَكة على المُحاكمة، أو هو ذلك القلب الذي يضخ الدم إلى الجسم، وفق أحدث ما توصل إليه العِلم بأنه يَعقِل فعلاً، ولديه ذواكر والله أعلم، لكن هو قلب الإنسان هو الذي يَعقِل، يَعقِل المعلومة، فالمُدخلات سمع وبصر، المُعالجة في القلب، فلمّا أخذ الله سمعهم، وأخذ أبصارهم، وعطّل عندهم مَلَكة المُعالجة، العمليات التي تجري في العقل، الآن يقولوا لهم: (مَّنْ إِلَٰهٌ غَيْرُ اللَّهِ يَأْتِيكُم بِهِ) يعني مَن معبودٌ بحق، عندهم آلهة لكنها تُعبد بباطل لا بحق لأنها لا تملك لنفسها ضراً ولا نفعاً ولا حياةً ولا نُشوراً، الإله هو المعبود بحق (مَّنْ إِلَٰهٌ غَيْرُ اللَّهِ يَأْتِيكُم بِهِ) يُرجِع لك سمعك، وبصرك، وقلبك إلى الحياة والنبض، وإلى المعالجة، والمحاكمة، والتذكر، والتفكر لا أحد، إذاً ينبغي أن تعبد الإله الذي يملك سمعك وبصرك وقلبك.

الله يُصرِّف الآيات بكل الوسائل الممكنة:
(انظُرْ كَيْفَ نُصَرِّفُ الْآيَاتِ) أي نُبيّن الآيات، انظر يا محمد صلى الله عليه وسلم كيف نُصرِّف الآيات أي نبيّنها بكل الوسائل الممكنة تارةً بالمباشرة يقول لهم:

قُلْ هُوَ اللَّهُ أَحَدٌ (1)
(سورة الإخلاص)

مباشرة، وتارةً من خلال المُحاكمة كهذه الآية، الذي خلقك، الذي رزقك، الذي أعطاك، وتارةً من خلال القصة التي فيها العِبر والدروس، كيف يُحيي الله الأرض بعد موتها:

وَضَرَبَ لَنَا مَثَلًا وَنَسِيَ خَلْقَهُ قَالَ مَن يُحْيِي الْعِظَامَ وَهِيَ رَمِيمٌ (78) قُلْ يُحْيِيهَا الَّذِي أَنشَأَهَا أَوَّلَ مَرَّةٍ وَهُوَ بِكُلِّ خَلْقٍ عَلِيمٌ (79)
(سورة يس)

أَوْ كَالَّذِي مَرَّ عَلَىٰ قَرْيَةٍ وَهِيَ خَاوِيَةٌ عَلَىٰ عُرُوشِهَا قَالَ أَنَّىٰ يُحْيِي هَٰذِهِ اللَّهُ بَعْدَ مَوْتِهَافَأَمَاتَهُ اللَّهُ مِائَةَ عَامٍ ثُمَّ بَعَثَهُ قَالَ كَمْ لَبِثْتَ ۖ قَالَ لَبِثْتُ يَوْمًا أَوْ بَعْضَ يَوْمٍ قَالَ بَل لَّبِثْتَ مِائَةَ عَامٍ فَانظُرْ إِلَىٰ طَعَامِكَ وَشَرَابِكَ لَمْ يَتَسَنَّهْ وَانظُرْ إِلَىٰ حِمَارِكَ وَلِنَجْعَلَكَ آيَةً لِّلنَّاسِ وَانظُرْ إِلَى الْعِظَامِ كَيْفَ نُنشِزُهَا ثُمَّ نَكْسُوهَا لَحْمًا ۚ فَلَمَّا تَبَيَّنَ لَهُ قَالَ أَعْلَمُ أَنَّ اللَّهَ عَلَىٰ كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ (259)
(سورة البقرة)

تارةً بالقصص، تارةً بالمباشرة، تارةً بالآيات الكونيّة، (انظُرْ كَيْفَ نُصَرِّفُ الْآيَاتِ) ما ترك وسيلةً حتى يُبيّن لك من خلالها آياته في الكون، وفي القرآن وفي أفعاله، كل آية تدل على وجوده، قال (ثُمَّ هُمْ يَصْدِفُونَ)، صدفَ أي انصرف، ينصرفوا و يُعرضوا، (ثُمَّ هُمْ يَصْدِفُونَ) ينصرفوا عنها، الآيات أمامهم وهم عنها مُعرضون.

قُلْ أَرَأَيْتَكُمْ إِنْ أَتَاكُمْ عَذَابُ اللَّهِ بَغْتَةً أَوْ جَهْرَةً هَلْ يُهْلَكُ إِلَّا الْقَوْمُ الظَّالِمُونَ (47)
(سورة الأنعام)

(قُلْ أَرَأَيْتَكُمْ) هنا فيها زيادة، هناك قل أرأيتم، هنا أرأيتكم يعني أخبروني كيف حالكم؟ أعطاهم كاف الخطاب، لأنَّ هنا الموضوع الذي سيأتي فيه مزيد في المعنى فَزيدَ في المبنى، الزيادة في المبنى زيادة في المعنى.
(قُلْ أَرَأَيْتَكُمْ إِنْ أَتَاكُمْ عَذَابُ اللَّهِ بَغْتَةً أَوْ جَهْرَةً هَلْ يُهْلَكُ إِلَّا الْقَوْمُ الظَّالِمُونَ) هذا تصريف الآيات، في الآية الأولى حدَّثهم عن النعم التي أسبغها الله عليهم، سمع وبصَر وقلب، ولا إله إلا الله يأتي بها إذا أخذها، الآن النوع الثاني الذي جاء فيه مُبالغة (قُلْ أَرَأَيْتَكُمْ إِنْ أَتَاكُمْ عَذَابُ اللَّهِ بَغْتَةً أَوْ جَهْرَةً)، بغتةً فجأةً، من غير مُقدمات، يعني تفاجئ به، جهرةً يعني واضح للعيان بيّن واضح، (هَلْ يُهْلَكُ إِلَّا الْقَوْمُ الظَّالِمُونَ)، يعني من يٌهلكهم الله تعالى بعذابه هم قومٌ ظلموا أنفسهم، وظلموا الآخرين، كما قلنا سابقاً.

وَمَا نُرْسِلُ الْمُرْسَلِينَ إِلَّا مُبَشِّرِينَ وَمُنْذِرِينَ فَمَنْ آمَنَ وَأَصْلَحَ فَلَا خَوْفٌ عَلَيْهِمْ وَلَا هُمْ يَحْزَنُونَ (48)
(سورة الأنعام)

هنا يحصر جلَّ جلاله مهمة الرسالة في شيئين، البشارة والإنذار، وما نرسل هذا حصر، (وَمَا نُرْسِلُ الْمُرْسَلِينَ إِلَّا مُبَشِّرِينَ وَمُنْذِرِينَ ) هنا المعنى أن البشير والنذير لا يملك لك من أمرك شيئاً، يعني هو لا يستطيع أن يهديك، ماذا نفعل بقوله تعالى يُخاطب نبيّه؟

وَكَذَٰلِكَ أَوْحَيْنَا إِلَيْكَ رُوحًا مِّنْ أَمْرِنَا ۚ مَا كُنتَ تَدْرِي مَا الْكِتَابُ وَلَا الْإِيمَانُ وَلَٰكِن جَعَلْنَاهُ نُورًا نَّهْدِي بِهِ مَن نَّشَاءُ مِنْ عِبَادِنَا وَإِنَّكَ لَتَهْدِي إِلَىٰ صِرَاطٍ مُّسْتَقِيمٍ (52)
(سورة الشورى)


مهمة الرسول التبشير والإنذار:
هنا الهداية بمعنى الدلالة (وَإِنَّكَ لَتَهْدِي) يعني تدل على الصراط المستقيم، لكنك لا تهدي مَن أحببت توفيقاً، أنت تملك أن تقول له الطريق من هُنا، لكنك لا تملك أن تضعه فيه رُغماً عنه، فلذلك (إِلَّا مُبَشِّرِينَ وَمُنْذِرِينَ) إذاً الرسول لا يملك أن يُجبرك على الطاعة لكن يُبشرك ويُنذرك، المعنى الثاني لا تطلبوا منه شيئاً لا يستطيعه لأنه مُبشرٌ ومُنذر، ليس مَلَكاً، ليس رجلاً معه خوارق، هذه ليست مُهمتكم إن أجرى الله تعالى على يديه بعض الخوارق فهذا شأن الإله، أما أن تقولوا له:

وَقَالُوا لَن نُّؤْمِنَ لَكَ حَتَّىٰ تَفْجُرَ لَنَا مِنَ الْأَرْضِ يَنبُوعًا (90)
(سورة الإسراء)

أو تقولوا له:

أَوْ يَكُونَ لَكَ بَيْتٌ مِّن زُخْرُفٍ أَوْ تَرْقَىٰ فِي السَّمَاءِ وَلَن نُّؤْمِنَ لِرُقِيِّكَ حَتَّىٰ تُنَزِّلَ عَلَيْنَا كِتَابًا نَّقْرَؤُهُ ۗ قُلْ سُبْحَانَ رَبِّي هَلْ كُنتُ إِلَّا بَشَرًا رَّسُولًا (93)
(سورة الإسراء)

البِشارة أن تُبيّن للناس شيئاً حسناً سيأتيهم
هذا ليس من شأنكم، هو مُبشِّر ومُنذر، هذا ليس شأنه وليس شأنكم فهذا معنى (وَمَا نُرْسِلُ الْمُرْسَلِينَ إِلَّا مُبَشِّرِينَ وَمُنْذِرِينَ ) البِشارة أن تُبيّن للناس شيئاً حسناً سيأتيهم قبل إتيانه، يعني أنا أقول لك أُبشّرك بأن مشكلتك ستُحل بعد غدِ، هي لم تُحل بعد لكن بشّرتك قبل حدوثها، وأُنذرك أن تُسافر هذا السفر لأنَّ فيه مخاطر، فالبِشارة شيءٍ مُفرح سيأتيك، والإنذار لشيءٍ مُزعجٍ سيأتيك، فيُبشر ويُنذر، والأنبياء جاؤوا للتبشير والإنذار، يبشّروننا بجنةٍ إن أطعنا الله، وينذروننا ناراً إن عصيناه.
(فَمَنْ آمَنَ وَأَصْلَحَ فَلَا خَوْفٌ عَلَيْهِمْ وَلَا هُمْ يَحْزَنُونَ) إذاً شأن الرسل التبشير والإنذار، ما شأنك أنت؟ اتخاذ موقف من هذه البشارة والإنذار، هم شأنهم أن يُبشّروا ويُنذروا لا أن يأتوك بالمُعجزات، ولا أن يضعوك على الطريق، لكن أنت الآن ماذا تقابل مهمة الرسل؟ تقابلها إما بالإيمان والإصلاح أو والعياذ بالله بالتكذيب والإعراض، (فَمَنْ آمَنَ وَأَصْلَحَ فَلَا خَوْفٌ عَلَيْهِمْ وَلَا هُمْ يَحْزَنُونَ ) آمن بقلبه وأصلَّح بجوارحه، آمن بقلبه أنا أُفضّل دائماً مُصطلح القلب على العقل، أخبرتكم بذلك سابقاً، آمن بقلبه لأنّ العقل في القلب، فالإيمان في القلب، (وَأَصْلَحَ) أي عمل صالحاً بجوارحه، اكتمل عمله آمن وأصلح، عمله صالح وقلبه مؤمن، قال: (فَلَا خَوْفٌ عَلَيْهِمْ وَلَا هُمْ يَحْزَنُونَ ) لا خوفٌ عليهم مما هو آت، لأنَّ الإنسان ماذا ينتظر من الكريم إلا الكرم، ماذا ينتظر من لقاء الله إلا الإكرام؟ إذا الإنسان درس سنوات طويلة وتعب بها، درس في بلد أجنبي، تعب في دراسته، وكان ليؤمّن مصروفه يحتاج أن يعمل ليلاً وأن يدرس نهاراً فأصبح لا ينام في اليوم كله إلا ساعات قليلة، ويمضي ليله في العمل في المطاعم وغسيل الأواني، ونهاره في الجامعة، وما بعد الظهر في الدراسة، وربما ينام ساعتين في اليوم، فيتعب هذه هي الحياة

يَا أَيُّهَا الْإِنسَانُ إِنَّكَ كَادِحٌ إِلَىٰ رَبِّكَ كَدْحًا فَمُلَاقِيهِ (6)
(سورة الانشقاق )

ثم انتهت هذه السنوات العجاف، عشر سنوات دراسة وتخصص وإلى آخره، ثم وضع قدمه على سُلَّم الطائرة عائداً إلى بلده ينتظره منصبٌ مرموق، وقد حُجز له بيت في حيٍ راقٍ وسيارة وعيادة خاصة وما إلى هنالك، هذا عندما انتهى ووضع قدمه على سُلَّم الطائرة عائداً إلى بلده فهذه أعظم لحظات فرحه لأن الأسى قد انتهى، والعطاء قد بدء، هذا حال المؤمن لمّا يفرغ من الدنيا ويُقبل على ربه، فأيُّ خوفٍ ينتظره؟! أما البعيد عن الله في قلبه خوف لأنَّ الموت بالنسبة له نهاية غير متوقعة، وغير واضحة المعالم، ماذا يحصل بعد الموت؟ ما الذي سيُصيبني؟ المؤمن مرتاح لأنه أطاع الله في دُنياه فهو وافدٌ على الكريم جلَّ جلاله(فَلَا خَوْفٌ عَلَيْهِمْ وَلَا هُمْ يَحْزَنُونَ)
وفي آية ثانية تتنزل عليهم الملائكة عند الموت

إِنَّ الَّذِينَ قَالُوا رَبُّنَا اللَّهُ ثُمَّ اسْتَقَامُوا تَتَنَزَّلُ عَلَيْهِمُ الْمَلَائِكَةُ أَلَّا تَخَافُوا وَلَا تَحْزَنُوا وَأَبْشِرُوا بِالْجَنَّةِ الَّتِي كُنتُمْ تُوعَدُونَ (30)
(سورة فصلت )


الإنسان منذ ولد استدبر الدنيا واستقبل الآخرة:
الإنسان لا يحزن على ما فاته من الدنيا
انتهى الخوف، الخوف في الدنيا، فهؤلاء الذين آمنوا وأصلحوا لا خوفٌ عليهم، لا شيء ينتظرهم ولا هم يحزنون على ما مضى، يعني لا يتأسف على صفقةٍ فاتته، لأنه يستقبل، الإنسان عندما يُدبر عن شيء ويستقبل شيئاً آخر يجب أن تكون عيونه على المكان الذي يستقبله، أما إذا يفكر فيما أدبر عنه فهذا لن يصل إلى هدفه، فالإنسان منذ ولد استدبر الدنيا واستقبل الآخرة، فلا يحزن على ما فاته منها لأنه مقبل على هدفه، قال والذين كذّبوا، كذّبوا بالقرآن الكريم، كذبوا بالآيات الكونية الدالة على عظمة الله.

وَالَّذِينَ كَذَّبُوا بِآيَاتِنَا يَمَسُّهُمُ الْعَذَابُ بِمَا كَانُوا يَفْسُقُونَ (49)
(سورة الأنعام)

الباء باء السبب، يعني بسبب فِسقهم يمسهم العذاب، القرآن كثيراً ما يُعبّر عن العذاب بالمسّ، المسّ هُنا للعذاب لأنَّ العذاب من العظيم جلَّ جلاله، فيكفي فيه المسّ، الإنسان في الدنيا كل ما كان منصبه أعلى، أو قوّته الجسميَّة أعلى، أو قوّته المادية أعلى، يصبح أي شيء منه مهما كان يسيراً عظيماً، لكن الضعيف يحاول جهده في أن يُبالغ في عذاب الآخرين إذا أراد أن ينتقم، لأنه مهما استفرغ من وسعه لن يصل إلى ما يريده، الله جلَّ جلاله، المسّ منه من العذاب هو هذه الحالة التي يعيشها هؤلاء المجرمون، فيعبّر بالمسّ لقوته وعظمته جلَّ جلاله قال: (يَمَسُّهُمُ الْعَذَابُ بِمَا كَانُوا يَفْسُقُونَ) الفسق في الأصل، الرُطب التمر قبل قسوته يكون رُطب طري، هذه الرُطب أحياناً تكون صغيرة، الغلاف الذي عليها القشرة يعني مُحكمة عليها و ملتصقة بها تماماً، عندما تنضج الرطب أكثر الغلاف الذي عليها يفسُق، أي ينفصل، تنفصل القشرة عن لُبّ التمرة هذا فسق، تنفسق الرطبة بمعنى أن غلافها الخارجي انفصل عنها، خرج عن حدوده، لأنه هي كبرت، فالفسق هو الخروج هن منهج الله تعالى، الله تعالى وضع للإنسان منهج يسير عليه فإذا خرج عنه فقد فسق، (يَمَسُّهُمُ الْعَذَابُ بِمَا كَانُوا يَفْسُقُونَ) طبعاً المؤمن لا يسمى فاسقاً بمعنى الفسق، ولو خرج عن المنهج لأنه يسير على الطريق لكن تغلبه نفسه، أو شهوته أو شيطانه أو يجهل شيئاً أو ينسى شيئاً، فيخرج من دون عزم فيستغفر ويعود، فهذا يبقى على الطريق، أما الفاسق خرج عن المنهج، ابتعد كثيراً، يعني لم يعد بينه وبين المنهج أي صلّة، هذا الفسق، وليس كل من خرج عن المنهج يُسمّى فاسقاً بسبب فعله، مثلاً تارك الصلاة بشكل كامل هذا فاسق، أما من فاتته صلاة الفجر لأنه جالس مع رفاقه هذا خطأ طبعاً ونَسيَ أن يُصلي الظهر أخذه الكلام هذا لا يُسمّى فاسقاً، يُسمّى ناسياً، الفسق هو الخروج عن المنهج بشكل كامل، فقال (بِمَا كَانُوا يَفْسُقُونَ)، أي بسبب فِسقهم، قُل يُخاطب نبيّه صلى الله عليه وسلم:

قُل لَّا أَقُولُ لَكُمْ عِندِي خَزَائِنُ اللَّهِ وَلَا أَعْلَمُ الْغَيْبَ وَلَا أَقُولُ لَكُمْ إِنِّي مَلَكٌ إِنْ أَتَّبِعُ إِلَّا مَا يُوحَىٰ إِلَيَّ قُلْ هَلْ يَسْتَوِي الْأَعْمَىٰ وَالْبَصِيرُ أَفَلَا تَتَفَكَّرُونَ (50)
(سورة الأنعام )


لا يعلم الغيب إلا الله وحده:
الله تعالى عنده خزائن كل شيء
هذا تغيّير لمُهمة الرسول وهي البِشارة والإنذار، فالنبيُّ صلى الله عليه وسلم لا يملك الخزائن، والخزائن جمع خِزانة وهو المكان الذي تضع فيه شيئاً ثميناً تحتفظ به إلى حين، ومنه الخزنة أي خزنة المال، وحتى الخِزانة هي بالأصل الخِزانة لوضع الأشياء الثمينة، تخزنها إلى حين، تحتاجها بعد أشهر فتضعها في الخِزانة، والله تعالى عنده خزائن كل شيء، أما الأنبياء والرُسُل وعوام الناس لا يملكون خزائن الله تعالى، المطر من خزائن الله، الرزق من خزائن الله، الصحة من خزائن الله، كلها من خزائن الله جلّ جلاله، فقال (قُل لَّا أَقُولُ لَكُمْ عِندِي خَزَائِنُ اللَّهِ وَلَا أَعْلَمُ الْغَيْبَ) يعني لا أملك لكم ما عند الله تعالى، حتى الثواب والعقاب من خزائن الله، ولا أعلم الغيب، أي إنسان يدَّعي أنه يعلم الغيب فقل له رسول الله لا يعلم الغيب، فمن باب أولى أنك أنت لا تعلم الغيب، لا يعلم الغيب إلا الله، على رأس السنة هناك المُنجِّمون، وقالوا كذب المُنجِّمون ولو صدقوا، وسمعت أنَّ أصل هذه العبارة هو كذب المُنجِّمون ولو صدفوا، ثم لمّا نُقِطت الأحرف وضعوها ولو صدقوا، فهم لا يصدقون أبداً، ولكن لو صدف أنهم قالوا شيء فحصل، فهم كاذبون لأن ما حصل قد حصل مًصادفةً، الذي يحصل دائماً في الأبراج وفي التنبؤات أنه يُعطيك مئة معلومة فيصيب في معلومة منها أو في عشر معلومات عشرة منها صحيح، سبب هذا الصواب ليس صدقهم لكن المُصادفة، لأنه يقول لك سيموت إنسان مُهم، هو في كل عام يموت إنسان مُهم، فيموت فيقول لك قلت لكم، يقول لك ستحصل حرب كبيرة، منذ عشرين سنة وكل سنة حروب كبيرة مثلاً، أو يُخبرك بشيءٍ هو يعلم من مصادر معيّنة أنه سيحصل، فهو لا يعلم الغيب لكن عنده معلومات، له علاقات في دوائر القرار، فيقولوا له أنه سنفعل كذا هذا العام، سنخفض الفائدة أو كذا فيأتي بالمعلومة فيُلقيها على أنه يتنبأ بها، وهي في الحقيقة معلومة عنده فتقع، هذا ما يقع من كلامهم حتى لا يُفتن الناس بهم، يقع بهذه الطريقة، إما مصادفةً لأنهم يُلقون كلاماً عاماً لا بدَّ أن يحصل شيءٌ منه، مثل حتى الأبراج، كأن يقول لك قائلٌ أنت العذراء شخصية محبوبة جداً، فعلاً أنا الناس يحبونني، أنا العذراء الناس كلها تُحبني، مَن مِن الناس يقول أن الناس يكرهونني؟ هناك خبر سيء ستسمعه هذا الشهر، نعم أنا سمعت خبر سيء فعلاً، هو كل شهر الإنسان يسمع خبر سيء وخبر مفرح، هي الحياة هكذا مبناها أنَّ الأيام فيها دائماً أخبار سيئة وأخبار مُفرحة، كل يوم يأتيه خبر يسرّه وخبر يزعجه هذه حقيقة الدنيا الابتلاء، أنت شخصٌ تُحسِن إلى الناس والناس تُسيء لك مظلومية، يقول لك فعلاً أنا قلبي طيب دائماً أُحسِن والناس يُسيئون لي، لا يقولوا لأحد أنت شخص تُسيء للناس رغم أنهم يُحسنون إليك، لأنه سيرفض فوراً هذه المعلومة، لأنه أصحاب برج الجوزاء دائماً يُسيئون إلى الناس، رغم أن الناس تُحسِن إليهم، يقول لك أنت كاذب أنا أُسيء إلى الناس؟! فهم يلعبوا على هذه المسألة فيوهمون الناس على أنهم يعلموا الغيب، وفي الحقيقة لا يعلموا شيئاً من الغيب أبداً، إما معلومات أو مصادفات، كذب المنجّمون ولو صدفوا، والأكثر من ذلك أن بعض هؤلاء أكابر مُجرميها في التنجّيم يتعاملوا مع دوائر القرار بشكل كبير جداً، بحيث يكون كلامهم لشيء يريدوا فعله، يعني هذه مسألة أُخرى أنّ البعض يستخدم هؤلاء لتحقيق بعض مشروعاتهم، انشر هذه الشائعة، قُل سيحدث كذا للناس، أيضاً على الهامش تحصل أحياناً ولها شواهد،(قُل لَّا أَقُولُ لَكُمْ عِندِي خَزَائِنُ اللَّهِ وَلَا أَعْلَمُ الْغَيْبَ)
فالنبي صلى الله عليه وسلم لا يعلم الغيب ونحن لا نعلم الغيب، ما سيكون بعد دقيقة لا نعلمه أبداً، ربُما نعلم الغيب المكانيّ أنا الآن موجود هنا في إربد، الشخص الذي في إربد يستطيع أن يخبرني بشيء رآه بعينه الآن، هذا غيب بالنسبة لي لكنه شهود بالنسبة له، هذا ليس غيباً مادام شهود لأحد ليس غيباً، الذي يقول لك كتلة هوائية باردة تتجه نحو المّملكة، هذا غيب بالنسبة لك لكن بالنسبة للراصد الجوي ليس غيباً لأنه مُشاهد له، الطبيبة التي تضع الجهاز على بطن أو رحم المرأة الحامل وتقول لك هو ذكر، هو لم يعد غيباً لأن الجهاز كشفه فقط، يعني هي رأته لم يعد غيباً، أما في اللحظة الأولى لا تعرفه لأنه ما يزال غيباً عليها وعليك، أما كل ما تطور العِلم ربُما يُقدّم المرحلة التي تعرف الذكَر مِن الأُنثى هذا لم يعد غيباً أصبح شهادةً، أما الغيب يعني غاب نهائياً عنك لا يراه أحد لا أنت ولا غيرك، فلا أحد يعلمه إلا الله، (وَلَا أَعْلَمُ الْغَيْبَ وَلَا أَقُولُ لَكُمْ إِنِّي مَلَكٌ) .

النبي صلى الله عليه وسلم بشر وهو سيد البشر:
لستُ مَلكاً حتى آتيكم بما تطلبوا لأنهم قبل آيات في سورة الأنعام طلبوا أن يكون مَلكاً، فقال لهم رب العزة جلَّ جلاله:

وَلَوْ جَعَلْنَاهُ مَلَكًا لَّجَعَلْنَاهُ رَجُلًا وَلَلَبَسْنَا عَلَيْهِم مَّا يَلْبِسُونَ (9)
(سورة الأنعام)

لا يستقيم أن يكون الرسول مَلَكاً لأنه لا يصح الإقتداء به عندها، لا تتحقق الأسوة به لأن المَلكَ من غير طينة البشر، فلا يمكن أن تأمر شخصاً من طينةٍ ما أن يقتدي بشخصٍ من طينةٍ أُخرى، حتى بالمراحل العمرية، أنت الآن قُل لابنك أريدك أن تقتدي بفُلان من الناس عمره سبعون سنة وابنك عمره عشر سنوات، كيف أقتدي به؟! أعطني قدوةً أستطيعها يعني من عمري، فعموماً القدوة تحتاج أن تكون من جنس من تدعوه إليها، طبعاً النبي صلى الله عليه وسلم قدوة للجميع بأخلاقه، بصفاته، لأنه بشر وتجري عليه كل خصائص البشر فكان سيد البشر(إِنْ أَتَّبِعُ إِلَّا مَا يُوحَىٰ إِلَيَّ)، هذا منتهى العبودية يعني ما أتبّع إلا وحيَّ الله تعالى، انتظر الوحي، لا أعلم الغيب ولستُ مَلَكاً، اتبعُ منهج الله.

التفكُّر والتذكُّر والتدبُّر عمليات تتم في عقل القلب:
العقل هو الربط
(قُلْ هَلْ يَسْتَوِي الْأَعْمَىٰ وَالْبَصِيرُ أَفَلَا تَتَفَكَّرُونَ) الأعمى لا يرى، البصير يرى، هل يمكن أن يستوي هذا مع هذا في عالم البشر؟ في عالم الله عز وجل قد يكون الأعمى خيراً من البصير، إذا كان عماه في عيناه لكن قلبه مُبصر، لكن نتحدث في دنيا البشر ممكن أن يستوي من يرى مع من لا يرى؟ لكن العقل هو الربط، تَعقِلون تكلّمنا عليها المرة الماضية، تربطوا الأشياء ببعضها، إعقلها وتوكل للناقة يعني اربطها، فيربط هذه بهذه فيعقل، ويعقلون يعني يمنعوا أنفسهم عن الشهوات، يمنع نفسه العقل يمنع وسمّاه الله تعالى الحِجر لأنه يَحجُر صاحبه، النُهى لأنه ينهى صاحبه عن المعاصي، التفكر هو عملية من خلالها تنتقل من شيء إلى شيء ابتداءً، تنظر إلى السماء وخلقها تقول لها خالق، هذا أنت تتفكر الآن، ابتداءً تربط شيء بشيء، العقل ربطّت شيء بشيء، التفكر انتقلت من شيء إلى شيء، تفكرت به فقادك إلى شيء آخر، التذكُّر شيء موجود وصلت إليه لكنه غاب عنك تتذكره.

إِنَّ فِي ذَٰلِكَ لَذِكْرَىٰ لِمَن كَانَ لَهُ قَلْبٌ أَوْ أَلْقَى السَّمْعَ وَهُوَ شَهِيدٌ (37)
( سورة ق )

الإنسان عنده معلومات نسيها، يأتي رمضان يتذكرها، علاقته بالله في رمضان يتذكرها هذا التذكُّر، التدبُّر النظر في العواقب، في الأدبار، في النهايات، فالتدبُر:

أَفَلَا يَتَدَبَّرُونَ الْقُرْآنَ أَمْ عَلَىٰ قُلُوبٍ أَقْفَالُهَا (24)
(سورة محمد)

يعني ينظروا في المآلات، مآلات العاصي، مآلات المُحسن، فكل كلمة لها معنى، لكن تشترك كلها في أنها عمليات في القلب تتم في العقل، في عقل القلب، يعقُلها الإنسان يتفكَّر، يتذكَّر، يتدبّر.

شرط الانتفاع بالقرآن الكريم هو الخوف والخشية من الله تعالى:

وَأَنذِرْ بِهِ الَّذِينَ يَخَافُونَ أَن يُحْشَرُوا إِلَىٰ رَبِّهِمْ ۙ لَيْسَ لَهُم مِّن دُونِهِ وَلِيٌّ وَلَا شَفِيعٌ لَّعَلَّهُمْ يَتَّقُونَ(51)
(سورة الأنعام )

وأنذر به الهاء تعود على القرآن الكريم، يعني وأنذر بالقرآن الذين يخافوا أن يُحشروا إلى ربهم، كثيراً في القرآن الكريم يُبيّن جلَّ جلاله أنَّ شرط الانتفاع بالقرآن الكريم هو الخوف والخشية من الله تعالى:

طه (1) مَا أَنزَلْنَا عَلَيْكَ الْقُرْآنَ لِتَشْقَىٰ (2) إِلَّا تَذْكِرَةً لِّمَن يَخْشَىٰ(3)
(سورة طه )

وَلَمَّا سَكَتَ عَن مُّوسَى الْغَضَبُ أَخَذَ الْأَلْوَاحَ وَفِي نُسْخَتِهَا هُدًى وَرَحْمَةٌ لِّلَّذِينَ هُمْ لِرَبِّهِمْ يَرْهَبُونَ(154)
(سورة الأعراف)

الرَهَب شدَّة الخوف، (وَأَنذِرْ بِهِ الَّذِينَ يَخَافُونَ أَن يُحْشَرُوا إِلَىٰ رَبِّهِمْ) وآيات كثيرة تتحدث أن شرط الانتفاع بالقرآن هو الخوف من الله تعالى، لأنّ الذي يخاف يتجه إلى الشيء الذي يُنجّيه وما يُنجّيك في كتاب الله تعالى، الذي لا يخاف لا يتجه للإصلاح الخوف باعث شديد جداً، الذي يقول لموقف بين يدي الله إذا افتح منهج الله لتفعل ما فيه وتنتهي عن ما نهاك عنه، (وَأَنذِرْ بِهِ الَّذِينَ يَخَافُونَ أَن يُحْشَرُوا إِلَىٰ رَبِّهِمْ ۙ لَيْسَ لَهُم مِّن دُونِهِ وَلِيٌّ وَلَا شَفِيعٌ) الولي الذي يجلب لك الخير، والشفيع الذي يشفع لك من أجل دفع الضُر، (لَّعَلَّهُمْ يَتَّقُونَ) أي لعلَّهم يخافون ربهم، لعلَّهم يطيعونه فلا يعصونه، يذكرونه فلا ينسونه، وأنذر به أي بالقرآن الكريم.

الله جلَّ جلاله أوصى نبيه بالضعفاء والفقراء:

وَأَنذِرْ بِهِ الَّذِينَ يَخَافُونَ أَن يُحْشَرُوا إِلَىٰ رَبِّهِمْ ۙ لَيْسَ لَهُم مِّن دُونِهِ وَلِيٌّ وَلَا شَفِيعٌ لَّعَلَّهُمْ يَتَّقُونَ(51) وَلَا تَطْرُدِ الَّذِينَ يَدْعُونَ رَبَّهُمْ بِالْغَدَاةِ وَالْعَشِيِّ يُرِيدُونَ وَجْهَهُ مَا عَلَيْكَ مِنْ حِسَابِهِمْ مِنْ شَيْءٍ وَمَا مِنْ حِسَابِكَ عَلَيْهِمْ مِنْ شَيْءٍ فَتَطْرُدَهُمْ فَتَكُونَ مِنَ الظَّالِمِينَ (52)
(سورة الأنعام)

النبي صلى الله عليه وسلم يريد أن يهدي الآخرين
لا تطردهم أي لا تُبعدهم عن مجلسك تمنعهم من المجلس، النبي صلى الله عليه وسلم لا يطرد من جاءه، لكن ما الذي حصل؟ الذي حصل أنَّ النبي صلى الله عليه وسلم وقيل أنها نزلت في خباب بن الأرّت وسلمان الفارسي، هؤلاء الذين جاؤوا مسافرين و مهاجرين إلى الله ورسوله، المهاجرين الذين جاؤوا من أصحاب الصِفَّة الذين يجلسون في المساجد، وما عندهم ما يأكلون، الضعفاء، الفقراء، العبيد، الفارسي، الرومي، الحبشي، ممن تركوا أهلهم وعيالهم، فهؤلاء يجلسون مع الرسول صلى الله عليه وسلم يحبون مجالسته طويلاً لا يملّون من المجلس، أنت اليوم إذا مع عالم ربّاني ووجه منوِّر، تجلس معه وتقول والله لا أُريد أن أتركه أشعر بالسعادة، فكيف إذا كان الجلوس مع رسول الله صلى الله عليه وسلم؟ فَهُم جلسوا وأطالوا الجلوس وسُرّوا بذلك، فالنبي صلى الله عليه وسلم يريد أن يهدي الآخرين.

فَلَعَلَّكَ بَاخِعٌ نَّفْسَكَ عَلَىٰ آثَارِهِمْ إِن لَّمْ يُؤْمِنُوا بِهَٰذَا الْحَدِيثِ أَسَفًا (6)
(سورة الكهف)

يكادُّ يُهلك نفسه، يريد أن يهتديَّ الناس جميعاً، هؤلاء لا يريدوا أن يجلسوا مع الفقراء، يريدوا مجالس خاصة، نأتي إليك نستمع إليك، لكن نريد مجالس لوحدنا، لا نجالس الذين كانوا بالأمس عبيداً عندنا سويّتهم بنا في المجلس، يعني النبي صلى الله عليه وسلم اجتهد أنه إن جالس هؤلاء هداهُم إلى الدين فأعزَّ الإسلام بهم، وكان صلى الله عليه وسلم يدعوا فيقول اللهم أعز الإسلام بأحب العُمرين إليك، وكان أحب العُمرين إليه عمر بن الخطاب رضي الله عنه، فكان يريد أن يهديَّ الناس، فقالوا اجعل لنا مجلساً خاصاً نأتي إليك، فكان النبي يفعل، وفي بعض الروايات أنهم أتوه بصحيفة ليكتبها لهم لمجلسهم لعلهم يهتدون، فاجتهد النبي صلى الله عليه وسلم في هداية هؤلاء، فالله تعالى عاتّبه، عاتبه في ثلاث آيات

عَبَسَ وَتَوَلَّىٰ (1)
(سورة عبس)

خاصة بابن أم مكتوم، والثانية

وَاصْبِرْ نَفْسَكَ مَعَ الَّذِينَ يَدْعُونَ رَبَّهُم بِالْغَدَاةِ وَالْعَشِيِّ يُرِيدُونَ وَجْهَهُ وَلَا تَعْدُ عَيْنَاكَ عَنْهُمْ تُرِيدُ زِينَةَ الْحَيَاةِ الدُّنْيَا ۖ وَلَا تُطِعْ مَنْ أَغْفَلْنَا قَلْبَهُ عَن ذِكْرِنَا وَاتَّبَعَ هَوَاهُ وَكَانَ أَمْرُهُ فُرُطًا (28)
(سورة الكهف )

في سورة الكهف، والثالثة هُنا في سورة الأنعام (وَلَا تَطْرُدِ الَّذِينَ يَدْعُونَ رَبَّهُمْ بِالْغَدَاةِ وَالْعَشِيِّ يُرِيدُونَ وَجْهَهُ)، أنت يمكن أن تتجه لهداية الآخرين والناس الذين لهم مكانة وأن تُعطيهم مكانتهم ولكن ليس على حساب هؤلاء الفقراء والمستضعفين، أبداً، هذا منهج لنا جميعاً، فقال فكُنَّا نجلس يقول هؤلاء ضعفاء الصحابة فكنَّا نجلس إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم فيُجالسنا حتى يضع ركبته إلى ركبتنا، فما عاد ينصرف عنّا حتى نكون نحن الذين ننصرف، صار النبي صلى الله عليه وسلم يلتزم بهم، ربه أوصاه بهم الله تعالى، أنت إذا والدك أوصاك بأحد تقول له نعم، الله أوصاه بهؤلاء الفقراء قال: فجعل يلتزمهم لا يقوم، فقال: حتى جعلنا ننصرف إشفاقاً عليه، هو ما يقوم أبداً إذا مع الضعفاء والفقراء صلى الله عليه وسلم، هذا درس لنا جميعاً في رعاية الفقير والمريض، أحياناً أنت تكون بمكانتك ببعض المال الذي أعطالك الله إياه، أو ببعض الجاه أو ببعض المنصب، يعني تنصرِّف عن الناس، الناس لها ظروفها كل واحد له ظروفه له حاجاته، فينبغي أن تنصُر المُستضعفين، يقول صلى الله عليه وسلم:

{ ابغوني الضُّعفاءَ، فإنَّما تُرزقونَ و تُنصرونَ بضعفائِكُمْ }

(الألباني إسناده صحيح)

هذا الضعيف ننصر ونرزق به، إن أعطيته أعطاك الله، إن أنصفته أنصفك الله من ظالميك وهكذا

الله تعالى ليس كمثله شيء:
لَيْسَ كَمِثْلِهِ شَيْءٌ
(وَلَا تَطْرُدِ الَّذِينَ يَدْعُونَ رَبَّهُمْ بِالْغَدَاةِ وَالْعَشِيِّ) أي في كل وقت صباحاً ومساءً، من الصباح إلى المساء، يعني حالهم مع الله حالٌ مستمر فلا تطردهم، (يُرِيدُونَ وَجْهَهُ) يعني ليس لهم من فعلهم هذا إلا ابتغاء وجه الله تعالى، حسناً هل الله تعالى له وجه يريدون وجهه؟ طبعاً نفس الكلام الذي قلناه سابقاً نحن لا نعرف الذات فلا ينبغي أن نسأل عن الكيّف.

فَاطِرُ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ جَعَلَ لَكُم مِّنْ أَنفُسِكُمْ أَزْوَاجًا وَمِنَ الْأَنْعَامِ أَزْوَاجًا يَذْرَؤُكُمْ فِيهِ لَيْسَ كَمِثْلِهِ شَيْءٌ وَهُوَ السَّمِيعُ الْبَصِيرُ (11)
(سورة الشورى)

جلَّ جلاله وما أثبته لنفسه نُثبته له من غير تعطيلٍ ولا تمثيلٍ، ولا تكييفٍ، ولا تجسيدٍ، ولا تشبيهٍ بأحد من خلقه، (لَيْسَ كَمِثْلِهِ شَيْءٌ) واتركوا كل الخلافات في هذه المسألة لأنه لا طائل وراءها، المقصود يريدون وجهه هُنا، أي أنهم يبتغون بعملهم الله تعالى لا يريدون شيئاً آخر.

إِنَّمَا نُطْعِمُكُمْ لِوَجْهِ اللَّهِ لَا نُرِيدُ مِنكُمْ جَزَاءً وَلَا شُكُورًا (9)
(سورة الإنسان)

أما ماهيّة الوجه فلا تسأل عنها أصلاً، لأنك لا تعرف الذات فكيف لك أن تعرف الكيف؟
(مَا عَلَيْكَ مِنْ حِسَابِهِمْ مِنْ شَيْءٍ وَمَا مِنْ حِسَابِكَ عَلَيْهِمْ مِنْ شَيْءٍ فَتَطْرُدَهُمْ فَتَكُونَ مِنَ الظَّالِمِينَ) أنت لن تُحاسَب عنهم وهُم لن يُحاسَبوا عنك، (مَا عَلَيْكَ مِنْ حِسَابِهِمْ مِنْ شَيْءٍ وَمَا مِنْ حِسَابِكَ عَلَيْهِمْ مِنْ شَيْءٍ) يعني هذه الآية أو هذا الجزء من الآية يؤكد أن الإنسان سيأتي ربه فرداً.

وَكُلُّهُمْ آتِيهِ يَوْمَ الْقِيَامَةِ فَرْدًا (95)
(سورة مريم)

ليس معك أحد ينوب عنك ولا تنوب عن أحد، قال:(فَتَطْرُدَهُمْ فَتَكُونَ مِنَ الظَّالِمِينَ) إذا طردتهم عن مجلسك، هو ليس طرداً بمعنى الطرد، يعني أنهم دخلوا فقال لهم أخرجوا! لا ما حصل ذلك وحاشاه صلى الله عليه وسلم، لكن لمجرد أن يقول لهم هذا اليوم ليس لكم، هذا اليوم لهؤلاء أُريد أن أجلس معهم جلسة مطولّة، لعل الله أن يهديهم، لمجرد أن تضع يوماً لهؤلاء وتترك الذين ناصروا الدعوة من يومها الأول وكانوا معك وإلى آخره، مُجّرد أن تفعل ذلك فهذا ظلم، فتكون من الظالمين والحمد لله رب العالمين.