المدرسة العقلانية في الدين

  • الحلقة الرابعة عشرة
  • 2018-07-15

المدرسة العقلانية في الدين


المدرسة العقلانية :
المدرسة العقلانية هي توجهٌ فكريٌ
السلام عليكم؛ نتحدث اليوم عن المدرسة العقلانية في الدين، المدرسة العقلانية هي توجهٌ فكريٌ، ظهر أول ما ظهر متأثراً بالفلسفة اليونانية، في فكر المعتزلة والمتكلمين، ثم غاب زمناً وعاد ليظهر اليوم بفكرٍ أسوأ مما كان، تحت مسميات جديدة تناسب العصر، كالفكر التنويري أو التجديدي، وهذا التوجه الفكري أو المدرسة العقلانية هي توجهٌ فكريٌ يُعنى بالمواءمة بين نصوص الشرع والفكر الغربي المعاصر عن طريق تطويع النصوص وتأويلها بما يتوافق مع الفكر الغربي اليوم، وذلك عن طريق تطويع هذه النصوص وتأويلها، سواء كانت نصوص العقيدة من مثل القضاء والقدر، أو حتى نصوص الأحكام من مثل إنكار الحجاب كما يحلو للبعض اليوم، أو حتى في الأخبار كإنكار المعجزات.

أبرز معالم المدرسة العقلانية :
رد السنة النبوية كلياً أو جزئياً
هذه المدرسة التحررية أو التجديدية أو العقلانية توجه فكري جديد له معالم، أبرز معالم هذا التوجه، أولاً: رد السنة النبوية كلياً أوجزئياً، كلياً: نتج عندنا القرآنيون، وسنتحدث عنهم في حلقةٍ مستقلة، أو جزئياً كإنكار أحاديث الآحاد، أو بأن يقبل أصحاب هذه المدرسة بما يتوافق مع القرآن بزعمهم، ويرفضون أو يردون ما يخالف القرآن الكريم بزعمهم، مع أنه ليس بين القرآن الكريم والسنة الصحيحة تعارضٌ ولا تناقض.
المعلم الثاني من معالم هذه المدرسة- المدرسة العقلانية- هو التوسع في تفسير القرآن الكريم، وفهم نصوصه أحياناً بغير ضوابط لغوية، وأحياناً بغير ضوابط أصولية، وأحياناً بغير ضوابط من فهم النبي صلى الله عليه وسلم، وسلف هذه الأمة للنص القرآني.
الأمر الثالث: من معالم هذه المدرسة هو إنكارٌ الاجماع أو رده، مع أن النبي صلى الله عليه وسلم يقول:

{ إِنَّ اللَّهَ لَا يَجْمَعُ أُمَّتِي عَلَى ضَلَالَةٍ، وَيَدُ اللَّهِ مَعَ الْجَمَاعَةِ }

(رواه الترمذي)

الاستجابة لضغوطات الواقع
أيضاً من معالم هذه المدرسة هو التوسع في الاجتهاد بغير ضوابط، مما نتج عنه آراء شاذة ومنكرة لم تكن أصلاً في سلف هذه الأمة، ولا في العصور الخيرية منها.
من معالم هذه المدرسة أيضاً الاستجابة لضغوطات الواقع، فيأتون إلى نصوصٍ شرعيةٍ، اتفق العلماء عليها أو إلى أحكام لا مواربة فيها كتحريم الربا مثلاً، فيحللونه تحت مسمى ضغوطات الواقع أو فقه الواقع.
أيضاً من معالم هذه المدرسة، المدرسة العقلية: الميل إلى تضييق نطاق الغيبيات، فهم لا يؤمنون بالغيب كما ينبغي، مع أن الله تعالى عندما وصف المؤمنين بدأ بوصفهم فقال:

الَّذِينَ يُؤْمِنُونَ بِالْغَيْبِ وَيُقِيمُونَ الصَّلَاةَ وَمِمَّا رَزَقْنَاهُمْ يُنفِقُونَ
(سورة البقرة:الآية 3)

فالإيمان بالغيب إنما هو جزءٌ أساسيٌ ومهمٌ جداً في حياة المؤمن.

مهمة العقل في الدين :
للعقل مهمةٌ ينبغي ألا يخرج عنها
العقل في الدين مهمٌ جداً، ولكن له مهمةٌ ينبغي ألا يخرج عنها، مهمة العقل أن يتأكد من إثبات النص الشرعي أولاً، لأن هناك في السنة ما لم يثبت، فلا بد من تدخل العقل ليثبت صحة النص الشرعي، ثم يتدخل العقل مرةً ثانية ليفهم النص الشرعي وفق الضوابط الشرعية التي لا محيد عنها، أما بغير ذلك فإن العقل عندما يتلاعب بالنص الشرعي فهو في الحقيقة يسيء إساءةً بالغة، يقول ابن تيمية رحمه الله تعالى في قوله تعالى: قَالَ سَآوِي إِلَىٰ جَبَلٍ يَعْصِمُنِي مِنَ الْمَاءِ، هذا عقل، فكر بعقله بأن الجبل سيعصمه من الماء، قال له نوحٌ: لَا عَاصِمَ الْيَوْمَ مِنْ أَمْرِ اللَّهِ، هذا نقل، وَحَالَ بَيْنَهُمَا الْمَوْجُ فَكَانَ مِنَ الْمُغْرَقِينَ، هذه النتيجة.

قَالَ سَآوِي إِلَىٰ جَبَلٍ يَعْصِمُنِي مِنَ الْمَاءِ ۚ قَالَ لَا عَاصِمَ الْيَوْمَ مِنْ أَمْرِ اللَّهِ إِلَّا مَن رَّحِمَ ۚ وَحَالَ بَيْنَهُمَا الْمَوْجُ فَكَانَ مِنَ الْمُغْرَقِينَ
(سورة هود:الآية 43)

فكل من عارض بعقله نصوص الشرع من القرآن الكريم والسنة الصحيحة فإنه سيغرق لا محالة في ظلمات بحور الأهواء والبدع، ومن تعود معارضة الشرع بعقله لم يستقر في قلبه إيمان، وعندما نعارض الشرع بعقولنا فإننا ندعو ونقول: اللهم أصلح لنا ديننا.
إلى الملتقى أستودعكم الله.
والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته